فلاح هاشم
مع بداية جائحة كورونا وما كشفت عنه من خلل في استعدادات وزارة التربية والتعليم وعدم جاهزيتها ومواكبتها لتطورات الحديثة في أساليب التعليم، وما تتطلبه التطورات العلمية والتقنية في العملية التعليمية رغم كل الخطط والبرامج التي خصص لها وأنفق عليها من المال والجهد الكثير وخاصة في برنامج مدارس المستقبل، والذي مثلّ بحق رؤية مستقبلية حين قرر العمل عليها في عام 2005، الا انه وبكل أسف ورغم كل ما سطر من مقالات وتقارير صحفية اثبتت الجائحة أن ذلك كان سراباً، وهذا ما أثبتته كل المؤشرات التي تحدثت عنها العديد من تقارير هيئة الجودة، وكذلك ما تحدث عنه العديد من المهتمين بالعملية التعليمية والتخبط الذي عايشه الجميع في بداية الجائحة بسب عدم جاهزية الوزارة لمثل هذا الحدث
يضيف التقرير الأخير عن تخلف ترتيب جامعة البحرين في التصنيف العالمي للجامعات إنكشافاً اخر لما دأب عليه بعض المسؤولين عن هذا القطاع من تباهٍ، لما وصلنا اليه بإستعراض تقارير ليس لها اهمية او قيمة عند تقيييم المؤسسات التعليمية في العالم على أرض الواقع.
فما كشفت عنه بعض التقارير ومنها تقرير (QS World University Rankings 2019 –2020) عن مستوى التعليم في العالم العربي، وترتيب الجامعات العربية وموقعها، والذي جاءت فيه جامعة البحرين في الترتيب 37 على العالم العربي وما بين 801 و1000 على العالم. وما وصل إليه تقيييم جامعة البحرين المتدني على المستويين العالمي والعربي هو مخالف لما سبق وأن أعلنت عنه الجهات المسؤولة في أكتوبر العام الماضي؛ الذي قالت فيه (جامعة البحرين خلال العام الجاري (2019) هي الجامعة الوحيدة في المملكة المصنفة من بين أعلى 1000 جامعة عالمياً حسب معايير التصنيف العالمي للجامعات (QS)، كما وقد تم تصنيفها بالمرتبة 213 عالمياً).
فقد بيّن التقرير العالمي أن ترتيب جامعة البحرين هو ما بين 801 الى 1000، وهو ترتيب متأخر جداً عن الجامعات الخليجية والعربية التي سبقناها في التأسيس بسنوات عديدة، ناهيك عن ترتيب الجامعة عالمياً. علماً بأن جامعة البحرين هى الجامعة الوطنية التي تعتمد عليها البحرين بصورة أساسية في آخر مرحلة من منظومتها التعليمية، وهي المرحلة التي يفترض إنها تعتبر تتويجا لنتاج المنظومة التعليمية، على أساس أنها تمدّ سوق العمل بما يحتاجه من كادر بشري مؤهل تأهيلاً عالياً ومتخصصاً في مختلف الميادين، يمكنه من التكيف والتعامل مع التطورات السريعة تقنياً للوفاء بمتطلبات عملية التنمية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية.
وهذا ما يستدعي منا وقفة جادة وفورية، وبدون مجاملة لأحد، ووضع خارطة طريق تبدأ بالمصارحة والمكاشفة بشفافية عن الأوضاع الحقيقية التي أدت إلى هذه النتائج، وبدون اخفاء للحقيقة، بحكم أن مستقبل البلد يعتمد على شبابه وما يمتلكون من علوم ومهارات بنيت وصقلت من خلال العملية التعليمية عامة وفي المرحلة الجامعية خاصة، ولا يمكن لنا أن نبني نهضة في أي مجال بهذه المخرجات.
جامعة البحرين في المرتبة 37 من أصل 38 جامعة عربية لا بد من وقفة جادة أمام واقع تعليمنا الجامعي
مرسوم بقانون التقاعد إصلاح للخلل أم انتقاص من الحق ؟!
تقديم :
بتاريخ 13 يوليو 2020 صدر المرسوم بقانون رقم ( 21 ) لسنة 2020 بشأن صناديق ومعاشات التقاعد في القوانين والأنظمة التقاعدية والتأمينية نص في مادته السابعة على ان العمل به سيكون من أول الشهر التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية أي في الأول من شهر أغسطس 2020
تحدّث كثير من المختصين عن هذا المرسوم بقانون من حيث أسباب العجز الإكتواري وتأثير أحكام هذا المرسوم على أوضاع المتقاعدين المعيشية، وسنتناول هذا في ثلاثة محاور:
الأول: ما مدى توافر التدابير التي لا تحتمل التأخير وتبرر صدور هذا المرسوم بقانون في غبية المجلسين؟
الثاني: الزيادة السنوية المقررة على المعاشات التقاعدية حق مكتسب ووقفها يهدر هذا الحق .
الثالث: مجلس النواب سيكون على المحك في دور الانعقاد القادم .
أولاً: هل هناك ضرورة عاجلة لا تحتمل التأخير لإصدار هذا المرسوم بقانون في إجازة المجلس الوطني؟
المتابع لحركة التشريع (إصدار التشريعات القوانين) في مملكة البحرين خاصة تلك القوانين التي تكون محل جدل في المجتمع وتتعلق بحقوق وحريات المواطنين، تصدر في كثيرٍ من الأحيان بأداة المرسوم بقانون من جلالة الملك.
وقد صدر عدد كبير من المراسيم بقوانين قبيل انعقاد أول مجلس وطني في عهد المشروع الإصلاحي، ومنذ الفصل التشريعي الأول عام 2002 وحتى الفصل التشريعي الخامس الراهن. ومن بين هذه المراسيم المرسوم بقانون رقم ( 21 ) لسنة 2020 بشأن صناديق ومعاشات التقاعد في القوانين والأنظمة التقاعدية والتأمينية محل هذه الندوة.
والمرسوم بقانون يختلف عن المرسوم، فالمرسوم بقانون هو نص تشريعي يصدره الملك فيما بين أدوار انعقاد كل من مجلسي الشورى والنواب، أو في فترة حل مجلس النواب إذا ما اقتضى الأمر الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وتكون له قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور.
