في الثامن و التاسع من يناير 1968 قام عضو البرلمان البريطاني وزير الدولة لشئون الخارجية جورونوي روبرتس Goronwy Roberts بزيارة للبحرين و دول الخليج و ذلك لغرض توجيه الانذار لحكام الخليج بقرار حكومة صاحبة الجلالة بانسحابها العسكري من منطقة الخليج. و بعد اسبوع من هذه الزيارة و تحديدا في السادس عشر من يناير أعلن رسميا السيد هارولد ولسن Harold Wilson رئيس حزب العمال و رئيس وزراء بريطانيا عن نية بريطانيا الانسحاب من منطقة الخليج. كان وقع هذا الاعلان سيئا في نفوس حكام الامارات الخليجية الذين جاء رد فعلهم الأولي سلبيا مطالبين بريطانيا بالبقاء مع استعدادهم لدفع النفقات العسكرية. لكن بريطانيا أعلنت رفضها هذا العرض و أكدت في الثلاثين من يناير 1968أن الانسحاب سيتم في موعده المحدد. و في 1 ابريل 1968 أعلنت بريطانيا أن القرار الرسمي بالانسحاب سيصدر في 31 ديسمبر من عام 1971.
في الاجتماع الذي عقد في دبي ما بين الخامس و العشرين و السابع و العشرين من فبراير 1968 تم توقيع إتفاقية لاقامة الإتحاد التساعي على أن يبدأ العمل بالاتفاقية فى 30 مارس 1968 .
لكن هذا الاتحاد الفدرالي التساعي لم يعمر طويلا اذ لم يلبث أن فشل بعد سنتين و نصف و ذلك بسبب الخلافات الحدودية بين السعودية و أبوظبي و بين ابوظبي و دبي بالاضافة الى العلاقات السيئة بين قطر و السعودية. لكن رغبة البحرين في تولي منصب قيادة هذا الاتحاد يعد أحد الأسباب الرئيسية. و لا يقل أهمية عن ذلك خوف أبوظبي من مطالبة ايران بالبحرين و عدم استعدادها للوقوف في وجه ايران في ذلك الوقت.
و على هذا الأساس قررت البحرين و قطر العمل على بناء الاستقلال المنفرد لكل منهما بعيدا عن بقية الامارات التي أعلنت في الثاني من ديسمبر 1971 عن قيام اتحاد الامارت العربية المتحدة الذي ضم جميع امارات ساحل عمان باستثناء رأس الخيمة التي انضمت في 10 فبراير 1972
من بين جميع الامارات الخليجية اختارت بريطانيا البحرين أن تتبع مثال الكويت و أن تنهي اتفاقيات العلاقات الخاصة معها و ذلك بالرغم من عدم رغبة حكومة البحرين في السير في طريق الاستقلال السياسي. و تنفيذا للمخطط الهادف للاستقلال المنفرد للبحرين حرصت بريطانيا على تهيئة الوضع السياسي و الاقتصادي لاستقبال المرحلة الجديدة و ذلك بجعل البحرين تقف على قدميها و تعتمد على نفسها.
يتحدث السيد سايمون ويلسون و هو نائب السفير البريطاني في البحرين في الفترة ما بين 2001 و2005 فيؤكد على مكانة البحرين باعتبارها أهم مشيخة خليجية بالنسبة لبريطانيا و أنها استضافت أول مقيم بريطاني عام (1946) و ذلك بعد قرار بريطانيا نقل مقر المقيم البريطاني من بوشهر على اثر استقلال الهند في العام 1947 و انتقال المسئولية الادارية عن دول الخليج إلى وزارة الخارجية البريطانية في لندن. ( جريدة الوسط العدد : 2788 | الأحد 25 أبريل 2010 )
لم تمضي الا أيام قليلة على اجتماع دبي حتى جاءت ذكرى انتفاضة مارس 65 لتتجدد الأحداث العنيفة في البحرين في صورة مسلسل طويل من حرق السيارات التي تخص بريطانيين و هنود و باكسانيين و بحرينيين بما في ذلك سيارتين تخصان الجيش البريطاني .
و قد تواصلت أعمال الاحتجاج و الاعتصامات لتصل الى محطة الكهرباء التي شهدت في شهر ابريل 1968 عددا من الاضرابات القصيرة التي لم تكن لتؤثر على امدادات الطاقة الكهربائية. و قد تم فك الاضراب و تسوية النزاع في نهاية ابريل و ذلك بموافقة الادارة على تعديل رواتب العاملين و بهذه المناسبة اصدرت جبهة التحرير الوطني في مساء الثاني من مايو 1968 منشورا تحدثت في مقدمته عن الانتصار الكبير الذي حققه عمال الكهرباء و من ثم وجهت الجبهة اتهامها لكل من دائرة الكهرباء و الشرطة و الشيخ خليفة ( الذي تدخل في الاضراب ) و الامبريالية بشكل عام و كان النقد اللاذع من نصيب دائرة ” العمل و العمال ” الحكومية. و لم يغفل البيان الاشارة الى ضرورة تكوين الاتحادات العمالية و غيرها من الاتحادات مثل الاتحادات الطلابية و هو المطلب الذي يتماشى و برنامج الجبهة و يتكرر دائما في بياناتها و أخرها البيان الذي هاجمت فيه الجبهة دائرة التعليم.
