أقيمت مساء أمس بمقر جمعية المنبر التقدمي ندوة عن “ الإفلات من العقاب سياسة ممنهجة أم حالات فردية ؟” تحدث فيها المحامي حميد الملا ومجموعة من الأهالي والضحايا.
هنا ننشر الورقة التي قدمها المحامي حميد الملا بالتفصيل:
فيما يتعلق بندوة الإفلات من العقاب، وهي جريمة من الجرائم الماسة بالمجتمع، على إعتبار بأن الإفلات من العقاب يساهم ويسهل مرتكبيه في المزيد من الإنتهاكات دون أي رادع يذكر، وبالتالي غياب العقوبة لمن تسببوا في القتل خارج نطاق القانون والتعذيب والإختفاء القسري والإعتقال التعسفي.
كل هذه الإنتهاكات المجرمة بموجب القوانين المحلية والدولية، هي مسئولية خاصة بالدولة التي يفترض بها أن تقوم بحماية مواطنيها، ومن ثم عليها أن تردع من يعتدي عليهم من خلال إيجاد ترسانة من القوانين والآليات التشريعية لتجريم الإفلات من العقاب.
وهذه الآليات والقوانين لن تتمكن أي دولة من سنها، إلا في ظل الإعتراف بوجود هذه الإنتهاكات، فإن لم تعترف الدولة بحصول هذه الإنتهاكات وبالتستر عليها فإنه من المستحيل حصول إنصاف للضحايا، وعليه لا بد من أن يساق هؤلاء الجناة إلى العدالة ومن ثم يتسنى إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب بخلاف ما نراه حالياً بأنه هنالك محاولة خجولة في تقديم بعض هؤلاء الجناة إلى المحاكم وعلى إستحياء ليدخلوا من باب المحكمة كمتهمين ويخرجوا بالبراءة من الشباك.
وبهذه المناسبة، نود أن نلفت عنايتكم إلى توصيف هايدمان للحكم التسلطي في حلته الجديدة والتي تتناسب والعصر، والتي حددها في أربعة بنود، والتي طبقتها البحرين بحذافيرها وبشكـل يفـوق مـا توصـل إليـه هايدمان نفسه.
أولاً: الإستيلاء على المجتمع المدني وإحتواءه.
ثانياً: إدارة الإعتراض السياسي.
ثالثاً: حيازة فوائد الإصلاح الإقتصادي.
رابعاً: تنويع الروابط الدولية.
فإنه لم يعد مخيفاً بأن الدولة وهي التي تمتلك القمع والإكراه أن تكون مقيدة بالمراقبة الدولية ومعايير إحترام حقوق الإنسان، فأي سلوك مخالف يعد إنتهاكاً لتلك الحقوق المعترف بها دولياً وتصنف في هذه الحالة في خانة الجرائم ضد الإنسانية كالتعذيب والمعاملة السيئة والإختفاء القسري والإعتقال بسبب الرأي والمس بالحق في الحياة والقمع الثقافي والإقتصادي ومنع ممارسة الحقوق السياسية والتطهير العرقي والطائفي.
وفي هذا الصدد، لا بأس من ذكر من أن كل تلك الجرائم وعلى مدى عقود من الزمن وبتطور مفاهيم حقوق الإنسان، وجدت لها مكاناً في محاكمات دولية، كمحكمة نورمبرغ ضد النازيين ومحكمة طوكيو لمجرمي الحرب من اليابانيين ومحكمة مجرمي يوغسلافيا السابقة ومحكمة مجرمي رواندا، وأخيراً المحكمة الجنائية الدولية.
وبناءٍ عليه، فإن أهم ما جاءت به حقوق الإنسان هو المسائلة بالنسبة لجميع المؤسسات والأفراد ليصبح العقاب مجالاً ملزماً ومنظماً لسير حُسن العدالة.
