المنشور

«لوين رايحين؟!»

قديماً وحديثاً قيل: ثلاثة أشياء لا يمكن أن تخفيها: ‘’الكحة.. الفقر والحب’’، فلنترك ‘’الحب’’ ونتغزل في ‘’الكحة والفقر’’، ثم ندندن مع السيدة فيروز: ‘’ليش بنتلفت خايفين؟!’’. فالفقر قال فيه الإمام علي (ع) لابنه محمد بن الحنفية: ‘’يا بُني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بالله منه، فإن الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل داعية للمقت’’..
أما الكحة، أو السعال ذكر فيه/ فيها، الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي في مطلع رائعته ‘’مُذَلّون مُهانون’’ شيئاً غريباً مرتبطاً بالفقر وتوابعه أيضاً بقوله: ‘’كنت قد قضيت النهار كله متجولاً في المدينة أبحث عن شقة أستأجرها. فقد كانت شقتي القديمة رطبة جداً، وقد كنت في ذلك الوقت قد بدأت أسعل سعالاً شديداً. كنت منذ الخريف أود أن أترك هذه الشقة، إلا أنني سوفت حتى الربيع. انقضى النهار دون أن أجد ما يرضيني. فقد كنت أريد أولاً أن تكون الشقة ليس من الباطن؛ بل من صاحب البيت، وثانياً كان يمكن أن أكتفي بغرفة، ولكن لابد أن تكون الغرفة واسعة (وكان لابد طبعاً أن يكون أجرها زهيداً)، فقد لاحظت أن الغرفة الصغيرة تضيق الخناق على الأفكار نفسها، وكنت أحب دائماً، حين أفكر فيما سأكتب من قصص، أن أسير جيئة وذهاباً’’. (ص11).

****
في كل البلدان فوارق طبقية واجتماعية: هناك فقر عند الغالبية وغنى للأقلية، إيمان وإلحاد، وما إلى ذلك من ‘’مجمع النقيضين’’، غير أنهم كلهم تفضحهم ‘’كحتهم وفقرهم’’، لكن المصيبة الأعظم، كلهم يدّعون ‘’الغنى والصحة والعافية’’، إلا ما نذر تجده فقط في كتب الفلاسفة وأصحاب الفكر الحر، يعني على الورق.. فالأنظمة باتجاهاتها المختلفة، جلها متشابهة لمسمى واحد، وتملك وجهين لمعطى واحد، ويجمعهم ادعاء واحد أيضاً، وهو فرط المبالغة في بلوغ ‘’العدالة الاجتماعية’’، أو التوجه صوبها، وفي الحقيقة لا توجد على الخريطة في الواقع حتى ‘’قرية صغيرة’’ مثالية، ولكن لماذا عندما توجه رؤية مختلفة لسياسات دولة في مسألتي ‘’الكحة والفقر’’، تقوم القائمة ولا تقعد، ويخرج علينا من يقول إنه لم يسمع ‘’سعلة واحدة’’، ولم ير فقيراً واحدا في هذا البلد الذي ينتمي إليه عقائدياً؟
أسارع وأبدأ بأصحابي اليساريين، وأنا من بينهم، حيث كنا من فرط ‘’غشاوة’’ حبنا للمنظومة الاشتراكية ‘’وفي طليعتها الاتحاد السوفيتي’’، لم نر فيها باطلاً، لا من فوقها ولا من تحتها، ولا من يلف لفها.. لا فقر، لا أمراض اجتماعية، لا قمع سياسي أو وحشية سياسية، وطبعاً ولا ‘’كحة’’، ولا أحد منا يسأل لماذا يبنون هناك مستشفيات، مادام هناك لا يوجد مرضى، أو لماذا يبنون سجونا، أو لماذا يعتقلون الناس ما دام هناك لا يوجد مختلفون ومعارضون؟؟!
ربما، من فرط إيماننا بالاشتراكية كمنقذ للبشرية جمعاء، اعتبرنا القيادات في أحزابها الحاكمة رسلنا الذين لا يخطئون، حتى قبل أن يقتل الاشتراكية أكثر من سبب!!.
الشيء ذاته يتكرر الآن، أو مثيله عند الإسلامويين السياسيين، وأبرز نموذج على ذلك ما يحدث في جمهورية إيران الإسلامية من قصص وروايات مروعة بعد فضيحة سجن ‘’كهريزك’’ الذي أمر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بإغلاقه، لأنه لا يتفق والمعايير الإنسانية و’’الأخلاقية’’، وهنا تسجل للمرشد الأعلى دون سواه بادرته بإغلاقه، لكنه إلى الآن لم يغلق ملفه الأسود الذي تتفاعل تداعياته في إيران وخارج إيران، بين نفي وتأكيد، لما روته ‘’أسرة ترانه موسوي، الفتاة التي اعتقلت خلال التظاهرات وتسلمت والدتها جثتها المشوهة بعد أسبوعين وتبيّن وفق نشرة ‘’الموجز’’ الشهرية، المتخصصة في الشؤون الإيرانية: ‘’أنها تعرضت لاغتصاب وحشي عدة مرات’’، وكذلك تصريحات السيدة بروين أعرابي، والدة سهراب أعرابي البالغ من العمر 19 عاماً الذي قتل في السجن أيضاً.
مشكلة المشاكل، أن ‘’العقائديين’’ المصدومين لهذه القصص المروعة، لا يصدقون أن ذلك يحدث في إيران الذي أثار رئيسها محمود أحمدي نجاد زوبعة بتصريحاته في 5 ـ 5 ـ ,2008 في خطاب أمام طلاب الفقه نقله تلفزيون الدولة، عن إدارة ‘’المهدي المنتظر’’ لشؤون إيران، وقال إن ‘’القوى العظمى مذهولة. هل تصدقون أن تصبح إيران قوة نووية هكذا؟ نحن نرى في ذلك اليد المدبرة للإمام الغائب’’.
 
