- 1949. قبل تلك القراءات الثورية لم تكن الصين لنا تاريخيا إلا مجرد إمبراطورية عظمى في الشرق ’ بلد الحرير والحكمة والتجارة والسور العظيم. وفي القرن العشرين ’ قرأنا الثورات الكبرى والحروب الأهلية والتحررية ’ والمواجهات العنيفة بين الثورة وأعدائها ’ تعلمنا كيف كان العالم يقف عند مفترق الطريق بين مسارين عالميين ’ الرأسمالية والاشتراكية ’ وعلينا أن نختار طريقنا الجديد. لم تسعفنا طفولتنا ملاحقة ومعايشة فترة الخمسينات ومنتصفها لإدراك حالة الانشقاق والتصادم بين موسكو – وبكين ’ والذي بدأ طلاقه الرفاقي بالتدريج منذ فترة اختلافات الكومنتيرن حتى انحلاله. هذا الانشقاق الكبير ساهم في تدمير وتمزيق الحركة الثورية العالمية وحركات التحرر ووحدة الطبقة العاملة العالمية. في مثل هذه التربة العالمية الجديدة وجدت نفسي اكتشف العالم الإيديولوجي والفلسفي المعقد ’ حيث لم تتح لنا تلك الحقبة دراسته بالعمق ’ ومعرفة الأخطاء العميقة التي قادت القوتين موسكو- وبكين إلى مفترق الطرق فأوهنت بالحركة الشيوعية العالمية. أتذكر صوته الرفيق بو قيس في القاهرة في أكتوبر من العام 1969 ’ عندما قال لي وأنا في ريعان الشباب ’ بتروح معاي لحفلة السفارة الصينية ’ الذكرى العشرين لانتصار الثورة ’ ففرحت للفكرة ولكن كيف سيكون مناخ المناسبة؟ وماذا البس لمثل هذه المناسبة ؟ ’ وأنا حتى تلك اللحظة ببنطلون المخمل واللحية الجيفارية ’إذ لم ارتد في حياتي بدلة ؟! وكعادته بو قيس ضحك بتلك النبرة المحببة قائلا : ’’ جماعتنا كلهم لابسين كاكي ولا يهتمون كثيرا بما يلبسه ممثلو حركات التحرر الوطني. في فناء السفارة الواسع وبطقس أكتوبر الجميل في ليل القاهرة ’ تنقلت عيني بدهشة الشاب الذي غادر وكره الصغير عنوة ’ حاملا حقيبته مطرودا. كنا أكثر من اثنين في تلك المناسبة ’ وكان هناك رفاق من الجبهة الشعبية ’ وهناك تعرفت على ممثلي مكاتب حركات التحرر الوطني ’ ولكن المكان ليس مكاني فماذا افعل وخجلي السياسي يسيطر على تجربتي المتواضعة ’ والتي كانت محصورة ومحدودة بالوضع الداخلي في البحرين ’ فيما راحت أضواء الاحتفال وقرع الكؤوس ورائحة المساء تأتي من بعيد ’ وكان بوقيس كالنحلة يتنقل ويمازح من يعرفه بكل بساطته ناسجا علاقات كثيرة اقتضتها رسالته السياسية والحزبية. كان على الصينيين يومها معرفة بلد صغير من جوانب غير دبلوماسية ’ فقد بدا الخليج لهم مركزا حيويا في خارطة العالم ’ فكانت عيونهم على ثورة ظفار واليمن الجنوبي مثلما عينهم على المملكة العربية السعودية ’ وعلى كل القارات الثلاث من العالم الثالث دون تمييز ’ فهو يعتبرون أنفسهم مسؤولين عن تنظير تناقضات الصراع الدائر بين حركات التحرر الوطني – والرأسمالية العالمية. كانت أول مرة لي ادخل فيها احتفالا لسفارة ’ ولم تتكرر إلا في عام 1998 ’ في ابوظبي بعد أن تعرفت في جريدة الاتحاد على الصديق الصيني’’ إخوان ’’ الذي كان يتردد علينا في قسم الدراسات الدولية . لن أتحدث هنا عن دماثة الشخص وعلاقته بالعرب وبنا لكي لا أوصف بالانحياز والعاطفية ’ فكل شخص إما أن يجعلك تحب شعبه من خلال سلوكه الشخصي معك أو يجعلك تكره البلد برمتها لطالما كان شعبها على شاكلته. كان علي أن أعود إلى البحرين عام 2000 مع المشروع الإصلاحي ’ وامكث لثلاث سنوات بلا عمل رسمي ’ معتمدا على دخلي من الكتابات الصحفية الحرة. لم ينس إخوان الصداقة وكان كثير السؤال والسلام ’ وكلما زرت المدينة حظيت منه بضيافة صينية كريمة لدى العائلة ’ بعدها صارت عائلتي أيضا ضمن تلك الضيافة كلما زاروني في ابوظبي. لم يكن إخوان موظفا في السلك الدبلوماسي ’ وإنما صحفي في جريدة الصين اليومية ’ معنيا بتغطية الجوانب الاقتصادية كمؤسسة خاصة ’ مثلما لم تكن سيارته تحمل علامة الهيئة السياسية. عدت من جديد إلى ابوظبي بين أعوام 2003-2006 للعمل في المؤسسة العربية للنشر والإعلام ’ في هذه الفترة سنزور الصين لمدة 12 يوما بدعوة من الجريدة التي يعمل بها ’’ الصديق إخوان ’’ ولكن رئيس تحرير المؤسسة طلب منهم أن نتكفل بتذاكرنا وسكننا ’ واكتفوا هم بضيافتنا الداخلية كترتيب زيارة الأماكن التي نرغبها. كان البرنامج عامرا لأننا اخترنا ثلاث مدن أساسية بكين بتاريخها السياسي المعاصر وموقعها الخاص للشعب والدولة ’ ومدينة ’’ شيان ’’ العاصمة القديمة للصين ’ حيث مرت من هناك قوافل الحرير والحضارات الصينية القديمة ’ أما المدينة الثالثة فكانت شنغهاي الحديثة والمعاصرة بمعمارها الزجاجي المتطور والحداثي ’ شنغهاي المطلة على البحر بكل رطوبته اللعينة. وكان خيارنا موفقا ففي فترة قصيرة استطعنا تلمس هذه الحضارة الممتدة منذ السلالات الإمبراطورية حتى ثورة ماوتسي تونغ الشعبية . فعلى واجهة بوابة السماء (المدينة المحرمة) ومن بعيد في الساحة الحمراء ’ كانت هناك معلقة صورة ماو كجزء من ذاكرة شعب وثورة نقلت الصين من حقبة الإرث الاقطاعي والاستعماري إلى صين متحررة بكل عزها القومي والاممي. ما زالت هناك رهانات على الانهيار ’ والذي يثلج صدر الكثيرين ’ ولكنهم لم يكلفوا أنفسهم بالسؤال لماذا يسعدهم تدمير بلد بهذه الكثافة من السكان ويعمل من اجل التغيير دائما ولكن بهدوء الحكمة الصينية ’ فتجربة البيروسترويكا السوفيتية خلخلت كيان الحزب الشيوعي الصيني كدرس تاريخي ’ ولا بد من التحرك ببطء وحذر وإلا ضاعت الثورة وضاع الحزب وضاعت الصين كلها. ستون عاما والعملاق الصيني يرفع رأسه كتنين في الماء ’ يراقب العالم والتغيير بمنتهى الدقة دون أن يترك للآخرين العبث ’’ بإمبراطوريته الشعبية الجديدة ’’.
صحيفة الايام
6 اكتوبر 2009
الصين وستون عاماً من الثورة
كوارث العالم.. وإنفلونزا الخنازير سياسيا
مع دخولنا الربع الأخير من العام الجاري 2009، فإن هذه السنة ذاتها تبدو من أكثر سنوات العقد الحالي الأول من القرن الجديد في حجم الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الانسان على حد سواء، فمن حيث الكوارث البيئية التي تعد في ذات الوقت من صنع الانسان تأتي في مقدمتها جائحة انفلونزا الخنازير التي ظهرت خلال ربيع العام الجاري في القارة الأمريكية وسرعان ما انتشرت في ربوع سائر القارات الأخرى. وبالاضافة الى انفلونزا الخنازير عرف العالم عددا غير قليل من حوادث وسائل النقل المختلفة وعلى الأخص الطائرات بدءا من طائرة النقل العسكرية الاندونيسية التي لقي جميع ركابها الـ 110 مصرعهم، ومرورا بطائرة الايرباص الفرنسية التي تحطمت فوق المحيط الاطلسي والتي لقي جميع ركابها الـ 228 حتفهم، ثم طائرة الايرباص الأخرى التي تحطمت فوق المحيط الهندي قبالة سواحل جزر القمر وقتل من جرائها 153 راكبا ولم تنج من الحادث سوى راكبة واحدة وليس انتهاء بسقوط ثلاث طائرات ايرانية.
أما من حيث الكوارث البيئية الطبيعية، كقضاء وقدر لا مفر منهما، فهي عديدة ايضا لعل اخطرها التسونامي الذي ضرب جزيرة سومطرة الاندونيسية ومناطق اخرى في المحيط الهادي مما تسبب في مقتل ما يقرب من الفي شخص والاحصائيات المتتابعة مرشحة لتزايد اعداد الضحايا، ناهيك عن كوارث الزلازل والسيول والامطار الغزيرة في آسيا نفسها وقارات اخرى.
