دافع عدد من النشطاء السياسيين عن بيان الجمعيات السياسية بشأن نبذ العنف، وقالوا: «إن هذا البيان يفتح طريقاً آخر أمام المواطنين للمعارضة, فالحكومة تقوم بغلق جميع المنافذ على الناس بحيث تترك منفذَين فقط؛ فإما اليأس وإما التطرف ونحن نحاول أن نفتح المنفذ الثالث وهو المقاومة المدنية».
وأكدوا خلال الندوة التي نظمتها صحيفة «الوسط» بشأن بيان الجمعيات السياسية عن نبذ العنف السياسي والموقف من الإصلاحات أن الجمعيات السياسية لا تحاول من خلال هذا البيان التبرير لعمليات العنف بل تحاول شرح الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة كخطوة أولى لوضع الحلول لها.
وشارك في النَّدوة كل من الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديمقراطي رسول الجشي والأمين العام لجمعية ميثاق العمل الوطني أحمد جمعة والأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي حسن مدن والأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي إبراهيم شريف وعضو اللجنة المركزية بجمعية الوسط العربي الإسلامي أحمد سند البنعلي, والأمين العام لجمعية الإخاء الوطني موسى الأنصاري, والأمين العام لجمعية العمل الإسلامي الشيخ محمد علي المحفوظ, والنائب في كتلة الوفاق جواد فيروز.
وفي حين رأى عدد من المشاركين أن البيان استخدم لمسألة تبرير العنف على رغم أنه لا يدعو إلى العنف, وقالوا: «يمكن لمن يمارس العنف أن يستشهد بهذا البيان الذي يتيح له ممارسة العنف», أكد عدد منهم أن هذا البيان يعد دليلاً ساطعاً على أن هذه الجمعيات تدين العنف لكنها ترى أن لهذا العنف أسبابه». مؤكدين أن المشكلة تكمن في رفض وزارة الداخلية النصف الآخر من البيان.
وأضافوا «إن القراءة المتأنية لهذا البيان تشير الى أن هذه الجمعيات تدين العنف بما في ذلك العنف الآتي من الشارع بشكل جلي وواضح وهي بذلك تنزع الغطاء السياسي عن بعض الممارسات التي تتخذ طابع العنف في المظاهرات والمسيرات».
وف
يما يأتي نص الجزء الأول من الندوة:
*في ضوء الأحداث التي تكررت كثيراً منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي بشكل خطير بحيث أصبحت هناك الآن احتمالات لانفلات الوضع، فمن جانب هناك لغة تصعيدية من قبل بعض أطراف المعارضة ومن جانب آخر هناك تصعيد أمني، وخلال الفترة الأخيرة سقط 3 أشخاص جراء أحداث العنف التي شهدتها البلاد. سنناقش في هذا المنتدى الأسباب التي أدت الى حدوث مثل هذه الأحداث وإمكانية إيجاد حلول لها، وكان بودنا أن تكون وزارة الداخلية ممثلة في هذه الندوة وقد أبدت استعدادها لذلك في بادئ الأمر ولكن بسبب ما ورد في بيان الجمعيات السياسية الداعي الى نبذ العنف الذي أصدرته هذه الجمعيات حديثاً، فإن الوزارة ترى أنه على رغم إدانة هذه الجمعيات أعمال العنف فإنها تبرر هذا العنف من قبل البعض، فهل صحيح أن الجمعيات السياسية المعارضة تنبذ العنف في بداية البيان ثم تبرره في آخر البيان ما يعني أنها تشجع الأفراد الذين يقومون بمثل هذه الأعمال؟
– رسول الجشي: في رأيي أن هذا السؤال هو الذي يبلور أساس المشكلة لدى المسئولين في وزارة الداخلية، فعندما أدانت الجمعيات العنف في البداية، فإن ذلك يعد دليلاً على أن هذه الجمعيات تدين العنف لكنها ترى أن لهذا العنف أسبابه، إن المشكلة تكمن في رفض وزارة الداخلية النصف الآخر من البيان، فلا يمكن أن يحدث عنف من دون أسباب ومبررات، نحن نريد أن نتتبع الأحداث لمعرفة هذه الأسباب، وإذا استطعنا أن نصل إلى هذه الأسباب التي أدت الى هذا العنف فربما نستطيع أن نصل الى الحل، وإذا كان بعض الأسباب غير قابل للحل فذلك موضوع آخر، ولكن إن استطعنا الوصول الى نقاط إيجابية فيما يتعلق بالمشاكل واستمر العنف فإن الخطاب حينها سيتغير، فإن كان العنف من أجل تحقيق هدف معين وقامت الحكومة بتحقيق هذا الهدف فإن الخطاب للجمعيات السياسية سيتغير حينها، وحينها ستبرز علامة استفهام كبيرة عن أسباب هذا العنف ومن يقف وراءه ولكن عندما تكون أسباب العنف واضحة وجلية وموجودة وتكرر بشكل يومي – كما جاء في البيان- فلا يوجد هناك داعٍ لإعلان أن ليس هناك مبررات لهذا العنف أو السكوت عن ذلك.
