إن ما يحدث في وقتنا الراهن من عملية تمزيق لنسيج المجتمعات العربية والخليجية، يظل مصدره المحوري، أجندة خطاب تيار الإسلام السياسي المتشدد، والقائم على التفسير المحدود لمعاني النص والحاكمية والمفارقة الميتافيزيقية واعتماد المراجع الدينية، وممارسة دعاوى الحسبة، وتعطيل وظائف العقل، واستغلال العاطفة استغلالا بالغ الحيف والعسف.. ناهيك عن تلك العقول غير المتطورة عصريا، التي أصحابها هم أساس المشاكل والبلاء في ترسيخ الاصطفافات الطائفية، والشرذمة المذهبية، والنعرات الفئوية.. مثلما يجسد هؤلاء الإسلاميون المتشددون محورا للشقاء بملاحقة خيرة أبناء ورجالات الوطن من المفكرين والمثقفين، بسيف التسلط على أعناقهم وإنزال الحدود على رقابهم، عند تكفيرهم وحين إهدار دمائهم.
وقد يبقى القول صحيحاً بهذا الشأن انه حسبما سعت تنظيمات وأحزاب تيار الإسلام السياسي المتشدد الى انقسام المجتمعات وشرذمة الطوائف الفئوية والمذهبية.. فإن الأنظمة العربية الدكتاتورية تظل الجهة الأساسية الصانعة الحاضنة لهذه التيارات الإسلامية بالمقام الأول، بل بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف أيضا، هي الأخرى أنظمة قد ضيقت الخناق حول أعناق كفاءاتها ومفكريها بسياسات “التطفيش” والتهميش من جهة، ومحاباة الجماعات الإسلامية بانصهار مآرب ومصالح الطرفين في بوتقة واحدة من جهة أخرى.
وفي ضوء هذه العلاقة الثنائية الحميمية، دفعت الجماعات الإسلامية المتطرفة إلى تنفيذ مخططاتها الظلامية ومؤامراتها ضد تلك الكفاءات المستنيرة وأصحاب العقول النيرة والأفكار المتحررة الذين ضاقت بهم أرض الوطن، قبل ان تضيق بهم السبل والحيل.. ليكابدوا بالتالي وطأة الغربة في أوطانهم، ووحشة الاغتراب خارج أوطانهم.
لعل هذه المقدمة الموجزة مبعثها رغبتنا في التطرق لما حدث للمفكر المصري العربي (نصر حامد أبوزيد) من تشهير وتكفير قبل نحو ثلاثة عشر عاما، وبالتحديد منذ 25 سبتمبر عام 1996م.. حينما واجه المفكر أبشع حرب ظلامية في حروب التيارات المتطرفة، بتكفيره وإهدار دمه.. ليس بسبب كتابة القيم “نقد الخطاب الديني” فحسب ولكن بسبب إماطته اللثام عن الفساد المستشري في أوساط الجامعة التي كان استاذا يحاضر فيها، وكشفه الغطاء عن رموز ذلك الفساد، بانتقاداته البناءة و”الجريئة”، للمآرب والغايات الانتهازية لأحد الأساتذة الإسلاميين والمسئول عن (ترقيات الأساتذة) والمرتبطة تلك المصالح الفردية بشركات توظيف الأموال.
ولعل من أقام دعوى الحسبة في ذاك الوقت ضد المفكر (نصر حامد أبوزيد).. هو أحد رموز وقياديي قوى تيار الإسلام السياسي.. وهو (يوسف البدري) الإسلامي المتشدد، بصفته شريكا رئيسيا وقويا في المصالح المشتركة مع تلك الجماعات الإسلامية.
ولكن بالرغم من “الحكم الصادر في 25 سبتمبر عام 1996م عن قاضي التنفيذ بمحكمة الجيزة الابتدائية بوقف قرار محكمة استئناف القاهرة بالتفريق بين نصر أبوزيد وزوجته”، فإن (يوسف البدري) وأنصاره قد نجحوا في الحصول على حكم بالتفريق بين أبوزيد وزوجته، عبر اتهامه بالردة وتكفيره والتحريض ضده وملاحقته وتأليب المجتمع عليه.. الأمر الذي دفع المفكر أبوزيد إلى أن يغادر وطنه مضطرا ومجبرا.
