المنشور

بــرولــيــتــــاري…!

 

 

 

 



بــرولــيــتــــاري…!


 (جليل الحوري في ذاكرة المطارق) 
 



ســجـى بـالـمـدلـهـمـات لـيــل ُالـخـطــوب ْ
وران عـلـى الـنـاس ويــل ُالـحــروب ْ
وسـالـت بـحــوراً دمــاء ُالـشـعــوب ْ
وغـارت نـجـوم ُالـسـمــاوات…
خـلـف سـحــاب الـخـطــرْ
وبالـمـوت غـيــضـت عـيـون ُالـمـطـر ْ
يـلـوحُ مـن الأفـق ِالـمـسـتـريــب…
شـعــاع ُالـحـقـيــقـة ِ…
لـحـن ُالـشــمــوس ِ…
وحــلـم ُالـنــفــوس ِ
فـفـي الـقـطـب نـجـم ٌيـزيــح ُالـكـروب ْ…
دريـئـتـه جـبـهـة ُالـبـســلاء ِ…
أكــفُّ الـضـيـــاء ِ…
نـشـيــدُ الــقــمــرْ
ورايـتـُه خَـفـَقـات ُالـقـلــوب ِ…
وقــاءُ الـبـشـــر ْ
وفـيــمـا يــدور وطـيــسُ الـنــزال ِ…
تـولـّـد فـي قــاع ِقــاع ِالـهـمــــوم ِ…
وفـي (حــورة) الـكـادحـيــن الـمـثــال ِ…
(جــلــيـــلُ) الـظـفــرْ
نـمـتـه حـجــورُ الـنـضـــال ِ…
سـقـتـه الـلـبــانَ الـطـهــور ِ…
يـجــايــل أتــرابَ وعـي الـدروب…
ولـحـن َالـوثــوب…
فـشـبَّ عـن الـطـوق..شـبَّ الـجَـسـورُ
يـغـافـل خــوفَ الـمـخــوف ِ…
لـيـلـقـم نـوم َالـشـوارع صــوتـاً حـجـرْ
يـوزع أرغـفـة َالأمـنـيــات ِ…
فـيـرصـده الـصـمتُ والـمـخـبـــرون…
ويـنـبـح قـيــد ٌبـنــاب ِالـسـجــون…
فـيـسـفـح عـمـراً بـطـعـم ِالـنــدى
فـكـان الـرحـيــل ُالـمـؤجّــل.. كان ْ
وحـل َّالـمـسـاءُ وقـد حـان حـيــن ْ…
تـعـيــذ الـمـنـامــة ُأبـنــاءها…
مـن الـسـلـب والـفـقـر والـعـاديــات…
تــداعـى الأبــــاة…
وكـان جـلـيــل ُالـنـوارس فـي سـربـه…
يــرودُ الـوفــاءْ
يـذبّ عـن الـلـقـمـة ِالـجـائـعــة ْ…
يـريــدُ حـقـوقـاً لـنـا ضــائـعـــة ْ
فـيـحـتـشـد الـمــوت ُوالـنـاهـبـــون…
فـيـهـتـف فـيـنـا جـلـيـل ..ويـهـتـف…
يـهـتــف…
يــهــتــف…
يـــهـــتــف…
قــال: …الـوحـدة يــا عـمّــال
يــا عــمّــــا…
فـيـشـرب رمـل ُالـمـنـأيـا صـداه
وجــاد بـروح تـزيــن الـســمـاء
لـيـُعـطـي الـحـيـاة حـيـاة َالـفـداء

 

 
عبد االصمد الليث
20 مايو 2010

 

اقرأ المزيد

مستقبل الأجيال المقبلة المظلم

مثلما استيقظنا فجأة ووجدنا أن تعداد السكان في البحرين قد تجاوز المليون نسمة, كذلك سنستيقظ فجأة على أن غالبية المواطنين البحرينيين تعيش تحت خط الفقر وأننا أصبحنا في مجتمع تعيش فيه أقلية فاحشة الثراء وأغلبية مدقعة.
أسواق العمل الخليجية بما فيها البحرين فضلت استقدام العمالة الأجنبية من الدول الفقيرة وهي بذلك ارتضت أن تكون عمالتها الوطنية منافسة لهذه العمالة سواء في الأجور أو في مستوى المعيشة. وبما أن البحرين أفقر الدول الخليجية من حيث الموارد النفطية فإن تبعات هذا الوضع ستظهر عليها أولاً لتكون المثال الذي يجب أن تحتذي به باقي الدول الخليجية عندما تنفد هذه الثروة.
إن أهم واجبات الدولة حماية مواطنيها سواء من الناحية الأمنية فتكفل لهم سلامتهم الشخصية وتصون ممتلكاتهم من أي اعتداء كان أو من الناحية الصحية فتكفل لهم العلاج المناسب أو من الناحية الاجتماعية والاقتصادية فتوفر لهم الظروف الموضوعية لبناء أسر سعيدة وعيش كريم تبعدهم عن الحاجة والفقر من خلال توفير فرص العمل اللائقة والسكن.
وبالرغم من أن التطور الطبيعي لأي مجتمع يستدعي رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي والصحي والتعليمي لمواطنيه, إلا أن ما يحصل في الوقت الراهن في البحرين يقول عكس ذلك تماماً. فتقلص الطبقة الوسطى واضمحلالها يوماً بعد يوم واتساع رقعة الفقر نتيجة تدني مستوى الرواتب لهو أكبر دليل على ذلك.
ما نلاحظه في هذه المرحلة بالذات تراجع كبير في جميع المجالات بالنسبة إلى المواطن العادي, فلا الخدمات الصحية بقيت على ما هي عليه حتى بالنسبة لفترة التسعينيات عندما كان المواطنون يحصلون على خدمة صحية معقولة ولا يضطرون للانتظار لمدة قد تزيد على الشهرين لحجز موعد مع الطبيب الاستشاري, أو يضطرون لشراء الأدوية من الصيدليات الخاصة لعدم تمكن الدولة من توفيرها لهم, ولا حتى التعليم تطور بالشكل المطلوب وواكب الزيادة الرهيبة في عدد السكان نتيجة التجنيس العشوائي, فبعدما كان عدد الطلبة لا يتجاوز الـ 25 طالباً في كل فصل دراسي أصبح الآن يتجاوز الـ 30 أو حتى الـ 40 طالباً في الفصل الواحد.
ومع تراكم أعداد الطلبات الإسكانية لتصل إلى ما يقارب الـ 50 ألف طلب إسكاني عدنا إلى الوراء وإلى بروز ظاهرة (العائلة الممتدة) مرة أخرى بحيث يسكن الجد وأبناؤه وأبناء أبنائه وزوجاتهم في بيت واحد ولكل عائلة منهم غرفة واحدة.
لا أعرف إن كان أي مسئول في الدولة يرى عكس ما يراه المجتمع البحريني من حالة النكوص والعودة إلى الوراء في جميع المجالات, وأن هناك مستقبلاً أكثر راحة للأجيال المقبلة, إن ما نلمسه الآن هو خوف لا حدود له على مستقبل أبنائنا وإن كانوا سينعمون بما أنعم على آبائهم من نعمة العيش في الحدود الدنيا لمجتمع خليجي ينعم بالثروة النفطية ويحقق سنوياً فائضاً في موازناته العامة بمئات الملايين.
 
