بصورة سريعة، وخلال الأيام القليلة الماضية تسارعت وتيرة العنف بشكلٍ لا ينبئ بخير للوطن، والخوف يزداد يوماً بعد يوم مما هو قادم.
ومع
تزايد أعمال العنف والعنف المضاد، ارتفع خطابٌ يوازي ذلك، يطالب الدولة
باستخدام المزيد من القوة والقسوة تجاه ليس فقط من يدخل في مواجهات مع رجال
الأمن، ولكن تجاه كل من يعبّر عن رأيه ويطالب بالمزيد من الإصلاحات، كما
عادت إلى الواجهة بيانات الشجب والاستنكار من الجمعيات والأندية والمجالس،
بعد أن توقف مثل هذا الاسلوب منذ أحداث التسعينات.
ما يثبته الواقع
أنه لا يمكن حل الأمور أو فرض إرادة طرف على آخر بالقوة، كما لا يمكن لمثل
هذه البيانات أن تغيّر من واقع الشارع، وكان من الأجدى لو خرجت جميع هذه
المؤسسات الأهلية بمبادرةٍ وطنيةٍ لوقف العنف في الشارع على أسس وطنية
محايدة، بحيث تجتهد لوضع ولو أفكار أولية تساهم في حلحلة المواقف
المتباينة، وتقريب وجهات النظر، فيما يخص نبذ العنف وتهدئة الشارع.
لا
أحد يقف مع العنف أو يؤيده، ولقد أصدرت الجمعيات السياسية المعارضة الكثير
من البيانات التي توضّح وجهة نظرها في هذا الموضوع، داعيةً إلى وقف العنف
من الجانبين.
شخصياً، أقف ضد جميع مظاهر العنف الذي أصبح جزءًا من
حياتنا اليومية، سواءً ما يتصل منها بغلق الشوارع بالنيران أو إلقاء عبوات
المولوتوف أو أسياخ الحديد على رجال الأمن، وأرى أن ذلك يضر الحركة
المطلبية أكثر مما ينفعها. كما أنه يؤدي إلى سقوط المزيد من الضحايا من
الجانبين. في مقابل ذلك، أرى أن هذا العنف ما كان إلا ردة فعل البعض على
استخدام أجهزة الأمن القوة المفرطة والعقاب الجماعي للمناطق والقرى،
ومحاولتها زرع الخوف في قلوب الناس حتى من لا يشتركون في أية أنشطة، عن
طريق الانتقام غير المبرر من الجميع. وهذه الحالة ظلت مستمرةً لما بعد فترة
السلامة الوطنية، بل وأحياناً فاق استخدام القوة ما كان مستخدماً في تلك
الفترة.
حركات الشارع ظلت سلمية لفترات طويلة، وحتى بعد أن سقط
العديد من الأبرياء المسالمين قتلى، دون أن يُحاسَب من تسبّب في وفاتهم، أو
حتى يُكشف عن الفاعل. وهناك العديد من الأمثلة والعديد من القضايا، التي
أغلقت ملفاتها دون اتخاذ أي إجراء.
إن المطالب السياسية وعنف الشارع
قضيتان منفصلتان تماماً، وليس صحيحاً أنه ما لم تحقق المطالب السياسية، فإن
عنف الشارع سيستمر، إذ إن هذا العنف ظهر لأسبابٍ محدّدة، وسينتهي حالما
تزول هذه الأسباب، والتي من أهمها وقف العنف المفرط والعقاب الجماعي من قبل
رجال الأمن، ومحاسبة المتجاوزين منهم لحدود تطبيق القانون، والكشف عن
مرتكبي حالات القتل، ومحاكمتهم محاكمة عادلة.