ورغم كل هذه الكوارث المختلفة، فان جائحة انفلونزا الخنازير هي “الكارثة” مازالت تستحوذ على اهتمام ومخاوف العالم برمته، ومازالت الاكثر اثارة للجدل الطبي العلمي، ومازال الوباء يعد الأكثر تفاوتا في كيفية تعامل دول العالم في كيفية الوقاية منه ومواجهته بين الهلع والارتباك الاشبه باعلان طوارئ مواجهة حرب داهمة وشيكة وبين التعامل المعتدل معه، وبين التعامل العادي الأقرب الى ما يشبه الاستخفاف بمخاطره، إما لفقر الدولة التي تسلك هذا السلوك ولتخلف ايضا خدماتها الصحية، وإما لجهلها المطبق ربما بتبعات مخاطره، وإما للسببين معا.
واذا كانت انفلونزا الخنازير مازالت تثير كل هذا الجدل العلمي الطبي العالمي، الا انه من اللافت خلو هذا الجدل في الغالب من الابعاد السياسية للوباء ولمسببات ظهوره، ففي الوقت الذي يوصف فيه عالمنا المعاصر بأنه أضحى بمثابة قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصالات والتقدم الهائل في التكنولوجيا فان لا أحد أعاد الى الأذهان أن من ضريبة الاستفادة من هذه الثورة السرعة الفائقة لانتقال وتصدير الأوبئة الى مختلف ارجاء الكرة الارضية، وهذا ما لم يكن يحدث تاريخيا الى ما قبل قرنين الا ببطء شديد.
فالعالم قبل تقدم وسائل الاتصال والمواصلات، أي قبل نحو قرنين ونيف، كانت بلدانه ومناطقه وقاراته اشبه بالمعازل والمحميات الطبيعية في عدم انتشار أو تنقل الأوبئة سريعا وذلك بفضل البعد الشاسع في المسافات فيما بينها وبطء النقلين البري والبحري وغياب النقل الجوي الذي لم يكتشف بعد.
اما وقد حدثت ثورة في تقدم وسائل المواصلات الفائقة السرعة، وعلى الأخص الجوية، فقد اصبح كل العالم مشرعا على استقبال كل الاوبئة والجوائح ولم تعد بمنجاة في ذلك بقعة واحدة من الدنيا كلها، اللهم كوريا الشمالية الى حد ما، باعتبارها اكثر دول العالم في الانعزال السياسي والحصار المضروب عليها وعدم الاختلاط بشعوب العالم، ولو عرفت بمثلنا الشعبي لقالت: “محسود الفقير على موتة الجمعة”.
على ان شعوب العالم لا تدفع على نحو متكافئ ضريبة تحول العالم حضاريا الى قرية، وعلى الأخص شعوب العالم الثالث منه، ففي الوقت الذي تعد الدول الغربية المتقدمة الاكثر استعدادا وجاهزية للتعامل مع انفلونزا الخنازير وعلاجها والتقليل من مضارها توطئة للقضاء عليها وابتكار تدابير صارمة للوقاية منها فإن دول العالم الثالث وعلى الاخص الفقيرة اقل جاهزية واستعدادا في التعامل مع هذه الجائحة بسبب محدودية مواردها المالية والبشرية ذات الكفاءة المؤهلة.
وغني عن القول انه اذا كانت الدول الغربية الكبرى تدفعها انانيتها إلى عدم الاكتراث الكافي بما تنكب به شعوب العالم الثالث من كوارث فمن باب اولى ان تعظم هذه الانانية حينما تكون هي نفسها تواجه كارثة عالمية مشتركة مثل انفلونزا الخنازير ايا تكن درجة الخطورة التي تمثلها عليها.
الأنكى من ذلك فاننا بتنا ندفع ضريبة وباء هو بامتياز من صنع الحضارة الغربية ذاتها، وعلى الاخص فيما يتعلق بعالمنا الاسلامي، فتربية الخنازير هي نادرة في الدول العربية والاسلامية لأن شعوبها تحرم اكل لحومها. أما ثالثة الأثافي فلأننا نعيش في عالم وعلى ارض مفتوحة فانه لا ينبغي استبعاد فرضية أن تكون انفلونزا الخنازير ذاتها من جراء تسرب سلالات من الاوبئة او فيروساتها المخزنة في معامل تصنيع الاسلحة البيولوجية.. نقول لا ينبغي استبعاد هذه الفرضية من ساحة الجدل والحوار العلميين العالميين حول الجائحة حتى يثبت ثبوتا قاطعا بطلانها ولا نقول التسليم بصحتها مقدما.
ولعل من المفيد التذكير بأن الدول العظمى الصناعية، وعلى الاخص الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، احتفظت في حاضناتها المختبرية البيولوجية العسكرية بفيروسات الجدري رغم تخلص العالم منه كليا منذ اكثر من 20 عاما، وقد اعترف علماء امريكيون وسوفيت سابقون بذلك. هذا بخلاف تخزين فيروسات من الاوبئة التاريخية الاخرى.
واذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن الولايات المنتحدة مثلا لم تكتف بتوظيف فيروسات الاوبئة في تطوير اسلحتها البيولوجية فحسب، بل لم تتورع عن استغلال ابتلاء شعوب بها لاخضاعها لهيمنتها مثلما حدث مطلع القرن العشرين الماضي اثناء غزوها للفلبين واستغلال وباء الكوليرا في هذا البلد الفقير حينئذ لاحكام الحصار على معاقل المقاومة الوطنية واشاعة دعاية مغرضة تعزز الاعتقاد بحاجة الشعب الملحة إلى الأمريكيين كمنقذين طبيا له من الوباء ودفع الفلبينيين إلى الاستسلام والتخلي عن المقاومة للتفرغ لمقاومة المرض، ولم تكن ضريبة شعوبنا تصدير الغرب إليها انفلونزا خنازير هي من صنعه فحسب، بل ما انفكت، كما ذكرنا في وقفة سابقة، شركات الأدوية في بلدانه تتاجر في لقاحاتها بأبهظ الأثمان.
صحيفة اخبار الخليج
5 اكتوبر 2009
دلالات أفكار عبدالكريم سروش (4-4)
تتلحف آراءُ عبدالكريم سروش بباطنية صوفية ومنهجية غربية برجوازية في توليفة متضادة انتقائية، تجوهرُ الدينَ في ناحيةٍ بدلاً من درسهِ في تطوره الصراع الاجتماعي، وتسطحهُ في جانبٍ آخر، فتجعله ميتافيزيقيا في صورهِ المفارقةِ الكبرى، وتعقلنهُ في حراكه الاجتماعي المحدود. تبقيهِ في حضن الإقطاع من جهة، وتضعهُ على أيدي الفئات الوسطى الضعيفة الناشئة في المدن، كالفئات الوسطى الهشة الضعيفة في القرون السابقة العربية الإسلامية، ليست معها المداخيل الكبيرة لتضعها في الصناعة، وتصنع الحداثة.
“الشيءُ في ذاته” لدى كانط الفيلسوف الألماني هو الإقطاعُ في نسيجه، هو ضعف الصناعة الألمانية، والإيرانية، هو التقسيم بين السماء والأرض، بين الحكام المطلقين والشعب الخادم، هو التحديث الذي يتم بكرباج العسكر البروسي وعصي الحرس “الثوري” مع كل المغامرات المحفوفة بالمخاطر على البشرية.
“الشيءُ في ذاته” غيرُ المدرك، اللغزُ السحري الصوفي، هو الذي خلقَ الثنائيات الفكرية العصرية، ومزقَ الظاهرة المدركة عقليا، بين عمقٍ لا يُعرف وسطحٍ متغيرٍ يُعرفُ باستمرار الأدوات المعرفية الجديدة، الذي خلق ثنائية أخرى بين علومٍ من السادة وعلومٍ من العبيد، علومٌ تنتجُ معرفة جديدة وعلومُ تستقبلُ المعارفَ الجديدة ولا تصنعها.
مقاربة إيران القرنين العشرين والواحد والعشرين مع ألمانيا القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، تتجلى في أزمة تطور الريف، بوجود ملايين خارج الإنتاج الحديث، وبوجود فئات وسطى مدنية عاجزة عن إقامة تحالف مع الفلاحين والعمال.
وهو العَرضُ الإسلامي، الملازم لجوهرية غياب الصناعة الحرة، وهيمنة الحكومات الاستبدادية، ويتشكل عَرضٌ ثقافي ايديولوجي لدى منتجي الأفكار في الفئات الوسطى العائشة في هذا السديم، أن يجتروا ما قاله السابقون، ويبقوا الثنائيات المتضادة أبداً: قديم/جديد، جوهر/عرض، دين/ حداثة، الخ.
وفي حراك الفئات الوسطى الإيرانية الأخير الذي كشف صراعاتها في الحكم مع مؤسسات الرأسمالية الحكومية المسيطرة، التي تندفع في خطابات دينية عتيقة، تعبرُ عن مخلفاتِ الإقطاع الهائلة في الحكم والإنتاج، فلا تعي أهمية تحرير هذه المؤسسات من الشبكة العنكبوتية الاستغلالية البيروقراطية الخاصة المتظاهرة بأنها عامة، كما يجري في الكثير من الدول العربية الإسلامية ودول الشرق عامة، لتقوم بتغيير اقتصادي “نهضوي” ديمقراطي شامل.
في هذه المناخات يفترض لا أن نعرف ما هو الجوهر والعرض، بل أن ندرسَ ما هي البنية الاجتماعية الإيرانية.
