ربما يُنشر هذا المقال ويكون الباقي عن بدء الحوار المزمع له أن يبدأ في الثاني من الشهر المقبل يوليو/ تموز أيام عددها أقل من عدد أصابع اليدين. هناك أسئلة حائرة تتعلق بهذا الحوار يتداولها الناس، ولكن لا توجد لها إجابات كافية ومقنعة؛ لذا نرى الناس تعيش في حيرة وتضرب أخماساَ في أسداسٍ كما يقال. هي أسئلة بالفعل تحتاج إلى ردودٍ من المعنيين المباشرين بالحوار، بالأحرى من صاحب الدعوة لهذا الحوار وهو جلالة الملك. الناس في أسئلتها تلك قلقة وتعيش الحيرة وتبحث عن ما يخلق الأمل والطمأنينة في النفوس؛ لذا فإنها أسئلة حقاً جديرة بالإجابة عليها قبل بدء الحوار.
حتى هذه اللحظة لم يتم الإفصاح عمن سيشارك في هذا الحوار، عدا جملة عامة تفيد بأن كل الأطراف مدعوة لهذا الحوار، دون بيان عن هذه الأطراف. هل المقصود بها الجمعيات السياسية المسجلة في وزارة العدل والشئون الإسلامية فقط؟ كيف سيكون تمثيل هذه الجمعيات؟ هل ستمثل كل جمعية بمندوب واحد فقط؟ فمع الاحترام لكافة الجمعيات، إلا أن حجم تمثيل كل جمعية وتأثيرها في الحدث يختلف من جمعية لأخرى؟ هل تم الاتصال بالمدعوين للحوار وطرح جدول الأعمال عليهم واستشفاف وجهات نظرهم حول القضايا المرغوب التحاور حولها، وأولوية ترتيب تلك القضايا؟ كيف ستتخذ قرارات الحوار؟ هل ستكون بالإجماع أم بالأغلبية؟ وما هو مقياس الأغلبية؟
هل سيكون الحوار مهيئاً لأن ينحرف ويكون على شاكلة طائفة قبالة طائفة، وعلى هوى من سعى ويسعى لتقسيم الوطن إلى طائفتين متناحرتين؟ وقد نجح للأسف من سعى ويسعى إلى تقسيمنا إلى طائفتين.
من هي الأطراف والشخصيات الوطنية التي يجب دعوتها لتكون صمام أمان أمام من يريد تشطير الوطن إلى طوائف متناحرة؟ هل تم دعوتها؟ هل تم دعوة شخصيات وطنية، وهي شخصيات مشهود لها بالإخلاص لوطنها ولها من الاحترام والتقدير لدى كافة ابناء الشعب ومن مختلف الطوائف والشرائح الاجتماعية، بل هي شخصيات مشهود لها في محيطها الخليجي ومحيطها العربي؟. فكلنا يعرف مدى أهمية وضرورة حضور وعد والمنبر التقدمي والتجمع القومي في الشارع ومدى تمثيلهم للتيار الوطني الديمقراطي الذي نعتقد أنه صمام الأمان أمام غول الطائفية المستشري في أجسادنا.
وقد رأينا في الانتخابات النيابية الماضية النكهة الوطنية التي أضافتها شخصيات هذا التيار التي ترشحت للانتخابات، وحجم تواجدها؟ فكلنا نعرف ما حققه حسن مدن وحسن العالي وابراهيم شريف ومنيرة فخرو وسامي سيادي من نتائج عبرت عن حضورهم الوطني، باعتبارهم شخصيات وطنية لم تلوثهم طائفية ولا عنصرية ولا مصالح شخصية، فهل من المنطقي أن تكون مثل تلك الشخصيات بعيدة عن الحوار الوطني؟
الآن ونحن على أبواب الحوار المنشود، أليس من المنطقي والمطلوب من أجهزة إعلامنا أن تغير من برامجها ومن خطابها الإعلامي الذي نعتقد أنه لا يخدم دعوة جلالة الملك إلى الحوار الوطني ولا يخدم أجندة الحوار الوطني؟ وبالمثل ألم يحن الوقت لدى كتاب الأعمدة لدينا أن يتوقفوا عن انفعالاتهم وردود أفعالهم ويتوجهوا في كتاباتهم بما يخدم دعوة جلالته وخطاب جلالته؟
كان بودنا أن ينعقد الحوار في جزيرة معزولة تماماً عن العالم الخارجي، على أن يبقى المتحاورون فيها إلى أن يظهر الدخان الأبيض الذي يأمله المحبون لهذا الوطن، وبما يجعل شعبنا العظيم يتنفس الصعداء، بدلاً من المحنة العظيمة التي نعيشها ولا نعلم متى سنخرج منها.
نأمل أن لا ينعقد الحوار بعيداً عن متابعة القيادة له، وسيكون المتابعة المباشرة له من قبل سمو ولي العهد أحد صمامات أمان نجاحه وضبط إيقاعه.
نأمل أن تُزال الكثير من الهواجس قبل بدء الحوار، نأمل أن تكون ممارسات الجميع على أرض الواقع متميزة بالوطنية والحكمة، وبما يساعد كافة الأطراف وكافة الشخصيات على أن تلبي الدعوة وتشارك في الحوار، وبما يعزز طموح وآمال جلالة الملك وشعبه
صحيفة الوسط البحرينية – 25 يونيو 2011م