بداية المسيرة النضالية :
في الخامس عشر من شباط “فبراير” الجاري، يحتفل الشيوعيون والتقدميون في البحرين بالذكرى الثامنة والخمسين لتأسيس حزب الطبقة العاملة وسائر الكادحين والمثقفين “جبهة التحرير الوطني البحرانية”، ونحاول، بهذه المناسبة، أن نقدم هذا العرض الموجز لأهم المحطات النضالية في نضال الجبهة وتاريخها، الذي اقترن على الدوام بالنضال الشعبي من أجل الاستقلال والديمقراطية والتقدم الاجتماعي وحقوق المرأة والحريات السياسية والمدنية.
ولإدراكنا انه من الصعب الإحاطة بهذا التاريخ وتفاصيله في عجالة كهذه، فرأينا تسليط بعض الضوء على المحطات الفاصلة في تاريخ الجبهة التي انبثقت في خضم المعارك الوطنية والكفاحية ضد الاستعمار البريطاني والرجعية من أجل الحقوق المشروعة لشعب البحرين وفي المقدمة منها طرد الاستعمار البريطاني ونيل الاستقلال الوطني والحرية، وتشكيل مجلس تشريعي منتخب، ونقابات عمالية، وإصلاح القضاء، في تلك الحقبة التاريخية الأهم في حياة الشعب والحركة الوطنية عندما كانت تقود نضال الجماهير الثائرة هيئة الاتحاد الوطني (54 – 1956)، قبل ان تضرب من قبل المحتلين البريطانيين وأعوانهم من الرجعية الحاكمة، وينفى ويسجن ويطارد ويشرد قادة وكوادر وأعضاء الهيئة، في تلك المرحلة الهامة في حياة شعبنا تجمع نفر قليل من الرواد الأوائل من العمال والمثقفين الشباب المؤمنين بالأفكار الماركسية، أفكار الطبقة العاملة، أفكار الحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية، ليعلنوا في البحرين ودول الخليج العربي عن قيام أول حزب شيوعي يسترشد بالأفكار الماركسية اللينينية، و بالنظرية العلمية، بأفكار ومبادئ الطبقة العاملة والكادحين، أفكار التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي، وعدم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، أفكار العدالة الاجتماعية والمساواة، بعد اعتقال ونفي قادة هيئة الاتحاد الوطني في البحرين (54 – 1956) صحى الناس في اليوم التالي لضرب الهيئة، وإذا بالجدران في عاصمة البحرين المنامة كتب عليها الشعارات المطالبة بإطلاق سراح قادة الهيئة وإعادة المنفيين من منفاهم في سانت هيلانة إحدى الجزر المحتلة من قبل المستعمر البريطاني في المحيط الهندي، (عبدالرحمن الباكر، وعبدالعزيز الشملان وعبدعلي العليوات).
ثانياً: محطات نضالية متعددة،الانتفاضات ،الاعتقالات والمنافي:-
اجتماع عام 1958 ( الكونفرس الأول ) في البحرين.
شكل هذا الاجتماع أو (الكونفرس )مثلما يطلق عليه من قبل المناضل الكبير الرفيق علي دويغر ، نقلة نوعية في حياة الحزب من حيث القرارات والتوصيات الصادرة عنه ،أهمها الاتفاق على أصدار البرنامج السياسي للحزب ( برنامج الحرية والاستقلال الوطني والديمقراطية والسلم والتقدم الاجتماعي ). وهو أول وثيقة سياسية تصدر في البحرين عن حزب سياسي ،في الاجتماع تم انتخاب سكرتيرين للحزب ،الرفيق المناضل علي دويغر لقيادة الحزب في الداخل والرفيق المناضل الراحل أحمد الذوادي لقيادة الحزب في الخارج.
في تاريخ جبهة التحرير الوطني البحرانية، تعرضت الجبهة لأول حملة اعتقالات ومصادرة للمنشورات والبيانات في عام 1957، وتم اعتقال بعض الرفاق في عام 1959كما استشهد الرفيق حسن نظام في ايران من قبل جهازالمخابرات الايراني ( السافاك ) وهو أحد مؤسسين الجبهة ولكن حملة اعتقالات عام 1960، كانت من الحملات الموجعة والجبهة لم يمضِ على تأسيسها خمسة أعوام، حيث تم اعتقال مجموعة من الرفاق ونفي بعضهم للخارج، وصدر حكم قاسي على الرفيق القائد العمالي وأحد مؤسسي “جتوب” المناضل علي مدان، بالسجن لمدة خمس سنوات وشقيقه المناضل حسن مدان ثلاثة سنوات وبعد انتهاء المدة تم نفيهما للخارج.