صحيفة الوسط
8 يونيو 2010

اقرأ المزيد

دروس أسطول الحرية (2-2)

في ضوء تحليل الموقف التركي الغاضب من الاعتداء الوحشي الاسرائيلي على احدى سفن “أسطول الحرية”، الذي راح ضحيته تسعة من الشهداء الاتراك المدنيين المسالمين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، علاوة على عدد من الجرحى والمصابين، وهو الموقف الذي استعرضنا دلالاته وأبعاده يوم أمس يمكننا هنا استعراض جملة من الدروس والدلالات والعبر المتعددة التي يتعين على العرب التمعن فيها جيدا والاستفادة منها:أولا: ان حزب “العدالة والتنمية” الاسلامي الذي يحكم تركيا أعطى قدوة ومثالا نموذجيا لقوى وحركات الاسلام السياسي العربي في فن اللعبة السياسية بشروطها الديمقراطية الملموسة المحددة، فهو لم يشغل نفسه آنيا بعدة قضايا دينية ليفتح حولها جبهات متعددة كما تفعل قوى الاسلام السياسية العربية الآن داخل البرلمانات وعلى الساحة السياسية عامة، بل ركز في القضايا المصيرية الاكثر إلحاحا كتلك المتصلة بحياة الاتراك الاقتصادية والمعيشية داخليا، وفي كيفية اعادة رسم دور جديد لتركيا على الساحة الاقليمية كقوة ند للغرب بما في ذلك اعادة الاعتبار لكرامة شعبها المسلم الذي أجبر على خذلان قضية المسلمين والعرب الاولى القضية الفلسطينية.وبهذه المعاني والدلالات التي قدمها حزب العدالة التركي فإنه لا يليق بقوى الاسلام السياسي العربي التباهي بانجازات هذا الحزب الا اذا اقتدت بسياساته.. لنتذكر هنا ان علم تركيا الذي رفعته قوى الاسلام السياسي العربية في مظاهراتها انما هو علم الدولة العلمانية التي بفضل ديمقراطيتها ــ على عيوبها ــ وصل حزب اسلامي الى السلطة، والاهم من ذلك أبدى قسمه لاحترام نظام الدولة، ومازال أمينا في احترامه لهذا القسم، ولم يتسرع حتى وهو في السلطة نحو القيام بإجراءات دينية متشددة تضر باقتصاد بلاده أو تعرض شعبه لصراعات أهلية خطيرة داخل الدولة والمجتمع.ثانيا: ان الحشد الاممي المتنوع المتعدد الثقافات والانتماءات (من 40 دولة) الذي استقل سفن “اسطول الحرية” التي امتزجت على بعضها دماء عدد من المصابين من ذوي الانتماءات غير الاسلامية مع دماء الشهداء والمصابين الاتراك والمسلمين هو درس بليغ يثبت بامتياز ان عدالة أي قضية انسانية أو وطنية لا تقتصر على اتباع دين محدد لنصرتها، وانه من الاهمية بمكان مد جسور التواصل وتعزيزها مع ذوي الانتماءات الدينية والفكرية المختلفة وضرورة الخروج من القوقعة الدينية الضيقة الافق التي لا ترى في الغرب بمجمله سوى الكفر والإلحاد والانحلال أو “الصليبية” على نحو ما دأب عليه نهج “القاعدة” وعدد كبير من المنظمات الاسلامية المتطرفة بتقسيم العالم الى فسطاطين لا ثالث لهما.وهنا فإن من يؤمن حقا بإقرار واطلاق مبدأ التعددية الثقافية ومنافعها في الانطلاق منها نحو بناء القواسم المشتركة في القضايا الانسانية العالمية لا مصداقية له اذا ما حصرها في النطاق العالمي تبعا للقضايا الآنية، كما حصل لأسطول الحرية في الوقت الذي يحاربها على الصعيد الداخلي، فمن يحارب التعددية داخل بلاده لا يمكن ان يكون ذا مصداقية في احترامه واقراره بمنفعية التعددية الثقافية أمميا على الصعيد العالمي.لنتذكر هنا كيف ان “حزب الله” احتكر قضية المقاومة في الجنوب اللبناني باصراره العنيد على رفض مشاركة أي قوى وطنية أخرى له فيها الا تحت لوائه، وأصر على نعت هذه المقاومة بـ “المقاومة الاسلامية” رغم انها قضية وطنية عامة تهم كل اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية.ثالثا: أعطت مشاركة رموز من الاسلام السياسي السني في أسطول الحرية التضامني بعدا جهاديا عقلانيا جديدا بامكانه أن يحظى بشعبية عربية واسلامية وعالمية على نقيض خيار الاعمال الارهابية التي تتبناها منظمات متطرفة في افغانستان والعراق وعلى رأسها “القاعدة”، وهي الاعمال التي تسيء إلى الإسلام والعرب.رابعا: رغم أحداث “أسطول الحرية” الدامية التي شاركت فيها وضحت رموز انسانية غير عربية فإن ذلك لم يحل دون استمرار الصراع بين “حماس” و”فتح” على السلطة، واذا كان هذا التضامن الأممي العالمي مع الشعب الفلسطيني في ظل أسوأ انقسام فلسطيني وفي ظل أسوأ انقسام عربي رسميا وشعبيا فلنا ان نتخيل حجم واثر هذا التضامن العالمي لو كان الفلسطينيون والعرب يتحلون ولو بحدود دنيا من وحدة الصف. خامسا: بدت تركيا وحزبها الاسلامي الحاكم برفعهما العلم الفلسطيني أكثر احتراما للهوية الوطنية الفلسطينية من “حماس” الفلسطينية وعدد من الحركات الدينية الفلسطينية والعربية الاخرى التي مازالت تصر في مناسباتها الدينية والوطنية وفي مسيرات جنائز شهدائها على تسييد العلم الحزبي على العلم الوطني بما في ذلك لف الجنائز، أو جثامين الشهداء.سادسا: مازالت القوى السياسية البحرينية تعطي في تضامنها مع القضية الفلسطينية أسوأ أشكال التضامن مدعاة للتقزز في تفرقها وانقساماتها حتى في قضية العرب والمسلمين المقدسة المشتركة على قاعدة أو كأن لسان حال أصحابها “لكم مسيرتكم، ولنا مسيرتنا”، وما كان ينبغي مهما تكن الاسباب والرواسب المثقلة ان يقتصر الترحيب بالبحرينيين النشطاء الأربعة العائدين من أسطول الحرية على قوى شق من اسلامنا السياسي من دون مشاركة قوى الشق الآخر.

