العصا (المثنى عَصَوَان؛ الجمع عُصِيّ وعِصِيّ) هو عود من الخشب يتوكأ عليها ويهش بها على الغنم، تلعب العصا دوراً كبيراً في حياة الناس ففي صغرهم يكون دورها للتباهي أو لإظهار القوة وللدفاع عن النفس، وغير ذلك من الاستعمالات.
يستخدم العديد من الإسلاميين في حواراتهم ونقاشاتهم مع التابعين لهم أو المختلفين معهم في الثقافة والفكر الدين/ الشرع (القرآن والسنة النبوية) كعصا غليضة تُرفع في وجه من يُحاججهم ويتباين معهم حول مسائل عديدة في الحياة.
على سبيل المثال، عندما يكون النقاش حول شكل النظام السياسي للدولة ويطرح الكثيرون رأيهم بضرورة اللجوء إلى النظام الديمقراطي يخرج علينا رجل دين يرعد ويزمجر بوجوب تطبيق النظام الإسلامي وليس لكم خيار في ذلك لأن هذا ما دعا له الله سبحانه وتعالى. لكن في الواقع أي شرع ونظام حكم إسلامي سيُطبق؟ هل هو نظام حكم الأخوان أم نظام حكم ولاية الفقيه أم نظام حكم السلف أم نظام حكم طالبان؟!
هكذا أيضاً في مثال آخر، عندما يدور النقاش حول لباس المرأة وإبراز أجزاء من جسدها يأتي رجل دين ويطرح خطاب يريد فيه إجبار النساء بلبس غطاء الوجه أو لبس العباءة السوداء أو لبس الجوراب لليدين والقدمين أو يرى حرمة وضع المساحيق على الوجه، وعندما يختلف مع أحدهم يقول له: هذا ليس رأيي ولا وجهة نظري، إنما هذا كلام الشرع وكفى.
العقليتان الدينية – المتشددة – والأبوية الذكورية المتخلفة تتقاطعان في النظر إلى المرأة كجسد وكعورة بالكامل، ولذلك يجب حجبها عن الرجال والمجتمع العام بقدر الإمكان. فمن الأفضل أن تقبع في بيتها خدمةً لزوجها وأولادها، أو أن يُختزل وجودها في المحيط النسوي الخالص. من هذه العقلية تنطلق الدعوات باسم الدين والشرع في منع نشر صور المتفوقات في وسائل الإعلام المختلفة. فالمرأة التي أصبحت وزيرة وقاضية ومعلمة ومهندسة وتشارك الرجل في العمل على نهضة المجتمع في كافة مجالات الحياة ليس لها الحق في نشر صورتها كمتفوقة في دراستها!
في الواقع مفردة الشرع هنا تخضع للفهم البشري للقرآن والسنة النبوية وهي متعددة بحسب مستويات عقولهم وأفهامهم وتنوع بيئاتهم واختلاف مراحلهم التاريخية. لذلك ليس من الموضوعية أن يأتي أحد رجال الدين أو الإسلاميين حين يُريد إقناع الآخرين في مسألة ما بقوله أن ما يطرحه هو الشرع ذاته وعينه وليس هو رأيه وفهمه.
علينا أن نُدرك جيداً أننا نعيش في مجتمعات متنوعة على المستوى العرقي والديني والاجتماعي والثقافي، حتى في دائرة الدين والمذهب الواحد توجد تباينات من الناحية الفكرية، فكيف إذاً خارج هذه الدائرة. إننا حين ندعو ونناضل من أجل نشر الديمقراطية والحريات السياسية والدينية والفكرية والالتزام بمبادئ حقوق الإنسان الدولية، ونقف ضد الاستبداد والظلم، علينا أن نكون منسجمين مع مطالبنا وشعاراتنا اتجاه أنفسنا واتجاه الآخر المختلف معنا.