صحيفة الوقت
14 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

ستة نماذج من روّاد الحضارة العربية

لعب السريان دورا فائق الأهمية في تمهيد الطريق للعرب للاغتراف من منهل الحضارة اليونانية قبيل بزوغ فجر الحضارة العربية – الاسلامية، وعلى وجه الخصوص من خلال ما قاموا به من اعمال ترجمة من العلوم اليونانية الى اللغة السريانية، فكانت هذه التراجم هي المصدر الأول الذي عول عليه العرب للاستفادة من مصادر الثقافة والعلم اليونانيين.
كانت الثقافة اليونانية من خلال هذه الاعمال المترجمة الى السريانية منتشرة في وادي الرافدين والشام والاسكندرية، وكان للسريان فضل لا مراء فيه في نقل التراث الفلسفي والعلمي الى لغتهم كما تجلى ذلك في مراكز اشعاعاتها مثل حران والرها ونصيبين وانطاكية وقيصرية الا ان اللغة العربية تفوقت على السريانية بعد الفتوحات الاسلامية واضحت هي لغة العلم والثقافة في الشرقين الادنى والاوسط وذلك بدءا من العصر الاموي، وان كان العصر العباسي هو العصر الذي جرى خلاله ارساء نهج كبير ومنظم لأعمال الترجمة من علوم مهمة كالطب والكيمياء والفلك والرياضيات ناهيك عن الفلسفة والمنطق.
ويعد “بيت الحكمة” الذي تأسس في عهد المأمون مجمعا علميا حقيقيا للدراسات والابحاث العلمية والترجمة، وبفضل هذه المؤسسة العلمية جرى أول مرة ترجمة اعمال الفلسفة اليونانية الى العربية مباشرة دونما الحاجة الى نقلها من اللغة السريانية وبفضل هذه الترجمة المباشرة تمكن العرب من ان يلمسوا اخطاء وثغرات الاغريق ويضيفوا من خبراتهم وتجاربهم الكثير من المعارف أو الملاحظات والآراء القيمة وبخاصة في مجالات الطب والفلك والكيمياء والرياضيات، وهذه المأثرة العلمية الحضارية التي اجترحها العرب هي أكبر رد على التخرصات التي ذهبت الى ان العرب كانوا مجرد ناقلين للعلوم والفلسفة اليونانية لا مبدعين أو مجددين حتى ان الباحث الغربي براون اقر بفضل العرب في هذا المضمار قائلا: “ان العرب كانوا أكثر دقة لدى نقلهم التراث اليوناني الى لغتهم من الاوروبيين الذين نقلوا هذا التراث بعدئذ من العربية الى اللاتينية”، وقد اعتبر العديد من الباحثين أن العرب بقصد أو من دون قصد اسدوا خدمة جليلة لتراث الانسانية العالمي بترجمة العلوم والثقافة اليونانية فلولاهم لضاع الكثير من اعمال الفلاسفة والعلماء اليونانيين الكبار مثل ارسطو وجالينوس وبطليموس وغيرهم. ويتميز الفكر العربي – الاسلامي في عصر ازدهار الحضارة العربية الاسلامية عن الفكر اليوناني بأن الاخير يقوم على التأمل الفلسفي والمعرفي ويستعين بمنهج القياس الارسطوطاليسي، في حين ان الاول يتبنى المنهج التجريبي وينتقد قصور المنهج الارسطوطاليسي.
وساق الباحث العراقي فيصل السامر واحدا وعشرين دليلا ونموذجا انسانيا رياديا للدلالة على مكانة العقل عند العرب وعلى اخذهم بالمنهج التجريبي للوصول الى الحقائق، نكتفي هنا بعرض ستة منها:
النموذج الأول: يمثله الفيلسوف العربي الكندي الذي رفض الانشغال بالكيمياء فقط من أجل تحويل المعادن الخسيسة الى ذهب، واعتبر ذلك مضيعة للوقت، كما رفض ربط مصائر الناس بالنجوم.
النموذج الثاني: يمثله الرازي الذي علا من شأن العقل واعتبره اعظم النعم وبه يسخّر الانسان الطبيعة لمنافعه، ومنهجه يُعد من أكثر المناهج اقترابا من المناهج العلمية الحديثة، وهو الى ذلك يُعد مؤسس الفكر الحر وصاحب منهج نقدي صارم يتوخى تلمس الحقيقة أيا يكن مصدرها. وهو الذي حطم العقل المتحجر الذي يمثله اللاهوت التقليدي وقد تأثر بمنهجه واسهاماته كل من سبينوزا وهيجل ودانتي وترجمت اعماله الى العبرانية واللاتينية.
النموذج الثالث: يمثله العالم والفيلسوف العربي المعروف ابن سينا الذي افرد للتجربة مكانا عظيما في ابحاثه وتوصل عن طريقها الى ملاحظات دقيقة وتمسك بسلطان العقل في تفنيد التعليل الخرافي للخوارق.
النموذج الرابع: يمثله البيروني العالم الذي عُرف بنزاهته للحقيقة وروحه العلمية ودقة ملاحظته فهو يشاهد وينقد ولا يأخذ الا بما يتفق والعقل.
النموذج الخامس: يمثله الحسن بن الهيثم الذي وضع اصول المنهج التجريبي واستقراء الجزئيات والوصول الى الحقائق وصوغ القوانين العامة بناء على مزاولته التجربة في دراسته علم الضوء.
النموذج السادس: يمثله ابن خلدون المعروف بسعة افقه وشمول فلسفته الاجتماعية ومنهجه العلمي الفذ في تفسير الظواهر الاجتماعية ودراسة التاريخ الرائد للنظريات الحديثة في تفسير التاريخ وعلم الاجتماع.
****
انظر: د. فيصل السامر، العرب والحضارة الاوروبية، الموسوعة الصغيرة، منشورات وزارة الاعلام، الجمهورية العراقية، بغداد، آب 1977م.

