حذر اقتصاديون من أن العام المقبل 2009 سيكون عاماً حاسماً بالنسبة للاقتصاد العالمي بما في ذلك الاقتصاد البحريني وقالوا: “إن مستوى تأثر الاقتصاد البحريني بالأزمة المالية العالمية ستظهر ملامحه خلال الشهرين المقبلين عندما تفصح المؤسسات المالية والشركات العامة عن نتائجها المالية”.
وأكدوا أن الحكومات الخليجية لم تستفد من الطفرة النفطية لتنويع مصادر الدخل لذلك فإن تدهور أسعار النفط ستتضاعف تأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني.
2009 سيكون عام الحسم الاقتصادي
تدهور أسعار النفط سيكون كارثيـاً على الاقتصاد البحريني والخليجي
الوسط – جميل المحاري
حذر اقتصاديون من أن العام المقبل 2009 سيكون عاماً حاسماً بالنسبة للاقتصاد العالمي بما في ذلك الاقتصاد البحريني وقالوا: “إن مستوى تأثر الاقتصاد البحريني بالأزمة المالية العالمية ستظهر ملامحه خلال الشهرين المقبلين عندما تفصح المؤسسات المالية والشركات العامة عن نتائجها المالية”.
وأكدوا أن الحكومات الخليجية لم تستفد من الطفرة النفطية لتنويع مصادر الدخل لذلك فإن تدهور أسعار النفط ستتضاعف تأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني.
وأضافوا ” من المؤكد أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر على مجمل الاقتصادات الخليجية وأن هذا التأثير سيكون أكبر مما هو متوقع، بسبب أن عملاتنا مرتبطة بالدولار واقتصاداتنا مازالت اقتصادات نفطية إذ إن بعض الدول تعتمد على النفط بأكثر من 90 إلى 95 في المئة وانخفاض الأسعار خاصة بعد الارتفاع الكبير الذي وصل إلى 140 دولاراً سيؤدي إلى كارثة اقتصادية إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن”.
وذكروا أن المشكلة هي أن الدول الخليجية كانت تعتقد بأن هذا الارتفاع سيستمر إلى سنوات طويلة وعلى ذلك بنيت قرارات مستقبلية.
وأكدوا أن الدول الخليجية لا تأخذ الدروس والعبر من التحول في الأسعار وخصوصاً عند ارتفاع الأسعار ففي كل مرة ترتفع الأسعار لا تتحول العائدات إلى القطاعات الإنتاجية الأخرى، بل تتحول إلى القطاعات التقليدية ومن بينها القطاع العقاري.
وقالوا في المنتدى الذي نظمته «الوسط» بشأن «الآثار الاقتصادية لهبوط أسعار النفط» وشارك فيها كل من الباحث الاقتصادي محمد الصياد والباحث الاقتصادي جعفر الصائغ بالإضافة إلى عضو مجلس النواب السابق والباحث الاقتصادي عبدالنبي سلمان: ” إن القطاع الإنتاجي بما في ذلك القطاع الصناعي لم يستفد أبداً من هذه الطفرة النفطية ولم ترتفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي فلو نظرنا إلى الناتج المحلي لجميع الدول الخليجية فإن مساهمات هذه القطاعات لم تتغير أبداً على رغم الطفرة النفطية التي شهدتها المنطقة، لذلك نقول إنه لم يكن هناك استغلال أمثل للإيرادات النفطية”.
وفيما يلي نص المنتدى:
* يختلف المحللون الاقتصاديون في تحديد أسباب هبوط أسعار النفط للمستوى المتدني الحالي بعد أن شهدت ارتفاعاً غير مسبوق فالبعض يرى أن ذلك بسبب المضاربين في السوق العالمية في حين يرجعها البعض الآخر لوجود فائض كبير في السوق وزيادة العرض على الطلب ويرى البعض أن ذلك بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، في رأيك ما هي الأسباب الحقيقية؟
محمد الصياد: لو رجعنا إلى تسلسل الارتفاعات والهبوط في الأسعار لوجدنا أن الارتفاع الكبير بدأ منذ العام 2004 إذ كانت الأسعار تدور حول 30 دولاراً للبرميل، ومنذ ذلك الوقت أخذت الأسعار في الارتفاع حتى شهر أغسطس/ آب من العام الحالي، ففي شهر يوليو/ تموز 2008 وصل السعر إلى 147 دولاراً للبرميل، لم تكن هناك مشكلة في السوق النفطية فيما يتصل بالأساسيات الاقتصادية، إذ كان هناك معروض كاف، ولذلك كان الهجوم على منظمة «أوبك» غير مبرر أي كان يقول البعض أن ارتفاع الأسعار بسبب نقص الإمدادات، بالعكس لم يكن لدى منظمة أوبك سعة احتياطية فجميع الدول كانت تنتج بأقصى طاقتها إذ كان من مصلحة الدول أن تنتج بأقصى طاقتها في ظل ارتفاع الأسعار. جزء من أسباب الارتفاع الدورة الاقتصادية التي كانت في قمة صعودها، كما أن المضاربين في السوق لعبوا دوراً كبيراً في ذلك بسبب وجود فوائض مالية ضخمة جداً نتجت عن معدلات النمو القياسية للدول التي تسمى بالاقتصاديات الصاعدة بالإضافة للدول النفطية، لذلك كانت الصناديق السيادية التي تحتوي على مليارات الدولارات تفتش عن قنوات توظيف، وكانت هناك أدوات للتوظيف منها مختلف أنواع الصناديق التي كان منها صناديق التحوط ومنها البنوك الاستثمارية التي لعبت دوراً في المضاربات حتى وصلت إلى حد أن اليابانيين اتهموا المضاربين وخاصة المضاربين الأميركيين بأنهم كانوا يغذون ارتفاع أسعار النفط من خلال المضاربات المحمومة في حين كان الأميركان يرفضون هذا الاتهام ووصل الأمر إلى أن ممثل اليابان في وكالة الطاقة الدولية قدر نسبة المضاربة في الارتفاع بـ60 في المئة من سعر البرميل، وعندما وصل الخطر إلى الاقتصاد الأميركي نتيجة ارتفاع أسعار النفط بدأ الكونغرس الأميركي يناقش دور المضاربات في ارتفاع الأسعار وبدأ الاعتراف بالمشكلة وبأن المضاربين يساهمون بدور كبير في ارتفاع أسعار النفط، لذلك كانت هناك اقتراحات من قبل عدد من أعضاء الكونغرس لإيجاد قوانين للحد من المضاربات، ولكن الأمر بعد ذلك خرج عن إطار السيطرة، عندما بدأت الأزمة للسوق العقارية وبعدها انتقلت إلى القطاع المالي لتنتقل بعد ذلك إلى الاقتصاد الحقيقي.