أما المرسوم فإنه أداة يباشر بها الملك اختصاصاته التي منحها الدستور لجلالته ليباشرها عن طريق وزرائه، حيث تصدر المراسيم موقعة من الملك بعد توقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين بحسب الأحوال. والمراسيم أداة إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، ويجوز أن يعين القانون أداة أدنى من المرسوم لإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذه.
وإذا كان لهذه المراسيم بقوانين أساس في الدستور طبقا لنص المادة 38 منه، فإن هذا النص الدستوري لا يجعل هذا الحق على إطلاقه جائزاً في أي وقت وبلا أي قيد، إذ يتعين، حسب حكم المادة المذكور، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وألا تكون هذه المراسيم مخالفة للدستور، بمعنى وجود ظرف استثنائي لمواجهة خطر أو عمل من شأنه أن يهدد كيان أو أمن الدولة، أي توافر ركن الضرورة، وهو المبرر للاستعجال وعدم احتمال التأخير لإصدار مثل هذه المراسيم وبدونها لا يجوز استعمال هذ الرخصة .
فهل هناك مثل هذه الضرورة لإصدار مرسوم بقانون إصلاح التقاعد في 13 يوليو 2020 وفي إجازة المجلسين ؟
بالطبع سيتصدى مشرع هذا المرسوم بقانون للرد على هذا السؤال، بالقول إن الضرورة الموجبة والتي لا تحتمل التأخير لإصدارة بهذه الأداة هو العجز الاكتواري المستقبلي للصناديق التقاعدية .
غير أن الحقيقة هي أن ما سمي بالعجز الاكتواري للصناديق لم يكن وليد اليوم، فقد كشف مجلس النواب في الفصل التشريعي الأول عن هذا العجز وعن تجاوزات الهيئة العامة للتامين الاجتماعي من خلال لجنة التحقيق التي شكّلها وما أسفر عنه التحقيق من استجواب لوزير المالية حينذاك بعدد من التوصيات لإصلاحه العجز.
ورغم ذلك ظلّ الحديث عن عجز الصناديق التقاعدية متواتراً، واستمرت تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية ترصده فيما عدا التقرير الأخير، 2018 – 2019 الذي لم يتطرق إلى أوضاع الهيئة العامة للتأمين كما جرت عليه معظم التقارير الصادرة عنه .
ولعلّ شعب البحرين يتذكر أن الحكومة تقدّمت، قبيل نهاية الفصل التشريعي الماضي – الرابع – ، بمشروع قانون بتعديلات على قانون التأمين الاجتماعي بصفة مستعجلة، ولقي معارضة شعبية واسعة، ورفضه مجلس النواب، ورغم موافقة مجلس الشورى عليه، أصدر جلالة الملك توجيهاته بإعادة بحث مشروعي قانوني التقاعد بالتعاون والتنسيق مع السلطة التشريعية مع الأخذ في الاعتبار كل ما أبدي بشأنيهما من مرئيات وملاحظات.
وشدّد جلالة الملك على إعطاء موضوع التقاعد بالأهمية المطلقة من البحث والاهتمام والعمل على تحسين وضع الصناديق التقاعدية وتطوير ما تقدّمه من خدمات للمتقاعدين والمشتركين بما يراعي المصلحة العامة ويكفل استدامة الصناديق التقاعدية والتأمينية وحفظ حقوق المشتركين والمتقاعدين .
وقد تشكّلت لهذا الغرض اللجنة المشتركة البرلمانية الحكومية، وعقدت عدة اجتماعات كان أولها في 4 يوليو 2018 ، وأعلن بعد الاجتماع الثاني للجنة في 15 يوليو 2018 أن هناك توافقاً ساد الاجتماع، لإعادة بحث مشروعي قانوني التقاعد، وقد حاولنا الحصول على توصيات ونتائج هذه اللجنة دون جدوى، إذ كان من المفترض أن تكون توصياتها تحت بصر المجلسين في هذا الفصل.
ما نريد أن نصل إليه مما تقدم هو: لماذا لم يعرض هذا المرسوم بقانون كمشروع قانون على المجلسين خلال دوري الانعقاد الأول والثاني من هذا الفصل التشريعي الحالي، حتى يصدر بأداة القانون بحيث يأخذ حقه من النقاش طبقاً للأوضاع التي ينص عليها الدستور؟
يبدو أن مشرع المرسوم بقانون التقاعد كان يتنظر فضّ دور انعقاد المجلس الوطني حتي يتم إصداره في اجازتهما وفي ظروف وأوضاع اقتصادية نالت من الأحوال المعيشية للمواطنين.
ثانياً : الزيادة السنوية حق مكتسب ووقفها إهدار له:
تتعلق المادة الثانية من المرسوم بقانون بوقف الزيادة باعتبار أن النص عليها قد مسّ قطاعاً كبيراً من أصحاب المعاشات التقاعدية المحدودة ربما تفوق حكم المواد الأخرى.
الأصل في معظم دساتير الدنيا أن أحكام القوانين لا تسري بأثر رجعي، بمعنى انها لا تسري على الماضي، وأنها تنفذ بأثر فوري، أي من تاريخ العمل بها. غير أنه يجوز، استثناءً من هذا الأصل، سريانها بأثر رجعي إذا نصّ القانون على ذلك وفي المواد الجنائية إذا كان القانون الجديد أصلح للمتهم.
هذا الأصل وهذا الاستثناء يجعلانا نتساءل: هل يجوز تطبيق ما نصّت عليه المادة الثانية من المرسوم بقانون بوقف الزيادة السنوية على المعاشات التقاعدية المقررة باثر رجعي أو بأثر فوري ؟
يمكن القول بهذا الصدد ما يلي :
1- إن الزيادة السنوية المقررة على المعاشات التقاعدية تعد من المزايا أو الحقوق المكتسبة التي اكتسبها المتقاعدون، فلا يجوز المساس بها، والحق المكتسب معناه عدم المساس بالمركز القانوني الذي نجم عن تصرف قانوني معين، وهو يقوم على مبدأ مهم هو مبدأ الأمن القانوني، أي يتعين ان يشعر المواطن بالأمان بما اكتسبه من حقوق، ومبدأ الحق المكتسب يعد الأرضية التي يقوم عليها مبدأ عدم رجعية القوانين بهدف حماية المراكز القانونية الذي تولدت في الماضي .