أن نعرف ما هو “النهضوي” الديمقراطي في الريف وفي حياة النساء والمدن وفي الثقافة والعلاقات بين السلطات والناس، الذي هو الجوهر الذي نبني عليه.
لكن منهجية الصوفية والكانطية والوضعية هي تعبيرٌ عن غياب الإسلامية الثورية المستقاة من التأسيس المحمدي، ودخولها في ثنائيات الانتهازية الفكرية والتعبيرية، الاستيرادية، للفئات التجارية، لكنها كانت من نسيج هذه الاستيرادية الاستغلالية للكادحين الإيرانيين، فتريد أن تحافظ على “الشيء في ذاته”، على المطلق السياسي، على الدين كقوةِ هيمنةٍ متعالية، غيرِ مُدركة ولا مُحللة، على الجوهر غير المنازع في سلطانه، وتتركُ الأعراضَ للعاملين.
فلم تتوجه لدرس قوانين البنية الاجتماعية، فتكشفُ الأزماتَ المحتملة من بناءٍ يسيرُ عبر جوهر استبدادي كهذا، لكونها جزءا منه، لم تستطعْ الانفصالَ وتكوين منهج آخر، لا يفرق بين القانون وظاهراته، ويقرأ الظاهرات وسببياتها وتطوراتها، من دون فصل بين جوهر وعرض.
والآن حين تتفجر الظاهرة لا تـَعرفُ أسبابها كذلك، تحيلـُها إلى صراع الحرية والاستبداد، تحيلـُها إلى ظاهرةٍ معلقةٍ في الفضاء، وهذا التفكيرُ جزءٌ من استمرارها في عالم الطبقة التي تضعُ قدماً في الإقطاع وقدماً أخرى في البرجوازية، ولن تستطيع القفزة إلا عبر العسكرة وتحويل الفلاحين بالقوة إلى عمال ونشر الصناعة عبر الجيش.
أي هي بروسية أخرى، وهنا مجموعة من البسماركات الماشين فوق الدبابات والصواريخ، والخوف أن يحدث القفز إلى هتلر دفعة واحدة مع ظهور عباءة المهدي المسروقة فوق أكتافه.
إن الثورة الخضراء يُفترضُ أن ترتفع عن هذا التجريد والرومانسية وعن بكائيات وصرخات عبدالكريم سروش في رسالته للمرشد وتلتحم بالفلاحين خاصة الذين افتقدوا الأرض والسلام والتنمية وتكدسوا في المدن، فيكفي للديمقراطيين الإيرانيين التهويمات الغيبية والتجريدية ولينزلوا للأرض الواقعية، أرض الصراعات الاجتماعية الحقيقية.
ونجد نموذجاً لهذا التضييع للفرص الجدالية العميقة رسالة سروش للمرشد الأعلى للجمهورية السيد خامنئي في الأحداث الأخيرة فقد حول عبدالكريم الخطاب البلاغي المليء بالصور التراجيدية المعبرة والرافعة لقيم الحرية إلى السماء إلى خطاب تقريع وصرخات وبكائيات وكراهية شخصية بدلاً من أن يستغله في عرض الواقع الموضوعي ويحلل مخاطر تصاعد القوى العسكرية وتضييع ثروات إيران على التسلح والمجابهات، وأهمية أن تعود هذه الأموال الكبيرة إلى تطوير حياة الفقراء وإلى الصناعات السلمية وإلى ضرورة تعزيز الديمقراطية وغيرها من الموضوعات المحورية في حياة الشعب الإيراني الراهنة.
على كلٍ فالباحث عبدالكريم سروش له اجتهادات كثيرة وأبحاث عديدة وهو قيمة ثقافية إيرانية كبيرة ولم نوجه الرصد سوى لجوانب منها.
صحيفة اخبار الخليج
5 اكتوبر 2009
من وحي تأبين هشام الشهابي
من بين أسباب عديدة علينا أن نشكر فيها جمعية المهندسين انها بادرت إلى إحياء ذكرى الفقيد المهندس هشام الشهابي في سنوية غيابه الأولى، وأنها من ضمن التفاتاتها المعبرة، وهي تحتفي بذكرى الراحل أطلقت اسمه على القاعة الرئيسية في مقرها العامر بالجفير، وأنها إلى ذلك تقدمت إلى الجهات المختصة بطلب اطلاق اسمه على الشارع المحاذي لمبنى الجمعية، وحسب رئيسها فان هذه الجهات أبلغتهم أن الاقتراح قيد الدرس، ونأمل، من جانبنا، ألا يطول هذا الدرس كثيراً، وأن يجد الاقتراح طريقه للتطبيق، وهذا أمر سأعود إليه في مناسبة قادمة. استمعت بإعجاب إلى الدكتور عُمر هشام الشهابي نجل الفقيد يتحدث في الحفل المذكور، لأن كلمته حملت بُعداً نحن في حاجة إلى التبصر فيه. فهو إذ تحدث عن والده تحدث عن الجيل الذي ينتسب إليه، وعما طبع أبناء هذا الجيل من عصامية ومثابرة، وعقد عُمر ما يشبه المقارنة بين جيل والده وجيله، في انحياز واضح لجيل الوالد الذي كان مدرسة يجدر بالجيل الحالي التعلم منها. كلمة عمر الشهابي تحفزنا على التأمل العميق. ولنأخذ مثلاً السيرة الحافلة لوالده الذي غيبه الموت بشكل مباغت وهو في قمة عطائه، لنرى “الجبهات” المختلفة التي عمل فيها. انه مناضل من مناضلي الحركة الوطنية البحرينية، ممن تربوا على معاداة الاستعمار والظلم، وتشربوا قيم الكفاح في سبيل العدالة والحرية والمساواة والديمقراطية، ولم يترددوا في دفع ضريبة هذا الخيار بسنوات السجن، الذي كان للراحل منه نصيب، أو المنفى أو المحاربة في الرزق وما إلى ذلك. لكن هشام الشهابي لم يكن سياسياً أو مناضلاً فحسب، فهو واحد من أفضل الكفاءات المهنية في مجال تخصصه، أي الهندسة، وبصماته الهندسية واضحة في أكثر من مشروع عملاق في الوطن، بينها مبنى جامعة الخليج العربي وسواه من مبان. لذلك لم يكن مستغرباً أن تأتي الشهادات المنصفة للرجل لا من رفاقه في الفكر والنضال وإنما أيضاً من زملائه في المهنة وفي مقدمتهم الدكتور عبداللطيف كانو. هشام ومن هم على معدنه برهنوا على أن المناضلين من أجل سعادة شعبهم والمستعدين للتضحية في سبيل ذلك هم بناة للوطن أيضاً، منطلقين في ذلك من الحب والإخلاص لهذا الوطن، ولم ينجم عما تعرضوا له من قمع وإيذاء أي ضغينة أو حقد، أو يجعلوا منه موضوعاً للمفاخرة، لذا فانك أينما وليت وجهك في عوالم البحرين المختلفة، في الهندسة والطب والمحاماة والثقافة والفن وكافة أوجه الإبداع، ستجد العديد من قادة ونشطاء النضال الوطني في البلاد هم كفاءات في مجالات تخصصهم المهنية، وأنهم أثروا المهن التي عملوا فيها وطوروها. ثمة جبهة أخرى لا تقل أهمية عمل عليها هشام الشهابي ورفاقه هي وضع مداميك العمل الأهلي التطوعي ولبنات المجتمع المدني الحديث من خلال المؤسسات المهنية ذات الطابع النقابي، وما دور هشام في جمعية المهندسين التي كان رئيساً لها في وقت من الأوقات، إلا أحد أوجه هذا التفاني في هذا المجال. وهنا أيضاً فأينما وليت شطرك ستجد أن أبناء جيل هشام ممن هم على معدنه قد أعطوا البحرين ليس فقط مساهماتهم السياسية والنضالية، وإنما أرسوا أيضاً قواعد ومؤسسات المجتمع المدني على طراز جمعيات المهندسين والأطباء والمحامين والجمعيات النسائية والمؤسسات الثقافية.
صحيفة الايام
5 اكتوبر 2009
د. حسن مدن للوقت: من يعيقون الحوار هم من يفضلون الصفقـــات الثنـــائيـــة والجـــانبيــة
قال الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي حسن مدن أن ‘هناك تملل شعبي واسع وخيبة أمل كبيرة من أداء المجلس النيابي في الشارع’مشيرا إلى إمكانية تأثير ذلك على مسار الانتخابات المقبلة.
وأوضح مدن في لقاء أجرته معه الوقت ‘أن لكتلتي المنبر والأصالة رؤاهما وأجندتهما الخاصة بهما أو بكل واحدة منهما’.
ورأى أن ‘تحالفهما مع الدولة ليس مطلقاً أو مؤبداً، فالدولة هي الأخرى لها حساباتها ومصالحها. السياسة متحركة ويمكن أن تنشأ وقائع جديدة على الأرض تبدل الأمور’.
وانتقد مدن الخطاب السائد في الساحة ‘وهو خطاب مذهبي، كل كتلة من الكتل الفاعلة تخاطب جمهور مذهبها أو طائفتها’مؤكدا أن ‘ من يعيقون الحوار هم كل من يفضلون الصفقات الثنائية والجانبية، ويخشون شمولية الحوار’.