- ضربة عام 1961، تم اعتقال ونفي كل من المناضلين، الرفاق أحمد الذوادي ويوسف العجاجي، وجعفر الصياد، ومحمد كشتي، ود. يعقوب الجناحي، وكانت هناك حملات اعتقالات في أعوام 63 و1964 اقل تأثيرااً من الحملات السابقة الذكر.
انتفاضة مارس 1965 المجيدة
- إثناء انتفاضة مارس 1965 العمالية المجيدة،، شاركت وقادت “جتوب” جنباً إلى جنب مع القوى الوطنية والقومية العديد من المسيرات والتظاهرات في المحرق والمنامة والسنابس، هذه الانتفاضة التي سالت فيها الدماء الزكية لأبناء شعبنا في المحرق والمنامة وبعض القرى واستمرت لأكثر من شهرين، وكان أول المعتقلين في هذه الانتفاضة المناضل والقائد الرفيق علي دويغر واحد مؤسسي جتوب الذي اعتقل في 12 مارس 1965، واستمر اعتقاله لأكثر من عامين، اول من اعتقل كما كان آخر من تم إطلاق سراحهم من معتقلي انتفاضة مارس 1965 في بداية عام 1968.
- اعتقالات عام 1966 بعد العملية البطولية التي قامت بها جبهة التحرير الوطني البحرانية، بتفجير سيارتي رئيس جهاز الاستخبارات بوب البريطاني ومساعده أحمد محسن الأردني الجنسية.
- جاءت حملة الاعتقالات الواسعة في عام 1968، والتي على أثرها تم اعتقال العديد من قادة وكوادر جتوب ومن بينهم المناضل البارز والفنان المعروف الرفيق مجيد مرهون والذي حكم عليه بالسجن المؤبد وقضى حكمه، ولم يطلق سراحه حتى بعد نيل البحرين استقلالها الوطني في 14 أغسطس من عام 1971، وكان من الواضح بأن المرتزق المعروف آيان هندرسون البريطاني الجنسية رئيس جهاز الأمن السابق في البحرين، ينتقم لمقتل صديقه الضابط البريطاني بوب من مناضلي جتوب، حيث رفع نخب القضاء على جتوب في عام 1968، في احتفالاته الخاصة، ولكن عمال وشبيبة وطلبة جبهة التحرير الوطني البحرانية، خيبوا ظنه، عندما خرجوا في مسيرات طلابية وعمالية رافعين يافطات كتب عليها نطالب بإطلاق سراح معتقلي جتوب، رجع هندرسون لأصحابه قائلاً: جئت متأخراً لقد إنتشرت أفكار جتوب وأعضاؤها موجودون في كل البحرين.
- اعتقالات أعوام 69-70، وتم نفي بعض رفاقنا من ضمنهم المناضل الراحل الرفيق عبدعلي الخباز المعروف بـ(عبدعلي المقهوي)، وآخرون.
في عام 1970 زيارة المبعوث الدولي الإيطالي شاردي – البحرين
في 30 مارس من عام 1970، وصلت البحرين لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، برئاسة الايطالي السيد رونسبيرجيو شاردي، ليتعرف على رأي الشعب البحريني بعد مطالبة شاه إيران ضم البحرين لإيران بعد انسحاب المستعمر البريطاني من البحرين، فبعد لقاء المبعوث الدولي مع ممثلي الأندية والمآتم، قال كلمته وهي بأن البحرين دولة عربية مستقلة وأن شعبها يرفض المطالب الإيرانية، ولكن الأهم في الموضوع الرسالة التي سلمتها قيادة جبهة التحرير الوطني البحرانية، لمبعوث الأمم المتحدة في محل إقامته في فندق الخليج، حيث رفضت جبهة التحرير الفكرة التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك السيد ريوثانت من خلال المبعوث الشخصي له، ولخصت جتوب مواقفها في النقاط التالية:-
1. رفض الاستعمار البريطاني والحكم الرجعي وإدانة الادعاء الإيراني.
