بقــــلم: John Bellamy Foster
ترجمة: غريب عوض
الحُرية كضرورة
بِناءً على فلسفة هيغل Hegel، جادل إنجلز Engels في مقالتهِ الشهيرة Anti-Dühring ضد دوهرينغ بأن الحرية الحقيقية ترتكز على الإعتراف بالضرورة. كان التغيير الثوري هو النقطة التي التقت فيها الحرية والضرورة في التطبيق العملي الملموس. وعلى الرغم من وجود شيء مثل الضرورة العمياء وراء المعرِفة البشرية، بمجرد إدراك القوى الموضوعية، لم تعُد الضرورة عمياء، بل قدمت مسارات جديدة للعمل البشري والحُرية. الضرورة والحُرية يتغذي كلٌ منهُما على الآخر، مما يتطلب فترات جديدة من التغيير الإجتماعي والسمو التاريخي. عند توضيح هذا المبدأ الديالكتيكي المادي، لاحظ لينين بِحِدة، “نحنُ لا نعرف ضرورة الطبيعة في ظواهر الطقس. ولكن بينما نحن لا نعرف هذهِ الضرورة، فإننا نعرفُ أنها موجودة. نحنُ نعرف أن علاقة الإنسان بالطقس والطبيعة بشكل عام تختلف حتماً مع علاقات الإنتاج المُتغيّرة التي تحكم أفعالنا.
اليوم، الإعتراف بأزمة المناخ البشرية المنشأ وبالظواهر المناخية الحادة تُبعد البشر عن عالم الضرورة العمياء وتُطالب سُكان العالَم بالإنخراط في النِضال النهائي من أجل الحُرية والبقاء على قيد الحياة ضد الرأسمالية الكارثية. وكما ذكر ماركس في سياق الإنشقاق الأيضي الحاد (عملية الهدم والبناء في نسيج المجتمع) الذي فُرِض على أيرلندا نتيجة للإستعمار البريطاني في القرن التاسع عشر، فإن الأزمة البيئية تُقدم نفسها كحالة “خراب أو ثورة”. وفي مركزية الكائن البشري، يوجد الآن التصدُع البيئي الناتج عن توسع الإقتصاد الرأسمالي على نطاق يُنافس الدورات البيوجيوكيميائية لكوكب الأرض. إلا أن، معرِفتنا بهذهِ التطورات الإيجابية يسمح لنا أيضاً تصور الثورة الضرورية في تكاثر التفاعل الحيوي الإجتماعي للإنسانية ولكوكب الأرض. وإذا نظرنا إليه في هذا السياق، فإن المفهوم الحاسم لماركس عن “مجتمع المنتجين المُترابطين” لا يجب أن يُنظر إليه على أنهُ مُجرد مفهوم طوباوي بعيد المنال أو مِثال مُجرد، وإنما باعتبارهِ جوهر الدفاع البشري الضروري في الحاضر والمستقبل، والذي يُمثل إصرار المُطالبة بعلاقة مُستدامة مع كوكب الأرض.
لكن أين عامل التغيير الثوري؟ والجواب هو أننا نرى ظهور الشروط المادية المُسبقة لما يمكن أن نسميه البروليتاريا البيئية العالمية. كان كِتاب إنجلز “ظروف الطبقة العاملة في إنجلترا” الصادر في عام 1845، وصفاً وتحليلاً لظروف الطبقة العاملة في مدينة مانشستر في بريطانيا، مُباشرةً بعد حادثة ما سُمي “سد مؤامرة الشغب” وفي ذروة الوثيقة الراديكالية. وصور إنجلز بيئة الطبقة العاملة ليس مُجرد من حيث ظروف وأحوال المصنع فحسب، بل أكثر من ذلك بكثير من حيث التطور الحضري، والإسكان، وإمدادات المياه، والصرف الصحي، والغذاء والتغذية، وتنمية الطفل. وكان التركيز على البيئة الوبائية العامة التي فرضتها الرأسمالية (التي سمها إنجلز “الجريمة الإجتماعية” والتي سمها فيما بعد الطبيب وعضو الحزب الشيوعي الكندي نورمان بيثون Norman Bethune “الداء الثاني”) وارتبطت بالإعتلال والوفيات، خاصةً بسبب الأمراض المُعدية. كان ماركس، تحت التأثير المُباشر لإنجلز ونتيجة لدراساتهِ الوبائية الإجتماعية بعد عشرين عاماً أثناء كِتابتهِ لرأس المال، لاحظ أن تصدع التفاعل الحيوي الإجتماعي الإقتصادي ينشا ليس فقط فيما يتعلق بتدهور التُربة، ولكن أيضاً على حدٌ سواء، على حد تعبيره، من حيثُ “الأوبئة الدورية” التي يُسببها المجتمع نفسه.
