يتقدم المنبر التقدمى فى مملكة البحرين الى الرفاق فى الحزب الشيوعي اللبناني بالتهنئة الصادقة بمناسبة الذكرى 92 لتأسيسه، وهى مناسبة نستذكر فيها بكامل الاعتزاز والفخر والتقدير نضالات ودور حزبكم العريق واسهاماته المتميزة في مسيرة النضال الوطني والتقدمي على الساحة اللبنانية والعربية والأممية، كما نستذكرعلاقاتنا النضالية والكفاحية المشتركة مع حزبكم المقاوم ومع مختلف القوى الوطنية والتقدمية اليسارية حول العالم في نضالنا المشترك من اجل التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وهو نضال يتعاظم اليوم فى ضوء ما تشهده منطقتنا العربية تحديدا والعالم من تحولات ومخاطر محدقة بأوطاننا وشعوبنا، نتيجة ما يعصف بنا من اوضاع اقتصادية واجتماعية وتداعيات وحروب وارهاب وفتن وانقسامات طائفية ومذهبية وعرقية وقبلية بغيضة، تستجلب معها تدخلات خارجية، واستقطابات اقليمية أضحت تتهدد هويتنا وكياناتنا الوطنية ومقومات ومستقبل شعوبنا العربية .
اننا في المنبر التقدمى اذ نستذكر فى هذه المناسبة و بكل الفخر والاعتزاز التاريخ النضالي الناصع للحزب الشيوعي اللبناني ومواقفه المشرفة على كل الصعد لبنانياً وعربياً ودولياً، ونؤكد مجددا على أهمية الأدوار والمهمات والمبادرات النضالية والتضحيات الوطنية الجليلة التي سطرها حزبكم وشهداءه الأبرار، الذين سقوا بدماءهم الزكية شجرة النضال والمقاومة اللبنانية وحملوا باكرا راية الحرية والكرامة والتنوير، واسهموا باخلاص وتضحيات جسام في رفع راية التقدم والدفاع عن الطبقة العاملة والشغيلة، وسطروا اسم حزبكم الشقيق في ملاحم وساحات النضال دفاعا عن كادحيه وشغيلته وكل ابناءه، على الرغم من كافة التحديات لمواجهة مظاهر التخلف والتبعية والاستبداد والصراعات والمشاريع الطائفة، والتي أكدت بوضوح أهمية دور ورسالة الحزب الشيوعي اللبناني بمعية مختلف قوى اليسار والتقدم لبنانيا وعربيا في مواجهة المشاريع الاستعمارية والأمبيريالية والصهيونية والقوى الرجعية في المنطقة بأسرها .
واذ نرفع لكم ولكافة مناضلي ومناضلات وأصدقاء حزبكم المناضل خالص التهاني بهذه المناسبة الغالية، فاننا نؤكد على ضرورة استمرار التواصل والتعاون المشترك فيما بين حزبينا الشقيقين، على طريق استنهاض كافة القوى والأحزاب التقدمية واليسارية في منطقتنا والعالم، من اجل الدفاع عن مكتسبات ومقومات شعوبنا الطامحة نحو الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي والسياسي وارساء السلام العالمي على أسس ثابتة، وتحقيق الديمقراطية وهزيمة الاستبداد والتخلف والدكتاتورية والمشاريع الرجعية في منطقتنا.
مع اصدق الأمنيات بالمزيد من التقدم والنجاحات والتلاحم.
بإسمي ونيابة عن جميع اعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي وجميع أعضاء ومنتسبي المنبر التقدمي نتقدم منكم بخالص التهنئة على استكمال مناقشات المؤتمر العام الثاني للتيار التقدمي الكويتي المنعقد بتاريخ 21 أكتوبر الجاري، وما ترتب على ذلك من نتائج وقرارات وتوصيات نثق تماما أنها ستكون داعمة لمسيرة حزبكم المناضل على طريق المزيد من الإسهام في رفد الحركة السياسية الكويتية بمزيد من الرؤى والاسهامات النوعية التي ميزت مسيرتكم النضالية على الدوام، كما نهنئ جميع الرفاق الذين حازوا ثقة جمعيتكم العمومية وفي مقدمتهم الرفيق أنور الفكر المنسق العام الجديد للتيار التقدمي الكويتي، ولا يفوتنا أن نشكر جهود رفاقكم أعضاء المجلس العام السابق بقيادة الرفيق محمد نهار على ما بذلوه من جهود وتواصل وتعاون مشترك فيما بيننا.
آملين أن تستمر أواصر التعاون والتنسيق المشترك التي ميزت عملنا ونضالنا المشترك لعقود خدمة لمصالح شعبينا الشقيقين في الكويت والبحرين على طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي والسياسي وعلى مختلف الصعد.
نتضامن مع عمال “جارمكو” ونرفض المساس بحقوق العمال في أي موقع كان
تابعنا في قطاع النقابات العمالية والمهنية بالمنبر التقدمي الأنباء الواردة عما اقدمت عليه الإدارة التنفيذية بشركة البحرين لدرفة الألمنيوم (جارمكو) من تراجعات عن الاتفاقيات مع الجانب النقابي والانتقاص من الحقوق العمالية لعمال وموظفي الشركة وكذلك محاولات تهميش دور النقابة التي تمثل العمال.
ان ما اقدمت عليه الشركة من انتقاص للحقوق والمكتسبات العمالية بتنصلها وإيقاف مساهمتها في نظام الادخار وما سبقه من اجراءات في وقف العمل بالزيادة والمكافأة السنوية وغيرها دون الاتفاق مع ممثلي العمال وتهميش دور النقابة هو تجاهل صريح لما نص عليه قانون العمل البحريني في الباب الرابع عشر علاوة على ما تنص عليه المعايير الدولية والأعراف الادارية والنقابية في اهمية الالتزام بما سبق وتم التوصل اليه عبر اتفاقيات بين أي نقابة وإدارة.
ان هذه الاجراءات وغيرها تستدعي وقفة جادة من كل المعنيين بالشأن العمالي، عمال ونقابات واتحادات عمالية فليس من المقبول ان تصل هذه الأمور إلى استسهال العمال وممثليهم وتجاهلهم وتحميل العمال وحدهم نتائج قرارات وسياسات إدارية هم غير مسؤولين عنها.
اننا في التقدمي ندعو الجميع وبالذات وزارة العمل بكونها الجهة التنفيذية المسؤولة عن تنفيذ ما جاء في قانون العمل بتحمل مسؤولياتها في تطبيق القانون وصيانة الحقوق والمكتسبات العمالية كما ندعو الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ونقاباته بأن يكون لهم موقف واضح من هذا الاعتداء على الحق النقابي في الشركة المذكورة وفي أي شركة أخرى تحاول المساس بحقوق ومكتسبات العمال.
نجدد تضامننا مع عمال ونقابة شركة البحرين لدرفلة الألمنيوم (جرامكو) ونشد على اياديهم في دفاعهم عن حقوقهم ومكتسباتهم المشروعة، وهو موقفنا الثابت بالنسبة لأي نقابة وفي أي موقع كان.
المنبر التقدمي يرفض أي محاولات للتطبيع مع الكيان الصهيوني
تابع المنبر التقدمي ما نشر بشأن دعوة وفد من الكيان الإسرائيلي إلى البحرين لحضور اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم المزمع عقده بالمملكة في شهر مايو من العام 2017، والتقدمي إذ يستنكر استضافة البحرين المشهود لشعبها مواقفه من الكيان الصهيوني ومن القضية الفلسطينية لهذا الوفد، فإنه يؤكد رفضه لأي شكل من أشكال التواصل والتطبيع مع هذا الكيان على كل المستويات وبشتى الطرق بما فيها المجال الرياضي.
ويؤكد المنبر التقدمي بأن مجابهة التطبيع الذي يعنى الجمع بين عرب وإسرائيليين بشكل مباشر أو غير مباشر هو جزء أصيل من مقاومة البحرين وكل الشعوب العربية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والممارسات الوحشية ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة التي يراد طمسها وتهميشها، وهي التي كانت وستظل رغم كل ما تشهده المنطقة العربية من ظروف وأوضاع وصراعات وحروب، ستضل القضية الأولى للشعوب العربية التي رفضت وستظل ترفض وتواجه كل محاولات الاختراقات والتطبيع حتى وإن جاءت من البوابة الرياضية.
ودعا التقدمي كل القوى في المنطقة العربية إلى أخذ الحيطة والحذر لكل مخططات التطبيع الواضحة منها والمستترة وامتلاك روح قوية وفاعلة ومتواصلة ومنظمة لمناهضتها.
خليفة: على البحرين منع ومعاقبة «جميع» من يبثُّ خطابات الكراهية
العريبي دعا إلى إنشاء مرصد صحافي مستقل لمتابعة ما ينشر محليّاً
مدينة عيسى – حسن المدحوب
18 أكتوبر 2016
طالبت الكاتبة الصحافية ريم خليفة «الجهات الرسمية بمنع جميع من يبث خطابات الكراهيَّة القوميَّة أو العنصريَّة أو الدينيَّة التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف، مشددة على أهمية «التفريق بين حريَّة الرأي، والوحدة الوطنية، وخطاب الكراهيَّة في لغة الإعلام المحلي».
وأوضحت خليفة، في ندوة أقيمت في جمعية «المنبر التقدمي» في مقرها بمدينة عيسى مساء الأحد (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، تحت عنوان: «الإعلام وتأثيره على الوحدة الوطنية»، أن «خطابات الكراهية محرَّمة في العهد الدولي، ويجب على الدول التي صادقت على العهد (والبحرين إحدى تلك الدول) أنْ تمنع مثل هذا الخطاب وتعاقب عليه، والمنع هنا يجب أن يشمل الجميع، بمعنى ألا تتمّ معاقبة جهة دون أخرى، ولا يفسح المجال لنوع معيَّن من الأشخاص والجماعات فيما يعاقب آخرون إذا ارتكبوا الخطأ ذاته، فالممنوع دوليّاً وإنسانيّاً هو ما يجب أن يكون ممنوعاً على الجميع من دون استثناء».
من جهته، دعا عضو جمعية «المنبر التقدمي» حسين العريبي إلى «إنشاء مرصد صحافي مستقل، يتولى إصدار دليل مهني، يضع فاصلاً بين حرية التعبير التي تكفلها الحرية الصحافية، والمضامين الصحافية التي تتجاوز حرية التعبير لتصل إلى خطاب الكراهية».
وفي ورقتها، قالت الكاتبة الصحافية ريم خليفة: إن «وسائل الإعلام تطورت بشكل عام في السنوات الأخيرة، ليصبح لها منافس حالي يتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقود منافسة مع جميع وسائل الإعلام التقليدية، كالفضائيات والصحف، وذلك بسبب قدرتها السريعة على نقل ونشر المعلومة، لكن المعلومة التي تنتشر، الكثير منها لا يتعدى سوى التحشيد عبر استخدام خطابات الكراهية المناهضة للوحدة الوطنية، وهذا الخطاب تسمعه أيضاً على منابر خطب صلاة الجمعة، وتقرأه فيما يكتبه دعاة الكراهيَّة، وتشاهده على شبكات التواصل الاجتماعي وصولاً إلى ما تبثُّه المنظَّمات الإرهابيَّة من التلذُّذ بتعذيب وقتل البشر الذين يختلفون معهم».