وبقدر ما نجح هذا الفريق الإسلامي في عملية التحريض وتبني أساليب الفتن والأباطيل بدعوى الحسبة ضد أحد مفكري جمهورية مصر العربية، فإنه كسب أيضا دعاوى أخرى فيما بعد، ضد كبار الأدباء والمفكرين في مصر، وفي مقدمتهم الناقد والأديب جابر عصفور والروائي جمال الغيطاني والشاعر احمد عبدالمعطي حجازي وغيرهم.
ولعل من العجب العجاب أن هيئات القضاء لدى المحاكم المصرية والمتسمة بالاستقلالية والحيادية والنزاهة والمصداقية والشجاعة قد تجاوبت مع تلك الدعاوى الإسلامية للحسبة التي كان يرفعها هذا الإسلامي المتشدد ضد كبار المفكرين المصريين المستنيرين.. دعاوى قد جرت في دمه وفي شرايينه اعتادها بأساليب التطبيل والتزمير .. وامتلأت بمناوأة كل ما يمت بصلة إلى مظاهر الحرية والتقدم والتحرر ومفاهيم الحداثة والتطور.
ولكن في نهاية تلك “المشاوير” فإن تلك الدعاوى الواهنة والادعاءات لهذا الاتجاه بفكره الخارج عن التاريخ فإنها محاولات سقطت في مستنقع التاريخ.. ولحق بها الفشل الذريع، حينما رفضت المحكمة الابتدائية في الجيزة مؤخرا دعوى أقامها هذا الفريق المتشدد ضد أحد الصحفيين المصريين، وهو (خالد الكيلاني) الذي بدوره عقد العزم على “رفع بلاغ للنائب العام يتهم فيه يوسف البدري بالبلاغ الكاذب والسب والقذف في حقه بسبب ما ورد في عريضة الدعوى”، وذلك بحسب ما أوردته صحافتنا المحلية مؤخرا.
وفي هذا الإطار فإنه بدورنا نستطيع القول: إنها فرصة سانحة الى كل من لحق به الضرر البليغ من المفكرين والمثقفين والأدباء والصحفيين المصريين، من جراء عسف دعاوى الحسبة التي رفعها يوسف البدري هو وأنصاره بحقهم وسمعتهم وكرامتهم أن يرفعوا متضامين دعاوى قضائية ضد هؤلاء الإسلاميين أصحاب دعاوى الحسبة، من أجل محاكمتهم ومن ثم وضع حد بل نهاية لهذه الدعاوى القائمة على تمزيق نسيج الأسر وتفكيك عائلات بعينها، وإيجاد الانقسامات الفئوية والطائفية والمذهبية، والشرذمة المجتمعية، ناهيك عن الخسارة الفادحة التي تلحق بالوطن عبر الهجرة القسرية لكفاءاته ومبدعيه وعظمائه ومفكريه.
وقد يبقى القول الملح في نهاية المطاف: ان رفع هذه الدعاوى القضائية يمثل بالدرجة الأولى إعادة الحق الى نصابه وإلى أصحابه.. إحقاقاً للحق وإنصافاً للعدل على كفتي ميزان العدالة.
صحيفة اخبار الخليج
23 اكتوبر 2009
كيف يمكن التعامل مع دعاوى الحسبة؟
الحرس الثوري والبلوش
كان حادثاً فظيعاً ورهيباً هذا الذي أودى بحياة مجموعة من ضباط الحرس الثوري الإيراني من خلال عملية إرهابية نفذتها مجموعةٌ بلوشية. لقد دخلتْ هذه المجموعةُ في لائحةِ المنظمات الإرهابية وليس في لائحةِ المناضلين من أجلِ تحرر وتقدم شعبها المضطهد.
لا شك ان هذا المسلسل الدامي في بلوشستان هو جزءٌ من نتائج استبداد المركز السياسي في طهران، ومن قيام الحرس الثوري بقمع الشعوب، وعلى رأسهم الشعب الفارسي نفسه، الذي يطالب بالحريات الديمقراطية.
ليست من مصلحة الشعوب الإسلامية وخاصة الشعوب المتجاورة في الخليج، أن تجرى مثل هذه العمليات القمعية والإرهابية معاً، وتقدم المجموعةُ السياسيةُ البلوشية مادةً ثمينة للدكتاتورية العسكرية الإيرانية المتصاعدة من أجل أن تقبض على السلطة بكل أسنانها.
والأخطر من هذا أن تقوم بمغامرات عسكرية داخل بلد مستقل هو باكستان بحجة مطاردة المجموعات الإرهابية.