إن ما يخبرنا بهِ هذا، ويمكننا أن نجد العديد من الأمثِلة الأُخرى، من الثورتين الروسية والصينية إلى النضالات في جنوب العالم اليوم، هو أن الصراع الطبقي واللحظات الثورية هما نتاج اندماج الضرورة الموضوعية والمُطالبة بالحُرية النابِعة من الظروف المادية ليست اقتصادية فحسب، بل هي أيضاً بيئية بالمعنى الواسع للكلمة. وبالتالي، من المُرجح أن تحدث المواقف الثورية عندما تجعل مجموعة من الظروف الإقتصادية والبيئية التحولات الإجتماعية ضرورية، وحيثُ يتم تطوير القوى والعلاقات الاجتماعية بما يكفي لجعل مثل هذهِ التغييرات مُمكِنة. وفي هذا الصدد، إذا نظرنا إليها من وجهة نظر عالمية اليوم، فإن قضية البروليتاريا البيئية تتداخل مع مسألة الفلاحين الإيكولوجيين ومع نِضالات السُكان الأصليين ولا يمكن تمييزها عنها. وبالمثل، فإن النِضال من أجل العدالة البيئية الذي يُنشط الآن الحركة البيئية عالمياً هو في جوهرِهِ نِضال الطبقة العامِلة والشعوب.
يمكن النظر إلى البروليتاريا البيئية بهذا المعنى على أنها تبرز كقوة في جميع أنحاء العالم، كما يتضح في الفترة الحالية من الصِراع الإيكولوجي الوبائي فيما يتعلق بـ فيروس الكورونا COVID-19. ومع ذلك، فإن المركز الرئيسي للعمل الإيكولوجي الثوري في المستقبل القريب يظل هو عالم الجنوب، في مواجهة الواقع القاسي للإمبريالية فيما يتعلق بمركزية الكائن البشري في هذهِ الحياة على كوكبنا هذا. وكما لاحظ الكاتب المصري اليساري الراحل سمير أمين في كتابهِ “الإمبريالية الحديثة ورأس المال الإحتكاري وقانون القيمة لماركس”، فإن ثالوث الولايات المتحدة وأوروبا واليابان يستخدم بالفعل القدرة الحيوية للكوكب بأربعة أضعاف المتوسط العالمي، مُشيراً إلى النسيان البيئي. هذا المُستوى غير المُستدام لاستهلاك الموارد في شمال الكرة الأرضية مُمكن فقط بسبب:
يتم استخدام نسبة جيدة من القدرة الحيوية للمجتمع في الجنوب من قِبل هذهِ المراكز [في الثالوث] ولِصالحها. بعبارة أُخرى، يؤدي التوسع الحالي للرأسمالية إلى تدمير الكوكب والإنسانية.والإستنتاج المنطقي للتوسع هو إما الإبادة الجماعية الفعلية لشعوب الجنوب على أنهُ “اكتظاظ سُكاني” أو، على الأقل، حبسهم للفُقر المُتزايد باستمرار. يجري تطوير موقف فاشستي بيئي يُعطي شرعية لهذا النوع من “الحل النهائي” للمشكلة.