في تعليقه على أحداث دائرة الكهرباء يقول المعتمد السياسي في رسالته المؤرخة في 13 أبريل 1968 و المعنونة باسم الدائرة العربية بالخارجية أن حدوث الاضرابات في هذه الدائرة مردها تواجد عناصر جبهة التحرير و حركة القوميين العرب و أن الشئون العمالية في البحرين هي دائما بمثابة الديناميت مثال ذلك ما حدث في شركة بابكو من اضطرابات في مارس و ابريل من عام 1965 جراء تطبيق برنامج الاستغناء عن بعض العمال.
تجدر الاشارة الى أن الادارة البريطانية تعمدت اخفاء أحداث ذكرى مارس 65 و ما صاحبها من اعتقالات و حرصت على عدم الاعلان عنها في الصحافة البريطانية حتى تتجنب تكرار نشر العناوين الكبيرة من مثل ” البحرين أصبحت عدن الثانية “.
مما لا شك فيه أن ادعاءات ايران بالبحرين شكلت أحد العوامل الرئيسية في تأجيج الشعور القومي و تعزيز الشعور المعادي لايران في البحرين. فحركة القوميين العرب و الناصريين رأوا في الهجرة الايرانية و التسلل الايراني تهديدا لعروبة البحرين مما دفعهم للخروج في المظاهرات المؤيدة لعروبة البحرين و ذلك في الرابع و العشرين و الخامس و العشرين من فبراير عام 1968. و قد جابت المظاهرات شوارع المنامة و هي تندد بمطالبة ايران بالبحرين.
في واقع الامر فأن البناء المستقل للبحرين خارج اطار الاتحاد الاماراتي كان يمثل رغبة بريطانية بالاضافة الى كونه رغبة أمريكية.
فيما يتعلق برد فعل الشاه على الغاء التواجد العسكري البريطاني في البحرين و تسليم القاعدة البحرية للولايات المتحدة كان رأي شاه ايران أن حفظ الأمن و الاستقرار بعد الانسحاب البريطاني يقع على دول المنطقة و أن ايران لا ترغب في وجود قوة أجنبية تحل محل بريطانيا. و حسب قول السفير البريطاني في طهران فأن تكرار اشارات الشاه للقاعدة البحرية تسبب الازعاج , و أنهم عندما يخطرون الشاه بأن التسهيلات في البحرين لا يمكن وصفها بالقاعدة و أن البحرين لا تمثل أية أهمية استراتيجية هذه الأيام فأن الايرانيين ليسوا على استعداد لسماع هذا الكلام. لكن السفير يعود ليقول في مقطع آخر من رسالته أن الشاه سيكون سعيدا بأن يكون الأمريكان هم من سيحل محل بريطانيا لأن الشاه ربما وجد في هذا الاحلال بعد 1971 مزايا كبيرة لأن التواجد الأمريكي سيساعد في حفظ الاستقرار و يبعث على اطمئنان الشاه من عدم وجود مخاطر تؤدي الى وقوع البحرين في أيد عدوة خاصة و أن هذه المخاوف هي ما تشكل الصعوبة في طريق اسقاط مطالبته بالبحرين حسب قول السفير. ( رسالة السفير الى الخارجية البريطانية في الحادي من اغسطس 1968 )
يعتبر موضوع المطالبة الايرانية بالبحرين من المواضيع البالغة التعقيد و الحساسية التي ورثها شاه ايران من حكومة الدكتور مصدق و مثلت بذلك ما يشبه الورطة السياسية. فالشاه وجد نفسه بين مطرقة ارضاء الولايات المتحدة و المملكة المتحدة بقبول التسوية السياسية التي تفضي لاستقلال البحرين و بين سندان كسب رضى الشعب الايراني حيال أية تسوية و عدم خسرانه للكرامة الوطنية.
في واقع الأمر فأن الادارة البريطانية و الامريكية كانت تدرك حجم هذه المعضلة السياسية و ردود أفعالها في الشارع الايراني و لذا وضعتا في اعتبارهما أن لا تكون التسوية سببا في الحاق الأذى بسمعة الشاه و شعبيته. و من هذا المنطلق تم طرح موضوع الاستفتاء العام في البحرين كأداة لحل المستقبل السياسي لجزيرة البحرين لكن هذا المقترح رغم رجاحته و صلاحيته لخدمة الطرف الايراني الا أنه ووجه باعتراض المعتمد السياسي السيد بارسون الذي رأى أن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر في البحرين و ذلك بسبب الوضع الديمغرافي و السياسي.
في اطار رسم السياسات و وضع الخطط توجهت الخارجية البريطانية في الخامس و العشرين من يونيو 1968 بسؤال سفيرها في طهران عما اذا كان البرلمان الايراني يملك حق الاعتراض على الشاه و حكومته اذا ما دخلا في ترتيبات خاصة باسقاط المطالبة الايرانية بالبحرين.
و جاء الرد في الرابع من يوليو من السفارة . ليقول ” أنه من الناحية الدستورية لا يوجد شك في أن المجلس لديه القدرة على ابطال قرار الشاه و حكومته في حالة ما اذا وافقا على أية ترتيبات من شأنها أن تؤثر على الغاء المطالبة بالبحرين.
