البحرين تراجعت إلى المركز 70 عالمياً
“أظهرت سنة ٢٠١٦ أن الفساد الممنهج وأوجه إنعدام المساواة الاجتماعية يعزز أحدهما الآخر فى شتى أنحاء العالم ، الأمر الذى يؤدى الى خيبة أمل الشعوب فى المؤسسات السياسية ويوفر أرضاً خصبة لصعود قيادات سياسية شعوبية”.
هذا بعض مما خلصت إليه منظمة الشفافية الدولية حين أطلقت مؤخراً تقرير مؤشر مدركات الفساد ٢٠١٦، والذى كان من بين اهم مظاهره انتشار وضخامة حجم الفساد فى القطاع العام حول العالم، وازدياد عدد الدول التى انحدرت فى المؤشر الذى شمل ١٧٦ دولة، وكانت إشارة ذات مغزى حين أشار رئيس المنظمة هوزيه اوغاز إلى أن الناس قد طفح كيلهم من وعود الساسة الجوفاء والكثيرة حول مكافحة الفساد، وهناك ساسة وعدوا بكسر حلقة الفساد والمحسوبية فيما الواقع يمشى نحو زيادة المشكلة.
وأضاف الرجل يضيف: “فى البلدان التى يتولى أمرها قادة شعبويون أو مستبدون، كثيراً ما نرى النظام الديمقراطي يتدهور، مع أنماط مقلقة من محاولات قمع المجتمع المدنى والحد من حرية الصحافة وتقويض استقلالية القضاء بدلاً من التصدى لرأسمالية المحاسيب، وعادة ما يفرض مثل هؤلاء القادة أشكالاً أسوأ من النظم الفاسدة ..”
والمنظمة فى تقريرها ترى أنه لا تكفى الإصلاحات التكنوقراطية الجزئية، كوضع التشريعات وحدها لمكافحة الفساد، المطلوب بشكلٍ ملح هو إصلاحات عميقة وممنهجة تزيل اختلال السلطة والثروة المتزايد، عن طريق تمكين المواطنين من إيقاف الإفلات من العقاب واسع النطاق فى قضايا الفساد، ومحاسبة اصحاب المناصب
الفاسدين، وأن يكون للمواطن دور فعال فى القرارات المؤثرة على حياته”.
ذلك الذى دعت إليه المنظمة وجدته ينطبق أو يكاد على دول تشمل على التوالى الدنمارك ونيوزيلندا والسويد ثم فلندا، القاسم المشترك بين هذه الدول التى تصدرت الترتيب فى المؤشر هو وجود حكومات شفافة، وحرية صحافة، وحريات مدنية، ونظم قضائية مستقلة.
المؤشر أشار إلى انحدار كل الدول العربية، وبين انها تزداد سوءاً ، واعتبر ٦ دول عربية من أكثر الدول فساداً حول العالم بسبب انعدام الاستقرار السياسي والنزاعات الداخلية والحروب وتحديات الإرهاب وكلها أمور تغذى الفساد، وفى المقدمة منه الفساد السياسي، وبالنسبة لدول الخليج فقد عزا المؤشر تراجع دول الخليج العربي إلى الهيمنة على الأنظمة السياسية والاقتصادية، وتقييد الحريات العامة، وعدم وجود مؤسسات مجتمع مدنى نشيطة وفعالة، وعدم الوضوح فى الموازنات العامة والصرف العام.
يهمنا ما يتعلق بالبحرين، فقد كان لافتاً تراجعها على أكثر من صعيد، فقد تراجعت من المركز ٥٠ إلى المركز ٧٠ عالمياً، ومن المركز الخامس إلى المركز السادس عربياً، ومن المركز الرابع إلى المركز الخامس خليجياً، ولعل الجمعية البحرينية للشفافية قد لامست الاقتراحات والمطالب والمباردات التى من شأنها أن تحدث تطوراً نوعياً على صعيد مكافحة الفساد، ومهمة بهذا الحجم والأهمية فى هذا الواقع الذى لا يحتاج الى توصيف، الأمر الذى يفرض جعل هدف محاربة وباء الفساد فى مقدمة الأولويات، فالجمعية تدعو فى هذا السياق إلى الالتزام بتنفيذ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، وتنفيذ توصيات ديوان الرقابة المالية والادارية، واستخدام مجلس النواب صلاحياته فى مراقبة أداء الحكومة وإصدار التشريعات التى تعزز من المواجهة مع الفساد، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد، وإصدار قانون حق الحصول على المعلومات، وتأسيس هيئة مستقلة ودائمة لمراقبة الانتخابات العامة وكل ما يتعلق بها من توزيع الدوائر وسجل الناخبين حتى إعلان النتائج، والعمل على حل المشكلة السياسية وتعزيز الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير بما يساعد على إبداء رأي الناس فى أداء المؤسسات والجهات الحكومية والاقتصاد بحرية أكبر.
ياترى هل من اهتمام بمراجعة اسباب تراجع البحرين فى مؤشر مدركات الفساد ؟، وهل ثمة جدية فى معالجة هذه الأسباب ؟، وهل يمكن الأخذ ولو بالحد الأدنى من متطلبات المعالجة والتصدي للفساد من تلك التى دعت اليها جمعية الشفافية ؟، وهل يمكن التعويل على برلماننا فى القيام بدور حيال كل أوجه الفساد والعابثين بالمال العام ؟ ، وأخيراً هل هناك إرادة لمحاربة الفساد ؟ ، اسئلة تظل تبحث هى إجابات ..!!