إن الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار هي نفسها التي أدت إلى انهيار الأسعار بهذا المستوى، فان ارتداد الدورة الاقتصادية ووجود فائض كبير في السوق فعندما خفضت أوبك من إنتاجها بواقع 1.5 مليون برميل في اليوم الشهر الماضي كان هناك فائض يقدر بـ2 مليون برميل، لذلك لم يكن لهذا الخفض أي تأثير يذكر.
التحكم في الفائض النفطي
*هل يعني ذلك وجود نصف مليون برميل فائضاً في الوقت الحالي؟
–الصياد: هناك الآن تراجع في الطلب بسبب الركود الاقتصادي في القطاعات الأساسية، في البتروكيماويات والتصنيع، ما أدى إلى تراجع الطلب على مصادر الطاقة ومنها المصادر الإحفورية إذ يقدر الفائض الآن بـ 4 ملايين برميل، ويدور الحديث الآن عن أن أوبك ستخفض إنتاجها من النفط بعد الاجتماع المقبل في الأسبوع المقبل بـ1.5 مليون برميل ولكني لا أظن أن ذلك سيجدي، فما دام الاقتصاد العالمي الآن في حالة انحسار فمن المؤكد أن الأسعار ستمر بفترة تراجع.
لقد انهارت الأسعار من 147 دولاراً في يوليو الماضي لتصل الآن إلى 48 دولاراً في الوقت الحالي ذلك ما يخص خام برنت في حين أن الخام العربي الوسيط فان الأسعار أقل من ذلك، أرى أن الضغط على الأسعار خف الآن مثلما تراجعت انعكاسات الأزمة المالية العالمية في وسائل الإعلام، بسبب أن الآنهيارات الضخمة في «وول ستريت» وطوكيو ولندن التي كنا نشاهدها يومياً توقفت مع أن شبح الآنهيارات مازال موجوداً، يمكن تشبيه السوق النفطي بالأسواق المالية فالخطر مازال كامناً وأن السوق مازال يترقب، فهناك إجراءات تحفيزية فالغرب يتخذ إجراءات غير مسبوقة في الأزمات السابقة ويستخدم أدوات الإنفاق العام بشكل ضخم جداً فمئات المليارات من الدولارات تخصص للخروج من الأزمة بالإضافة لاستخدام أداة خفض أسعار الفائدة، إن الاقتصاد العالمي الآن ينازع للتغلب على الأزمة.
*كما ذكر الأخ محمد الصياد أن منظمة “أوبك” يمكن أن تخفض من إنتاجها ولكن ذلك قد لا يؤثر بشكل كبير لدعم الأسعار، فهل يعني ذلك أن
المنظمة عاجزة تماماً عن القيام بأي إجراء لدعم الأسعار؟
– جعفر الصائغ: بالإضافة إلى ما ذكره الأخ محمد نرى أنه لو تتبعنا الأزمة المالية، فإن الوضع الاقتصادي الذي أدى إلى هذه الأزمة هو وجود فوضى اقتصادية، إذ كان هناك نمواً لا يمكن تسميته نمواً حقيقياً للاقتصاد العالمي، كان السبب وراء هذا النمو المضاربات التي أثرت على جميع الأسعار بما فيها أسعار النفط والأسهم، إن هذا النمو غير الحقيقي أدى إلى فوضى اقتصادية، كانت الأغلبية لا تعرف أن هذا النمو بسبب الاضطرابات واعتقدوا بأن الاقتصاد الأميركي ينموا ويزدهر في حين كان الواقع على العكس تماماً، حتى أن أسعار النفط عندما كانت ترتفع بشكل جنوني لم يكن ذلك بسبب عوامل اقتصادية بحتة، بل كان بسبب هذه الاضطرابات والشركات التي كانت تلعب في الأسعار من خلال المضاربات، ولذلك لم يكن هناك لمنظمة أوبك دور في هذا الارتفاع، هذه العوامل كانت خارجة عن إدارة أوبك، عندما انكشفت هذه الفوضى الاقتصادية فان جميع الأسعار مثلما ارتفعت بشكل جنوني بدأت تنخفض بشكل سريع وبشكل جنوني وترجع إلى الأسعار الحقيقية، لقد كان مصدرو النفط يعتقدون بأن الأسعار الحقيقية للبرميل تدور حول 100 دولار في ظل الوضع الاقتصادي الذي كان مبهماً.