2. إلغاء المعاهدات الاسترقاقية.
3. المطالبة بحق تقرير المصير بحيث يكفل الاستقلال الحقيقي.
4. إبعاد القواعد العسكرية وأجهزة الدمار والحرب.
5. إطلاق الحريات العامة والديمقراطية.
6. إزالة حالة الطوارئ لكي يتمكن الشعب من ممارسة جميع حقوقه السياسية في جو ديمقراطي لا يستند إلى اللون أو العنصر أو الطائفة.
7. إطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين.
8. السماح للمنفيين بالرجوع إلى أرض الوطن.
كانت جتوب واضحة في طرح مواقفها الوطنية في مرحلة النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني والرجعية الحاكمة، والادعاءات الإيرانية بضم البحرين لإيران.
جزء من نضالات جتوب في سبعينيات القرن الماضي:
- في بدايات الاحتجاجات والمسيرات والإضرابات العمالية في أعوام (70 – 1971) كان لمناضلي جتوب من العمال والنقابيين، دور كبير وبارز فيها، حيث برز العديد من العمال النقابيين في قيادة المسيرات والإضرابات العمالية.
- وفي مارس من عام 1972، الانتفاضة العمالية التي نظمت وقادت الإعتصامات والإضرابات والمسيرات العمالية، المطالبة بتشكيل النقابات العمالية، بعد قمع الانتفاضة تم اعتقال العديد من القادة والكوادر النقابيين ويعض من قادة وأعضاء جتوب، لكن الانتفاضة سرعت من الدعوة لانتخاب المجلس التأسيسي في (في بداية عام 1973) (نصف أعضائه كان بالتعيين والنصف الآخر بالانتخاب الحر المباشر)، وقد قاطعت الانتخابات جبهة التحرير والجبهة الشعبية .
دستور عام 1973 ، المجلس الوطني المنتخب ، كتلة الشعب
- بعد صدور دستور البحرين في يونيو من عام 1973، تمت الدعوة لانتخابات المجلس الوطني في السابع من ديسمبر 1973، التي شاركت جتوب فيها، حيث شكلت مع حلفائها من المناضلين الوطنيين (كتلة الشعب) حيث فاز ثمانية من أصل اثنى عشر رشحوا أنفسهم عن الكتلة، كان ذلك أهم حدث بعد مرحلة الاستقلال الوطني بأن يفوز الشيوعيون والتقدميون في إحدى دول الخليج العربي في أول مجلس نيابي منتخب في البحرين والثاني بعد الكويت، مما اعتبر حدث كبيراً وهامأ في الحياة السياسية في المنطقة، وهذا يدل على النفوذ الكبير الذي كان يتمتع به اليسار في البحرين بين الناس لأنه يدافع عن قضاياهم ومطالبهم من داخل قبة البرلمان وخارجه ويربط النضال الجماهيري والمطلبي في الشارع بالنضال من داخل المجلس الوطني، مما شكل ضغطاً على السلطات الحاكمة في البلاد، للانصياع لمطالب الجماهير المرفوعة خارج البرلمان أو تلك المرفوعة من داخل البرلمان من قبل أعضاء كتلة الشعب، وكانت تقارير السفارة البريطانية المرسلة عن طريق السفير البريطاني المعتمد في البحرين للخارجية البريطانية، والتي تم نشر العديد منها في الأرشيف البريطاني تتحدث عن مواقف أعضاء كتلة الشعب وكيفية التصدي لمشاريع السلطة، وتلك شهادة تؤكد على الدور الكبير الذي قام به أعضاء كتلة الشعب في المجلس الوطني، عندما تصاعد الخلاف بين كتلة الشعب وممثلي السلطة الحاكمة في البحرين على العديد من المواضيع، (الوجود العسكري الأمريكي الممثل في القاعدة الأمريكية في الجفير، المطالبة بتحديد مصروفات الديوان الأميري، سرقة الأراضي وعدم توثيق العديد منها، عطلة عيد العمال العالمي، وتشكيل النقابات العمالية، تحسين أوضاع الناس المعيشية، وأخيراً مشروع قانون أمن الدولة الذي تم رفضه من قبل أعضاء مجلس الوطني، بعد أن تم إقناع الكتلة الدينية التي كانت مترددة في بداية الأمر في رفضه، بسبب عداءها للأفكار التقدمية، واليسارية.
