المنشور

الأزمةُ وصراعُ الإقطاعين في مصر (2)

الإخوان المسلمون مثل غيرهم من الفصائل السياسية اعتمد ظهورهم على ظهور الزعيم المطلق.
الزعيمُ المطلقُ المنتفخُ بذاته الهائلة العظيمة هو دكتاتور الشرق المستمر الذي يُنتجُ ظاهرات تكرار الأنظمة الاستغلالية المتوالية.
إن الجماعات الدكتاتورية تستندُ إلى أيديولوجيات منتشرة خاصة في سياقات (الوطنية ــ القومية) و(الدين) و(الاشتراكية)، ويمضون في البداية في حراك الحياة التقليدية واستثمارها ويكونون لذواتِهم تنظيمات واسعة، وقد جرى ذلك في الاخوان وفي الضباط الأحرار وفي مصر الفتاة.
إن أزمةَ الليبراليةِ المصرية المتجسدةِ في حزبِ الوفد الذي دخلَ مخاضاتٍ حادةً للتغيير مسئولةٌ عن عدم تغيير الهياكل الكبيرة للإقطاع خاصة في الزراعة وحياة النساء وعدم إقامة النظام العلماني، أي لم يقمْ الوفدُ بفصلِ الدين كما شكلته قوى الإقطاع خلال القرون السابقة، عن سلطة الحكم. وأدت الثلاثينيات إلى تعجيلِ ظهورِ الجماعاتِ الدكتاتورية واستغلتْ المعاهدات والصفقات بين الوفد والاستعمار لتروج لهدم الديمقراطية الليبرالية الواعدة.
وكان حسن البنا واحداً من هؤلاءِ الشموليين الذين استغلوا الأزمة، وهم يشكلون طواقمَ تابعة، ثم ينشرون دعايةً ويحاولون الوصول بها لمنافذ معينة لضربِ السلطة القائمة وتغييرها، خاصة عبر وسائل العنف والقوة، التي هي مفتاحُ التغييرِ في الشرق.
لكن قفزتْ قوةٌ شموليةٌ أخرى هي الضباط الأحرار، التي ورثتْ الإقطاعَ السياسي الملكي، وحلتْ محلَهُ وأخذتْ موقعَهُ لكن عبرَ تمددٍ واسع في أبنيةِ النظام كافة، فالنظامُ الملكي كان يبشرُ بتعدديةِ السلطات، وكانت الليبرالية الاقتصادية والعقلانية الفكرية تنموان بين الفئات الوسطى، فكانت ثقافةٌ ديمقراطيةٌ تنتشرُ بقوةٍ بين فئاتِ الشعبِ البسيطة، ولكن جاءَ النظامُ العسكري الشمولي الوطني وأوقفَ هذه العمليةَ ووسع الهيمنةَ السياسيةَ البوليسية وجمدَ تطورَ الفئات الوسطى فعرقلَ نمو الديمقراطية بشكل عام.
ومن جهةٍ أخرى فقد أوجدَ الرأسماليةَ الحكومية(القطاع العام)، التي قامتْ بعملياتِ تغيير اقتصادية واسعة، تقدمية، لكن الضباط الكبار هيمنوا عليها، وتحولوا عبرها إلى فئة بيروقراطية مهيمنة، فُوضعَ حجرُ الأساسِ للتنميةِ والفساد معاً.
إن الرأسماليات الحكومية في البلدان العربية الإسلامية لم تضعْ لأنفسها حتى هدف القضاء على الإقطاع، أي الإقطاع كظاهرات شاملة، وليس فقط تحجيم الإقطاع الزراعي، بخلافِ الرأسمالياتِ الحكومية الروسية والصينية وغيرهما التي هدّمتْ الإقطاعَ كلياً ونقلتْ المجتمعات المتخلفةَ لبداياتِ الرأسمالية المتقدمة. في حين حولت أنظمةُ الحكمِ العربية الرأسماليةَ الحكوميةَ إلى امتدادٍ للإقطاع، فخلقت تناقضات رهيبة.
وكانت تنظيماتُ الحكم من الاتحاد القومي حتى الحزب الوطني الديمقراطي هي تنظيماتُ هذه الطبقة التي تغلغلتْ في الهياكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ووظفتها لخدمتها، ومن الدفاعِ عن أغلبيةِ الشعبِ العامل إلى استغلالِ هذا الشعب، ثم إلى نخرِ اقتصادهِ ونشرِ الفساد فيه، وجاءت فترتا الانفتاح الساداتية والمباركية من دون عودةٍ حقيقيةٍ لليبراليةِ والعلمانيةِ والديمقراطية، بل راحت الطبقةُ الحاكمة تفصلُ (البدلات) السياسية العصرية حسب الصراعات المؤقتة فمن توسيع دائرة الاخوان إلى محاصرتهم، وهما أمران يعكسان تجريبية النظام السياسية، كما راح الإقطاعُ السياسي الحكومي يتحول إلى رأسماليةٍ خاصة معششة في الوزارات الحكومية والاقتصاد العام ويلتهم الموارد.
وظهرت قضايا هائلة وصلت للمحاكم عن فساد الحزب الوطني ونوابه.
كان لابد لهذه الطبقة أن تحافظ على إرث الثورة المهلهل الذي هو في نخاعِ عظمهِ نظامٌ عسكري بوليسي، ولم تنفع الانتقاءات النفعية من الليبرالية أن تستر تلك العظام، رغم إطلاق الرساميل الخاصة بشكلٍ واسعٍ وتحت مظلةِ الدولة الأمنية، وراحت تستعير كذلك ملابس ممزقة من الديمقراطية وتضعها على الحكم، كالبرلمان والانتخابات التي تصعد الحزب الحاكم دائماً وفي كل المواقع.
كما أن العلمنة المصرية الرائدة تم دفنها، وتم استغلال الأديان بشكل صراعي بين أجنحة الطبقة الجديدة الواسعة التي تكونت من الفئة المهيمنة وهي عمالقة الحزب الوطني، ثم الفئة المضادة وهي عمالقة الاخوان، ثم فئات صغيرة هامشية في هذه الطبقة كالرأسمالية الخاصة الوفدية والليبرالية الجديدة.
وعبر تكون الطبقة الحاكمة من فئتي الحزب الوطني والاخوان المسلمين، تكون أزمة عميقة قد تكونت، فقد دخلَ الإقطاعُ الديني السياسي (الاخوان) إلى قمةِ السلطة منازعاً القطب السياسي الحاكم (الحزب الوطني)، وتمظهر ذلك في صراع الحزبين ووجود الأغلبية والأقلية في البرلمان، وفي وجود رأسمالية خاصة ذات وشائج قوية بالدولة ومؤسساتها السياسية والاقتصادية، ووجود رأسمالية خاصة أخرى ذات وشائج بالإقطاع الاجتماعي، وعبر التحدث باسم الإسلام والتعبير عن فقهه ورؤيته المؤدلجة لصالح الشمولية الدينية.
قوةٌ حاكمةٌ تهيمنُ على مؤسساتِ السلطةِ السياسية العسكرية ومجاريها في الحياة الاقتصادية الاجتماعية، وقوةٌ معارضةٌ تنافسُ وتصارع في الحياة الاقتصادية السياسية، وتتفردُ بالهيمنة على المرجعية الدينية.

