أسبوعان مضيا على «معركة الأمعاء الخاوية» التي أعلنها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الصهيوني، مطالبين بجملة من الحقوق التي تكفلها المواثيق الدولية للمعتقلين والسجناء، ولمعتقلي وسجناء الرأي خاصة، كما هو حال الأسرى الفلسطينيين الذين أصبحوا أسرى عقاباً لهم على نضالهم من أجل حقوق شعبهم، في الاستقلال الوطني وإقامة دولتهم الوطنية المستقلة، ودحر الاحتلال عن الأراضي المحتلة.
أتت معركة الأمعاء الخاوية في ظرف حرج تمر به القضية الفلسطينية، يتميز بانسداد الأفق أمام أي حل مشرف يليق بتضحيات الفلسطينيين، ولا يفرط بحقوقهم، أمام تعنت العدو الصهيوني ممثلاً في حكومة نتنياهو الساعية إلى وأد فكرة الحق الفلسطيني، من خلال التمادي في تشييد المستوطنات على مناطق شاسعة من القدس والضفة الغربية التي أصبحت مقطعة، حيث تقام المستوطنات بين كل بلدة فلسطينية وأخرى، وبين كل قرية وأخرى، ما يجعل فكرة قيام كيان فلسطيني، حتى لو كان أقل من دولة، مستحيلة.
انتفاضة الأسرى الفلسطينيين التي اتخذت من عنوان «ماء وملح» عنواناً لها، تعبيراً عن اكتفاء المضربين بهما لضمان بقائهم على قيد الحياة، حتى يواصلوا إضرابهم، الذي خرج من نطاقه المطلبي، ليتحول إلى رسالة بليغة للعالم حول معاناة الشعب الفلسطيني لا في السجون وحدها، وإنما في السجن الأكبر، كما أرادت سلطات الاحتلال للأراضي المحتلة أن تكون.
وكما كان متوقعاً، فإن أهالي الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، انتفضوا انتصاراً لأشقائهم وأبنائهم الأسرى، ودخلوا، الجمعة الفائتة، في مواجهات مع قوات الاحتلال في عدة مناطق تماس، ورغم الإصابات البليغة للعشرات من الفلسطينيين بالرصاص الحي والمعدني والغاز المسيل للدموع، إلا أن أغلب القرى والبلدات واصلت احتجاجها تلبية لدعوة اللجنة الوطنية لمساندة الأسرى، حيث غطت الساحات حشود المتظاهرين وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية، وصور الأسرى، وفي مقدمتهم الأسيران القائدان مروان البرغوثي وأحمد سعدات.
المحزن أن ردود الفعل العربية تجاه إضراب الأسرى، وتجاه الصمود الأسطوري لأهلنا في الأراضي المحتلة، ما زالت خجولة ومترددة، وهو ما يتطلب حالاً من استنهاض حملات التضامن مع الأسرى الأبطال ومع الناس الصامدين بوجه المحتل، الذين لا ينشدون أكثر من أن يكون لصمودهم هناك أصداء لائقة به، تحرك الضمائر الهاجعة، وتبدد حال الصمت واللامبالاة العربية تجاه ما يجري في فلسطين.
يمكن لحملات التضامن العربية المنشودة أن تقدم مؤازرة معنوية هائلة للفلسطينيين، وأن تشد من عزمهم وإصرارهم على الاستمرار في مواجهة المحتل بإرادات أكبر وأقوى، حين يشعرون أن ظهورهم ليست عارية وهم يتصدون لواحدة من أكثر آلات البطش والقمع دموية ووحشية في العالم.