أرى أنه من الصعب الآن أن تتحكم منظمة أوبك في الأسعار أو أن تحافظ على مستوى مقبول للأسعار أي أعلى من 70 أو 80 دولاراً ومع ذلك فإن ذلك ليس مستحيلاً فلو خفضت أوبك إنتاجها بشكل كبير فان ذلك قد يؤثر على الأسعار ولكن ذلك يحتاج إلى تضحية كبيرة، أعتقد أن على أوبك، لكي تحافظ على أسعار النفط، أن يكون هناك موقف واحد لجميع الدول الأعضاء وذلك شيئاً صعباً إذ إن هذا الموقف قد تتدخل فيه عوامل سياسية واقتصادية.
النقطة الأخرى هي أن انخفاض أسعار النفط يعتبر مؤشراً قوياً إلى حدة الأزمة المالية فعندما يبقى سعر برميل النفط مرتفعاً والأزمة المالية تتسع نقول إن هناك تناقضاً إذ إنه عند ارتفاع أسعار النفط يعني أن هناك سيولة وهناك طلب وحركة في الوقت الذي هناك شح في السيولة ولذلك فإن انخفاض الأسعار هو دليل واضح على أن هناك أزمة مالية وهي تتسع وتؤثر على جميع الأسعار والقطاعات.
السعر العادل للبرميل
*في حين وصلت أسعار النفط إلى ما دون الـ50 دولاراً ترى منظمة أوبك أن السعر العادل للبرميل
تدور
حول 75- 80 دولاراً، كيف نحدد السعر العادل للنفط ؟
–عبدالنبي سلمان: أعتقد بأنه من الصعب إقناع جميع الأطراف في أوبك بالاتفاق على سعر محدد في ظل التزامات كل طرف على حدة ولكن ما رشح حالياً من الأعضاء المؤثرين في المنظمة كالمملكة العربية السعودية على سبيل المثال فإنهم يتحدثون عن سعر 75 دولاراً في حين تتحدث المنظمة بشكل عام بين 70 إلى 90 دولاراً كطموح وأعتقد بأن السعر الموضوعي هو في حدود 70 دولاراً في ظل ما يحدث في العالم الآن ولكن أعتقد أيضاً من الصعب الاتفاق على آلية لضبط الأسعار بالطريقة التي يريدها الأعضاء وخاصة أن إنتاج أوبك لا يتعدى 40 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط، الآن هناك حديث عن دخول روسيا على الخط والتي يقدر إنتاجها بـ10 في المئة من الإنتاج العالمي وذلك سيكون عاملاً مساعداً لو تم اتفاق روسيا مع منظمة أوبك ولكن من الصعب القول إن ذلك سيجدي في ظل الظروف الاقتصادية العالمية، أعتقد بأن ما سيخرج به الاجتماع المقبل لأوبك سيؤثر بشكل نفسي أو ربما يساهم بعدم تدهور الأسعار بأكثر مما هو حاصل الآن، ولكن ضبط الأسعار عند آلية محددة والقول بإن 75 أو 50 دولاراً هو السعر العادل صعب جداً، إن الصيغة الأقرب على الاتفاق من وجهة نظري بين الأعضاء ربما تكون في هذه الحدود.
في العام الماضي تجاوزت دول أوبك حصتها من الإنتاج بما لا يقل عن 4 في المئة وبالتالي فإن هذه النسبة تعتبر مؤثرة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدم التزام الأطراف بحصصها.
* هل يمكن القول بإن الأسعار وصلت إلى القاع ولا يمكن أن تنخفض إلى أكثر من ذلك أم أن ما يطرحه بعض المحللين من أن الأسعار
من الممكن أن تصل إلى 20 إلى 25 دولاراً للبرميل مازال قائماً؟
–الصياد: هناك أكثر من سيناريو فيما يخص الأسعار، فإدارة معلومات الطاقة الأميركية لديها سيناريو ووكالة الطاقة الدولية لديها سيناريو آخر فكل شيء اليوم مرتبط بالاقتصاد العالمي، وهذا الاقتصاد يمر الآن بحالة «اللايقين»، وأعتقد بأن هناك مصلحة مشتركة بين أوبك وروسيا إذ إن مسألة أسعار النفط بالنسبة لهما مسألة مصيرية، فبالنسبة لروسيا فإن الرصيد الذي راكمته خلال فترة الارتفاع والذي يصل إلى 560 مليار دولار يستنزف الآن فحوالي 16 مليار دولار تستنزف شهرياً بسبب الآنخفاض في الأسعار، لذلك فإن من مصلحة الروس أن يتخذوا موقفاً ينسجم مع موقف أوبك فصحيح أنه يوجد الآن فائضاً في السوق ولكن أوبك في وضع لا تحسد عليه فهي تواجه ضغطاً من قبل الدول الغربية فما يقوله الغرب إن العالم في أزمة وانتم تساهمون في تفاقم هذه الأزمة بالضغط في جانب العرض، فدخول روسيا كلاعب قوي سيقوي من جانب أوبك ومواقفها باتخاذ قرار فيما يتعلق بسقف الإنتاج.