 
صحيفة اخبار الخليج
14 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

حركية الفئات الوسطى وثبات العمال

يحتاج العمل السياسي الديمقراطي إلى نشاط الفئات الوسطى الديناميكية عادة، المتحركة، الباحثة عن مواقع قدم لها في الأرض الاجتماعية، وكذلك مبدئية العمال وصلابتهم في النضال.
ومن حق أي حركة سياسية أن تعمل في كل أرضها الوطنية وتختار المواقع المناسبة لها، التي تعطيها منتجاً سياسياً أكثر من غيرها، وخاصة تلك المواقع التي لها حضور تاريخي فيها.
كانت الانتخابات السياسية قد تجيرت بشكل طائفي خطر من قبل الهيئات المتنفذة حكومياً وأهلياً، وهو مصير سيئ للجميع مع الاستمرار في تجذيره، ولعدم القدرة على إنتاج ثقافة وطنية حديثة.
عبرت القوى التقليدية المتسيدة على الأرض عن أفكار قديمة، مثلما أن القوى الجديدة عاجزة عن إثبات جدتها.
رغم النشاط الذي تقوم به الفئاتُ الوسطى بطبيعةِ أعمالِها الحرة والوظيفية الحديثة لكنها ترتكز على الجانب التقليدي الفكري، والدعاية والأدلجة ونشاطات المقر.
هل تفكر القوى السياسية بالظروف الاقتصادية الصعبة للجمهور؟
هل تحلل أوضاع المدن التي تشتغل فيها سياسياً وظروفها العمرانية والاقتصادية والصحية والبيئية والمرورية؟
هل تعالج مشكلات العمالة الأجنبية وظروفها السكانية والاجتماعية المخلة بتطور البلد وظروفه؟
ما يتم التركيز فيه هو الخطابات السياسية والتحالفات للوصول إلى المقاعد، فليس ثمة خطط اقتصادية، ولا قدرة على معالجة التطور الاقتصادي الوطني برمته، ووضع الخطط البديلة الشعبية للخطط الحكومية.
فلابد من تلاقي الجمعيات والتيارات السياسية على خطوط عريضة ترتكز على المطالب العامة، وعلى النمو العقلاني للتيارات، وليس على الاستفادة من الحماسة المؤقتة.
يجب طرح مثل هذه الشعارات:
– نطالب بمراقبة للشركات العامة وميزانياتها ومداخيلها وكيفية توزيع فوائضها بالصورة المناسبة.
– نريد مساندة وإصلاح ومراقبة الشركات والبنوك الكبرى الخاصة لما فيه فائدتها وفائدة الأغلبية العاملة البحرينية.
– تغيير أوضاع الخدمات العامة المتراجعة في الصحة والتعليم والبيئة والعمل الخ..
– رفع مداخيل الجمهور بالصورة الاقتصادية التالية..
إن القوى الوسطى تتوجه للصراعات فيما بينها لأسباب فكرية لا تهم الجمهور، وبهذا تتصارع طائفياً وسياسياً بشكل غير حضاري، وهو أمرٌ يبدو في الشعارات، وليس ثمة تركيز في الأوضاع الاقتصادية العميقة، لأن دراسة هذه الأوضاع بشكلٍ موضوعي ليس بقدرة أحد التيارات بل تحتاج إلى تعاون جماعي كبير من التيارات المحلية.
التعاون المشترك من قبل القوى السياسية لتقوية الرقابة البرلمانية وجمع المعلومات الواسعة.
والهدف الاقتصادي الاستراتيجي إيجاد تعاون بين القطاعين العام والخاص يستهدف ضبط تطورهما المشترك وتنمية القطاعين ومداخيلهما ورفع مستوى معيشة الناس في ذات الوقت.
إذا وَضعت الفئات الوسطى التي بيدها النشاط السياسي الانتخابي مصالحَ الغالبيةِ العامة من الناس فهي تجذر تياراتها وأفكارها على صعيد حقيقي ومستقبلي بعيد المدى، بدلاً من انتهاز الفرص والوصول إلى الكراسي بغض النظر عن المستقبل واستغلال المشاعر المؤقتة، وهو ما لا يجذر أفكارها مهما كانت.
كما أن من المناسب للقوى العاملة أن تبحث عن مرشحين متجذرين ذوي خطط مستقبلية طويلة، فالاقتصاد يعاني كثيراً، والحكومة تعتمد على ما هو مؤقت، وعلى الإبر البترولية المؤقتة، وتدفق الشركات وفيضها العابر، وحتى الآن لم ينجح الاقتصاد المنوع الذي طـُرحت شعاراتهُ خلالَ عقود طويلة، مما يشير إلى سياسة اقتصادية غير ناجحة على المدى الطويل، سوف تتضح مشكلاتها مع تضاؤل الإنتاج البترولي.
ولم تنجحْ الإبرُ المؤقتة في السنوات الأخيرة والمعالجات القصيرة، والأمور تحتاج إلى تعاون وطني واسع بين قوى الدولة والتجار وأرباب العمل والعمال، تعاون سياسي عميق وليس اتفاقات مؤقتة وعاطفية.
وليس إلى تدفقات عفوية كبيرة تؤدي إلى بعض الدخول وإلى الكثير من الزحام والتضارب وفوضى السوق ونتائجه على ازدحام المواصلات وعلى الخدمات.
كذلك فإن الاندفاع على الموارد المحدودة ليس هو الجانب السليم.
وكذلك التدفق في استخدام الأراضي بأشكال مؤقتة سريعة.
هناك إذًا مشروع حكومي لاستثمار ما هو مباشر وبشكل سريع ومن دون وجود خطط اقتصادية موضوعية مسقبلية بعيدة المدى.
وثمة مشروعات خاصة للنمو الاقتصادي الربحي السريع من دون تعاون ورؤى جماعية ومن دون رؤية لأوضاع الغالبية.
بطبيعة الحال لن يهتم الجمهور العريض بمسائل الخطط المستقبلية وهياكل الاقتصاد وغير ذلك من القضايا المعقدة، بل سوف يطالب بخدمات رخيصة ومكاسب مادية كبيرة، ونواب يحققون له مثل هذه الرفاهية.
وهي أهداف مهمة فهناك دخول كبيرة قادرة على ذلك، وجزء من الرقابة البرلمانية والبلدية والسياسية لابد أن يتوجه لذلك، ولكن هذا لا يكفي من دون رؤية بعيدة المدى، وقوى سياسية ذات إدراك مسقبلي وذات قراءات للاقتصاد وكيفية إصلاحه وشرح ذلك للجمهور لكي تتشكل كوادر مستقبلية فيه تفهم هذه القضايا وتناضل من أجلها.

