يصعب على إنسان العصر الحالي العيش في عالم تغيب فيه المعلومة وتدفق المعلومات عن أي شيء كان؛ لأن عالم اليوم التقني يشترط توافر المعلومة للجميع لكي يحتسب المرء أنه يعيش في عصر المعلومات, لذلك فإن أي قانون يصدر لتقييد تدفق المعلومات يعني أن الدولة ستصنف ضمن الدول المتخلفة التي تنتهك حرية التعبير وحرية تدفق المعلومة.
إن غلق المواقع الإلكترونية أياً كان نوعها، ليس مرحباً به على مستوى المجتمع الدولي ويناقض ثقافة حقوق الإنسان وهي ثقافة تختلف عن الثقافة الأمنية التي تقيد الحريات باسم تفعيل القانون، وهي سمة لمن لا يعترف بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وتطبيقها بصورة حقيقية.
هذا الكلام كان عن بلدان أخرى، ولكن البحرين الآن انضمت إلى قائمة الدول الرافضة لحرية تدفق المعلومات على اعتبار أن المواقع سياسية تضر بسمعة الدولة وعلى اعتبار أن مواقع أخرى إباحية ضد الدين والأخلاق… إلا أن قرار المنع نفذ على مواقع لا علاقة لها بكلا النوعين اللذين تم ذكرهما.
وزارة الثقافة والإعلام تنشر ملاحظة على المواقع المحجوبة تقول فيها: ملاحظة، إنه تم حجب هذا الموقع بقرار من الوزارة استناداً إلى المادة (19) من المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر بمملكة البحرين وذلك لاحتوائه على أمور محظور نشرها طبقاً للقانون.
لكن المادة (19) البحرينية تناقض المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أن «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت من دون تقيد بالحدود الجغرافية».
المادة (19) أيضاً ترتبط بسمعة حسنة ولها علاقة بـ«منظمة المادة 19»، وهي منظمة حقوقية مقرها لندن، وتهتم بكل قضايا حرية التعبير، واتخذت المنظمة اسمها أو هدفها من المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير ويشمل حق استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت من دون تقيّد بالحدود الجغرافية.
كل ما جاء ذكره يدعونا إلى القول بأن رمزية المادة (19) في القوانين الدولية تنصب مع حرية التعبير. أما هنا في البحرين ولسخريات القدر فقد أصبحت المادة (19) ترتبط بقمع التعبير وإلغاء فكرة تدفق المعلومة.
الوسط 1 فبراير 2009