لا ننسى أن في منظمة أوبك هناك من يسمون بالصقور وهناك أيضاً معتدلون ففنزويلا وإيران وليبيا يطالبون بخفض كبير في الإنتاج بينما المملكة العربية السعودية لا تميل إلى مثل هذه القرارات الراديكالية بسبب علاقاتها وارتباطاتها الدولية، فمستقبل أسعار النفط مرتبط بعدد من العوامل السياسية.
* حذر صندوق النقد الدولي من أن انخفاض أسعار النفط يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على مستوى النمو في الدول الخليجية فإلى أي مدى
يمكن
يؤثر ذلك على مستوى النمو في البحرين؟ وكيف سيؤثر ذلك على اقتصادنا المعتمد أساساً على عائدات النفط؟
–الصائغ: من المؤكد أن انخفاض أسعار النفط يؤثر على مجمل الاقتصادات الخليجية ولكنني أعتقد بأن هذا التأثير سيكون أكبر مما هو متوقع، فأولاً عملاتنا مرتبطة بالدولار واقتصاداتنا مازالت اقتصادات نفطية إذ إن بعض الدول تعتمد على النفط بأكثر من 90 إلى 95 في المئة وانخفاض الأسعار خاصة بعد الارتفاع الكبير الذي وصل إلى 140 دولاراً، المشكلة أن الدول الخليجية كانت تعتقد بأن هذا الارتفاع سيستمر إلى سنوات طويلة وعلى ذلك بنيت قرارات مستقبلية، ما نراه في الدول الخليجية هو في الواقع التزامات للحكومات، من خلال تطوير البنى التحتية ودعم القطاع العقاري، في الفترة المقبلة إذا انخفضت أسعار النفط وذلك من المتوقع فإن الأضرار ستكون كبيرة جداً وتختلف عن المرات السابقة.
ثانياً إن الدول الخليجية لا تأخذ الدروس والعبر من التحول في الأسعار وخصوصاً عند ارتفاع الأسعار، ففي كل مرة ترتفع الأسعار ولا تتحول العائدات إلى القطاعات الإنتاجية الأخرى، بل هي تتحول إلى القطاعات التقليدية ومن بينها القطاع العقاري. كون أن الدول الخليجية قد استخدمت هذه الإيرادات في قطاعات غير إنتاجية مثل القطاع العقاري، وإن هذا القطاع سيساهم في الالتزامات المالية لهذه الدول كونه يحتاج إلى بنية تحتية.
إن القطاع الإنتاجي بما في ذلك القطاع الصناعي لم يستفد أبداً من هذه الطفرة النفطية ولم ترتفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي فلو نظرنا إلى الناتج المحلي لجميع الدول الخليجية فإن مساهمات هذه القطاعات لم تتغير أبداً على رغم الطفرة النفطية التي شهدتها المنطقة، ولذلك نقول إنه لم يكن هناك استغلال أمثل للإيرادات النفطية، لذلك أتوقع إنْ استمرت الآنخفاضات في أسعار النفط فإن تأثيرات ذلك على الدول الخليجية في هذه المرة سيكون أكثر.
خفض الإنفاق العام
–الصياد: الغريب أن الدول الغربية وأميركا عندما دوهموا بالأزمة عملوا برامج ضخمة وخصصوا مبالغ مالية ضخمة لدعم الاقتصاد وزادوا من الإنفاق العام لتحفيز النمو العام فأنشأوا مشاريع للبنى التحتية كما خفضوا أسعار الفائدة، في حين حدث العكس عندنا عندما انخفضت أسعار النفط، وعندما انخفضت الإيرادات النفطية انخفض الإنفاق من خلال خفض الموازنة كما حدث في موازنة المشاريع لدينا ففي حين كانت موازنة المشاريع لدينا في 2007 توازي 530 مليون دينار وفي العام 2008 توازي 490 مليون دينار فان موازنة 2009 انخفضت بنسبة 43.4 في المئة وفي موازنة 2010 انخفضت بنسبة 38.8 في المئة بواقع 300 مليون دينار لكل سنة، فبدل من أن يزيد الإنفاق العام للتصدي لموجة الركود ينكمش الإنفاق ولا أعلم إن كان المسئولون لدينا يتوقعون زيادة الإنفاق الخاص لتعويض هذا النقص؟ وكيف سيتم تدارك هذا النقص؟ وهذا سؤال مطروح أمام مصممي السياسة المالية لدينا، من المفترض أن يبدع هؤلاء المصممين وليس مجرد أنه في حالة انخفاض العائدات يجب خفض الإنفاق، إن الإنفاق الحكومي هو المغذي للاقتصاد في البحرين.
*ولكن كم حققت البحرين خلال السنتين الماضيتين من فائض في الموازنة؟
–سلمان: تقريباً 310 ملايين دينار من المفترض أنها حولت للاحتياطي.
إن النقطة الأساسية التي تحدث عنها الأخ محمد بشأن موازنة المشاريع هي نقطة جوهرية جداً، فمن خلال الحوارات الدائرة الآن بين الحكومة ومجلس النواب بشأن الموازنة يفترض أن يكون الحديث بهذا الاتجاه وهو زيادة الإنفاق على المشاريع على اعتبار أن القطاع الخاص هو قطاع منكمش لدينا باستمرار ولا يمكن أن يقود عجلة الاقتصاد في الوقت الحاضر بإمكانياته وقدراته المعروفة، وبالتالي فإنني استغرب من طرح بعض النواب في اللجنة المالية بأن الموازنة ستمرر كما هي، إن ذلك أمر خطير جداً، إن الحديث الدائر بأن ما قدمته الحكومة معقول جداً ويكفي ولا يمكن التعديل فيه ضمن الظروف المالية الحالية، إن النقطة الأساسية الآن لدى النواب هي معونة الغلاء وذلك فيه جانب انتخابي ومغازلة للشارع.