وبالتأكيد فإن عبور الجيش الإيراني لدولة مستقلة ذات سيادة سيكون محفوفاً بالعواقب الرهيبة على الشعبين وعلى شعوب المنطقة وعلى السلام الهش فيها.
كما أن ذلك سيكون حجة للقوى العالمية المتربصة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية للانتقام والتحطيم.
توجه المجموعة الإرهابية لضرب الحرس الثوري بحجة انه يمثل الأداة الأكثر قمعية في النظام الإيراني، وانه يمارس أنشطة كبيرة في الإقليم، لا يستدعي الإرهاب، وقتل الضباط والجنود والناس، فالتنديد والاحتجاج ضد هذه الممارسات المرفوضة، وتحويلها إلى مقاومة سياسية ناشطة، هو السبيل من أجل حصرها وعزلها وهزيمتها، أما الذبح وعمليات القتل الجماعي والانتحار، فهو كارثة بكل المقاييس وجر المنطقة لأتون الحرب!
تقول السلطات الإيرانية إن هذه الأنشطة الإرهابية مرتبطة بقوى استخباراتية أمريكية وبريطانية، وهذه أشياء ليست مستبعدة، فهناك دعم مالي لهذه المجموعات كما أعلنت عنها إدارة الرئيس الأمريكي السابق بوش، ولكن على السلطات الإيرانية أن تتبصر الموقف جيداً، وترى كم هي تدخلت في شؤون البلدان الأخرى، وقامت بتحريض العناصر والقوى السياسية والعسكرية في البلدان العربية وشكلت قوساً واسعاً من النار يمتد شمالاً من لبنان حتى اليمن؟
والآن الحلقات تضيق على هذه السلطات، وقد جرت الاحتجاجات الواسعة على هذه السياسة من قبل المتضررين منها، وهي سياسة ليست من صنع رجال الدين ولا من قوى الشعب الإيراني المسالمة، ولكنها من صنع قوى عسكرية متنفذة تعد لخطط رهيبة وتعرض حياة الملايين في المنطقة للخطر الفادح.
إن القوى المسالمة والديمقراطية كافة لشعوب المنطقة تعمل من أجل وقف هذه السياسة الرهيبة، وهي ليست سياسة تآمرية، بل هي سياسة الرغبة في الحياة والتعاون.
وهي سياسة قوى الشعوب الإسلامية للتعاون بينها ووضع حد لعهود القمع والعداء وسوء المعاملة.
فإذا كنتم لا تريدون أن تسود العواصم الغربية فلا تتبعوا سياسات الأنظمة الاستبدادية السابقة التي جرّت جميع هذه القوى للخليج وجعلتها تتحكم في الشعوب!
وتجيء العملية الإرهابية الأخيرة لتؤكد أن الشعوب الأخرى قادرة على استعمال سياسة إسالة الدماء نفسها، ولكن ما هي الفائدة من المذابح المتبادلة؟
لابد من فتح قنوات الحوار مع الشعوب المضطهدة ورؤية مطالبها وإعطائها حريات تكفل لها البقاء ضمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتكون شقيقة للشعب الفارسي.
وقد عانت هذه الشعوب طويلاً من هذه السيطرة والتدخلات في شئون حياتها وعباداتها بحيث غدا الإرهاب شكلين سائدين في المركز والأطراف.
كما أن لجوء القوى السياسية الأخرى للإرهاب واحتقار مذهب المسلمين الفرس، وتعميم الأحكام على هذا الشعب، وعدم تحديد المخطئين، وعدم التعاون بين جميع الشعوب الإيرانية والقوى الوطنية فيها، هي كلها من قبيل أمراض الطفولة السياسية المدمرة.
مزيداً من الضغوط على القوى العسكرية والإرهابية المنفلتة والمزيد من الرفض لأعمالها، وتحجيم برامجها الكارثية التي تتوسع بشكل خطر مهددة كل الشعوب بمحرقة.