* إلى أي مدى أنت متفائل بالعملية الديمقراطية والحراك السياسي في البحرين*
– المجتمع البحريني يتوفر على درجة عالية من حيوية الحراك السياسي. القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والصحافة يقظة تجاه ما يدور ولها كلمة مؤثرة في القضايا التي تطرحها التطورات، وهناك مقادير جيدة من الحريات وفرها المشروع الإصلاحي ودرجة تناسب القوى في المجتمع يتعين علينا الاستفادة منها برشد وبمبدئية، بالمقابل فإن الصعوبات والمعوقات ليست قليلة، لكن ذلك يجب ألا يثنينا عن مواصلة العمل بدأب في سبيل تحقيق المزيد من المكاسب في اتجاه الإصلاحات السياسية والدستورية، وتوسيع نطاق الحريات العامة وبناء مؤسسات المجتمع المدني.
لدى المجتمع والقوى السياسية الجدية والمخلصة إمكانيات كبيرة للسير في تحقيق نجاحات في هذا الإطار، ومنع القوى المنزعجة من التحولات الايجابية من الارتداد على هذه الايجابيات أو مصادرتها أو إفراغها من محتواها.
التطورات التي حدثت في البلاد خلال السنوات الماضية منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي علت من آمال المجتمع وأنشأت واقعاً جديدا في البلاد من الصعوبة الارتداد عنه، ونحن متفائلون بقدرة شعبنا على الحفاظ على مكاسبه وعلى تطويرها رغم كل الصعوبات والمعوقات.
منغصات العمل البرلماني ليست قليلة
* هل تعتقد أن دخول المعارضة في البرلمان أثرى العملية الديمقراطية* وما هي منغصات العمل النيابي في نظرك*
– المعارضة لم تدخل البرلمان في 2006 فقط، لقد سبق أن دخله جزء منها في عام ,2002 ورأينا في هذا المجال واضح ومعلن هو أن على المعارضة أن تكون ايجابية في التعاطي مع التحولات الجارية، وأن تسعى لأن تكون ممثلة في المجالس المنتخبة، سواء منها مجلس النواب أو المجالس البلدية. هذا كان رأينا منذ البداية، والمنصفون من المراقبين يقولون أن موقفنا في هذا المجال صحيح. وجود ‘الوفاق’ اليوم داخل مجلس النواب أفضل وأجدى من وجودها خارجه.
أما منغصات العمل البرلماني فليست قليلة، لكن الحل ليس بالهروب منها، إنما بالتصدي لها عبر المشاركة وتحسين مواقع المعارضة في العملية السياسية في البلاد، أبرز هذه المنغصات هو الخلل الدستوري الكبير بالانتقاص من صلاحيات المجلس المنتخب، وهناك عيوب النظام الانتخابي المعمول به وهي عيوب لا تقل عن الخلل الدستوري، فالنظام صمم ليخرج تركيبة طائفية للمجلس ويحول دون التمثيل الديمقراطي العادل لمكونات المجتمع المختلفة، ومن المنغصات أيضاً عدم رغبة قوى في السلطة التنفيذية في التعايش مع الدور الرقابي للهيئات المنتخبة، بما فيها البرلمان، لأنها استمرأت العمل على مدار عقود بدون أي شكل من أشكال الرقابة النيابية والشعبية.
* كثيرا ما تلقون باللائمة على حلفائكم داخل البرلمان، وتنتقدونها في أصعب المحطات متهمين إياها بالطائفية أو إنها تتفاعل مع الطرح الطائفي* ومع ذلك تطالبونها بالتنازل عن بعض الدوائر المغلقة لصالحكم أو لصالح القائمة الوطنية* فهل تجدون طرحكم منطقيا وأنتم أكثر من ينتقدها*
– العلاقة مع شركائنا في العمل السياسي قائمة على الصراحة والوضوح، تربطنا مع ‘الوفاق’ علاقة تعاون مثمرة وجيدة في مجالات مختلفة، ونحن حريصون على تطوير أوجه التعاون، وذلك لا يمنع من أن تكون هناك شفافية في انتقاد المواقف التي نراها غير صحيحة. نجاح ‘الوفاق’ في البرلمان يهمنا، ونريد لها أن تحقق مكاسب أكثر فذلك لمصلحة الوطن ومصلحة العمل السياسي في البلاد، ومصلحة الشراكة السياسية التي ناضلنا ونناضل من أجلها. حين نقول أن تركيبة المجلس الطائفية ليس هدفنا الإساءة للوفاق على الإطلاق، النظام الانتخابي الحالي الذي وضعته الدولة هو المسؤول عن هذه التركيبة وليس الوفاق، ومسؤولية ‘الوفاق’ كونها كبرى جمعيات المعارضة وكذلك مصلحتها تقتضي أن يكون معها حلفاء داخل المجلس، وفي تصريحاتنا المختلفة قلنا أن علينا أن نعتمد على أنفسنا وقدراتنا في المقام الأول وأن نطور وننمي نفوذنا، ففي قوة أي تنظيم قوة لجميع شركائه في العمل السياسي.
* ماذا قدمتم للمعارضة داخل البرلمان وأنتم تؤكدون أن العمل السياسي ليس حصرا على البرلمان* علما بأن الملفات العالقة ظلت عالقة وبقي الهم الأكبر تتحمله المعارضة داخل البرلمان*
– المنبر التقدمي بالذات قدم مجموعة كبيرة من الاقتراحات والمشاريع والملاحظات على التشريعات التي نظرها البرلمان: هناك مرئيات لنا حول قانون الجمعيات السياسية وقانون التجمعات وقانون الإرهاب وقانون الجنسية وقانون العمل وأقمنا ورشات عمل وحلقات بحث نوعية حول ذلك شارك فيها نواب وأعضاء في مجلس الشورى وممثلو الجمعيات. قدمنا رؤية متكاملة للنظام الانتخابي ورؤية متكاملة حول المجالس البلدية. وهناك وثيقة الإصلاح الدستوري التي رفعناها للجميع وهي رؤية شاملة لما نراه من تعديلات دستورية. كما أننا لم نتردد في تزويد النواب بما طلبوه من مرئيات واقتراحات كتلة النواب الديمقراطيين التي مثلتنا في مجلس .2002 كل هذه التصورات سلمت لمجلس النواب وللكتل المختلفة فيه، وبعضها سلم لمجلس الشورى أيضاً.
* ما هي رؤيتكم للقائمة الوطنية الموحدة* وكيف يمكن لها أن تكون واقعا في الانتخابات القادمة* أم هي أحلام وردية وتنظيرات ليس أكثر*
– هي ليست تنظيرات، وإنما رغبة وطنية مسؤولة تصب في صالح وحدة المعارضة والعمل الوطني المشترك. أما مدى إمكانية أن تتحول إلى واقع فلسنا وحدنا من يقرر ذلك.
* هل ما زلتم تنظرون إلى كتلتي المنبر والأصالة على أنهما كتلتي موالاة* وماذا تقصدون بأنهما كتل موالاة* وهل ترون إنهما سببا في التأزيمات النيابية والطائفية* أم أن هناك أطرافا آخرين يشتركون معهم في ذلك*
– هناك مصالح مشتركة تجمع الدولة بهاتين الكتلتين، لدى الدولة أسبابها ولدى تحالف الكتلتين أسبابه في التعاون القائم بينهما، وهي أسباب سوف تستمر في الأفق المنظور، لكن علينا أن ننبه أن لكتلتي المنبر والأصالة رؤاهما وأجندتهما الخاصة بهما أو بكل واحدة منهما. تحالفهما مع الدولة ليس مطلقاً أو مؤبداً، فالدولة هي الأخرى لها حساباتها ومصالحها. السياسة متحركة ويمكن أن تنشأ وقائع جديدة على الأرض تبدل الأمور. أما عن التأزيمات التي تحدث فإن قوى مختلفة في الدولة والمجتمع على حد سواء، لها مصلحة في ذلك، وفي تقديرنا أنه جرى تصميم الدوائر الانتخابية بطريقة تضمن مخرجات البرلمان الحالية، بما يشكل قاعدة للتأزيمات والتجاذبات الطائفية.
* هل ترى أن الشارع السياسي بدأ بالفعل يتململ من ممثليه الدينيين (التيار الإسلامي بشقيه) بصورة يمكن معها أن تتغير الخارطة البرلمانية المقبلة *
– نعم هناك تملل شعبي واسع وخيبة أمل كبيرة من أداء المجلس النيابي في الشارع.بالإمكان أن نسمع تعبيرات التململ والانزعاج في كل مكان، خاصة بعد الطريقة التي جرى بها إقرار تقاعد النواب، وسيكون لذلك تأثير على مسار الانتخابات المقبلة، لكن يجب التذكير بأن القوى المؤثرة في رسم الخريطة الانتخابية، كما كانت في العام 2006 لازالت تمسك بالمبادرة، وهي ستسعى لكي لا تكون هناك اختراقات للتشكيلة الحالية.
الخطاب السائد في الساحة هو خطاب مذهبي
* ما هو الخطاب الانتخابي الناجح في نظرك *
– الخطاب السائد في الساحة هو خطاب مذهبي، كل كتلة من الكتل الفاعلة تخاطب جمهور مذهبها أو طائفتها. لم يكن الباكر والشملان والعليوات وكمال الدين، ومثلهم لم يكن أحمد الذوادي وأحمد الشملان وعبدالرحمن النعيمي يفعلون ذلك، كانوا يخاطبون الشعب كله والوطن كله. نحن نفتقد مثل هذا الخطاب، ونفتقد أيضاً الخطاب الذي يركز على القضايا الحيوية والمعيشية للناس. هذا هو الخطاب الانتخابي والوطني الناجح في رأينا، والذي يجب توعية المواطنين به، ويجب العمل على حشدهم حوله.