وأضافت «وعليه، فإنَّ الإشكاليَّة التي تواجهها المجتمعات العربية، ومنها المجتمع البحريني، وخاصة بعد أحداث العام 2011 وحتى اليوم، تتمثَّل في كيفيَّة التفريق بين حريَّة الرأَي، الوحدة الوطنية، وخطاب الكراهيَّة في لغة الإعلام المحلي، فحريَّة الرأي، المنصوص عليها في المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة، لها حدود وضعتها المادة (20) من العهد الدولي، والتي تنصُّ على «الحظر بالقانون أيَّة دعوة إلى الكراهيَّة القوميَّة أو العنصريَّة أو الدينيَّة التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف».
وأردفت «يعتبر ذلك محرَّماً في العهد الدولي، ويجب على الدول التي صادقت على العهد (والبحرين إحدى تلك الدول) أنْ تمنع مثل هذا الخطاب وتعاقب عليه، والمنع هنا يجب أن يشمل الجميع، بمعنى ألا تتمّ معاقبة جهة دون أخرى، ولا يفسح المجال لنوع معيَّن من الأشخاص والجماعات فيما يعاقب آخرون إذا ارتكبوا الخطأ ذاته، فالممنوع دوليّاً وإنسانيّاً هو ما يجب أن يكون ممنوعاً على الجميع من دون استثناء».
وبينت أن ذلك «هو ما يؤثر على خطاب الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي؛ لأنه يكون ليس دقيقاً في نقل ما يجري في العالم، فهو يأخذ بأيّ خبر، ويقلبه رأساً على عقب، ليقول إنَّ في بلدان أخرى تتمُّ تصفية المعارضين، مثلاً، وبالتالي يكرّر كلاماً غير علميّ وغير صحيح، يتم تسويقه بصورة لا تخلو من البطش من أجل تقسيم المجتمع وتجيّره لخدمة أجندات خاصَّة».
وأشارت إلى أن الإعلام الحر والمحترف يحتاج إلى بيئة مساندة، وثقافة داعمة، لكي يمكن اعتماد مواثيق شرف لضبط المهنة ذاتيّاً مهما يكن ذلك ممكناً، ولنأخذ مثلاً مدونة قواعد السلوك للصحافيين المحترفين التي تعتمدها جمعية الصحافيين المحترفين الأميركية، فهذه المدونة تطرح دليلاً إرشاديّاً لمن يعملون بالصحافة ويتحملون المسئولية عن المعلومات التي يقدمونها، بغض النظر عن وسيلة النشر».
وأكملت «وبحسب جمعية الصحافيين المحترفين، فإن التنوير الذي يضطلع به الصحافيون هو عمل ريادي يهدف إلى تحقيق العدالة وتثبيت الأسس الديمقراطية، ولذلك يجب أن تكون الصحافة أخلاقية أيضاً، وأن تسعى جاهدة لضمان التبادل الحر للمعلومات الدقيقة والنزيهة والشاملة، كما أن الصحافي الأخلاقي يجب أن يتصرف دائماً بنزاهة».
وواصلت الكاتبة الصحافية ريم خليفة «وقد طرحت الجمعية المذكورة أربعة مبادئ كأساس للصحافة الأخلاقية، وهي: ضرورة تقصي الحقائق وكتابة التقارير عنها، تقليل الضرر، التصرف بشكل مستقل، والعمل بمسئولية وشفافية».
وبيّنت أنه «ينبغي على الصحافيين شرح الخيارات والإجراءات المتبعة للجمهور، وتشجيع الحوار المدني بشأن الممارسات الصحافية والتغطية والمحتوى الإخباري، مع ضرورة الاستجابة السريعة للأسئلة بشأن دقة التغطيات الخبرية ووضوحها وضمان الإنصاف في إعدادها. إضافةً إلى ذلك، يجب الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها على وجه السرعة وبشكل بارز، ويلزم شرح التصحيحات والتوضيحات بعناية ووضوح. وهو ما يعني أن الصحافة الأخلاقية هي مشعل التنوير في المجتمعات المتحضرة من خلال بث المبادئ التي تدعو وتستخدم لغة الوحدة الوطنية؛ لأن من خلالها تصبح المقياس الحقيقي الذي تساق إليه الحياة العامة مع معايير الديمقراطية والتعددية واحترام الآخرين، والاعتراف بكراماتهم المتأصلة والتي لا يجوز التعدي عليها تحت أي عذر كان».
وذكرت أن «مراقبين مثل أستاذ اللسانيات والفيلسوف الأميركي نعوم تشومسكي قال قبل ثلاثة أعوام في منتدى بون للإعلام: إن «إدخال قوانين أكثر تقييداً في معظم بلدان العالم، له تأثير خطير على حرية التعبير وغيرها من الحقوق (…)، كما أن مثل هذه التدابير قصيرة النظر أيّاً كان مسماها، قد تنزلق إلى مطب الاستفراد بالرأي الواحد الذي يقصي الطرف الذي لا يريد هذا الرأي، وبالتالي يقضي على التعددية وتماسك المجتمع الواحد». وهو ما يعني أن التعددية في الإعلام هي انعكاس لتعددية داخل المجتمع، وهي لابد أن تكون جزءاً مكمّلاً من تطوّر المجتمعات، وهذا لن يتحقق – كما قال تشومسكي – إلا من خلال وجود إعلام حر ومستقل ينقل الرأي الآخر بسلاسة ولا يعتدي على الرأي المختلف».
وقررت «ولذلك هناك ضرورة وحاجة في البحرين إلى وقفة صادقة؛ لمناصرة المادة (19) من العهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنيَّة والسياسيّة، ولتفعيل المادة (20) من العهد ذاته، بصفته الإلزاميَّة. وخاصة في ظل غياب ميثاق شرف حقيقي وتنويري لأخلاقيات العمل الصحافي الذي ترى فيه بعض الحكومات نوعاً من التدخل، أو أن الصحافة عليها خطوطٌ حُمْرٌ من كل جانب قد تخنق مسيرتها وتحوّلها إلى مجرد صحافة وإعلام علاقات عامة».
وأفادت خليفة «في إطار المبادئ الأربعة لمدونة قواعد السلوك للصحافيين المحترفين (جمعية الصحافيين المحترفين الأميركية)، فإنه بالنسبة إلى المبدأ الأول، فإنه ينبغي أن تكون الصحافة الأخلاقية دقيقة وعادلة، وأن يكون الصحافيون شرفاء وشجعاناً في جمع وإعداد التقارير وتفسير المعلومات، وأن يتحملوا المسئولية عن دقة عملهم، والتحقق من المعلومات قبل نشرها، واستخدام المصادر الأصلية كلما أمكن. كما ينبغي عرض الخبر ضمن سياقه، والاعتناء بصورة خاصة بمنع تحريف أو تبسيط أية قصة خبرية أثناء نشرها أو مراجعتها أو تلخيصها. كما ينبغي تحديد المصادر بوضوح، إذ من حق الجمهور الاطلاع على أكبر قدر من المعلومات لكي يتمكنوا من تحكيم عقلهم بشأن موثوقية ودوافع تلك المصادر».
وتابعت «كما ينبغي السعي بجد إلى السماح لمن يعنيهم الأمر بالرد على أي انتقادات أو اتهامات بارتكاب مخالفات، وأن يقف الصحافي الأخلاقي مع إعطاء صوت لمن لا صوت لهم، وتجنب التنميط في كتابة الأخبار والتقارير».
وأكملت خليفة «المبدأ الثاني للصحافة الأخلاقية يتعلق بتقليل الضرر لأولئك الذين يكتب عنهم الخبر، والزملاء وأفراد الجمهور، بصفتهم بشراً يستحقون الاحترام».
وواصلت «ولذلك، فإن على الصحافيين موازنة حاجة الجمهور للحصول على معلومات مع احتمال التسبب بضرر لهم، كما ينبغي إظهار التعاطف مع أولئك الذين قد يتأثرون بالتغطية الإخبارية، والتصرف بحساسية عند التعامل مع الأحداث، وضحايا الجرائم الجنسية، والمصادر أو الأشخاص الذين يفتقرون إلى الخبرة أو غير قادرين على إعطاء الموافقة. كما يجب الأخذ في الاعتبار الاختلافات الثقافية في النهج وأساليب معالجة المواضيع، فالحق في الحصول على المعلومات ليس معناه تبرير النشر أو البث من دون أي اعتبارات أخرى».
وشرحت أن «المبدأ الثالث للصحافي الأخلاقي هو التصرف بشكل مستقل؛ لأن الهدف الأكبر والأساسي للصحافة هو خدمة الجمهور، وعلى الصحافيين – بحسب جمعية الصحافيين المحترفين الأميركية – مثلاً، رفض الهدايا والمزايا والرسوم، وتسهيلات السفر والمعاملة الخاصة، وتجنب القيام بالأنشطة السياسية أو خارج المهنة الصحافية وغيرها، والتي قد تؤثر في سلامة العمل الصحافي أو نزاهته، أو ما قد يؤدي إلى فقدان المصداقية. كما ينبغي الحذر من مصادر المعلومات التي تقدم المزايا أو المال، مع ضرورة تمييز الأخبار عن الدعاية والإعلان، وتجنب التغطيات التي لا توضح الحدود الفاصلة بين التحرير الخبري والتحرير الإعلاني».
وختمت خليفة «المبدأ الرابع للصحافي الأخلاقي يتطلب العمل بمسئولية وشفافية؛ لأن الصحافة الأخلاقية تعني تحمل مسئولية العمل وشرح القرارات للجمهور».
من جانبه، قال عضو جمعية المنبر التقدمي حسين العريبي «تتنامى الدعوات هذه الأيام لصون الوحدة الوطنية للمجتمع البحريني على خلفية ما خلفته الأزمة الاجتماعية التي خلفتها الأحداث السياسية في (فبراير/شباط من سنة 2011)».
وأضاف العريبي «هذه الأزمة أدت تداعياتها إلى اتساع الهوة بين مكونات المجتمع البحريني، مما دعا إلى تكاتف كافة القطاعات الحيوية في المجتمع المدني لتجسير الفجوة بين فئات المجتمع لاستعادة الوحدة بين مختلف مكوناته».
وأردف «ولعل ما يسهم في تحوير الاختلافات السياسية داخل المجتمع البحريني إلى خلافات طائفية وعرقية، طبيعة المجتمع البحريني الذي يتميز بتنوع طوائفه وأعراقه».