 
صحيفة اخبار الخليج
8 يونيو 2010
اقرأ المزيد

الحقوق والأوضاع العامة

كثرت جمعيات حقوق الإنسان في البلد حتى إن المهتم بات يخلط بينها، وتداخلت الأسماء وتشابكت في حرب ضروس، وتعاركت داخل البلد وخارجه، لكن هل تغير وضع الإنسان خلال ذلك كله؟إن الصراعَ المذهبي بين الطرفين السني والشيعي السياسي هو الغالب في كل شيء، ولم تستطع الجمعيات السياسية والحقوقية من الخروج عن دائرته الضيقة.كلٌ يسحب الخبز لقرصه وتنوره، لكن الذي استفاد خلال هذه الفترة بقوة كبيرة هم الأجانب بشتى أصنافهم وهوياتهم القومية والعملية، وكان أهل البلد الغلابة في حالة انكماش وتأزم مستمرين.لاتزال الرأسماليةُ الحكومية مهيمنة على الإيرادات والفوائض وتوزيعاتها غير المراقبة وغير المدروسة بدقة، وقد كنا نتوقع أن يركز البرلمان في هذه المسألة المحورية التي تخص كل المواطنين وتخص تطور أجهزة الدولة واستقلالها وتطورها، وأن تكون لدى أعضائه خطة مدروسة لتغيير هذا الواقع الأساسي، لكن البرلمان كان جزءا من الصراع المذهبي، ومستوى وعي أفراده يرتكز على ما يطفو على السطح من بعض المشكلات في الوزارات تبعاً لذلك الصراع وإذا اتفق الطرفان فهو على تقزيم الحداثة التي هي أساس الخروج من مأزق المذهبية المحافظة المتخلفة، إن هذا الوعي غير قادر على الغوص في بنية الدولة واقتصادها وفوائضها وكيفية تقسيم هذه الفوائض بشكل يطور بنية البلد الاقتصادية الاجتماعية التعليمية ويقوم ببحرنتها، وتوطينها، أي يقوم بتوجيه الفوائض نحو التصنيع وتطوير أوضاع العمال البحرينيين كبديل عن الأجانب، وكيف يغير الأجيال الجديدة باتجاه العمالة والعلوم التقنية، وكيف يجذب النساء للعمل.إن حقوق الإنسان ترتبط بالاقتصاد والسيطرة الوطنية العادلة عليه، والاقتصاد المتغير يتطلب عدم التحكم الكلي أو شبه الكلي للدولة في الاقتصاد، بل في الموارد والجغرافيا الأرضية والهواء، وجعل القوى الاجتماعية من أرباب العمل والعمال يشاركون في هذه الإدارة والملكية وتحديد توجه الفوائض وأن تتصاعد المراقبة الاجتماعية على الاقتصاد والبناء الاجتماعي ككل.وقد أدتْ التجربةُ الغضة الانتخابية إلى مجيء صراع الطوائف بدلاً من حوار القوى الاجتماعية المسئولة، أي مجيء أرباب العمل وطرحهم تصوراتهم ومصالحهم، ومدى حدوث التغيير في التحكم الاقتصادي الحكومي الكلي أو شبه الكلي هذا، ومدى قبول الطرفين الحكومي وقوى الصناعة والتجارة آراء العمال والأهالي في العفويات الاقتصادية السائدة.وبدلاً من جلوس القوى الاجتماعية الحقيقية على مائدة الحوار الديمقراطي تم الاستمرار في الصراع المذهبي وفي ذيوله المختلفة. إن عدم حدوث ذلك في هذه العملية الانتخابية البحرينية الأولى هو أمر متوقع، وثمة العديد من التحولات والإنجازات التي جرت في حدود الوعي السائد العفوي عموماً، وفي حدود وضع الخليج المتوتر الموضوع على حافة بركان.لدينا طرفان: طرف يبحث ويغير بعض التغيير وأحياناً يُبرد ويصل للتثليج، وطرف يسخن ويشعل ويحرق!لقد جرت التغييرات في حدود معينة مفيدة ومهمة ولكنها محدودة، والجمهور الواسع لم تعد أوضاعه كما هي قبل عشر سنوات، لقد تغير الوضع الاقتصادي وتصاعدت الأسعار وانخفضت الأجور واحترقت التوفيرات والمداخيل وتفاقمت مشكلات الإسكان والصحة وغيرهما، وقامت القوى الوسيطة باستغلال واسع للعمالة الأجنبية وبنشرها بشكل هائل وحدثت مضايقات وإفلاسات وإنسدادات للعديد من قوى التجارة والعمل، واغتنت النخب الاقتصادية الكبرى بينما تعاني الأغلبية مثل هذا الوضع الاقتصادى وامتداداته المروعة في كثافة الزحام والتلوث وغياب مؤسسات الترفيه والملاحقات التي تجري للفنادق في بلد صغير أشبه بقفص يخنقه الحر والرطوبة.إن العيون التي ترصد حقوق الإنسان فعلا ينبغي أن تكون موضوعية، وليس ثمة موضوعية في كيانات مُسيسة مرتبطة بأجهزة ومنظمات تؤدلج الحقوق حسب إثارتها السياسية وغاياتها الدعائية ومصالحها الشخصية، ومضامينها المذهبية السياسية، ولا يتمثل فيها البحث الموضوعي النزيه وهذا لا يقوم به سوى حقوقيين مشهود لهم بالاستقلالية والبعد عن التحزب والإثارة.إن منظمات حقوق الإنسان إذًا ترتبط بحالة البلد السياسية الموضوعية غير الطائفية، وغير الذاتية السياسية المنتفخة، وأن يتقارب الفرقاء السياسيون الاجتماعيون المتصارعون إلى نقاط مشتركة، تبحرن الاقتصاد والعمال فيه وتعطي الفرص الاقتصادية لأهل البلد، وتكف عن صرف الأموال على المظاهر والاحتفالات الباذخة والمشروعات غير المدروسة من لجان برلمانية وبلدية وأهلية.ولكن الطريق طويل فنحن نرتبط بالفرقاء الإقليميين وبصراعاتهم ومشاكلهم كذلك، وبالصراع العالمي أيضاً، ونحن في هذه المرحلة نشدد على أولويات الحياة والبقاء والتقدم أي على السلام وإبعاد منطقة الخليج عن المحارق الحرارية والنووية، وعلى عدم جعل بلدنا ومنطقتنا ساحة لفوائض العمالة المتخلفة والسلع البائرة وميداناً لسحب الفوائض منها وإرسالها لمناطق أخرى وترك بلداننا تتآكل.ولهذا لابد من قيام الحكومات والمنظمات الأهلية برؤية موضوعية للصراعات السياسية في المنطقة وعدم الانجرار وراء الدول والقوى الشمولية والمحافظة المتخلفة وإثاراتها المستمرة، ومن دون ذلك ستبقى منظمات حقوق الإنسان بل الإنسان نفسه في حالة سيئة.