- في 24 و25 يونيه عام 1974، تم اعتقال قادة وكوادر ونقابين بارزين من جبهة التحرير الوطني البحرانية، وبالمناسبة بعد حل المجلس الوطني في 26 أغسطس 1975، أول من تم تطبيق قانون أمن الدولة السيئ الصيت عليهم هم قادة ومناضلي جتوب، أحمد الذوادي، ويوسف العجاجي، وعباس عواجي، أحمد الشملان، ود. عبدالهادي خلف، قضى الثلاثة الأوائل أكثر من خمس سنوات في السجن والمناضل أحمد الشملان سنة واحدة وفي مرحلة لاحقة في بداية من عام 1981 حتى عام 1986، قضى أكثر من خمس سنوات في السجن بعد التخرج والعودة من الدراسة في موسكو، قبل حل المجلس الوطني بثلاثة أيام تم شن حملة اعتقالات واسعة ضد مناضلي الحركة الوطنية في 23 أغسطس 1975، تعرف بهجمة أغسطس عام 1975، كما تعرضوا لحملة اعتقال مناضلي جتوب بجانب رفاقهم في الجبهة الشعبية في عام 1976، بعد حادث اغتيال الصحفي المعروف عبدالله المدني، وعلى أثر تلك الحملة القمعية، سقط رفيقنا الشاعر الشهيد سعيد العويناتي، وقبله الشهيد المناضل محمد غلوم.
- حملة اعتقال في عام 1978، كان من ضمن تلك الحملة المناضل الكبير محمد حسين نصر الله الذي قضى حوالي أكثر من خمس سنوات في السجن.
- حملات اعتقال في أعوام 1981، 1982، 1983، 1984 ضد مناضلي جبهة التحرير الوطني البحرانية، كما طالت كوادر وأعضاء جبهة التحرير الوطني البحرانية حملة اعتقالات أخرى في عام 1985.
الضربة الموجعة واستشهاد الرفيق الدكتور هاشم العلوي
كانت حملة الاعتقالات الواسعة عام 1986، التي طالت العديد من كوادر وأعضاء جبهة التحرير الوطني البحرانية، من الحملات القاسية والموجعة لجتوب واتحاد الشباب الديمقراطي البحراني أشدب، والتي تعرض فيها المناضلين والمناضلات لتعذيب جسدي ونفسي وحشي، وتم تصفية رفيقنا البطل الدكتور هاشم إسماعيل العلوي في أقبية التعذيب في 18 سبتمبر 1986، قبل هذه الحملة القمعية الواسعة نشطت جبهة التحرير الوطني البحرانية واتحاد الشباب الديمقراطي البحراني “أشدب”، بتوزيع البيانات والنشرات الحزبية والعمالية والنسائية والشبابية والطلابية (الجماهير ، الشبيبة ، صوت العامل ، صوت الطلبة ، صوت المرأة ) بشكل واسع ضد التواجد العسكري الأمريكي في البحرين، وكذلك ضد العدوان العسكري الأمريكي على ليبيا في ابريل من عام 1986، بالإضافة إلى البيانات المطالبة بإعادة الحياة النيابية وإشاعة الديمقراطية في البلاد، وإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين وعودة المنفيين من الخارج، وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وتشكيل النقابات العمالية والاتحادات النسائية والطلابية والشبابية، جزء من هذه المطالب تحقق اليوم، بفضل تلك النضالات والتضحيات التي قدمها مناضلو جتوب و”أشدب” والحركة الوطنية البحرينية.
–
نشاط
جبهة التحرير الوطني البحرانية في الخارج:
أقامت قيادة جبهة التحرير الوطني البحرانية ، علاقات واسعة مع العديد من حركات التحرر الوطني في البلدان العربية والعالم ،وكانت لها علاقات رفاقية مميزة مع الأحزاب الشيوعية والعمالية في البلدان العربية والعالم تتواصل معها في اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات التي تشارك فيها لتصل قضية شعب البحرين المطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وعلى الصعيد الإعلامي أصدرت الجبهة في الخارج العديد من البيانات والأدبيات السياسية والحزبية، ( النضال، الفجر، والأمل: النشرة المشتركة مع الجبهة الشعبية ).