نجاح الحوار يتوقف على إرادة الجميع.
* ما هي مستجدات الحوار الوطني* أم أن الحديث عنه بات حديث ترف* ومن المسؤول في نظرك عن عرقلة مثل هذه الحوارات الوطنية*
– بالنسبة لنا ولشركائنا في العمل السياسي الذين أيدوا مبادرتنا للحوار الوطني الشامل، فإن الحوار لم يكن ولن يكون ترفاً، فهو حاجة وضرورة إذا أردنا للعمل السياسي النجاح وللبلاد الاستقرار.
مبادرتنا للحوار الوطني أحدثت حراكاً وتفاعلاً، وترتبت عليها تحركات في الاتجاه الذي يخدم فكرة الحوار، التي التفت حولها قطاعات واسعة، وحظيت باهتمام سياسي وإعلامي واسع، لكن نجاح الحوار يتوقف على إرادة الجميع، وفي مقدمتهم الدولة. جلالة الملك قال انه مع الحوار وأن يكون للمجلس الوطني دور فيه، ونأمل أن يكون المجلس عند مستوى هذه المهمة، على أن يلاحظ أن قوى سياسية وميدانية مهمة وناشطة ليست ممثلة في المجلس وربما يكون لديها موقف منه، لكن الحوار لا يستقيم بدون مشاركتها. أما من يعيقون الحوار فهم كل من يفضلون الصفقات الثنائية والجانبية، ويخشون شمولية الحوار. والتفاهمات الجانبية قد تكون مطلوبة في بعض الحالات، لكنها ليست حواراً وطنياً شاملاً بالطريقة التي دعونا إليه في مبادرتنا.
* ما هي أبرز الملفات التي ترى من الأهمية بمكان لإنجاح أي حوار طرحها ومعالجاتها* وهل تعتقد أن القوى الأخرى سواء الموالية أو الحكومة ستقبل بحلحلة هذه الملفات والتي من شأنها أن تعطي للمعارضة رصيدا جيدا في الشارع السياسي وتقويتها*
– في مبادرتنا للحوار الوطني طرحنا عناوين الملفات التي يجب أن تكون موضوعاً للحوار الوطني الشامل وهي:التوافق حول التعديلات الدستورية المطلوبة، تطوير النظام الانتخابي، إلغاء أو تعديل التشريعات المقيدة للحريات، تسوية أوضاع ضحايا مرحلة قانون أمن الدولة، إعادة النظر في سياسة التجنيس المتبعة، النهوض بالأوضاع المعيشية للمواطنين، تكريس مبدأ المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات. هذه موضوعات وطنية عامة تعني المجتمع كله، وليس المعارضة وحدها، حتى الكتل التي توصف بالموالاة في مجلس النواب قالت لنا أنها توافق عليها أو على جزء كبير منها.
ورغــم بعــض الخــلافـــات تجمعنـــا عـــلاقـــة تاريخيــة مــع جمعيـــة ” وعــــد ”
قال الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي حسن مدن أنه ‘ورغم بعض الخلافات، تجمعنا علاقة تاريخية مع جمعية العمل الوطني الديمقراطي تعود إلى المسيرة الكفاحية المشتركة بين جبهة التحرير والجبهة الشعبية، وهناك أيضاً علاقات قديمة مع تيار التجمع القومي ما زالت مستمرة وتتطور. ومنذ نشوء التيارات الشيعية المعارضة في الثمانينات كانت هناك أوجه تعاون بينها وبين التنظيمات الديمقراطية. لعل إطار التنسيق السداسي اليوم، الذي تشكل الوفاق قوة رئيسية فيه، هو تعبير عن استمرارية هذه العلاقة لأنه يضم التيارات الديمقراطية والإسلامية الرئيسية. ومن خارج هذا الإطار تربطنا علاقات تعاون وتقارب في الرؤية السياسية تجاه الوضع الداخلي مع جمعية الوسط، ونسقنا سوية في بعض الملفات.’
وأضاف’أما عن الخلافات فأغلبها عائد لاختلاف مصادر التكوين الفكري للتنظيمات القائمة، نحن ننطلق من قاعدة يسارية وآخرون ينطلقون من قواعد قومية أو إسلامية. الخ، وهذا يترتب عليه تفاوت النظرة نحو بعض المسائل، وهذه ظاهرة طبيعية لا نجد فيها ما يضير، فالأصل في الأفكار هو التباين لا التماثل، لكن مشتركات العمل كثيرة وواسعة ويجب تطويرها’.
وحول انتقاداتهم الكثيرة لجمعية الوفاق فيما يتعلق بمرجعيتها وتتهمونها بالوقوف خلف مرجعيات دينية وأنها سبب في كثير من التراجعات في العمل السياسي لدى المعارضة* ألا تعتقدون أن من حق الجمعيات السياسية الدينية أن تعتز بمرجعياتها الدينية باعتبارها قوة تحفظ شارعها قال’ للمرجعيات الدينية كل التقدير والاحترام، لكننا سياسيون نحتكم إلى قواعد العمل السياسي، وهي قواعد دنيوية يجب أن لا نسيء للدين بالزج به فيها.
على الدولة أن تصغي لما تطالب به القوى السياسية والمجتمعية
ودعا مدن ‘ الدولة أن تصغي لما تطالب به القوى السياسية والمجتمعية من مطالب لتطوير وتعميق الإصلاحات السياسية وصون الحريات لعامة والحقوق الديمقراطية ومحاربة الفساد المالي والإداري وحماية المال العام من العبث به ووضع حدود فاصلة وصارمة بين المال العام والخاص، وتلبية حاجات المواطنين الحيوية في السكن والأجور وسواها. هناك حاجة لتوافقات حول تعديلات دستورية جوهرية، وحاجة لإصلاح النظام الانتخابي وتوزيع الدوائر، وإعادة النظر في القيود التي تنطوي عليها التشريعات النافذة، والكثير منها وضع في مرحلة قانون أمن الدولة ومشبع بروحها’.
وتابع ‘هناك حزمة من الملفات التي تتحرك عليها قوى المعارضة بحاجة لتجاوب جدي من الدولة في العمل على حلها بينها ملف التجنيس مثلاً الذي اضطرت الدولة نفسها للاعتراف بمخاطره الأمنية والاجتماعية، كما يفهم من تصريحات وزير الداخلية أثناء زيارته الأخيرة لمبنى الهجرة والجوازات، حيث تحدث عن ضرورة مراجعة سياسة التجنيس المتبعة على ضوء المعطيات الأمنية، وهذا دليل على مخاطر هذه السياسة ليس فقط على الصعيد المجتمعي وإنما أيضاً على أمن الدولة ذاتها، لأن البيئات التي يأتي منها الكثير من المجنسين هي بيئات مفرخة لأفكار التطرف والعنف.’
الوقت – فاضل عنان
4 أكتوبر 2009
المكافآت وضريبة المعاملات المالية مرة أخرى
كتبنا في هذه الزاوية إبان اندلاع الأزمة المالية/الاقتصادية العالمية في سبتمبر من العام الماضي، أن ‘حليمة سرعان ما ستعود إلى عادتها القديمة’ ما أن تعود الأوضاع إلى نصابها في الأسواق. وكان الحديث يدور حول الرأسمال النقدي الذي أطاح بمضارباته وببدعه وفهلويته التي أحالت الأسواق إلى ‘كازينوهات’ عالمية مفتوحة على مدار الساعة يتم فيها اللعب بالبيضة والحجر وبجشع لا يحده حدود، ومكافآت مالية مسيلة للعاب تُصرف لمديري المحافظ في البنوك الاستثمارية (والتجارية إلى حد ما) والمؤسسات المالية الأخرى لتحفيزهم على مزيد من ‘الابتكار’ للأصول الصورية ذات الأرقام الفلكية. وهذا مـا حصـل بالفعـل، فسـرعان ما عـادت ‘رأسـمالية الكازينو’ (Casino Capitalism) إلى ممارسة عادتها القديمة، حيث عادت الأرباح المتضخمة والمكافآت (Bonuses) الفاحشة لتسجل أرقاماً جديدة لدى عدد من المصارف والشركات التي تم إنقاذها بأموال دافعي الضرائب في أمريكا وأوروبا.
فكان لابد وأن يستدعي هذا الاستهتار بالمال العام وبالاستقرار الاقتصادي الحافظ للتوازنات الاجتماعية، غضباً وسخطاً أجبرا السلطات الحاكمة في دول المركز الرأسمالي - صاحبة ‘الريادة’ في هذه الخروقات - على سن تشريعات تضبط حركة رأس المال المضارب (بكسر الراء)، ومنها الاقتراح بفرض ضريبة على الاتجار في الأوراق المالية. وذهب بعض الحكومات والأحزاب الأوروبية، لاسيما الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية، لحد المطالبة بفرض ضريبة عالمية على كافة العمليات المالية الدولية للجم الفوائض المالية وضبط حركتها عبر الأسواق والتسبب في الأزمات، واستخدام حصيلة هذه الضريبة في تغطية تكاليف العجوزات المالية التي سببتها الأزمة المالية العالمية. وكان جيمس توبين (James Tobin) الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام ,1972 أول من دعا لفكرة فرض ضريبة على عمليات التحويلات المالية الأجنبية. إلا أن مقترحه قوبل آنذاك بمعارضة وانتقادات شديدة من قبل كبار الرأسماليين في العالم وأوساطهم الإعلامية النافذة.