 
صحيفة اخبار الخليج
8 يونيو 2010
اقرأ المزيد

موعد اقتراب الكذب

الكذب عملة سياسية مثلها كعملة تجارية واجتماعية وأخلاقية يمارسها الأفراد والمجموعات والمؤسسات، من اجل تمرير كل أشكال وغايات مستهدفة تحقق أهدافا محددة، اكذب واكذب حتى تصدق كذبك، لهذا قررنا اختيار عنوان يبدو للبعض استفزازيا خاصة لمن يهمهم الأمر، انطلاقا من مقولة شهيرة « أيلي على رأسه بطحه يتحسسها « مع إنني لست وراء هذا العنوان، وإنما شخصية شعبية تجلس على مقعد مهمل في أزقة الأحياء الشعبية، فحين سلمت عليه « قائلا ها فلان بارز حق الانتخابات « فرد بهدوء « ما دام أنا ما صّوت مرتين ما يفرق الثالثة « بعدها ردد :» جرب وقت الجذب « لهذا كان عليّ أن أصيغها بلغة متشابهة، وبعد حديث ودي سريع سألني « أنت ما ودك ترشح « ضحكت ورددت عليه دون إطالة « بأن الصحة ما تسمح وظروفي لا تتيح لي العودة لنفس التجربة « ولم يكن الوقت مناسبا أكثر لشرح تفاصيل عدة دفعتنا للمساهمة الانتخابية في الدورة الأولى . طوال هذه السنوات كان المشهد الانتخابي والأداء النيابي والبرامج الانتخابية والحملات التي كثرت بها الوعود والأحلام وتم بيع بضائع كان أصحابها يدركون انهم لن ينجزوا ولا شبر واحد من مساحة الأرض في معركة ميزانها خاسر من الجولة الأولى. من خاضوا في كل التجارب الانتخابية، ومن أخفقوا أو نجحوا في نيل تلك المقاعد، لا تمنعنا عن قراءة تلك الأيام والسنوات الساخنة، بل وتأمل بعض البرامج والحملات الانتخابية وتلك الصور والملصقات بعباراتها « العظيمة والساخرة ! فعلى اقل تقدير وابسطه ليس التجاوزات القانونية الفادحة ابتداء من توظيف المساجد ومحلات دينية عدة كالمآتم مكانا لترويج مشروع ذاتي أو سياسي لمرشح ما، مرورا بتلك الهدايا النقدية والعينية وانتهاءً بوعود كثيرة لحل مشاكل أناس بسطاء حول السكن والوظيفة بل وحتى بإنقاذه من ورطة مالية وحلم زواج معلق لابن راتبه ينتهي في منتصف الشهر.
الحكايات اليومية أثناء الحملات الانتخابية حول ممارسات معسولة بالوعود تبقى طوال الدورة الانتخابية، حيث ترتفع أصوات النواب « والطامة إن ظاهرة الكذب هي الأكثر تسيدا فيما بدا القليل منهم من احترم وعوده الانتخابية وقال لناخبيه اسمحوا لي لقد فشلت في تحقيق ولو جزء من مطالباكم التي على أساسها رشحت نفسي وعلى أساسها روجت برنامجي ووعدتكم بالكثير، غير ان النواب بعضهم كان يدرك مسبقا انه يمارس لعبة برلمانية أساسها الكذب السياسي والموقف السياسي الكاذب، بين سلوكين متناقضين المعلن جميل وبراق والخفي هو الحقيقة ترتيب أوضاع مستترة ولعب ادوار واضحة ومطلوبة. بعضهم كذب واستغل مستوى وعي الناخبين فهو حينما يقف يصبح « شمشون « تحت قبة البرلمان مدعيا بأنه سيسقط المعبد على رأس من فيه، فإنما ذلك لم يكن إلا مسرحية إعلامية وسياسية بطولتها مزيفة بامتياز، ودون شك عدسات الإعلام لديها لعبتها « فهي ترفع من تشاء وتذل من تشاء وتسقط من تشاء « حسب طبيعة اللعبة، ليس البرلمانية وحدها وإنما حسب اللعبة السياسية الواسعة جدا . ولكي يبتلع الناخب الطيب الموس السياسي، فان أجمل العبارات لا بد وان تكون « كاذبة « وأحسن الوعود وأوسعها حلما تدغدغ الناخب لا بد وان تكون وعود « كاذبة « وحين يمل الانتظار الناخب المسكين حالا ومالا وعيالا ووبالا، فان ابسط رد يمتلكه هو ترديد عبارة هؤلاء كذبوا علينا، لقد وعدونا بأشياء كثيرة ولكننا لم نرَ منهم إلا ذر الرماد في العيون .
ما حمله النائب المحترم داخل قبة البرلمان اغلبه كان فاشلا من الخطوة الأولى، ولأنه عاجز عن تحقيق المشاريع الكبرى وتشريع ما هو ضروري، فان من الأفضل التعلق بحكاية فاشلة هي الاقتراحات برغبة !! وتقديم طلبات خدماتية كانت الحكومة بالأساس متجهة لتحقيقها دون الحاجة لنصائح نائب عاجز، ولكي تمنح الحكومة امتيازا لنائب على حساب نائب أخر، فإنها لا بد وان ترفع من رصيد أحبابها وتضايق من يضايقها وتهمل من لا يصب الماء الزلال في طاحونتها، حتى كدنا أحيانا لا نفرق بين وظيفة مجلس الشورى عن النيابي ولا دور موظف البلديات السابق المعين عن الجديد المنتخب، بل واقتحم النائب السياسي على وظيفة البلدي الخدماتي، لكون النائب صار يدرك ان عمله الفعلي مشلول وغير صالح للتمديد وفاقد للصلاحية الحياتية والنيابية ! فيما بات العمل الخدماتي للبلديات همه اليومي، فلعله بذلك يمسح ذنوب حملته الانتخابية الكاذبة .
يا الله لو اعددنا أرشيفا طوال ثماني سنوات، من قصص الوعود والخرائط الإسكانية والأوراق والأحلام التي قيلت للناخبين لصار بإمكاننا تأليف ألف ليلة وليلة بحرينية في زمن الانتخابات، التي روج لها أصحابها بالمن والسلوى، غير اننا لم نجد غير أضغاث أحلام وهواء فارغ في بالون انفجر قبل أن يطير.
بين الوعود المعسولة والكذب السياسي علاقة دم وقرابة معروفة في جميع البلدان، وبين تلميع الحذاء في شارع باريسي ومشهد برج إيفل علاقة قديمة بالثورة الفرنسية، حيث تبخرت كل الأفكار النبيلة التي نادت بها الثورة البرجوازية عن العدالة والإنسانية والإخوة، مما جعل ماسح الأحذية السنغالي يسخر كل يوم مع زبائنه قائلا « أحلامنا ماتت عند هذا المقهى وعيوننا تنظر لذلك الحديد العظيم، ولكننا ما زلنا نفتش عن فرنسا في الدروس الفرنسية في المدارس السنغالية، عن تلك المبادئ التي جاءت بها الثورة . أفكار كبيرة تم توظيفها في اتجاه الكذب والدم، قيم عدة تم تدجينها من اجل الكذب، وأحلام عظيمة تبخرت عند مرافئ الكذب ، حتى كدنا نلمس الاختلاط بين الأوراق الصادقة والكاذبة. دون شك هناك قلة من النواب عباءتهم ليست كلها أوراق من الكذب، غير أنهم عندما تقتضي الضرورة السياسية فأنهم سيكذبون بحجة «الأمر يستدعي ذلك حاليا» أو لم يحن الوقت لقول الحقيقة وعلينا إخفاء الأمور « ولكنها العملية تنكشف في نهاية المطاف، حيث من بدأ صادقا في برنامجه الانتخابي صار كاذبا في ممارساته النيابية ومجالسه، ولا عجب أن تعود عجلة الكذب الانتخابية في حملة الدورة الثالثة وموعد اقتراب الانتخابات، وسنتابع بعيون وقلوب مرتعشة تلك الجمل اللطيفة « سأضرب بيد من حديد على الفساد « وبما أنهم – ودون استثناء – دبجوا عبارة مكافحة الفساد – اكتشفوا أنهم وقعوا في شرك الفساد بوعي أو دون وعي.
 