صحيفة اخبار الخليج
28 اغسطس 2010

اقرأ المزيد

بين «البيت الشيعي» و«الشارع السني»!

من المفردات والتعابير البغيضة التي صارت تتكرر في الأحاديث وأحياناً حتى في بعض الكتابات، تلك التعابير التي لا يمكن إلا أن تثير في نفوسنا الاستهجان. من ذلك تلك مفردات تتحدث منذ فترة عما أطلق عليه «البيت الشيعي»، وهو مفهوم مأخوذ من سياق آخر غير السياق البحريني ويراد به تكريس مفهوم طائفي ومذهبي بغيض، ومؤخراً ازداد الحديث عما يوصف بالشارع السني.
مشكلة هذا النوع من الترويج أنه يستند على أسس غير وطنية، ولا نعني بذلك أن من هم وراءها غير وطنيين بالمعنى المباشر للكلمة، وإنما بمعنى أنه بدلاً من تكريس مفهوم المواطنة والانتماء للوطن بصرف النظرعن الانحدارات الاجتماعية والاثنية والمذهبية لأبنائه، يجري تسويق مصطلحات تنضح بالنفس الطائفي، لأنك عندما تتحدث عن «بيت شيعي» فذاك يعني أنه يجب أن يكون هناك «بيت سني» بالمقابل، وأن البيتين يقعان على طرفي نقيض، ومهمة كل واحد منهما مواجهة الآخر.
والأمر نفسه يمكن أن يقال عن مفهوم «الشارع السني» لأنه مؤسس على أن هناك شارعاً آخر هو الشارع الشيعي، وأن الشارعين وجدا ليتقابلا لا ليلتقيا ويشكلا مساراً وطنياً واحداً، وهو أمر له أُسسه الموضوعية الراسخة، فهو أولاً يستند إلى تاريخ من التداخل الاجتماعي ومن الكفاح الوطني المشترك ضد الاستعمار وفي سبيل الحرية والديمقراطية، وهو إلى ذلك شرط لا بد منه في ظروف اليوم، حيث يتعين بلورة خطاب وطني واحد متجاوز للطوائف، يتضمن القواسم المشتركة الكثيرة بين أبناء الشعب الواحد الذين يواجهون قضايا واحدة على الأصعدة المعيشية والاجتماعية، وكذلك في مجال العمل على توطيد مسار التحول الديمقراطي في البلاد وفي المجتمع.
على أن من يظن أن الأمر سيقف عند حدود إطلاق بالونات الاختبار مخطئ لأن من شأن مثل هذه الترويجات أن تخلق مقدمات لمناخ الفتنة وتفتعل خلافات غير قائمة أو تعمق من شرخ ما هو قائم منها، وتخلق أجندة وآلية غير سويتين للحراك الاجتماعي – السياسي بدلاً من تجري بلورة خطاب وطني عام حول الحقوق الدستورية والسياسية ومن أجل النهوض بالأوضاع المعيشية للناس وتوفير مستلزمات التنمية المستدامة.
البلد مقبلة على استحقاقات انتخابية قريبة، ولا تبدو الكثير من البالونات التي تطلق في هذه الفترة بعيدة عن التهيئة لمثل هذه الاستحقاقات من قبل البعض الذي يعجز عن تقديم الخطاب الوطني المعبر عن مصالح الوطن برمته، فيلجأ إلى مثل هذا النوع من التهويمات حول بيت شيعي تارة وشارع سني تارة أخرى، وربما تطالعنا هذه الأيام أو الأسابيع المقبلة تهويمات أخرى مشابهة.
ويبدو ملحاً أن تتضافر جهود القوى الحديثة في المجتمع للتأكيد على أهمية البديل الوطني الذي لا يتحصن خلف طائفة أو مذهب، وإنما يخاطب المجتمع برمته ببرنامج يعبر عن المصالح العليا لهذا الوطن، ويرفض كافة أشكال التمييز والمحاباة، ويؤسس لمجتمع قائم على مبادئ العدالة والمساواة يكون فيه لجميع أبنائه ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات.
إن غياب مثل هذا البديل الديمقراطي القوي والمستقل فعلاً نظراً لتشتت صفوف القوى التي تمثله خلق فراغاً مدوياً صارت تتردد فيه أصداء الدعوات الطائفية على أنواعها.
 
صحيفة الايام
28 اغسطس 2010

اقرأ المزيد

العنف لغة مرفوضة

 يمكن باي شكل من الاشكال أن نبرر لأعمال العنف والتخريب والتحريض لان لغة العنف والحرق والاعتداء على الممتلكات العامة وترويع المواطنين والمقيمين هي لغة متطرفة لا تعبر عن طموحات وآمال العمل السياسي الذي يتوخى تحقيق المطالب والحقوق وفق قنواتها وطرقها الدستورية الشرعية.
وبالتالي مثلما تدعم ترسيخ دولة المؤسسات والقانون وتكريس حقوق المواطنة وتحسين الاوضاع المعيشية ومكافحة الفساد ودعم التنمية الاقتصادية وبرامج التنمية الشاملة, نطالب في الوقت ذاته وقف الاعمال الصبيانية والممارسات التحريضية التي تتناقض بوضوح مع أهداف العمل الوطني لان تأثيراتها السلبية كبيرة ليس فقط على صعيد الانجازات والمكاسب السياسية وانما ايضاً على صعيد الوحدة الوطنية والتلاحم الوطني اكبر منجزات هذا الشعب. ونعتقد ان احد المهام الوطنية الاساسية اليوم هي ان يسود صوت العقل والحوار لحقن التوترات السياسية والنزعات الطائفية التي ومن دون مبالغة باتت مفرداتها الكريهة والنشاز متداولة اكثر من اي وقت مضى.
ان ما نتطلع اليه اليوم هو ان يكف الخطاب السياسي الفوضوي المنفلت عن أعمال العنف التي لم يعد ممكناً السكوت عنها تحت اي غطاء, وكذلك لم يعد ممكناً السكوت على اولئك المحرضين الذين يريدون للبحرين العودة الى المربع الاول.
وفي الوقت الذي نطالب فيه وقف اعمال العنف ونبذ الفوضى والطائفية نأمل ان تتسع قاعدة الحوار الوطني التي نحن في امس الحاجة اليها لدعم الجهود المشتركة بين الدولة والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإزالة كل ما يعيق العملية الاصلاحية والاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقدم البحرين العزيزة علينا جميعاً وهو ما يعني بلغة العقل ان يمض هذا الحوار نحو آفاق جديدة وان تكف القوى المحرضة عن اثارة الفوضى التي تزيد من الانحدار نحو المنزلق الطائفي الذي لمسنا بعض مشاهده بين كتل الاسلام السياسي في البرلمان التي ساهمت بشكل او بآخر في تأجيج الطائفية في الشارع البحريني وكذلك كثيراً ما نلمسه في بعض المجالس الخاصة والمواقع الالكترونية التي اصبح الشاغل الوحيد لها الشحن الطائفي والتحريض!!
ان تاريخ الحركة الوطنية والديمقراطية والتقدمية في هذه البلاد اسس وعياً وطنياً تحررياً مناهضاً للاستغلال والطائفية واضطهاد المرأة «وعياً آمن بثقافة التعدد والتسامح والانفتاح والمعرفة النيرة لا بثقافة الازمنة الغابرة المكبلة للاذهان بقيود الماضي.. وعياً قال عنه الاخ حسن مدن في مقاله «ترشيد الخطاب السياسي»: عندما كانت تياراتنا الوطنية والديمقراطية في صدارة المشهد السياسي نجحت في خلق وعي وطني عميق لدى منتسبيها وانصارها وجمهورها عمت تأثيراته على المجتمع، وفي اصعب الظروف استطاعت هذه التيارات ان تبقي جذوة الامل حية في القلوب والعقول بالمستقبل الموحد للشعب.
واخيراً للذين يديرون لعبة الطائفية وللمحرضين وللطارئين الجدد على المشهد الوطني وللمراهقين السياسيين نقول لهم: كفوا عن هذه اللعبة وهذه اللغة التي لم تستفد ولم تستوعب ما يحدث في العراق وغيرها من تفتيت للوحدة الوطنية واغراقها في ظلامية الخطاب الديني المتطرف الذي لم يتوقف عن اعمال القتل والارهاب.
إذا كنا نؤمن ان التحديات التي تقف امام مستقبل الوطن والمواطن كثيرة فان القضاء على هذه التحديات والمعوقات لا يأتي عبر بوابة العنف والتخريب والتحريض وانما عبر كافة اشكال واساليب العمل السياسي السلمي التي تتناسب مع مصالح الوطن ومستقبل الانسان في هذه البلاد. فهل يعي المتطرفون والمحرضون هذه الحقيقة؟
 
