استجابة لنداء الموقع الإليكتروني الأثير للتقدمين العرب والكورد؛ ” الحوار المتمدن”، حول الّلغو المُفتعل، على أثر قيام “مؤسسة ابن رشد للفكر الحر” اختيار الزعيم والفقيه الإسلامي التونسي الكبير؛ ” راشد الغنوشي” كشخصية إسلامية وسطية، مُقرّة ومعترفة بأصول اللعبة الديمقراطية في المرحلة العربية الحرجة الحالية! وكشخصية بروغماتية ماكرة؛ لكنها عملية وعقلانية (عدوٌ عاقل خير من صديق جاهل!).. حيث تأهل (غنوشي) في نيل جائزة مؤسسة ابن رشد للسنة الحالية (2014)؛ حسب “لجنة الاختيار” المكونة من أكاديميين ومثقفين عرب وغيرعرب.
أعتقد -بلا تردد- أن منافع إختيار الجائزة وحيثيات الاختيار أكثر من مضرّتها، لأنها تحمّل النهضويين التونسيين (الاسلاميين السياسيين الوسطيين) مسؤولية مضاعفة على عاتقهم، تؤازر موقفهم “العقلاني” المسؤول، المتعلق بتفهمهم الواقع التونسي الحالي وما يجب أن يجابهونه، من تكتيكات سليمة للتعامل الأمثل مع الوضع التونسي الحالي المأزوم والمعقد (من وُجهة نظرهم)، الأمر الذي يعود بالنفع مرحليا – على الأقل- للتطور السلمي والقانوني للمجتمع التونسي و”تهذيب” الصراع الاجتماعي المستفحل، حتى لا تنفلت الشعارات المتطرفة من عقالها، لتأكل الأخضر واليابس وتسبب صراعا عقيما وعبثيا (مثال ليبيا)، قبل أن يحين موعده الموضوعي ( انفجار الصرع الإجتماعي/ الطبقي والانشطار/ التخندق المجتمعي؛ له أوانه ومرحلته ومشروعيته المادية!) وما لذلك في احتواء الغلو والتطرف، المتأتيين من مختلف التوجهات الايدلوجية (اليسار المتطرف واليمين الارهابي).. وهذا أمرٌ لم ولن يفهمه اليسار المتطرف عامة، والأقلام الحادة والسائدة- للأسف- في الحوار المتمدن، خاصة! مقارنة بما يحدث في مصر، حيث ارتأى الاسلاميون المصريون (الاخوان المسلمون) سلك درب الارهاب والانتحارالسياسي، في حين استفاد “الغنوشي” الداهية من خطايا اخوتهم المصريين الاسلاميين، حتى لو افترضنا أن موقفه عبارة عن كلمة حق يراد بها باطل! المهم أنه يجتهد مبذلا جهودا استثنائية لإقناع مريديه في أولوية استقرار تونس على قدسية الشرع، حاليا على الأقل (هذا يحسب له بالطبع)! بجانب أنه يلعب بحنكة ودهاء، حسب الأصول القانونية واللعبة” الديمقراطية”، الأمر الذي يصبّ (شاء من شاء وأبى من أبى) في سيرورة التعافي التدريجي للمجتمع التونسي واستقراره المأمول وتشييد المجتمع المدني الفعلي وتسييد دولة المؤسسات والقانون الحقيقية .. وهو باعتقادنا الهدف المرحلي الأول للثورة التونسية الرائدة
كم يشعر المرء بالاحباط والاكتئاب وهو يلقي نظرة عامة على المقالات المتعلقة بالمسألة الإشكالية هذه .. وكم يحتار من هكذا آراء ومواقف متشنجة وأحادية ؛ مسطورة من قِبَل خميرة مثقفي وكتاب الحوار المتمدن! والأغرب أن الأغلبية تدّعي إمتلاك؛ “مجسّ الجدل المادي/ التاريخي” في الرؤية والتحليل، بينما في الحقيقة بات جُلُّهم كمن فقد الاتصال بالواقع الموضوعي، مستسلما لنزواته الحسية ورغباته الطوباوية، البعيدة عن فهم الواقع ورصده والتعامل معه .. عدا قلة من الأقلام العقلانية! وأكيد .. لاحياة لنا بدون هذه الشريحة الصغيرة من الانتلجنسيا، التي تمثل نواةٍ (ستتكاثر) لمستقبلٍ أفضلٍ لدنيا العرب.