*ولكن ألا يمكن أن يكون هذا الطرح مقبولاً وخصوصاً أن هناك عجزاً مالياً إذا ما قدر سعر النفط بـ60 دولاراً؟
–سلمان: ليس هناك خلاف على معونة الغلاء ولكن الخلاف حول.
*لم يكن ذلك سؤالي وإنما هو، من المفترض أن يكون سعر برميل النفط العربي في حدود 75 دولاراً لكي تغطي
الإيرادات المصاريف وأن
اعتماد 60 دولاراً للبرميل سيعني عجزاً مالياً، أليس من المقبول أن يتم تخفيض الإنفاق؟
–سلمان: إن إجماع النواب الآن هو اعتماد 40 دولاراً للبرميل، وأعتقد في ظل هذا الإرباك الحاصل في العالم والمنطقة فإن الحديث عن 40 دولاراً مقبول إلى حدٍ ما لأنه لا يمكن المجازفة بـ60 دولاراً، كما أننا سنحقق عجزاً كبيراً لا يمكن استيعابه في الموازنة، ولكنني أعتقد بأنه لابد النظر إلى الموازنة العامة للدولة بنظرة منهجية بعيداً عن النظرة العاطفية التي نراها حالياً لدى غالبية النواب بسبب أن النواب هم من يقر الموازنة في نهاية المطاف.
أعتقد بأن الاستفادة من الطفرة النفطية خلال الخمس سنوات الماضية لم تستغلها حكوماتنا بشكل جيد وللأسف فان حكوماتنا لم تتعلم من الدروس السابقة، وأعتقد لو أعيد لها السيناريو نفسه فإنها ستعيد الأخطاء نفسها بسبب عدم وجود منهجية لدى حكوماتنا في كيفية إدارة عجلة الاقتصاد الوطني، أنا لا أتحدث هنا عن البحرين فقط وإنما عن مجمل دول المنطقة.
*تقول ذلك في الوقت الذي نسمع فيه من المسئولين أهمية تنويع الاقتصاد وتوجه الدولة لذلك؟
–
سلمان:
هذا كلام نسمعه منذ السبعينيات ومع ذلك فالنفط يشكل اليوم أكثر من 80 في المئة من الدخل القومي لمملكة البحرين وهذا الكلام استمر لمدة 30 سنة ماضية من دون تغير جوهري، والدليل على ذلك هو أنه لا توجد سياسات للتنويع الاقتصادي الذي يتم الحديث عنه، حتى ردة فعل حكوماتنا بشأن الأزمة المالية قبل أن تتحول إلى أزمة اقتصادية كانت ومازالت تراوح في تطمينات غير قائمة على أسس موضوعية وهي أن وضعنا جيد وإننا بخلاف الآخرين لا نعاني من نقص في السيولة، ربما يكون ذلك مقبولاً لحد ما لامتصاص ردات الفعل العنيفة ولكن عدم الحديث عن خطط، كزيادة الإنفاق أو الحديث عن سياسات عامة لمواجهة الأزمة فإن ذلك يقود القطاع الخاص والمستثمرين وحتى الحكومة في حالة مراوحة لأنهم لا يعرفون إلى أين يتجهون.
إن مجلس التنمية الاقتصادية عليه مسئولية كبيرة في هذا الجانب فعندما تتحدث البحرين عن تشكيل لجنة مصغرة للتعاطي مع الأزمة أعتقد أن ذلك مؤشراً غير جيد، فالدول الأوربية تعاملت بشكل مسئول وفرغت طواقم وإدارات خاصة لإدارة الأزمة كما ضخت أموالاً كثيرة وتركت ملفات كثيرة للتركيز على الأزمة الاقتصادية كأهم ملف تعاني منه هذه الدول على العكس مما يحدث لدينا، فنحن نلاحظ أن الحديث لا يدور بهذه الموضوعية لكيفية انتشال الاقتصاد من هذه الأزمة، أعتقد أننا مقبلون على أزمة كبيرة ستتكشف معالمها مع بداية العام المقبل، لأن ما يتم الآن هو مسكوت عنه وأعتقد أن الإمارات بدأت فيها الأوضاع بالآنكشاف، فما صرح به وزير المالية الإماراتي تعتبر أمور مخيفة ولكن في واقع الحال هي جوهرية، فمثلاً تراجع النمو الاقتصادي في الإمارات من 7.5 إلى 3.1 في المئة يعتبر مؤشراً واضحاً إلى أن هذه العجلة ستتبع في دولنا الخليجية الأخرى.
مؤشرات التأثر بالأزمة
* في حين يتم الحديث عن تبعات الأزمة العالمية على دولنا الخليجية فإن المؤشرات ليست واضحة لحد الآن، كيف تؤكدون أن التبعات ستكون
خطيرة جداً وما هي مبرراتكم لذلك؟
–الصائغ: إن المؤشرات ستتضح في نهاية العام الجاري عندما تفصح المؤسسات المالية عن تقاريرها المالية، ولو أن بعض المؤسسات أعلنت بشكل واضح…
–الصياد: بعض المصارف أعلنت عن تسجيل خسائر على استحياء بما في ذلك البنوك التجارية.