- كان جهاز الأمن واهماً بأنه قضي على جبهة التحرير الوطني البحرانية، ولكن البذرة التي زرعت في أرض البحرين منذ الخامس عشر من شباط “فبراير” عام 1955، لا تستطيع أي قوة اقتلاعها من الأرض، فالجذور ضاربة في العمق، مهما كانت الظروف والصعاب، فالراية كانت دائماً مرفوعة لم تنكسر في يوم من الأيام، ولن تنكسر في الوقت الحالي.
–
العريضتان النخبوية والشعبية:-
كان لمناضلي وأنصار جبهة التحرير الوطني البحرانية دور كبير وبارز في إصدارهما بجانب الشخصيات والقوى الوطنية والديمقراطية والدينية في البحرين، وكان الشخص الأبرز فيها المحامي المعروف المناضل الوطني الكبير أحمد عيسى الشملان “أبو خالد”، الذي كان الناطق الرسمي باسم العريضة الشعبية في البحرين، بالإضافة إلى المناضل الكبير محمد جابر الصباح النائب السابق في المجلس الوطني 1973 بالرغم من مرضه، كان إحدى الشخصيات الوطنية البارزة المطالبة بعودة الحياة النيابية وإشاعة الديمقراطية في البحرين، فكان أبو جابر وفياً ومخلصاً لجتوب ومبادئها جنبا إلى جنب مع أبي خالد الذي كان شعلة من النشاط والحيوية في تسعينيات القرن الماضي، الذي اعتقل لأكثر من شهرين وأصيب على إثرها بجلطة مرتين ولا زال يعاني من آثارهما.
الانفراج السياسي في فبراير 2001:-
جاء الانفراج السياسي في فبراير من عام 2001، من قبل ملك البلاد وطرح مشروعه ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه شعبنا بإجماع وطني، حيث سبق التصويت بأن تم إطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين وعودة المنفيين وتم إلغاء قانون أمن الدولة السيئ الصيت فيما بعد، بعد حقبة سوداء عاشها شعبنا لأكثر من ربع قرن، فبدل من تطوير التجربة الناشئة نحو مزيد من الحريات العامة والديمقراطية وإلغاء القوانين المقيدة للحريات والتحول الديمقراطي في البلاد، وتعزيز الثقة بين النظام السياسي والشعب، بدأت التراجعات بإصدار دستور عام 2002، بصورة منفردة ( انقلاب أبيض ) ،كانت بداية التراجع لمشروع الإصلاح الذي طرحه الملك في فبراير 2001، و على أثره أدخلت البلاد في مزيد من الأزمات والمشاكل، وكانت ذروة تلك الأزمات، الأزمة السياسية المستمرة منذ 14 فبراير 2011، ولا زالت تلقي بكل تأثيراتها وتداعياتها على مناحي الحياة في البحرين، بالرغم من بدء جولة الحوار الوطني منذ أيام، الذي ليس من الواضح حتى الآن، ما إذا كان سيؤدي لتحقيق نجاحات تخرج البلاد والعباد من ذلك المأزق بعد أن تم تقسيم الشعب وسادت أجواء الترهيب والترغيب وزج بالعديد من المواطنين ومن كل التخصصات في السجون والمعتقلات وازدادت الأحقاد والكراهية في البلاد.
المنبر الديمقراطي التقدمي:-
أسس مناضلو وأنصار جبهة التحرير الوطني البحرانية المنبر الديمقراطي التقدمي في فترة الانفراج السياسي في يوليو 2001، بعد أن تم الإعداد والتحضير الجيد للإعلان عن الاجتماع الأول في يوم الجمعة الموافق 13 يوليو 2001، في قاعة نادي طيران الخليج ، لأول مرة في تاريخهم النضالي يعلن الشيوعيون في البحرين عن انتقالهم للعمل العلني، ليواصلوا المسيرة التاريخية لجبهة التحرير الوطني البحرانية التي عرفت بنضالاتها وتضحياتها وبوحدتها الفكرية والسياسية والتنظيمية، حزب ماركسي لينيني جامع بعيد عن الانتماء العرقي أو المذهبي، حزب وطني واعٍ كان جل اهتمامه الوطن والشعب، وهو أول حزب سياسي في البحرين يعلن عن برنامجه السياسي في خمسة عشر تحت عنوان: “برنامج الحرية والاستقلال الوطني، والسلم والمساواة والتقدم الاجتماعي” الذي صدر في عام 1962، وعلى أسس تلك الأهداف التي صاغها في برنامجه، استمر نضال الجبهة ضد الاستعمار البريطاني والرجعية، من أجل إقامة النظام الديمقراطي في البلاد.