وبناء عليه اعتقد أن سريان وقف الزيادة السنوية على المعاشات التقاعدية التي اكتسبها المتقاعدون قبل سريان قانون اصلاح التقاعد أو بعد سريانه سيشكل اعتداء على حق مكتسب واهدار لهذا الحق، لا عدالة فيه، ولا يتفق والمصلحة العامة إذ يؤدى بالمواطن (المتقاعد) إلى فقدان الثقة في القانون وعدم والاطمئنان على حقوقه .
2- اعتقد أيضا أن تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون بأثر رجعي بما فيها وقف الزيادة السنوية، فيه ما يخالف حكم المادة ( 124 ) من الدستور التي نصت على أنه (لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ . ويجوز، في غير المواد الجزائية، النصّ في القانون على سريان أحكامه بأثر رجعي، وذلك بموافقة أغلبية أعضاء كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو المجلس الوطني بحسب الأحوال) .
وهذا يعني أن سريان أحكام القوانين (بما فيها المراسيم بقوانين التي تصبح لها بصدورها قوة القانون) بأثر رجعي يشترط فيه موافقة أغلبية أعضاء كل من مجلسي الشورى النواب، أو المجلس الوطني مجتمعاً بحسب الأحوال. وهو ما لم يتوافر في المرسوم بقانون التقاعد الذي اصبح له قوة القانون، إذ يتم تطبيقه بأثر رجعي دون موافقة من المجلسين على هذا الأثر .
ولا ينال من هذا الرأي القول بأن المذكرة التفسيرية للدستور أكدّت على أن المراسيم بقانون تعتبر نافذة ومرتبة آثارها من تاريخ صدورها إلى حين عرضها على المجلسين، ذلك ما تشير إليه المذكرة التفسيرية هنا تتعلق بالآثار التي تترتب عند تطبيق احكام المراسيم بقانون خلال الفترة من تاريخ صدورها أو نفاذها حتى تاريخ عرضها على المجلسين، خلال هذه الفترة قد تنشأ مراكز قانونية وحقوق مكتسبة للأفراد جراء تطبيق المرسوم بقانون، غير انه في حالة عدم موافقة المجلسين على المرسوم بقانون هل تزول تلك المراكز والحقوق؟
تقول المذكرة التفسيرية إنه (وحماية لهذه الحقوق والمراكز في حالة عدم موافقة المجلسين على هذه المراسيم، عدلت المادة (38) لتقرر زوال هذه الآثار من تاريخ صدور قرار برفضها من كل من المجلسين أو المجلس الوطني بحسب الأحوال، أو من التاريخ الذي كان يجب عرضها فيه على المجلسين في حالة عدم عرضها. والزوال هنا ليس له أثر رجعي، وهو ما يتفق مع كون هذه المراسيم تستمد قوتها من المادة (38) ذاتها، وبالتالي يكون زوالها من تاريخ رفضها، أو بعد مرور شهر من صدورها دون عرضها على مجلسي الشورى والنواب إذا كانا قائمين، أو بعد شهر من أول اجتماع للمجلسين في حالة حل مجلس النواب وتوقف جلسات مجلس الشورى أو في حالة انتهاء الفصل التشريعي دون العرض عليهما، حيث ينتهي الحق التشريعي الاستثنائي المقرر في هذه المادة، ويعود إلى المجلسين اختصاصهما الطبيعي.
3- نفترض، جدلاً، عدم صحة ما أسلف بيانه بأن الزيادة السنوية لا تعد حقاً مكتسباً ويجوز المساس بها لا بأثر رجعي ولا بأثر فوري، وعدم صحة ما كنت أراه بضرورة موافقة المجلسين على الأثر الرجعي للقوانين بما فيها المراسيم بقانون التي تصبح بصدورها له قوة القانون، فإنني أتساءل هنا هل الزيادة السنوية المقررة على كافة المعاشات المقررة هي سبب عجز الصناديق التقاعدية ؟
أشار الكثير من المختصين ومن عايش العمل داخل هيئة التأمين إلى الأسباب الجوهرية لهذا العجز منهم الدكتور حسن الماضي، الدكتور جعفر الصائغ، ونواب كتلة “تقدّم” النيابية: فلاح هاشم،عبدالنبي سلمان، يوسف زينل في ندوات سابقة في المنبر التقدمي وفي مكاتب نواب “تقدّم” وغيرهم كثر. لست معنياً هنا بتكرارها، ولكن يمكن الإشارة إلى ما صرحت به مؤخرا الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إيمان المرباطي (بأن أسباب تضاعف معدل العجوزات في الصناديق يعود إلى ارتفاع معدّل المتقاعدين مبكرًا من الجنسين، وهو الأمر الذي شكل استنزافًا للصناديق، مما استدعى إجراء هذه الإصلاحات).
لماذا يتم تجاهل الأسباب الحقيقية للعجز ؟، لماذا يتم تجاهل سوء وفساد الهيئة العامة للتأمين في استثمار أموال المتقاعدين مثلا كسبب رئيس من أسباب العجز؟
نعلم أن للهيئة ذراعين هما شركة “أملاك” التي تمثل الذراع العقاري، وشركة “أصول” التي تمثل الذراع الاستثماري، وانه تمّ تصفية أملاك وتحويل اختصاصاتها إلى أصول، ونسأل لماذا تمّ تصفية أصول؟ ما هي نتائج التصفية ؟ حتي يعرف المتقاعدون كيف استثمرت أموالهم العقارية.
ونحسب، بل نؤكد، على أن سبب تصفية “أملاك” لا يعود إلى سوء في الإدارة فحسب بل لفسادٍ مستشرٍ، إذ يكفي أن نشير إلى أن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية (2016-2017 ) أكد على وجود (تدنٍ في نسبة العوائد المالية للعقارات المملوكة للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وذلك بنسب تتراوح بين 1.1 % الى 2.7% خلال الفترة من 2012 وحتى 2016).
وأن تدني نسب العائد من عقارات الهيئة يعود إلى عدم قيام شركة “أملاك” – وهي الجهة المكلفة بإدارة عقارات هيئة التأمينات – باستغلال 19 أرضًا تبلغ قيمتها السوقية 289 مليون دينار على الرغم من مضي 3 سنوات على بدء نشاط الشركة مع الهيئة.