لا تبرير للعنف
*ما رأيك، أحمد جمعة، في ذلك؛ هل ترى أن خطاب من يسمون أنفسهم بالجمعيات السياسية المعارضة يدين العنف لكنه مع ذلك يوجد تبريرات للعنف؟
– أحمد جمعة: فيما يخص البيانات التي صدرت لإدانة العنف، فقد أصدرنا نحن في جمعية ميثاق العمل الوطني أكثر من بيانين بهذا الخصوص على رغم أننا لم نوقعْ البيان الأخير الذي أصدرته الجمعيات الست، فالقراءة الأولى لهذا البيان تعيدنا الى الوراء كما تعيدنا الى مجموعة من البيانات التي صدرت في السنوات الأخيرة، فجميع البيانات التي تصدرها الجمعيات المتخندقة داخل إطار الجمعيات المعارضة والتي تكون في تغير مستمر فمرة تكون ثلاث جمعيات ومرة أخرى تكون أربع جمعيات أو ست جمعيات، بما فيها البيان الأخير لا يختلف تماماً عن الكثير من البيانات التي صدرت خلال أربع السنوات الأخيرة، ومع ذلك أستطيع القول أن لا هذا البيان ولا المئات من البيانات الأخرى تستطيع أن تعالج مسألة العنف والاحتقان الحاصل…
*نحن لا نطرح هنا مسألة الحل ولكن مسألة تبرير العنف، فهل ترى أن هذا البيان يبرر للعنف الحاصل؟
– جمعة: إن هذا البيان استخدم لمسألة تبرير العنف على رغم أنه لا يدعو إلى العنف، من زاوية أننا لا نؤمن بالعنف ولكن يمكن لمن يمارس العنف أن يستشهد بهذا البيان الذي يتيح له ممارسة العنف، في حالة وجود حالة من العنف في المجتمع فإن ما يجب فعله هو إما إدانة هذا العنف أو تبريره إذ لا توجد لغة أخرى أو لغة تمسك الميزان من الطرفين بحيث لا تخشى خسران الشارع وفي الوقت نفسه تدين العنف.
أسباب الظاهرة
*دعونا ننتقل إلى حسـن مـدن، إن ما ذكره أحمد جمعة من أن هذه الجمعيات لا تريد أن تفقد الشارع وبالتالي فهي تلقي باللوم على الدَّولة، فهل ذلك صحيح؟
– حســن مـدن: أرى أن القراءة المتأنية لهذا البيان تشير الى أن هذه الجمعيات تدين العنف بما في ذلك العنف الآتي من الشارع بشكل جلي وواضح وهي بذلك تنزع الغطاء السياسي عن بعض الممارسات التي تتخذ طابع العنف في المظاهرات والمسيرات، هذه الجمعيات السياسية الموقعة للبيان تريد أن تقول إننا لا نلتمس أي عذر لأشكال العنف التي تطبع هذه التحركات من جانب المشاركين فيها وأعتقد أن هذا موقف سياسي مهم لأنه ينزع الغطاء السياسي عن هذه التحركات ولا يقدم إليها أي مبرر وهذا الموقف ليس موقفاً جديداً وإنما يندرج في إطار مواقف سابقة، ولكن الجديد في هذا البيان هو أنه يأتي في رؤية متكاملة لمعالجة مسألة العنف، ليس صحيحاً ما يقال من أننا ندين العنف … ولكن، عندما نأتي لهذه الظاهرة وبمعزل عن كوننا سياسيين فإن أي باحث اجتماعي عندما يتصدى لأية ظاهرة في المجتمع فيجب عليه أن يبحث في أسبابها فلا توجد ظاهرة في المطلق أو في الهواء بمعزل عن سياق اجتماعي اقتصادي معيشي معين فلنعُد إلى جميع الأبحاث والدِّراسات الأكاديمية التي لا تنطلق من بواعث سياسية فهي لا يمكن أن تدرس ظاهرة العنف بمعزل عن سياقها، أعتقد أن على الدولة أن تنظر بعين موضوعية إلى أهمية أن جمعيات سياسية بهذا الوزن وبتمثيلها شرائح واسعة من المجتمع تقول هذا الكلام وأن يكون صدر الدولة واسعاً لتحمل النقد.
*ما يفهم من كلامك هو أن هناك فرقاً بين التبرير والبحث في الأسباب وأنكم لم تكونوا تبررون هذا العنف وإنما تبحثون في أسبابه، كما أشرت إلى أن الجديد في هذا البيان أنه طرح رؤية متكاملة وبالفعل فإن من يقرأ البيان يرى فيه أجندة وطنية تتضمن 7 نقاط أساسية من بينها المصالحة الوطنية، فهل ما طرح كان تجميعاً لما هو موجود على الساحة أم أنها فكرة قد تم العمل عليها بحيث تصدر كرؤية وطنية للعلاج؟
– مـدن: البيان لم يكن تجميعاً، وإنما هو وقفة وطنية مسئولة أمام ظاهرة العنف، فقد ذكرت في السؤال الأول أن هذه الظاهرة تتكرر في الآونة الأخيرة وهناك مؤشرات على تفاقمها خلال الفترة المقبلة وهذا يتطلب وقفة جادة من الجميع سواء من الجمعيات السياسية أو الدولة أو مؤسسات المجتمع المدني والصحافة وجميع الشرائح الوطنية المعنية بهذا الموضوع والوقوف أمام هذه الظاهرة ودراستها من جميع جوانبها، ولذلك؛ فإن هذه الوقفة الوطنية تطلبت أن تأتي ضمن رؤية متكاملة، فنحن ندين العنف الآتي من الشارع وندين الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن في التعاطي مع التحركات الشعبية والتي تتخذ في بعض الحالات صورة عقاب جماعي لبعض المناطق، وهناك الكثير من الشكاوى التي ترد عن أن هناك العديد من المناطق التي تضررت من دون مبرر، هناك حديث يدور في الفترة الأخيرة حول هجوم قوات مكافحة الشغب على المواطنين في داخل المحكمة وهذا تجاوز خطير لا يمكن السكوت عنه، فالصوت النَّاقد والصوت المعارض في المجتمع يعتبر ضرورة من ضرورات الإصلاح فلا يمكن أن تنتظر الدولة من الجمعيات السياسية في مواقعها المختلفة أن تكون في موقف مؤيد لكل ما تقوم به الدولة.
