بكل ما يبذلون من جهود عظيمة وما يقدمون من تضحيات جسام على مر التاريخ في كل بقاع الأرض، يواصل عمال العالم احتفالهم بيومهم العالمي: الأول من مايو/ آيار، عيد الشغيلة والمنتجين لثروات هذا العالم والمتحصلين على العائد الأقل من هذه الثروات. ويُخلد الأول من مايو /آيار تضحيات الطبقة العاملة حول العالم بدءأً بتضحيات العمال في مواجهتهم سلطة رأس المال في شيكاغو عام 1886 والذي وثّقه قرار إجتماع أحزاب الأممية الاشتراكية في باريس عام 1889 الذي قرّر فيه الأول من مايو 1890يوماً لتنظيم مظاهرات تأييداً لهذا القرار ومروراً بالعديد من المحطات النضالية إلى يومنا هذا.
يحتفل عمال العالم بعيدهم ليؤكدوا مواصلة نضالهم من أجل حقوقهم كافة، بما فيها الحق في تأسيس وبناء نقابات فاعلة تتحمل مسؤولية الدفاع عن مصالحهم في وجه الهجمة الشرسة لرأس المال، من أجل ضمان الحق في العمل وتحسين ظروفه، ومن أجل تأمين طبابة وتعليم مناسبين لأطفالهم، وتحقيق المساواة بين جميع العاملين، ومن اجل حماية اجتماعية وتأمين حياة كريمة للمتقاعدين والمسنين والنساء والأحداث.
في كل العالم، وفي هذا اليوم، يتظاهر العمال من أجل توزيع عادل للثروة التي انتجت من عرقهم وكدهم وجهودهم، ومن اجل التحرر والانعتاق من استغلال رأس المال ومن اجل إقامة مجتمع تسود فيه قيم العدالة الاجتماعية، ومواجهة خطط تحميل الشغيلة نتائج ازدياد وتعمق أزمة النظام الرأسمالي على المستوى العالمي حيث يزداد وحشية وتغول في مصادرة حقوق الشغيلة والكادحين وجر العالم لحروب طاحنة يجني منها الارباح الطائلة على حساب معيشة الكادحين وأمن وصحة الغالبية الساحقة من بني البشر، وما نتج عن هذه السياسات من تدمير للبيئة بحيث اصبحت الحياة على الكوكب تواجه أخطاراً جدية، فيما الرأسمالية المتوحشة توغل في سياساتها الأنانية لاستنزاف الثروات وتدمير الحياة.
نحتفل هذا العام على المستوى الوطنى وعمالنا وحركتنا العمالية تواجه العديد من المصاعب والتحديات أهمها:
- استمرار تفتت الحركة النقابية وانشقاقاتها على اكثر من صعيد والصراعات الداخلية في صفوفها، والذي نتج عنه ازدياد ضعفها وعدم قدرتها في الدفاع عن عمالها وتهميش دورها سواء على المستوى الوطني ام مستوى الشركات والمؤسسات ومواقع العمل وتوقف جميع أنواع الحوار حول الحقوق والمطالب العمالية.
- تفرد الحكومة في جميع القرارات والاجراءات المتعلقة بالشأن العمالي مع انحياز تام مضاد لمصالح الشغيلة والكادحين وكذلك تغييب التمثيل العمالي في مجلس إدارة الهيئة العامة لتأمين الاجتماعي في مخالفة صريحة لقانون هيئة التأمين الاجتماعي وتجاهل تام لما تنص عليه معايير العمل الدولية.
- وللعام الرابع على التوالي، فإن عيد العمال العالمي يمرّ، دون أن يستطيع العمال والنقابيون تنظيم مسيراتهم السلمية المعبرة عن مطالبهم المشروعة
- يتواصل عجز الجهاز التنفيذي والمعنين بالعمل من تأمين فرص عمل للشباب، والتمويه على ذلك بتكرار الإعلان عن إحصائيات بعيدة عن الواقع، وبرامج تدريب تصرف عليها الأموال الطائلة بدون ناتج، وخير مثال ما يعرف بقائمة متدربي تمكين منذ ما يربو على 11 عام والتي آل مصير معظم متدربيها إما ألى الجلوس في البيت أو الى عقود عمل مؤقتة ظالمة وبمرتبات هزيلة وبدون تأمين اجتماعي، هذا عدا عن القائمة الطويلة من خريجي الجامعات من كفاءات علمية ومهنية كالاطباء والمهندسين والممرضين والمعلمين وغيرهم من المؤهلين في جميع حقول العلم والمعرفة والتي تتضخم وتنمو بشكل مضطرد الذين ما زالوا يعانون من البطالة، دون وجود أفق قريب لتوظيفهم.
- تستمر وتتعاظم معاناة العمال في عدم تحصلهم على رواتبهم في العديد من الشركات والمؤسسات أمام عجز الجهات المعنية عن معالجة هذه الظاهرة المتزايدة
- ونتيجة لسياسات الحكومية بالتوافق مع المؤسسة التشريعية في فرض ضرائب تترتب عليها نتائج كارثية على معيشة ذوي الدخل المحدود مع ما صاحبه من رفع الدعم عن العديد من المواد الغذائية الضرورية، نتج عنها تآكل وتبخر مداخيل الكادحين مع كل بداية الشهر في ظل غلاء المعيشة الفاحش
لهذا كله ولغيره من تحديات نؤكد على:
- دعوة كل العمال وفي مقدمتهم القيادات العمالية في النقابات والاتحادات وجميع الهياكل العمالية الى تجاوز خلافاتهم وتغليب المصلحة العامة للعمال والكادحين والعمل على إستعادة وحدة الحركة العمالية من اجل انتشالها من حالة الضعف والتهميش التي تمر بها، وتساهم في استعادة دورها ومكانتها مما يؤمن لها المشاركة في إدارة كل ما يعنى بالعمال وحقوقهم.
- التحذير من الاستمرار في السياسات الاجتماعية الاقتصادية المتبعة الخاضعة لسياسات وتوصيات البنك الدولي وغيره من المؤسسات وبيوت الخبرة الأجنبية المتمثلة في الخصخصة وزيادة الضرائب ورفع الدعم والتي تتجلى نتائجها في العديد من الدول وتمثلت في مزيد من المصاعب للكادحين وأصحاب الدخل المحدود ومزيد من عدم الاستقرار والأزمات الاجتماعية.
- أهمية أن تكون هناك سياسات تشغيل يكون محورها الأول هو العامل البحريني، بحيث تؤمن له فرص وظروف عمل لائقة تساهم في استقراره وتطوره الوظيفي، وتمكنه من المساهمة في العملية الانتاجية اطول فترة ممكنة مع قدرته على العطاء
- اتباع سياسة شفافة وحازمة في مواجهة الفساد وهدر الأموال العامة، والعمل على صيانة هذه الأموال وتوجيهها في استثمارات اجتماعية تعود بنفعها على العامة من المواطنين وتوفير فرص عمل لائقة لهم.
- العمل على تفعيل دور المنظمات العمالية وصيانة استقلاليتها وبناء قدرات كوادرها بما يمكنها من أداء دورها في تمثيل العمال والدفاع عن مصالحهم ومكاسبهم.
المجد للطبقة العاملة في البحرين والعالم في عيدها المجيد …
قطاع النقابات العمالية والمهنية في المنبر التقدمي
الأول من مايو 2018