و في غمرة البحث و التنقيب عن مخارج التسوية السلمية أقدمت حكومة البحرين على تشكيل دائرة خاصة للشئون الخارجية مما أثار غضب ايران التي اعتبرت هذه الخطوة خروجا على روح التسوية السياسية التي يجب أن تتم في اطار الأمم المتحدة. و قد فسرت ايران هذه الخطوة على أنها عملية في طريق الاستقلال السياسي من جانب واحد.
و قد سارعت حكومة الكويت للتعبير عن دعمها لهذه الخطوة و بادرت بتزويد حكومة البحرين بالمشورة و المساعدة في تشكيل هذه الدائرة التي تحولت فيما بعد الى وزارة للخارجية. و قد تمثلت مبادرة الكويت في ابتعاث مسئول كويتي من الخارجية الكويتية من أجل المساعدة في التنظيم و الادارة الى جانب ابتعاث أربعة بحرينيين الى الكويت لتلقي التدريب العملي داخل وزارة الخارجية الكويتية.
لعل أول ما يتبادر الى الذهن عند تناول موضوع انسحاب بريطانيا من الخليج هو الكيفية التي سيتم فيها ملئ الفراغ العسكري و الأمني في المنطقة .
يعتبر موضوع التنظيمات الثورية من المواضيع التي شغلت الادارة البريطانية منذ عقد الخمسينات و لذا فلا غرابة أن يحتل الموضوع هذا الحيز الكبير في التقارير المرفوعة الى الخارجية البريطانية. هذا التقرير شأنه شأن التقارير الأخرى لا يختلف في القول بأن هدف هذه التنظيمات التي وصفتها بالهدامة هو اسقاط النمط التقليدي للحكومة و التخلص من النفوذ الغير عربي. و لذا فأن هذه التنظيمات ستحاول استغلال السخط الموجود وسط السنة و الشيعة أو بين العاطلين. و أن اعلان حكومة صاحبة الجلالة بالانسحاب من الخليج قد شجع من حيث المبدأ الهدامين الذين شعروا بأنه سيصبح من اليسير عليهم اسقاط الحاكم عندما يخسر الحماية البريطانية. و بدأ الحديث عن حركة القوميين العرب في البحرين فقال أنها تتألف من غالبية عرب السنة و أنها تتطلع الى الجمهورية العربية المتحدة من أجل الدعم. أنها لم تكن ذات تاثير قوي في السنوات الأخيرة مع أنها المنظمة الوحيدة التي نجحت أثناء حرب يونيو 1967 في انزال الجموع الواسعة من المتظاهرين في الشارع. هناك احياء طفيف لنشاط الحركة منذ اغسطس عام 1968 لكن الحركة ما زالت منقسمة و تنقصها القيادة القوية, و ربما هذا راجع لغياب التوجيه من الجمهورية العربية المتحدة. و مع ذلك فأن بامكانها توفير التجنيد للاستخبارات المصرية بالاضافة الى القدرة على تنظيم الجماهير و هذا مجتمعا يشكل التهديد الرئيسي.
أما عن منظمة التحرير الوطني فيقول التقرير أن الجبهة تتلقى دعمها من الطائفة الشيعية و مع أن الحزب شيوعيا في ايديولوجيته و تنظيمه و اتصالاته الخارجية , الا أنه يبقى حركة بحرينية ذاتية. و قد برزت الجبهة في عام 1968 باعتبارها أكثر الاحزاب الهدامة تأثيرا في البحرين و أنها نجحت مع الخريف في بناء تنظيم محكم يضم حوالي 350 عضوا كما نجحت في ترتيب الفصول التدريبية في الخارج. لكن هذا التنظيم تم اختراقه بعد ذلك من قبل الجهاز الخاص ( الاستخبارات ) و أن اعادة تنظيمه سيستغرق بعض الوقت و هناك ما يدلل على بدء هذه الخطوة. و مع ذلك فأن الجبهة لا زالت تمثل تهديدا , و أنها تكرس نفسها لاستخدام الوسائل العنيفة و هي تحتفظ بكمية صغيرة من الاسلحة في البحرين.
من ثم جاء دور حزب البعث في البحرين فقال أن حزب البعث يتبع الجناح اليساري الذي يمثل السلطة في سوريا , و أنه حاول في عام 1968 تعزيز موقعه و أسس اتصالا مباشرا مع سوريا. و يحاول الحزب توسيع ساحة تجنيده - البعث يتجه لتقديم نفسه على أنه حزب المثقفين- و تبعا لذلك ركز على ابتعاث الأعضاء الى الخارج للتدريب. و ربما حاول البعثيون استعمال البحرين كمركز للنشاط البعثي في الخليج. و يبدو أن الحزب يفضل في الوقت الحاضر تحقيق أهدافه باستخدام الوسائل السلمية. بعد ذلك أشار التقرير الى وجود مؤشرات على خلق تعاون بين البعث و جبهة التحرير في البحرين لكن حزب البعث رأى في تمزق جبهة التحرير فرصة له للفوز بالوضع المهيمن.
و عن قوة هذه التنظيمات و قدراتها قال التقرير أن هناك قرابة ألف بحريني مرتبط بالحركات الهدامة و من هؤلاء حوالي مائة من الناشطين الذين يمثلون النواة الصلبة و القادرين على القيام بالحملات الارهابية.