ولكن الوضع الآن مختلف، فلقد تسبب هؤلاء بعبثهم واستهتارهم المضارباتي في أكبر أزمة مالية/اقتصادية يتعرض لها الاقتصاد العالمي منذ أزمة الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، فاحت خلالها فضائح المكافآت المالية الضخمة لكبار مسؤولي المؤسسات المالية، وارتفع بعدها الجدل بشأن وضع حد لهذا العبث، إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث. ولذا جاءت القمة الثالثة لمجموعة العشرين التي عقدت في مدينة بيتسبيرغ بولاية بنسلفانيا الأمريكية يوم الجمعة 25 سبتمبر الماضي لتجدد الضغط باتجاه وضع حد لهذا التلاعب. ومع ذلك وقفت الولايات المتحدة ضد المقترحات الفرنسية والألمانية بهذا الصدد والداعية لحصر نسبة المكافآت المالية لكبار المصرفيين والماليين في الأرباح الصافية فقط دون غيرها من مسميات الأرباح الإجمالية المبتدعة بهدف تعظيم مبالغ تلك المكافآت من قبيل الأرباح على الأصول المباعة ونحوها. فيما يتعلق باقتراح فرض ضريبة على العمليات المالية الحادثة في أسواق المال العالمية، فانه ورغم مرور 37 سنة على اقتراح جيمس توبين بشأنها، فإنها لازالت تلقى نفس المقاومة من جانب أصحاب الرساميل من المستثمرين وأجهزة الميديا المعبرة عن مصالحهم. فهؤلاء يدفعون بأن من شأن فرض هذه الضريبة التأثير سلباً على السيولة في أسواق المال، بمعنى أنها ستحد من عمليات التداول لغرض التسييل تجنباً للضريبة ما يجعل أسعار الأصول عرضة للتقلبات.
كما يدفعون بأنها ستؤدي إلى تحايل المستثمرين عليها بأساليب ملتوية، كما يحدث في حالة بريطانيا حيث يتجه المستمثر للمشتقات (Derivatives) التي لا ينظمها القانون عوضاً عن الأسهم لتفادي دفع رسوم الطوابع المفروضة على مشتريات الأسهم منذ عصر الكينزية (أربعينيات القرن الماضي)، أو هروب رؤوس الأموال إلى بلدان لا تفرض ضريبة أسهم كما حدث في السويد التي كانت فرضت ضريبة على مشتريات الأسهم سرعان ما تخلت عنها في عام 1991 عندما اكتشفت تهرب رؤوس الأموال السويدية منها عن طريق حجز طلباتهم لشراء الأسهم في الخارج. ولكن ماذا لو تم فرض هذه الضريبة عالمياً بقرار من المنتدى العالمي الاقتصادي الأول الآن وهو مجموعة العشرين، بحيث تصبح ملزمة لجميع الأسواق؟
هذا طبعاً سيحل مشكلة هروب الرساميل إلى ‘الواحات والجنات الضريبية’ وتهربها بطرق ملتوية للتحايل على قانون الضريبة. كما أنها ستقلل من إيقاعات تشكل الفقاعات في الأسواق. إنه بالتأكيد ليس الحل الأمثل لإحدى المشاكل التي ساهمت في الأزمة، ناهيك عن المحاذير الاقتصادية التي ينطوي عليها فيما يتعلق بالسيولة ومعدلات نمو التجارة. ولكنه يمكن أن يشكل عنصراً مهماً ضمن حزمة إصلاحات للأسواق المنفلتة والخارجة على الحد الأدنى الرأسمالي من الضوابط.
صحيفة الوطن
4 اكتوبر 2009
الصين بعد 60 عاما من الاشتراكية
احتفلت جمهورية الصين الشعبية، أول دولة اشتراكية عظمى في آسيا وفي تاريخ العالم الثالث المعاصر، احتفلت مؤخرا بالذكرى الستين لتأسيسها، ويعد الحفل الذي اقيم في ساحتها الاشهر “تيانا آنمين” هو الاضخم تاريخيا مقارنة بكل العروض والاحتفالات التي اجريت في هذه الساحة على مدى ستة عقود في مثل هذه المناسبة، ولم يكن الاستعراض العسكري الذي جرى مجرد استعراض بروتوكولي بل يرمز الى ما وصلت إليه الصين من تطور في المجالات الصناعية والتقنية والتكنولوجية.
فقد تضمن الاستعراض الذي بثته قناة الصين العربية عرض 52 نوعا جديدا من معداتها الحربية، وظهر جنود الصواريخ الاستراتيجية النووية أول مرة في هذا العرض العسكري الكبير، وحلقت في السماء 151 طائرة صينية الصنع تحمل ذخيرة حية مستعرضة مهاراتها وفنونها التحليقية ومن ضمنها طائرة الانذار المبكر “كونج جينج -2000”.
ولم تكن جمهورية الصين تملك غداة تأسيسها سوى 17 طائرة غير صينية الصنع، كما اشتمل العرض الذي حضره زهاء 200 ألف من المدنيين والعسكريين على احدث الدبابات، ومركبات مدرعة، وصواريخ، هذا عدا العروض الفنية الاخرى.
المستوى من التطور الذي حققته هذه الدولة الاشتراكية الآسيوية العظمى وهي واحدة من اكبر دول العالم مساحة والاعظم سكانا (مليار وثلاثمائة وخمسون مليون نسمة) عبر عنه قائدها جين تاو في الحفل بالقول ما مفاده: ان التنمية والتقدم اللذين شهدتهما الصين الجديدة طوال الستة العقود الماضية انما يبرهان على صحة الخيار الاشتراكي الماركسي في إطار الاصلاح والانفتاح والتجديد الذي جرى على ايدي ثلاثة أجيال من قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم، بدءا من الزعيم ماوتسي تونج مؤسس الجمهورية، ومرورا بتينج هسياو بنج ووصولا إلى جيانج تسرمين وهو جين تاو، ويعد هذا الاخير الاكثر جرأة في الانفتاح بين اسلافه قادة الانفتاح والاصلاح الذين جاءوا بعد رحيل مؤسس الحزب والجمهورية الزعيم الراحل ماوتسي تونج.
وبفضل هذا النهج الاصلاحي الاقتصادي والسياسي الذي سارت عليه الصين بخطى ثابتة منذ نحو 30 عاما اضحت اليوم البلد الأول في العالم من حيث حجم احتياطي الذهب والعملة الصعبة، وواحدة من أكثر بلدان العالم تكيفا مع الازمة الاقتصادية العالمية والاقل تضررا منها، وذلك بفضل ما حققته الصين من وتائر نمو متعاقبة خلال العقدين الماضيين.
ويمكن القول إن الآليات العسكرية البالغة التطور التي ظهرت خلال العرض العسكري انما تعكس في الوقت ذاته ما بلغته الصين من تنام ملحوظ في قدراتها العسكرية، وهو تنام تحقق بفضل المخصصات الهائلة التي تم رصدها للميزانية العسكرية، إذ تشير تقارير مستقلة إلى انها بلغت هذا العام 13% من إجمالي الميزانية العامة للجمهورية بما يعادل 69 مليار دولار أمريكي، علما بأن الناتج الإجمالي وصل في عام 2008م إلى 4390 مليار دولار.
ومما لا يخلو من مغزى على هذا التنامي المتسارع في القدرات العسكرية الصينية القلق الذي ابدته الولايات المتحدة منه، حتى ان مدير الاستخبارات الامريكية دنيس بلير وصف الصين بأنها باتت تهدد بلاده نظرا إلى ما وصلت إليه من تطور تقني الكتروني غير مسبوق في المجالين العسكري والفضائي.
وعلى الرغم من كل ما حققته الصين من انجازات هائلة في المجالات التنموية والاقتصادية والعلمية ظلت تلفت انظار العالم منذ نحو عقدين باعجاب، إلا أن ما يسجل للقيادة الصينية تواضعها في النظرة إلى ما تحقق، كما لمس ذلك كاتب هذه السطور بنفسه في لقاءاته مع كبار القادة في الصين التي سبق ان تناولناها في سلسلة من المقالات، والأهم من ذلك كما جاء على لسان الرئيس الحالي “هو جين تاو” في عشية الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس الجمهورية: “ان الصين مازالت دولة نامية تواجه طريقا طويلا من اجل تحقيق الاحياء العظيم الذي يحتاج إلى جهود مضنية من الشعب الصيني برمته”.
لكن هذه الرؤية الواقعية المتواضعة لما حققته التجربة الصينية من نجاحات تنموية لا ينبغي ان تتجاهلها دول العالم الثالث بوجه عام ودولنا العربية بوجه خاص وذلك للاستفادة من نموذج تجربتها في التنمية والاصلاح والتجديد وفق الظروف والخصائص الملموسة لكل دولة ايا يكن نظامها السياسي وبضمنها مملكتنا التي تربطها بالصين علاقات وشيجة في مختلف المجالات منذ 20 عاما وشهدت قفزات من التطور ولاسيما في المجال التجاري حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 12 مليون دولار عام 1989م، سنة إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلى 780 مليون دولار عام 2008م.