صحيفة الايام
28 اغسطس 2010

اقرأ المزيد

الإقطاعُ الفلسطيني تابع التابعين(4-4)

جسدت حماس اختراق وتضعضع المشروع الوطني الفلسطيني التحرري العلماني، وهي سمةٌ (عربية إسلامية) عامة، نظراً للأصول المحافظة الإقطاعية للحركاتِ الدينية التي كونت التقليدية واللاعقلانية النصوصية، وهي تعتمدُ على تمزيقِ صفوفِ العربِ والمسلمين، وضرب الحداثة وهي القشرةُ الرقيقة التي تكونتْ في سنواتِ التحرر الوطني، وكلما زاد فساد وانتهازية القوى الوطنية وتخليها عن المشروع العلماني الديمقراطي التقدمي، قامتْ تلك القوى الدينية باستثمار مناطق التخلف لدى الجمهور وغياب العدالة لتأصيل مشروعاتها الانقسامية المتراجعة عن قيمِ النهضةِ والتوحيد.
من هنا فتمزيق حماس لوحدةِ الشعب الفلسطيني وجره للوراء، والاشتراك في تحالفاتٍ إقليميةٍ مُفتتةٍ لصفوفِ للمسلمين ومهيجةٍ للطائفيات السياسية وللدفاعِ عن الرأسماليات الحكومية الفاسدة الرافضة للديمقراطية والإصلاح، هو استثمارٌ لتناقضات النضال الفلسطيني التي نخرتْ فيه طوالَ العقود السابقة ولعدم تشكيله للبرنامج النهضوي التحرري العميق.
(حماس) هي تعبيرٌ عن رمزيةِ الأخطاءِ الفتحاويةِ والفصائليةِ وللتخلي عن العلمانيةِ والوطنيةِ والديمقراطيةِ والأمميةِ وعدم تطويرها في حلقاتِ العملِ السياسي السابقة.
ولهذا كلما تم إصلاح هذه الأخطاء ووجدت جبهةٌ نضاليةٌ ديمقراطية تقدمية أخفقت الأصواتُ الطائفيةُ المحافظةُ المستغلةُ للإسلامِ وتوظيفه لهدمِ نضال العرب والمسلمين المعاصر من أجل التقدم والتحرر.
فثمة ضرورةٌ كبرى لإعادةِ النظرِ في المشروع التحرري الفلسطيني منذ بدايته، ونقده، وضرب الفساد الذي عشش داخل أجهزته المسيطرة، وإحداث قراءات ديمقراطية علمانية للتراث والأوضاع الاجتماعية المحافظة للجمهور وتغيير حياته المادية الصعبة، وبضرورة العلاقات الوطيدة مع النضال الديمقراطي العلماني داخل العالم العربي وإسرائيل، وهي كلها عمليةٌ صعبةٌ تاريخية لكن لا يوجد بديل عنها.
رأينا كيف تجاوزت حماس أخطاءَ فتح وفتحتْ بابَ الانهيارِ الوطني الفلسطيني العام، وعلى كل المستويات تم اختراق البيت الفلسطيني، فحدث مزيدٌ من الهيمنة الإسرائيلية والغربية ومزيد من تبعية القضية لأنماطٍ جديدةٍ من الإقطاع الأشد تخلفاً في المشرق العربي الإسلامي، ووصل التمزيق لصفوف المسلمين غير العرب، وسحبوا أيديهم من التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته، نظراً لتأييدِ حماس لتلك الأنظمة الدينية الاستبدادية.
كما قامت حماس بتقوية القوى الصهيونية داخل إسرائيل وخارجها، وأدت لتآكل القوى الديمقراطية داخل إسرائيل المتضامنة مع العرب وكذلك بين القوى الغربية.
قوانين التطور الاجتماعي داخل الجسم العربي الإسلامي هي واحدة، لكن لكلِ شعبٍ خصائصه وظروفه، والشعب الفلسطيني إنه يمتلك أسوأ الظروف من تمزق وتشتت، وبالتالي عدم قدرة كبيرة على تشكل طبقات حديثة توحيدية كالعمال الصناعيين والبرجوازية الصناعية، وبالتالي تنشأ صعوبات أشد من بقية العرب في تكوين تراكم حلقات التنوير والتحديث والتوحيد.
إن الإصلاحات الديمقراطية العلمانية داخل فتح هي البؤرة الأولى لعملية تجديد العملية النضالية، والاصطفافات الديمقراطية المستقلة حولها هي حلقةٌ أخرى، وتغيير حياة الأغلبية الشعبية والتصدي للسيطرة الإسرائيلية هي وجوهٌ متعددةٌ لحدوث التوحيد المنتظر.
على فتح أن تعود للطريقِ الديمقراطي العلماني التوحيدي، وفصل الدين عن السياسة، وإبعاد المنظمات المتاجرة بالإسلام والمسيحية واليهودية، عن الهيمنةِ على عقولِ الجماهير، واستغلال التمايزات للعداءات السياسية والاجتماعية، لمصالح الفاسدين في الرأسماليات الحكومية والمستعمرات.
وواجب المنظمات اليسارية والتحديثية دعم هذا الخط وتوسيعه في كل مناطق الشعب الفلسطيني وداخل إسرائيل، من أجل شل أيدي الجنرالات عن الهيمنة واستغلال الصراعات الدينية والقومية لنفوذهم وحروبهم، وأن يكون للفقراء والعمال مصالحهم المستقلة كذلك، وتكوين تحالفات واسعة بينهم في كل هذه المناطق المتعادية لوضع حد لهيمنة القوى الاستغلالية للأديان والسعار القومي وتركيزها في السلاح والعداء والتناحر.