وأخيرا لابد من الإشارة أن هذا الرأي الشخصي المتواضع لا يتكئ على أي وهمٍ، تجاه خطورة منهاج الاسلاميين المستقبلي وأحلامهم الطوباوية، في تفعيل برنامجهم الخرافي المستند على ميتافيزيقيا الغيب والعاطفة الدينية، بُغية إعادة “العدل الإلهي الاسلامي” لديار العرب والمسلمين! غير أن المسألة لا تكمن في طموحات الافرقاء، المشروعة وغير المشروعة (كل حزبٍ بما لديهم فرحون!)، بل تكمن في كيفية التعامل الأمثل والأجدى مع “الأخوة الاعداء” في المجتمع الواحد، من خلال النشاط السياسي التدريجي الدؤوب، المتكئ على الصبر المضني مع الجماهيرالخاضعة حاليا للوعي الديني، والنضال الشاق من أجل إقناعهم بجدوى المشاريع الحداثية وجرهم نحو عالم التنوير والتقدم، بدل المجابهة المباشرة مع المتدينين واستفزازهم. والوقوع في هاوية صراع مفتعل مع الدين والمقدسات! ولعل الأهم؛ هو ادراك المراحل المختلفة المتعاقبة، التي يجب أن تخطيها المجتمعات العربية المعاصرة، بأقل الخسائر الممكنة، لتحقيق إنجاز ما على الأرض- مهما صغر. وضرورة النأي عن رفع الشعارات الكبيرة –قبل أوانها- المدغدغة للمشاعر الثورجية-غير الصبورة- والمعشعشة في الذهنيات المعلّبة بالجمل “الثورية” المجردة!.. خاصة تلك الشعارات الحارقة للمراحل، المجلوبة من بطون الكتب المؤدلجة، للشروع المباشر والسريع في تشييدِ جنةِ عدنٍ الخرافية
إنتهى المقال
……………………………………………………………………………….
معلومات أساس عن ” مؤسسة ابن رشد للفكر الحر”
مؤسسة “ابن رشد للفكر الحر” ؛ مؤسسة مستقلة تسعى لدعم قيم الحرية والديمقراطية في العالم العربي
أهداف المؤسسة: تشجيع قيم الحرية والديمقراطية والجدل المنطقي
لذلك تقوم مؤسسة ابن رشد للفكر الحر – جمعية عربية مُستقلّة مُسجّلة في ألمانيا – بتقديم جوائز سنوية لمن قام بدور في دعم ونشر الفكر الديمقراطي الحر والديمقراطية والإبداع في البلاد العربية وبإلقاء الضوء على رواد الحضارة تكون قد ساهمت وبمنح مبادري التغيير الفكري حقها في الصدارة وبتكوين الرأي والتوعية لدى الجماهير.
تصدر عن المؤسسة بيانات وخطابات احتجاجية تتعلق بتعديات على حرية الرأي، حقوق المرأة أو بالرقابة وأحكام قانونية ظالمة أصدرتها محاكم في العالم العربي، وممن تحدثت بحقه مثلاً الأستاذة سامية محرز (مصر)، مارسيل خليفة (لبنان)، أحمد البغدادي (الكويت) ونوال السعداوي (مصر). ولا تستطيع المؤسسة مراقبة كل ما يجري في العالم العربي من جرح للحقوق لذلك تتقبل بامتنان أي تأشيرة وتنبيه يدلها على ذلك.
من يدعم الفكرة؟
تلقت المؤسسة منذ نشأتها كثيراً من الدعم والتشجيع من قبل مثقفين عرب منهم عزيز العظمة، أدونيس، محمد عابد الجابري، صادق جلال العظم، شوكت الكيلاني، أحمد صدقي الدجاني، حيدر عبد الشافي وغيرهم.
ويعتبر أهم دعم للمؤسسة اشتراك أعضاء لجان التحكيم بعملية اختيار الفائز كما أن تعاون الأكاديميين الألمان الذين تدعوهم المؤسسة كمحاضرين لإلقاء كلمة التكريم في احتفالية منح الجائزة أكبر مكسب للمؤسسة.