و تطرق التقرير للدعم الخارجي الذي تتلقاه التنظيمات الهدامة فقال فقال أن الجمهورية العربية المتحدة تقدم دعما قليلا لهذه المنظمات في الخليج , و أن هناك مكتبا لجبهة التحرير في القاهرة و أن الجمهورية العربية المتحدة قامت في الماضي باعطاء تدريب على أعمال التخريب و يبدو أن هذا التدريب قد توقف. و وضع التقرير الاحتمال بأن أعمال التخريب في الخليج ربما يتم تنسيقها عن طريق سفارة الجمهورية بالكويت لكن الدليل ضعيف على وجود مثل هذا النشاط في البحرين علما أنه لا يوجد نقص في التجنيد. و توصل التقرير الى الاستنتاج القائل بأنه طالما أن الجمهورية العربية المتحدة تعتمد على العربية السعودية و الكويت في الحصول على المعونات المالية و أنها تعطي الأولوية للاعمار الاقتصادي بدلا من نشر الاشتراكية العربية في الخارج , فأن الاحتمال المتوقع هو استمرار هبوط معدل الأعمال الهدامة التي ترعاها الجمهورية العربية المتحدة. و مع ذلك فأنه اذا ما أصبحت الجمهورية العربية مستقلة ماديا و تخلصت من انشغالاتها الحاضرة مع اسرائيل فأنها ربما تميل للعودة الى سياستها السابقة في تشجيع الثورة في الدول العربية ” الرجعية “ و من المحتمل أن تشمل هذه الحملات دول الخليج. و أشار التقرير الى سوريا فقال أنها تمد حزب البعث بقدر كبير من المساعدات بما في ذلك برامج تدريب الأعضاء, بالاضافة الى وعدها بامداد الحزب بالمعدات العسكرية, حسب اعتقادهم. و هنا أشار التقرير الى تواجد أحد مؤسسي جبهة التحرير في دمشق و أن هذا الشخص يقوم بترتيب السفر و المنح للاعضاء. أما عن العراق فذكر التقرير بأن العراق ربما تصبح في المستقبل في مركز الصدارة من حيث تدريب الارهابيين على سبيل المثال, و أنه اذا ما نجح فرعا حزب البعث في سوريا و العراق في حل خلافاتهما و قاما بتنسيق تحركهما على المستوى الدولي فأن هذا سيؤدي لزيادة نفوذ الحزب.
فيما يتعلق بأيديولوجية الاحزاب الهدامة - جبهة التحرير و حزب البعث - قال التقرير أن هذين التنظيمين يتبنيا الأيديولوجية الشيوعية و أن لديهما ارتباطات قوية مع كتلة الاتحاد السوفييتي, و أن هناك فرع للجيهة في موسكو يتألف من الطلبة البحرينيين و أن البعثيين سافروا الى موسكو و أمانيا الشرقية للدراسة , كما أصبحت كوبا و بلغاريا أماكن لتقديم فصول التدريب أيضا.
في الوقت نفسه يتضح من خلال التقارير الخاصة بالموقف الايراني أن الشاه خائف من أنه اذا ألغى مطالبته بالبحرين فانه سيتعرض لضغط متزايد لالغاء المطالبة بالجزر طنب الكبرى و الصغرى و أبو موسى.
زيارة الدكتور عمر السقاف الى طهران في السادس من مايو 1969 تعتبر واحدة من الوساطات التي قامت بها المملكة العربية السعودية من أجل اقناع الشاه بالغاء مطالبة ايران بالبحرين. تقول البيانات أن الشاه ناقش مع السقاف مشكلة البحرين و بشيء من التفصيل و أنه أعاد التذكير بالتصريح الذي أدلى به في نيودلهي و الذي عبر فيه عن أسفه لعدم حدوث أي تقدم. كما أفاد الشاه بأنه قد قرر الغاء فكرة أخذ المشكلة الى مجلس الأمن و أنه قرر بدلا من ذلك تركها للسكرتير العام للأمم المتحدة ليتعامل معها حسب ما يرى مناسبا.
و تطرق الشاه أيضا الى موضوع الجزر المتنازع عليها في أسفل الخليج و قال للسقاف أنه يحتاج للجزر الثلاث جميعها للاغراض الاستراتيجية و تمنى أن يحصل عليها كجزء من الصفقة التي تشتمل على البحرين.
بعد عودة الشيخ من نيويورك الى لندن في النصف الثاني من سبتمبر تم عقد اللقاء مع الادارة البريطانية من أجل استكمال المهام المتعلقة باستقلال البحرين. و أثناء تواجده في لندن كانت هناك مقابلة للشيخ مع جريدة التايمز في 18 سبتمبر 1969 في لندن أفاد بأنه قبل بلجنة تقصي الحقائق التي ستقوم بتشكيلها الأمم المتحدة .