صحيفة الايام
8 يونيو 2010

اقرأ المزيد

من وحي ديمقراطية 1973

حسناً فعل المصور المبدع عبدالله الخان الذي وثق بالصورة البليغة جزءا مهماً من تاريخ البحرين الحديث، وحسناً فعل الأديب والمصور حسين المحروس حين أهديا المكتبة البحرينية كتابهما الجميل عن ديمقراطية 1973، فوثقا، بالصورة، مصحوبة بوقفة المحروس أمام بعض محطات المجلس الوطني عام 1973 المهمة.
والكتاب ينشغل بالصورة أساساً وسيلة تعبير وإيصال، ولم تكن مهمة واضعيه أن يذهبا أكثر مما ذهبا إليه في تتبع مسار تلك التجربة الغنية والمفصلية في تاريخنا الحديث، والمآل الصعب الذي انتهت إليه، فأنهيت بسرعة، قبل أن ترسي قواعدها، وقبل أن تتمكن من تكوين التجربة الكافية اللازمة لامتلاك أدوات واليات إدارتها من قبل الأطراف كافة.
في هذا السياق نود طرح بعض الأمور ذات الصلة بالأمر.
أولها السؤال: كيف كانت ستكون صورة البحرين لو لم تُنه التجربة البرلمانية تلك وهي لما تزل في المهد، أو حتى لو لم يطل غياب الحياة البرلمانية عن البحرين كل هذه الفترة الطويلة؟
لا أحد يستطيع أن يرسم صورة دقيقة لما كان سيؤول إليه الوضع، ولكن المؤكد انه كان بالإمكان تفادي الكثير من الآلام والأوجاع التي عانى منها وطننا وشعبنا، وكان بالإمكان تجاوز عقود الاحتقان الطويلة التي مررنا بها، والتي دفعنا ضريبة باهظة خلالها، ولما تراكمت عقد المشاكل والصعاب التي عانينا منها ومازالت آثارها موجود بصورة من الصور هنا وهناك.
لا يجوز الاستخفاف بتبعات هذا الغياب القسري للممارسة النيابية لشعب استحقها عن جدارة خلال عقود طويلة، ولا يصح الاستخفاف بما خلفه هذا الغياب من تبعات على تطور البحرين من وجهة النظر السياسية والاجتماعية والثقافية.
في حفل تدشين كتاب عبدالله الخان وحسين المحروس عن التجربة الديمقراطية في السبعينات كنت تلمس في عيون الحاضرين الذين راحوا يحدقون في معرض الصور المصاحب عن تلك الفترة تحسراً على ما كانت تلك الصور تشف عنه من روح مختلفة للبحرين يومذاك، وهي الروح التي انعكست في نتائج الانتخابات وقوام المجلسين التأسيسي والوطني، وهي الروح التي نفتقدها، إلى حد كبير، اليوم، وافتقدتها، إلى حد كبير أيضاً، مخرجات انتخاباتنا الأخيرة، التي جاءت لنا بمجلس من لون واحد، على تنوع الانتماء المذهبي لأعضائه، فلم يعكس هذا المجلس روح البحرين المتعددة، وما عرف عنها من تنوع ومن تعايش متحضر لمختلف التكوينات.
في صور الخان الناطقة الملتقطة في الشارع وفي الندوات السياسية والانتخابية وفي مقار التصويت وفي ردهات المجلس الوطني ذاته تلمس شيئاً مفتقداً اليوم.
وواجبنا أن نوجه للخان والمحروس تحية الثناء والتقدير لأنهما أعادانا إلى تلك الحقبة، لا لكي يتملكنا الحنين إليها، وإنما أساساً من أجل أن تتضافر جهودنا في أن يكون مستقبل الأيام حاملاً لما افتقدناه، معيداً لهذا الوطن روحه الحية التي كادت أن تختنق تحت أقدام الطوفان الطائفي والمذهبي الذي اجتاحنا، وشوه بنية مجتمعنا، وخلق لدينا انشغالات لم تكن في الوارد، أهدرت منا الوقت والجهد فيما لا طائل وراءه، وأعادت مجتمعنا القهقري.
 
صحيفة الايام
8 يونيو 2010

اقرأ المزيد

الإعلام ضحية المال السياسي

كتبت هذا المقال في بيروت، عندما اختتمت الندوة السنوية للعام 2010 التي عقدتها المنظمة العربية لمكافحة الفساد تحت عنوان «الإعلام ومسيرة الإصلاح في الأقطار العربية».
كم أكبر الجميع مشاركة دولة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ورئيس مجلس أمناء المنظمة الدكتور سليم الحص عندما ألقى كلمته المعبرة، ثم رأس الجلسة الأولى الافتتاحية وهو عائد للتوّ من رحلة علاجية في الخارج.
أبدى دولة الرئيس انتباهاً شديداً لما كان يقال وآراءً سديدة فيما قال. كما أبدى من وراء المنصة ثباتاً في مكانه وتماسكاً في جلسته. لكنه للأسف لم يبدُ كذلك أثناء مغادرته القاعة. فقد مشى بصعوبة بمساعدة مرافقيه ومحاطاً بمحبة واحترام جميع المشاركين في الندوة.
ورقة الدكتور عزمي بشارة التي قدمت في الجلسة الافتتاحية كانت الأساسية، وعلى قاعدتها جرت مختلف النقاشات.
تلت الجلسة الافتتاحية ثلاث جلسات ناقش كل منها محوراً خاصاً: «مصداقية الإعلام العربي المدخل الأساسي لتفعيل أداته»، «الإعلام العربي بين مطرقة السلطة وسندان المال السياسي» و»الإعلام العربي وصناعة الرأي العام: الدور المفقود». وسيتناول مقالي هنا المحور الثاني.
عندما وضع هذا المحور السلطة والمال السياسي كطرفي معادلة غاب فيه وفي معظم المناقشات حوله الفرق بين السلطة كذات سياسية والمال كأداة سياسية. والواقع أن المال السياسي أداة يولدها المال التابع لثلاث ذوات رئيسية هي الدولة (المال العام)، الشركات الكبيرة (المال الخاص، المتحقق أساساً عن طريق الإنفاق العام من قبل الدولة وبسبب غياب الضرائب المباشرة على دخول الشركات الكبرى). وأخيراً القوى الرجعية في المجتمع، ومن بينها بعض المنظمات المتلبسة بالدين، وباسمه تتكدس لديها موارد مالية هائلة أو تلك التي أسست تحت أهداف «اجتماعية عامة» (ولنصف هذا المال بالمال الاجتماعي الموظف سياسياً). وهذا الأخير ينبع في الأساس مما يجود به المال العام والخاص.
في بلدان الخليج العربي يبدو المال السياسي بمصادره الثلاث أقوى كَمّاً وأشد فعلاً مما هو عليه في البلدان العربية الأخرى، بل إنه يمتد بأثره السلبي إلى هذه البلدان أيضاً. ذلك أن الذوات الثلاث جميعها في هذه البلدان صاحبة العوائد النفطية تسبح فيما يعرف «بالفوائض» المالية الكبيرة. وهي تسمى بـ «الفوائض» ليس لأنها زائدة عن حاجات التنمية في هذه البلدان أو البلدان العربية الشقيقة الأخرى، بل لأن البنى الاقتصادية لهذه البلدان بوضعها الحالي لا تستطيع «هضم» هذه الأموال التي ينصب القسم الأكبر منها في قطاعات اقتصادية غير إنتاجية، لكنها سريعة الدوران، وتدرّ أموالاً سائلة في أيدي الذوات السياسية. ومن بين هذا المال تخصص السلطة والشركات الكبرى وقوى النفوذ الرجعية في المجتمع قسماً كبيراً من أموالها كمال سياسي تسخّره لخدمة مصالحها وتعميق نفوذها عن طريق إفساد ما أمكن من مكونات الحياة السياسية وصناعة الرأي العام، وخصوصاً الإعلام.
وهكذا فإننا أمام أثر تدميري كبير ومتعدد الجوانب تحدثه «الفوائض» المالية على بنية الاقتصاد وتركيبة المجتمع وهويته وعلى مكونات بنيته الفوقية، وفي مقدمتها الثقافة والإعلام إلى جانب السياسة. ومع تردي الأوضاع بسبب الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وانعكاساتها المحلية يحدث بالنسبة للإعلام ما يحدث في المجتمع بالضبط. أي أن من يدفع ثمن الأزمة ليست القوى الاجتماعية المتسببة في نشوبها، بل من لم يتسبب. أي أن الصحافة التي تنهار وتسقط ليست تلك المرتبطة بالدولة وعالم المال والشركات الكبرى وقوى النفوذ الطائفي الديني والقبلي وغيره وتتمتع بدعمها، بل تلك التي تسعى للتعبير بصدق عن آلام وآمال المجتمع وقواه الأضعف. وتنقلب مقولة «البقاء للأصلح» في كثير من حالات الإعلام إلى «البقاء للأفسد».
وبالمآل الذي آلت إليه جسدت صحيفة «الوقت» البحرينية هذا الوضع تماماً.
لقد سطرت «الوقت» صفحات ناصعة في تاريخ الصحافة البحرينية. وظلت تجتذب المزيد من القراء وخيرة الكتاب. وكلما فعلت ذلك كلما تقطعت حبائل المدد المالي.
وفي صباح الثالث من مايو/ أيار 2010م، وربما بمناسبة يوم الصحافة العالمي خرجت «الوقت» تنعى نفسها: «أيها القراء… شكراً ووداعاً». الجميع أبدى أسفه، لكن أحداً لم يبدِ مساعدته. وكان طبيعياً ألا يمدّ المال السياسي حبل الإنقاذ وهو الذي مدّ «للوقت» حبل المشنقة بسبب حجب الإعلان وكل أشكال الدعم الأخرى.
الدرس: لا يمكن إصلاح الإعلام على أرضية اقتصادية وسياسية فاسدة، لكن رسالة الإعلاميين الحقيقيين هي محاولة الإسهام في إصلاح الاقتصاد والسياسة.
 