وتابع «من هنا تكمن الحاجة إلى التعرف على تأثير الإعلام في اتجاهات الجمهور البحريني تجاه الوحدة الوطني، حيث يعد الإعلام من وسائل التأثير في الرأي العام، لما يمتلكه من ميزة سهولة التداول بين الناس بمختلف طبقاتهم وشرائحهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية أو اهتماماتهم الثقافية أو الاجتماعية وغيرها من الاهتمامات».
وأفاد العريبي «يشمل نطاق الإعلام عملية تكوين الرأي العام بهدف تكوين فكرة سائدة بين جمهور من الناس والقيام بدور قيادي مؤثر في تكوين اتجاهات الجمهور».
وواصل «كما لوسائل الإعلام عموماً دور مهم في تعزيز الوحدة الوطنية، حيث يزداد الطلب على الصحف مع اندلاع الأزمات وبروز القضايا التي تعد مثار جدل وانقسام بين أفراد المجتمع».
وذكر أنه «ولما كانت أزمة (فبراير) و(مارس/ آذار 2011)، من الأزمات الاستثنائية التي واجهتها مملكة البحرين، فإن عملية التعرف على مضامين وسائل الإعلام تعد من المسائل البحثية المهمة التي تعطي مؤشراً حول مسار الوحدة الوطنية خلال مرحلة أحداث (فبراير) والمراحل التي تلتها».
وأوضح أنه «بالحديث عن الإعلام فإن من المعلوم أن وسائل الإعلام التقليدية في البحرين تنقسم إلى ثلاث فئات: (مرئية، ومسموعة، ومقروءة) لكن حتى هذا اليوم لا توجد تشريعات تسمح بتعدد الإعلام المرئي والمسموع، وعليه فإن هامش التعددية في الإعلام التقليدي ينحصر في الإعلام المقروء، غير أن هذا الإعلام المقروء أيضاً يخضع في سياسته الصحافية لعدة عوامل، منها طبيعة النظام السياسي والقوانين والتشريعات التي تعزز صيانة وسائل الإعلام واستقلاليتها، ثم مصادر التمويل التي تؤثر على أجندة الوسيلة الإعلامية، وطبيعة المجتمع التي تسعى الوسيلة الإعلامية لمخاطبة توجهاته».
وأكمل العريبي «هذا ويعول على وسائل الإعلام للقيام بالعديد من الأدوار التي تساهم في نهضة المجتمع كأن تكون أداة تساعد في تكامل الدولة، وترابط وحدتها وتقريب الفجوة بين حكامها وجماهيرها، ونشر المعايير والنماذج العقلانية بين عناصر وقطاعات ومؤسسات المجتمع، كما مراقبة البيئة ورصد المخاطر التي تتهدد المجتمع، كما نقل المعلومات لمحاولة خلق حالة واسعة من الفهم لدى أفراد، حراسة المجتمع من إساءة استخدام السلطة عبر الرقابة والتوجيه – ومن هنا جاءت تسمية السلطة الرابعة، كما المساهمة في توحيد الأمة وتحقيق التماسك: إبراز الأهداف العليا التي تسهم في تماسك المجتمع وتوحده، حيث تسهم وسائل الإعلام في تعميق الهوية والتميز الحضاري والثقافي للأمة».
وتابع «ولطالما كان واضحاً تأثر وسائل الإعلام في البحرين بطبيعة النظام السياسي، حيث تأسست صحيفة البحرين وهي أول صحيفة بحرينية في العام 1939م من قبل رائد الصحافة المرحوم عبدالله الزايد وقد دفعها نظام الحماية البريطانية لدعم سياسة الحلفاء في مواجهة دول المحور خلال الحرب العالمية الثانية، وقد تم وقف نشاطها على مشارف نهاية الحرب العالمية الثانية، ما فسره العديد من المراقبين بسبب سحب نظام الحماية البريطانية تمويله للصحيفة نتيجة انحراف سياستها التحريرية عن مصالح نظام الحماية البريطانية بطرحها للنقاش مجموعة من المطالب الوطنية التي لم تتماشَ مع سياسات القوى الاستعمارية آنذاك».
وأضاف «وقد استمرت حالة الشد والجذب بين الصحف البحرينية ونظام الحماية البريطانية خلال الحقب السياسية المختلفة التي مرت على البحرين إلى أن حل المجلس الوطني في العام 1975 وإصدار قانون أمن الدولة الذي أدى إلى جمود نشاط الصحافة البحرينية واقتصارها على نقل الأخبار الرسمية والهامشية».
وأكمل «وبعد سنوات طويلة عادت الحيوية للصحافة البحرينية مع صدور ميثاق العمل الوطني في (14 فبراير 2011) مؤكداً: لكل مواطن حق التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بأية طريقة أخرى من طرق التعبير عن الرأي أو الإبداع الشخصي، وبمقتضى هذا المبدأ فإن حرية البحث العلمي وحرية النشر والصحافة والطباعة مكفولة في الحدود التي بينها القانون».
وواصل العريبي «وبذلك شهدت البحرين في تلك الفترة انتعاشاً للصحافة وتنامي عدد الصحف التي وصلت إلى 14 صحيفة في العام 2012، بعد أن كانت مقتصرة على 3 صحف قبل إصدار ميثاق العمل الوطني».
وأوضح أن «هذه التعددية في الصحف عكست بطبيعة الحال التباين السياسي داخل المجتمع البحريني، وأصبحت الصحافة ساحة لطرح التباينات السياسية وتنمية الاستقطابات التي شهدتها الفترة من (فبراير 2001) تاريخ صدور ميثاق العمل الوطني، وحتى ما بعد (فبراير 2011) تاريخ تفجر الأزمة السياسية في البحرين».
وأشار إلى انه «على رغم أن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر الصادر عن عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في (أكتوبر من العام 2002)، نصت على: «لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وفقا للشروط والأوضاع المبينة في هذا القانون، وذلك كله دون المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية».
واستدرك «إلا أن الإعلام الرسمي والتابع عمل خلال الأزمة وبعدها بصورة سيئة على إثارة الإحساس بالخطر الجمعي في المجتمع، وتعزيز النعرات الطائفية، وربط التحركات الجماهيرية بالأجندات الخارجية، ونشر حالة التهويل والخوف في أوساط الجمهور بشكل ممنهج، ما أدى إلى تعميق الشرخ بين أفراد المجتمع، وقد استمر هذا الدور بعد مرحلة السلامة الوطنية، كما استخدم التلفزيون الرسمي كوسيلة لمحاكمة المعارضين والنشطاء والتحريض عليهم، كما لعبت الصحف الموجهة دوراً لا يقل سوءاً عبر الطعن في وطنية المعارضين، وازدراء معتقداتهم، والطعن في شرفهم، وتصويرهم أنهم لا يمتون بصلة إلى الوطن وثقافته وثوابته».
وشرح أن «هذا الدور لم يقتصر على الفترة التي صاحبت الأزمة بل إن هذه السياسة التحريرية أصبحت سمة طاغية من سمات المرحلة السياسية التي تعيشها البحرين اليوم ما يدعو قوى المجتمع المدني والسياسي إلى التفكير جدياً في التوجه إلى منصات إعلامية بديلة عبر الاستغلال الأمثل للإعلام الاجتماعي في نشر قيم المصالحة الوطنية، وأهمية التعايش السلمي، وإثراء السلم الاجتماعي في دولة تتمتع بسلطة قانون عادل يؤكد مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة بين كافة فئات المجتمع دون تمييز بينهم، ويوفر بيئة ديمقراطية تحترم الثراء التعددي للمجتمع البحريني».
وقرر العريبي «وعليه توصي هذه الورقة بالاهتمام بوسائل الإعلام الاجتماعي كأداة تأثير واسعة الانتشار في تطوير الممارسة السياسية، حيث تعد وسائل الإعلام الاجتماعي وسيلة مباشرة للاتصال بالجماهير، كما أنها وسيلة لا تخضع للقيود الرقابية الشديدة التي تخضع إليها وسائل الإعلام التقليدي ويعول على هذه الوسائل في تنظيم الجماهير وتحشيدهم نحو غايات إنسانية مشتركة كإنشاء شبكة وطنية اجتماعية داعمة لاستعادة الوحدة الوطنية بين أبناء المجتمع ومناهضة كل المساعي البغيضة للتفرقة فيما بين مكوناته، والتأكيد على المطالب الحقوقية والسياسية المشتركة بين مختلف فئات المجتمع البحريني والدفع بتحفيز كتلة اجتماعية قادرة على حمل لواء هذه المطالب. لكن على القوى المدنية والسياسية أن تلتفت في هذا الجانب إلى أن الفضاء الإلكتروني لا يكفي وحده لتحقيق هذه الغايات بل يجب أن يكون الفضاء الإلكتروني وسيلة لترجمة مشاريع فعلية على الأرض، لكي تحقق هذه الوسائل أهدافها».
وأكمل «هذا وتبين دراسة حديثة أجريت على 20 بلداً أوروبيّاً أن أسباب الفاعلية السياسية تأثرت بشكل كبير بدرجة تعرض الأفراد لنظام تعليمي يشجع على ذلك، إلى جانب محتوى قنوات التلفزيون المشجع على الفعالية السياسية، كما محتوى شبكات الانترنت».
وتابع «هذا وتوصي الورقة من جانب آخر، بدعوة رؤساء تحرير الصحف لتولي مسئولياتهم في صون الوحدة الوطنية عبر تخصيص مساحات أكبر من المواضيع الصحافية بأشكالها المختلفة لتعزيز ثقافة الحوار، والقبول والتعايش، والتسامح، وأهمية الوحدة الوطنية، والتأكيد على أهمية توافر قدر من المهنية والحرفية لدى المحررين، بما يراعي الالتزام بأخلاقيات العمل الصحافي، وتشجيع إدارات الصحف لنشر المواضيع التخصصية المبنية على الأساليب العلمية في التحليل والنقد، وخاصة في صفحات الرأي.
وختم العريبي «كما ندعو لإنشاء مرصد صحافي مستقل، يتولى إصدار دليل مهني، يضع فاصلاً بين حرية التعبير التي تكفلها الحرية الصحافية، والمضامين الصحافية التي تتجاوز حرية التعبير لتصل إلى خطاب الكراهية، إلى جانب رصد المضامين الصحافية المحرضة على الكراهية، والمحفزة للنعرات الطائفية، ونشر تقارير دورية في هذا الخصوص تعرض للرأي العام والمجتمع البحثي على حد سواء».