على اثر الاتفاق الذي تم بين ايران و بريطانيا و الولايات المتحدة حول استخدام ادوات الأمم المتحدة من أجل استقلال البحرين بادرت الخارجية البريطانية و الكومنويلث
في معرض سعي حكومة البحرين لكسب التأييد المحلي لعروبة البحرين و انجاح مهمة المندوب الدولي بادرت الحكومة على المستوى المحلي بتشكيل لجان من كبار المسئولين في البلاد للقيام بالاتصال بجميع الهيئات والمنظمات الشعبية والاقتصادية و اطلاعهم على أخر التطورات والتفاصيل , طالبة منهم الاستعداد لملاقاة المندوب و اطلاعه على حقيقة الموقف تجاه عروبة البحرين.
أما على المستوى العربي فقد أوكل لرئيس دائرة الخارجية في حكومة البحرين الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة لزيارة القاهرة ، حيث قابل الرئيس جمال عبدالناصر الذي وعده ببذل مساعيه لدى سوريا و الدول العربية الأخرى من أجل اقناعهم بوجهة نظر البحرين ومساعدتها في إنجاح مهمة جيوشياردي. كما قام الشيخ محمد بزيارة بغداد و مقابلة الرئيس أحمد حسن البكر الذي ابدى استعدادا لتفهم موقف البحرين و عبر عن تاييده للخطوات المتخذة في سبيل تحقيق استقلال البحرين. في الوقت نفسه أوفدت حكومة البحرين المستشار القانوني لمجلس الدولة الدكتور حسين البحارنة إلى الكويت لإطلاع السفراء العرب هناك على أخر تطورات القضية. و قد تم الاجتماع في مقر السفير الجزائري في الكويت و تعرض الدكتور حسين البحارنة لموجة من التشكيك في عملية التسوية من قبل معظم السفراء العرب خاصة و أن من يشرف على هذه العملية المملكة المتحدة. و بالرغم من كل هذا التشكيك فقد نجح الدكتور البحارنه في كسب تعاطف الاغلبية مع عروبة البحرين.
في اليوم التالي لصدور هذا البيان و تحديدا في الساعة السابعة من صباح يوم الاثنين 30 مارس عام 1970 وصلت لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة وضمت في عضويتها ستة ممثلين دوليين من إندونيسيا وأيرلندا وفرنسا والهند والأردن، إضافة إلى رئيسها المندوب الإيطالي السيد «ونسبير جيو شاردي» .Guicciardi
ما هو جدير بالملاحظة أن هذه الزيارة دفعت القوميين العرب و الناصريين للخروج في مظاهرة كبيرة جابت شوارع المنامة العاصمة رافعة شعارات عروبة البحرين و مؤكدة على استقلالها.
في هذا المقام لا بد من الاشارة الى الزيارة التي قام بها الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الى النجف الشريف قبل عملية استطلاع الراي و ذلك بهدف كسب تأييد المرجعية الشيعية لعروبة البحرين. في هذه الزيارة التقى الشيخ عيسى بالسيد محسن الحكيم و حصل على تأييده و مباركته الأمر الذي ساعد في الحصول على تأييد الطائفة الشيعية لاستقلال البحرين و الوقوف مع حكم العائلة الخليفية.
فيما يتعلق بعملية الاستطلاع تم وضع البرنامج بحيث يشمل معظم مناطق البلاد كما تم اختيار قاعة المؤتمرات بفندق الخليج لتكون مقرا لعقد هذه اللقاءات. في واقع الأمر فأن حكومة البحرين كان لها الدور شبه الكامل في ادارة عملية استقصاء الرأي حيث قامت بوضع جدول الزيارات و مخاطبة المدعوين كتابيا للالتقاء بالوفد. و الخطاب التالي المرسل للوجيه عبدالله بن يوسف فخرو رئيس مجلس ادارة صندوق التعويضات التعاوني نموذج لهذه المراسلات و الدعوات:
في اليوم الاول لوصول بعثة الأمم المتحدة تم الاجتماع الأول برجالات الدين و ذلك في الساعة الخامسة عصرا. تلى ذلك الاجتماع اللقاء بالوجهاء و الاعيان و ممثلي منظمات المجتمع المدني من أندية و جمعيات نسائية و مؤسسات و غيرها. و قد شمل هذا اللقاء مع البعثة نادي العروبة والخريجين والبحرين وجدحفص والنسور والسنابس والجزائر والفردوسي وسترة والرفاع واليرموك والإصلاح والنعيم والأهلي والترسانة. كما التقت البعثة بإدارات جمعية رعاية الطفولة والأمومة ونهضة فتاة البحرين، وأسرة الأدباء والكتاب وأسرة فناني البحرين و جمعية الهلال الأحمر البحريني.
من ضمن الوفود التي التقت بالمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة وفد نادي البحرين بالمحرق الذي يعتبر آنذاك من الأندية الوطنية و الثقافية. و قد ترأس الوفد الأستاد جاسم مراد الذي أصبح نائبا في أول برلمان منتخب بعد الاستقلال. يقول الاستاذ جاسم مراد أنهم قابلوا بعثة الأمم المتحدة في مقرها بفندق الخليج بالمنامة بصفتهم مكلفين من مجلس إدارة نادي البحرين بالمحرق و أن الاجتماع لم يستغرق أكثر من ثلث ساعة و قد سئل أعضاء الوفد فيما اذا كانوا يريدون البحرين دولة مستقلة و كان جوابهم أنهم جميعا مع البحرين دولة عربية مستقلة.