صحيفة الوسط
7 يونيو 2010

اقرأ المزيد

دروس أسطول الحرية (1-2)

لربما لم تتوافر في تاريخ الصراع العربي ــ الإسرائيلي منذ إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية عام 1948 جملة من الدروس والعبر للعرب كالتي توافرت في أحداث وتداعيات العدوان البربري الإجرامي الذي أقدمت عليه بلطجية الدولة العبرية على أسطول قافلة الحرية وعلى الأخص السفينة التركية “مرمرة”.لقد خلفت أحداث هذه السفينة جملة من الدروس والعبر الثرية المفيدة للفلسطينيين والعرب عامة أنظمة وأحزابا وحركات.. وما لم يتمعنوا جيدا في هذه الدروس والعبر ليتعظوا منها في صراعهم مع إسرائيل من خلال مراجعة سياساتهم الراهنة تجاهها وتطويرها ومن أجل إعادة بناء علاقاتهم تجاه بعضهم بعضا فلن يتعظوا منها أبدا.وقبل أن نتناول الدروس والدلالات التي خلفتها العملية العدوانية على أسطول الحرية لعل من المفيد بادئ ذي بدء أن نقوم بتحليل أبعاد ودلالات الموقف التركي ونخصص حلقة الغد للدروس والأبعاد العامة للحدث.إن الزلزال الأكبر في تداعيات جريمة الاعتداء على سفينة “مرمرة” يتمثل في انفجار الغضب التركي رسميا وشعبيا بكل قوة، حيث إن جنسية السفينة تركية وشهداء الاعتداء البربري الإسرائيلي كلهم من الأتراك. وفي هذا الغضب التركي وما تمخض عنه رسميا من وعيد وتهديدات ضد إسرائيل ثمة تحول يقترب من زاوية 180 درجة لواحدة من أقوى وأهم حلفاء إسرائيل في المنطقة منذ إنشاء الدولة العبرية تقريبا قبل أكثر من 60 عاما. فتركيا ليست فقط عضوا في حلف الأطلسي المؤيد بقوة لإسرائيل، بل على أراضيها قواعد عسكرية أمريكية لطالما استفادت منها الولايات المتحدة وإسرائيل في كل حروب هذه الأخيرة على الدول العربية منذ خمسينيات القرن الماضي.. وتركيا أيضا تربطها بإسرائيل حزمة متعددة من العلاقات والاتفاقيات في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية حتى الثقافية، وهي بالتالي تمثل أكبر دولة إسلامية في العالم الإسلامي تستفيد إسرائيل منها في علاقاتها معها أيما استفادة.لكن تركيا ورغم كل ما يربطها من علاقات تاريخية عريقة ووثيقة مع إسرائيل أعطت درسا فذا مهما ملهما للعرب وعلى الأخص الدول المطبعة معها بأنه يمكن أن تحافظ أي دولة حتى لو كانت لها علاقات مع إسرائيل على عزتها وكرامتها وكبريائها القومية في مواجهة سياسة تغطرس الدولة الصهيونية التي تعتبر نفسها أنها الدولة الوحيدة في العالم التي فوق القانون الدولي والشرعية الدولية ومن ثم إطلاق لنفسها حق أن تستبيح كل أراضي وبحار العالم لحفظ “أمنها” المزعوم الذي بات اسطوانة مشروخة تبعث على التقزز والغثيان من قبل شرفاء العالم أجمعين لا العرب وحدهم.وقد جاء خطاب رئيس الحكومة التركية رجب أردوجان الناري الغاضب أمام برلمان بلاده صفعة ليس في وجه إسرائيل فحسب بل للأسف في وجه الدول المطبعة، ولكن لا أحد من المعلقين والساسة العرب قد توقف طويلا أمام فقرة من الخطاب حينما غمز بشكل واضح لمواقف هذه الدول العربية التطبيعية المخزية قائلا: “لن تعود الأمور إلى سابق عهدها أبدا.. وليس لأحد أن يحاول اختبار صبر تركيا.. فنحن لسنا كدول أخرى في المنطقة، كما لسنا دولة قبلية وعداوتنا لها ثمن”. لقد حرص أردوجان في مخاطبته للأتراك على النبرة القومية ليستثير مشاعرهم للتعاطف معه في موقفه على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية ومن ثم لم يستخدم مفردات الخطاب الإسلامي إلا في أضيق الحدود، وهذا ما دفع الغالبية العظمى من النواب إلى أن يصفقوا له بحرارة تكرارا على اختلاف انتماءاتهم داخل البرلمان.أراد أردوجان باختصار شديد أن يقول للعالم، وعلى الأخص الدول الغربية الكبرى، إن الدم التركي المسفوح فوق ظهر إحدى سفن “اسطول الحرية” ليس أرخص من الدم الإسرائيلي ولا أرخص من دماء أبناء الدول الغربية الكبرى المنافقة المتحالفة مع إسرائيل التي تزلزل الأرض زلزالها ليس عندما يمس أي مواطن من مواطنيها بسوء في العالم فقط، بل حيثما يراق دم أي “مواطن” إسرائيلي جراء أي عملية ضد هدف إسرائيلي، حيث توصم هذه العملية بأبشع مفردات “الإرهاب” في حين سكت العالم الغربي الرسمي عن دماء المدنيين الأتراك المسالمين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ولم ير فيها أي شكل من أشكال “الإرهاب” اللهم إبداء “الأسف” في أحسن الأحوال.لكن ماذا جرى لتركيا إزاء كل هذه المواقف النارية الغاضبة ضد إسرائيل؟ هل هددها الغرب بقطع علاقاته التجارية والاقتصادية ومساعداته المالية؟ هل زحفت أساطيل حلف الأطلسي لمحاصرتها؟ لا شك أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث البتة وما ذلك إلا لأنها احترمت نفسها وشعبها وعزتها القومية وفقا لمنطق قوانين الشرعية الدولية وحقوق الإنسان التي يتشدق بها الغرب المنافق.والسؤال هنا: لماذا تعجز الدول العربية ولاسيما المطبعة مع العدو الصهيوني حتى عن تبني ولو المواقف “الكلامية” التي تحفظ شيئا من كرامتها وكرامة شعوبها بدلا من لغة الاستخذاء الملطفة في ردود أفعالها اتقاء من الغضب الأمريكي؟ ألم نقل ذات يوم إن حتى لغة الكرامة في ردود فعل الدول العربية وعلى الأخص المطبعة باتت جزءا من الماضي؟

