هناك بعض الأشخاص وجودهم مسلم به وتواجدهم مضمون دائماً رغم تقلبات الظروف. وفجأة ودون سابق إنذار لا يتواجدون في الصورة، حرفياً يتم اختطافهم ويرحلون عن دنيانا.
أبو علي، محمد مهدي عياد، شخصية تجدها في كل مكان وأي مكان ودائماً ما يكون متواجداً في أحد زوايا المكان كأنه حزء من صورة هذا المكان، ولكنه رحل عنا فجأة وكأنما يخطرنا بأنه هناك فرقاً شاسعاً بين الوجود في الصورة والاختفاء منها.
أبو علي، من الشخصيات التي حملت النشاط الحزبي على محمل الجد واعتبره واجباً وطنياً وليس عملاً تطوعياً وتمضية أوقات الفراغ، بعد اليوم ستكون مداخلات المتداخلين في الندوات والمؤتمرات العامة واللقاءات الداخلية دائما ما سينقصها صوت احدهم، ستكون ناقصة لمداخلته هو.
شخصياً لم أكن شاهداً على فترة نضاله ونشاطه قبل الألفية لأننا ببساطة لم نكن نتوقع مثل هذا الرحيل، وكنا نعول على الوقت ليمهلنا حتى نستطيع ان نلملم شتات تاريخنا وأوراق أدبياتنا، ولكن الوقت ليس دائما صديقاً حميماً، أحياناً يكون بيده خنجر يضرب الخاصرة ويفجعك في وقت كنت تعتقد بأنك صادقته ونلت رضاه. وأمثال محمد مهدي عياد كثر، لديهم في ذاكرتهم الكثير وقد عانوا في حياتهم النضالية المرار، وقاموا بأمور في تلك الفترة تعتبر جبارة، ولكننا نتعذر بالوقت المتاح، وحتى بتنا نستصغرها الأن حيث يكفي 140 حرفاً لنكتب ما نريد ويقرأه الآلاف إن لم يكن الملايين.
تواجد محمد مهدي عياد ليس فقد في فعاليات وأنشطة المنبر التقدمي فحسب، بل تواجده في فعاليات جمعية الشبيبة البحرينية أيضاً كان أمراً مسلماً به، وكلماته والتشجيعية كانت حافزاً معنوياً للأعضاء والعاملين ضمن طاقم مجلس الإدارة، وكان دائم التأكيد على أنه لا يمكن الاستسلام للظروف الراهنة والعمل يجب أن يستمر والعطاء يجب أن يصل إلى أقصاه، وثمار ذلك ستكون في المستقبل.
بالطبع كنا نأخذ كلماته ونحترمها ونقدرها، ولكننا نستسلم للظروف المختلفة مجبرين حيناً ومتغافلين أحياناً كثيرة، إلا ان مثل هذا السفر المفاجئ يجبرك على التذكر والندم لعدم تنفيذ ذلك في حينه، وتحول التوجيه لوصية تنفيذها سيكون إكراماً لذكراه.