نظام جديد لتزايد التفاعل الحيوي الإجتماعي
لا يمكن أن تحدث عملية ثورية لِبناء اشتراكي تهدف إلى إقامة نظامٌ جديد من تزايد حيوي اجتماعي وفقاً لمطالب الضرورة والحُرية دون “مبدأ توجيهي” شامل و “مقياس للإنجاز كجزء من استراتيجية طويلة الأجل. وهُنا وفقاً للفيلسف الماركسي الهنغاري ميزاروس Mészáros، يدخل مفهوم المُساواة الموضوعية أو مجتمع المُتساوين، الذي ينطوي أيضاً على ديمقراطية موضوعية، حيزاً في نِضالات اليوم. ومثل هذهِ المُقاربة لا تقف في تعارض مع رأس المال فحسب في جوهرهِ المُتوحش بل تُعارض أيضاً أي مُحاولة عقيمة في نهاية المطاف للتوقف في منتصف الطريق لعملية الإنتقال إلى الإشتراكية. وقد أوضح عمانويل كانت Immanuel Kant وجهة النظر الليبرالية المُهينة بعد فترة قصير من الثورة الفرنسية عندما ذكر أن “المُساواة العامة بين الناس كأفراد في دولة تتعايش بسهولة تامة مع أكبر قدر من عدم المُساواة في درجات المُمتلكات التي يمتلكها الأفراد … ومن ثم، فإن المُساواة العامة بين الأفراد تتعايش مع عدم مُساواة كبيرة في الحقوق المُحددة التي قد تكون كثيرة”.
وبهذهِ الطريقة، أصبحت المُساواة رسمية فقط، توجد فقط “على الورق” كما أشار إلى ذلك فريدريك إنجلز، ليس فقط فيما يتعلق بعقد العمل بين الرأسمالي والعامل بل أيضاً بالنسبة لعقد الزواج بين الرجال والنساء. ومثلُ هذا المُجتمع يؤسس، كما أوضح ماركس، “حق عدم المُساواة، في مضمونهِ، مثل كل حق.” إن فكرة المُساواة الموضوعية، التي تتفق مع مفهوم ماركس للشيوعية، تتحدى كل هذا، وهي تطلب تغييراً في الخلايا المُكوِنة للمجتمع، والتي لم تعد قادرة على أن تتألف من أفراد أنانيين، أو رؤوس أموال أفراد، تُعززها دولة وهمية، بل يجب أن تستند إلى المنتجين المُترابطين ودولة المجتمع. إن التخطيط الحقيقي والديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن تبدأ إلا من خلال تأسيس السُلطة من قاع المجتمع. وبهذهِ الطريقة وحدها تُصبِح الثورات لا رجعة فيها.
كان الاعتراف الصريح بتحدي وعبء اشتراكية القرن الحادي العشرين في هذهِ الشروط يُمثل التهديد غير العادي للنظام السائد الذي شكلتهُ الثورة الفنزويلية بقيادة هوغو شافيز Hugo Chávez. لقد تحدت الجمهورية البوليفارية الرأسمالية من الداخل من خلال خلق سُلطة جماعية وبطلة شعبية، وولّدت فكرة الثورة على أنها إنشاء مجتمع عضوي، أو نظام استقلابي اجتماعي جديد. قدم شافيز، بِناءً على تحليلات ماركس Marx و ميسزاروس Mészáros، بواسطة ليبوفيتز Lebowitz، فكرة “المُثلث الأولي للإشتراكية”، أو (1) المُلكيّة الإجتماعية، (2) الإنتاج الإجتماعي الذي ينظمهُ العُمال، و(3) إشباع الاحتياجات المجتمعية. كان أساس هذا النِضال من أجل المُساواة الجوهرية، وإلغاء عدم المُساواة في الخط اللوني والخط الجندري، والخط الإستبدادي، وخطوط الإضطهاد الأُخرى، كأساس جوهري للقضاء على مجتمع غير المُتكافئين.
في كِتابهِ “الشيوعية كنموذج مِثالي”، أكد بول أم سويزي Sweezy على الأشكال الجديدة للعمل التي ستظهر بالضرورة في مجتمع يستخدم إنتاجية بشرية وفيرة بشكل أكثر عقلانية. وأشار إلى أن العديد من فئات العمل “ستُلغى تماماً (مثل مناجم الفحم والخدمة المنزلية)، وبقدر الإمكان، يجب أن تُصبح جميع الوظائف مُمتعة ومُبدِعة كما هو الحال مع القليل منها اليوم.” إن الحد من الهدر الهائل والدمار المُتأصل في الإنتاج والإستهلاك الرأسمالي سيفتح مساحة لتوظيف الوقت المُتاح بِطُرُق أكثر إبداعاً.