صحيفة اخبار الخليج
26 اغسطس 2010

اقرأ المزيد

لماذا يغيظهم المنبر التقدمي؟

سياسة المنبر التقدمي لا تمليها المنتديات الإلكترونية ولا السهام الطائشة التي نشفق على أصحابها لأنها ترتد عليهم، وتفقدهم أي صدقية، ولا نقول تفقدهم صوابهم، لأنهم فقدوا هذا الصواب منذ زمن، وإنما تمليها قراءته المستقلة للأوضاع، وهي القراءة التي لا يصوغها فرد وإنما هيئات منتخبة، وقاعدة منحت ثقتها لهذه الهيئات.
يغيظهم المنبر التقدمي لأن كل حملاتهم المسعورة عليه منذ العام 2002 لم تترك صدى في صفوف أعضاء المنبر وأصدقائه، ولم تقابل إلا بالاستهجان والسخرية، فلم يجدوا لبضاعتهم من سوق سوى في المنتديات الإلكترونية، علها تجد من يطرب لها ليرضي غرور مروجيها.
يغيظهم المنبر التقدمي لأنه يمتلك الجرأة في أن يقول لا، في الوقت الذي يقول فيه الآخرون نعم، ويغيظهم المنبر التقدمي لأنه يظل رقماً سياسياً لا يمكن تجاهله، رغم أن البعض حفر لمنبرنا القبر منذ زمن، بانتظار إهالة التراب عليه.
وتكفي للتدليل على ذلك، نظرة سريعة على كتابات الشتيمة طوال السنوات الماضية منذ أن تشكل المنبر التقدمي بقيادة الزعيم التاريخي لجبهة التحرير الوطني البحرانية الراحل الكبير أحمد الذوادي، وليت لهؤلاء ذرة من الخجل، ليعترفوا بما قالوه بحق رجل كان يجوب الأزقة يُشكل خلايا النضال، ويعلّم الكادحين وسائل الدفاع عن حقوقهم، فيما كان هؤلاء يومها يشتمون كل ما يمت للفكر التقدمي بصلة.
يغيظهم المنبر التقدمي لأنه تنظيم حيوي، متجدد، اذا أخطأ فانه يتعلم من خطأه، وإذا أصاب فانه يبني على صوابه خطوات ويمضي للأمام غير آبه بشتائم البعض، الذين استحوذت عليهم النرجسية، وأضناهم البحث عن دور فلم يجدوه إلا في جعل المنبر التقدمي هدفاً لشتائمهم، فلعل ذلك يحقق رغبتهم الدفينة التي نعرفها حق المعرفة في أن يكونوا في دائرة الضوء لأنه لم يعد لديهم جديد يقولونه، بعد أن صدعوا رؤوسنا ببضع جمل يكررونها طوال سنوات، مرة يصفُونها عمودياً ومرة أخرى يصفونها أفقياً.
يغيظهم المنبر التقدمي لأنه يمتلك البوصلة الصحيحة التي ورثها من تراث جبهة التحرير الوطني التي ربتنا ودربتنا على العمل السياسي، وعلى النهج المبدئي الذي يزن الأمور بميزان الروية السياسية، التي تقرأ المتغيرات، وتتعاطى معها بروح مسؤولة، ولأن ذلك لا يروق للبعض فإن الحماقة يمكن أن تبلغ به مبلغ إخراجنا من الصف الوطني، وتسقيطنا وتخويننا بذات آلية التخوين التي تتبعها أنظمة الاستبداد.
إذا كان البعض يعتقد أنه بهذا التهويش سيثني المنبر التقدمي عن النهج الذي سار عليه منذ تأسيه فهو واهم جداً، لأنه بعيد جداً عن واقع المنبر ورؤية أعضائه قبل رؤية قيادته، وهو طريق سنواصل السير عليه، لأن سياسة المنبر التقدمي يصوغها أعضاؤه، ولا تصاغ من على بعد الفراسخ، والمنبر التقدمي إذ يفعل ذلك فإنما ينطلق من تحليله المستقل للوضع في البلد، ولا يريد جزاء أو شكوراً من أحد، وسواء فاز مرشحونا في الانتخابات القادمة أو لم يفوزوا فإن ذلك لن يغير شيئاً من نهجنا.
هل يغيظكم في المنبر التقدمي انه موجود؟
أعانكم الله، إذاً، لأنه ما من فرد أو قوة قادرة على إخراجه من الحياة السياسية في البحرين، ولا زحزحته عن نهجه. 
 
صحيفة الايام
26 اغسطس 2010

اقرأ المزيد

مفهوم الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة (1- 5)


تلعب الرقابة السياسية  أو كما يطلق عليها ( الرقابة الشعبية ) على أعمال الحكومة دورا هاما في  محاسبة السلطة التنفيذية، ويقصد بها الرقابة التي يمارسها المجتمع عن طريق مؤسسات المجتمع المدني وعلى وجه خاص التنظيمات الشعبية اي مراقبة المواطن للنشاط الحكومي داخل الدولة، أو عن طريق الهيئة البرلمانية بالوسائل التي نص عليها الدستور .

 والرقابة البرلمانية هي جوهر الرقابة السياسية، فالبرلمان  كما يقول فقهاء القانون العام هو قبل كل شيء جمعية مراقبين، ومهمته الأولى – وربما الأكثر أهمية من التصويت على القوانين – هي مراقبة الحكومة عن طريق الأسئلة والاستجوابات وسحب الثقة، وتشكيل لجان ومناقشة الميزانية وإجبارها على تبرير تصرفاتها وقراراتها  أمام الناس، وحيث أن هذه الرقابة تتطلب النشر، فإنها تشكل ضمانة لحقوق الأفراد وتكفل حرياتهم ضد تصرفات الحكومة ومؤسساتها .(1).
 
  وإذا كانت الرقابة البرلمانية بهذا المعنى، فما هو مداها في دستور مملكة البحرين لعام 2002؟ و كيف تم استخدامها من قبل أعضاء مجلس النواب في الواقع العملي ؟
 تتمثل الرقابة البرلمانية التي يمارسها مجلس النواب في مملكة  البحرين شأنه شأن الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني بمساءلة الوزراء عن كافة التصرفات التي تصدر عن وزارات الدولة والمصالح التابعة لها ، وقد وضع الدستور الجديد تحت تصرف مجلس النواب دون مجلس الشورى وسائل عدة يستطيع بواسطتها مراقبة السلطة التنفيذية وهذه الوسائل تتفاوت من حيث القوة والخطورة من مجرد إبداء الرغبات للحكومة أو توجيه الأسئلة للوزراء ، أو تأليف لجان تحقيق ، حتى تصل في خطورتها إلى استجواب الوزير وطرح الثقة به وإجباره على الاستقالة .   

 كما تتمثل هذه الرقابة في قيام مجلس النواب بفحص واعتماد مشروع الميزانية العامة، والتصديق على الحساب الختامي للإدارة المالية للدولة، وفي موافقة المجلس على مصروفات غير واردة في الميزانية أو زائدة على التقديرات الواردة فيها.