العدد 5155 – الثلثاء 18 أكتوبر 2016م الموافق 17 محرم 1438هـ
اذا كان الاتجاه سيمضي حقا الى المدى الذي طال انتظار الناس له في هذا البلد فيما يخص تحريك المتابعات القضائية في كم هائل من ملفات «الهم العام».. اي قضايا التجاوزات والمخالفات والانحرافات المالية والادارية وشبهات الفساد التي عهدناها طيلة السنوات التي مضت وبقدرة قادر تركن فوق الرفوف، ربما من منطلق اذا «ابتليتم فاستتروا»..! نقول.. اذا كان هذا الاتجاه سيمضي حقا الى المدى الذي طال انتظار الناس له وبالمستوى الذي يشفي غليلهم، فان هذا امر يستحق ان يستقبل بحفاوة كبيرة واهتمام وتركيز خاصة من جانب اولئك الذين يتمتعون بموهبة التقاط الاشارات وهي طائرة كما يقال وهم كثر، ومعهم اولئك الذين يتجنبون الافراط في التفاؤل في انتظار ما ستحمله الايام المقبلة وهذا لب الكلام وجوهر التساؤلات..!! مبلغ رجائنا نحن المواطنين العاديين النائمين على حرير الوعود والذين تابعنا طيلة ايام قريبة مضت الكلام المرتفع المنسوب عن الفساد وعن المساعي المبذولة نحو ما نظنه -رغم ان بعض الظن اثم- احياء لقيمة المساءلة والمحاسبة المكسورة الخاطر والجناح والتي عانت غيابا وتغييبا وعبثا بمفرداتها ومقوماتها، نقول مبلغ رجائنا رغم كل الهواجس والشكوك المزروعة في النفوس، بان يكون هذا الكلام يعني نية الذهاب الى الضروري والملحّ بتعقيداته المفهومة او المجهولة.. اي تفعيل تلك القيمة، والاقتناع بان المحاسبة الحاسمة هي عنوان الدولة القوية القادرة على تصحيح الاخطاء.. واي حركة في هذا الاتجاه بركة.. وهي حركة مهمة، انما النتيجة هي الاهم.. لذلك تبقى خطوة ايجابية لا ريب احالة شبهات فساد الى ادارة مكافحة الفساد والامن الاقتصادي تمهيدا لتحويلها الى النيابة العامة، واعلان تقرير «وزارة المتابعة» حول تقرير الرقابة المالية والادارية عن 462 «ملاحظة» حول تجاوزات مالية وادارية في وزارات واجهزة رسمية، منها 20 شبهة فساد ستحال الى الادارة المذكورة، و38 ملاحظة ستحال الى لجان تحقيق داخلية و404 ملاحظات اجرائية سيتم اتخاذ الاجراءات المناسبة حول قضايا فساد احيلت الى تلك الادارة قبل تحويلها الى النيابة العامة، والحبل على الجرار ومن ثم اعلان المحامي العام الاول عن تسلم النيابة العامة 5 قضايا فساد بشأن تجاوزات وقعت من بعض مسؤولين حكوميين، وبعد ذلك جاء المؤتمر الصحفي لوزير الدولة لشؤون المتابعة حول اعمال اللجنة التنسيقية التي تناولت المخالفات والتجاوزات المرصودة بتقرير ديوان الرقابة والذي قيل فيه كلام لافت نحسب بانه حمل ظاهرا عناوين بالوجهة التي يراد لها ان تمضي نحو تفعيل قيمة المساءلة بعيدا عن «هوى النفس».. في هذا المؤتمر جرى التأكيد على انه لن يكون هناك اكباش فداء للمخالفات.. وان التحقيقات ستظهر الاسماء والاعداد.. وان هناك التزاما بمنهجية الحزم، وانه سيكون هناك جدول زمني لانجاز مخرجات ملموسة.. وفوق ذلك تم التأكيد على انه لن تكون هناك خطوط حمراء وانه لن يفلت اي مرتكب خطأ من خطئه، ولن يكونوا محصنين من المساءلة.. كلام من هذا النوع يجعل الناس يأملون ان تكون هذه ارهاصات تنبئ عن عمل مضن عنوانه نقطة البداية لوضع الاصبع على الجرح الذي ينال من الصحة والذي لا بد ان نتفق على تسميته بانه فساد، هذا اذا اردنا ان نسمي الاشياء باسمائها حتى لا تمضي مجريات الامور الى خط مجهول السير.. ومجهول الغايات. ارهاصات من ذلك النوع الذي تابعناه والتي لم يتح ان تخرج سابقا الى العلن هي ارهاصات مريحة.. ونحن المواطنين العاديين الذين نتابع اخبار ومجريات عمل اللجنة التنسيقية التي يرأسها سمو ولي العهد، ونرصد مخرجات هذا العمل.. يهمنا قبل كل شيء ان تزال المتاريس التي عطلت وعرقلت تفعيل تلك القيمة -قيمة المساءلة والمحاسبة- وان يمضي هذا الاتجاه بهمة لا تفتر ولا تعرف الكلل وبخطوات اكبر واسرع ولا تقتصر فقط على ما يكشف عنه تقرير ديوان الرقابة، كي نزرع روحا جديدة تتصدى بحزم وحسم للامراض الخبيثة التي سرت في جسم هذا الوطن ونالت من عافيته بعد ان اصبح الفساد يمتلك قوة وله اظافر وانياب وشعارات تحميه..!. يحق لنا استطرادا نحن المواطنين العاديين ان نأمل الا يكون ذلك بمثابة حلول موضعية مؤقتة والا تطول ساعة الحساب العسير تجاه من لم يحملوا امانة المسؤولية كما يجب واعتبروها مجرد مغانم ومحسوبيات واسلاب.. وخرجوا على مقتضيات ما يستوجب المواجهة والحسم والردع وتطبيق القانون، خاصة واننا في وقت يكثر فيه الحديث عن سيادة القانون ذلك مهم بقدر ما هو مهم ان لا يقف سقف المساءلة عند حد معين.. او يظل هذا السقف لا يتجاوز حدود مدراء ومن في حكمهم ومن دونهم من صغار الموظفين، وبمعنى ادق فان الوزراء ليسوا معفيين تماما من المسؤولية عن هذا الذي جرى ويجري في وزاراتهم طالما هناك من اساء استخدام السلطة العامة لاهداف غير مشروعة او مكاسب شخصية، والا فان بطاقة العلاج في هذه الحالة تكون منقوصة، والامر من بدايته الى نهايته يمس كفاءة هؤلاء الوزراء وجدراتهم بالاستمرار في مواقعهم، خاصة ان ما نقرأه في تقارير ديوان الرقابة هي تهم صريحة ازاء مخالفات مرتكبة وعلى مدى سنوات. يبقى اكثر من سؤال مهم واكثر من ملاحظة مهمة: أليست هذه المخالفات والتجاوزات حتى وان سميتموها «ملاحظات» والتي رصدت على مدى سنوات عشر؟ أليست كافية وكفيلة باحداث اصلاح اداري حقيقي.. لا يجوز في اي حال حرمان البلاد منه بحجة ان الوقت قد تأخر للقيام به، او ان الوقت لم يحن بعد للمبادرة اليه..؟ ثم أليس من الخطأ الفادح ان نظل نحصر التركيز والاهتمام والرصد والمتابعة وتسليط الضوء فقط على ما يكشف عنه ديوان الرقابة في تقاريره.. فيما الحاجة ملحة ايضا لان نلمس نفس الاصرار والحزم في رصد ومتابعة ومواجهة منافذ فساد في مواقع اخرى من مواقع المسؤولية العامة قد تكون اشد انكارا واكثر فسادا. ثم ألم نستشعر الحاجة بعد الى منظومة من الاليات القانونية والرقابية الضامنة لعدم الافلات من العقاب.. عقاب من يستحقون العقاب.. والتي توفر بوجه عام مناخا يكفل بجعل محاربة الفساد على درجة عالية من الجدية والوضوح، بدءا من تفعيل قانون الذمة المالية للمسؤولين الحكوميين ومن هم في الخدمة العامة، وتعزيز اجراءات ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتبني تشريع يحمي المبلغين عن قضايا فساد وجعل المعلومات المتعلقة بالفساد اكثر شفافية، وان نعمل على انشاء لجنة وطنية مستقلة للنزاهة ومحاربة الفساد وان نعزز دور المجتمع المدني في محاربة الفساد دون ان ننسى ان كل ذلك من مقتضيات الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد التي صادقت عليها البحرين. اذا كان هناك من دروس يراد الاستفادة منها .. فان الدرس الاول هو حق الناس في ان تعرف الحقيقة.. والتعامل مع هذا الحق كقيمة اجتماعية وسياسية ثابتة، وان ندرك ان المصلحة العامة والامانة الحقيقية يقتضيان ان يحاط المواطنون بكل الحقائق وان تسمى الاشياء باسمائها وليس العكس كما يتصور البعض، اما الدرس الثاني فهو ضرورة الاخذ بالمسؤولية الادبية والسياسية، وهو امر يفترض ان ينتهي باستقالة اي وزير او مسؤول او تنحيته طالما تحفل سجلاته بالكثير من اوجه الخلل والقصور وسوء الاداء والادارة مما يثير استمرار بقائه الكثير من الدهشة والاستغراب. نحن اليوم بحاجة الى ترجمة تنفيذية لازالة العصى في دواليب عجلة «المحاسبة».. ومحاربة فعلية للفساد.. لعلنا بذلك ننقل جرعة الثقة والاطمئنان الى الناس في هذا البلد ليكونوا اكثر تفاؤلا بالمستقبل.
دعا المنبر التقدمي الى سرعة إقرار الشق الجعفري من قانون أحكام الأسرة في البحرين وإبعاده عن التجاذبات السياسية والتأويلات والاختلافات التي تعطى هذا الملف أبعاداً تعرقله خاصة وان من بين من صاغ وأشرف على هذا الشق شخصيات دينية ومرجعية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والعلم بأمور الدين الذين خلصوا الى ان هذا الملف لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وأوضحت مسؤولة قطاع المرأة بالمنبر التقدمي وعضو مكتبه السياسي فهيمة درويش بان المنبر في اطار اهتمامه بهذا الملف نظم في الخامس عشر من اكتوبر الجاري حلقة حوارية بمشاركة ممثلين عن عدة مؤسسات نسائية واهلية وقانونين وتم خلالها مناقشة أوراق عمل رفيعة المستوى وجاءت خلاصاتها متوافقة مع رؤى قطاع المرأة بالمنبر التقدمي والتي تؤكد على اهمية سرعة إصدار الشق الجعفري من قانون أحكام الأسرة في البحرين وهو الذى شددت عليه ورقة عضو المنبر المحامية زهراء عبدالله والتي أشارت أيضاً الى اهمية المساواة بين نساء الوطن بجميع انتمائاتهن المذهبية والعرقية ، وان الحديث ليس عن طائفة بعينها ، بل الحديث عن كل نساء الوطن ، وان مشروع قانون متكامل يأخذ بعين الاعتبار هذا الهدف وحفظ حقوق المرأة البحرينية ويؤمن استقرار الأسرة البحرينية كونه له تأثير مباشر على الاستقرار المجتمعي واستقرار الوطن بوجه عام أمر يجب ان يكون هدفاً لكل القوى المجتمعية والسياسية في البلاد .
