أن المشروع الاجتماعي الذي يسعى إلى إقامته (فاضل الحليبي) عضو المكتب السياسي بالمنبر الديمقراطي التقدمي، والنهوض بحقائقه ومفاهيمه.. وهو تأسيس جمعية جديدة تحت مسمى “جمعية التضامن الأهلي في المنامة”.. هو مشروع وطني يستحق التقدير من قبل الجميع.. وحين نقول الجميع.. فاننا قصدنا بهذا الصدد هو الشعب البحريني بجميع فئاته ومشاربه، ومختلف طبقاته وانتماءاته.. لأن هذا المشروع الوطني.. وهو مشروع جديد يطرح على الساحة المجتمعية المحلية، ولتميزه بدلالاته النوعية واتسامه بمغازيه الكيفية، وخاصة ان هذا المشروع قد يتزامن طرحه وفترة الحملات الانتخابية البرلمانية القادمة، والاستاذ فاضل الحليبي هو أحد اعضاء المنبر الديمقراطي التقدمي، وكان الدافع لذلك هو الحرص على الحفاظ على النسيج الاجتماعي، وترسيخ اللحمة الوطنية، من خلال لقاءاته أهالي منطقته، عبر مشروعه الوطني، الذي يمثل همزة وصل ما بين الناشط الاجتماعي، والناخبين، بقدر ما هو تجسيد ما بين ابناء الوطن الواحد.
ومن هذا المنطلق يبقى القول الملح ان هذا المشروع الوطني استوجب ان يكون نقطة البداية والانطلاقة، في استقطاب أفراد الشعب والناخبين على حد سواء، وعلى صعيد مناطق مملكة البحرين كافة، حسبما يكون أداة دعم وتشجيع في حفز المترشحين، في مختلف الدوائر الانتخابية في البلاد، ودفعهم إلى الاقتداء بهذا المشروع الوطني والمبدئي والأخلاقي يستلهمون منه الرؤى الواضحة في تقبل الرأي الآخر، واستنارة المواقف لأصحاب تلك العقول المتحررة وإيمانها بأن المواطنين هم سواسية في الحقوق والواجبات أمام سيادة القانون والدستور من دون تفرقة ولا تمييز.
طالما هذا المشروع حمل في مضامينه مكافحة التعجرف والتعصب، ونبذ الطائفية والمذهبية، ومحاربة التمييز بجميع أشكاله المقيتة، ومثلما أقيم هذا المشروع على مبدأ الوحدة الوطنية بإرساء مفاهيمها ودعائمها ما بين المجتمع الواحد، والإيمان بهذه الوحدة “عنوانا” للنهوض بالوطن وتقدم المجتمع.. فإن هذا المشروع قد تجلى جوهره بمبدأ التعددية ومفاهيم التنوع، واختلاف الأنماط الفكرية والثقافية.. لانصهار مغازي هذا المشروع أولا بأجندة الخطاب التقدمي الديمقراطي المتحرر للمنبر الديمقراطي التقدمي.. ومن ثم ثانيا توجيه هذا المشروع إلى مترشحي مختلف التيارات والانتماءات، وفي مقدمتهم مترشحو تيار الإسلام السياسي لدى مختلف الجمعيات الدينية (الاصالة والاخوان والوفاق وأمل) وغيرها من الجمعيات الدينية.. إذ يخاطبهم هذا المشروع بالتوقف عن أي ممارسات للاصطفافات الطائفية والانقسامات المذهبية، والكف عن غلواء السلوكات غير الديمقراطية.
ومثلما هذا المشروع الوطني يخاطب قوى ومترشحي تيار الاسلام السياسي، بعدم التعصب للصورة النمطية ذات البعد وذات الانتماء الواحد للطائفة الواحدة.. فإن ثمة مشروعا وطنيا وحضاريا آخر قد يخاطب (السلطة التنفيذية) في مملكة البحرين.. وهو مشروع (مبدأ التعددية الحزبية والسياسية) يخاطبها لفتح المجال أمام القوى السياسية، المتمثلة في الجمعيات السياسية (الوطنية والديمقراطية) بالسماح بتحويلها الى تنظيمات حزبية تتعدد في النهج وتختلف في البرامج وتتميز بالفكر والايديولوجيا، وذلك تجاوبا مع (الاقتراح بقانون) بشأن الاحزاب السياسية، الذي طرحته كتلة النواب الوطنيين الديمقراطيين على مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الاول.
ولعل القول يبقى صحيحا ان المشروع الوطني المتمثل في (جمعية التضامن الاهلي) هو حينما هدف بالدرجة الاولى الى تصفية الاجواء الملبدة بغيوم الطائفية والمذهبية والفئوية، ومحاولة تنوير عقول بعض الطائفيين والمذهبيين، وتنقية المناخ السياسي والاجتماعي والانتخابي، بتهيئة مواطنين مؤهلين (مترشحين وناخبين) لحمل مسئولياتهم الوطنية ومهامهم الاجتماعية، والساعين الى تماسك نسيج المجتمع وترسيخ الوحدة الوطنية.. فإن مشروع مبدأ التعددية السياسية والحزبية، قد يعبر عن فكرة تحديثية متطورة وحضارية لجوهر النظم الديمقراطية.. وبحسب ما ينسجم هذا المشروع، وتاريخ القوى السياسية والحركات الوطنية في البحرين، منذ بدايات عقد العشرينيات من القرن الماضي.. فإن هذا المشروع.. مشروع (مبدأ التعددية السياسية) يمثل رافدا من روافد القوى الوطنية (الواقعية والعقلانية والناضجة والمؤهلة).. حسبما يجسد ركنا من اركان الدولة المدنية والحديثة، دولة المؤسسات والقانون، بل ان هذه التعددية هي ركيزة اساسية في تكريس الديمقراطية، وتطوير ابعادها السياسية والاقتصادية، ومفاهيمها الثقافية والاجتماعية.
في نهاية المطاف يمكن القول انه إذا جاء المشروع الوطني لجمعية “التضامن الاهلي” متمثلا على الصعيدين الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني، فان مشروع مبدأ التعددية السياسية والحزبية، قد ينعكس على الصعيدين الشعبي العام والرسمي الخاص، وكذلك السلطتين (التنفيذية والتشريعية) والدولة المدنية، بمؤسساتها ومرافقها وآلياتها وتشكيلتها كافة.. على غرار الدول الديمقراطية والمتقدمة محورها فصل السلطات الثلاث ومفاهيم التعددية.
أخبار الخليج 2 يوليو 2010