الإرهاب كلمة حديثة في اللغة العربية وهي كلمة مشتقة أقرها المجمع اللغوي وجذرها رهب بمعنى خاف، وكلمة إرهاب هي مصدر الفعل أرهب، أرهبه بمعنى خوفه، ولا يوجد في المعاجم العربية كلمات الإرهاب والإرهابي لأن تلك الكلمات حديثة الاستعمال، وقد ورد لفظ الرهبة ومشتقاته في القران الكريم بعدة معاني، منها الخشية وتقوى الله، وبمعنى الردع بالمفهوم العسكري.
والإرهابيون في المعجم الوسيط وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية، والإرهابي في المنجد، من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطته، كما وردت أيضا فيما يتعلق بالحكم الإرهابي أنه نوع من الحكم يقوم على الإرهاب والعنف تعمد إليه حكومات أو جماعات ثورية، ويعود استعمال اصل كلمة الإرهاب كمصطلح إلى فترة الثورة الفرنسية، وترتبط بما يسمى بحكم الإرهاب.
ويعرف القانون الجنائي الدولي الإرهاب بأنه تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف، ويكون موجهاً ضد أتباع فرق دينية وأخرى سياسية، أو هدف أيديولوجي، وفيه استهداف متعمد أو تجاهل سلامة غير المدنيين. وفي تعريف آخر إن الإرهاب هو عمل عنفوي يستهدف ارضاخ الجماعة لآرائه وفرض معادلة مغايرة بمنطق القوة، من خلال تجذير الخوف وزرع القلق في محيطهِ. ويكون الإرهاب وسيلة يستخدمها الأفراد والجماعات ضد الحكومات، ويمكن أن تستخدمها وترعاها حكومات ضد مجموعات معينة. ولكن بسبب التعقيدات السياسية والدينية فقد أصبح مفهوم هذه العبارة غامضاً أحيانا ومختلف عليه في أحيان أخرى.
خلال السنوات الأخيرة ازدادت العمليات الإرهابية في جميع أنحاء العالم وإن كانت موجودة منذ القدم بل ومنذ ما قبل التاريخ إلا أنها لم تكن على هذا النحو من الضراوة والخطر الذي أصبح يهدد العالم بأسره إلا انه يصعب تحديد الجذور الحقيقية للإرهاب أو بداية الإرهاب والعمليات الإرهابية بشكل عام. فهناك من يرى أن العمل الإرهابي يعود إلى ثقافة الإنسان بحب السيطرة وزجر الناس وتخويفهم بغية الحصول على مبتغاه بشكل يتعارض مع المفاهيم الاجتماعية الثابتة.
ارتبط الإرهاب في العصور القديمة بالحكم المطلق فكان الحكام يجمعون بأيديهم كل السلطات ويقومون بتشكيل محاكم خاصة لمعاقبة الذين يخلون بالولاء لهم، حيث كان العقاب بمنتهى القسوة والعنف والإرهاب. وتطور مفهوم الإرهاب السياسي في العصور الوسطى نتيجة تطور المجتمعات وظهور الإقطاع وارتباط الأفراد بالسادة الإقطاعيين بروابط التبعية والخضوع ومحاولة السادة الإقطاعيين توطيد نفوذهم، وكذلك محاولة الملك أو الإمبراطور الاستثارة بالسلطة والانفراد بها، وما محاكم التفتيش التي نشأت للمعاقبة على جرائم الكفر والإلحاد في هذه العصور إلا أحد أساليب هذه الأعمال الإرهابية.
بينما تشير الأدلة أن بداية عصر الإرهاب الحديث كانت بالغرب وبالتحديد مع بداية الثورات الأوروبية وبالأخص مجريات الثورة الفرنسية وما نتج عنها من مذابح دامية حيث أطلق على تلك الفترة لقب حكم الإرهاب ومن هنا اشتقت كلمة الإرهاب بالإنجليزية والفرنسية حيث أن حصيلة الثورة الفرنسية وحدها كانت قطع راس (140) ألف شخص بالمقصلة وسجن (300) ألف آخرين، وقد اغتيل نتيجة ذلك كله العديد من ملوك وقادة أوروبا وقادة طبقاتها الحاكمة.
توجد أسباب عديدة للإرهاب، تنقسم إلى أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية. من الأسباب السياسية: الاحتلال الأجنبي، التمييز العنصري، استخدام القوة ضد الدول الضعيفة، ممارسة القمع والعنف والتهجير أو للسيطرة على شعب معين. أما الأسباب الاقتصادية فتكمن في الاستغلال الأجنبي للموارد الطبيعية للدول النامية، وفي التفاوت الطبقي الحاد، وفي عدم التوازن في النظام الاقتصادي العالمي. وأخيرا الأسباب الاجتماعية التي تتمثل في انتهاك حقوق الإنسان، ومن الجوع والحرمان والبؤس والجهل، ومن تجاهل معاناة شعب ما تعرض للإضطهاد.
وفي الحديث عن أنواع الإرهاب فهي متعددة وتختلف من حيث الأسلوب والأهداف ويمكن تصنيف الإرهاب إلى الأنواع الرئيسية التالية:
إرهاب الأفراد: ويبتدأ في السطو المسلح، وقطع الطريق وأعمال الثأر والانتقام للشرف، والاختطاف من اجل الفدية أو التهديد به، والابتزاز وما إلى ذلك من الأعمال التي يقوم بها أفراد معنيون منحرفون، سواء كانوا منضوين تحت مظلة عصابة صغيرة أو يقومون بها وحدهم، ومن إرهاب الأفراد أيضا الإرهاب ضد نظام قائم بهدف الإطاحة به وإحلال نظام آخر محله، وينتهي هذا النوع من الإرهاب إما بقيام النظام البديل، أو بانتصار النظام القائم على معارضيه.
