القومي والتقدمي: ضرورة إعادة هيكلة الدعم تستوجب انصاف الفئات الفقيرة ومتوسطة الدخل وأصحاب المهن
على الحكومة تحديد أولويات الإنفاق ووقف الفساد المستشري والهدر في الموارد العامة
في خضم ما يدور من سجالات ومداولات على المستويين الشعبي والرسمي في البحرين حول ما اقدمت عليه الحكومة من خطوات منفردة خلال الفترة الأخيرة بإصدار قرارات تتعلق بزيادة الرسوم ورفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، ورفع أسعار البنزين والكهرباء والخدمات وغيرها من الإجراءات التقشفية، بغية لجم العجز المتراكم في الموازنة العامة للدولة كما تم الاعلان عن ذلك مرارا، فإننا في جمعيتي التجمع القومي والمنبر التقدمي نشدد على رفضنا التام لتفرد الحكومة في التساهل في استصدار قرارات غير مدروسة ودون التشاور مع السلطة التشريعية أو حتى دون أن تكون هناك معالجات توافقية وفقا لما جاء في التوجيهات الملكية، وإزاء الحوارات الدائرة حاليا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حول اعادة هيكلة الدعم، فأننا نؤكد على ما يلي:
أولا: إن هدف إعادة هيكلة الدعم يجب أن ينصب بالدرجة الأساس على توجيه وزيادة حجم الدعم المقدم للمواطنين المستحقين، بحيث لا يتم استثناء الفئات من ذوي الدخل المتوسط وما فوق المتوسط من هذا الاستحقاق، خاصة وإن جملة الإجراءات التقشفية التي اتخذت طوال السنوات الثلاث الماضية من جهة وعدم حدوث أي زيادة في الأجور أو الرواتب من جهة أخرى قد حولت بدورها شرائح واسعة من الطبقة الوسطى إلى فئات محدودة الدخل بالفعل وهذا ما يستوجب استدراكه في ما سيتخذ من إجراءات وسياسات قادمة بهذا الخصوص .
ثانيا: يجب الاستفادة من تجارب الدول الشقيقة والتجارب العالمية في إعادة توجيه الدعم للمستحقين وأخرها تجربة المملكة العربية السعودية التي أنشأت حساب المواطن ووضعت آلية له ليتم تعويض المواطنين عن رفع الدعم عن البنزين والطاقة، ليوسع تدريجيا ليشمل كافة السلع والخدمات الأخرى، حيث يمكن إنشاء حساب واحد للمواطنين يتم من خلاله تعويضهم عن رفع الدعم عن المواد الغذائية والبنزين والطاقة وغيرها، وفقا لآلية تأخذ في الاعتبار تقسيمهم حسب فئات الدخل وحجم الأسرة، دون الإخلال بالمعايير التي تحفظ سبل العيش الكريم للمواطنين.
ثالثا: إن الفئات والشرائح المستحقة للدعم يجب أن لا تقتصر على المواطنين الأفراد فقط، بل يجب توافر آلية لدعم الحرفيين والمهنيين وصغار التجار والمؤسسات الصغيرة، وغيرهم من أصحاب الأنشطة والأعمال الصغيرة، والتي تضررت كثيرا جراء القرارات الأخيرة نتيجة لرفع الدعم عن البنزين والسلع الغذائية.
رابعا: وبالاشارة إلى الشرائح والفئات التي تضررت بالفعل من السياسات التقشفية الأخيرة، فأننا نتابع وبشهادة الأرقام التي أعلنت عنها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مؤخرا، إن الفئات التي دفعت بها إجراءات التقشف ورفع الأسعار والرسوم وجمود الأجور، علاوة على ارتفاع معدلات البطالة في البلاد إلى ما دون خط الفقر قد اتسعت، مما يولد آثارا اجتماعية واقتصادية وسياسية خطيرة على المجتمع، الأمر الذي يحتم على السلطتين التنفيذية والتشريعية معالجته بصورة جذرية تبدأ بإجراء مسح ميداني ودراسة منهجية علنية وشفافة،بحيث تكون كاشفة للحقائق بالأرقام والبيانات مع وضع المعالجات المناسبة لها.
خامسا: على الحكومة أن تتوقف عن نهج استسهال تحميل المواطنين من الفئات والشرائح الفقيرة والمتوسطة، ومنشآت الأعمال الصغيرة والمتوسطة، أعباء التقشف وزيادة الإيرادات لسد عجوزات الميزانية، كما تدفع إلى ذلك نصائح وروشتات صندوق النقد والبنك الدوليين، خاصة وإن الحكومة لم تتخذ خطوات جادة وحقيقية لمكافحة ولجم تضخم كلفة الفساد والهدر في الموارد والثروات العامة للدولة ولم تسعى حتى إلى استرداد الملايين المضيعة والتي أشارت إليها مرارا تقارير ديوان الرقابة المالية منذ سنوات ، وهي كذلك لا تمتلك حتى اللحظة أي برنامج معلن لخفض الدين العام وإعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة على أسس منهجية وعلمية، كما تشير الى ذلك تلك التقارير، بحيث تخضع برنامج عملها لأولويات الناس المعيشية والاقتصادية، وتدفع نحو تنمية شاملة وحقيقية طال انتظارها، ويجب على المعنيين الإقرار اولا أن هناك ضرورة ملحة لسرعة وقف العديد من وجوه الهدر وتضييع الثروات والانفاق التي كان من الأجدر أن يطالها الترشيد والتقليص بدلا من جيوب الفقراء والكادحين والبسطاء.