صحيفة اخبار الخليج
14 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

مخاطر إستيلاء الحرس “الثوري” على السلطة

مازلنا نقتربُ من فوهةِ البركان، المفتوحة على استيلاء الحرس الثوري على السلطة في إيران بشكل كامل.
ويعبر بقاء المعارضة صامدة رغم الملاحقات الشوارعية بمختلف أشكال القمع، والتغلغل في البيوت وضرب الآمنين والمحتجين، والقيام وإجراء المحاكمات القاسية، عن جانبين متصارعين لم يحسم أي منهما المعركة لصالحه.
المعارضة من جانبها تتسلل إلى الطرائق السلمية، وتبتكرُ أشكالا نضالية ذكية، مثل الاحتفال بالمناسبات الوطنية التي استعيدت فيها ذاكرة إيران الوطنية كما جرى في ذلك عن ذكرى مصدق وعن الثورة المشروطية، وهي ومثلها تؤكد ان سجلات الكفاح الشعبية لا تقتصر على الفريق الديني، كما توجهت المعارضة لتكوين تشكيل جبهوي واسع من القوى الديمقراطية المختلفة.
وهذا يؤكد من جانب المعارضة نياتها في تصعيد يعتمد على تحريك القوى العريضة من الناس بأساليب ديمقراطية، تؤدي إلى الضغوط المستمرة على النظام من أجل تغيير نتيجة الانتخابات، أو فتح باب التغييرات ووضع حد لسيطرة الفريق الديني المتشدد على السلطة.
وبدا واضحاً أن هيئة وزارة الداخلية لم تعد تستطيع السيطرة على الأوضاع المنفلتة تدريجيا، وتمت تنحية وزير الداخلية الذي لم يكن متشدداً، وظهرت انتقادات رئيس الجمهورية “المنتخب” في العلن له ثم احتل الوزارة بنفسه وقام بـ “تطهيرات”.
وهكذا فإن القبضة “السلطوية” العسكرية تتوغل عبر الشوارع والحارات ثم تتغلغل عبر الأجهزة العليا، ويغدو الرئيس هو أيضا رئيساً للاستخبارات، الذي ثبت باعتباره الجهاز الأقوى، والقائد لبقية الأسلحة.
إن نمو الحرس الثوري الذي ظهر من حرب عارضة مؤقتة هي الحرب التي فرضها نظام العراق السابق، حولها إلى شيء أبدي، فكان لابد أن ينتهي مع هذه الحرب الجانبية العرضية، لكنه ظهر منها ليبقى، وليصبح السلطة المتنامية.
وقد تم رفض التحاقه بالجيش النظامي، وتتضارب الأرقام في أعداده بين مائة وخمسين ألفاً وبين مائتين، فيبدو كتشكيلة هلامية، بين الانضباط وحياة الشارع، وتم تحويله إلى قوة عسكرية – سياسية وربطه بالمرشد الأعلى، مما عبر عن اندغامه بالسلطة الأيديولوجية وهو ما يؤهله لانتزاعها قريباً.
تطور من معارك مدن، حتى سُلح بشكل كامل، وأعطي مهمات الحراسة الاستراتيجية كما لو كان شرطة، كحراسة المناطق الحدودية والمنشآت السرية، وحماية مضيق هرمز وتطوير نظم الصواريخ.
ومنه قوات الحرس الثوري (الباسيج) فهو أحد تشكيلاته وبمعنى “الحشد” واستخدم بشكل مباشر في القمع.
“كذلك أجاد الحرس الثوري إقامة علاقات وطيدة بينه وبين مصادر إنتاج الثروة، فوفقاً لعالم الاجتماع الإيراني شمس الواعظين، فإن المشروعات الاقتصادية التي تتجاوز 10 ملايين دولار فما فوق كلها تقريباً بشكل شبه مطلق بيد الحرس الثوري، كما أصبح القادة السابقون في الحرس متسيدين مجالي النفط والغاز”، (الشرق الأوسط، مقالة محمد عبده حسنين).
بدا واضحاً خلال هذا الصراع عدم تمكن القمع العسكري من وأد المعارضة المدنية.
ثمة جذور شعبية كبيرة للنضال وسط الجمهور الإيراني، وتلك المعركة الباسلة الهائلة ضد الشاه من غير الممكن تحقيقها ضد الجمهور ولا ضد النظام، لسبب بسيط هو أن الخندقين هما ابناء شعب واحد، وقضيتهما واحدة، وأن الحرس يفتعل معارك خارجية ليتكئ بها على مشروعاته الذاتية الاستغلالية التي تجاوز بها سقف الشعب وقدراته على العمل والادخار والصمت على الظروف المعيشية الصعبة.
ويسبب ضعف قوى الإنتاج وخاصة العسكرية كعدم وجود مشروعات فضاء أو لعدم كون الحرس وزارة تجارة خارجية لتوجيه بضائعه إلى السوق الدولية، في جعل قيادة الحرس تفتعل معارك ثورية وتغلي وضع المنطقة وتفكر في القنبلة النووية من أجل بقائِها كبائعٍ محتكرٍ وفوق القانون في حياة الشعب الإيراني.
ولكن هذا الطابع المغاير لنضالية الأئمة والشعب يمثل تضاداً مع قيمهم الروحية، السلمية، التعاونية مع الأمم، ومن الممكن حصرها وعزلها كلما أمكن تصاعد الأصوات، ومن الممكن حتى تقديم البدائل للحرس وللتجارة الخارجية مع إيران بدلاً من الانجرار الأعمى للعقوبات، التي تغدو مساعدة جيدة تعبوية للحرس.
إنه حتى المرشد الأعلى وأسرته والعديد من قوى الدينيين سيكونون معرضين لمخاطر تنامي قوة الحرس في الأيام القادمة ولانقلابه، الذي سيجد نفسه متوجهاً للاستيلاء الكامل على السلطة، بعد أن انهارت قوى المدنيين وابناء الثورة الأخيرين المتشبثين ببقايا التقاليد الديمقراطية، ولم يعرفوا قوانينَ تنامي الصراعات الطبقية، وكون من يملك هو من يحكم، وعاشوا في فكر خيالي سياسي، صبغوه برومانسية دينية، حتى تفجر الخلاف بين من يملكون ومن هم مستأجرون ومن هم أدوات مرحلية.
ويؤدي الطابع العسكري للملكية العامة الإيرانية إلى مخاطر الحروب، ويعبر حجم القوة البحرية للحرس الإيراني التي تبلغ 20% من قدرته، عن أن تكون قوة ضعيفة نسبيا، كما أن القوة البرية الواسعة، مفرقة بين البر الإيراني الواسع، ولهذا فهو في موقف ضعيف، وتوجهه للخيارات السلمية أفضل له، وهذا يحتاج إلى قوى دولية تعرض جسور السلام وعلاقات التعاون المفيدة بدلاً من التلويح بالعقوبات والضربات، ولكن إذا تشبث بانتحاره فسوف يكون بين جبهتين: جبهة شعبية داخلية وجبهة عالمية.
لقد أدت الصراعاتُ بين الدينيين إلى صعود الحرس الذي غدا هو القوة العسكرية الحاسمة في شؤون الصراع السياسي.