الفقر والبطالة من أهم الأسباب
*لقد قامت جمعية الإخاء بتوقيع هذا البيان على رغم أنها لم تكن طرفاً فيما يدور من أحداث عنف في الشارع، فما الذي دفعكم إلى اتخاذ هذا الموقف؟
– موسى الأنصاري: إن وحدة ومصلحة الشعب البحريني بشكل كامل هو ما دفعنا إلى اتخاذ هذا الموقف، فظاهرة العنف لا تؤثر على منطقة معينة فقط أو محافظة معينة فقط أو حتى طائفة معينة فقط.
*هناك 7 نقاط طرحت من خلال البيان، فما هي الرسالة التي أردتم إيصالها إلى الدولة من خلال هذه النقاط؟
– الأنصاري: إننا نرفض العنف المستخدم من قبل الدولة كما نرفض وبشكل أقل العنف المستخدم من قبل الشارع، إن رؤيتنا تنطلق من أسباب العنف في الشارع فلم يتم الحديث عن ذلك حتى الآن، إن العنف موجود منذ عدة سنوات ولدى الحكومة من الأدوات التي تمكنها من الوصول الى أسباب العنف، وإذا أردنا معرفة هذه الأسباب فدعني أقول إن العنف لا يحدث في المناطق الجديدة والراقية وإنما يحدث في المناطق والقرى الفقيرة التي تسكن فيها عوائل كبيرة من 20 أو 30 شخصاً في منزل صغير لا يتسع إلى 5 أفراد. إن هؤلاء يقاسون ويعانون الفقر والحاجة وليس لديهم من مخرج آخر سوى الاحتجاج والمظاهرات، كان يجب على الحكومة النظر في الأحوال المعيشية لمثل هؤلاء المواطنين كما كان على الدَّولة أن تشكل لجنة لمعرفة الأسباب التي أدت الى حدوث أعمال العنف في هذه المناطق بالذات، هناك أسباب كثيرة لذلك وهي البطالة والجوع والفقر.
*من ضمن النقاط المطروحة في البيان الحاجة إلى مصالحة وطنية، فهل تعتقدون أن البحرين تنقصها المصالحة الوطنية وأن هذه المصالحة قد تكون عاملاً من عوامل الحد من العنف ونبذه، أم أن ذلك عذر يتعذر به من لا يريد نبذ العنف؟
– أحمد سند البنعلي: قبل أن ندخل في موضوع المصالحة يجب أن نعرف أن هذه المصالحة بين مَن ومَن، هل هي بين النظام والمعارضة أم هي بين أنواع المعارضة، فما يسمى بالمعارضة حاليّاً هي متفاوتة في درجاتها، فهناك معارضة حادة ومعارضة خفيفة.
بالنسبة إلى البيان فان الجمعية لم توقعه ولا أعرف إن كان عرض عليها أم لا، لكنني بصراحة أعجبت بهذا البيان كشخص وليس كجمعية فيما عدى بعض النقاط، لقد أحسست بأن هذا البيان هو عبارة عن برنامج عمل، في السابق لم يكن مثل هذا الطرح موجوداً فأية جمعية معارضة يجب أن يكون لديها برنامج عمل لكي تطرحه، المعارضة لم تطرح برنامجاً وإنما تحدثت عن نقاط معينة كالتجنيس والعنف وعن العدالة الاجتماعية لكنها لم تطرح آلية للعمل للحد من هذه الظواهر، في حين أن هذا البيان يتضمن آلية وكأنه شبه برنامج، ولكن هناك عدة نقاط استوقفتني فيه، فعندما يطرح البيان «رفضت قوى المعارضة توظيف رجال الأمن وشرطة مكافحة الشغب من غير أبناء البلد» هذه نقطة نحن متفقون عليها ولكن عندما يضيف «واستغلالهم في مواجهة المتظاهرين أو المعتصمين وهي عادة دأب عليها المستعمر البريطاني» فما الذي دعا الجمعيات السياسية إلى إدخال هذه النقطة في البيان، فإذا كنا نتحدث عن بيان يتحدث عن وضع وطني أو عن عنف في الساحة الوطنية فما الذي يدخل المستعمر البريطاني في هذه الحالة.
إن المصالحة الوطنية تعني أن هناك خلافاً بين جهتين وأن هناك طرحاً يقرب بينهما بحيث يسيرون في قارب واحد أو حل وسط، السؤال هو: هل نحن مختلفون على نظام الحكم أم لا، فان كنا مختلفين بشأن ذلك؛ فهذه قضية أخرى ولكن إن كنا جميعنا كجمعيات سياسية متفقين على نظام الحكم وإننا بحاجة إليه على رغم ما يحتاج من إصلاحات، فسؤالي هنا: هل نحن متفقون على نظام الحكم؟ من وجهة نظري إن الجميع متفق على ذلك ولا أحد يريد تغيير نظام الحكم لا معارضة ولا موالاة ولكن عندما نطرح مثل هذه المسألة فإن ذلك يوحي الى شيء معين أو كما يقال بالعامية «نغزة».
فيما طرحه الأخ موسى الأنصاري، فما فهمته من كلامه انه يريد أن يقول إن العنف موجود في القرى بسبب أن هذه القرى مظلومة، في حين أنني أعرف أن هناك الكثير من العوائل الفقيرة في منطقة المحرق، فهناك من لا يملك مكيفاً في الصيف أو سخاناً في الشتاء وبيوتهم تشبه الأزقة، ولذلك فإنني أرجو عدم التمييز بين مناطق البحرين فيما يخص الظلم الاجتماعي، فالظلم الاجتماعي وعدم وجود عدالة اجتماعية شاملة لكامل المجتمع البحريني.