وقد اقر دستور مملكة البحرين 2002 شانه في ذلك شأن دستور1973 مبدأ إخضاع أعمال الحكومة للرقابة البرلمانية، إلا أن دستور 2002 رغم انه  قد انتقص من وسائل هذه الرقابة بان ألغى بعضها، وقلص من صلاحيات بعضها الآخر، إلا أن هذه الوسائل ظلت في هذا الدستور أدوات هامة بيد أعضاء مجلس النواب لمراقبة الحكومة متى ما استخدمت استخداماً فعالا ، ومتى ما ألغيت القيود التي وضعتها اللائحة الداخلية عليها، ومتى ما وجد النائب الذي يتقن استعمالها .(2).
    غير أن هذه الرقابة لا تسمح للبرلمان بالتدخل مباشرة في أعمال الحكومة إذ هو لا يملك عملاً بمبدأ الفصل بين السلطات أن يصدر للحكومة الأوامر الملزمة في شأن القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من اختصاصها، وليس له أن يلغي أو يعدل قراراً اتخذته.
 
    والرقابة البرلمانية الناجحة تشترط أمرين:

الأول يتعلق بالمجالس النيابية نفسها، إذ يفترض أن تتحقق فيها “…السلطة والقدرة والرغبة في مراقبة السلطة التنفيذية.” وتتحدد السلطة الكافية للمجلس النيابي للاضطلاع بدور الرقابة عادة من خلال الإطار القانوني أي في الدساتير والأنظمة أو اللوائح الداخلية التي تنظم عمله وصلته بالسلطة التشريعية.
أما قدرة المجلس على ممارسة دور الرقابة فلا تحددها القوانين المجردة بل الإمكانات المادية والبشرية الملموسة التي توضع تحت تصرف النواب للقيام بالمراقبة. والغرض الرئيسي من تأمين هذه الإمكانات هو السماح للمجلس وللنواب بالحصول على اكبر قدر من المعلومات حول أداء السلطة التنفيذية إذ انه بدون هذه المعلومات يستحيل على النائب/ المراقب القيام بمهمته.

 وقد يتوفر للمجلس الإطار القانوني للاضطلاع بمهام الرقابة، وكذلك الإمكانات المادية والبشرية التي تيسر له، من الناحية النظرية، تنفيذها، ولكن دون ان يكون لدى المجلس ونوابه الرغبة او الإرادة الكافية لممارسة هذا الدور، ذلك ان هذه الرغبة تتأثر بالأجواء السائدة في البلاد أي خارج نطاق العمل البرلماني .



الشرط الثاني
يتعلق بالظروف العامة التي تعمل فيها المجالس النيابية، ذلك ان جهوزية المجلس النيابي للقيام بدوره الرقابي تتأثر بعوامل موجودة خارجه، منها نوع الثقافة السياسية السائدة في البلاد، وتوفر الثقافة السياسية المناخ أو الخلفية الفكرية التي تتكون فيها نظرة المواطن إلى مجلس النواب ومدى استعداده للتعاون معه، كذلك تؤثر الثقافة السياسية على نظرة الموطن إلى الانتخابات كوسيلة من وسائل المشاركة في العمل البرلماني، والى الأحزاب التي تلعب دورا مهما في تكييف الحياة البرلمانية.

 ومن العوامل المؤثرة في جهوزية البرلمانات للقيام بالرقابة على الحكومات أيضا الأوضاع السياسية الفعلية التي تعيشها البلاد من ناحية التطور الديمقراطي. فلا ريب ان قيام تعددية سياسية حقيقية تنعكس على واقع المجلس تعزز دوره الرقابي، فالتكتلات البرلمانية الحزبية أكثر قدرة من النواب الأفراد على مراقبة الأداء الحكومي وعلى الحصول على المعلومات الضرورية للاضطلاع بهذه المهمة، كما ان تحقيق مبدأ تداول السلطة يعزز ميل نواب المجلس، خاصة من المستقلين والمعارضين، على القيام بالدور الرقابي. ويلعب الأعلام الحي والمستقل دورا مهما في تشجيع النواب على الاضطلاع بالدور الرقابي، وفي إمدادهم أحيانا بالمعلومات التي يستفيدون منها في عملية الرقابة. (3).

وسوف نتناول في الأعداد القادمة وسائل الرقابة البرلمانية طبقا لما نص عليه الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب على ضوء تجربة الفصلين التشريعين المنصرمين .
 
المراجع :
1-    د .عثمان عبد الملك الصالح في الرقابة البرلمانية على أعمال الإدارة في الكويت ، مجلة الحقوق والشريعة  – جامعة الكويت – العدد الرابع السنة الخامسة ديسمبر 1981.
2-    دستور مملكة البحرين 2002 .
3-   د. رغيد الصلح – الدور الرقابي للمجالس النيابية العربية .
 

اقرأ المزيد

عبدالهادى خلف .. وبؤس الإنحدار


هذا الموقف لعبدالهادى خلف فى تبنى مواقف القوى الدينية المتشددة و الوقوف غير المبدئى ضد الوريث الشرعى لجبهة التحرير الوطنى البحرانية وكل إنجازاته ومحاولاته التصدى للعودة للوراء والتطبيق التدريجى الممنهج للنسخة المعدلة لقانون أمن الدولة السيئ الصيت و الدفاع عن قضايا الشغيلة وهموم وقضايا الجماهير الكادحة ليست وليدة الساعة.

ففى الندوة  الجماهيرية التى اقيمت فى جمعية الخريجين – إذا لم تخن الذاكرة- فقد تصدى له الرفيق الخالد المرحوم أحمد الذوادى بكل جرأة وبسالة عندما عارض تأييد المنبر لمشروع جلالة الملك الذى كانت القوى الدينية وبعض فصائل المعارضة تعارض ذلك.

كعادة الدكتور عبدالهادى وبالرغم من  كونه من المناضلين الذين تمرسوا فى النضال السياسى وذا إضطلاع واسع إلا إنه لا يقدم اية بدائل بل حتى إنه عندما سأله المرحوم أحمد الذوادى عن ماهو البديل الذى يطالب به الدكتور إلإ إنه فشل فى تلك الندوة الإجابة أمام الحشد الجماهيرى الحاضر آنذك فى الندوة. وعلى ضوء ذلك قال المرحوم أحمد الذوادى بكل ثقة  وجرأة المناضل المخضرم “إن قيادة المنبر إتخذت هذا القرار لما  له من مصلحة الجماهير والحركة الوطنية”.

أعتقد شخصياً أن  المفكر او المناضل  او أي فرد فى اى مجال من مجالات  الحياة عندما يصل به الامر إلى مرحلة  من مراحل عملية التواصل  مع  افكاره أو تطلعاته ويجد صعوبة فى مواكبة المتغيرات لاسبابٍ عديدة من اكثرها شيوعأً الفجوة الكبيرة بين مواكبة التطورات والقطيعة التامة فى فترة زمنية بين حدثين يصل به الامر إلى  نبذ أفكاره بل وحتى إلى اللجوء إلى خانة اشد المعارضين للأيديولوجيا التى تربى عليها.

والدكتور بكونه عالم إجتماع أدرى من غيره فى هذا المجال.