تتزامن الذكرى الثامنة والخمسون لتأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية مع الذكرى الثانية لأحداث الرابع عشر من فبراير 2011، والتي حدثت بسبب تلك التراجعات الكبيرة عن التحول الديمقراطي في البلاد، وجاءت في ظروف ما يعرف بالربيع العربي، الذي بدأ في تونس وبعدها مصر وبعض الدول العربية، الشباب العربي الذي فجر الثورات والانتفاضات والاحتجاجات، و لكنها سرقت من قبل قوى التيار الإسلامي السياسي في معظم البلدان العربية، والذي يحاول اليوم فرض أجندته الخاصة بعيداً عن أهداف وشعارات الثورات التي تفجرت ضد الاستبداد والقمع ومن أجل قيام الدولة المدنية الحديثة تتعزز فيها الحريات العامة والديمقراطية، والقوانين المواكبة للتطور والتقدم، ولا تفرض عليهم أفكار أحادية لتنشئ من جديد دكتاتورية أكثر استبداداً من الأنظمة والحكام السابقين، لهذه تبرز الضرورة التاريخية بأهمية تأسيس التحالفات الوطنية الديمقراطية في البلدان العربية للتصدي للدكتاتورية الجديدة التي وصلت إلي سدة الحكم باسم الثورة وصندوق الاقتراع السري “أي الانتخابات”.
إن القوى اليسارية والتقدمية و الديمقراطية في البلدان العربية، تقف أمام مهام كبيرة ومنعطفات خطيرة يتطلب منها في كل بلد عربي التنسيق والتعاون والتحالف، لكي لا تضيع الحقوق والمكاسب الديمقراطية والثقافية التي تحققت بفضل نضالات أجيال عديدة من المفكرين والمثقفين و المناضلين العرب،وتتحول بلداننا إلى دول متخلفة وجاهلة وشعوب متقاتلة مثل (الصومال وافغانستان ) وتشجع هذه التحولات الخطيرة بفضل تدفق الأموال الخليجية لتيارات الإسلام السياسي لمواجهة قوى الحداثة والتقدم، قوى التغيير الحقيقي من أجل تحولات ديمقراطية بينوية في مجتمعاتنا العربية،لبناء دول وشعوب تتطور وتتقدم من خلال التعليم والبحث العلمي وإشاعة أجواء الديمقراطية والشفافية والمساواة وحقوق المرأة والطفولة، والأقليات ، دول وشعوب قادرة أن تكون مستقلة في قرارها السياسي والاقتصادي، غير تابعة للامبريالية الأمريكية، التي يهمها مصالحها ولا يوجد لديها أصدقاء دائمون، وهذه سياسة قديمة للأمريكان، لذا نراها اليوم تفضل التنسيق والتعاون والتحالف مع بعض أطراف تيار الإسلام السياسي في الوطن العربي، والتحكم في القرار السياسي، بشكل مباشر أو عبر وكلاء خليجيين وغيرهم من الدول والقوى التي تنفذ السياسة الأمريكية في المنطقة.
في ذكرى تأسيس حزبنا، نتوجه بالدعوة لجميع القوى والشخصيات الوطنية والديمقراطية والتقدمية في تشكيل التحالف الوطني الديمقراطي من أجل البحرين، الدولة المدنية الديمقراطية، دولة الحقوق والواجبات، دولة احترام القانون وحقوق الإنسان، دولة المساواة والعدالة الاجتماعية، دولة الوحدة الوطنية، والتسامح والتعايش المشترك بين كل فئاته ومكوناته، دولة ضد التمييز والطائفية البغيضة، دولة التعددية السياسية والثقافية، دولة لا يستغل فيها الإنسان أخيه الإنسان.
سنواصل تلك المسيرة النضالية من أجل وطن حر وشعب سعيد.