ولو إستعرضنا التاريخ الحقوقي والسياسي للبحرين، فإننا سنجد على مدى عقود طويلة من الزمن بأنه لم يتعرض أي من المسئولين عن القتل خارج القانون والمعذبين لأي عقوبة، والتاريخ السياسي يشهد بأن في سجوننا دخل الكثير وإستشهد الكثير، ولازال معذبيهم وقاتليهم ينعمون بالحياة المرفهة، بل حصلوا على مكافآت على جرائمهم، وحصِنوا من الملاحقة القضائية بموجب قوانين أصدرت خصيصاً لهذا الغرض وقانون 56 لسنة 2002 مثالاً على ذلك، والأدهى والأمّر، فإن من قُدِموا بجناية القتل والتعذيب لازالوا طُلقاء، على الرغم من فداحة هذا الجرم، كما أن آخرين لم تحرك النيابة أي دعاوى ضدهم بحجة عدم كفاية الأدلة أو دفاعاً عن النفس، والمثال الصارخ هو ما توصلت إليه النيابة في قضية الشهيد حسام الحداد من أنها أي النيابة (إستخلصت من خلال كافة مجريات التحقيق وسلوك طرفي الواقعة إنما قام به رجل الأمن كان أمراً حتمياً عليه، لدفع ضرر محدق ألّم به يكاد أن يؤدي بحياته). كما أن النيابة في قضية أخرى في إستشهاد علي حسين نعمة، ذكرت (بأن ما قام به الشرطي كان أمراً حتمياً عليه لدفع ضرر محدق ألّم به يكاد أن يؤدي بحياته)، وبناءً عليه تم حفظ الأوراق في الواقعتين، على الرغم من وجود تقارير طبية وصور تؤكد خلاف ذلك، ومثالاً على ذلك التقرير الطبي الصادر بتاريخ 28 سبتمبر 2012م من قبل مستشفى السلمانية والخاص بالشهيد علي حسن نعمة والذي يبين بأن سبب الوفاة هي إصابة نارية (شوزن) بالظهر.
بينما حوصرت قرية بأكملها، ألا وهي قرية العكر، عندما إتهمت الداخلية بأن هنالك هجوم وقع على أحد منتسبيها أدى إلى وفاته وذلك بتاريخ 17 أكتوبر 2012م
وإنطلاقاً من المقدمة، وبناءٍ على ما توصلت إليه اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق (لجنة بسيوني) والتي أصبحت الآن تعهدات أمام الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان ويتابع تنفيذها خبراء حقوق الإنسان التابعون لآليات الأمم المتحدة، من المفيد إستعراض البعض منها من أجل إطلاعكم على تلك التوصيات وما آلت إليه للإرتباط لما نحن بصدده من موضوع.
فكما تعلمون، بأن التوصيات التي نتجت عن المراجعة الدورية الشاملة لملف البحرين الحقوقي في جنيف كان عددها 176 توصية، وافقت الحكومة على 145 منها بشكل كلي و13 بشكل جزئي، كما أن الحكومة قد وافقت لاحقاً على توصيتين أخريين.
ومن ضمن تلك التوصيات التي وافقت الحكومة عليها، هي التنفيذ الكامل للتوصيات الواردة في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وعلى الأخص في ذلك وضع برنامج للمصالحة الوطنية، وتلبية تطلعات المجموعات التي هي ضحية للتمييز، وضمان تحقيق المحاكمة العادلة للمعتقلين أمام المحاكم الجنائية العادية، ووفقاً للمعايير الدولية، ورفع جميع القيود المفروضة على تنقلات الصحفيين الأجانب والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، والعمل على تنفيذ الإلتزامات الوطنية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإتفاقية مناهضة التعذيب وإتفاقية حقوق الطفل، والإفراج الفوري ودون قيد أو شرط عن جميع الأشخاص المحكوم عليهم بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع، وخصوصاً خلال الإحتجاجات المناهضة للحكومة في فبراير 2011م، والتحقيق في حالات الوفاة في الحجز، ومحاكمة جميع المسئولين عن التعذيب وسوء المعاملة وعمليات القتل الغير قانونية، والإعتقالات التعسفية على نطاق واسع وتنفيذ الإلتزام بإعادة بناء المساجد التي تم هدمها، وإلغاء أو تعديل قانون الصحافة لعام 2002م بإزالة جميع القيود على حرية الصحافة والتي لا تتفق مع الأحكام ذات الصلة بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وبذل كل الجهود لتخفيف الرقابة، ومنح الجماعات المعارضة المساحة المناسبة لها عبر وسائل الإعلام، وإلغاء الأحكام القانونية التي تقيد على نـحـو غير ملائم المظاهرات السلمية، وإزالة القيود المفروضة على حرية التعبير والسماح للمعارضة بالوصول إلى وسائل البث التلفزيوني والبث الإذاعي والإعلام المطبوع.