وذكر أن الشركة اكتفت بإجراء دراسة حول فرص استثمار تلك الأراضي تعود إحداها الى أكثر من سنتين ونصف، إلا أنها لم تقم حتى تاريخ انتهاء أعمال الرقابة في نوفمبر 2016 بتنفيذ توصيات تلك الدراسة أو البحث في أي فرص أو خيارات استثمارية أخرى لاستغلالها.
وأكدّ تقرير الرقابة المالية والإدارية أن بقاء ذلك العدد من الأراضي دون استغلال يضيع على الهيئة فرص الاستفادة من العوائد المتأتية من استثمارها أو بيعها واستثمار قيمتها في مشاريع عقارية ذات فرص استثمارية أفضل.
واشار التقرير إلى أن شركة “أملاك” لم تلتزم بالبند 5-1 من اتفاقية إدارة الأصول ولم تقم منذ بدء مزاولة عملها في العام 2014 بوضع وتنفيذ استراتيجيات الاستثمار العقاري بالتعاون مع شركة أصول كما لم توفر الشركة ما يثبت إشراك شركة أصول في وضع استراتيجة الاستثمار التي اعتمدها مجلس إدارة أملاك في أبريل 2016 للفترة 2016- 2020.
كما نسأل أيضاً: لماذا يتم تجاهل الخلل الأكبر الذي اصاب صندوق التأمين في القطاع الخاص عندما تمّ تخفيض رسوم اشتراكات التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة في العام 1986 بواقع الثلث من 11 % إلى 7 % يدفعها صاحب العمل و 5% يدفعها المؤمن لهم بموجب المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 1986 بتعديل قانون التأمين الاجتماعي .
لماذا اذن تكون الزيادة السنوية هي المستهدفة؟ لماذا تتم معالجة العجز بميزة وحق مكتسب ولا تتم معالجة الأسباب الحقيقية له.
4- كررت الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أكثر من مرة في الصحافة وفي التلفزيون أن الزيادة السنوية لم تلغ بل تمّ وقفها، وأن قانون الإصلاح نصّ على أنه إذا تبين من تقرير الخبير الاكتواري وجود فائض في صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية أو صندوق التقاعد لضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام البحرينيين وغير البحرينيين المنشأ بموجب المرسوم بقانون رقم (6) لسنة 1991، فيُرحل هذا الفائض إلى حساب مستقل في كل من الصندوقين، ولا يجوز التصرف فيه إلا بموافقة المجلس الأعلى للتقاعد العسكري أو مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي -بحسب الأحوال- ويكون ذلك لزيادة المعاشات بما لا يتجاوز نسبة الزيادة في المؤشر العام لأسعار المستهلك، مع مراعاة أصحاب المعاشات المحدودة.
هذا الفائض الذي نصّ عليه ما سمي بقانون الإصلاح يذكرني بالمثل الشعبي (صبري يا حريقة سار لين جاك ماي للحنينية)، فإذا كانت السيدة الفاضلة الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قد صرحت مؤخرا أنّ العجز الاكتواري بالصناديق التقاعدية وصل إلى 14.3 مليار دينار، فمتى وكيف سيكون هناك فائض في الصناديق التقاعدية ؟
كما يذكرنا وقف الزيادة السنوية، بوقف الزامية تأمين العمال الأجانب، التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة بموجب مرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1977 في شأن إيقاف العمل ببعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي بالنسبة لغير البحرينيين .
لاحظوا معي مسمى القانون إيقاف العمل منذ عام 1977 وحتى يومنا هذا لم تتم إعادته، ولم يتم التطرق إليه الان في حزمة الإصلاحات، وأخشى ما نخشاه أن يكون مصير وقف الزيادة السنوية هو ذات مصير وقف الزام العمال الأجانب بالتأمين .
فضلاً عما تقدّم بشأن الفائض إن وجد، فإن التصرف فيه يكون مشروطاً بموافقة المجلس الأعلى للتقاعد العسكري أو مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي – بحسب الأحوال. وليس بالزامهما بصرفها لزيادة المعاشات التقاعدية. كما أن الفائض حين تتم الموافقة على صرفه ويكون ذلك لزيادة المعاشات بما لا يتجاوز نسبة الزيادة في المؤشر العام لأسعار المستهلك، مع مراعاة أصحاب المعاشات المحدودة.
النص هنا يراعي في صرف الفائض أصحاب المعاشات المحدودة، والسؤال: ألم يكن الأجدر أن يراعي النص حين قرر وقف الزيادة السنوية أصحاب المعاشات المحدودة ؟؟؟
ثالثاً: مجلس النواب على المحك في دور الانعقاد القادم .
بعد صدور المرسوم بقانون محل الحديث في 13 من الشهر الماضي، تسابق أصحاب السعادة أعضاء مجلس النواب لتقديم مقترحات أغلبها اقتراحات برغبة تهدف جمعيها معالجة ما سيترتب على وقف الزيادة السنوية على المعاشات التقاعدية منها مثلاً:
• اقتراح بإعفاء المتقاعدين من دفع أقساط الإسكان للمنتفعين بالوحدات الإسكانية، سببه من اقترحه ب (التغييرات الأخيرة التي حصلت على أنظمة التأمينات والتقاعد، ومنها إيقاف علاوة الزيادة السنوية 3%. ) .
• تقدّم 5 نواب باقتراح برلماني يطالب الحكومة بزيادة علاوة تحسين المعيشة للمتقاعدين الذين يقل مجموع دخلهم عن 1500 دينار من خلال فائض بند الحماية الاجتماعية في الميزانية العامة للدولة 2019 /2020. يأتي في ضوء وقف الزيادة السنوية على كافة المعاشات التقاعدية مما سيؤثر بشكل او بآخر على المتقاعدين من ذوي الدخل المحدود والذين يقل مجموع دخلهم عن 1500 دينار وهم السواد الأعظم من فئة المتقاعدين .
• بمقترح بقانون لإضافة بند جديد على قانون التأمين ضد التعطل لإضافة المتقاعدين كفئة جديدة مستفيدة من وفورات صندوق التعطل بتخصيص مكافأة قدرها 200 دينار سنوياً لجميع المتقاعدين كونهم أساساً مساهمين في صندوق التعطل طوال فترة عملهم في القطاعين الحكومي والخاص ويستحقون الدعم نظراً لعدم وجود وفورات في صندوق التقاعد والتي تؤثر على صرف العلاوة السنوية التي توقفت بسبب أوضاع الصناديق والعمل على إصلاحها وديمومة الصناديق التقاعدية وسوف يعوض المقترح فترة التوقف لتعين المتقاعد على متطلبات الحياة وغلاء المعيشة.