إن كان هناك ظلم فانه واقع على الجميع، ولكن هل هذا يبرر – إن كانت هذه الحادثة صحيحة- قذف مواطنين يمرون في الشارع في منطقة كرزكان بزجاجات الملتوف؟ فهذا يعتبر جريمة، العنف الذي أتحدث عنه هنا أنه عندما تكون هناك مظاهرة سلمية وووجهت بنوع من العنف وردت هذه المظاهرة بعنف مقابل يمكن أن يكون ذلك مقبولاً.
عنف أم جريمة
*إذاً أنت تقول إن ما يحدث ليس عنفاً سياسيّاً وإنما جرائم؟
– البنعلي: بعض الحالات كما حدث في كرزكان يعتبر جريمة وليس عنفاً سياسيّاً، مقبولاً إنه عندما تطلق سيارات الشرطة الرصاص على المتظاهرين ويرد عليهم بالملتوف.
– جمعة: أنت تقول إنه من المقبول أن يتم إلقاء زجاجات الملتوف على سيارات الشرطة؟
– البنعلي: أنا لم أقل ذلك إنني ضد العنف بجميع أشكاله سواء من السلطة أو المواطنين.
– جمعة: لكنك قلت انه عندما تكون سيارة شرطة فإن ذلك يعتبر اقل من التعرض لمواطن عادي؟
– البنعلي: أقول انه لو حدث أن جماعة أطلقت الرصاص على جماعة معينة وأن الجماعة الأخرى ردت ودافعت عن نفسها فإن ذلك لا يعتبر عنفا وإنما شيئ متبادل، هناك قانون يحكم هذا البلد وفي هذه الحالة يجب محاسبة المخطئ، ولكن عندما يسير مواطن في أي منطقة في البحرين أو أي قرية ويتم رمي زجاجات الملتوف عليه فإن ذلك لا يجوز ويعتبر جريمة محاولة الشروع في القتل، اتفق مع ما ذكره حسن مدن من أن العنف له مبرراته…
*ولكن حسن مدن قال إن للعنف أسبابه وليس مبرراته؟
– البنعلي: إن من درس القانون يعرف انه حتى للجريمة أسبابها، وهناك من يقول إن المجتمع هو من يدفع الإنسان إلى ارتكاب الجريمة وهناك من يقول إن الإنسان نفسه يولد ولديه نزعة للإجرام وهناك من يقول إن الأسباب مشتركة بين الاثنين، وبالتالي فان العنف الفردي يمكن أن تكون له أسباب مجتمعية.
*دعونا نحيل السؤال إلى النائب جواد فيروز، هناك من يقول ان جمعية الوفاق تورطت بالمشاركة في الانتخابات وهي ترى الآن أنها تفقد شارعها لصالح حركة حق، وبالتالي فإن لدى الوفاق جماعة تتحدث الى الشارع بلغة معينة كما أن لدى الوفاق كتلة برلمانية تتحدث بلغة أخرى في البرلمان، ولديها أيضا علماء دين يتحدثون بلغة ثالثة كما أن لديها من يجتمع بالجمعيات السياسية ويتحدث بلغة أخرى، ما يعني عدم وجود لغة واحدة لجمعية الوفاق كما أنها لم تشارك الدولة في حفظ الأمن ونبذ العنف وإنما تركت الشارع ليتصرف على هواه خوفاً من أن تفقده؟
– جواد فيروز: أولا أحب تأكيد أن الوفاق لم تتورط في دخول البرلمان وإنما اتخذت قرار المشاركة بقناعة تامة وهو موقف سياسي يمكن أن يتغير أو أن يثبت، أما ما يخص موقف الوفاق من العنف فإن هذا الموقف كان واضحاً ليس فقط خلال فترة الإصلاحات بل حتى في فترة التسعينات فان جميع رموز الوفاق سواء داخل البحرين أو في الخارج كانوا ينبذون العنف ولم يتبنوا العنف بدلاً عن العمل السياسي، وفي اعتقادي فإن العنف لا يشكل ظاهرة في البحرين وإنما هو حالة استثنائية ونادرة، ففي جميع دول العالم قد تحدث محطات من العنف ولكن القوى السياسية غير متهمة بأنها تدير عملية العنف أو تشجعها…
*ولكن بالنسبة الى البحرين فإن موت شخصين خلال أقل من سنة يعتبر شيئاً كبيراً، ففي ديسمبر من العام الماضي تم قتل أحد الأشخاص وفي شهر ابريل/ نيسان قتل الشرطي ماجد أصغر؟
– فيروز: من مفهومنا الشرعي فإن إراقة الدم أمر ليس مقبولاً وليس القتل، أؤكد أن نبذ العنف هو مسألة جوهرية في خطابنا وفي حركتنا الميدانية…
الدفاع عن مرتكبي العنف
*إن جميع ذلك معروف ولكن انتم متهمون بالتبرير للعنف والدفاع عمن يرتكب هذا العنف من قبل الشارع؟ إذ إنكم دعوتم حديثاً إلى الإفراج عن المتهمين بقتل الشرطي من دون حتى محاكمة؟