صحيفة اخبار الخليج
13 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

مليارات ولا وظائف

الكثير من الدول في العالم تحتاج إلى السيولة المفقودة، وكلها تعبر عن حكومات لا تملك الشركات، ومع هذا تنفذ المشروعات الأولى المستمرة المتصاعدة؛ وتشغل مواطنيها بدرجة أساسية، ومشكلات البطالة موجودة لكنها تـُحل بالعديد من الأدوات الاجتماعية، وحتى الفقر المدقع يتم علاجه تدريحياً.
لكن دول الخليج لديها الأموال الهائلة وتتعثر في مشروعات أولية كسفلتة الطرق وعدم انقطاع الكهرباء وخاصة في الصيف، ووضع المصابيح في المناطق المأهولة والقرى خاصة وإيجاد ماء ليس بدرجة ملوحة قاسية كما هو الآن، كأنه مجلوب جلباً من البحر.
رغم أن الناس تريد تحولات هائلة في مدنها العتيقة الرثة واتساعا في بيوتها الحديثة الضيقة وتريد خدمات مميزة!
وتعاني بشدة زحمة المرور وتدفق الشوارع بالسيارات وفي أيام القيظ، وكأن الساحات والشوارع معرض هائل للسيارات!
يقول الكثير من الشركات إن على المواطنين أن يقبلوا وظائفهم الدنيا وأجورهم المحدودة!
وعلى المواطنين أن يقبلوا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العفوية الماشية مثل حركة المياه، لا تخطيط ولا تطور، ولا إعادة نظر في الخطط الاقتصادية وتطويرها سنة بعد أخرى!
على المواطنين أن يرضوا بما يجري، من دون دراسات للأموال العامة والخاصة، ومن دون رفع مستمر لمعيشتهم وتوسيع لأعمالهم وتغيير لوجود العمالة الأجنبية وتقليصها بشكل متدرج.
والمسألة الصعبة القبول بالبطالة الأهلية فيما يتم توفير الأعمال للملايين من الخارج!
وفي بعض بلدان الخليج العربية هناك وفرة وعيش رغيد: رواتب عادية تبلغ ألف دينار شهرياً، وراتب العاطل ثلاثمائة دينار، والقرض السكني بلا فوائد، ولا يقل عن مائة ألف دينار، وراتب للمولود لا يقل عن ثلاثمائة دينار وغير ذلك من الرفاه! ومنحٌ للمتزوجين، وكهرباء ثابتة مخفضة الخ…
وحتى في بلد ذي دخل محدود مثل سلطنة عمان فإن الأمور هينة لينة لشعب ذي عدد سكاني كبير:
(الحد الأدنى للراتب الأساسي في القطاعين العام والخاص هو: 7150 ريالا
راتب العاطل عن العمل 2000 ريال.
منحة لكل متزوج تبلغ 000،40 ريال.
أرض وقرض قدره نصف مليون ريال ويحصل عليه المتزوج خلال مدة أقصاها 6 أشهر من عقد الزواج.
وراتب لكل مولود: لا يوجد
قيمة لجواز السفر
قيمة رخصة القيادة مجانية
الكهرباء 90 ريالا ثابتة
الماء مجاناً
قيمة الإقامة للأجانب 100 ريال كل 3 سنوات.).
إن الدخول هائلة ومع ذلك تحدث الاخفاقات وعدم الدقة في الحسابات وعدم التخطيط الجديد والتلاعبات).
في حين ان دولاً أخرى تنتشر كلمة (لا يوجد) في بعض الجوانب الخدماتية الهامة ودولاً أخرى تتفوق كثيراً على سلطنة عمان!
وعموماً فإن دول الخليج العربية تفتقد إعادة الهيكلة، وذلك بسبب عدم وجود اتفاق بين القوى الاجتماعية والسياسية، حيث تهيمن القطاعات العامة وتحدد الميزانيات كما تريد، وحيث تعملُ القطاعاتُ الخاصة كما تشاء ومن دون القبول بخطط وطنية فيها تضحيات، والقوى العاملة الوطنية تعاني جراء عدم وجود هذه الهيكلة الوطنية المتفق عليها من قبل هذه الأطراف.
إعادة الهيكلة الاقتصادية تتطلب توجيه القطاعات العامة والميزانيات العامة من قبل قوى المراقبة البرلمانية والشعبية بشكل متدرج يحافظ على المصالح الاقتصادية العامة والخاصة الوطنية بحيث تتم المحافظة على الأرباح والأجور الوطنية ونموها التدريجي المشترك كلٌ من موقعه.
وذلك لن يتحقق إلا حين تعي الحكومات خطأ المسارات الاقتصادية الراهنة العفوية والسياسة الاقتصادية اليومية، وضرورة الإصلاح البعيد المدى.
وضرورة السيطرة على قوى العمالة الأجنبية التي تتدفق من دون خطط ومن دون نظر، ولا توجد عملية ضبط وخطط، بل تتدفق حسب العفوية الاقتصادية بشكل هائل، مما يؤدي إلى الاختناقات الاقتصادية والتضادات الاجتماعية.
هناك قوى شعبية راغبة ومستعدة للعمل في حين تـُجلب قوى أجنبية مكانها بشكل هدر اقتصادي على المدى الطويل.
وترفض هذه الوزارات المعنية في كل الدول التخطيط وتقديم المعلومات الكلية عن الاقتصاديات!
فلا يتواجد التعاون بين القوى الاقتصادية والاجتماعية الوطنية في كل بلد.
والحكومات تحتكر الرؤى الاقتصادية والمعلومات ولا تقدم خططاً واضحة للسنوات القريبة التالية وتقول انها تقدم خططاً دقيقة بعيدة المدى!
فهي لا تريد مساهمة القطاعات الخاصة خاصة في هذه الخطط وفي المشاركة السياسية الاقتصادية العامة.
فثمن مساهمة القطاعات الخاصة في التخطيط الاقتصادي العام، والقوى النقابية والسياسية المختلفة أن يكون لها مكان في إدارة الاقتصاد وحل مشكلاته العميقة.
الهيكلة غير معترف بها في دول الخليج على الرغم من التناقضات الشديدة للاقتصاديات الخليجية وذلك بسبب وجود الفوائض النفطية والعيش على العفوية الاقتصادية، وتوزيع الأموال حسب هذه العشوائية النفطية.
وإذا كانت ثمة دول تقوم بتحسين ظروف الناس مهما تبدلت أسعار النفط، وتواصل جعل معيشة القواعد الشعبية بشكل ميسور، فإن دولاً أخرى لا تهتم بذلك، فهي عفوية من كل جانب، بل تحول معيشة الناس إلى تجارة لها.
وفي حين ان دولاً لا تحصل هذه الخدمات البسيطة فيها بسهولة ويسر فإن دولاً أخرى تجرى فيها هذه الخدمات من خلال المشكلات والصراعات.
ثمة دول تجاوزت مثل هذه التطورات للمرافق واتجهت إلى مسائل البنية الاقتصادية والحد من هيمنة القطاعات العامة مع مستوى العاملين المواطنين المتطور!
وهذا سوف يشكل مسارات مختلفة لدول الخليج مع غياب هذا التنسيق واعتبار مصالح الشعوب العربية الخليجية هي بؤرة سياسات هذه الدول.