كل هذه النوايا الهادفة لمعالجة الآثار التي ستترتب على أوضاع المتقاعدين أصحاب المعاشات المحدودة. جراء وقف الزيادة السنوية، هي نوايا محمودة، لكنه يتعين على السادة أعضاء المجلس أن لا يغيب عنهم أن هذه المقترحات لا تحلّ المشكلة، وان عليهم مواجهة الحقيقة حين يعرض على المجلس المرسوم بقانون لإقراره أو رفضه، ونقصد بالحقيقة هي أن أحكام هذا المرسوم، ومنها حكم وقف الزيادة السنوية بقدر ما فيها من انتقاص واهدار لحقوق مكتسبة، فإنها لن تعالج العجز الإكتواري، لأنها لا تعالج الأسباب الحقيقية للعجز، فضلاّ عن مخالفة هذا المرسوم بقانون للدستور لعدم توافر الضرورة المستعجلة التي لا تحتمل التأخير .
إذاً، سيكون أعضاء كل من المجلسين على المحك في دور الانعقاد القادم حين يعرض عليهم هذا المرسوم بقانون، ويحقّ لهم مساءلة الحكومة إذا كان الوضع الحرج الذي تمر فيه الصناديق التقاعدية يحتم حالة الاستعجال والضرورة، في إصدار مرسوم بقانون يحقق الاستقرار للصناديق التقاعدية، ويحفظ حقوق المواطنين فلماذا لم يتم عرضه في صيغة مشروع قانون في دوري الانعقاد الأول والثاني المنصرمين؟
.
ملفات كبرى في انتظارنا
مع اقتراب موعد افتتاح الدور التشريعي الثالث من الفصل التشريعي الخامس في منتصف شهر سبتمبر القادم، يبدو المشهد البحريني غائماً إلى حدٍ كبيرفي العديد من وجوهه، فمن ناحية لا زالت تداعيات أزمة جائحة كورونا تحظى بأولويات التعاطي معها لتهيئة وإعداد الظروف واللوجستيات والميزانيات المطلوبة لذلك، وفي قبالة ذلك أيضاً تبقى العديد من الملفات ذات الأهمية القصوى، إما في حالة انتظار لحلول لا يعرف الجميع تقريبا موعد البدء في التعاطي معها والبدء في حلحلتها، أو حتى أولوية تقديمها على سواها من الملفات، التي تحتاج هي الأخرى إلى تحضيرات واستعدادات وتهيئة، ولعل غالبية الجهات المعنية في السلطتين التنفيذية والتشريعية تحديداً، ليست في وارد الحديث عنها حالياً، ولذلك بالطبع أسباب وذرائع متعددة، بعضها يمكن التسليم به بكل تأكيد، إلا أن البعض الآخر لا يمكن القبول به، وبالتالي الاستمرار في تجاهل تلك الملفات من دون أسباب مقبولة.
الجميع تقريبا متحفز ومترقب لمآلات ملف أوضاع الصناديق التقاعدية وأوضاع الهية العامة للتأمينات الاجتماعية، خاصة بعد صدور المرسوم الملكي المتعلق ببعض التغييرات في هذا الملف والقانون المتعلق بها، وانتظار أكثر من ست تغييرات قادمة، يتوقع أن تكون محل نقاش مجتمعي ونيابي صاخب خلال الفترة القليلة القادمة.
ومن جهة اخرى هناك الملف المعيشي والملف الاقتصادي وتراجع اسعار النفط، وملف المديونية العامة للدولة، وملف الموازنة العامة للدولة وتراجع اسعار النفط، وملف البحرنة وتنظيم سوق العمل البحريني، وملفات التعليم والاسكان والصحة..وغيرها، هذا اذا استثنينا مؤقتا الملف السياسي، وهو ملف على درجة كبيرة من الأهمية بكل ما يحتويه من تعقيدات حقوقية وإنسانية ومطلبية ضاغطة على الدولة وعلى الناس أيضاً، وهي جميعها ملفات متشابكة ومتداخلة ومعقدة كما تلاحظون، وتحتاج بطبيعة الحال إلى أكثر من التطمينات أو السكوت حولها او حتى المعالجات العابرة كما يحدث في بعض الأحيان.
وامام هذا المشهد المحلي المتشابك والمتداخل إلى درجة كبيرة في الكثير من وجوهه مع بعض الملفات الاقليمية والدولية، لا يمكننا أن نقبل أبداً التعاطي معها، إما بالإهمال كما يحث احيانا، أو حتى بسياسة التسليم بالأمر الواقع، أو مسايرة الحلول والمعالجات القائمة بكل ما تحمله من أخطاء وتداخل لمصالح اطراف وتوجهات ليست بالضرورة متقاطعة على الدوام مع مصالحنا كوطن وشعب.
كما لا يمكننا أيضاً ترك تلك المهمات الجسام لظروف وتفاعلات المحيطين الإقليمي والدولي، خاصة وأن العالم من حولنا بات يتجه نحو مسارات تتسم بالمزيد من التصادم والمواجهات في أكثر من موقع ونقاط ساخنة حول العالم، لعل أكثرها احتمالاً مواقع وبؤر ساخنة قريبة منا. وجميع التقارير المعلنة حتى الآن تقول لنا بوضوح إن تلك المواجهات المرتقبة لن تتخذ هذه المرة بالضرورة صورا تقليدية لما حدث من مواجهات عالمية واقليمية سابقة، وعلينا أن نتذكر أن مرحلة تتسم بهذا الكمّ الهائل من التشابك والتعقيد والتحولات الضخمة القادمة، لا شك انها تحتاج إلى فكر مختلف وعقول مختلفة وطاقات لا تعرف اليأس من أجل اجتراح الحلول لما هو قادم من تحديات.