ويبقى السؤال المشروع اخيرا: هل كان بوسع الصين ذات المليار ونيف نسمة ان تحقق هذه المنحزات التنموية والصناعية العظيمة التي تمت في ظل حد ادنى معقول من العدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي لو لم تنتهج وتتبنى النظام الاشتراكي وان تطور تطبيقه على افق انفتاحية واقعية عصرية محسوبة؟
وهل كان بإمكان الصين ذات الاغلبية الفلاحية والتضخم السكاني الهائل الأول في العالم ان تحقق ما حققته من منجزات لو انتهجت الخيار الرأسمالي من دون ان تقع في سلسلة متوالية مستديمة من القلاقل والعواصف الاجتماعية التي من شأنها تقويض أي منجزات متحققة وتوقف عجلة التنمية؟
صحيفة اخبار الخليج
4 اكتوبر 2009
دلالات أفكار عبدالكريم سروش (3 – 4)
تقود الثورات دائماً الوعي إلى تبدل مقولاته وأفكاره، ويعتمد هذا على مسار هذه الثورات، وطبيعة البناء الاقتصادي الذي تظهر فيه، وحين تبدأ الثورة الإيرانية تتعقلُ التاريخين القديم والحديث، إنما هي تبحث مصيرها الراهن وخطواتها المستقبلية بين فرقاء مختلفين، كلٌ منهم له نظرته عن المستقبل، وله رؤيته عن الماضي، ويتشبث بها، لكونها امتزجت بمصالحه ومكانته في الامتيازات الاجتماعية الجديدة. وهو يلغي هذا الطابع الاجتماعي الملموس الذي يعريه ويتشبثُ بطابع فكري مجرد يربطه بالمقدس.
وكل مفك – داخل هذا السياق – ينطلق من لغته التعبيرية الفكرية، داخل هذه الثورة ومصالحها وتحولاتها، وعبدالكريم سروش اختار أن ينمو بالثورة نحو آفاق جديدة، يدرك أنها خصبة للأمة الفارسية داخل تراثها الإسلامي، ولابد له من مناقشة مرجعياتها القديمة، وإضفاء سمات جديدة لها، كي تنتقل للمرحلة الجديدة المنتظرة.
وفي حين يتشبث البعض بالامتيازات والمقاعد العليا السياسية الاجتماعية، يختار البعض الأقل سبل التضحية، اقتداء برموز الديانة، وهذا ما حدث لعبدالكريم الذي رأيناه داخل صفوف الدينيين يشارك في قمع الإيرانيين اللادينيين والديمقراطيين، في مجالِ الجامعة والثقافة، يتحول هو نفسه إلى مضطهد ومقموعٍ في العالم الشمولي الذي كان من بناته، ومن ثم إلى مطارد ومنفي! وبعد هذا إلى كافر ومرتد في نظر المؤسسة الدينية السياسية!
ثقافته كانت واسعة، وعادة تلعب الصوفية لدى المثقفين الفرس حيزاً كبيراً، وهو حين ذهب إلى الدراسة في الغرب كانت عدته المراجع الدينية الإسلامية المختلفة، وخاصة الصوفية الفارسية ذات التاريخ الشعري الهائل.
كانت الاثناعشرية عبر الصوفية تتخلى عن الجمود وتتحدُ بالأمم الإسلامية وآفاق الحرية الغامضة في العصر الوسيط، وتجمع بين العقلانية والإشراقية، بين النقد الاجتماعي القاسي للأغنياء والامتيازات وبين التدين الشعبي المضحي البسيط. ومن هنا وسع سروش أهمية الصوفية في الواقع الإيراني الراهن باعتبارها لغة تسامح وأممية إسلامية وأممية إنسانية، وضم كل المذاهب الإسلامية في غرفة الوحدة الكونية، من دون أن يجعل أي مذهب إسلامي له السيطرة وتذويب المذاهب الأخرى، ولكن هذا الفكري التوحيدي خلا من البرنامج السياسي التوحيدي، فبقي في الخيال.
هذا جزء من نظر متقدم في حراك (الطبقة) الوسطى الصاعدة في المجتمع الإيراني وهي تشكل سوقاً وطنية واسعة، وهي تكوّن مجتمعاً وطنياً ذا مركزية شديدة من قبل التقليديين.
ولكن مستوى تطور الفئات الوسطى التي تتكون منها ومستوياتها الاقتصادية والمعرفية والاجتماعية تجعلها عاجزة عن التوحد كطبقة، أي أنها تتضارب بين فئاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية، بين قواها الريفية المسيطرة وقواها المدنية المتقدمة المحدودة، انها أجنحة متباعدة بسبب مستوى تطور قوى الإنتاج الراهن التصنيعي الأولي.
ويعبر مستوى وعي سروش عن هذه التناقضات ومحاولة القفزة التي تنمو داخل الثياب الدينية الشمولية. فايديولوجية(القبض والبسط) لها جذور في التعبير القرآني (واللهُ يقبضُ ويبسط)، وفي الأدب الإسلامي كان ذلك استلهاما لقول الجنيد (الخوف من الله يقبضني والرجاءُ منه يبسطني)، ويتسق ذلك مع الوضعية أو الكانطية عبر رؤية الجزئي الملموس، في نموذج اليد وحركتِها الجزئية، وليس حركة المجتمع وقوانينها العامة، وهذا يتحولُ في درسِ الحدثِ الإسلامي التأسيسي، ورؤيته إلى ظاهرٍ سطحي غالباً، وفصله عن جوهر الدين، فهناك ظاهر وباطن، وهي عودة للصوفية والتيارات الباطنية بأدوات البحث الغربية للطبقة البرجوازية الألمانية في القرن الـ 19 خاصة، وقد وصلت للحكم، وراحت تصارع العاملين، في موقف مغاير للفئات الوسطى الإيرانية التي تصارعُ الإقطاعَ ومخلفاته من دون أن تتحد بقوة مع العاملين.
(ويحاول سروش أن يطبق هذا المنهج على النص القرآني، معتبرًا اللغة العربية والثقافة العربية السائدة حين نزول الوحي هي المظاهر العَرَضية أو الأشكال الظاهرة التي يؤدى عِبْرَها المعنى الجوهري. وهاتان اللغة والثقافة العربيتان تتجليان في استخدام مألوفات العرب وعاداتهم. فعلى سبيل المثال، يذكر القرآن نساء الجنة بأنهن “حور”، أي سوداوات العيون ولسن زرقاوات العيون، وأنهن يسكن في خيام: “حُورٌ مقصوراتٌ في الخيام” (سورة الرحمن 72). ويوصي الناس إلى النظر إلى الإبل وخلقتها: “أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلِقَت” “سورة الغاشية 17”. ويعتمدُ القرآن التقويم القمري، ويتحدث عن إيلاف قريش ورحلاتِها الصيفية والشتوية، ويحكي عن أبي لهب، ويذكر الدواب التي يعرفها العرب، كالخيل والإبل والحمير إلخ – كلها دلائل على أن اللون العربي والرائحة العربية والخلق والعنف والتقاليد والعادات والبيئة والمعيشة العربية أحاطت بالنواة المركزية للفكر الإسلامي)، (عرض: وجيه كوثراني).
إن الجوهري هنا ليس كون التحول تم في بيئة بدوية بمواصفات محدودة، بل هو قيام فئة وسطى بتشكيل ثورة منها، ستغدو صانعة ومقياساً لتحولات قادمة ونموذجاً للحرية، مستخدمة ما هو متوافر من مواد لغوية وقصصية وأدبية وقانونية الخ.. لكن هذه القيادة تمت بالتحام مع العبيد والفقراء، وهو الأمر الذي شكل عملية التصنيع التاريخية وغدت أمثولة تأسيسية للمسلمين.
إن تقسيم اللحظة النموذجية الإسلامية إلى ظاهر وباطن، إلى سطح متغير وجوهر باق، هو ما تعبت في نسجه وتكراره الحركاتُ الباطنية والتأويلية في الثقافة العربية الإسلامية التقليدية فلا جديد هنا، لكن ما أضافه عبدالكريم هو أن المادة الجديدة التي كانت قادمة من أثينا عبر أفلاطون وأرسطو، تصير هنا قادمة من أدوات منهجية غربية ألمانية بمواصفات معينة، تظل تراوح في ثنائيةِ الظاهر والباطن، والمتغير والثابت، (هناك الدين اللامتغير وهنا الفلسفات المتغيرة الوافدة المفيدة في زحزحة الجمود في ذلك الدين). وقد سبق كذلك أن قام بها قبلاً مثقفو مصر والمغرب واستقوا المصادر نفسها بلغات تعبيرية مختلفة وأنتجوا العجز الاجتماعي نفسه. وكان بعضهم يرفض الشيء في ذاته، لأن مستوى فئاته الوسطى أكثر تقدماً من الفئات الوسطى الإيرانية المحبوسة في عالم الإقطاع.
صحيفة اخبار الخليج
4 اكتوبر 2009
خيارنا الوطني في يوم الديمقراطية العالمي!