صحيفة اخبار الخليج
12 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

الوعي الديني والليبرالية

تعرض علينا إيران في هذه الأيام أشرطة الصراعِ الدرامي بين التقليديين والليبراليين، ولقد رأتْ الأممُ الإسلاميةُ صراعاتٍ مماثلةً ولكن ليس بطريقةِ المسرح الثوري العريض، وغالباً ما تكون عبر مشاهد جزئية ملتوية، بعيدةٍ عن حضورِ الجماهير، الذي هو مبعثُ خوفٍ رهيبٍ غالباً للسياسيين محافظين أم عسكريين انقلابيين.
كانت القوى الليبرالية الوطنية والقومية هي الوحيدة خلال مشاهد التاريخ الماضي العربي أو الإسلامي العريض من كانت ملاصقة للجمهور، ومن تستدعيه من دون خوف، ومن تجعله مشاركاً في دراما التاريخ، في أحداث سياسية ملتهبة، وليس في زفات مرسومة سلفاً وليس فيها صراع.
وقد عرفت الحركة الإيرانية الدينية هذا الطابع الشعبي المعارض كجزءٍ من تقاليدها التاريخية، ولكنها الآن تنعطفُ لتناقضَ هذه التقاليدَ الدينيةَ التي جرت في أرديةٍ فكرية محافظة، وتحاولُ أن تقودَها للحداثةِ ولليبراليةِ والحريات.
إن مضمون هذه الليبرالية ضيق بالتأكيد وهي متوارية تحت أرديةٍ دينية، لكون الفئات الوسطى المنتجة خلال هذه العقود الأخيرة سبحت في مياه الرأسمال الحكومي الديني عبر هذه الصيغة المتداخلة. فلا يظهر مديرُ المؤسسة الاقتصادية الحكومية إلا من تحت العباءة الدينية، وكذلك الأستاذ الجامعي، الذي يجدُ نفسَهُ مراقباً ولا يستطيع أن ينتج أفكاراً مغايرة للنظام. وإذا حاول أن يقيم صلات مع الطلبة أو مع الجمهور العريض فلابد من الوسائط، أي من التقية، أو من الأفكار الوسيطة بين الإسلإم والحداثة بمعاييرها الغربية الراهنة المستولية على العالم في أفقها التحويلي وعند محطتها الإيرانية الخاصة.
فالإصلاحيون يقولون إن هذه الأفكار المطروحة هي أفكار الإسلام وأفكار النظام (الجمهوري الإسلامي)، (وإننا لا نأتي بجديد)، ولهذا فإنهم يشتغلون على الحلول الوسط بين تراثهم الديني الخاص وبين الحداثة، ويحاولون خلق شيءٍ مشترك.
إن طبيعة هؤلاء الإصلاحيين القادمين من الرأسمال الحكومي لا تتيح لهم حداثةً بمعايير ثورية، علمانية، تقدمية، فرساميلهم لم تتكون من خلال فائضهم النقدي الخاص الحر بل من خلال رواتبهم القادمة من الحكومة، وهذه تشكلُ فئةً وسطى تابعة للجهاز الحكومي الاقتصادي وللجهاز السياسي المنبثقِ عنه، وفي حين كان مير موسوي قائداً للقطاع العام توجهَ صوبَ القطاع العام الكلي، المهيمن على الاقتصاد، فضيقَ الخناقَ على الفئات الوسطى الحرة، أي الفئات الوسطى القادمة من السوق، وعبر فوائضها النقدية الخاصة.
وهذا ما جعلَ خطابَهُ السياسي ضمن مفردات النظام العامة، كولاية الفقيه وهو ما يعني خلق نظام شمولي، وإلى ما يوجه أفكارَهُ السياسية باتجاه القطاع العام وهيمنته على الاقتصاد، وبالتالي فإن الدعم من البازار غير ممكنٍ في هذه الحالة، فلم تجدْ الفئاتُ الوسطى التجارية الكبيرة المؤثرة رمزاً مناسباً لها، مثلما أن القطاعات العامة العسكرية والمدنية هيمنت على الأسواق ومصادر الدخل الأساسية ولها كل الرموز المسيطرة.
فالمعركة بالنسبة الى موسوي تجري كأن الوعي الاثني عشري كما يفهمه متوحدٌ مع الوعي القومي التحرري السابق عند السنة كما جرى أيام عبدالناصر، عبر الحفاظ على المظلة الدينية التقليدية ومقاومة الاستعمار، من دون حفر فكري عميق داخلها لجعلها مناسبة لتطورات أكبر، أي لإنشاء دولة ديمقراطية علمانية إسلامية، للبلد ولتجارب الأمم الإسلامية، لكن مع خلق تجربة حريات سياسية وفكرية، وهو جانبٌ تجاوز فيه الحركة القومية العربية السنية، بذكوريتها الشديدة ومحافظتها السياسية.
وهذا بسببِ تأخرِ لحاقِ الأقسامِ الاثني عشرية بحركةِ التحرر العربية والإسلامية، وهذا اللحاق المتأخر بسبب طبيعة التكوين الريفي السائد لهذه الأقسام، ومع هذا أمكنه نظراً لحلبة إيران الخاصة، أن يتجاوز مستوى حركة عبدالناصر أو غيره من قادة التحرر العربي (المدنيين) السنة، عبر هذا التركيز في الحريات العامة والديمقراطية الجنينية التي تنمو بين التأييد الشعبي الكاسح والقمع.
وبسبب مقاومة الأجهزة العسكرية الكثيرة والبيروقراطية التي ألحقت أقساماً كبيرة من السكان بإنتاجها وسطوتها، فإن الضعف السياسي لهذه الحركة الليبرالية الديمقراطية، والمعبر عنه بضعف نفوذ المراجع الشيعية الديمقراطية وسط كتلة كبيرة من المحافظين، لا تعود أسبابه إلى ضعف انتشار الشعارات والتكتيكات السياسية الخاصة بالنضال وسط الجمهور، بل لسيطرة القطاعات العامة على هذا الجمهور وعلى معيشته.
فقوى الليبرالية والديمقراطية لم تخلق وسائل العيش الضرورية لهذا الجمهور لكي يكون ديمقراطيا، والناس لا تطير في الهواء، بل تمشي على الأرض الاقتصادية والسياسية، ولهذا فرغم أن الفقه الشيعي يحوي الكثير من الاجتهادات في فقه الحرية بجرأة كما طرح العديد من المراجع الفتاوى المتعلقة ببطلان انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، فإن الفقه لا يستطيع أن يشكل قفزة وحده.
إن المسار الاقتصادي المركب بين رأسماليتين: حكومية مهيمنة وخاصة مُقزمة، يخلق نسبة التداول الفكري والاستعداد الجماهيري، والشعارات المتداخلة بين عام وخاص، ومعبرة عن هذا المأزق للمسار الاقتصادي وللمسار السياسي.
إن ضعف التفاف الجمهور على الحركة يعود لضعف خطاب موسوي تجاه إصلاح القطاع العام، ونظام الجيش، وضعف تصوره لتطوير وحرية القطاع الخاص، فوقع ضحية بين القطاعين وظلت لغته نضالية جزئية بينهما.

صحيفة اخبار الخليج
11 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

الجمعيات الشبابيـــة

أتذكر جيدا كيف كانت عليه الجمعيات الشبابية مع فجر المشروع الاصلاحي، فسرعان ما تشكلت وقامت ونهضت على قدميها، كان اليسار مسارعا لتشكيل ذراعه الشبابي، لخبرته التي كان يمتلكها مسبقا، ولعلمه ما يمكن ان تقوم به الأذرع الشبابية من تنمية لحزبه وتياره، سواء كانت باستقطاب شباب جدد، أو بإضفاء روح الشباب على مجمل أداء التنظيم الام. كانت كتلة نشاط تلك الجمعيات الشبابية التي سرعان ما تشكلت واستطاعت ان تستقطب العديد من هذه الشريحة المهمة والفعالة، بمختلف توجهاتهم وميولاتهم، سواء كانت الفنية أو السياسية او غيرها، كان البرنامج الصيفي مزدحماً جداً بالنسبة للجمعيات الشبابية، ندوات وورش عمل ومؤتمرات، ودعوات خارجية، وحفلات فنية، ودورات كرة قدم وغيرها من الفعاليات. يكفي ان الروح التي كانت تسود أعضاء الجمعية، تشعر انك دخلت أسرة جديدة، لا تمل ولا تكل وتغمرك السعادة عند ملاقاتهم. اليوم التنظيمات الشبابية ربما اصابتها عين الحسد، فالبعض لا تسمع عنه إلا في سفر يلبي دعوات التنظيمات الخارجية، وكأن الجمعية فقط أسست للسفر والمتعة، والبعض الاخر مشغول في الرحلات، والاخر مشغول بخلافات بين أعضائه، أدت الى انشقاقات وظهور جمعيات جديدة، كانت آخرها جمعية حوار التي عمل على تأسيسها صديقاي العزيزان سيد عدنان جلال وراشد الغائب، والحق يقال انهما استطاعا خلال فترة قصيرة ان تكون جمعيتهم من الجمعيات الشبابية اللامعة، وهذا دليل على خبرتهم وكفاءتهم في العمل الشبابي. هناك طاقات كبيرة عند الشباب لا ينبغي ان نشغلها بخلافات، المطلوب هو ان نمد يد المساعدة حتى تعود الجمعيات الشبابية الى سابق عهدها.
 