صحيفة اخبار الخليج
23 اكتوبر 2009
أحمد الشملان
من الواجب على المنبر التقدمي ان يحيي أياماً لرئيسه الفخري أحمد الشملان، المحامي والشاعر والمثقف، والحامل هموم الناس. كان اسمه يطرق آذاني في تسعينيات القرن الماضي، وعندها لم أكن اعرف ما كان يحمله الشملان من فكر وايدولوجيا، ولكن كنت اعرفه من خلال ما اسمع عنه، ليس في الإعلام ولا عند الشعراء ولا المثقفين، ولكن كان اسمه يتردد عند عوام الناس وبسطائهم. الحديث عن (أبوخالد)، لا ينحصر في فترة زمنية ولا في حدث معين، ولكنه معين لا ينضب. تستطيع ان تقدمه كرمز للوحدة الوطنية، لا يفرق بين ما هو طبقي ولا بين لون ولا جنس، لأن عقله تشرب الفكر الوطني الديمقراطي، هكذا نماذج نريد، تبتعد عن اية مصالح ضيقة، سواء مذهبية أو حزبية أو فؤية. صقلته الحياة، بعدما انخرط في العمل السياسي في عمره المبكر، والذي نتج عنه تنقله بين أمصار العالم، ليأخذ منها ما يفيد رغم مرارتها. لم يكن الشملان سياسيا فحسب، بل كان اديبا، له من المؤلفات الكثير، فكما دخل السياسة في سن مبكرة، دخل عالم الشعر والشعراء في ذات السن. ان المنبر التقدمي الذي يضم في صفوفه العديد من الفنانين عليهم ان يجسدوا تراث الشملان ويترجموه الى واقع، من خلال (مسرحة) بعض أعماله، وهو أمر يستحق من وزارة الثقافة والاعلام ان تتبنى بعض هذه الاعمال التي تؤصل مضامين الحياة التي رسمها مبدع بحجم الشملان. مشكلتنا في العالم العربي، ان لدينا عقولا ومبدعين ومثقفين، لا يتم تذكرهم إلا بعد ان نفتقدهم، او بعد ان يهاجروا الى الغرب. اذا كان هناك اهتمام بالثقافة فلابد من الاهتمام بالمثقفين، وإذا كان هناك احتضان للابداع فلابد من احتضان المبدعين. ان تقرأ شعرا فذلك جميل، ولكن ان تقرأ لشاعر بحجم الشملان وتاريخه فلذة ذلك أجمل.
صحيفة الايام
23 اكتوبر 2009
ما فعلتـه ” نوبــل”
فعلت لجنة جائزة نوبل ما فعلته مراراً. فاجأت العالم بفائزة مغمورة للجائزة، وستفعل الجائزة للفائزة الكاتبة هيرتا مولر ما فعلته لكثيرين سواها، أي منحهم الشهرة، وتمكينهم من أن يصبحوا مقروئين بلغات الأرض كلها.
تسير الأمور عكس القاعدة التي يفترض أن تتبع، فبدلاً من أن يَصنع الأديب، أو الأديبة، شهرة كبيرة له تلفت نظر لجنة الجائزة إليه، فإن الجائزة هي من يمنح الشهرة لمن ينالها، كأن مجد الكاتب الحقيقي لا يبدأ قبل منحه الجائزة، كما هو الحال مع غابرييل ماركيز مثلاً وإنما من تاريخ منحه إياها.
ماركيز لم يكن الوحيد الذي لم يكن بوسع لجنة الجائزة تجاهل اسمه، فالأمر ينطبق على برنارد شو مثلاً وعلى سارتر، والاثنان، كما هو معلوم، رفضا قبول الجائزة بعد أن أعلن فوزهما بها. وقال شو قولته الشهيرة: “إنها تشبه طوق النجاة الذي يتم إلقاؤه لأحد الأشخاص بعد أن يكون قد وصل إلى الشاطئ”.
هيرتا مولر كانت من الصنف الثاني، الذي لا ينطبق عليه قول سارتر، فالجائزة هي التي ستأخذها إلى العالمية، وهي المنتسبة إلى أقلية ألمانية كانت تعيش في رومانيا تشاوشيسكو، الذي لم تزحه عن السلطة ثورة مخملية كتلك التي أطاحت بالحكم الاشتراكي في براغ وبودابست، وإنما بانتفاضة مسلحة، ما كان لها أن تنتصر لو لم يطلق الرصاص في صدره وصدر زوجته، التي كانت الساعد الأيمن، أو الأيسر له، لا يهم.
لو لم تكن الحرب الباردة قد انتهت لقيل بأنها منحت الجائزة كونها مناهضة للشيوعية، تماماً كما قيل في حالتي الروسيين باسترناك وسولجنستين، لكن من وجهة نظر أكثر عمقاً علينا القول بأن الحرب الباردة لم تنته بعد على الجبهة الفكرية ولن تنتهي. ويمكن القول، بقليل أو بكثير من التحفظ، إن لجنة نوبل أرادت مكافأة الكاتبة على دور سابق أصبح في ذمة التاريخ، خاصة وأن المرأة فرت إلى ألمانيا قبل سقوط جدار برلين بعامين.