أما التوصيات التي رفضتها الدولة، فقد تمثلت في 6 توصيات تتعلق بالإنضمام للمحكمة الجنائية الدولية، وكما تعلمون بأن الإنضمام إلى هذه المحكمة يعني ضرورة إصدار تشريعات وطنية عبر البرلمان ونشرها في الجريدة الرسمية وإعتماد إجراءات كاملة للتعامل مع المحكمة، حيث أن هذه المحكمة تنظر في القضايا الخطيرة لإنتهاكات حقوق الإنسان بمجرد أن يحال الملف إليها من مجلس الأمن الدولي أو كون تلك الدولة المشتكى عليها عضو صادق على الإنضمام إلى المحكمة.
والحكومة أيضاً قد رفضت توصيتين أخريين بإعتماد البروتوكول الإختياري لإتفاقية مناهضة التعذيب، وهذا البروتوكول يسمح لخبراء الأمم المتحدة بزيارات منتظمة للأماكن التي يعتقد أن تعذيباً قد جرى فيها.
كما رفضت الحكومة 3 توصيات بإعتماد البروتوكول الإختياري الأول الذي يسمح لخبراء الأمم المتحدة بإستلام شكاوى المواطنين مباشرة، ورفضت الحكومة عدة توصيات طالبتها بإلغاء عقوبة الإعدام بصورة مطلقة ضد أي شخص وبخصوص أي جريمة.
كما رفضت الحكومة توصيات أخرى، من ضمنها توصية صادرة عن السويد بإزالة جميع القيود عن مؤسسات المجتمع المدني وإفساح المجال لها للمشاركة العلنية في كل ما يخص حقوق الإنسان، وتوصية أخرى صادرة عن الدانمارك التي طالبت بإستلام الناشط الحقوقي المعتقل عبدالهادي الخواجة لتلقي العلاج بحسب إتفاق تم بين البلدين في 14 مارس، ورفضت الحكومة توصية الفلبين بالتصديق على الإتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأعضاء أسرهم وخدم المنازل.
الأخوة والأخوات،،،
ومن هنا فقد أصبح على الدولة إلتزامات لم يعد بالإمكان التملص منها، إلا بالإلتفات عليها أو تنفيذ البعض منها في حدود عدم المساس بالجوهر، ولذلك فأنتم ترون بأم أعينكم كيف أخذت تلك التوصيات مجرىً آخر يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق أغراضهم في عدم تنفيذ أي من التوصيات.
وإستناداً إلى ذلك، وما يهمنا في موضوع الإفلات من العقاب، فقد عمدت الحكومة إلى تشكيل هيئات ومؤسسات ولجان شكلية تُعنى بتنفيذ تلك التوصيات، وعلى إثرها قامت النيابة بتأسيس وحدة خاصة بشكاوى التعذيب يشرف عليها المحامي العام، وهذه الوحدة كما تعلمون قد حققت مع مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب وعلى الأخص الطاقم الطبي والذي بلغ عدد من قدموا بلاغات بشأن التعذيب ما يقارب 28 طبيباً ليقدم فقط للمحكمة عدد 6 أطباء، ليس من بينهم الدكتور علي العكري، وهو الذي تعرض لأشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، لتعرفوا مقدار التلاعب والإلتفاف على تلك التوصيات، هذا إلى جانب لجان عدة على هذه الشاكلة.
وقد حضيت قضية الصحفية نزيهة سعيد بما لم تحضى به أي قضية أخرى كبقية القضايا عدى الأطباء، والتي بموجبها برأت المحكمة ملازم أول من الشرطة النسائية لتعديها على الصحفية المذكورة بقصد حملها على الإعتراف بجريمة، وهي إحدى المشكو ضدهم بالتعذيب والذين لم يقدموا حتى تاريخه، أما قضايا قتل المؤمن وعبدالحسن فقد برأت المحكمة المتهمين فيها أثنين من الأمن العام بتهمة الإعتداء المفضي إلى الموت، حيث قضت المحكمة فيهما ببراءة المتهمين مما نسب إليهم، بعد أن سبق للمحكمة أن عدلت وصف التهمة الموجهة للمتهمين في القضية المذكورة من الضرب المفضي إلى الموت إلى القتل العمد.