ووسط كل هذا الكم من القضايا المحلية والإقليمية المعقدة، أعتقد جازماً أن لا سبيل أمامنا جميعا، شئنا أم أبينا إلا مواجهة ما نستطيع مواجهته من مشاكل وقضايا والعمل على وضع الحلول الممكنة لها، قبل أن تستفحل ويصعب رتقها، خاصة ما يرتبط منها بالوضعين المحلي والاقتصادي والمعيشي، وأمامنا أمثلة عديدة قريبة وبعيدة عنا لما حدث من معالجات خاطئة لا تستطيع ان تخطؤها العين، وتحديدا في بلدين عربيين شقيقين هما العراق ولبنان، وكيف أدى السكوت على وجوه متعددة من الاهمال واستلاب القرار والإرتهان للأجندات الإقليمية والدولية، ومن مصادرة للحريات وتفشي الفساد ونهب منظم للثروات بصورة غير مسبوقة، وبالتالي اضاعة مستقبل وحلم شباب البلدين في بناء دولة كريمة ذات سيادة، ليتحول كل ذلك الكم من الإحباط والخراب إلى حالة منفلتة من عدم الاستقرار والاضطرابات والرفض والفوضى التي لا يتمناها أحد إلا الأعداء.
اقول ذلك وكلي أمل في أن تكون المرحلة القادمة من عملنا السياسي والبرلماني والمدني أيضاً، وعلى الرغم من كل ما يحيط بها من تحديات ومصاعب، موجهة بشكل جاد ومخلص وبأفق وطني نحو عمل بناء وحقيقي لا يقبل الانتظار والمراوحة لوضع المعالجات والحلول المطلوبة لكافة مشاكلنا على المستوى الوطني، ولنتذكر جيداً أن امامنا مسؤوليات جسام لم ولن يستطيع طرف لوحده انجازها بنجاح بعيداً عن تعاون واخلاص جميع الأطراف المعنية ببناء وطن يجب أن نقدمه مزدهراً نامياً موحداً ومتطوراً لأجيال القادمة.
الرفيقة إيمان الحايكي تغادرنا باكراً
جاء خبر وفاتها أثناء إدارتي ندوة كان يلقيها رفيقنا المحامي حسن اسماعيل، مساء يوم الأحد بتاريخ 16/08/2020، وتبث، افتراضياً، من مقر “التقدمي” بدون حضور، وأثناء تصفحي الواتساب لعلي أجد أسئلة مرسلة للمحاضر، فاجأني الخبر الصاعق والمفجع: (إيمان الحايكي زوجة خالد هجرس في ذمة الله).
كنت أعلم بأنها في رحلة علاجية بتركيا من مرض عضال، وانتهى العلاج بعد إجراء عملية لها، ولكنها كانت في معظم الوقت في غرفة العناية المركزة حسب قول زوجها رفيقنا خالد هّجرس، الذي كان يرافقها طوال التسعة الأشهر الماضية، وكانا يفترض أن يعودا للوطن، ولكن توقف الطيران من وإلى تركيا بسبب جائحة كورونا حال دون عودتهما، حيث رحلت الرفيقة أم راشد بعيداً عنه، وعن الأهل والأحبة.
يعود بي شريط الذكريات إلى عام 1984 عندما كانت طالبة جديدة قادمة من البحرين للدراسة الجامعية في بونا بالهند، كانت شابة صغيرة ذات ثمانية عشر ربيعاً، كلها نشاط وحيوية، وكانت قبل ذلك قد انخرطت في الأنشطة الطلابية والاجتماعية في داخل البحرين من خلال اللجان الطلابية الديمقراطية التابعة لأشدب، لهذا لم يكن الوضع الطلابي في بونا غريباً عليها بالرغم من الغربة والبعد عن الوطن، فانخرطت في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة البحرين – فرع بونا، وساهمت بنشاط ملحوظ في أنشطته وفعالياته ولاسيما احتفالاته بالمناسبات الوطنية والطلابية.
واشتهرت بغناءها أغنية الفنان العراقي جعفر حسن (من أين وكيف سيأتي عازف هذا الغتيار) المهداة إلى روح الفنان التشيلي التقدمي الشهيد فيكتور جارا الذي اغتالته الزمرة العسكرية الإنقلابية بقيادة الطاغية بيونشيت، كما التحقت في صفوف اتحاد الشباب الديمقراطي البحراني “أشدب”، الذي ينشط في صفوف المئات من الشباب والشابات في داخل وخارج البحرين، ومن أهدافه الدفاع عن حقوق ومطالب الشباب في التعليم والعمل والسكن، والاعتراف بشرعية العمل النقابي على الصعيدين العمالي والطلابي.
في صيف عام 1985 كانت الفقيدة إيمان على موعد مع وفد البحرين الشبابي باللقاء مع شباب العالم القادمين من القارات الخمس للمشاركة في المهرجان العالمي الثاني عشر للشباب والطلاب في موسكو، المقام تحت شعار من (أجل التضامن والسلام و الصداقة ومناهضة الإمبريالية)، بتنظيم من اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي “وفدي” واتحاد الطلاب العالمي، والكومسومول اللينيني – شبيبة الاتحاد السوفييتي.
ذهبتْ إلى هناك لتشارك رفيقاتها ورفاقها من أعضاء الوفد في إيصال صوت شبيبة البحرين إلى شباب العالم، والتزام هذه الشبيبة بالعمل سوية مع الشبيبة العالمية من أجل الصداقة والتضامن الأممي بين الشعوب والبلدان، وفي سبيل عالم خالٍ من الحروب والتسلح النووي، عالم تسود فيه قيم السلام والتعايش والتسامح .
في فترة الانفراج السياسي في البلاد فبراير 2001 ساهمت مع رفاقها ورفيقاتها في تأسيس المنبر التقدمي، وكذلك شاركت مع زميلاتها في تأسيس جمعية المرأة البحرينية عام 2002، وكانت رئيسة لجنة الشباب في الجمعية في أول مجلس إدارة للجمعية بعد التأسيس .
عزاؤنا إلى رفيقنا العزيز خالد هجرس وأبنائهما أمينة وراشد وناصر والأهل والرفاق والأصدقاء ، وللفقيدة الغالية إيمان الذكرى العطرة.
فرصة سانحة
الآلية الجديدة لاستقدام العمالة الأجنبية التي شرعت في تطبيقها مؤخراً هيئة تنظيم سوق العمل، خطوة في الاتجاه الصحيح. تشترط هذه الآلية على المؤسسات الخاصة التي تتقدم بطلب استقدام عمالة من الخارج، نشر إعلان توظيف في الصحف المحلية، وفي حال عدم التقدّم للوظيفة خلال فترة أسبوعين من نشر الإعلان يتم مباشرة طلب الاستقدام للوظيف المراد شغلها. وتأتي هذه الآلية ضمن توجه الحدّ من استقدام العمالة الأجنبية بعد توقف إصدار تصاريح استقدام العمالة من الخارج منذ مارس الماضي بسبب جائحة كورونا كوفيد-19.