ونبهت درويش الى اهمية إبعاد هذا الملف عن التجاذبات السياسية والاختلافات او تحميله تبعات الأزمة التي تعيشها البحرين في الوقت الراهن ، وشددت على ضرورة مساندة كل القوى والأطراف لهذا المطلب خاصة من هم في نضالهم اليومي يسعون الى تحقيق درجات أعلى في بلوغ الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة الدولة المدنية التي ترتكز على منظومة من القوانين والتشريعات والعدالة والمساواة بين جميع شرائح ومكونات المجتمع وضمان التمتع بالحقوق الأساسية وصيانة الحقوق المدنية ، وأشارت الى ان المنبر التقدمي انطلاقاً من ذلك يرى أهمية وجوهرية سرعة اصدار الشق الجعفري من قانون أحكام الأسرة لما له من مساس مباشر بشريحة واسعة من نساء مجتمعنا البحريني، ونوهت الى من قام بوضع هذا الشق شخصيات تتمتع بالكفاءة العلمية والدينية مما يستوجب سرعة البت في هذا الملف .
وهذا ما اكدته عليه الحلقة الحوارية بأهمية وجود القانون الذي سيساهم في حلحلة الكثير من الملفات العالقة في اروقة المحاكم و سيسهل اجراءات التقاصي للمحامين و القضاة والمتقاضين في اداء عملهم وسيساهم في ارساء قواعد المساواة بين افراد المجتمع و هوا ما نصت عليه المادة 18 من الدستور(الناس سواسية في الكرامة الانسانية و بتساوي المواطنون لدى القانون في الحقوق و الواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين او العقيدة ).
وفى ختام تصريحها طالبت فهيمة درويش اعضاء المؤسسة التشريعية والسلطة التنفيذية القيام بواجبهم في النظر وإقرار الشق الجعفري من قانون أحكام الاسرة مما سيكون له دور في تطوير منظومة القوانين والتشريعات في البحرين بما يتوافق مع التشريعات الدولية ولا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
سردت المحامية زهراء عبدالله حادثة قالت إنها جرت في المحاكم الشرعية في البحرين، وذكرت فيها أن “زوجة تقدمت بدعوى شرعية لطلب الطلاق من زوجها بسبب إساءة معاملتها والاعتداء عليها بالضرب، وعدم الإنفاق عليها على رغم أنه ميسور، كما أنه يقوم بالبصق عليها وشتمها أمام الأولاد ويطعنها في شرفها، ويرميها بكلمات تسيء إلى شرفها وسمعتها، ويتهمها بأن لديها علاقات مشبوهة، كما أنها قدمت شواهد على أن لديه علاقات مع فتيات ولا يبالي بوضع صوره معهن في أماكن يسهل كشفها، وقدمت صوراً له مع فتيات وعينة من المحادثات التي ثبت فيها السب عليها منه”.
وأضافت المحامية أن “الزوج قال أمام المحكمة إنه وفر لها “عاملة منزل”، وأن المدعية تعمل وتدخر راتبها لنفسها، وأنها لم تفِ بحقوقه الزوجية، وأنه وفر لها منزلاً جديداً، والمضحك المبكي في الموضوع أنه قال إنه يدلع المدعية (زوجته)، ببعض الألفاظ التي لها معاني أخرى (كالكلبة)، إلا أنها تنم عن حميمية العلاقة بينهما”.
وأردفت المحامية أن “اللافت في الموضوع أن المحكمة حكمت برفض دعوى الزوجة، لأن المدعية لم تقدم بينة على ما تدعي”.
جاء ذلك في حلقة حوارية عقدت اليوم السبت (15 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، في مقر جمعية المنبر التقدمي في مدينة عيسى، تحت عنوان “أهمية إصدار قانون أحكام الأسرة في (القسم الثاني) وأثر تطبيق (القسم الأول) في القضاء الشرعي”.
قراءة تحليلية في تطبيق القضاء الشرعي لقانون أحكام الأسرة في قسمة الأول ، بالمقارنة للاحكام الصادرة من القضاء الشرعي الجعفري .
اعداد وتقديم المحامية / زهراء عبدالله علي
لا نتكلّم اليوم عن الطائفة السنّية أو الشيعية، بل نتكلّم عن نساء الوطن أجمع، ونعلم بأنّ هناك من لا يوافقنا الرأي حول دفع مشروع قانون أحكام الأسرة (الشق الجعفري)، لكن لم يعد اليوم الوضع يسمح بالتأخر أكثر نظرا لوجود الكثير من المشاكل التي تحتم علينا الإسراع في إصدار قانون أحكام الأسرة في شقه الجعفري صونا لحقوق المرأة والطفل في هذا الشق .
فاستقرار الأسرة البحرينية سيتبعه استقرار الوطن، وهذه الأحكام هي أحكام تنصف المرأة وترجع لها حقوقها، في ظل وجود عوائق كبيرة في الشق الجعفري، فهناك المعلّقة التي تنتظر الطلاق، وهناك المطلّقة التي تنتظر الحقوق، وهناك وهناك كثير من الأمور لو كتبناها لشاب الرأس منها.
صدر في تاريخ 27 مايو/ أيار 2009 قانون رقم (19) لسنة 2009م، بشأن أحكام الأسرة (الشق السنّي)، وذلك بعد إقراره من قبل البرلمان آنذاك، وقد نصّت المادة الثانية على أنه «لا يتم تعديل هذا القانون إلا بعد أخذ رأي لجنة من ذوي الاختصاص الشرعي من القضاة والفقهاء على أن يكون نصفهم من القضاة الشرعيين يصدر بتشكيلها أمر ملكي».
وقد فرحت المرأة البحرينية عندما تمّ تطبيق هذا القانون، ولكن للأسف المرأة في الشق السنّي ارتاحت شيئاً ما، والمرأة في الشق الجعفري مازالت تناضل!
فليس صواباً ما يحدث من انشقاق في قانون أحكام الأسرة، فالمرأة هي المرأة، هي الأم والأخت والابنة، أيّاً كانت طائفتها، فهي في النهاية تريد الإنصاف، وتريد الحقوق، ليست لأنّها ضعيفة، ولكن لأنّ بعض الأحكام تتأخّر في إنصافها، فلماذا التأخير والتعطيل وبيدنا الحل؟
فهناك كثير من القضايا العالقة والتي تنتظر تمرير الشق الجعفري، ولا نريد مزايدات ولا طأفنة في هذا القانون الإنساني، بل نريد من يحمي القانون من التعصّب والطأفنة، وهو أمر سهل جدّاً إذا ما اتّفقنا عليه جميعاً ، ايماننا منا بأن هذا القانون سيخدم شريحة غير قليلة من أمّهاتنا وبناتنا ونسائنا، وعليه نحن اليوم نتحرّك من أجلهن، فلقد قلّت المشكلات في الشق السنّي، ولكنّها مازالت موجودة في الشق الجعفري، فمن هو ذاك الذي سيأخذ على عاتقه تمرير هذا القانون؟
أصبحت المطالبة بإقرار الشق الجعفري من قانون أحكام الأسرة اليوم على قائمة أولويات المرأة البحرينية، لما له من أهمية قصوى لحل الكثير من المشاكل الأسرية التي أصبحت تشكل عبئا على المجتمع بوجه عام، وعلى الجعفريات اللاتي ينتظرن ان تنظر المحاكم في قضاياهن بشكل خاص، نظرا لان إقرار الشق السني من القانون بتاريخ 15/6/2009، وبدء تطبيق أحكامه في المحاكم الشرعية السنية ابتداء من 1/7/2009، أديا إلى حل الكثير من القضايا بشكل شبه فوري قياسا بالفترة التي كانت تستغرقها القضايا نفسها سابقا.
وإقرار الشق الجعفري من قانون أحوال الأسرة من شأنه توفير الاستقرار والحماية للأسرة البحرينية ببيان حقوق وواجبات كل أطرافها ، بما يحفظ للأسرة كيانها ويقوي أواصرها، بالإضافة إلى انه يحقق العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع البحريني بتطبيق نصوص قانونية موحدة على الجميع من دون استثناء، كما يقوم بتسهيل المعاملات والإجراءات في المحاكم الشرعية على القضاة والمتقاضين ، وهذا من شأنه المساهمة في تقليل معاناة الأسرة من النواحي الاجتماعية في جوانب عدة منها الزواج، الطلاق، الولاية في عقد الزواج، نفقة الأطفال، تنظيم الحضانة وغيرها، بالإضافة إلى سرعة الإجراءات، وتقليص مدة نظر الدعاوى، وإقرار القانون يؤدي إلى تفادي صدور أحكام متناقضة ومختلفة في المسألة الواحدة بما يخل بفكرة العدالة والمساواة، كما ان وضوح الأحكام لاستنادها إلى معايير ونصوص محددة في القانون سوف يضمن سهولة وسرعة تنفيذها.
وقد شهدت المحاكم الشرعية السنية تغييرا إيجابيا ملحوظا بعد تطبيق قانون أحكام الأسرة تمثل في سرعة البت في القضايا، وتيسير الإجراءات على المتقاضين، ولاسيما في قضايا الحضانة والنفقة والطلاق للضرر، بما ساهم بشكل كبير في تخفيف المعاناة عن الأسر عامة وعن المرأة والأطفال بالأخص باعتبارهم أكبر المتضررين والحلقة الأضعف في قضايا الأسرة.
من هنا تبرز الحاجة المجتمعية الملحة لإصدار قانون أحكام الأسرة (الشق الجعفري) لحلحلة المشاكل التي مازالت تعانيها المرأة أمام القضاء الشرعي الجعفري التي يتمثل بعضها في بطء وتعقيد الإجراءات، وطول مدة الانتظار والتقاضي، وصدور الأحكام المتناقضة في القضايا المماثلة، وغيرها من المسائل التي سيساهم إصدار القانون بلا شك في حلها أسوة بما تم لدى المحاكم الشرعية السنية.
سنتطرق اليوم إلى بعض القضايا المعروضة أمام المحاكم الجعفرية، لإيضاح مدى معاناة المتضررات من تأخر الحكم فيها، وأيضا بعض القضايا من المحاكم السنية وإيضاح مدى الفائدة التي عادت على المتضررات .
سوف نرصد خلال السطور التالية بعض القضايا بالمحاكم الجعفرية ومنها قصة :
(زوجة اقامت دعوى ضد زوجها بطلب تطليقها من زوجها طلقة بائنة للضرر ، على سند من القول بأن زوجها دائم الاعتداء عليها بالضرب المبرح مما ترك إصابات جسدية واضحة على جسدها ، وقيامه بالشتم الدائم والقذف والسباب لها ولأهلها أمام الأولاد وقد قامت بتحرير بلاغ في الشرطة ، كما تم خضوع المدعية لفحوصات طبية وعرضها على أكثر من أخصائي لتعرضها لتلك الاعتداءات ، وان المدعى عليه شحيح في الإنفاق عليها وعلى الأولاد حيث يلتزم بدفع نفقة قدرها 50 دينار فقط ، ولا يحسن معاملتها ويسيء اليها مما أدى للأضرار بها نتيجة لذلك وهو الأمر الذي حذا بها لرفع الدعوى ، قدمت المدعية تأييدا لدعواها :
1.صور ضوئية من تقرير طبي يفيد بحضور المدعية الى المستشفى مذيل بتوقيع الدكتور ، وذلك بشكوى من صداع نصفي وعدم اتزان لمدة أسبوعين بعد تعرضها الى إصابة دماغية .