بعد ذلك استفسر المبعوث الدولي عن كيفية استيعاب البحرين المستقلة للسكان من غير العرب من ذوي الثقافة الفارسية ( العجم ) و أجابه جاسم مراد بأن الحضارة العربية تستوعب كل الثقافات دون تمييز و أن اللغة العربية آكالة ( من أكل ) و تفرض نفسها لأنها لغة القرآن ، و أن الدين المشترك يسهل عملية التزاوج و الاندماج والانصهار بين الناس.
في تعليق الاستاذ جاسم مراد على االوضع السياسي آنذاك قال أن التيار الشعبي بالمحرق في ذلك الوقت كان مع القومية العربية و عروبة البحرين و أنهم جزء من هذا التيار العروبي الواسع. و أنه إذا أرادت البحرين أن تنعم بالاستقرار فإن العامل الكفيل بذلك هو الديمقراطية و المشاركة في صنع القرار.
من ضمن الوفود التي حرصت حكومة البحرين على استدعائهم لملاقاة وفد الأمم المتحدة ممثلو أندية العجم الأربعة و هي نادي الفردوسي و نادي التاج و نادي الشعاع و نادي الاتفاق الرياضي. و قد تكون وفد نادي الاتفاق الرياضي من كل من السادة مدير النادي حمزة رحيمي و عبدالكريم قناطي و سهراب طاهري و عبدالحسين محمود ديان
في اللقاء مع بعثة الامم المتحدة تحددت أسئلة المبعوث في الآتي:
هل أنتم بحرينيون؟
من هي الجهة التي تمثلونها؟
هل ترغبون في بحرين مستقلة أو تابعة لايران؟
و جاءت أجوبة الوفود لتصب في صالح استقلال البحرين كما هو متوقع.
فيما يتعلق بشيعة أهل المحرق يقول عيسى أحمد الحايكي أن بعثة الامم المتحدة قامت بزيارة فريق الحياك بمدينة المحرق حيث اجتمعوا بممثلي فريق الحياك و الصاغة و و البنائيين و الحدادة و الفردان و ابناء السادةو ذلك في مأتم حجي منصور النايم. و قد كان في صحبة الوفد كل من سماحة الشيخ أحمد العصفور و سماحة الشيه سليمان المدني و الاثنان كانا يعملان كقضاة في محكمة الشرع الجعفرية. في هذا الاجتماع خاطب الشيخ سليمان المدني الحضور مؤكدا على عروبة البحرين و حث الجميع على تبني هذا الاتجاه.
و من ضمن وفود المحرق التي التقت بمندوب الأمم المتحدة الوفد المشترك لنادي سماهيج و نادي الهداية بسماهيج و المكون من حجي علي أحمد الحايكي و الاستاذ حسن سعيد ناصر.
و أن مقابلة المبعوث معهما تمت على انفراد و أنهما أكدا على عروبة البحرين .
أمضى المبعوث الدولي عشرين يوما في مقابلاته و خلص التقرير ليعبر عن الاجماع حول عروبة البحرين و استقلالها. فموقف ممثلي الطائفة الشيعية بمن فيهم رؤساء المآتم و الحسينيات لم يكن ليختلف عن موقف أبناء السنة في هذا الموضوع الخطير الذي يتناول مستقبلهم و مستقبل أبنائهم و أحفادهم. . ما أن أنهى المبعوث مهمته حتى قفل راجعا الى جنيف في 18 ابريل 1970 و ذلك لكتابة تقريره للأمين العام للأمم المتحدة السيد يوثانت. و بهذه المناسبة بادرت جبهة التحرير الوطني بارسال الخطاب التالي الى ممثل الأمين العام السيد المستر وينسبير جيوشياردي تعبر فيه عن احتجاجها و استنكارها حيال هذه العملية و ضمنت هذا الخطاب المطالب التلية:
” أن جبهة التحرير الوطني البحرانية ترفض الصيغة الحالية التي قام بها مبعوث يوثانت الشخصي الذي أتى ليثبت حقيقة بديهية و هي أن البحرين جزء من الوطني العربي.
أن شعب البحرين يطالب الأمم المتحدة ملاحظة النقاط التالية لتقرير مستقبل البحرين السياسي:-
1- رفض الاستعمار البريطاني والحكم الرجعي و ادانة الادعاء الايراني.
2- الغاء المعاهدات الاسترقاقية.
3- المطالبة بحق تقرير المصير بحيث يكفل الاستقلال الحقيقي.
4- ابعاد القواعد العسكرية و أجهزة الدمار والحرب.
5- اطلاق الحريات الديمقراطية.
6- ازالة حالة الطوارئ لكي يتمكن الشعب من ممارسة جميع حقوقه السياسية في جو ديمقراطي لا يستند الى اللون أو العنصر أو الطائفة أو الجنس.
7- اطلاق سراح المعتقلين و السجناء السياسيين.
8- السماح للمنفيين بالرجوع الى أرض الوطن.
أما الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل فقد اعتبرت هذا الاستفتاء جزء من مخطط ترتيب أوضاع المنطقة لصالح ايران, حيث أن الرجعية الايرانية حينما وافقت على اجراء الاستقصاء الجيوشياردي انما فعلت ذلك بعد أن ضمنت مصالحها في مناطق أخرى – حتى في البحرين بشكل أو بآخر – على المشايخ و الأمراء.