–الصائغ: بالضبط، أحياناً في الدول التي لا تعمل بمبدأ الشفافية فإن المحلل يمكن أن يقرأ ما بين السطور فعندما يزيد مسئولو المصارف المركزية لدينا من تصريحاتهم فان ذلك يعني وجود تخوف وأنهم لا يريدون أن يتحول الأمر إلى أزمة نفسية لدى الأفراد على رغم تسجيل بعض المؤسسات خسائر كبيرة ومن ثم يأخذ هؤلاء الأفراد ردة فعل من خلال سحب أموالهم أو تحويلها ومن ثم تتوسع المشكلة.
لقد سجلت الأسواق المالية لدينا خسائر كبيرة كما أن بعض المصارف أوقفت تقديم القروض العقارية وهناك تلكؤ من قبل بعض المؤسسات…
–الصياد: حتى التعاملات ما بين المصارف أنفسها قد تراجعت بشكل كبير نتيجة وجود أزمة سيولة.
–الصائغ: إن خروج المصارف المركزية بالتصريح بأن هناك ضماناً للودائع يدل على أن هناك بالفعل أزمة، ولنرجع لمبدأ الشفافية فهل من صالح الدول الخليجية أن لا تعمل بمبدأ الشفافية؟ أعتقد أن المسئول الذي يصدر تصريحات مغالطة سيتحمل المسئولية فيما بعد لو اتسعت المشكلة، في ظل هذا الوضع الحساس أعتقد بأن علينا العمل بمبدأ الشفافية.
*خلال السنتين أو الثلاث الماضية فإن الجميع بما فيهم المواطنون أحسوا بشيء من الراحة بسبب ارتفاع أسعار النفط وما قدمته الحكومات من
مساعدات للناس ودعم السلع، كيف سنتصور السنوات المقبلة في ظل تسجي عجز في الموازنات العامة ؟
–الصياد: إن مخصصات الدعم هي جزء مما يسمى بعملية التوازن الاقتصادي الاجتماعي في المجتمع ومن الصعب على أية دولة التخلي عن هذه الدالة لأنها مرتبطة بالاستقرار السياسي، أعتقد بأنه سيكون هناك تقليص في مخصصات تؤثر على المواطنين كمخصصات الخدمات الإسكانية ومخصصات البنية التحتية ولكني أشك كثيراً في أن الدولة ستقلص من مخصصات الدعم الحالية، يمكن أن يكون هناك تجميد في الرواتب أي يمكن لو ازداد الوضع سوءاً أن يتأثر البند الأول في الموازنة مثلما حدث في السنوات التي أعقبت الآنحدار الكبير في أسعار النفط في بداية الثمانينيات، نحن نتمنى أن لا نصل إلى هذه المرحلة لأن ذلك يعني سنوات عجاف، وكما أوضح الدكتور جعفر أننا لم نستعد لهذه المرحلة فلم نستثمر في التنمية البشرية ولا أنشأنا أكاديميات ومعاهد ولا اتجهنا إلى التوسع في الصناعات التحويلية القائمة أو فكرنا في إنشاء صناعات جديدة لتحقيق سياسة التنويع، كان لدينا حوالي 5 سنوات من الآنتعاش الأسطوري لم نستفد منها بشكل جيد وإنما قمنا بتقليد بعضنا بعضاً وأخذنا باستشارات غير حكيمة واتخذنا أسهل الطرق من خلال الاستثمار في القطاع العقاري والأسواق الثانوية بعيداً عن الاقتصاد الحقيقي وهذه هي النتيجة.
أعتقد أن الموضوع يحتاج إلى وقفة جدية حتى وإن كانت التأثيرات التي وقعت على اقتصادنا أخف مما حدث في السعودية أو الإمارات مثلاً بسبب أن اقتصادنا أصغر وطبيعة تعاملاتنا الاقتصادية أكثر تحفظاً بالإضافة إلى أن الإدارة المالية أكثر انضباطاً.
اتفق مع ما طرحه الدكتور جعفر من أهمية انتهاج أسلوب الشفافية، كما أرى أنه يجب إعادة النظر في الرؤية الاقتصادية بسبب أنها وضعت في أوضاع اقتصادية مواتية وكانت هذه الرؤية تتضمن إجراءات مثل التخصيص في الوقت الذي فيه يعيد العالم النظر في السياسات الاقتصادية المتبعة بما في ذلك الولايات المتحدة قلعة الرأسمالية التي أممت مؤسسات ضخمة وكذلك بريطانيا، ولذلك لا أرى أنه من الصواب أننا نعاكس التيار العالمي، يجب أن يكون للدولة الآن دوراً قوياً لإعادة الأمور إلى نصابها.
