يشيد البعض بنجاح مجلس التعاون الخليجي، كونه لايزال قائماً كل هذه السنوات الطويلة، لكنه (أي هذا البعض) يتعامى عن ندرة منجزاته.
فإذا كانت مدة عُمر المجلس هي المقياس، فجامعة الدول العربية هي الأقدم بكثير، إلا أنها أكثر المنظمات التي شهدتها المنطقة فشلاً وخيبة، ومصائبها يعرفها الجميع.
يتفاءل البسطاء من الناس عند عقد مؤتمرات مجلس التعاون، ويتسمَّرون أمام التلفاز، ليشاهدوا مظاهر البذخ الزائد في اللباس والطائرات الفخمة والسيارات الفارهة الخاصة، وطوابير الحاشية المزركشة، كمشاريع الزينة المنتشرة في المنطقة، مثل الأبراج العالية والمجمعات والقصور الملكية، والمقار الحكومية التي تبذر (وأستحي من استعمال التعبير الشعبي الشائع)، كالبيت الأبيض الأميركي وباكنغهام بالاس البريطاني، والإليزيه الفرنسي!
قواعد عسكرية جديدة
وتتعاظم هذه المظاهر مع تضخم إيرادات النفط، إلى درجة أن الإنكليز الذين قادوا المنطقة عام 1971، وبسبب عجزهم المالي، عادوا الآن وغيرهم لإقامة قواعد عسكرية جديدة في المنطقة، للاستفادة من الخيرات النفطية الجديدة… والمثل العامي يقول «الذيب ما يهرول عبث!».
من وعاهم للعودة؟ ولماذا؟ هل لتحرير فلسطين وهم من أهداها للصهاينة؟! أو خوفا من الخطر الإيراني وهم يتفاهمون مع طهران تحت الطاولة بزعامة الأميركان؟ أم لمساعدتنا في تنميتنا المستحقة، وهذه عادة تتم عبر الخبرات العالمية، وليس بقوى عسكرية مختصة في القتل والتعذيب، كما أصبح الآن واضحاً ومعلوماً لدى الجميع وتاريخهم الدامي يشهد على ذلك؟!
ألم وحزن
إن مجلس التعاون الخليجي، أو بالأصح نادي العائلات الحاكمة، مغلق أمام مواطني هذه الدويلات، وليس له دور مشارك وفعَّال، وحتى المجالس النيابية الكاملة الولاء للحكام مغيبة عن أنشطته.
نحن في الكويت تألمنا عندما وجدنا درعنا العسكري الخليجي يتفرج على مأساتنا عندما غزانا صدام، وحزنا عندما عجزنا عن الحصول على الغاز، وهو على بُعد «حذفة عصا» من حدودنا، بسبب عرقلة «الأحبة الجيران» مد الأنبوب المطلوب، وما يزيد من حزننا وألمنا، ما نراه من قراراتهم المقيدة للحريات والمستعبدة للشعوب تفرض علينا.
ويشتد زعلنا.. لا، بل غضبنا، عندما تُفرض علينا قوى متسلطة متعددة في منطقتنا ونجبر على الطاعة العمياء لها من دون نقاش أو اعتراض.. لا، بل قد تصل عقوبة مخالفتها للإعدام، ليس في البلد المعني فقط، بل حتى على مَن هم خارج حدودها. «من صجكم» تريدوننا أن نهلل ونكبّر لكم ونفرح بكم؟!
قريباً تنتهي بهرجة النفط، وعندها لن ينفع الندم.. والعاقل مَن يتعظ.. فلا تفرشوا الأرضية الصالحة لـ«داعش» وأخواتها.. هذا ما يؤكده التاريخ.
الطليعة الكويتية – 17 ديسمبر 2014