في زحمة ما يعتري مجتمعاتنا النامية من تأزمات سياسية واجتماعية، تظل تشاغلنا إلى ما لا نهاية، لتغيب معها ابسط الممارسات الديمقراطية حيث تتفشى صور شتى لحالات الفقر والبطالة والحرمان وانعدام ابسط صور العدالة الاجتماعية في عالم بات لا يعطي اهتماما واكتراثا لأهمية وجودها، فقد تضاءلت فرص تحقيق نجاحات على المستوى العالمي بالنسبة لأهداف الألفية التي سبق أن توافقت عليها مجموعة الدول المنضوية تحت راية الأمم المتحدة بحلول العام 2015، وسط زحمة ما يجري ويدور عالميا، فقد مر اليوم العالمي للديمقراطية مرورا باهتا على مجتمعاتنا العطشى لنسائم الديمقراطية، دون أن تبدي أية مظاهر أو مطالبات إلا ما ندر. بالنسبة لنا في البحرين يظل طبيعيا أن تستمر مطالب تعزيز الممارسة الديمقراطية على المستوى الشعبي، خاصة وأن بلادنا تعيش لأكثر من ثماني سنوات فترة تحولات على طريق الديمقراطية، حيث تصنف غالبية التقارير الدولية الرصينة البحرين ضمن الدول السائرة على طريق الديمقراطية، وهذا وضع يمكن تطويره واستثماره على أكثر من صعيد ومستوى، بل أن شروط مسايرة الأوضاع السياسية العالمية والاستفادة من مناخاتها المواتية تحتم ضرورة توظيف ما هو قائم والبناء عليه لتضييق الهوة بين الشعار والتطبيق، وقد نجحت البحرين كما أخفقت مرارا، وهذا أمر طبيعي، لكن ما هو غير طبيعي ومقبول أن تستمر حالة المراوحة طويلا، فما زالت بعض التشريعات المعيقة للحريات كقوانين الصحافة والنشر والتجمعات والجمعيات السياسية وغياب قانون للأحزاب وحضر العمل النقابي في المؤسسات الحكومية، تظل إعاقات حقيقية لا يمكن أن تستمر معها عملية الإصلاح والتحديث السياسي التي بشر بها ميثاق عملنا الوطني من دون خلق حالة من التوافق المجتمعي حولها، وهذا الأمر لن يتأتَ من دون خلق آلية فاعلة للحوار الشامل حول كل ما يمكن أن يعيق عجلة الإصلاح التي هي جوهر عملية التنمية، وهي آلية تكمن فيها مصالح مختلف القوى المجتمعية وكذلك السلطة، ليتم من خلالها تذليل ما يمكن أن يعترضنا من إعاقات، عبر نضج ورشد سياسيين نزعم أن بإمكاننا بلوغهما، طالما توافرت الإرادة الحقيقية للتغيير، والتي أثبتت تجربة الأعوام الثمانية الماضية أنها خلقت أوضاعا إيجابية قابلة للتطوير والاستثمار. وفي هذا الإطار، ليس عيبا أن تتم الاستفادة مما تقدمه مختلف التقارير الدولية من نقد لأوجه القصور بالنسبة لأوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فشروط العولمة لن توفر للجميع متسعا من الوقت والجهود لتأجيل استحقاقاتها، وها هي الاتفاقيات العالمية التي دخلنا فيها طرفا مثل اتفاقيات التجارة الحرة وتبادل الاستثمارات والاتفاقيات الدولية حول العمل النقابي وحرية انتقال العمالة وإلغاء كافة مظاهر التمييز على أساس الجنس واللغة واللون والمعتقد، وقوانين حرية النشر والتعبير وغيرها الكثير، تفرض علينا وعلى الآخرين شروطا لا يمكن تأجيلها على الدوام، وإلا كنا في موضع النقد والمساءلة عالميا، فما جدوى التأجيل ونحن نشهد تلك التحولات الجارفة من حولنا. ما تحتاجه البحرين في اليوم العالمي للديمقراطية للعبور بسلام نحو ضفاف تكون فيها أكثر أمنا واستقرارا وازدهارا هو مزيد من الحوار بين مختلف مكوناتها، وأن تحتكم مختلف القوى التي آمنت بالعمل السلمي منذ التصويت على ميثاق العمل الوطني للحوار الوطني الصبور المتدرج حول كل قضايانا، وهي قضايا ليست بعصية على الحل وبالإمكان تحقيق نجاحات فيها، شريطة أن تلتقي النوايا بالأفعال لدى الجميع. تلك حقيقة أكدتها العديد من التقارير ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر تقرير مجلة “الايكونوميست” الأخير ومؤشر “بيرتلسمان” للتحول الديمقراطي الذي أكد على قدرة البحرين على تحقيق إنجازات مهمة في مسألة التحول الديمقراطي من خلال محاور ثلاثة رئيسة أولها إعادة النظر في بعض التشريعات المعيقة للحريات والسير باتجاه الحوار الشامل الذي يكفل تحقيق نجاحات في القضايا المعلقة منذ زمن، حيث إن إهمالها يعني إضاعة الكثير من الحقوق. في اليوم العالمي للديمقراطية نحتاج أن نبرهن مجددا لشعبنا وللعالم من حولنا على قدرتنا كشعب ودولة على اجتراح الحلول الناجعة لتطوير مسارنا الديمقراطي، بحيث تغدو قوى المجتمع الحقيقية شريكا أساسيا في صناعة قرارنا الوطني ضمن خارطة طريق واضحة وجلية المعالم.
صحيفة الايام
4 اكتوبر 2009
فقرات ختامية عن نور حسين
أولاً: نتوجه بالشكر والتقدير لسعادة وزير التربية والتعليم الأخ الدكتورماجد النعيمي، وكذلك للأخ الدكتور إبراهيم جناحي رئيس جامعة البحرين لتفاعلهما الايجابي مع قضية الناشطة الطلابية نور حسين مسؤولة قائمة الوحدة الطلابية بالجامعة، ولأنهما دفعا القضية في اتجاه الحل، رغم معرفتنا بأن من ورطوا الجامعة بالقرار التعسفي ضد نور لم يكونوا يرغبون في ذلك، ولا يريدون أن يصدقوا أن أموراً كثيرة قد تغيرت في البحرين، وأن بحرين اليوم ليست هي البحرين التي كانت في مرحلة قانون أمن الدولة.
ثانيا، كنا نتمنى لو أن مجلس الجامعة وهو يتعاطى مع قضية نور التي شغلت المجتمع خلال الأسابيع القليلة الماضية، قد جنح نحو إلغاء فكرة العقوبة ضدها من الأساس، ولم يكتف بتخفيفها من إلغاء تسجيلها في مقرر دراسي سبق أن اجتازته وبتفوق، إلى الإنذار النهائي، لأن الاعتراف بالخطأ فضيلة، وعلى خلاف ما يظن البعض فان مجلس الجامعة كان سيكبر في عيون المجتمع أكثر لو انه أقدم على هذه الخطوة الشجاعة، مع ذلك نقول شكراً لأن القرار المتخذ أنقذ نور من أعباء إعادة الفصل الدراسي الملغي، ووفر عليها وعلى عائلتها ضغوطاً نفسية كان يجب ألا تكون أصلاً، لو لم يتخذ القرار.
ثالثا: كنا نتمنى لو أن مجلس الجامعة لم يوزع البيان الصحافي الذي أصدره حول تخفيف العقوبة ضد نور، والذي قال فيه انه اتخذ قراره بعيداً عن المطالبات الواسعة، في الصحافة وفي المجتمع، فالأجدر أن يقال بأن مجلس الجامعة اتخذ قراره حرصاً على مصلحة طالبة مجتهدة ونشطة من طالبات الجامعة، وتفاعلاً ايجابياً مع ما عبرت عنه الفعاليات السياسية والمجتمعية والصحافية من مناشدات ومطالبات بإعادة النظر في القرار، تعبيراً عن حرص إدارة الجامعة في التواصل مع المجتمع بكافة أطيافه.
رابعا: كنا نتمنى لو أن مجلس إدارة الجامعة نأى كلية في بيانه المذكور بخصوص تخفيف العقوبة عن استخدام مفردات غير لائقة بحق من طالبوا بإعادة النظر في القرار من إعلاميين وسياسيين ونواب ومنظمات طلابية وشبابية، خاصة تلك المفردات التي تتحدث عن أجندات خاصة للجمعيات السياسية.
أجندتنا، أيها الدكاترة الأفاضل، هي أجندة الوطن والحريات الديمقراطية والنقابية، أجندة التمسك بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك والدفاع عن المكتسبات التي جاء بها هذا المشروع والسعي لتعميقها وتطويرها والبناء عليها، وإزالة ما يعوقها من تشريعات وأنظمة ولوائح وتدابير على شاكلة التدبير الذي أتخذ ضد نور حسين.
وهذه الأجندة معلنة وواضحة ونجاهر بها صباحاً ومساء، ولن تثنينا عنها التهويلات المغرضة التي جعلت من قضية عادلة ومشروعة لطالبة نشطة تدافع عن حقوق الطلبة ذريعة للهجوم على المناضلين من أجل الحق والعدالة والديمقراطية.
خامسا: نتوجه بالتهنئة وبالتقدير لابنتنا ورفيقتنا الشابة نور حسين لأنها جعلت من قضية حرية العمل النقابي في الجامعة قضية المجتمع، ولأنها فتحت الأعين على ما يعتري اللوائح المعمول بها في الجامعة من قيود على حرية العمل النقابي، مخالفة لروح ميثاق العمل الوطني والدستور ومبدأ الشراكة السياسية بين المجتمع والجهات الرسمية.
لقد أظهرت نور طوال فترة الأزمة من الهدوء ورباطة الجأش والتمسك بعدالة قضيتها ما يجعلنا نفخر بها وبزملائها وزميلاتها الشباب العاملين في صفوف منبرنا التقدمي وحركتنا الديمقراطية.