صحيفة الايام
11 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

انتفاضة يونيو الإيرانية تستأنف غضبها

تراوحت الكتابات السابقة حول انتفاضة يونيو بين رؤيتين متناقضتين، الأولى ترى ان نفس الانتفاضة الاحتجاجي سينتهي بسرعة مع تعليل الأسباب، فيما ذهبت الرؤية الثانية عن ان الانتفاضة ستعود للخروج من رأس التنين الإيراني بعد التقاط أنفاسها وإعادة حساباتها وتقديراتها الاحتجاجية ومساحة الانتفاضة في الحراك المستمر بعد استئناف حيويتها وتنظيم ذاتها. ما قامت وتقوم به الآن – وان كانت بزخم اقل من أيام الانتخابات – فإنها في النهاية تستعد لالتقاط الأنفاس مجددا وبشكل أكثر حذرا باعتبار ان ما قامت به الجمهورية الإسلامية بعد المواجهات لم تتصف بنوع من المرونة والحكمة لدولة أرادت أن تقول للعالم بأنها “ديمقراطية وتؤمن بالحريات!” ولكنها في نهاية الموقف والواقع برهن بما تتهمها المعارضة الإيرانية وفي خطابها الموجه لسلطات المرجع الأعلى ورجال الدين في قم عن ان سلطات البوليس أحالت البلاد إلى مكان للطوارئ وليس للتعبير عن الحريات. ما زاد الطين بلة هو ذلك الحجم الكبير من المعتقلين – والذي تحاول السلطات الرسمية في طهران إخفاء حقيقته – غير ان لأهالي المعتقلين صوتا حقيقيا يتعدى صوته السياج المحلي وفي عالم بات مفتوح الأركان وحقيقته لا يمكن المماطلة فيها. ما قامت به السلطات الرسمية من تكنيس قاس للطلاب والمحتجين من شرائح اجتماعية أخرى، تجاوزت حدود الإشاعات والخطابات الإعلامية مهما – كان الطرفان يسعيان للبرباغندا السياسية – إذ هناك اليوم أطراف دولية متخصصة في مجالات حقوق الإنسان والإعلام ومراكز الدراسات والبحوث، لديها مراصدها وقياساتها واتصالاتها ببلد بحجم الجمهورية الإسلامية، التي وقعت ما بين حيرة الكماشتين، كماشة الانفتاح ما قبل الانتخابات بشهور على العالم وما بعد الانتخابات ونتائجها المفاجئة في تلك الانتفاضة المربكة، بحيث وجد نفسه النظام يواجه شارعا منفلتا، شارعا غاضبا لنتائج الانتخابات ويطالب بإعادتها وفرزها بشكل أكثر شفافية. تلك المتاريس الغاضبة من الطرفين حولت طهران كنموذج لمدينة متنافرة من الصعب إخفاء ملامحها على أنظار المارة في بلد لم تنقطع اتصالاته بالعالم. فهل بإمكان اعتبار بكاء الأمهات وقلق العائلات أمرا سهلا ولعشرات اختفوا خلف القضبان ويجهل الجميع مصيرهم؟!. لم تكن تلك مجرد إشاعة وترويج كلام إن لم يكن رجل بحجم الرئيس السابق هاشمي رافسنجاني كرجل من قمة الهرم الإيراني وواحد من مجلس تشخيص النظام، بل وكان اقرب الناس من أهله معتقلون أيضا، قال بعظمة لسانه وفي خطاب مفتوح، إن على السلطات أن تطلق سراح المعتقلين لكي يتمكن الإيرانيون من بداية حياة جديدة وحوار مفتوح لمعالجة الأزمة التي عاد هذه الأيام المرجع الأعلى خامئني بنفسه يرددها حين دعا لوحدة جميع أطراف الأزمة في إيران، مؤكدا قوله حسب وكالة الأنباء الإيرانية: “إن قضايا الأيام الأخيرة لا يجب أن تكون سببا للخلافات والانشقاقات”. هذه المرونة الجديدة في خطاب المرجع الأعلى تدلل عن ان حدة الخلافات ما بين القادة الدينيين في قم وطهران بلغت مداها بمثل ما أيضا بلغ الانشقاق في الرؤية والخلاف بين قادة الفكر والسياسة في المؤسسة البرلمانية والأكاديميات الإيرانية وفي قمة الهرم الرسمي للدولة. حيث تسبب مسألة إزاحة اسفنديار رحيم مشائي من منصبه بعد ان ارتفع صوت احتجاج الشارع الإيراني بل ومن داخل التيار المحافظ، مما دفع بالمرجع الأعلى مناشدة نجاد بإزاحته، حيث بدأت تطال رائحة الفساد العائلي بيت الرئيس الذي لم يضع في الاعتبارات الرسمية علاقته “بصهره” حتى وان برر ملفه السياسي بحجج النزاهة والتاريخ، فما كتبته جريدة كيهان يترجم اختلافا عميقا في القمة، بل وما كتبته من الحدة والقسوة يفوق ذلك، إذ تجاوزت سقف الشخص السياسي والأمني متهمة إياه بنوع من الارتباط بالأجنبي وقالت كيهان “انه من العناصر الخطرة جدا” لافتة إلى وجود اتصالات سرية بين جهات تدير مشائي والولايات المتحدة وانه يقوم بدور إلى جانب احمدي نجاد، مثل تلك الكتابات السياسية في جريدة محسوبة على النظام تعكس حقيقة حدة الخلاف القائم ما بين شخصيات عدة في قمة الهرم السياسي له تداعياته في المستقبل القريب. وكلما تعالت حدة الأصوات المتنافرة في الشارع السياسي الإيراني، نخب وعامة، رسميون ومستقلون، كلها نجدها مشدودة للذهاب بعيدا لاتهام الخارج وطرد الحقيقة الداخلية لصراعات فعلية بين الشعب الإيراني ونظامه السياسي المترهل، الذي لم يستطع التجديد والتغيير خلال الأربعة العقود الأخيرة، بل ولم ينجح في امتصاص الكبت السياسي بشكل مفتوح، اللهم تلك الانتقائية المحدودة والتنفيس المحدود في بعض الأوقات، بينما ظلت الصورة والواقع كما هي عليه، حتى جاءت انتفاضة يونيو.
 
صحيفة الايام
11 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

بلى.. هي أفكار طالبان!