– فيروز: نحن نطالب بنزاهة القضاء في جميع القضايا، ولنرجع الى الموضوع الأصلي، فان الجمعيات السياسية عامة والجمعيات الست خاصة قد أثبتت تكرارا ومرارا أن مواقفها ومن خلال تبنيها عدداً من المشاريع السياسية أنها لا تستخدم نبذ العنف كتكتيك وإنما ذلك إستراتيجية دائمة لديها والبيان الأخير في تصوري كان تأكيدا للكثير من الثوابت، ومسألة ال «لكن» لم أجدها في بيان الجمعيات وإنما وجدتها بعكس ذلك في بيان وزارة الداخلية، إن بيان الجمعيات فسح المجال للدولة أن تستخدم العنف في إطار الحدود القانونية وأن يكون هناك تعاط عقلان مع استخدام العنف لوقف الفوضى وقد جاء في البيان «عدم استخدام العنف المفرط مع الجمهور» أما ما يخص الجمهور فقد أورد البيان «على المتظاهرين والمحتجين عدم اللجوء الى الأساليب العنيفة ضد رجال الأمن»، إن ذلك عكس بيان الداخلية الذي يؤكد في غالبيته استخدام العنف «في إطار القانون» نحن نطالب الداخلية بهذا الأمر فليثبتوا لنا الآن أنهم يستخدمون العنف في إطار القانون لقد وجدنا مؤخرا استخدام العنف في داخل أروقة المحكمة، أليس هذا استخداماً للعنف في خارج إطار القانون، فلم يتم الحصول على موافقة القاضي لممارسة هذا العنف، لقد تم استخدام العنف المفرط في الكثير من الحالات ولم نسمع بمحاكمة واحدة لأحد رجال الأمن الذين استخدموا هذا الأسلوب، شخصيّاً تعرضت للعنف من قبل رجال الأمن في مسيرة سلمية وأصبت بطلقة مطاطية التي تنفي وزارة الداخلية استخدامها -رافعاً كيساً جلبه معه- هذا كيس ملآن بالرصاص المطاطي، كما أن هناك الكثير من مثل هذه الطلقات لدى الناس جمعوها منذ العام 2002 وحتى العام 2008، نحن نطالب وزارة الداخلية بأنها إن أرادت بالفعل أن تكون نزيهة أن تفتح تحقيقاً في ذلك ونحن سنشارك في هذا التحقيق سواء من خلال البرلمان أو كجمعيات سياسية.
الخوف من الشارع
*ولكن بعيداً عن البيانات، هل قمتم بأي عمل على الأرض لتوعية الجمهور بهدف نبذهم العنف، وهل قمتم بضبط الجمهور المنفلت خلال المظاهرات؟ أم خفتم من أن ينقلب هذا الجمهور عليكم؟
– فيروز: نحن لا نخشى من انقلاب الشارع، خطابنا السياسي واضح جدّاً بهذا الشأن، نحن لم نسير أية مسيرة تؤدي الى العنف ولم نجد في خطاباتنا أية إشارة أو دعوة إلى العنف، بالطبع نحن ندافع عن الناس حتى المتهمين يجب البحث في أدلتهم وحيثياتهم بحيث نحقق لهم العدالة وذلك ليس تبريراً للعنف، لماذا تبرر وزارة الداخلية ممارستها للعنف، أليس التعذيب الحاصل الآن على عدد من المعتقلين جزءاً من العنف، لقد أوصلت شخصيّاً للمسئولين في الوزارة عددا من الأسماء المتهمين بممارسة العنف على من هم في داخل السجن، إن الجدية في هذا الموضوع تعني تعاون الجميع بأن نبحث في جذور المشكلة والحل لها.
*الاتهام نفسه يوجه إلى جمعية «أمل» من حيث لغة الخطاب، فغالبية خطب الشيخ محمد علي المحفوظ لا تخلو من خطاب مبطن للعنف كما أن البيان يتهم غالبية رجال الأمن بأنهم مجنسون وكأنما هم هدف مشروع لعمليات العنف؟
– الشيخ محمدعلي المحفوظ: سأنطلق من نقطة مهمة جدّاً في هذا الموضوع وهي هل توجد رؤية للنظام السياسي في البحرين، إن ما نلاحظه من خلال الواقع هو عدم وجود رؤية سياسية واضحة، وإنما هناك تفكير في أن النظام حكم مطلق ولذلك فهو يحاكم كل كلمة تصدر، هذه مشكلة كبيرة فهل نحن شركاء في الوطن كشعب، إذ الدُّول في العادة تشكل من خلال طرفين الشعب والحكومة، الحكومة قابلة للتغير حتى وان كانت ثابتة، نحن الآن نناقش مسألة تشخيص لحالة العنف من قبل وزارة الداخلية، فالوزارة تريد أن تحاكم الناس وهي ليست في موقع الحاكم وإنما هي طرف في قضية ممارسة العنف فحتى لو اتهمت الجمعيات السياسية أو أطرافاً معينة بممارسة العنف فإن موقعها ليس موقع إصدار الأحكام ولا حتى الدولة مهيأة لذلك فقد جاء في القرآن الكريم «فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر» ( إذ ليس من مسئولية أحد السيطرة على الناس، ولذلك فان غياب الرؤية لدى الدولة يجعل دائماً الناس هم الطرف الأسفل وتنظر إليهم باستعلائية، ولذلك فهي تطلب منا توضيح عباراتنا بينما لا يستطيع أحد أن يطلب من وزارة الداخلية توضيح عباراتها أو أن يختصمها أمام القاضي فهي الخصم وهي الحكم، كما أنها قدمت الكثير من القضايا وخصوصاً في محاكمة قتل الشرطي ماجد اصغر وما تبع ذلك من ظهور الوثيقة – سواء كانت صحيحة أم غير صحيحة- أي سواء أكانت الوزارة مخطئة في قاعدة البيانات أم لا…
*القضية هي هل انتم كجمعية «أمل» تبررون للعنف أم لا؟