هذا من جهة أما من جهة تبنى الدكتور الخط المتطرف لأجندة القوى الدينية فهذا شأنه. إنه حر فى إتخاذ هذا الموقف ولكن من دون ان يفرض آراءه على الغير.
إذ إن لنا نحن المنبريين قيادة منتخبة وتتمتع بتأييد القاعدة والقرارت المبدئية والتاريخية المبنية على الحفاظ على جو الإنفراج السياسى النسبى أخذأً فى الإعتبار المصالح العليا  للجماهير الكادحة التى تأن تحت وطأة غلاء المعيشة والبطالة وغير ذلك و الدفاع عن قضاياها المعيشية الاخرى بدلأ من الإنجرار وراء الشعارات  والاساليب النضالية التى من شأنها الرجوع بنا إلى حقبة  قانون أمن الدولة، وإذا كانت هذه القوى تريد إتباع هذا النهج المغامر فذلك شأنها وفى نفس الوقت لنا كذلك موقفنا ونحن لسنا مجبرين على تبنى تلك الاطروحات، إذ لنا الإستقلالية التامة فى إتخاذ ما نراه مناسبأً حسب تصوراتنا .
و نحن بدورنا نطرح الآتى:

1-    لم يطرح الدكتور أية بدائل او وجهة نظر وفى جميع محاضراته إلى اليوم لم يقدم ورقة واحدة يضع فيها الاسس الكفيلة للخروج من المازق السياسى وتكون مقبولة من القوى الفاعلة وبقية قوى المجتمع المدنى.
 
2-    وبدورنا نسأل الدكتور بكونه عالم إجتماع وذا معرفة بقضايا  المجتمع وتفاعلاتها السياسية، ما الجدوى من الإستمرار بإسلوب الحرق و التخريب؟ وهل الثورات والهبات تحدث بناءً على رغبات الزعماء أم هى ضرورات مادية وتاريخية؟
 
3-    يخطأ الدكتور عبد الهادى خطأً فظيعاً عند مقارنته احداث 1965  حيث كانت المواجهات بين جماهير الشعب البحرانى والمستعمر  ولم يفلح المستعمر فى شق صفوف الشعب آنذك وتلك الاحداث كانت ترمز إلى مقاومة المستعمر  وشد الهمم وهناك فارق شاسع بين تصفية مرتزقة المخابرات آنذك والذى قام به المناضل الراحل مجيد مرهون وقتل الافراد العاديين وحرق ممتلكاتهم ولا ينطلى على احد اسلوب خلط الاوراق هذا التى يلجأ إليها الدكتور فى محاولته البائسة لإعطاء صبغة “وطنية” على “اطروحته” تلك . 

 اخيرأ فإننا فى المنبر الديموقراطى لسنا تابعين لأحد كائناً من كان و لسنا مستعدين  للإنتحار السياسى الذى يطالب به عبدالهادي خلف، وليعلم الدكتور ومن لف لفه أن الرفيق الدكتور حسن مدن لا يتخذ القراربشكل فردى لكى يصب جام غضبه عليه، بل أن القرارات المصيرية  تتخذ فى المنبر بشكل جماعى ولا يوجد عندنا عبادة الفرد لكى يتخذ الزعيم القرارات الفردية دون موافقة القيادة المنتخبة.

اقرأ المزيد

معنى فقدان القصيبي (3 ــ 3)

* تجسير الفجوة بين المثقف والحاكم
كم هو صعب أن يكون المثقف الكبير في عالمنا العربي وزيرا وكم هو صعب أن يكون الوزير مثقفا! مسك خيط هذه المعادلة أشبه بالمستحيل لكن قلة من المثقفين الكبار في بلداننا العربية هم الذين تمكنوا بإرادتهم القوية من جعل المستحيل ممكنا، وغازي القصيبي هو بلا شك واحد من هذه القلة النادرة وهنا يكون عطاء من يحوّل المستحيل ممكنا مزدوجا في المسئولية الإدارية وفي الثقافة معاً.
وفي مطلق الأحوال نستطيع القول ان المثقف الكبير الحقيقي اذا ما وصل الى كرسي المسئولية لا يمكن ان يكون إلا معطاء في وظيفته كما هو معطاء في الثقافة والإبداع والفكر، اللهم قلة من أنصاف المثقفين فهؤلاء لا يمكن ان يكونوا معطائين وعادلين في وظائفهم أو حقائبهم الوزارية بل تجدهم لطالما ينشغلون ويشغلون أنفسهم بتوافه وصغائر الأمور الإدارية لإشباع نزواتهم السلطوية الجديدة كحديثي نعمة ومن ثم فليس لديهم وقت للمحافظة حتى على نصف مستواهم الثقافي السابق الذي كانوا عليه أو يتظاهرون به قبل تسلمهم المسئولية الوزارية لا بل الأدهى من ذلك تراهم أسيري مرض الحقد الدفين بلا سبب تجاه مرؤوسيهم من المثقفين عاجزين عن الشفاء منه.
فالقصيبي المثقف هو من الأصل ابن خير أو “شايف خير” على حد تعبيرنا الشعبي، ومن ثم فإن السلطة جاءت إليه ولا هو سعى إليها.
وما نجاح القصيبي في كل الوزارات التي تقلدها إلا لأنه مثقف كبير لم يسمح لشخصيته إطلاقا بأن تهبط لصغائر الأمور الإدارية التافهة مفرغا قصارى جهده ووقته للقضايا الكبرى الرئيسية مستعينا في ذلك، سواء في المشورة أم في التخطيط أم في التنفيذ، بذوي الكفاءات من أهل العلم والثقافة مستبعدا الجهلة والمتزلفين.
وكم هو قلب القصيبي كبير حينما يكون حليما ويتسامى – كوزير يمثل دولة – على قضايا تتصل به شخصيا ويكون طرفها الآخر الدولة ذاتها!
يروي الكاتب السعودي المعروف عبدالرحمن الراشد وهو من الأقلام المقربة الى المؤسسة الحاكمة.. يروي غداة رفع الحظر عن كتب القصيبي في السعودية الذي تم كما نعلم قبيل أيام قليلة فقط من وفاته أن القصيبي حينما كان سفيرا لبلاده في لندن دخل عليه أحد المثقفين السعوديين شاكيا حظر كتابه من الدخول الى السعودية.. ولأن السفير على حد تعبير الراشد لا علاقة له بالمنع فما كان منه سوى اًن يطيّب خاطره: “أنت منعوا لك كتابا ومعذور في أن تزعل لكن ما رأيك في واحد منعوا له عشرة كتب.. هو أنا؟”.
هذا الرد الدبلوماسي اللبق هو واحد من الحالات التي يتمكن من خلالها المثقف الكبير من تجسير الفجوة بين المثقف والسلطة، والعكس صحيح اذا ما استطاعت السلطة من جانبها ان تتفهم حقوق المثقف وتحترم استقلاليته وعدم الإصرار على احتوائه بالمطلق كما تفعل عادة أسوأ الأنظمة الشمولية الاستبدادية.
وهكذا فالمثقف الغاضب خرج من السفارة كاظما غيظه وراثيا حال السفير غازي ومستصغرا حالته مقارنة بحال السفير.
وغازي القصيبي لم ينظر الى قضية حظر كتبه من التداول في المكتبات السعودية على أنه قرار كيدي من قبل حكومة بلاده، فهو يعلم في كثير من الأحيان ما تكون سلطة المجتمع الدينية، وعلى الأدق حسب فهمها للدين أقوى من سلطة الدولة، ولولا لم يكن يملك سعة الأفق هذه لكان من الصعب على وزير يمتاز بضيق الأفق ان يتقبل بسهولة قرارا بحظر كتبه صادرا عن وزير زميل ند له في الحكومة.
على أي حال فإن الحالات التي أسهم فيها المثقف في تجسير الفجوة بين السلطة والساسة أو بين السلطة وفئات أو أفراد من الشعب في دولنا العربية نذكر منهم في هذه العجالة الاستاذ محمد حسنين هيكل فكم لعب دورا في الحيلولة دون اعتقال مثقفين ليبراليين أو يساريين خلال حكم عبدالناصر أو للإفراج عن بعضهم! ويمكن الرجوع في هذا الشأن الى ما أورده من معلومات موثقة في حلقاته الأخيرة من برنامج “تجربة حياة” في قناة “الجزيرة” وذلك استنادا الى مكانته المرموقة المقربة لدى الرئيس جمال عبدالناصر. وكذلك يمكن القول إن هذا الدور لعبه الى حد ما لطفي الخولي الذي كان مقربا بدوره لدى محمد حسنين هيكل، علاوة على نماذج مصرية أخرى لا تحضرنا الان أسماؤهم.
أما على الصعيد الوطني البحريني فلعل من أبرز من لعبوا هذه الادوار في تقريب أي فجوات أو سوء تفاهم بين الدولة والمثقفين العقلانيين المعتدلين في الرأي الآخر المفكرين البحرينيين الدكتور محمد جابر الأنصاري والدكتور علي فخرو وآخرين بدرجة أقل، وفيما يتعلق بهذين المفكرين تحديدا فبالرغم من أن الأول شغل عدة مسئوليات إدارية قبيل وبعيد استقلال البحرين وهو الآن يحظى بثقة جلالة الملك كمستشار ثقافي لجلالته، وبالرغم من أن الثاني نال ثقة القيادة والحكومة فترة طويلة كوزير فيها.. فمن يستطيع ان يقلل أو يتجاهل أدوارهما الإدارية كمثقفين كبيرين ماضيا فضلا عن أدوارهما الثقافية والسياسية الحاضرة؟
وأتذكر على سبيل المثال ــ لا الحصر ــ أن الدكتور علي فخرو ومن موقع مسئوليته كوزير للتعليم في التسعينيات كان صاحب الفضل في توظيف المثقف المبدع الموسيقي الكبير الراحل مجيد مرهون في وزارته، وبلا شك ثمة أدوار أخرى لا تحضرني الآن أو أجهل بعضها الآخر سواء لعلي فخرو نفسه أم للدكتور الأنصاري.
والحال أن تجربة الفقيد الراحل غازي القصيبي تمثل حالة نموذجية جديرة بالدراسة والاستلهام من قبل مثقفينا وحكامنا العرب على السواء فيما يمكن ان يلعبه الطرفان في الأخذ قدر المستطاع بنظرية إبراهيم سعدالدين في تجسير ما يمكن تجسيره من فجوة بين المثقف والحاكم شريطة امتلاك كل منهما قدرا من العقلانية والتسامح حسب الظروف والحالات المتاحة بما يخدم مصلحة الشعب والوطن المشترك.. وللحديث صلة مستقبلاً.