قد تكون محنة جائحة كورونا فرصة سانحة لكثير من العاطلين عن العمل من الشباب الذين زادتهم ارتدادات جائحة كورونا كمداً على كمد، فمع تطبيق هذه الآلية ستتاح للباحثين عن العمل قنوات جديدة لم تكن متوافرة من قبل لمعرفة المتاح من شواغر في سوق العمل، وفي المقابل سيتعرف أصحاب العمل على الكم الهائل من القدرات المعطلة من الشباب البحريني الذي لن يتهاون في بذل أقصى طاقته لإثبات جدارته وملائمته لشغل الوظيفة.
الميزان المختل في سوق العمل سببه سهولة لجوء صاحب العمل لاستقدام عمالة من الخارج لشغل أي وظيفة كانت دون الالتفات لطلبات التوظيف المتراكمة من قوة العمل الوطنية، وإحدى انعكاسات تلك السياسة المعوجة تكديس العمالة الوافدة غير الماهرة في مناطق وأماكن سكن غير ملائمة وغير إنسانية وبرواتب لا تراعي توفير الحياة الملائمة، وهو ما عرّته جائحة كورونا وأظهرته على السطح بكافة تفاصيله، والحل لم يعد في تجاهلها بعد الآن، وإنما في ضرورة وضع الحلول الجذرية والموضوعية لعلاجها.
في 12 أغسطس، احتفلت الأمم المتحدة باليوم العالمي للشباب، وحددت شعار “إشراك الشباب من اجل تحفيز العمل العالمي” عنواناً لرئيساً لمناسبة هذا العام. أرادت الأمم المتحدة من هذا الشعار إبراز السبل التي تثري بها مشاركة الشباب على مختلف الصعد، وتعزيز حضورهم وتمثيلهم ومشاركتهم في صنع القرار الوطني.
طموحات الأمم المتحدة تلك لن تتحقق على أرض الواقع إلا بجهود رسمية واضحة ومستمرة في تعزيز تواجد الشباب البحريني واعطاءه الفرصة ومنحه الثقة اللازمة ليأخذ مكانه الطبيعي في مسيرة البناء الوطني.
شعب البحرين ضد التطبيع
أعلنت مجموعة من الجمعيات السياسية، بينها المنبر التقدمي، ترحيبها بالموقف الذي عبّر عنه جلالة عاهل البلاد، خلال استقباله مؤخراً وزير الخارجية الأمريكي، والذي شدد فيه جلالته على أهمية قيام الدولة الفلسطينية، وأن السلام العادل والشامل هو المؤدي إلى قيام هذه الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس وفق القرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية عام 2002.
وسبق لوفدٍ من هذه الجمعيات أن التقى سفير دولة فلسطين في مملكة البحرين وسلمّه نص البيان الذي أصدرته، وأكدّت فيه على موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، والرافض لأي تطبيع مع الكيان الاسرائيلي الغاصب للأرض الفلسطينية، والداعم للشعب العربي الفلسطيني.
واعتبرت الجمعيات السياسية أن أي خطوة باتجاه التطبيع، ستشكل دافعا لزيادة العداء والبطش الإسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني ولن تخدم القضية الفلسطينية بالمطلق، معبرة عن مطالبتها حكومة مملكة البحرين برفض أي محاولة ضغط تهدف الى التطبيع مع الكيان الصهيوني، وعدم الإنصياع للموقف الأمريكي غير المنصف وغير العادل، والمنحاز تماما للمصالح الإسرائيلية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، من خلال ما عرف ب”صفقة القرن” المشبوهة.
وعبرت هذه الجمعيات في بيانها عن الإعتزاز بموقف شعب البحرين في رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وعن دعمه ومناصرته قضية الفلسطينية والتزامه بعدم التفريط بالحقوق الفلسطينية، وخاصة حقه في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
السفير الفلسطيني رحبّ بدوره بالبيان التضامني للجمعيات السياسية، وثمّن مواقف شعب البحرين التاريخية في دعم ومناصرة القضية الفلسطينية، مؤكداً أن أن هذا الموقف ليس بغريب على شعب البحرين، بكافة أطيافه، المشهود له بمناصرة ودعم حقوق الشعب الفلسطيني.
مختلف القوى والتيارات الوطنية في البحرين، إن على شكل جمعيات سياسية أو مؤسسات للمجتمع المدني، أو شخصيات وطنية وبرلمانية، حذّرت، مراراً، من مغبة الانزلاق نحو قبول صفقة القرن، أو التواطؤ معها، لما تشكله من مؤامرة كبرى هدفها إلغاء مبدأ حل الدولتين، في تجاهل لكل ما أقرّته الامم المتحدة ومجلس الأمن في هذه الصدد، وإلغاء حق العودة للفلسطينيين وتوطينهم في أماكن لجوئهم، والانحياز الكامل الى ما يسمى ب”أمن” اسرائيل على حساب أمن بقية الدول العربية والعمل على طمس هوية القدس العربية وتهجير الفلسطينيين منها ووضعها بالكامل تحت السيادة الإسرائيلية.
إن ما عبّر عنه عاهل البلاد مؤخراً يعكس موقف شعبها الرافض لكافة أشكال التطبيع أو التعاون مع دولة الاحتلال الصهيوني، والملتزم بنصرة ودعم الأشقاء الفلسطينيين في قضيتهم العادلة.
بيروت تحترق بنار الاستبداد المؤسسي
يقول احد المفكرين اذا فشلت الدولة في تحديد من هم المتسببين في امر ما، فاعلم انك تعيش في دولة مستبدة، ليس بالضرورة استبداد فردي او حزبي وانما هو استبداد من نوع اخر، هو استبداد مؤسسي. وهذا ما يسود في لبنان وفي عدد من الدول العربية.
قدم رئيس الحكومة “دياب” استقالته ويترشح الان نواف سلام، ماذا سيتغير؟ اسماء وليس المنظومة. تشكيل حكومة طوارئ كما اقترح جنبلاط ليست المرة الاولى. استقالة الحكومة لا تكفي لمعالجة الحالة اللبنانية. ماحدث في بيروت هو فاجعة انسانية ضحيتها مجتمع باسره يعاني من تكرار الانفجارات بانواعها. ماحدث في بيروت هو احد اشكال التعبير عن حالة عربية لا تنفصل عن ما يحدث في لبنان. ما حدث هو فشل عربي عميق ينم عن تجاهل لمتغيرات الحياة ومتطلبات العصر.