في مجتمع يتساوى فيه الجميع – ذلك الذي يقف كل فرد فيه في نفس العلاقة بالنسبة لوسائل الإنتاجُ ويتعيّن عليه نفس الإلتزام بالعمل وخدمة الرفاهية المُشتركة – كُلُ “الإحتياجات” التي تؤكد على تفوق القِلة وتنطوي على خضوع إرادة الكثيرين سوف تختفي ببساطة وسَتُستبدل باحتياجات البشر المُحرَرين الذين يعيشون معاً في احترام وتعاون…المجتمع والبشر الذين يؤلفونه يُشكلون كُلاً ديالكتيكياً: لا يمكن لأي منهُما أن يتغيّر دون أن يُغيّر الآخر. والشيوعية كشيْ مِثالي تشمل مجتمع جديد و[إنسان جديد].
أكثر من مجرد فكرة مِثالية، مثل هذا المبدأ التنظيمي الذي تكون فيه المُساواة الجوهرية والديمقراطية الجوهرية في مقدمة كل شيء في مفهوم الإشتراكية/الشيوعية هو أمرٌ ضروري ليس فقط لخلق مسار اشتراكي إلى مستقبل أفضل ولكن كضرورة للدفاع عن سكان العالم الذين يواجهون مسألة البقاء. على الرغم من الكُتُب والروايات البائسة، من المستحيل تخيل مستوى الكارِثة البيئية التي ستواجه شعوب العالم، خاصةً أولئك الذين في أسفل التسلسل الهرمي الإمبريالي، إذا لم يتم إيقاف التدمير الخلاق للرأسمالية لعملية استقلاب البشرية والأرض في منتصف القرن.
وفقاً لمقال في عام 2020 حول “مُستقبل بيئة المناخ البشري” في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، بُناءً على الإتجاهات الحالية، من المتوقع أن يعيش 3.5 مليار شخص في حرارة غير صالحة للعيش خارج بيئة المناخ البشري بحلول عام 2070، في ظِل ظروف مُماثِلة لتلك الموجودة في الصحراء الكُبرى. حتي مثل هذهِ التوقعات تفشل في استيعاب مُستوى الدمار الهائل الذي سيقع على غالبية البشرية في ظِل الأعمال الرأسمالية كالمُعتاد. والجواب الوحيد هو مُغادرة المنزل المُحترق وبِناء منزل آخر.
أُممية العُمال والشُعوب
على الرغم من أن أعداداً لا تُحصى من الناس يُشاركون في صِراعات لا حصر لها ضد الطاقوت الرأسمالي في مناطقهم المُحددة في جميع أنحاء العالَم، فإن النِضال من أجل المُساواة الجوهرية، بما في ذلك المعارك حول العِرق والجنس والطبقة، يعتمد على الكفاح ضد الإمبريالية على المُستوى العالمي. لهذا، هناك حاجة لمنظمة دولية جديدة للعُمال وفق نموذج الأُممية الأولى لماركس. لا يمكن لمثل هذهِ الأُممية للقرن الحادي والعشرين أن تتكون ببساطة من مجموعة من نخبة المثقفين من الشمال المُنخرطين في المنتدى الإجتماعي العالمي – مثل أنشطة المُناقشة أو في تعزيز الإصلاحات التنظيمية الديمقراطية الإجتماعية كما هو الحال فيما يُسمى بالأممية الإشتراكية التقدُمية. بدلاً من ذلك، يجب تشكيلها كمنظمة قائمة على العُمال والشُعوب، مُتجذِرة مُنذُ البدية في تحالف جنوب-جنوب قوي لوضع النِضال ضد الإمبريالية في قلب الثورة الإشتراكية ضد الرأسمالية، كما تصورتها شخصيات مثل شافيز Chávez وسمير أمين Amin.