 
صحيفة اخبار الخليج
7 يونيو 2010
اقرأ المزيد

هاشمي رفسنجاني (3-3)

أعطى الجمهورُ الإيراني خلال الثورة الجماعات السياسيةَ الدينية التي تنامتْ خلال العقد السابق السلطةَ، وفي البدءِ تداخلتْ هذه الجماعاتُ مع الليبراليين ذوي الخلفية الدينية، وجرتْ محاولةٌ لعقدِ تعاونٍ بين الدينيين والليبراليين من دون نجاح. ويعبرُ ذلك عن التناقضِ العميقِ بين رؤيةِ الإقطاعِ الديني ورؤيةِ الليبرالية، أي بين رؤيةِ شرائح ريفيةٍ مهيمنة على العامة وترفضُ نمو حرياتِها وإستقلالِها الطبقي، وبين شرائح برجوازيةٍ تؤكدُ بعض هذه الحرياتِ من دون أن تعي بعمقٍ الإسلامَ والليبرالية.ومع تصاعدِ شرائح الدينيين المختلفةِ تمتْ إزاحة الليبراليين القوميين الدينيين، الذين لم يستطيعوا تشكيلَ رؤيةٍ برجوازية ديمقراطية مستقلة على طولِ التاريخ الإيراني السابق.وكان صعودُ ونزولُ هاشمي رفسنجاني يجري داخلَ هذا التناقض نفسه، فهو شكلٌ بشري سياسي لهذا التناقض، فهو ذو رؤى دينيةٍ إقطاعيةٍ محافظة وهو رأسمالي يتوجهُ للرأسمالية. فقامَ بتجسيدِ هذا التناقض على مستوى الدولة، فعملَ لتوسيع الصناعات عبر إيجاد صناعات ثقيلة وخفيفة، وحماية القوى الاجتماعية الفقيرة بشكل أبوي عبر مؤسسات رعاية الشهداء وغيرها، كما قامَ في ذاتِ الوقت بخصخصةِ الاقتصاد وبفتحِ إيران للاستثماراتِ الأجنبية، مثلما يقولُ غلام حسين كرباتشي، مدير تحرير جريدة كوادر البناء التابعة لهاشمي، في جريدة الشرق الأوسط في حديثه:(صانع الملوك).تمت توسعة الدور الأبوي للدولة عبرَ تنامي الرأسمالية الحكومية الموروثة من عهد الشاه باتجاهِ التنمية الوطنية العريضة، التي يقفُ على رأسِها رفسنجاني، لكن مع غيابِ الصحافة الحرة والبرلمان الديمقراطي الحر بحيث وقعت الملكية العامة في قبضة هذه الطبقة. ولهذا فإن النمو الاقتصادي المفيدَ تشوه من خلالِ هذه الشمولية، والنتائجُ كانت وخيمةً في جوانب عدة كما يدل عليها بعضُ حسابِ السنين التالية:(يحتاج الاقتصاد الإيراني إلى قدرٍ كبيرٍ من الإصلاح، فهو اقتصادٌ مقيدٌ بسببِ تفشي ظاهرة الفساد، وهي الظاهرة التي أفرزتْ آثاراً سلبيةً عديدةً في الاقتصاد الإيراني لعل من أهمها انخفاض معدل السيولة، وهروب الاستثمارات خارج البلاد، ورفع مستوى التضخم، وانتشار البطالة بصورةٍ كبيرة، وانخفاض حجم الصادرات غير النفطية، وتدني وانحسار الطبقة المتوسطة داخل المجتمع الإيراني، واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء)، مختارات إيرانية، العدد 72، يوليو .2006 لقد استطاعت الطبقةُ الحاكمة الدينية – البيروقراطية – العسكرية من إدارةِ وإستغلالِ أغلبية الثروة، وعبر قيادة رفسنجاني توجهتْ فوائض كبيرة نحو الصناعة ولم تعدْ فئةُ تجارِ البازار مؤثرة بذات القوة كما في السابق في الفضاءِ السياسي، ورفسنجاني نفسه صار ليس قوة سياسية كبيرة فحسب بل قوة اقتصادية ضخمة واتسعت مشروعاتهُ التجارية والصناعية إلى درجةٍ خرافية، وهو ملمحٌ رأيناه لديه في أيامهِ السياسية الأولى ومن خلال جهوده، ولم يستطعْ خصومهُ أن يثبتوا عليه سرقةً، وتم فقط حبس رئيس تحرير جريدته وعمدة إيران السابق الذكر غلام حسين كرباتشي بسبب اتهامات بسوء الإدارة للعاصمة التي طورها وجدد أسواقها الرأسمالية الكبيرة خاصة في قسمها الشمالي.إن الرأسماليةَ الحكوميةَ التي وسعها رفسنجاني عانتْ تناقضاتٍ جوهرية فهي تريدُ أن تضبطَ العمليات الاقتصادية بهيمنةٍ شمولية، وأن تساعدَ الكادحين وأن توسعَ أرباحَ الرأسماليين كذلك، وأن تغدو دولةً وطنيةً دينيةً مغلقةً وأن تفتحَ الأبوابَ للشركات الأجنبية والنوافذَ للحضارة الغربية!هذا المنحى الغربي الرأسمالي الانفتاحي السلمي لدى الرئيس رفسنجاني قُوبل بهجومٍ واسعٍ من قبل القوى المحافظة المتشددة ومن اليسار التقليدي، ورغم تخفيف ولاية خاتمي من هذه الاستقطابات فإن موجةَ المحافظين(والاشتراكيين) تصاعدتْ خوفاً من تمزقِ اللحمةِ المذهبية القومية الاجتماعية، ومن ظهورِ الرأسمالية الحرة وصراعِ اليمين واليسار المكشوف، وتجلى ذلك في موجةٍ سياسية رفعت أحمدي نجاد إلى السلطة.وقد حافظ مرشد الجمهورية على موقف وسطي بين تياري الليبرالية الدينية والشمولية ثم انحاز للتيار الأخير، بسببِ تصاعد قوة العسكر ومشروعها الرأسمالي الحربي الحكومي. في حين واصل رفسنجاني النفخَ في اتجاهه، وبذا وجدَ رفيقا السلاح نفسيهما في خندقين متضادين.ورأى رفسنجاني في موسوي تحولاً نحو اليمين الليبرالي بعد اتجاهه (الإشتراكي) الحكومي فساندهُ وحاولَ عبرَهُ استعادةَ الحكمِ الليبرالي الديني. فقد وصلتْ الرأسماليةُ الحكومية إلى تناقضاتٍ عميقةٍ عبر سيطرةِ الإقطاع الديني عليها، والمشكلات لم تكن فقط في الاقتصاد بل كذلك في الحريات والثقافة، فقوى المحافظة الريفية واصلتْ فرض فهمَها النصوصي الجامدَ للإسلام كما أعاقتْ قوى إنتاج كبيرة من الانخراط في عملياتِ التحول الحديثة الاقتصادية والثقافية وجاء العسكرُ ليتوجَ الأزمةَ ويقربها من حافةِ البركان، وبالتالي راح رفسنجاني يقاربُ الحداثةَ بأشكالٍ بسيطة، ويدعو للسلام والحريات، ويرفضُ العديدَ من التصورات الدينية السحرية بأشكالٍ حادة في بعض الأحيان.لكن لم يستطعْ رفسنجاني بسببِ أدواتِ وعيهِ النصوصيةِ الدينية المثالية المُبسطة أن يقرأ بدقةٍ إشكالية(الليبرالية الدينية). راجع مثلاً فهمه الإنشائي العاطفي لمعنى الاستعمار في مقدمة كتابه المترجم للفارسية المعنون بـ (القضية الفلسطينية) والذي راجعَ بنفسهِ ترجمتَه العربية. فقد بقي في موقف البرجوازي الصغير دائماً الرافض للبنية الرأسمالية الحديثة والأفق الاشتراكي معاً. أي لم يستطع أن يطورَ رؤيته باتجاه الحداثة والعلمانية والديمقراطية مثلما حدث للعديد من القادة الإيرانيين الدينيين المعارضين وهو أمرٌ ليس شخصياً فحسب بل هو نتاجُ نشوء الرأسماليةِ في الشرق بشكلٍ حكومي وفي إيران بشكلٍ حكومي ديني محافظ.