لم تكن الهجرة ملاذاً لها، فقد واجهت ما واجهه السابقون لها واللاحقون من الفنانين والمثقفين الذين هربوا إلى الغرب، فلم يجدوا سوى الاغتراب. بعض من كتبوا عن رواياتها بعد فوزها قالوا إن مولر هربت في أعمالها الأخيرة من عالمها الجديد “الحر” إلى العالم الذي هربت منه أصلا بحثا عن الحرية.
تحديات المرأة البحرينية في انتخابات 2010
في الأول من سبتمبر لعام 2009، دعا المجلس الأعلى للمرأة البحرينية مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات سياسية ونسائية وأهلية لمؤتمر صحفي لإعلان نتائج الدراسة التي نفذها المجلس بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة undp ، وبتحكيم من مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية…” بعنوان المرأة البحرينية في انتخابات 2006 الفرص والتحديات “.
في عام 2005، واستعدادا لانتخابات 2006، قام المجلس الأعلى للمرأة بتنفيذ برنامج عمل لتمكين المرأة سياسياً، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبعد الانتخابات وما صاحبها من نتائج مقلقة لوضع المرأة وتمكينها لوصولها لمواقع صنع القرار، وجد أنه من الضروري إجراء دراسة تقيم تلك التجربة الانتخابية للمرأة كمرشحة وناخبة، وقد تم تشكيل فريق من خبراء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يساعده باحثون محليون لإجراء تلك الدراسة التقيمية.
وقد خرجت علينا الدراسة بعدة توصيات مهمة، بينها توصيات إلى:
أولاً: الجهات الرسمية.
وما يهمنا في هذه التوصيات هي:
توسيع الفرص المتاحة للمنظمات النسائية لعرض مطالبها وطرح أفكارها عبر وسائل الإعلام ! كيف والمنظمات النسائية حرم عليها العمل في السياسة حسب قانون الجمعيات الأهلية.
ثانياً:- توصيات لمجلسي الشورى والنواب:-
أهم توصية هي اتخاذ التدابير المؤقتة لدعم المرأة وزيادة فرصها في النجاح وفق ما جاء في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ).
ما هي هذه التدابير….التدابير المؤقتة في اعتقادنا هي تغيير في قانون الانتخابات بإضافة مادة تسمح بإعطاء المرأة حصة للتنافس فيما بينها المسمى بنظام الكوتا. أو التمييز الإيجابي هذا أولاً، أما ثانياً فهو تغيير الدوائر الانتخابية من 40 دائرة إلى 10 دوائر على الأكثر لحلحلة الصوت الواحد.
هناك توصيات كثيرة للمجلس الأعلى للمرأة، وللجمعيات السياسية والأهلية والإعلام والجمعيات النسائية.
لكن ما هي آلية تفعيل هذه التوصيات المهمة، هل سيباشر مجلس النواب والشورى اتخاذ قرار حاسم في التدابير المؤقتة. كنظام الكوتا، وتغيير الدوائر الانتخابية لا أعتقد ، فالمجلس الأعلى للمرأة ضد نظام الكوتا، وضد تغيير الدوائر الانتخابية حسب ما صرحت به الأمين العام لولوة العوضي في المؤتمر الصحفي.
إن تفعيل هذه التوصيات يتطلب وضع خطة واضحة وإقامة ورش عمل وندوات عامة في جميع مناطق البحرين، وليس فقط في المجالس الرمضانية والديوانيات.
وقد قسمت الدراسة أسباب إخفاق المرأة البحرينية في انتخابات 2006 إلى عدة عوامل:
عوامل اقتصادية.
عوامل مجتمعية وثقافية.
عوامل مرتبطة بأداء المرشحات.
عوامل مرتبطة بالمؤسسات الداعمة للمرأة وخاصة الجمعيات السياسية.
وعلى ضوء هذه العوامل وضعت التوصيات، التي يهمنا منها ثلاثة محاور، سنركز على تفنيدها لنتوصل إلى حقيقة وضع المرأة البحرينية بالنسبة لمشاركتها السياسية.
اتخاذ تدابير مؤقتة.
زيادة تفعيل التزامات البحرين الدولية ومراجعة التشريعات والقوانين التي تسهم في تعزيز المساواة بين الجنسين.
زيادة الاهتمام برفع المعرفة والوعي لدى المرأة للمشاركة في العملية السياسية.
