في كل بلدان الخليج العربي، وحتى خارجها، حين يرد اسم الشاعر البحريني علي الشرقاوي، تحضر كلماته العذبة بصوت وألحان الفنان خالد الشيخ، في أغانٍ ستظل تشكل جزءاً عزيزاً من الذاكرة الغنائية والموسيقية في الخليج.
أجمل كلمات أغاني خالد هي من إبداع علي الشرقاوي: «ضيعوك»، «جروح قلبي وتر»، «سافر في ارتفاع الصواري»، «ابكي على البمبرة»، «شراع الهوى انعلي» وغيرها.
لعلي الشرقاوي أيضاً غنى مطربون مشهورون كثر، بينهم عبدالكريم عبدالقادر وحسين الجسمي وعلي عبدالستار وعبدالله الرويشد وسميرة سعيد.
لكن المكانة الشعرية والإبداعية لعلي الشرقاوي لا تأتي فقط من كونه واحداً من أهم وأعذب كُتاب كلمات الأغاني، فهو طرق ضروب الكتابة الشعرية المختلفة، من قصيدة التفعيلة إلى المسرحية الشعرية، إلى الموال الشعبي، ناهيك عن كونه من وضع كلمات الكثير من المقدمات الموسيقية لمسلسلات بحرينية وخليجية عرفها الناس وأحبوها.
علي الشرقاوي واحد من أهم وجوه الحداثة الشعرية في البحرين التي انطلقت في نهاية ستينات القرن الماضي، إلى جانب قاسم حداد وعلي عبدالله خليفة وحمدة خميس ويعقوب المحرقي وعبدالحميد القائد وآخرين سواهم، الذين ساهموا في تأسيس أسرة الأدباء والكتاب في البحرين، كتجمع أدبي وثقافي ناضل، بالمعنى الحرفي للكلمة، في سبيل إرساء أسس الحداثة الأدبية وتشكيل ذائقة جديدة بالارتباط مع النهوض الوطني والتقدمي في حينه، الذي كان الشرقاوي وزملاؤه منخرطين فيه، ودفعوا باهظاً ضريبة هذا الانحياز.
شاء سوء الأقدار أن تتدهور صحة الشرقاوي خلال العامين الماضيين، قضى بعضها في الخارج من أجل العلاج قبل أن يعود إلى وطنه سالماً، لكن بعد أن أنهك المرض جسده.
بمناسبة يوم الشعر العالمي، قبل يومين، احتفت أسرة الأدباء والكتاب، التي هو أحد أعمدتها طوال مسيرتها الممتدة منذ عقود، بالشاعر الشرقاوي ضمن أمسية حلقت فيها قصائد شعراء من السعودية والكويت والبحرين.
وبالمناسبة، أصدرت الأسرة كتابين: واحد منهما حوى نصوصاً مسرحية للشاعر تنشر لأول مرة، وآخر تضمن دراسات حول تجربته الشعرية والمسرحية وشهادات حوله وحول تلك التجربة، من بينها شهادتا صديقيه قاسم حداد وأمين صالح.
قاسم حداد قال عنه في شهادته: «يذهب عاصفاً في الكتابة بالطاقة القصوى من العاطفة، عقله خلفه وقلبه هو القائد، لكي يؤكد لنا كل يوم أن الشعر والنثر فن يكتب بالعقل والعاطفة». أما أمين صالح فكتب: حضوره مشع وضروري في أي وسط أو مجال يطرق بابه.
عند كل منعطف يترك علامة مضيئة، ما ارتاد مكاناً إلا وضج محتفياً به ومتجملاً به أيضاً. الشرقاوي يظل عصياً على الإمساك، لا لغموضه، لكن لتعدده.