في الثلاثين من ابريل 1970 تم عرض التقرير الخاص ببعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق على أعضاء مجلس الأمن مشفوعا بمذكرة الأمين العام للأمم المتحدة التي تتحدث عن رغبة الأغلبية الساحقة من سكان البحرين في الاعتراف رسميا بالبحرين دولة مستقلة و ذات سيادة وطنية لها كامل الحرية في تقرير شئونها و علاقاتها مع الدول الاخرى و بعدها أصدر مجلس الأمن قراره الجماعي رقم 278 بالتصديق على القرار. و قد رحب المجلس في جلسته المجلس المنعقدة في 11 مايو 1970 و التي حملت الرقم 1536 بالنتائج و الملاحظات الواردة في التقرير.
و تنفيذا للخطة المرسومة مع بريطانيا و الولايات المتحدة سارعت حكومة ايران الى التصديق على هذا القرار في الرابع عشر من مايو 1970 و تبعها في ذلك مجلس الشيوخ ( البرلمان ) الايراني الذي صدق عليه في 18 مايو. و قد ترتب على هذي الاجرائين اقدام شاه ايران على حل حزب
و بهذه المناسبة عبر السفير الايراني في بريطانيا عن رغبة ايران ارسال وفد النوايا الحسنة لتهنئة البحرين بهذه النتيجة و كانت الزيارة في 17 مايو 1970 و برئاسة وكيل الخارجية. و قد حظي الوفد الايراني بالترحيب الحار و ردت البحرين بقرار ارسال وفد لايران و قد تمت الزيارة في 4 يوليو 1970.
و قد علقت جريدة الفاننشل تايمز The Financial Times على هذا الحدث مع التركيز على موضوع الدستور حيث قالت أن الحاكم الشيخ عيسى قد وعد شعبه اليوم بأول دستور له و ذلك بمناسبة الاحتفال بالعيد التاسع لتوليه الحكم. و ان الدستور سوف تتم صياغته بواسطة خبراء مهرة و أنه آمل أن يكون جاهزا خلال عام واحد. أن هذا الدستور سوف يرسم شكل السلطة و يعطي كل مواطن استحقاقاته و يفتح الأبواب ليمكن كل مواطن من المشاركة في شئون الدولة و يحملهم مسئولياتهم تجاه خدمة بلدهم. و في حال ما اذا فهم من أن هذه الاصلاحات تعني ذهاب البحرين في طريق مستقل ( عن جاراتها ) فان الشيخ عيسى قد عبر عن اعتقاده الراسخ في اتحاد الامارات الخليجية بمن فيهم البحرين لأنه يعتبر هذا الاتحاد ضرورة مطلقة لصالح الجميع. و اختتمت الجريدة مقالها بالقول بأن الشيخ عيسى يضع آمال كبيرة على الاتصالاات المقبلة التي سيقوم بها الوفد المشترك السعودي الكويتي بين الدول الخليجية و أنها ستعطي ثمارها.
في شهر يونيو 1971 أي قبل شهرين من اعلان استقلال البحرين قام وزير الخارجية الايراني بزيارة للبحرين و أعلن بأن ايران لديها 4 مطالب هي:
1- رغبة ايران في استئجار قاعدة المحرق العسكرية بعد انسحاب القوات البريطانية منها.
2- على البحرين عدم الدخول في اي اتحاد فدرالي مع الكويت
و للعلم فأن أردشير زاهدي هو زوج أخت الشاه محمد رضا شاه بهلوي و يلقب بأردشير خان نسبة الى النفوذ السياسي و الاداري الذي يستمده من الشاه.
في السادس عشر من أغسطس 1971 تقدمت البحرين بطلب الانضمام الى الأمم المتحدة مدعومة من قبل الادارة البريطانية و لم يمضي يومان حتى صدرت توصية مجلس الأمن بقبول الطلب بتاريخ 18 اغسطس 1971و بعد ذلك بثلاثة أيام أي في 21 سبتمبر 1971 صدر قرار الأمم المتحدة في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقمة ب 1934 بالموافقة على عضوية البحرين , و قام أول ممثل للبحرين و هو السيد سلمان محمد الصفار بتقديم أوراق اعتماده لسكرتير الأمم المتحدة السيد يو ثانت (U Thant) في الثاني و العشرين من سبتمبر 1971.
الولادة العسيرة لمسودة الدستور.
في السادس عشر من ديسمبر 1970 و بمناسبة الذكرى التاسعة لعيد الجلوس اعلن الأمير في خطابه عن اصدار دستور للبلاد ينظم ممارسة السلطة و يحدد الاختصاصات و يرسم الغايات الكفيلة بالسير بهذا الوطن في معارج التقدم و الازدهار.
انتخابات المجلس التأسيسى
في يوم الخميس الموافق الثاني و العشرين من شهر يونيو 1972 صدرت مسودة دستور البحرين في شكل مرسوم.
