ان اللجنة المشتركة التي شكلتها الجمعية البحرينية للشفافية وجمعية البحرين لحقوق الإنسان، من أجل السعي إلى إعداد (ميثاق شرف) للمترشحين في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة في نوفمبر 2010م، هي خطوة وطنية نبيلة تستحق من الجميع التقدير والثناء، كما ان هذا الميثاق وما سيعلن فيه من بنود وما سيحمل ما بين طياته من قوانين وأنظمة في شهر أغسطس المقبل، ودعوة المترشحين إلى توقيعه، قد يمثل الوجهة السليمة المنشودة للمترشحين كافة على صعيد مختلف تياراتهم وانتماءاتهم، وللتجربة الديمقراطية على حد سواء.
وحسبما أورده رئيس اللجنة المالية بالجمعية البحرينية للشفافية قائلاً “ان الميثاق سيضمن جملة من الأمور تخص أخلاقيات السلوك الانتخابي بما من شأنه الارتقاء بالدعايات الانتخابية بعيداً عن إثارة الضغائن والأحقاد والشائعات والهجوم المتبادل”، هو رسالة بليغة المغازي والدلالات، موجهة على وجه الخصوص الى مترشحي تيار الإسلام السياسي لدى الجمعيات الدينية كافة في مملكة البحرين، تخاطبهم لتجاوز أخطائهم الفادحة التي ارتكبوها خلال الانتخابات البرلمانية والبلدية لعامي (2002-2006)، إذ شملت تلك الأخطاء مختلف الدوائر الانتخابية في المملكة التي ما زالت تنطق بصريح العبارة، كدلالات قاطعة على الأساليب الملتوية للمترشحين الإسلاميين.. مثلما أكدت شهادة هؤلاء الناخبين في هذه الدائرة الانتخابية وشهادة أولئك الناخبين في تلك الدائرة الانتخابية الأخرى على تعامل المترشحين الاسلاميين معهم بسلوكيات اتسمت بأساليب التهديد والتشهير والترهيب والترغيب.. ويكفي استدلالاً ازاء تلك السلوكيات غير الحضارية لمترشحي تيار الإسلام السياسي التي مارسوها في الانتخابات البرلمانية السابقة وهي كثيرة.. أولها قيامهم بتشكيل فرق عمل انتخابية، مهماتها الأساسية أساليب قد افتقرت إلى أدنى القيم الأخلاقية.. بل هي مشبوهة بطابع من الإسفاف والالتواء تمثلت في طرق أبواب الأسر البحرينية عنوة وما يشبه الاقتحام، ذلك كله من اجل عملية الترويج لمرشحها الإسلامي في هذه الدائرة الانتخابية أو تلك و الإشادة به بهالة من المديح وبمزيد من الإطراء، لإثبات كفاءته، وتجميل سمعته، وتوكيد إخلاصه، وإبراز شخصيته.. مقابل تشويه سمعة المترشحين المنافسين الآخرين لهذا المترشح الإسلامي من مختلف (التيارات التقدمية والديمقراطية) بمناصبة العداء لهم، والتشهير بهم، وحشد الرأي الشعبي ضد هذا المترشح، أو ذاك بوصفه بأنه “ملحد.. شيوعي.. علماني.. عاص.. فاسق” إلى آخر مفردات القاموس الإسلامي الذي احتوى على الاتهامات. وثمة (صفة سيئة ثانية) لمترشحي تيار الاسلام السياسي، هي مخاطبتهم الناخبين بقلوبهم وحفز عواطفهم، على حساب تغييب عقولهم، واستغلال ظروفهم، من خلال شراء أصواتهم بالمال السياسي برشوتهم في تقديم المكافآت من الفتات، ومنح المساعدات النقدية الهزيلة باستلاب الكرامة أو المساعدات العينية باستحياء العيون من دون إدراك هؤلاء الناس البسطاء “ان المترشح النيابي الإسلامي الذي سمح لنفسه برشوة ناخبيه من اجل شراء أصواتهم، فإن هذا المترشح سيسمح لضميره بقبول الرشا والارتشاء”.. ناهيكم بهذا الإطار، عن سعي هذه القوى الإسلامية إلى تجنيد جمعياتها الدينية وحملاتها الانتخابية بممارسة أساليب الترهيب والترغيب والتهديد مع العديد من المترشحين المستقلين خلال الانتخابات النيابية السابقة من اجل إجبارهم على الانسحاب والتنازل لصالح مترشحي هذه الجماعات الإسلامية.
أما) الصفة المرضية الثالثة) لمترشحي الجماعات الإسلامية بحملاتهم الانتخابية فهي سعيهم إلى احتكار منابر المساجد ودور العبادة واستغلالها من اجل دعايتهم الانتخابية ومطامعهم الطائفية وأغراضهم المذهبية ومصالحهم السياسية مخالفين في ذلك المادة الـ (31) لقانون وزارة العدل والشئون الإسلامية، وكذلك قرار إدارة الأوقاف السنية التي من خلال هذا القرار قد “حذرت تلك المادة السالفة الذكر، الائمة والخطباء، بإنزال عقوبات واتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين لهذه المادة”.
ولعل القول الملح بهذا الصدد ان هذه الصفات السيئة وهذه الظاهرة المرضية لمترشحي تيار الإسلام السياسي، لابد من وضع حد لهما ونهاية لتداعياتهما.. وذلك بعد ان طفح كيل الشعب، ونفد صبر الناخبين. ولكن (ميثاق الشرف) الذي تعكف على دراسته (الجمعية البحرينية للشفافية، وجمعية البحرين لحقوق الانسان) والمزمع إعداده في شهر أغسطس المقبل للمترشحين في الانتخابات النيابية والبلدية القادمة في شهر نوفمبر 2010م، هو خطوة حضارية وشجاعة ستضع المترشحين إلى الانتخابات القادمة على كفتي ميزان العدالة سواسية بلا تفرقة ومن دون تمييز.. مثلما ستحد من غلواء أجندة الخطاب الديني للمترشحين الاسلاميين، وتقييد تلك الانفلاتات الطائفية والاصطفافات المذهبية وتعجرف السلوكيات الإسلامية والخارجين أصحابها عن قواعد سلوك الأخلاقيات السوية، وعن نظم القيم المثالية. وبحسب ما يضع هذا (الميثاق) حدا لهذه الظاهرة المجتمعية المرضية التي أبرزت أذيالها وأوجاعها مترشحي الجماعات الإسلامية على السطح تظل دخيلة على أخلاقيات الشعب البحريني المتسامح بسلوكياته والعظيم بنضالاته والحر بكرامته، لذا فإنه لن يسمح البتة لأي كان بأن يحدث شرخاً في جدار وحدته الوطنية وتاريخه الوطني وحضارته الإنسانية على الإطلاق.
أخبار الخليج 11 يونيو 2010