فحص أشعة للمدعية تفيد الفقرات العنقية مفقودة مع الاستقامة ( تقلص عضلات ) صادرة من المستشفى .
استمعت المحكمة لشهود المدعية على دعواها وحضر الشاهد الأول ( خال المدعية ) وهو مطلع على حالها مع المدعى عليها والذي يعرفه ومنذ سنة 2009 عندما ذهبنا لدولة الامارات بسبب ولادة اخت المدعية واطلعنا على دعوى مقدمة ضد المدعى عليه أمام محاكم الأحوال الشخصية هناك تشتكي فيها المدعية من الخلافات بينها وبين المدعى عليه وقيام الأخير بضربها وقد رأيت آثار الضرب على جسمها ، وأفاد الشاهد أيضا بعد ما سالته المحكمة عن وقائع الضرب فأفاد بانه لم يرى واقعة الضرب وانما رأى آثار الضرب بادية على جسمها أكثر من عشر مرات ووصف تلك الآثار انه رأى هالة سوداء على عينها أو تورم على عينها وكدمات بادية على جسمها وتورم يدها نتيجة الضرب وقد علمت بأنه هو من قام بالضرب بواسطة إخبار المدعية له وكان السبب وكما اخبرته المدعية بأن سبب ضرب المدعى عليه لها بسبب شكواها من عدم انفاقه عليها وعلى أولادها .كما وقد افاد ، الشاهد بأنا طلبنا من المدعية الذهاب للمستشفى لاستصدار تقرير بذلك ولكنها كانت ترفض باعتبار انهما يعيشان في دولة الامارات وكون المدعى عليه يعمل عسكري وهي تخشى أن تقوم بالتبليغ عن وقائع الضرب المذكورة ، وكيل المدعى عليه سال الشاهد من ان علم الشاهد أن المدعى عليه يقوم بتجويع المدعية وأولادها ومن يقوم بتلبية احتياجاتها ومتطلباتها المعيشية إذا كان المدعى عليه يرفض ذلك ؟ أجاب الشاهد بأنا لنا ذلك من ظاهر حال لباس أولاد المدعية حيث يظهر بأنها ملابس رخيصة كما أن والدتها ترسل لها أموالاً وكذلك انا أقوم بجلب بعض الفواكه بين فترة وأخرى أفاد بأن المدعى عليه لا ينفق عليها النفقة كاملاً بل كان مقصراً عليها بالإنفاق .
وحضرت الشاهدة الثانية وهي والدة للمدعية وهي مطلعة على حال المدعية مع المدعى عليه وخصوص الاضرار التي تتعرض له ابنتها للمدعية فإنه يضربها كثيراً وأفادت بأنه في سنة 2009 م حيث كنت متوجهة لدولة الامارات وذلك بسبب ولادة احدى بناتي وكانت المدعية تقيم مع المدعى عليه في دولة الامارات رأيت شخصياً أن ابنتي قد تعرضت للضرب المبرح الشديد من قبل المدعى عليه حتى أن احدى عينيها لا زالت حتى الآن متضررة اضافة إلى حدوث تنمل في جسمها بسبب ذلك وقد لجأنا إلى محكمة الامارات لتقديم شكوى بالواقعة ضد المدعى عليه وقد تم التصالح بين المدعية والمدعى عليه على شروط وكان هذا التصالح شخصياً بينهما ولم يتم توثيقه أمام المحاكم ، ثم بعد ذلك رجعت إلى البحرين وعاودت مجدداً السفر إلى دولة الامارات والتقيت بابنتي المدعية ورأيت آثار الضرب أيضاً على وجهها وأكتفاها وعلى ظهرها وساقيها حيث كانت متورمة وتبدو بصورة زرقاء حيث قام المدعى عليه بطردها منتصف الليل من منزل الزوجية وعلمت بذلك من خلال المدعية ومن خلال حضورها لدي حيث كنت أقيم في دبي وهي تقيم في أمارة عجمان ، وكان يقذف المدعية في شرفها ويتلفظ عليها ويقول لها ( ياقحبه واذهبي إلى اخواني عن طريق الحرام واللي منهم أموالاً أو ذهبي الشارع واستحصلي أموالاً عن طريق الذيلة ) وقد سمعته يتلفظ عليها بألفاظ بذيئة عن طريق سماعة التلفون حيث كان يتكلم معها وقد تكرر منه ذلك ، وقد قال لي شخصياً ( اذهبي وقودي علي بناتك ) وأفادت بأنه ينفق على أولاده ولكن المدعية لم ينفق عليها منذ 11 شهر .
بجلسة لاحقة حضر المدعى عليه وقد سألته وكيلة المدعية هل اعتدت بالضرب على المدعية وهل كان خفيفاً ، فأفاد المدعى عليه : لا أنكر أن ضربتها على وجهها بيدى ، ولا أتذكر إذا كان الضرب خفيفاً أو ثقيلاً ، كما سألته أيضاً عل كنت تشتمها وأفاد المدعى عليه : تعم كنت أشتمها بسبب شتمها لي .
الحيثيات
وحيث إنه عن طلب المدعية تطليقها من المدعى عليه للضرر ، وحيث إنه من المقرر في الفقه الإمامي الواجب التطبيق أن اذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها بالمعروف ، فيجوز لها أن ترفع أمرها للحاكم الشرعي لتثبت الضرر بكافة طرق الإثبات الشرعية ، ومتى ما ثبت الضرر شرعاً ، وتحققت عناصر الدعوى بالضرر بثبوتها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما بما هو متعارف ، وعجز الحاكم الشرعي عن الإصلاح ، جاز للحاكم الشرعي أن يطلقها طلقة بائنة للضرر إذا طلبت ذلك . وحيث إن تقدير الضرر أمر موضوعي تستشفه محكمة الموضوع من مستندات الدعوى وإجراءاتها وإقرارهما والبينة الشرعية ، وهو أمر يقدّره قاضي الموضوع وهو يفصل في موضوع الدعوى . وحيث إن تقدير أقوال الشهود والقرائن وموازنة بعضها البعض الآخر وترجيح ما طمان إلي منها واستخلاص ما ترى أن متفق مع واقع الدعوى هو مما تستقل به محكمة للموضوع دون معقب عليها ، وقد جاء في قضاء محكمة التميز ( تقدير أقال الشهود وما يقدم في الدعوى من أدلة واستخلاص منها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا معقب عليها في الواقع تكوين عقيدا ما لم يخرج تلك الأقوال عما يؤدي إليها مدلوله ) كما جاء بقضاء ذات المحكمة أن المحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة والقرائن التي تقدم إليها في الدعوى واستخلاص ما تراه متفقا منها والواقع بشرط أن يكون استخلاصها سائغا
لما كان ذلك و حيث إن شهادة رجل وامرأة واحدة في الدعوى لا تكفي في الحكم للمدعية بالطليق الضرر لأن البينة خصوص الدعوى الماثلة تتطلب رجلين عدلين أو رجل وامرأتين كذلك ، ومن ثم تكون بينة المدعية قاصرة عن بلوغ النصاب الشرعي للشهادة ، باعتبار أنها صادرة من رجل وامرأة واحدة فقط ، فضلا عن أن شهادة الشاهد الأول مستندة للسماع لا المشاهدة والحس ، والتي هي شرط في علم الشاهد المتحمل للشهادة بالواقعة محل الدعوى حيث يشترط استناد الشاهد في شهادته إلى العلم القطعي بما يؤدي الشهادة به وهو منتف في الشهادة السماعية وهو مما يتنافى مع احد شروط البينة الشرعية وذلك فيما يتعلق بواقعة الضرب إذ أفاد بأنه رأى اثار الضرب عليها عندما زارها في دولة الامارات محل اقامتها ، فيكون قد أعتمد على حدسه الشخصي فقط دون رؤيته لواقعة الضرب مما يخل بأصل البينة المقدمة في الدعوى ( وحيث بخصوص ما افاده المدعى عليه وإقراره انه ضربها على وجهها حيث أنه إقرار بواقعة واحدة دون وضوح كون الضرب خفيفا او شديدا ، وكذلك شتمها حيث لم يذكر طبيعته وكيفيته ) ، كي تستنتج المحكمة من مجموع ذلك مدى ضرره على المدعية ومن ثم ما أقر به غير كاف لقناعة المحكمة بحصول الضرر الشديد المستوجب للتطليق القضائي ) ، كما أن التقارير الطبية المقدمة في الدعوى جاءت خالية من ثبوت انتسابها للمدعى عليه وكانت مجرد أفاده بحضور المدعية المراكز المذكورة للعلاج دون أن تكون مقدمة ضمن بلاغ جنائي وصدور حكم بإدانة فيها ، ومن ثم لا تكون منتجة في الدعوى وتلتفت عنها المحكمة ، وبخصوص دعواها عدم إنفاق المدعى عليه عليها حيث أنه من المقرر فقهاً أنه إذا امتنع الزوج القادر على النفقة عن الإنفاق على زوجته مع استحقاقها النفقة عليه جاز للزوجة ان ترفع امرها للقاضي الشرعي المختص فيلزمه بأحد الأمرين من الإنفاق على زوجته الطلاق ، فإن امتنع عن الأمرين ولم يمكن الإنفاق عليها من ماله جاز للقاضي الشرعي المختص تطليقها عليه لأنه ولي الممتنع ، مفاد ذلك أن ( لابد أن تستصدر الزوجة حكماً يقضى لها بالنفقة على زوجها ثم يمتنع عن الانفاق عليها اما بعسره او لإصرار منه على عدم الانفاق ، فحينئذ يصح للقاضي التطليق عليه في هذه الحال ، وإذ كان ذلك وكانت المدعية قد ادعت بأن زوجها المدعى عليه قد امتنع عم الانفاق عليها مما اضر بها وكان هذا الادعاء قد جاء دون دليل منها ، على انها لم تقم بتقديم ما يثبت قيامه برفع دعوى للمطالبة بالنفقة سوى ادعاء وجود دعوى بالنفقة ، ولم يثبت امتناع المدعى عليه عن الإنفاق في حال مطالبتها بنفقتها الزوجية.
وحيث انه اعمالا لما تقدم من قواعد واحكام وكانت المدعية لم تثبت بدعواها اضرار المدعى عليه بها ولم تقدم الدليل الكافي على مثل ماذكرت .
ومن ثم قد أخفقت المدعية في اثبات وقوع ضرر عليها من زوجها المدعى عليه بما يستوجب لحد التفريق بينها وبينه للضرر باي طريق من طرق الاثبات القانونية والشرعية وجاءت اقوالها مرسلة ولم تقدم ثمة دليل على 1لك ، ومن ثم لم يثبت للمحكمة من خلال ما قدمته المدعية الضرر المدعى الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما الأمر الذي تضحى معه هذه الدعوى قائمة على غير أساس صحيح وجديرة بالرفض ). فهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى وإلزام رافعتها بالمصروفات .)