صحيفة اخبار الخليج
25 اغسطس 2010

اقرأ المزيد

الإقطاع الفلسطيني: تابع التابعين (3)

فتح وحماس وليدتان لوعي مذهبي إقطاعي يميني واحد، كلتاهما نتاجُ حركةِ الاخوان المسلمين في مصر التي هي وليدةُ حركةِ الاخوان في السعودية، أي هي الحركةُ المعاديةُ للحداثةِ والديمقراطيةِ والعلمانية طريق الأمة العربية للنهضة والتحرر والوحدة.
في انبثاقهما المقارب من مصر وغزة، وولادتهما من أصلٍ واحدٍ، تباينَ تطورُهما التالي، فرحلتْ (فتحٌ) للكويت، وتشربت ظرفاً جديداً، فيما غاصتْ (حماسٌ) في غزة بسبب الظروف التاريخية لتفككِ الشعبِ ولتفككِ الأجزاءِ الأخيرةِ المحتلة.
توجهتْ فتح للتجارة السياسية بالوطن، فيما توجهت حماس للتجارة بالإسلام، وكما أن فتح لها جذور دينية، فحماس لها جذور وطنية، لكن المادة الخام الفكرية هي نفسها، لا يُحفر فيها ولا تتشكلُ أبنيةٌ فكرية عميقة فيها، فتفصلُ الوطنَ والإسلامَ عن الامتلاكِ الكلي لهما من قبلِ تنظيمات سياسية، فيحدثُ الامتلاكُ الكلي بالضرورة عبر الدكتاتورية، وهي لا تأتي إلا بالحصولِ على الأموالِ بطرقٍ فاسدة، فتتكون النخبُ الانتهازيةُ المأجورة للقيادات.
كان حراكُ فتح أوسعُ حينذاك وقد دغدغتها الفترةُ القوميةُ الحماسية وخفوت الإقطاع الديني المحافظ، وكانت حركاتُ الاخوان ضد ذلك المد القومي التحرري ومتشبثة بالإقطاع الواعد بالنفط وبالقوى الأجنبية الاستعمارية، لكن كلا الفصيلين كانا تابعين للجذور نفسها، والفئاتُ الوسطى الصغيرةُ تتحركُ بتوسعٍ حسبَ مناخ النقود الأكثر، فكان حراكُ فتح الذي رصدناه وكوّنَ فئةً مهيمنةً على المال العام الفلسطيني، قد كسب الأغلبية الشعبية الفلسطينية.
وكما رأينا كيف مثلَ القبولَ بالدويلة الصغيرة الواعدة في الضفة وغزة، هزيمةً عميقة لخيارِ العلمانية والديمقراطية والحرية، فكانتْ عمليةُ قفزةٍ في الهواءِ مثلما فعلتْ القيادةُ اليمنيةُ الجنوبيةُ بقبول الوحدة مع الشمال، أي هو الهروبُ إلى الامامِ بسببِ عدمِ تنفيذِ مهامِ النضالِ الديمقراطي العلماني، فكان نتاجاً لسياسةٍ فشلتْ في استثمارِ القوى العمالية والشعبية والرأسمالية النهضوية المعادية للصهيونية في كلٍ من فلسطين وإسرائيل، وتشكيل السير الحثيث الصبور للقوى الديمقراطية المتجذرة في الأرض الفلسطينية الكلية، والناقدة للتخلف الديني الاجتماعي.
لكن هذه الثروة الشعبية لم يُحافظ عليها ولم تُطورْ بل طُورتْ الثروةُ الماديةُ لدى النخبة الحاكمة، وبهذا انضمت لقوى الإقطاعِ العربي وللرأسمالياتِ الحكوميةِ الفاسدة التي تقوم فوقها فما أحدٌ يبلع مالاً من هذه القوى حتى يغلق فمه النقدي، وما اعتبرتهُ انتصاراً تحولَ لهزيمةٍ صاعقة وصفعة سياسية مدوية لتلك الشعبية ولقوى منظمة التحرير، التي كشفت نفسها كذيل سياسي لفساد فتح.
ظهر الشعبُ المُنتخبُ إنه مؤثر لرمزية الإسلام المضادة للاستغلال والفساد حسب مستوى وعيه من دون إدراك تنويري علماني لم تواصل فتح في تشكيله، ففشلت قياداته على مستويي الدفاع عن الثروة المادية والدفاع عن الثروة الروحية.
مرة بعدم النضال من أجل تنويره وتطوير فهمه للوطن والإسلام، وهذا لا يحدث من دون نضال ديمقراطي اجتماعي، وبنقد للعادات الاجتماعية المتخلفة في الزواج والإرث والتراث والعادات والتفكير، أي يتطلب منظمات مناضلة واعية بين الشعب، وليس صاحبة خطابات على المسارح العربية الضاجة بالميكروفونات الصاخبة.
النضال ضد حماس هو نضال من أجل الديمقراطية الاجتماعية، بتغيير حال الشعب المتخلف، بإعادةِ النظرِ في هيمنةِ القوى الإقطاعيةِ على الإسلام منذ بني أمية، وليس أن تضعَ صناديقَ الانتخابات بين هذه الأيدي غير المدركة لتعقيد النضال الوطني الفلسطيني.
كذلك بتغييبها استثمار التقدم النضالي للقوى الشعبية في إسرائيل ضد الطغيان فيها، ومن دون ذلك تُمزقُ صفوف العربِ والمسلمين، والمسيحيين واليهود، أي كل القوى الشعبية المتضررة من سياسات الغزو والاحتلال والاستغلال، لتهيمن الصهيونية عليها بأشكالٍ شتى عبر الانتهازية الفلسطينية اليمينية الفاسدة أو عبر المذهبية الاستغلالية اليمينية الأخرى المنتفخة بمغامراتها وتجارتها بالدين.
إن انهيار المشروع العلماني الديمقراطي لفتح هو ثمار التنازلات المختلفة، وضعف تلك العناصر الديمقراطية الرقابية على القيادة وغياب حضور القواعد الشعبية، وجرى خلال ذلك تأييد الرأسماليات الحكومية العربية الشمولية التي وصلت إلى درجة الأزمة الخانقة كالعراق، وحركاته المخربة للتطور الديمقراطي العربي، ويتسبب ذلك في تجفيف ينابيع المال والتأييد لفتح، مثلما جرى الأمر عبر الالتصاق بالأنظمة الروسية والسورية والمصرية، أي لقد حدثتْ سلسلةٌ من الانهيارات في التحالفات العالمية والعربية، تشيرُ إلى عدم فهم القيادات الفتحاوية لفشلِ نماذجِ ومشروعات الرأسماليات الشرقية الشمولية ووصولها للأزمةِ العميقة والانهياراتِ المتتالية، وبضرورةِ انتزاع نفسها وهي مشروعُ تحررٍ ديمقراطي مفتوح وليست نظاماً من تلك الأنظمة المسدودة الأفق.
لقد استبقتْ الحركاتُ المعارضةُ العربية نماذجَ الرأسماليات الحكومية المستبدة عربياً وعالمياً، داخل كياناتها التنظيمية، وقلدتها وتماهتْ مع فسادِها وضيقِ فكرها، فصارتْ غيرُ قادرةٍ على إنتاجِ نماذج التطور الديمقراطي العلماني، فجاءت هزائمها السياسية.