و تنفيذا لمشروع قيام مجلس تأسيسي صدر المرسوم الاميري رقم (12) بتاريخ 20 من شهر يوليو 1972 و القاضي بالدعوة الى اجراء انتخابات المجلس التأسيسي من أجل مناقشة مسودة الدستور الذي تمت كتابته بواسطة لجنة حكومية بقيادة الدكتور حسين البحارنة. كما صدر على اثر ذلك المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1972 بشأن أحكام الانتخاب للمجلس التأسيسي الذي حصر الانتخاب في المواطنين من الذكور فقط كما نصت على ذلك الفقرة – أ- من المادة الأولى. كما حدد القانون السن القانوني بعشرين عاما . في الوقت نفسه أعطت الفقرة –ب- من نفس المادة حق الانتخاب للمتجنس اذا مضت عشر سنوات على حصوله على الجنسية و ذلك طبقا لقانون الجنسية الصادر في عام 1963 . أما الفقرة –ج- فقد حرمت أفراد القوات المسلحة و الشرطة من حق الأنتخاب. والحقيقة أن الحكومة قد استعانت بالخبير الدستوري الكويتي الذي أبتعث الى البحرين للمشاركة في اعداد مسودة دستور البحرين وكذلك قانون الأنتخابات و لذا فقد جاء دستور البحرين نسخة طبق الأصل تقريبا للدستور الكويتى.
من المهم في هذا المقام استعراض المشهد السياسي كما صوره السفير في الرسالة التي بعث بها في السابع و العشرين من فيراير 1973. يقول السفير: ” أن المجلس هو بمثابة مركز اهتمام التطور السياسي و من ثم أنه اذا ما اسثنينا جانبا العناصر الهدامة فأن التجربة قد مرت كما كان متوقعا. أن انعدام الخبرة هو أمر مزعج و و أن ذلك يتسبب في اهدار وقت الوزراء لكنها(العملية الديمقراطية) في الوقت نفسه مشوقة لعدد كبير من البحرينيين. ” و تحدث عن كتلة الشهابي المقاطعة فقال: ” التقدميون الذين تم الضغط عليهم من قبل الجبهة الشعبية لتحرير عمان و الخليج العربي و القوى الخارجية الأخرى لتسويد صورة العملية الدستورية و قاطعوا الانتخابات منذ البداية تم استقبال شكوكهم و معارضتهم بفتور “. و تحدث عن جماعة الشملان فقال: ” أن “جماعة الشملان ” يضايقون الوزراء عن طريق تعديلاتهم البعيدة عن الفهم لكن هناك الاحتمال بأن تكون اثنتان أو ثلاث من هذه التعديلات من النوع الهدام و بشكل مقصود. أنني أشك في أن يكون الشملان نفسه ثوريا مع أن الدلائل متضاربة”. بعدها انتقل الى الجماعةالدينية فقال :” أن الأعضاء الشيعة الذين يضمون فيما بينهم مجموعة صغيرة من الدينيين لديهم في الخلف جماعتهم التي تشعر بأنها قد حصلت أخيرا على الانصاف و أنهم ربما هرولوا في آخر المطاف لا ليكونوا في صف الخليفة و لكن ليكونوا ضد الثوريين.
في 12 يونيو 1973 صدر تقرير سري لوزير الدولة لشئون الخارجية والكومنولث قال فيه “ أن الدستور يحصن النظام و الحكومة بشكل كبير و خصوصا خلال البرلمان الأول ( الفصل التشريعي الأول ). و أن السلطة التشريعية قد عهد بها الى الأمير و الأعضاء الثلاثين في الفصل التشريعي الأول زائدا الوزراء الأربعة عشر بحكم مناصبهم. الا أن عدد الأعضاء المنتخبين سيرتفع الى أربعين بعد أربع سنوات و لذا فأن الأغلبية التي تتمتع بها الحكومة خلال الأربع سنوات الأولى تبقى على ما يبدو في السليم”. و واصل السفير حديثه عن الصلاحيات فقال: ” أنه من حق الأمير أن يحيل القوانين الى دور الانعقاد التالي لكنه من حق أغلبية الأعضاء أيضا اسقاط القانون. كما يملك الأمير صلاحية حل البرلمان و الدعوة لاجراء انتخابات جديدة “. وعن تكوين السلطة التنفيذية قال السفير: ” أنها تتكون من رئيس الوزراء ( يعينه الأمير ) و مجلس الوزراء ( يعينهم رئيس الوزراء ) و هذا أيضا يضع حماية لمراكز الفريق الحالي (مجلس الوزراء) لمدة أربع سنوات على الأقل. و أنه بالامكان عزل الوزراء من مناصبهم بتصويت أغلبية الأعضاء المنتخبين (عدا الوزراء) على عدم الثقة. أما التصويت بعدم الثقة في رئيس الوزراء فأنه يحتاج الى موافقة ثلثي جميع الأعضاء المنتخبين و أن للأمير في هذه الحالة حل المجلس. لكن اذا ما قام المجلس المنتخب الجديد بطرح الثقة في رئيس الوزراء فأنه في هذه الحالة يحتاج الى الأغلبية العادية للأعضاء المنتخبين “. أما بخصوص التعديلات على الدستور فقال :” أنها تحتاج الى موافقة أغلبية ثلثي جميع الأعضاء المنتخبين و من بعدها موافقة الأمير و أن هذه التعديلات لا يمكن اقتراحها خلال الخمس سنوات الأولى من عمر المجلس, أما مبدأ الحكم الوراثي فأنه لا تنتهك حرمته “.
علي ربيعة