مجموعة امثلة أخرى …
الخاتمة …
ان العلاقات الاجتماعية لابد ان يسودها مبدأ الاحترام والود والتراحم ومن ابسط المعاني الاحتكام إلى احكام القانون في حال وجود خلاف بين الرجل وزوجته، وحفاظا على حقوق الطرفين تم تقنين المبادئ التي وردت في الشريعة الإسلامية من خلال قوانين وضعية لصالح المرأة والرجل لتنظيم العلاقة بينهما وللمحافظة على نسيج الأسرة وكيان المجتمع، حيث جاءت لتنظيم موضوعات الزواج والطلاق والمواريث للحفاظ على ثبات المجتمع من الناحية الاجتماعية وعدم تجني طرف على آخر، فان معظم البلاد التي تأخذ بالشريعة الإسلامية تقنن تلك المبادئ في هيئة قوانين وضعية تسير عليها المحاكم الشرعية، وهي من ابسط الحقوق واجلها للحفاظ على كيان الأسرة، ومن هنا كان الواجب ان يكون في مملكة البحرين قوانين وضعية للحفاظ على كيان الأسرة من الناحية الاجتماعية وهذا ما انبثق عنه قانون أحكام الأسرة ونظرا لطبيعة المجتمع البحريني بما يحتويه من شق سني وآخر جعفري، فكان لزاما ان يتساوى الشقان من حيث هذه الحقوق والواجبات حفاظا على كيان المجتمع، وحتى لا تكون هناك تفرقة بين نسيج المجتمع فلابد من إصدار الشق الجعفري كي يتساوى الطرفان أمام القانون.
بما يعود بالنفع على المتقاضين والقضاة والمحامين في أداء عملهم، كما ان هنالك حاجة ملحة إلى إرساء قواعد المساواة بين أفراد المجتمع ككل، مما يعود على المجتمع بأكمله والمرأة بصفة خاصة بالاستقرار، خاصة بعد النتائج الايجابية التي التمستها الحقول القانونية والمتقاضون على حد سواء بعد إقرار قانون أحكام الأسرة بشقه السني.
فوجود أحكام الأسرة بالشق الجعفري سوف يعمل على تنظيم وتوحيد الأحكام لما فيه إصلاح لحالة الأسرة التي هي أساس سعادة الفرد والمجتمع، كما سيسهل إجراءات التقاضي للمحامين والقضاة والمتقاضين، وسوف ينهى تباين الأحكام ويخفي الظواهر السلبية التي نراها حاليا ومنها صعوبة الطلاق بشتى أنواعه .
بداية يتعين الإشارة إلي انه لا يوجد في مملكة البحرين قانون للأحوال الشخصية يجمع جميع الاحكام المتعلقة بهذا الاحوال بما فيها الميراث والوصية واحكامهما ، إذ أقتصر قانون أحكام الاسرة الصادر في قسمه الأول وفي أقتراح هذا القانون في قسمه الثاني على أحكام الخطبة والزواج والطلاق وأثارهم فقط ولم يتناول أحكام الوصية والميراث كما الحال على سبيل المثال في قانون الاحوال الشخصية الكويتي.
ولاشك أن الجهود الكبيرة التي قامت بها الحركة النسائية في مملكة البحرين ، الاتحاد النسائي وسائر الجمعيات النسائية والمجلس الأعلى للمرأة ورجال الدين وقضاة الشرع المتنورين في المذهب السني أثمرت عن إصدار قانون أحكام الأسرة رقم 19 لسنة 2009 في 27 مايو 2009 في قسمه الأول المتعلق بالمذهب السني ونشر في الجريدة الرسمية بالعدد 2898 – يوم الخميس 4 يونيو 2009وأصبح نافذاً اعتبارا من الأول من يوليو سنة 2009 ، غير أن هذا الجهود لم تتمكن من إصداره كقانون موحد للمذهبين كما كانت تطالب به الحركة النسائية الأهلية بل لم تتمكن من إصداره في قسمة الثاني المتعلق بالمذهب الجعفري رغم قيام قضاة هذا المذهب الأفاضل بإعداد مسودته ، وسبب يعود لموقف المرجعية الدينية عند بعض رجال الدين في المذهب الجعفري الرافض لإصداره ، أو تلك التي وافقت على إصداره بشرط أن يكون شرعيا وبموافقة المرجعية الدينية ، وقد ناقشنا وانتقدنا هذا الموقف في أكثر من فعالية وعبر الصحافة المحلية ونحسب أنه من المفيد في هذه الحلقة الحوارية أن نناقش أوجه ومرئيات المعترضين على إصداره مؤكدين على أهمية التحرك للمطالبة بإصداره في الوقت الراهن ، وقد أوضح الاتحاد النسائي في منتدى «الوسط»، بمناسبة مرور 10 أعوام على تأسيسه المنشور في الصحيفة بتاريخ 9 اكتوبر 2016 بأن (الاتحاد سيقود حراكاً قويّاً خلال الفترة المُقبلة لتحريك المياه الراكدة من أجل إصدار الشقّ الجعفريّ من قانون الأسرة، لافتات إلى أن هذا الحراك المقبل تدفعه حاجةٌ نسائيةٌ ملحة واقعية وليست ترفاً ). نأمل أن تساهم مرئيات وتوصيات هذه الحلقة في هذا الحراك .
مناقشة موقف المعترضين
على إصدارالقانون في القسم الثاني (الجعفري)
وأهمية إصداره
.
أولاً : الرافضون لإصدار القانون يزعمون أن الحملة الداعية لإصدار هذا القانون تضليل أو استغفال أو مغالطة، غير إننا نجد في هذا الحملة وضوحا من حيث الهدف الذي تسعى إليه وهو ( إيقاظ شعور الناس إلى حاجتهم إلى قانون ينظم أحوالهم الشخصية ) وذلك بعد أن انتهى مركز البحرين للدراسات والبحوث في الدراسة التي أعدها بتكليف من المجلس الأعلى للمرأة إلى أن ( نسبة كبيرة من فئات المجتمع البحريني من هم في سن الزواج الشرعي أو حتى المتزوجين ليس لديهم اطلاع أو إلمام أو معرفة بما يعنيه قانون أحكام الأسرة ) ، والحقيقية هي أن عشرات الألوف اللذين استشهدت بهم المرجعية الدينية الرافضة للتقنيين من المواطنين اللذين وقعوا احتجاجا أو شاركوا في مسيرة هنا أو هناك ضد إصدار قانون أحكام الأسرة ، هم اللذين تعرضوا للأسف للتضليل ذلك أن اغلبهم قد وقعوا على عريضة أو شاركوا في مسيرة دون أن يعرفوا ما معنى قانون أحكام الأسرة ، وما هي أهميته بالنسبة لهم . إذ يتصور من التقينا بهم من هؤلاء أن قانون أحكام الأسرة سيعطي المرأة الحق في أن ترمي يمين الطلاق على الرجل في حين إنه ليس في اقتراح القانون في المذهبين حكم كهذا ، انه باختصار مثال على التضليل وتغييب للوعي .
ثانياً: جري الحديث عند المرجعية الدينية بخطاب مضاد للحملة الوطنية من اجل إصدار قانون أحكام الأسرة وكأننا في بلد تجرد من شرع الله وأحكامه ، ليس في دستوره ضمانات دستورية تجعل من قانون أحكام الأسرة متوافق مع الشريعة ، وجري الحديث وكأن الأنساب ستختلط ، والأعراض ستنتهك حين يصدر هذا القانون عن المؤسسة التشريعية الوضعية ، كما جري الحديث عند هذا الخطاب وكأن من صاغوا مشروع القانون لا علاقة لهم بالشريعة وبأحكامها ويفترض فيهم سوء النية على إنهم يسعون لقانون مخالف للشريعة ، والحقيقية هي أن الحديث بهذه الطريقة عند هذا الخطاب ليس له من قصد سوى التهويل والتخويف ، وليس له من مبرر سوى الخوف من الوعي ، وعي الناس بأحكام القانون وأهميته ، إذ لا يتصور أن يكون هناك في شعب البحرين المسلم من يريد قانونا مخالفا لشريعة الإسلام ، ولا يتصور كذلك أن يكون من بين من صاغ مواده ومن بينهم قضاة شرع أفاضل لهم مكانتهم الدينية وخبرتهم في هذا المجال أن يريدوا مثل هذا القانون.
ثالثاً : إذا كنا نتفق مع القول بأن قانون أحكام الأسرة من حيث الموضوع ليس كأي قانون آخر وذلك لتعلقه بالأسرة التي هي أساس المجتمع ، ولتعلقه بالأحكام الشرعية ، وإذا كنا نحترم ونقدر وجهة نظر علماء الدين اللذين يؤيدون صدور القانون لكنهم لا يعدمون الوسيلة التي تعينهم على ذلك ويأملون في أن يكون هناك توافقا اجتماعيا على صدوره وإذا كنا نتفق مع ما يطرحه بعض رجال الدين بضرورة أن ينشأ القانون شرعياً ويبقى شرعياً ، إلا انه يتعذر علينا القبول من الناحيتين الدستورية والقانونية بما يتمسكون به بأن تكون شرعية هذا القانون ابتداء وعند أي تعديل ولو طفيف بموافقة المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف ، لا بموافقة المؤسسة التشريعية الوضعية ويتعذر علينا الأخذ بهذا الرأي لأنه ليس في دساتير الدول الإسلامية التي قننت الأحوال الشخصية نصا يقضي بمثل تلك الضمانة التي يتمسك بها هذا الخطاب ، بل لم نجد في الفقه الدستوري على الإطلاق ما يقرره لمؤسسة هي خارج السلطة التشريعية سواء كانت هذه المؤسسة داخل إقليم الدولة أم خارجه وسواء كانت مرجعية دينية لها مكانتها الروحية أم مؤسسة أخرى من مؤسسات المجتمع المدني بما فيها المؤسسات الداعية لإصدار هذا القانون أن تقرر شرعية القوانين أو تعدل فيها، أن الإقرار بذلك والنص عليه دستوريا أو قانونيا لا يعني فقط تجاوزاً لاختصاصات السلطة التشريعية المتعارف عليها بل انتقاصا من سيادة الدولة ، نعم أن للمرجعية العليا في النجف الأشرف مكانتها الدينية والروحية ، ولها أن تعطي رأيا في شرعية هذا القانون أو ذاك للعامة من الناس ، وهي بذلك تخلق قوة مجتمعية ضاغطة على السلطة التشريعية ، لكنه لا يصح ولا يجوز اشتراط موافقتها على شرعية القانون كي يصدر هذا القانون ويصبح نافداً فهي أولا : خارج إقليم الدولة وثانيا : ليست لها تمثيل في السلطة التشريعية وثالثا : أن موافقة المرجعية على شرعية القانون من عدمه ليست بالضرورة ملزمة لكل الناس ، إذ تعدد المرجعيات العليا ويتعدد الناس في الرجوع إليها تبعا لذلك . ومن ثم لا يصح أيضا وضع مادة دستورية تكفل هذا الشرط .