لقد منح الدستور المرأة البحرينية حقها السياسي في المشاركة الانتخابية كناخبة ومرشحة، إلا أن هذا الأمر لم ينعكس على أرض الواقع لا في انتخابات 2002 ولا انتخابات 2006 حيث لم تحصل المرأة على أي مقعد باستثناء النائبة لطيفة القعود عام 2006 وبالتزكية!، وذلك على الرغم من ارتفاع نسبة مشاركة المرأة كناخبة إذ بلغت مشاركتها 51% من مجموع الناخبين.
أليست هذه مفارقة. أين الخلل؟ هل الخلل في المرأة نفسها؟ لماذا؟ وما هي الأسباب التي تجعل المرأة تحارب نفسها: أهي أسباب نفسية أم اجتماعية ؟ هل تملك المرأة استقلاليتها في اتخاذ القرار أم لا زالت تابعة للسيطرة الذكورية والمرجعية الدينية…..ونحن نسأل ما الذي يجعل المرأة تابعة للرجل؟ أهي الأسباب الاقتصادية؟ لا أعتقد أنها اقتصادية بالمطلق، لأن معظم النساء يعملن في جميع المجالات، فالمرأة إذاً نوعاً ما مستقلة اقتصادياً.
إنها العوامل الثقافية والدينية البحتة وهذا العامل بالذات لم تعطه الدراسة حقه في البحث مع أنه عامل مهم وأساسي،.فالتوجيه الديني من قبل رجال الدين، القائمة الإيمانية مثالاً، وبعض الفتاوي التي تحرم على المرأة المشاركة السياسية لعبت دوراً كبيراً في توجيه أصوات الناخبين من الجنسين…هنا مربط الفرس.
هل بالتوعية المكثفة نستطيع فك هذا الارتباط الديني المرجعي….أن تغير العادات والمعتقدات الاجتماعية والثقافية والأعراف ليست بهذه البساطة فما بالك إذا تدخل الدين في السياسة فهنا الطامة الكبرى….الحل هو في سن القوانين والتشريعات لبداية التغيير لهكذا نمط من التغيير.إن اتخاذ تدابير مؤقتة لدعم المرأة وفق ما جاء في اتفاقية سيداو…وهذه التوصية رفعت لمجلسي الشورى والنواب حيث هما المعنيان بالتغيير سواء بالإضافة أو الحذف، ووضعت من ضمن مواد عديدة احتوتها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة دفاعاً عن حقوقها، بعد دراسة معمقة لأوضاع المرأة في العالم وما تعانيه من اضطهاد وأسباب هذا الاضطهاد من قبل لجنة المرأة في هيئة الأمم المتحدة، ووصلت إلى قناعة مؤكدة أن المرأة في جميع أنحاء العالم تحتاج لوضع تدابير مؤقتة لدعمها حسب خصوصية كل بلد.
ومن ضمن تلك التدابير إضافة مادة في الدستور أو في قانون الانتخابات تعطي المرأة حصة في بعض الدوائر يتنافسن من خلالها في الانتخابات. دول كثيرة في العالم سنت هذا النظام حتى في الدول الديمقراطية الراقية….فما أحوجنا نحن في العالم الثالث لمثل هذا النظام. أما حجج الرافضين لنظام الكوتا فهي حجج واهية لافتقارها للموضوعية وعدم ربطها مواد الدستور بالواقع الموضوعي والمعاشي، فالدساتير والقوانين ليست منزلة وليست مقدسة..هناك تخوف من البعض بأن الوضع الاجتماعي والحراك السياسي في البلد وسيطرة التيارات الإسلامية على مجمل الدوائر الانتخابية فإن حصة الكوتا النسائية ستكون بالضرورة من نصيب تلك الفئة.
ربما هذا صحيح ولكن العبرة في الأداء وفي المواقف ومؤازرتهن للتشريعات التي تصب في صالح المرأة. حينها ستعي المرأة أية فئة تقف مع حقوقها.
نشرة التقدمي أكتوبر 2009
زيمان يقرأ «فلسطين في أغانينا» ويلاحظ كثافة الإسهام البحريني مقارنة بالبلدان الكبرى
بالكلمة والصورة الفوتوغرافية والأغنية، افتتح الفنان سلمان زيمان موسم أسرة الأدباء والكتاب الجديد، بمحاضرة «فلسطين في أغانينا»، وذلك تزامناً مع احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية التي ستشكل عنواناً ثابتاً في برنامج الأسرة لهذا الموسم عبر سلسلة من الفعاليات المنوعة .