– المحفوظ: إن ما أطرحه هو قضية مهمة جدا فمن المفترض على الدولة أن تحاول أن تتجاوب مع هذا الخطاب وترد عليه بواقعية، فالكل مجمع الآن على أن هذا الخطاب هو خطاب عقلائي وإن اختلفت بعض المفردات في حين أن لدى وزارة الداخلية مبدأ دائم هو «أثبت هل أنت مع العنف أم ضد العنف» ليس الدولة من يحدد ذلك وإنما الحقائق هي من تحدد، فطالما هناك قمع في أي مجتمع، وهناك قمع سياسي في البحرين وهناك قمع في «البحر» حتى أن 97 في المئة من البحر لا يستطيع المواطن العادي الوصول إليه وهناك قمع بالنسبة الى السكن وهناك قمع بالنسبة الى الراتب ومعيشة الناس وهناك فساد سياسي وغياب للعدالة وعدم توزيع عادل للثروة كل هذه الأمور موجودة ما يعني حشر الآخرين في زاوية، فمن المحتمل أن من يمارس هذا العنف موجود في داخل الدَّولة ويريد أن يرتقي درجة وقد صدر الكثير من الحديث عن الحرس القديم والحرس الجديد ومواقع الأشخاص في ظل هذا الواقع السياسي إذ من الممكن أن يمارس البعض العنف السياسي بسبب أنه طريق للارتقاء في وظيفته أو معيشته… حتى نعالج مسألة العنف ينبغي علينا أن نخرج من حالة الحكم المطلق…
العنف مازال مستمرا
*ولنفرض أن الدولة لم تخرج من حالة الحكم المطلق فهل ذلك يبرر حالة العنف؟ إن ما طرحه عدد من المسئولين في ابريل الماضي هو أن مشاريع التنمية تتعطل بسبب هذا العنف؟
– المحفوظ: إن هذا الكلام ليست له مصداقية على أرض الواقع بسبب انه طالما انه موجود هذا الواقع السيئ فان ذلك ليس مبرراًً للاحتجاج، العنف ليس موجودا في الشارع فقط، هناك العشرات ممن استشهدوا في السجن نتيجة العنف…
*ولكن ذلك كان في فترة سابقة؟
– المحفوظ: لا يهم، حتى في الفترات اللاحقة وفي ظل فترات الإصلاح استشهد أحد المتظاهرين برصاصة مطاطية بالإضافة إلى حالات نشر الذُّعر والخوف بين الناس وإلقاء مسيلات الدموع، إن ما يجب الاتفاق عليه هو أن وجود العنف فيما قبل المشروع الإصلاحي وما بعد المشروع الإصلاحي ليس مرتبطاً فقط بالشارع وإنما في جميع الواقع السياسي.
إن الجمعيات السياسية ليس لديها حضور عسكري وكل ما تفعله هو ندوات سياسية وبرامج ومقرات سياسية مفتوحة أمام الدولة تفتشها كلما أرادت وهناك مراقبة على هواتف النشطاء السياسيين، إن من يخيف هو من يمتلك السلاح.
التأسيس لمرحلة جديدة
*هل تعتبرون أن هذا البيان يؤسس الى مرحلة جديدة من العمل السياسي تأملون من خلاله أن تفتحوا حواراً مع السلطة لحل العديد من المشاكل بما فيها العنف السياسي؟ وإن كان كذلك فهل لديكم آلية لتفعيل النِّقاط المطروحة في البيان على أرض الواقع؟
– إبراهيم شريف: إن البيان مر بمرحلتين، وخلفية البيان كانت هناك محاولة في مطلع العام وبعد أحداث ديسمبر أن تكون هناك مبادرة وطنية وقد طرحت مسودة بتسمية «المبادرة الوطنية للإصلاح» في ذلك الوقت ولكن اجتماع الجمعيات كان حينها متقطعاً، إن ما طرحه الأخ احمد جمعة صحيح لأن البيان قد ضم قضيتين؛ هما الموقف من العنف والموقف من الإصلاح وعندما كلفت بصياغة موقف الجمعيات من العنف رجعت إلى هذه المسودة لأخذ أسباب العنف وأدخلناها على البيان، من الواضح انه كان هناك انسجام كبير بين الجمعيات الست خلال الفترة الماضية، بحيث لم نجد خلافات مهمة في القضايا الأساسية المطروحة ما سهل موقفاً مشتركاً بين الجمعيات، هناك تقدم فيما يخص علاقة الجمعيات بعضها ببعض ونأمل أن ترتقي هذه العلاقة إلى أكثر مما هو موجود الآن ولكن وضعنا الحالي أفضل مما كان عليه في السنة الماضية.
بيان الموقف من العنف موجه الى 3 جهات هناك محاولة لحث الشباب على ستخدام طرق أخرى، نحن لم نحدد طرق المقاومة المدنية مثلاً ولكن هناك حالة غضب موجودة – لا أعرف إن كانت قضية كرزكان تمت أم لم تتم لا يمكنني الحكم في ذلك- ولكن يمكن تلمس حالة شديدة من الغضب لدى الشباب تظهر في هتافات معينة تعتبر في حد ذاتها حالة من العنف اللفظي، إن هذا العنف اللفظي والغضب الشديد من السهولة أن يتحول الى حالة من العنف يتم فيها إلقاء الحجارة والملتوف، وبالتالي كان من المهم جدّاً أن «نعقلن» معارضة الشباب المتشدد ونحن بحاجة الى شباب شديدين في معارضتهم ولكن ليس بالأسلوب الذي يقومون به الآن، نحن نحتاج الى توجيه هؤلاء الشباب إلى العمل السلمي فإذا كانت لديهم أهداف نبيلة فيجب أن تكون أفعالهم من جنس أهدافهم، كانت هناك محاولة لتوجيه هؤلاء الشباب إلى أن العنف خطير على المجتمع وخطير علينا نحن.