وكون المجني عليها صحفية، إهتمت الصحافة المحلية والعالمية بموضوع التعذيب الذي تعرضت له كما ذكرنا سابقاً، حيث تمت تغطيته من قبل وسائل إعلام عديدة ومتعددة، فعلى سبيل المثال لا الحصر: لوفيغارو الفرنسية، وكالة الأنباء الفرنسية، فرنسا 24 في محطاتها الثلاث، إذاعة مونتي كارلو الدولية، الموقع الإلكتروني للأصوات الليبرالية، الموقع الإلكتروني لكيم أندرو، موقع مراسلون بلا حدود باللغات الثلاث، موقع اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، موقع 972 ، السفير اللبنانية، القدس العربي، الدستور الأردنية، صوت المنامة، ديلي تريبيون، الوسط وباقي الصحف المحلية كالأيام ، البلاد، أخبار الخليج، الوطن.
وللأسف الشديد، رغم فداحة الجرم الذي إرتكبته قوات الأمن والشرطة بقتل المتظاهرين في أحداث فبراير 2011م، فقد إنتهت المحكمة إلى براءة المتهمين، بقتل المؤمن وعبدالحسن، ولم يحضون بذات التغطية، عدى متابعة المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان.
ونظراً لحجم ما كُتب ونشر في الإعلام العالمي والمحلي عن قضية نزيهة سعيد، فقد إهتمت وزارة الداخلية بالموضوع بعد أن فتحت تحقيقاً نادراً في مثل هذه القضايا أثناء فترة السلامة الوطنية، كما قامت بعرضها على طبيب شرعي وأثبت ما بها من إصابات، فقدمت إحدى المتهمات بالتعذيب أمام المحاكم العسكرية أثناء السلامة الوطنية بتهمة الإعتداء على سلامة جسم الغير وحوت الصحيفة على 5 تهم:
1) بأن قامت بصفعها على وجهها، وضربها بواسطة أنبوب بلاستيكي(هوز)، وركلها في جميع أنـحاء جسدها، دون أن يفضي ذلك الإعتداء إلى مرضها أو عجزها عن أعمالها الشخصية مدة تزيد عن 20 يوماً، على النحو المبين بتقرير الطبيب الشرعي.
2) رمت غيرها بإحدى طرق العلانية بما يخدش الشرف أو الإعتبار، وكان ذلك أثناء قيامها بوضع رأس المذكورة في (مرحاض الحمام)، على النحو الوارد في التحقيقات.
3) لم تؤدي العمل المنوط بها بأمانة وإخلاص، ولم تخصص وقت العمل الرسمي لأداء واجبات الوظيفة.
4) لم تكن معاملتها للمواطنين حسنة ولم تحافظ على شرف الخدمة وحسن سمعتها، وذلك بأن قامت بسكب الماء على رأس ووجه المدعوة نزيهة أثناء تواجدها بالمديرية، على النحو الوارد بالتحقيقات.
5) أتت عملاً يتنافى مع كرامتها العسكرية، على النحو الوارد بالأوصاف السابقة.
ولقد إنتهت المحكمة العسكرية إلى إدانة المتهمة بما نسب إليها وغرمتها 200 دينار عن التهمة الأولى و 200 دينار عن التهمة الثانية والحرمان من العلاوة السنوية لمدة سنة واحدة عن التهمة الثالثة والرابعة والخامسة.
وبناءٍ على الحكم المذكور، فقد إستأنفت المتهمة ذلك الحكم، وقضت المحكمة بإحالة الأوراق إلى المحاكم المدنية، بناءٍ على المرسوم بقانون رقم 28 لسنة 2011 بشأن القضايا الخاصة بحالة السلامة الوطنية، والمرسوم رقم 62 لسنة 2011 بإحالة القضايا التي لم تفصل فيها محاكم السلامة الوطنية إلى المحاكم العادية، وإستناداً لقرار وزير الداخلية الصادر في 8/12/2011م بإحالة جميع القضايا العسكرية المتعلقة بإتهامات الوفاة أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية إلى النيابة العامة.