صحيفة اخبار الخليج
25 اغسطس 2010

اقرأ المزيد

عن تمكين المرأة

لفترة طويلة ظللنا نتباهى بما أنجزته المرأة البحرينية من منجزات ومكتسبات، ومن بلوغها لمستوى من الوعي متقدم قياسا إلى شقيقاتها الخليجيات، ولفترة طويلة أيضا كان الأشقاء يغبطوننا على ما للمرأة البحرينية من حضور ومشاركة في الحياة العامة وفي سوق العمل.
ولم يكن كل ذلك من قبيل المبالغة، فالإنصاف يقتضي تأكيد أن المرأة البحرينية حققت لنفسها وبجهدها ومثابرتها مكانة لافتة ومنذ وقت مبكر، لكن علينا ملاحظة أن العالم حولنا ليس جامدا أو ساكنا، والركون إلى منجز تحقق في الماضي ومواصلة التباهي به يصبح مأخذا جديا حين نجد الآخرين يتحركون، حتى لو انطلقوا من مواقع تجاوزناها، ليحققوا قفزات كفيلة بأن تجعلنا وراءهم.
وفي كل الأحوال لا يمكن الاستخفاف بدور المرأة البحرينية ومكانتها في المجتمع ومساهمتها الكبيرة في سوق العمل في القطاعين العام والخاص على حد سواء، وما تتبوأه من مواقع قيادية في الحكومة وفي الشركات والمؤسسات الخاصة، وكذلك بانخراطها النشط في مؤسسات المجتمع المدني من اتحادات جماهيرية ونقابات وجمعيات سياسية وهيئات ثقافية وفنية.
لكن بالمقابل لا يمكن أن نمر مرور الكرام على ما أشار إليه أحد تقارير منتدى دافوس منذ سنوات عن «الفجوة الجندرية في العالم»، من أن مستوى المرأة في البحرين فيما يتعلق بالمساواة مع الرجل مازال منخفضاً وان بلادنا أحرزت المرتبة 115 من بين 128 دولة على مستوى العالم.
صحيح أن أحوال المرأة في البلدان العربية الأخرى، في الإجمال، ليست أحسن حالاً، حيث أشار التقرير إلى أن معظم بلدان العالم العربي لم تحرز تحسنا في أوضاع المرأة خلال السنوات الماضية، وانها ظلت دون المتوسط العالمي بكثير، بل أن بعضها شهد تدهورا في هذا المجال. لكن ليس شأننا هنا أن نقارن حالنا بالأسوأ، وإنما نتطلع إلى الأمام ، يحدونا الطموح لتحقيق ما حققه المتفوقون علينا، وهذا يطرح جملة من المهام على عاتق الدولة والمجتمع في التعاطي مع حقوق المرأة وتمكينها .
ليس أمرا قليل الأهمية أن البلد عاجزة حتى الآن عن تنظيم أحوال نصف المجتمع البحريني في مجالي المرأة والأسرة بقانون يضع حدا للفوضى السائدة في المحاكم وفي مجمل التعاطي القانوني مع المرأة، وهو أمر يجعل البحرين فاقدة لأحد الشروط التي يمكن التعويل عليها عند النظر في مسألة التمكين الاجتماعي والقانوني للمرأة.
وليس أمرا قليل الأهمية أيضاً، إذا ما استثنينا الحالة الخاصة بالنائبة لطيفة القعود، إن امرأة واحدة ممن ترشحن للانتخابات البلدية والنيابية في عامي 2002 و2006 لم تتمكن من الفوز، مما يعكس نظرة سلبية في المجتمع تجاه مسألة التمكين السياسي وقصور في البرنامج الحكومي الموجه لهذا الغرض، وخللا بينا في النظام الانتخابي المعمول به حاليا، والذي يشكل سدا مانعا لوصول المرأة إلى المجالس المنتخبة.
ونحن على أبواب الاستحقاق الانتخابي القادم نتطلع لأن تحمل الانتخابات القادمة نتائج ايجابية بوصول وجوه نسائية إلى مجلس النواب القادم، بما يغني التجربة النيابية في البلد، ويعكس ما بلغته المرأة في البحرين من تقدم في مجالات العلم والمعرفة والعمل.
 
صحيفة الايام
25 اغسطس 2010

اقرأ المزيد