تم توقيف رئيس جهاز امن الدولة، لكن الدولة باكملها مختطفة، فما ذا يستطيع ان يعمل رئيس جهاز الامن فيها؟ يقول اللبنانيون المتجمعون في ساحة الشهداء “لن نبرح حتى ندفن السلطة كلها”. لكن هل السلطة التي ستاتي ستكون مختلفة عن سابقاتها؟ ما يحدث في لبنان هو نتائج الحالة اللبنانية المتازمة والتي لا تختلف كثيرا عن حالة عربية الا في تفاصيلها. لا تختلف من حيث تعامل قيادات مع مجتمعاتها، فهي تتعامل بنفس المنطق والعقل الاستبدادي الانفرادي الاقصائي، التغيير يجب ان يكون تغييرا في المنظومة وفي الفكر الذي يتحكم في العقلية العربية وفي المصير العربي وفي مستقبل الامة. هذا ليس ايغالا في التشاؤم ولكن توصيفا لواقع عربي يثبت لنا يوما بعد اخر ان الازمة عميقة وكبيرة ومتجذرة في الفكر السياسي والثقافي العربي,
هذا الواقع هو منظومة من المصالح بين رؤساء مختلف الجماعات والطوائف والاحزاب. مفهوم المنظومة هذا لا تنفرد به لبنان، بل هي احدى تعبيراته. المنظومات التي تدير دول كثيرة في المنطقة هي كذلك تساهم وتشترك في ما يعاني منه الوطن العربي. وهي شبكة من التحالف بين قوى اجتماعية وقوى دينية وقوى سياسية تصنع منظومة قاهرة ومهيمنة ومسيطرة على مقدرات الامة وعلى خيارات الشعوب.
امام هذا التوصيف تصبح التفاصيل الفنية والاهمال في نقل المتفجرات ولمصلحة من كلها تفاصيل وليست القضية الاساسية. القضية الاساسية هي ان لبنان، كما هو حال كثير من الدول العربية، انتفت فيه حيادية الدولة، وتم اختطافها من قبل فئات الفساد ودعات الطائفية والفرق المؤدلجة الرافضة للاخر. وصل الحال من الياس لدى بعض اللبنانيون الى المطالبة باعادة الانتداب او الاحتلال ان شئت نتيجة فشل قادتهم السياسيون الذين عرضوهم لاخطار وفساد وظلم.
وصل الامر الى ان يطلب احد رؤساء لبنان (نبيه بري) من فرنسا بان تقوم ببناء دولة مدنية في لبنان؟ الا تدعي معظم الدول العربية بانها دول مدنية ديمقراطية حديثة بما في ذلك لبنان؟ الا تفاخر قيادات عربية بالتقدم والازدهار في ظل دولة ديمرقراطية. الوضع في لبننان يجسد الوضع العربي بعد ان تنزع عنها الاغطية الرقيقة. اغطية تخير المجتمعات بين الاستبداد او الفتنة، هذا هو المنطق الذي تقوم عليه كثير من الدول العربية. منطق المقايضة، اما الامن والاستقرار، واما الحرية والكرامة. وبطبيعة الحال فان الشعوب العربية المغلوبة تختار الامن والاستقرار، اما شباب لبنان وقبلهم العراق والسودان والجزائر فقد اختاروا الحرية والكرامة التي ينتج عنها العدل والحكم الرشيد والتنمية للجميع في صيغتها المستدامة. لكن اختيارهم لن يتحقق لان قوى “الامن والاستقرار” مازالت هي المهيمنة والمسيطرة ومازالت قادرة على ادخال الرعب في المجتمعات من البديل المزيف. لابد ان تدرك القيادات هذه ان الحرية والكرامة هي طريق الامن والاستقرار، وطريق التنمية والازدهار والامثلة كثيرة في العالم.
ان تَسيُّد اي جهة في المجتمع على الدولة كما هو تسيد الطبقة الحاكمة في لبنان وتسيد جهات كثيرة اخرى في دول عربية هو الغاء للدولة والغاء لسيادتها والغاء حياديتها. وبدون حيادية الدولة لا تصبح هناك دولة بالمعنى الذي يتحدث عنه الجميع، (دولة قادرة على فرض الامن وحماية الحقوق والحريات ومحاربة الفساد) وانما تصبح اداة في يد من يتحكم فيها ليقمع بها الاخرون، وهذا ما يحدث في لبنان وفي دول اخرى بدرجات متفاوته.
ماهو الحل؟ الوضع اللبناني لن يستطيع ان يتتج حلا في ظل الصراعات القائمة في لبنان وفي المنطقة، وفي ظل التراجع العربي الذي اتاح فرصا لتدخلات وتصفية حسابات على ارضه. في مثل هذه الظروف ما سيحدث هو تفاهمات وحلول وسط، وتلفيق وتوفيق بين متناقضات تنتظر ازمة جديدة وانفجار اخر يودي بحياة ابرياء. اما الفاعلون الحقيقيون فهم في مأمن من هذه الانفجارات، في تمترس ايديولوجي ترفض النقاش وترفض التفكير خارج اطار مصالحها.
الحل العربي يحتاج الى ادراك من القيادات السياسية قبل غيرها بان تتجه نحو نظام ديمقراطي يحميه الدولة المحايدة، يكون الانسان فيها عضوا فاعلا ومشاركا وقادرا على التاثير وفق اجتهاده وقدراته. التغيير يتحقق متى ما ادرك الساسة والقيادات ان المجتمع تغير وان منطق السلطة ومفهومها تغير والعالم يسير نحو التنافس المشروع والسلمي بين الناس. هذا الادراك يحرر الانسان والمجتمع والدولة من الحاجة لوضع المتاريس الايديولوجية والحراس على الابواب خشية الانقلابات والاغتيالات والثورات التي تجاوزها العالم وبقيت مستوطنة الوطن العربي. هذا الادراك يحرر الطاقة العربية، والمال العربي، والابتكار، للبناء والانتاج ومواكبة العالم بدلا من الاحتراب على امور اصبحت من المسلمات في العالم.