الرسالة الثانية كانت موجهة إلى الحكومة وهي إن أردتم حل هذه المشاكل فيجب عليكم البحث في الأسباب، وابحثوا عن القضاء العاجز عن حل القضايا العالقة بين الناس، نحن نتحدث عن احتقانات وان لم تكن هناك طرق أو جهة تفض المنازعات في المجتمع فإن هذه الاحتقانات ستزداد، إن كنت شابّاً شيعيّاً وتريد العمل في الشرطة أو قوة الدفاع فإن ذلك ليس متاحا لك، فإذاً ما هي الطريقة التي يمكن من خلالها أن توصل احتجاجك هذا، فالنواب لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً والقضاء عاجز عن فعل ذلك، الحكومة تقوم بغلق المنافذ على الناس بحيث تترك منفذين فقط فإما اليأس وإما التطرف ونحن نحاول أن نفتح المنفذ الثالث وهو المقاومة المدنية.
ولننظر الى قانون التجمعات فلو عملنا تجمعا من 5 أشخاص امام إحدى القرى وعلى الرصيف بحيث لا نعطل المرور ورفعنا شعارا معينا، يمكن لقوات الأمن أن تضرب هذا التجمع من خلال «قانون التجمعات»، إن القوانين لها مقاصد معينة، كتنظيم الحياة أو تنظيم حركة المرور، الندوة التي نظمت قبل سنة ونصف في قرية النويدرات وشاركت فيها بجانب علي ربيعة والشيخ صلاح الجودر وجلال فيروز، نضرب جميعنا بمسيلات الدموع والرصاص المطاطي أمام وسائل الإعلام ومن دون أي إخطار سابق، سواء كان ذلك بإخطار أو من دونه… إن الدولة تريد أن «تكسر رأسك» كان بإمكان الدولة أن تقول إنكم خالفتم القانون وفي هذه الحالة يمكن للدولة أن ترفع قضية على من خالف وهذا هو الخيار المدني العاقل، قوات الأمن احتجت بأن هذا الاجتماع غير مرخص له وكان بإمكانها أن ترجع إلى قانون العقوبات الذي يشير الى التعامل مع هذه الحالات على رغم انه سيئ إلا انه يشير الى الخطوات الواجب اتخاذها، وأول شيء يجب على قوات الأمن أن تدعو المتجمهرين الى التفرق وبعدها يجب عدم استخدام مسيلات الدموع الا في حالة عدم وجود خيار آخر كما لا يجب استخدام الرصاص المطاطي إلا في حالة الدفاع عن النفس ولكن ما حدث هو أن قوات الأمن قامت باستخدام الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي من دون أن توجه أي إنذار.
نص الجزء الثاني من الندوة:
الحكم والمعارضة
أضاعا العديد مـن الفرص للخروج من حالة العنف
*هل ترون أن هذا البيان، المبادرة، يطرح خياراً آخر غير العنف أو اليأس؟ ولو تم تفعيل هذه المبادرة فإنها ستطرح منفذاً للمقاومة الشعبية بصورة مختلفة؟
– إبراهيم شريف: أظن أننا نعاني في الوقت الحاضر من مشكلة، فمن دخل منا، المعارضة، المجلس النيابي وجد نفسه عاجزاً أمام تحقيق الأهداف المهمة التي وضعها نصب عينيه ومن قاطع وجد نفسه أيضاً عاجزاً عن عمل أي شيء، إن الناس أمام هذا العجز سيبحثون عن خيارين فإما أن ييأسوا وذلك ما لا نريده أو يتطرفوا وذلك ما لا نريده أيضاً، ولذلك فإننا نجد أن هناك حاجة لإبداء الرأي بشكل آخر. مثلاً يمكن الاحتجاج على مصادرة الأراضي العامة بأسلوب آخر، يمكن في هذه الحالة أن ننصب خيمة في إحدى هذه الأراضي التي تم مصادرتها وتحويلها من ساحل عام إلى ملكية خاصة وعندها فلتأتي الشرطة وتستخدم العنف ضدي بسبب أنني أقمت هذه الخيمة بدون إخطار وذلك مخالفة للقانون، أرى أنه في فترة من الفترات يجب أن نشجع مخالفة القانون بهدف إرجاع الحقوق، إن هذه ليست دولة القانون التي وعدنا بها فلو كانت هذه دولة القانون لكان القانون يطبق على الجميع.
حالة من عدم الثقة
*هل يعني ذلك أن هناك حالة من عدم الثقة بالنظام وأن هذا النظام ليس جاداً في عملية الإصلاح، هناك قضايا مازالت معلقة ومازالت حاضرة في فكرنا كقضية التقرير المثير والشحن الطائفي بالإضافة إلى تأثيرات الوضع في العراق وإيران، كل ذلك يأتي في ظل وجود صحافة وأقلام تسعى إلى الشحن الطائفي و إشعال الفتنة واستخدام القوة، وفي حين أن القوى المعارضة ليست فاعلة على الساحة فهي بالتالي ضحية لهذا الوضع مثلها مثل الشباب الذين يخرجون في الشارع ويقومون بأعمال العنف؟ هل ترون أنفسكم في هذا الوضع؟
–
رسول الجشي: نحن عندما ندعو إلى إيقاف العنف من جانب الطرفين فنحن لا نقتصر بذلك على ممارسة العنف بحد ذاته وإنما نسعى إلى نظرة أبعد من ذلك، فإن استمرار العنف في ظل هذه الأوضاع سيؤثر على الوضع العام كما سيؤثر على مشاريع التنمية والاستثمارات الخارجية والداخلية، فكما هو معروف فإن هذه الاستثمارات قد توقفت في فترة ما ولكن بعد أن هدأت الأمور بدأت البحرين تستقطب أعداداً كبيرة من الاستثمارات، ما أحب أن أتوقف عنده هي مسألة الثقة، فالبحرين تعاني من أزمة ثقة وهي إحدى الأسباب التي أدت إلى ما نحن عليه الآن وما تم ذكره في البيان فمثلاً قضية التجنيس هي أساساً نتيجة أزمة الثقة.