من هذه المنطلقات ولأجل إصدار قانون أحكام الأسرة في قسمه الثاني متوافقا مع الشريعة من حيث النشأة والبقاء والتطبيق ومنسجما مع الاتفاقات الدولية نرى بأنه :
لابد من التعاطي مع الواقع المتاح ، ونستذكر هنا قول المناضل الفذ أالرفيق المرحوم احمد الذوداي حين صدر دستور 2002 خلافا لمبادئ وأحكام مثياق العمل الوطني حين قال ( علينا أن نتعاطي مع الواقع لكن ليس ذلك الواقع الساكن الذي لا مفر منه بل هو الواقع المتحرك الذي نصنع منه واقع أفضل منه ) ، وهذا يعني وان كنا نهدف ونتطلع إلى وجود قانون موحد للأحوال الشخصية ، غير أن الواقع المتاح في الوقت الراهن يفرض علينا ضرورة المطالبة من أجل إصدار قانون أحكام الأسرة في شقه الثاني المتعلق بالمذهب الجعفري .
لابد من الحوار والتوافق الاجتماعي ، فلا نتفق على الإطلاق مع ما أورده بعض رجال الدين من قول ( بان هذا القانون لو مرر فلا عودة عنه إلا بالدماء وقد لا تفيد الدماء الغزيرة ) ، وانه من الأفضل بدل من ذلك أن نقرأ أولا اقتراح القانون و أن نفتح حورا واسعا حول مواده قبل تمريره فأن وجدنا فيه نصا مخالف للشريعة أو للمعايير الدولية أن نجادل من اقترحه بالتي هي أحسن وان نطرح نصا بديلا عنه وان تكون هذه المجادلة تحت سمع و بصر الناس ، فأن ذلك أفضل من كل هذا الضجيج المضاد لما فيه من مصلحة للعباد .
لابد من الإقرار أن القانون لا يصدر إلا عن طريق السلطة التشريعية فالقانون أي كان مدني ، جنائي أم أحوال شخصية هو تعبير عن حاجة المجتمع لتنظيم سلوك الأفراد في قواعد قانونية يعلمها الكافة وتكون ملزمة لهم ، فهناك إذن تلازم بين القانون والمجتمع ، فالمجتمع لا يقوم إلا على نظام ، والنظام لا يستوي إلا على قواعد آمرة ملزمة ، ولإقرار هذا القانون لابد من سلطة وهي طبقا لدستور مملكة البحرين السلطة التشريعية إذ لا يصدر القانون إلا إذا أقره المجلسان وصدق عليه الملك ، إذ تظل هذه السلطة رغم ما تعانيه من نواقص هي المعنية باقتراح القانون ومناقشته وإقراره والتصديق عليه ، إلا انه يتعين الفهم أن القانون أيا كان المجال الذي ينظمه لا يُقر و لا يصدر هكذا دون تدقيق وتمحيص ، فهو يبدأ باقتراح ثم مناقشة وتصويت ثم تصديق حتى يصل إلى مرحلة الإصدار والنشر ، ويتخلل هذه المراحل عرض القانون على اللجنة المختصة لدراسته ، هذه اللجنة التي يحق لها طبقا للائحة الداخلية لكل من المجلسين الاستعانة في أعمالها بالخبراء من خارج المجلس وهو بالضرورة يشمل المختصين بمسائل الأحوال الشخصية من قضاة وعلماء دين ومرجعية دينية ، وأن في ذلك ردا على أولئك اللذين يرون في أعضاء المجلسين غير مختصين في الشريعة . بل أن في ذلك ضمانة إذا قُرأت مع ضمانات أخرى تجعل بلا ريب من صدور القانون شرعيا وبقاءه كذلك
لابد من الإقرار أن قانون أحكام الأسرة حين يُقر من المجلسين فأن ذلك لا يعني نهاية المطاف إذ يحال بنص الدستور للملك للتصديق عليه ، وليس هناك في الدستور ما يمنع جلالة الملك من الاستعانة بعلماء الدين من الطائفتين لمعرفة ما إذا كان في القانون حكم يخالف الشريعة من عدمه وذلك قبل التصديق عليه ، بل في الدستور ما يلزمه بذلك ، ويشكل ذلك ضمانة من الضمانات الهامة والرئيسة لصدور القانون شرعيا وبقاءه كذلك يتعين عدم التقليل من شأنها . علما بأن الملك فضلا عن التزامه بما نص عليه الدستور فهو يمثل قوة مجتمعية له تأثيرها العام على المجتمع ومؤسساته الرسمية والمدنية .
لابد من التمسك بحكم المادة الثانية من الدستور كضمانة لصدور القانون متوافقا مع الشريعة الإسلامية ذلك أن الأحكام التي نص عليها الدستور والمتعلقة بالشريعة الإسلامية ، وأبرزها حكم المادة الثانية الثابتة التي حظر الدستور تعديلها وهي ( دين الدولة الإسلام ، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ) ، تشكل ضمانة كبرى في أن ينشأ القانون شرعيا وفي أن يبقى شرعيا ، ولا ينال من هذه الضمانة ما أورده بعض من رجال الدين بأن هذه المادة لا تنص على أن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع وبالتالي فإن تغييره وارد باستخدام بقية المصادر للتشريع ، ذلك أن الأخذ بهذا الرأي يؤدي إلى قفل باب الاجتهاد وعدم استخدام ما توصل إليه الفقه بما فيه الفقه الإمامي من أحكام بواسطة العقل أو بالإجماع أو بغيرها من مصادر التشريع الأخرى في تقنين مسائل الأحوال الشخصية أو في أي مسائل أخرى ، ولا نجد في نص المادة الثانية بصياغته القائمة أي معوق أو حاجز يحول دون الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية في تقنين مسائل أحكام الأسرة ، إذ يكفي أن يتوافر في هذا النص – وهو متوافر فيه – وبغض النظر عما إذا كان التشريع مصدر رئيسي أو المصدر الوحيد عنصر الإلزام ، أي ما يلزم المشرع العادي ( صانع القانون ) في أن يخضع القانون لإحكام الشريعة وإلا اعتبر قد حاد عن القيام بوظيفته التشريعية .
لابد من التأكيد على أن معظم أحكام الأسرة التي أرستها الشريعة الإسلامية جاءت من مصادر اجتهادية فلا يصح القول بأن أحكام الأسرة ، هي جمعيها أحكام قطعية ثابتة وردت في المصدرين الرئيسين القران الكريم والسنة النبوية الشريفة ليس لأحد أن يعدلها أو يغيرها بمرور الزمن في حين أن معظم أحكام الأسرة هي من مصادر اجتهادية وهي المصادر التي تتجلى فيها الحركة والمرونة في التشريع الإسلامي أي تطور التشريع مع تطور الحياة ، والقول بغير ذلك معناه نفي أهم خاصية تمتاز بها شريعة الإسلام وهي الثبات والحركة ، ثبات على الأهداف والغايات وعلى الأصول والكليات ، وحركة ومرونة في الأساليب والوسائل وفي الفروع والجزئيات وفي شئون الدنيا والمجتمع . وهي ميزة حاضرة ومتوقدة في مسائل أحكام الآسرة
.لابد من احترام ما نص عليه الدستور البحريني في المادة 18 ( الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ) . وبهذا النص فانه يمتنع على المشرع العادي الإبقاء على أي شكل من أشكال التمييز ضد المرأة خصوصاً فيما يتعلق بموضوع أحكام الأسرة ولا يصح لمؤسسات المجتمع المدني وفي المقدمة منها الحركة النسائية البحرينية السكوت عن عدم المساواة بين المرأة و الرجل في أي قانون جديد يصدر عن السلطة التشريعية
لابد من الاعتراف بأهمية ما جاء في الاتفاقيات الدولية بشأن حقوق المرأة وخاصة تلك التي وقعت وصادقت عليها البحرين بحيث يأتي قانون أحكام الأسرة وفق المذهبين متوافقة ومنسجمة مع المعايير الدولية، خاصة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو). ، واتفاقية حقوق الطفل وبشكل خاص حقوق المرأة القانونية و في المساواة بينها وبين الرجل في العلاقات الأسرية ، وما ينتج عنها من آثار تنعكس على المرأة والطفل. إذ يعد انضمام مملكة البحرين لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة بموجب المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 والمنشور في الجريدة الرسمية في 6 مارس من ذات العام ، حدث بارزا ومهما في تحاه فأصبحت هذه الاتفاقية جزء من التشريع الوطني و تكون لها قوة القانون بعد أن أبرمت وصدق عليها وتم نشرها في الجريد الرسمية حسب نص المادة 37 من الدستور.
لابد من التأكيد على أن واقع تطبيق قانون أحكام الأسرة في قسمه الأول بعد مرور أكثر من سبع سنوات على نفاذه قد أثبت صحة وأهمية وضرورة إصدار قسم المذهب الجعفري ، إذ على الرغم مما كان يعتري قانون أحكام الأسرى في قسمه الأول من نواقص وعيوب ، فقد سهل القانون وساعد على القاضي والمتقاضي ، والمحامي في فهم وتطبيق الحكم الشرعي من نص واضح بدلا من البحث في بطون الكتب الفقهية وبدلا من تطبيق رأي القاضي وفقا للمذهب الذي ينتمي إليه .فقد أوضح القانون أحكام الخطبة وما ترتب عليها من حقوق ، وأحكام الزواج وأثاره و حقوق الزوج على زوجته ، وحقوق الزوجة على زوجها ، كما أوضح في نص واضح أنواع الفرقة ، من طلاق وتطليق وخلع ، وما يترتب عليهم من حقوق وأثار ، وغيرها من أحكام .
نقول للمرجعية الدينية في المذهب الجعفري أن قانون أحكام الأسرة في قسمه الأول المتعلق بالمذهب السني قد وضع حكم هام يحول دون إجراء أي تعديل عليه دون يكون هذا التعديل متوافقا مع أحكام الشريعة الاسلامية حين نصت المادة الثانية من مواد الإصدار على أنه “لا يتم تعديل هذا القانون إلا بعد أخذ ر أي لجنة من ذوي الاختصاص الشرعي من القضاة والفقهاء، على أن يكون نصفهم من القضاة الشرعيين يصدر بتشكيلها أمر ملكي.”ويعد هذا النص ضمانة هامة تحول دون التدخل التشريعي بتعديل نصوصه بعيداً عن ذوي الخبرة والاختصاص،سواء من الناحية النظرية التي تتمثل في علماء الدين، أم من الناحية التطبيقية الممثلة في القضاة الشرعيين، وهي ضمانة لا بأس بها، و إن كان الأصل في إعداد أي تشريع أو تعديله أن يكون لذوي الاختصاص الدور الأعظم فيه دون حاجة إلى النص على ذلك .