 
صحيفة اخبار الخليج
7 يونيو 2010
اقرأ المزيد

ديمقراطية 1973 في صور

قال الفنان المصور عبدالله الخان لحسين المحروس، الروائي وكاتب السيرة: «ليس في برلمان 1973 طائفية، كان جميع النواب فيه باختلاف اتجاهاتهم ومذاهبهم وطنيين فقط ولا شيء غير ذلك.. حسين.. نريد أن نقول ذلك للناس في هذا الكتاب».
كان الحديث يدور عن مشروع كتاب قوامه الصور التي التقطتها عدسة عبدالله الخان في الأعوام 1972، 1973، 1974 و1975 للتجربة الديمقراطية البحرينية الأولى في السبعينات من القرن الماضي.
قال الخان للمحروس: «كل شيء في بالك له صور في أرشيفي»، ولكنه دعاه للاستعجال في إعداد كتاب عن ديمقراطية السبعينات الموؤدة، فأحضر له الصور، التي كانت بالأسود والأبيض، وكلها كانت باعثة على الفضول، وتستحق أن توضع في كتاب، وقطع المحروس وعداً على نفسه أمام الخان بأنه سينجز الكتاب في موعد أقصاه فبراير/ شباط 2009، ولكنه لم يف به لأنه وجد انه من غير الممكن فهم ما في الصور دون العودة إلى مضابط المجلسين التأسيسي والوطني، والى ما حذف من هذه المضابط، والى الدوريات المحلية والخليجية التي كانت تصدر في تلك الفترة، ووثقت التجربة.
في الثامن عشر من مايو/ أيار الماضي كنا على موعد مع حفل تدشين الكتاب الذي حضرته وجوه برلمانية سبعينية وراهنة، وحضره إعلاميون وباحثون ومهتمون بالتاريخ وبفن التصوير، لنجد هذا الكتاب القيم في أيدينا، ولنجد أنفسنا أمام صور نابضة بالحياة والحيوية، تعيدنا إلى ذلك الزمن الأخضر، المليء بالوعود والآمال وبالأفكار والمشاريع الكبيرة.
لا تأخذنا كاميرا عبدالله الخان إلى قاعة المجلسين التأسيسي والوطني وحدها، في مبنى بلدية المنامة القديم، وإنما أيضاً إلى الشارع، حيث الحملة الانتخابية الأولى التي تنازلت فيها الأفكار والبرامج، لا خطابات الطوائف والمذاهب والقبائل كما هو حالنا اليوم، والى الندوات الحية والمهرجانات الانتخابية التي احتشد فيها الناخبون والشباب المتقد بالأمل، في زمن صناعة الأمل.
كما تطوف بنا كاميرا الخان في طوابير الناخبين يدلون بأصواتهم، ملقيين بأوراقهم في صناديق الاقتراع، وهي نفسها الأوراق التي رسمت نتائجها صورة المجلسين التأسيسي والوطني، وستطالعنا صور أبرز الشخصيات في المجلسين المذكورين، ومن بينهم رئيس المجلس التأسيسي الشاعر ابراهيم العريض، ورئيس المجلس الوطني الأستاذ حسن الجشي.
عند قراءاته لمضابط المجلس الوطني توقف حسين المحروس عند عدد من القضايا الساخنة في جلسات المجلس، بينها تلك التي طرحت فيها الكتلة الدينية قضية توليد النساء من قبل أطباء رجال على خلفية إنهاء عقد إحدى المولدات الهنديات بسبب سوء أدائها المهني كما أوضح وزير الصحة في حينه الدكتور علي فخرو، فيما فسر نواب الكتلة الدينية ذلك على انه خطوة في اتجاه إحلال الرجال محل النساء في التوليد، كما توقف المحروس أيضاً أمام مشروع قانون الاختلاط بين الجنسين في وزارتي الصحة والتربية المقدم هو الآخر من الكتلة الدينية، والذي لم يقدر له أن يمر من المجلس.
أعطانا عبدالله الخان بالصور الثمينة التي التقطها يومذاك، وأثارت شهية حسن المحروس على البحث والتقصي، ثروة تاريخية كبيرة لا تقدر بثمن، ولكن هذا الكتاب يفتح الباب أمام نقاشٍ جدي نقف أمامه غداً.

صحيفة الايام
7 يونيو 2010
اقرأ المزيد