الإرهاب المؤسسي: ويتمثل في غياب القوانين والأنظمة التي تحمي العاملين من العقاب، كالفصل التعسفي، أو النقل إلى مكان بعيد، أو الحرمان من الترقية، أو الزيادة السنوية، أو حقوق نهاية الخدمة، من تقاعد مكافأة، فيتحول الموظفون العاملون إلى عبيد، وتسود سطوة صاحب المؤسسة أو مديرها، سواء كان على صواب أو خطأ، ولا يكون للعاملين فيها رأي، وإنما يكونون أدوات تنفيذية جسدية فقط، ويصير التزييف والنفاق وسائل مشروعة، بل مستحبة، ويحل الخوف والقلق على المصير ويعيش العاملون في رعب مستمر وتوتر دائم.
إرهاب الجماعات المنظمة (المافيا): تعمل وفق تخطيط مبرمج هادف، ويقوم على تسييرها مجموعات من المتطرفين فكريا وتدعمهم مؤسسات رأسمالية وعسكرية وقانونية واقتصادية، وينتشر خطرها ليشمل مناحي الحياة كافة، ولهذا عدت المافيا دولة داخل الدولة، بسبب قوة تأثيرها، واستغلالها للعالم بالعمل السري لتنفيذ مخططاتها، مستعملة المخدرات والجنس، والإغراء والتهديد والقتل وكل الوسائل سبيلاً للوصول إلى غايتها، وأعمال المافيا كلها تدخل في دائرة الإرهاب والعنف، لأنها تعد الإنسان سلعة، وكما لا قيمة له مطلقا إلا بقدر الفائدة المادية التي تجنى من ورائه.
إرهاب الدولة: هي أعمال الإرهاب التي تقوم بها الدولة ضد شعبها أو أهداف أجنبية. أو وصف انتشار أعمال العنف من جانب دولة ما ضد شعبها. ولإرهاب الدول تاريخ طويل. على سبيل المثال، كتب أرسطو بأن الإرهاب استخدم من قبل الطاغية ضد رعاياه. وتتحول الدولة إلى عصابة إرهابية خطيرة عندما يحكمها دكتاتور يتفنن في تعذيب وسفك دماء شعبه. مثلا أثار صدام حسين نزاعات عدة عندما كان رئيساً للعراق، وارتكب جرائم إبادة جماعية في حق الأكراد والأشوريين ومجموعات عرقية أخرى تمردت على حكمه، كما خاض حربين ضد كل من إيران والكويت، متسبباً في مقتل ما يقرب من اثنين مليون شخص. وما قام به نظام الفصل العنصري(الأبارتهايد) في جنوب أفريقيا(1948-1990)من جرائم كبرى في حق السود بحتقارهم وظلمهم وفصلهم عن البيض ومن ثم تعذيبهم وتهجيرهم وقتل الآلاف منهم.
الإرهاب الدولي: وهو أفدح أنواع الإرهاب وأعمه خطرا لأنه يشمل الكون بأسره شعوبا وحكومات، ويتمثل هذا الإرهاب في محاولة فرض الذات على الآخرين بالإكراه أو الإغراء، والإرهاب الدولي هو أفعال الإرهاب المرتكبة من قبل الدول بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويكون إرهاب الدول مباشرا عندما تقوم القوات المسلحة النظامية لدولة من الدول بشن هجوم أو هجمات على دولة أو دول أخرى أو ممتلكاتها، من اجل تحقيق أهداف سياسية معينة ومن أمثلة ذلك: الغارة الإسرائيلية على المفاعل النووي العراقي 1981، وعملية عناقيد الغضب الإسرائيلية في عام 1996، وهي المجزرة الوحشية التي نفذتها إسرائيل في جنوب لبنان وذبحت فيها مئات المدنيين العزل في قانا ودمرت فيها نسبة كبيرة من بنية جنوب لبنان الأساسية واعتدت فيها على مقر قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة عندما لجأ إليه الأهالي المذعورون.
رغم مخاطر الارهاب الفردي ومآسيه وقصصه المخيفة، ألا أنه يزداد عند إرهاب الجماعات وحشية وكارثية، خصوصا عندما تلقى الدعم من دول تمدها بالبشر والمال والسلاح كداعش التي تخترق حدود الدول من أجل تحقيق أهداف سياسية واقتصادية واستراتيجية(مريضة) لصالح دول صغرى وكبرى في العالم، وأكثر من يدفع ثمن هذا الإرهاب المتوحش الشعبان العراقي والسوري.
أما إرهاب الحكومات ضد شعبها فيكتوي من ناره العشرات من الشعوب في القرن الواحد والعشرين، ويعد الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم التي تعرف مثل هذا النوع من الإرهاب.
ولا شك أن أخطر أنواع الإرهاب على الإطلاق هو الإرهاب الدولي الذي تنتهك فيه سيادة دولة ما فتصبح أرضها مستباحه وجيشها منحل وثرواتها منهوبه واقتصادها تابع وطوائفها وقومياتها متصارعه على السلطة. ومثال ذلك الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003م .
وإذا ما أردنا أن نبعد أو نقلل من أضرار الإرهاب في مجتمعاتنا العربية، فيبقى الحل الأمثل والأنجع هو في نشر ثقافة المحبة والمواطنة والتسامح والسلام في مؤسساتنا السياسية والاجتماعية والتعليمية. وفي التأكيد على العدالة الاجتماعية وتحجيم الفساد والتباين الطبقي بين مكونات الشعب الواحد. وفي نشر الحريات السياسية والدينية والفكرية واحترام حقوق الإنسان، وبالتالي الإنتقال إلى الدولة المدنية الديمقراطية التي هي حلم الشعوب العربية.