عندما أفردت الجزء الأول من مقال الأربعاء الماضي لتقريع موظفي قسم المخالفات بالمرور لأنهم أعطوا أنفسهم الحق بتعليق ملصق يمنع إنهاء معاملات كل من تلبس تنورة قصيرة؛ وعرضت – باستهجان- موقفهم من سيدة أربعينية فاضلة تعرضت على أيديهم للازدراء والإهانة العلنية لمجرد أنها رفضت الخنوع لقرارهم وتمسكت بحقها في إنهاء معاملاتها كمواطنة.. توقعت بل تأملت أن أجد ردة فعل ترفض هذا التعسف والقمع الذي لا يشبه البحرين ولا أهلها؛ ولم أتوقع أن تقوم قيامة – لا مسؤولي المرور- بل عامة الناس الذين اعتبروا دفاعي عنها كبوة غير مقبولة!!
94 تعليقاً في موقع الوقت الإلكتروني بما مجموعه 13 ألف كلمة ونيف و47 رسالة إلكترونية وبضع فاكسات تأرجح موقف أصحابها بين حانق ومصفق.. عدد كبير ممن ساءهم الموقف امتعضوا -لا لقناعتهم بحق السيدة في لبس ما تشاء- بل لأنهم وجدوا في إقدام الموظفين على سنّ قوانينهم الخاصة نذير شؤم.. فاليوم وقد تجرأ هؤلاء على ذل قد يأتي قريباً اليوم الذي يرفض فيه موظف أداء معاملات سيدة لأنها بلا محرم.. أو يأتي اليوم الذي يرفض موظف إنهاء معاملات حليقي اللحية..!!
فمن يعطي نفسه الحق بأن يكون اليد التي تطبق ‘شرع الله في الأرض’ قد يبدأ بنبذ غير المحجبات؛ ليصل لمضايقة ‘غير الملتزمين شرعيا’ مروراً بمهاجمة السينمات ومحلات الكاسيت ثم سحق أهل البدع؛ وليست تلك بأساطير نخوف بها الناس بل هو واقع ذاقته واختبرته مجتمعات عدة ضربها وباء التطرف وأعمى بصيرتها وأفقدها رشدها.
لقد شُدهت بأن البعض اعترض على وصفي للسيدة بأنها فاضلة ‘كيف تكون فاضلة وهي تلبس القصير الله يهداج’ قال بعضهم .. كما واعتبر بعض آخر ما قلت حرباً على الحجاب والإسلام ‘ياللهول’. وكثيرون، كالعادة، وجدوا للأمر مدخلاً طائفياً ولم يرق لهم أن أنسب هذا السلوك للمجاهدين في طالبان!! وعتبوا على محدثتكم لأنها لم تنسب هذا السلوك للحرس الثوري وملالي إيران ‘ياللهول مجددا’.. وقد اعتبر هؤلاء استشهادي بطالبان طائفية مني..!!
والحق أني أردد دوماً ‘كن طائفيا ترَ الكون طائفيا’، مع الاعتذار للشاعر عن تحوير أبياته، فعندما وصفت هذا السلوك بالطالباني؛ فإنما فعلت لأن تلك الحركة هي الآن أكثر الحركات قمعاً للنساء على وجه الأرض.. فما من جماعة في هذا العصر – على حدّ علمي- تخضع النساء لفحوصات عشوائية إجبارية ‘للتأكد من عفتهن وعذريتهن’!! ولا توجد حركة تمنع التعليم الأساسي للفتيات سواهم.. ولا توجد حركة تجبر النساء على لبس البرقع وتعاقب على تركه بالسوط والرجم والقتل سوى طالبان.. ولو كنا رأينا نموذجا أكثر تطرفاً لسقناه، ولكن حتى في الدول الإسلامية كالمملكة السعودية غرباً والجمهورية الإيرانية شرقاً، يقيد حق النساء في اختيار الحجاب نعم ولكن المرأة لا تجبر على النقاب ولا تحرم من حقها الإنساني في التعليم وغيره.. ونحن وإن كنا ننظر لهذه الملابسات فننظر لها من مفهوم إنساني وإسلامي مجرد لا علاقة له بالمذهب كما يذهب الخرَّاصون..!!
يا جماعة، يا أهل البحرين الطيبين الذين لطالما حسدكم الناس على رجاحة العقل واعتدال الفكر، إننا لا ندافع عن تنورة ولا نهاجم لحية، بل ندافع هنا عن حق ونذود عن مبدأ.. حق الإنسان أن يُحترم – بالمطلق- إن لم تتعدَّ حريته حرية الآخرين.. ومبدأ أن الدعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة لا بالجبر ولا بالعضلات التي ولى زمنها.. لقد وضع الشرع المقدس ضوابط عامةً للعبادات والملبس ولم يعط أحد صلاحية فرضها على الناس.. فالمجتمع الإسلامي الحقيقي مجتمع متسامح متعايش مع نفسه، وما تعايش الرعيل الأول من المسلمين مع أهل الكتاب والملحدين في بقعة واحدة إلا بسبب مبادئ احترام معتقدات الآخرين التي بها انتزعوا الاحترام لهذا الدين العظيم.. ديننا الذي يكره الغلظة والفظاظة التي تفض الناس عن التدين والدين.. ذلك الدين الذي طلعنا منه الآن ‘بنسخة جديدة’؛ مكتوبة بالدم والكراهية والعنف والتطرف؛ لا تشبه ديننا ولا تشبه عصرنا.
 
صحيفة الوقت
10 اغسطس 2009

اقرأ المزيد

نجاح وزارة الإسكان

لم يكن خافيا على الجميع إخفاق وزارة الإسكان خلال العقود الماضية في حل المشكلة الإسكانية في البحرين، فهذه الوزارة التي كان من المفترض أن تدير الملف الإسكاني في بلد نفطي لا تنقصه الموارد المالية ساهمت في تراكم الطلبات الإسكانية على مدى الخمس عشرة سنة الماضية لتصل اليوم إلى أكثر من 50 ألف طلب تنتظر دورها في ظل مستقبل ضبابي.
ولا يمكن التبرير بأن موارد البحرين في السنوات الماضية لم تكن تكفي لتلبية هذا الكم الهائل من الطلبات، ففي عقد الثمانينيات وبداية التسعينيات لم تحظَ مشكلة الإسكان بالقدر الكافي من اهتمام الدولة بحيث لم يخصص لوزارة الإسكان غير 2 في المئة فقط من موازنة الدولة في بعض السنوات، كما أن هناك سنوات لم تقم فيها الوزارة ببناء حتى منزل إسكاني واحد.
الوزارة أخفقت في تلبية طلبات المواطنين الإسكانية كما فشلت فشلا ذريعا في وضع استراتيجية أو خطة زمنية لحل هذه المشكلة، وكل ما يطلق من تصريحات بشأن مدة الانتظار «وآخرها أن مدة الانتظار القصوى ستتكون خمس سنوات على الأكثر» لا تجد في الواقع العملي ما يجعلها قابلة للتطبيق أو حتى التصديق.
ورغم هذا الفشل الذريع إلا أن الوزارة قد نجحت هذه المرة في تحويل الملف الإسكاني، والذي من المفترض أن يكون ملفا مطلبيا وشعبيا إلى ملف طائفي، بعد أن قررت تحويل مشروع إسكان النويدرات من مشروع خاص بالقرى الأربع المحيطة به إلى مشروع عام يخصص للطلبات القديمة.
لا يمكن لأحد أن يقف ضد تلبية الطلبات القديمة أولا، بغض النظر عن الموقع الذي يوجد فيه المشروع، ولكن ذلك يجب أن يكون معلنا منذ البداية، كما يجب أن تكون هناك معايير محددة تنتهجها الوزارة في آلية التوزيع، فإن كانت الوزارة قد أيقنت بأن مشروع امتداد القرى قد فشل في حل المشكلة الإسكانية في البحرين فلتعلن ذلك، ولتلغي هذا المشروع لتكون جميع مناطق البحرين مفتوحة لجميع المواطنين.
فليس من العدل أن يحصل أحد المواطنين تقدم بطلبه في العام 1997 على منزل إسكاني في حين أن هناك مواطنا آخرا ينتظر دوره في الحصول على المسكن منذ العام 92 أو 1993.
هذه المشكلة لا تتحملها وزارة الإسكان فقط، وإنما النواب الذين استغلوا هذه القضية لمآرب انتخابية صرفة، فعلى هؤلاء النواب أن يضعوا قانونا يلزم وزارة الإسكان بتطبيق آلية محددة لتوزيع الخدمات الإسكانية، كما عليهم عند إقرار أية موازنة أن يضغطوا في اتجاه تخصيص المبالغ المالية الكافية لإنشاء منازل للطلبات القديمة والتي مضى على تقديمها أكثر من 17 عاما بدلا من اتخام موازنات الوزارات الأمنية بمبالغ أكثر بكثير مما يخصص للصحة والتعليم والإسكان مجتمعة.
 
صحيفة الوطن
10 اغسطس 2009

اقرأ المزيد