*يقال إنه رب ضارة نافعة، ألا يمكن أن تكون هذه الأزمة سبباً لإعادة النظر في السياسات المتبعة لدينا؟
–سلمان: إنني أعتقد العكس فالتجارب التي مرت علينا سابقاً تؤكد أن حكوماتنا لا تتعلم من الدروس ويمكن إعطاء أكثر من مثال في هذا الموضوع. يمكن القول بإننا في الفترة المقبلة في حالة تراجع الأسعار وذلك مرجح جداً فالحديث يدور الآن عن تراجع في الأسعار إلى ما دون 25 دولاراً فإننا سنعاني من مشكلتين المشكلة الأولى تتعلق بمستوى الإنفاق على مشاريع الدولة وتقلص حجم الاقتصاد بشكل عام في حين المشكلة الثانية والتي ستضاعف من معاناتنا هي سوء توظيف الفوائض المالية خلال السنوات الست الماضية على الأقل، أعتقد أن الحديث عن الفوائض المالية لم يثار الآن فقط، فالكثير من المحللين والاقتصاديين كانوا يوضحون أن هناك خللاً جوهرياً في سياسات الدول الخليجية في اتجاه الاستثمار في القطاع العقاري وعدم تدخل الدولة في إدارة عجلة الاقتصاد وتوجيهها بشكل صحيح فكان باستطاعة دولنا التدخل ولو بشكل متأخر وذلك ما لم يتم، يمكن إعطاء مثال في هذا المجال فسوق الأسهم السعودية خلال سنتين تعرضت إلى هزتين كبيرتين بشكل قاتل ومع ذلك تعاود السوق السعودية الأخطاء نفسها وهي الآن تفقد أكثر من 50 في المئة من قيمتها، هذا يحدث في أكبر اقتصاد خليجي وعربي وذلك ما يندرج على بقية الاقتصاديات الخليجية والعربية بسبب أن القرارات تتخذ بشكل فوقي من دون النظر في أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، نحن نتعامل مع السائل الاقتصادية من خلال ردات الفعل طالما أن هناك طفرة نفطية وسيولة فالحكومات تصرف، هناك مثال آخر هو أن في دولنا الخليجية هناك مشاريع ومدن صناعية أعلن عنها وهذه المدن الآن في «خبر كان» بسبب أنها لم تبنى على أساس موضوعي وموجه بشكل صحيح من قبل الدولة والآن من الذي سيشغل هذه المدن الصناعية التي أعدت لاستقطاب الاستثمارات العالمية، هناك أمر آخر ربما تمني حكوماتنا نفسها فيها وهي أنه ربما تخلق هذه الأزمة نوعاً من الاستقطاب للاستثمار الأجنبي كبديل للاستثمارات المباشرة في المنطقة ربما يحدث ذلك ولكنني أعتقد بأن ذلك أسوء أمر أن حكوماتنا تركن إلى هذا الخيار ولا تطور من أدائها.
إنني غير متفائل في ظل ما هو متاح من سياسات وتوجهات، الأخ محمد ذكر طرح الرؤية الاقتصادية للبحرين حتى العام 2030 وذلك شيء جيد ونحن نتفاءل بوجود رؤية اقتصادية للبحرين وذلك أمر كنا نطالب به ولكن لم يكن التوقيت مناسباً ولا حتى الرؤية تعاطت مع الحدث العالمي بشكل يشفع لها لكي نتعامل معها بشكل موضوعي، أعتقد أن هناك حاجة كبيرة جداً لإعادة النظر في الرؤية، إذ إن الرؤية أيضاً طرحت بشكل فوقي وعلى رغم جديتها إلا أنها طرحت من دون دراسة على رغم أن مجلس التنمية الاقتصادية تحدث عن أن الرؤية عرضت على المهتمين، صحيح أن ذلك تم، ولكن ما عرض هو أفكار وخطوط عامة ولم تناقش هذه الأفكار، الآن هناك مستجد عالمي وإقليمي يجب إعادة النظر في هذه الرؤية لضمان نجاحها.
إمكانية نجاح الرؤية الاقتصادية
*ألا ترون بأنكم تنظرون إلى السيناريو الأسوأ وهو استمرار هبوط الأسعار في حين أن هناك من المحللين الاقتصاديين يرون أن تدهور الأسعار ما هو إلا فترة مؤقتة وسترتفع الأسعار مرة أخرى خلال الشهور القليلة المقبلة؟
–
الصائغ:
المسألة هي ليست النظرة المتشائمة أو المتفائلة ولكن هي ما تتخذه الحكومات من إجراءات في هذا الوضع الحساس، جميع الدول في العالم تمر بأزمات اقتصادية صعبة ولكن إذا لم تتبنَ السياسة المناسبة في الوقت المناسب فستكون خسارتها أكبر، إن ما نتحدث عنه هو ما هي الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومات وخصوصاً البحرين في ظل هذا الوضع بهدف تخفيف الخسائر أو تفاديها إن كان هناك مجال.
الإخوان ذكروا طرح الرؤية الاقتصادية للبحرين وأنا سأستشهد بما جاء في هذه الرؤية، هناك اعترافات جاءت بشكل واضح في أن الاقتصاد فشل في خلق كوادر، ما يعني أن السياسة التعليمية والتدريبية فشلت في خلق كوادر مطلوبة في السوق المحلي ولذلك نحن نحتاج إلى إعادة النظر في هذه السياسة إذ لا يمكن الاستمرار في سياسة تعليمية وتدريبية فاشلة لخلق كوادر للمستقبل، كما تقر الرؤية بشكل واضح بأنه لم تكن هناك سياسة واضحة لتنويع مصادر الدخل، وذلك ما يعني أن الجهود التي تبنتها البحرين منذ فترة السبعينيات وحتى الآن لم تحقق أهدافها، كما أن الرؤية ذكرت أن البحرين لم تستطع أن تخلق ميزة نسبية جديدة في القطاعات الأخرى، وسياسات تنويع مصادر الدخل تهدف إلى خلق ميزة في القطاعات الأخرى، ولذلك فنحن نقول إننا نمر الآن بوقت صعب من حيث الوضع المالي والوضع الاقتصادي والبحرين مرتبطة بالوضع الإقليمي والعالمي وهو اقتصاد صغير يتأثر بشكل واضح ومباشر بالأزمة الاقتصادية، لذلك يجب تبني الإجراءات المناسبة في هذا الوقت، وإن لم يتم اتخاذ هذه الإجراءات فإن الوضع الاقتصادي في البحرين سيعاني من مشكلات اقتصادية جمة وسنرجع إلى مشكلة البطالة ومشكلة العجز.