لجنة التحكيم
كل عام تُشكل لجنة تحيكم جديدة مستقلة تختار الفائز من ضمن الأسماء المرشحة. أعضاءها شخصيات معروفة من العالم العربي وأوروبا. ومن الذين ساهموا كأعضاء تحكيم مثلاً هشام شرابي، برهان غليون، فريدة النقاش، سحر خليفة، خليل شقاقي، على عتيقة، عبد الحسين شعبان، محمد فائق، أسمى خضر، قاسم حداد، أحمد فائز الفواز، فيرنر إنده، أجيلكا نويفرت وغيرهم.
بإمكان الحصول على النصوص الكاملة لكلمات الفائزين وكلمات التكريم من صفحة المؤسسة بالإنترنت، كذلك معلومات تفصيلية عن احتفال تقديم الجوائز (مع صور) وسير حياة أعضاء لجنة التحكيم.
المجلة
تفتح مؤسسة ابن رشد للفكر الحر صفحات مجلتها الالكترونية – منبر ابن رشد للفكر الحر – للنقاد والكتاب الذين يرغبون الاشتراك بمقالة أو بالنقاش الحر من أجل التنوير وتقدم المجتمع العربي.
أخبار الصحف
لاقت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر تجاوباً كبيراً داخل وخارج ألمانيا وذُكرت في الصحف والمجلات العربية والألمانية والانجليزية. فقد نشر منذ تأسيس المؤسسة إلى اليوم ما يزيد عن الـ 500 مقالة.
لا استقلال سياسي دون استقلال اقتصادي
تحقق المؤسسة أهدافها خلال نشاط وتمويل من أعضاء المؤسسة في البلاد العربية والمهجر. إنّ القاعدة الأساسية لِضمان استقلالية مؤسسة ابن رشد للفكر الحر سياسياً هي استقلالها مالياً. بدعمك المالي للمؤسسة مهما كان متواضعاً فإنّكَ تقدم مساهمة مهمة من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية في العالم العربي، وكذلك من أجل دعم الديمقراطية على صعيد عالمي. كُنْ معنا عضواً فعّالاً أو داعماً. التبرعات الواردة للمؤسسة قابلة للتخفيض الضريبي في ألماني
الجوائز منذ التأسيس ( 1999 ) حتى الآن
Subject Country Name Year
2014 راشد الغنوشي تونس شخصية اسلامية معتدلة ومؤثرة
2013 ريم بنّا فلسطين الأغنية
2012 رزان زيتونة سوريا الربيع العربي
2011 سهام بن سدرين تونس صحافة
2010 الحوار المتمدن منتدى حوار/ صاحب مدونة
2009 سمير أمين مصر الاقتصاد
2008 محمد عابد الجابري المغرب النهضة العربية
2007 نوري بوزيد تونس إخراج أفلام
2006 فاطمة أحمد إبراهيم السودان حقوق الإنسان
2005 نصر حامد أبو زيد مصر الإصلاح الديني
2004 صنع الله إبراهيم مصر الأدب السياسي
2003 محمد أركون الجزائر الفلسفة
2002 عزمي بشارة فلسطيني السياسة
2001 محمود أمين العالِم مصر الفكر النقدي
2000 عِصام عبد الهادي فلسطيني تحرر المرأة
1999 قناة الجزيرة الفضائية قطر الصحافة والإعلام
الفرق الحضاري هو سبب المبادرة
الفرق الحضاري بين الغرب والشرق هو الذي جعلنا من ضمن من يسأل ويبحث في المجتمع العربي عن أسباب الركود الحضاري وتخلُّف المجتمعات. لا يُمكن إعادة أيّ حضارة سابقة كما كانت لأنَّ ذلك يتطلّب إعادة نفس الشروط التي سمحت بالنهضة آنذاك. إلاّ أنّنا نعتقد أنّ تفعيل حضارة نشطة في مجتمع راكد يحتاج لآمال وأحلام جديدة ونرى أنّ أهمها الإيمان بمحورية وضع الإنسان الفرد المواطن في الدولة والمجتمع والإيمان بالتسامح والفكر الحر والجدل الموضوعي.