في عام 2011، قُبيل مرضهُ الأخير، كان شافيز يستعد، بعد إنتخابهُ التالي، لإطلاق ما كان سيُطلق علية إسم الأُممية الجديدة (وليس الأُممية الخامسة) بالتركيز على التحالُف جنوب-جنوب وإعطاء أهمية عالمية للإشتراكية في القرن الحادي والعشرين. كان هذا من شأنهِ أن يوسع التحالُف البوليفاري لشعوب أمريكا لدينا إلى مُستوى عالمي. لكن هذا لم يرى النور بسبب التدهور السريع لصحة شافيز ووفاتهِ المُفاجِئة.
في غضون ذلك، نشأ مفهوم مُنفصل عن جهود سمير أمين، الذي يعمل مع المُنتدى العالمي للبدائل. لطالما فكر سمير أمين في الأُممية الخامسة، وهي فكرة كان لا يزال يقدمها حتى أواخر شهر أيار/مايو عام 2018. ولكن في تموز/يوليو 2018، شهر واحد فقط قبل وفاتهِ، تم تحويل هذا إلى ما أسماه أُممية العُمال والشُعوب، مع الإعتراف صراحةً بأن أُممية قائمة على العُمال فقط لم تأخذ بعين الأعتبار وضع الشعوب كانت غير كافية لمواجهة الإمبريالية. وقال إن هذا سيكون منظمة، وليس مُجرد حركة.سوف تستهدف:
تحالُف جميع شعوب العالم العامِلة وليس فقط هؤلاء المؤهلين كمُمثلين للبروليتاريا … بما في ذلك العاملين بأجر الخدمات، والفلاحين، والمُزارعين، والشُعوب المُضطَهَد من قِبل الرأسمالية الحديثة.كما أن البِناء ينبغي أيضاً أن يكون مُؤسس على الإعتراف بالتنوع واحترامه، سواء كان أحزاب سياسية أم نقابات عُمالية أو منظمات شعبية أُخرى مُناضِلة، مما يضمن استقلالها الحقيقي… في غياب [مثل هذا التقدم الثوري] سيظل العالم محكوماً بالفوضى والمُمارسات البربرية ، وتدمير كوكب الأرض.
إن إقامة أُممية جديدة بطبيعة الحال لايمكن أن يحدث في فراغ بل تحتاج إلى التعبير عنها من الداخل وكنتيجة لِبناء مُنظمات جماهيرية موحدة تتوسع على المُستوى الشعبي بالتزامن مع الحركات الثورية وفك الإرتباط بالنظام الرأسمالي في جميع أنحاء العالم. في رأي سمير أمين، لا يمكن لهذا أن يحدث بدون مُبادرات جديدة من عالم الجنوب لإقامة تحالُفات واسعة، كما هو الحال مع الصِراعات الأولية المُنظمة المُرتبطة بحركة العالم الثالث التي تم إطلاقها في مؤتمر باندونغ في عام 1955، والنِضال من أجل نظام إقتصادي دولي جديد. هذهِ العناصر الثلاث، الحركات الشعبية، وفك الإرتباط، والتحالف عبر البلدان والقارات كُلها عوامل حاسِمة في تصورهِ للنضال ضد الإمبريالية. واليوم يحتاج هذا إلى الإتحاد مع الحركة البيئية العالمية.
أكدّ سمير أمين، أن مثل هذا النِضال العالمي ضد الراسمالية والإمبريالية، يجب أن يتسم بالجُرأة والمزيد من الجُرأة، والإبتعاد عن إحداثيات النظام في كل نقطة، وإيجاد طريقه المِثالي في مبدأ من كلٍ حسب قُدرتهِ، ولكلٍ حسب حاجتهِ، بإعتبارهِ تعريف المجتمع البشري. نعيش اليوم في زمن التطابق التام بين النِضالات من الحُرية والضرورة، مما يؤدي إلى نِضال مُتجدد من أجل الحُرية كضرورة. الخيار الذي أمامنا لا مفر منه: الخراب أو الثورة.