–الصياد: إن نقطة الضعف الرئيسية في الرؤية هي أنها تحيل جميع البرامج والخطط إلى مختلف القطاعات إلى الموازنة، فإن تم تقليص موازنة هذه المشاريع فكيف ستطبق هذه الرؤية، الآن نحن سنعمل ضمن نطاق الموازنة الموضوعة للسنتين المقبلتين ولذلك يمكن القول بإن البرنامج الإنمائي في الموازنة هو الرؤية الاقتصادية للبحرين، من المفترض أن تكون هناك موارد وموازنات خاصة لتنفيذ البرامج والمشاريع الضخمة في الرؤية وأن لا يحال ذلك للموازنة العامة للدولة، كما أن الرؤية جاءت في الوقت التي تخفض فيه الموازنة كما ذكرنا سابقا بـ 43 في المئة للسنة الأولى و38 في المئة في السنة الثانية.
الأمر الآخر هو إنه في وقت الأزمات يجب أن تلعب إدارة المخاطر الدور الأكبر، ما يتطلب وجود مختصين على درجة عالية من الكفاءة وليس أناس تقليديين ينتهجون أسلوب محاسبة قديم إذ يوسعون في الإنفاق في وقت العوائد المالية الكبيرة ويخفضون من الإنفاق في وقت الأزمات، هناك بعض الفوائد في كل أزمة، فمثلاً إن المشاريع التي كانت في السابق غير مجدية بسبب تكلفتها الكبيرة يمكن أن يكون تنفيذها في هذا الوقت مجدياً بسبب انخفاض أسعار المواد، هناك مشاريع في «أرامكو السعودية» أعيد دراستها وطرحها في المناقصات بسبب أن الكلفة أصبحت منخفضة جداً.
–سلمان: إن طرح الرؤية في هذا الوقت بالذات زاد من الإرباك الحاصل، هناك عدة مؤشرات لا يمكن أن تتكامل أو أن تتماشى مع طرح الرؤية، فمسألة الإنفاق على الدفاع والأمن بهذه الغزارة أي أكثر من مليار في الوقت الذي تتحدث الحكومة في تقارير عن أن هناك خلل جوهري في جودة وإنتاجية التعليم وأن التعليم غير صالح بنسبة 70 في المئة، المشكلة هي أن الرؤية تتعاطى مع التعليم كمحور أساسي للارتقاء بالعنصر والموارد البشرية في البلد في الوقت الذي نعاني منه من عجز بنسبة 70 في المئة في منتجات التعليم وفي الجانب الآخر هناك إنفاق غير مبرر في الجانب العسكري مقابل تقليص الإنفاق في الجانب التعليمي والخدمي.
المشكلة الأخرى التي يمكن الإشارة إليها هي ما تم التصريح به من قبل رئيس مجلس التنمية الاقتصادية من أننا نراقب العام 2009 فقط أي أن مشكلتنا فقط هي في العام 2009 وإذا تخطيناها فإننا نكون قد تخطينا مرحلة الخطر ونحن بخير من دون أن يطرح ماذا ستقدم الحكومة ومجلس التنمية الاقتصادية لتعدي هذا العام، نحن نتفق على أن العام 2009 هو بالفعل يشكل عاملاً حاسماً بالنسبة لاقتصادنا، إذ إن هناك حديثاً يدور من أنه مع نهاية العام 2009 إن معدلات النمو في العالم ستشهد تقدماً للأمام ولكن السؤال المطروح هو ماذا عملت الحكومة ومجلس التنمية للتعاطي مع عام كامل ربما يرجعنا إلى الحضيض في ظل غياب السياسات الصحيحة.
المشاركون في منتدى “الوسط”
عبدالنبي سلمان
– مواليد 1960
– عضو مجلس النواب السابق
– بكالوريوس في الإحصاء من جامعة بنغلور في الهند
– عضو جمعية الاقتصاديين البحرينية
– عضو مؤسس في جمعية البحرين للشفافية
– عضو المنبر التقدمي الديمقراطي
– اقتصادي وناشط سياسي
– دبلوم عالي في الإدارة التنفيذية
– عضو مؤسس في المنظمة العربية للبرلمانيين ضد الفساد
جعفر الصائغ
– مواليد 1962
– دكتوراه في الاقتصاد من جامعة «كييل» – بريطانيا
– نائب رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية
– أكاديمي وباحث اقتصادي
– أستاذ علم الاقتصاد بجامعة البحرين سابقا
– أستاذ في علم الاقتصاد في جامعة نيويورك – البحرين و الجامعة الملكية للبنات
محمد الصياد
– مواليد 1954
– مدير إدارة الأبحاث الاقتصادية بالهيئة الوطنية للنفط والغاز
– ماجستير علاقات اقتصادية دولية من جامعة كييف
– يحضر للدكتوراه في جامعة موسكو
– عضو جمعية الاقتصاديين البحرينية
– صدر له كتاب بعنوان ” العرب واليابان التجربة التنموية اليابانية في الميزان “
– ترجم العديد من الكتب الاقتصادية من الانجليزية إلى العربية
– له العديد من الدراسات وأوراق العمل في مؤتمرات محلية وإقليمية