وفيما يخص اعتراض وزارة الداخلية على ما جاء في البيان وخصوصاً الإشارة إلى سياسة الاستعمار الإنجليزي، أنا وبحكم عمري قد عايشت هذه الفترة قبل 60 سنة وكنا في تلك الفترة نثير نقطة، لماذا يتم توظيف الشرطة من الهند؟ وفعلا جاءنا الرد من قبل بعض المسئولين وهو أن الحكومة البريطانية تثق في الهنود بحكم العلاقة المشتركة بين بريطانيا والهند على مدى أكثر من 400 سنة، ومع ذلك فإن الشرطة في البحرين كانت تدار من قبل بحرينيين، عدد كبير منهم من الطائفة الشيعية، أي من دون هذا التفكير الطائفي البغيض الذي يسيطر على أوضاعنا في الفترة الحالية.
عندما نتحدث عن التجنيس فإننا نتحدث عن هذه السياسة في ظل البطالة الكبيرة التي تعاني منها البحرين، لماذا لا ننشئ كلية للشرطة في البحرين نخرج من خلالها شرطة وطنية عوضاً عن توظيف أشخاص نأتي بهم من الخارج ونجنسهم، إن مثل هذا الطرح قد أثرناه أكثر من مرة مع الكثير من المسئولين، لننشئ هذه الكلية ونفتحها للجميع وإن رفضت مجموعة أو طائفة معينة الانخراط في سلك الشرطة فعندها سيقع اللوم عليها.
*إن ما تطرحه يشير إلى ما هو أكثر مما جاء في البيان، هل تعني أن فترة الاستعمار الإنجليزي كانت أفضل من هذه الفترة إذ كان يقود الشرطة حينها أفراد من الطائفتين؟
–الجشي: إن ما أقوله لا يقتصر فقط على مسألة الثقة، وإنما البعض يطرح أن من يتم توظيفهم هم أناس مدربين ولا يوجد لدينا في البحرين أناس مدربين.
في فترة من الفترات كان أجمل مهرجان سنوي يقام في البحرين تنظمه الشرطة وكانت الشرطة هي من تقدم جميع الفقرات فيه وكان أغلب سكان البحرين يحرصون على مشاهدة هذا المهرجان، لقد كانت هناك علاقة حميمة بين الناس وبين الشرطة ولم يكن المواطنون يفكرون بأن الشرطة يشكلون خطراً عليهم.
هل توقف الإصلاح؟
*لو خرجنا قليلاً عن موضوع البيان، هناك من يرى أن عملية الإصلاح قد توقفت لحد ما، ربما بسبب وجود خوف وخشية أو بسبب أصحاب المصالح، فهل ترون أن قضية الإصلاح أصبحت مسألة نظرية وأن البحرين في الواقع تتجه إلى شيء مختلف تماماً؟ وما هو المستقبل في هذه الحالة وإلى أين نحن نتجه؟
–
الجشي: لقد طرحت موضوع الحوار، فإن كان لدى المسئولين استعداد لذلك فإن لدينا ما هو أكثر من الاستعداد، وهنا لا أقصد وزارة الداخلية وإنما المسئولين عن حلحلة جميع القضايا، فالبيانات السياسية لا تحتمل التفاصيل، نحن نطرح قضايا عامة وإن أراد المسئولين الحوار، عندها يمكن طرح التفاصيل للوصول إلى حلول معينة.
–أحمد جمعة: أظن أننا نناقش النتائج بعيداً عن الأسباب، فالأخ إبراهيم تحدث عن المرحلة الحالية كما لو كانت أسوء من مرحلة ما قبل المشروع الإصلاحي، هدف هذه الندوة هو الدعوة لنبذ العنف، هناك من يقول إن المرحلة المقبلة يمكن أن تكون أسوء من المرحلة الحالية، وإن هناك ملفات ساخنة مازالت على الساحة كالبطالة والتجنيس، وجميع هذه المواضيع تأتي في إطار مشروع إصلاحي مر عليه أكثر من ثماني سنوات، ويرون أن البحرين قد عادت إلى الوراء خلال هذه السنوات الثماني، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية.
البحرين من أقل الدول الخليجية من حيث الإمكانات المادية ولكن البحرين كانت في فترة من الفترات من أقوى اقتصاديات المنطقة، ولكي نكون أكثر صراحة يجب أن نطرح سؤالاً يمكن أن يكون بعيداً عن موضوع هذه الندوة ولكنه يجيب عن الأسباب وليس النتائج التي نتحدث عنها الآن، مثلاً إضعاف الحكومة، ما أراه وما يراه المراقب غير المتحيز أن هناك محاولات لإضعاف الحكومة، كما أن هناك خطة أو منظومة تحاول وتسعى لذلك، وبصرف عن اتفاقنا مع الحكومة أو اختلافنا معها فعندما يتم إضعاف الحكومة كيف يمكن معالجة القضايا كالعنف والتجنيس والاستثمار والاقتصاد؟ إن إضعاف الحكومة يعني إضعاف الإنتاجية والتنمية وبالتالي إضعاف البحرين وكل المشروع الإصلاحي، هل ما يحدث الآن هو دعم للمشروع الإصلاحي أم هو مشروع لإضعاف البحرين؟ ما أراه هو أن السنوات الماضية أضعفت البحرين ولذلك يمكن التساