التشريعات والقوانين العمالية المتقدمة تحمي حقوق العمل كمواطنين، ولا تضع أية قيود على الاستخدام أو تسمح بالتفاوت في الأجر لاعتبارات الجنس أو القومية أو الأصل الاجتماعي. كما أنها لا تستدعي المساءلة القانونية فقط بل تصل إلى حد المساءلة الجنائية فضلاً عن تحديدها لمسئولية الإدارة في تطبيق القوانين العمالية.
والأكثر من ذلك، فإن تلك التشريعات والقوانين لا تضمن للمواطنين حق العمل فقط بل أيضاً حق اختيار المهنة أو الوظيفة او نوع العمل بما يتفق مع ميولهم وقدراتهم وتدريبهم وتعليمهم. وتتوفر الفرص للحصول على معارف خاصة من خلال نظام التدريب المهني والحرفي الاختياري والتدابير المقررة لرفع مستويات المهارة وتدريب الأشخاص في مجالات جديدة.
وعلى الجانب الآخر ثمة دساتير تنص على أن حق العمل مكفول لجميع أفراد المواطنين القادرين على العمل، ومع ذلك يكشف الواقع الفعلي زيف هذا الكلام غذ نجد معدل البطالة اعلى بكثير ممن “المعدل الرسمي” ومثل هذه المغالطات نجدها وبنسب متفاوتة في مجتمعاتنا الخليجية والعربية، فهي لا تساعد في التعرف على معدل البطالة الحقيقي وذلك للوصول إلى حلول فعلية بعيدة عن” المسكنات ” التي تبرهن على عدم جدواها طالما ان مشكلة البطالة تتفاقم باستمرار!
ويمكن القول بان هذه الأزمة وابعادها مستمرة في الدول الخليجية بغض النظر عن أنواع “روشتات” العلاج التي تستخدمها هذه الدول ونقلاً عن وكالة أبناء البحرين “بنا” 2015، استعرضت مجلة غلوبال فاينانس في تقريرها نسب البطالة في مختلف دول العالم منذ عام 2010 وحتى 2015، ومن بينها مملكة البحرين حسب البيانات والإحصاءات الصادرة عن منظمة العمل العالمية، حيث تعتبر البطالة ظاهرة عالمية، وخاصة بين الإناث، والتي تتركز في فئة الشباب ما بين 15 -24 سنة، كما تطرق التقرير إلى الأسباب المختلفة للبطالة، ومنها التسرب من التعليم الأساسي والفقر والحاجة والوضع الاقتصادي وعدم كفاية القدرات الشخصية والمهارات المهنية اللازمة لدى العاطلين ومواكبة مستجدات ومتطلبات سوق العمل، وغير ذلك من الأسباب وفي تعليق على ما نشرته مجلة “غلوبال فأننا سوف أكد وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان أنه على الرغم من الإحصاءات التي قامت بها المجلة المتخصصة فقد اعتمدت بيانات تشير إلى نسبة البطالة في البحرين 4.2% لعام 2015، وهي نسبة تفوق تلك التي حققتها البحرين على أرض الواقع خلال هذا العام وهي 3.1%.
بصراحة يصعب الحديث عن معدلات البطالة في ظل إحصاءات متباينة تفتقد إلى المصداقية والشفافية، صحيح ان المجلة المذكورة إشارات على ان البحرين الثانية عربياً بين الدول الآفل في معدلات البطالة في عام 2015، ومع ذلك هناك واقع لا يمكن ان تتجاهله او تتجنبه وهو ان البطالة حسب تقرير دافوس – وان كان يعود إلى الربع الأخير لعام 2014 – تشكل 7.4%، وان الشباب يمثلون نسبة 27.5% من اجمالي البطالة! وتأتي البحرين في المرتبة الثانية بين دول مجلس التعاون من حيث نسبة البطالة، وتأتي عمان في المركز الثالث تليها كل من الأمارات والكويت وقطر.
وبالرغم من أهمية التأمين ضد التعطل يتمكن العاطلين من الاستفادة من الاغاثات المقررة عن العمل.
لكن الحقيقة المؤسفة أن معدل البطالة في البحرين وفق البيانات والإحصاءات غير الرسمية تكشف عن عدم قدرة الدولة على علاج هذه المشكلة التي تعتبر من أخطر المشكلات لما لها من لآثار سيئة على الفرد والمجتمع.
والحقيقة المؤسفة الأخرى هي أن علاج هذه المشكلة يظل ناقصاً بل ومتعثراً طالما أن قاعدة البيانات الرسمية عن البطالة مغلوطة لا تتطابق مع معدلاتها الحقيقية!