أمام هذا الوضع، كان لزاماً على المحاكم المدنية أن تنظر هذه الدعاوى المحالة إليها، والعجيب في هذا الأمر هو أن تقوم النيابة العامة بإعداد صحيفة إتهام ضد الملازم أول (المتهمة) وتقييدها جنحة بدلاً من جناية، وذلك من أجل تخفيف العقوبة إلى أقصى حد، لتعيد المحكمة التي نظرت الدعوى للنيابة مرة أخرى لتقيد من جديد على أنها جناية وليست جنحة، وبعد عدة جلسات وبعد أن قدمنا كل ما لدينا من دفاع ودفوع وشهود وتقارير طبية وصوراً عن آثار التعذيب الموجودة في جسمها، ليصدر الحكم في نهاية المطاف بالبراءة، معللين ذلك بتناقض أقوالها ولم تأتِ متفقة مع الدليل الفني وهو تقرير الطبيب الشرعي، مع العلم بأن تقرير بسيوني في الفقرة رقم 1603 قد أشار إلى حالتها، مستنداً إلى التقارير الطبية التي قدمتها بما فيها تقرير منظمة أطباء بلا حدود.
وبصدور حكم البراءة في هذه القضية وغيرها من القضايا، فإن مثل هذه الأحكام لا تعدو إلا ان تكون ترسيخ لثقافة الإفلات من العقاب.
ومن أجل ذلك، ونظراً لحجم إخفاقات النيابة والوحدة المشكلة تحديداً في نظر شكاوى التعذيب، فقد صرح المحامي العام بتاريخ 30أكتوبر2012م بأن الأحكام التي صدرت بالبراءة، فإن النيابة تطعن في أحكام براءة المتهمين بقتل المؤمن وعبدالحسن وتعذيب نزيهة سعيد.
من هنا، نجد بأن السلطات يوماً عن آخر تثبت وبما لا يدع مجالاً للشك بعدم جديتها، حيث تنصلت وتتنصل من إلتزاماتها جراء تصديقها على المواثيق الدولية، وأبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتنكرها للتعهدات التي وافقت عليها أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف بقبولها عدد 158 توصية في سبتمبر الماضي.
ومن أجل مناهضة الإفلات من العقاب، فإنه أصبح لزاماً زيادة الضغط على السلطات وتشبث الضحايا وأهاليهم بتوفير كافة الضمانات اللازمة لعدم إفلات الجناة من العقاب، كما يصبح من المهم عدم نسيان الشهداء وتسليط الضوء بإستمرار على هذه الجرائم التي أرتكبت خلال مختلف الحقب.
من هنا، تأتي أهمية من أن يكون هنالك إصلاح جدي من خلال وضع السلطة التنفيذيذة تحت المحاسبة من قبل سلطة تشريعية كاملة الصلاحيات ومن خلال حكومة ممثلة من قبل الشعب حتى تسير قاطرة الإصلاح في الإتجاه الصحيح، إلى جانب إصلاح القضاء وكافة الأجهزة الأمنية وإخضاعها للمراقبة الدورية من قبل السلطة التشريعية، ولن يتأتى كل ذلك إلا من خلال وضع دستور عقدي يلبي متطلبات الإصلاح.
وعليه، فإنه يصبح من أولويات عمل مؤسسات المجتمع المدني بمختلف توجهاتها السياسية والإديولوجية العمل على:
أولاً: تقوية الترسانة القانونية لضمان عدم الإفلات من العقاب.
ثانياً: ضبط ورصد ومتابعة أجهزة الدولة، بعدم السماح بتكرار الإفلات من العقاب، من خلال تقوية مؤسسات المجتمع المدني، وعلى الخصوص منها المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان.
ثالثاً:تعزيز الحماية الدستورية لحقوق الإنسان.
رابعاً: تجريم الإعتقال التعسفي والتعذيب.
خامساً: ضمان المحاكمة العادلة.
سادساً: الإنضمام للإتفاقيات الدولية.
سابعاً: تعزيز إستقلال القضاء.
ثامناً: معاقبة المسئولين عن إنتهاكات حقوق الإنسان، أياً كانت درجتهم ومركزهم.
تاسعاً: وضع إستراتيجية لعدم الإفلات من العقاب.
المحامي/حميد علي الملا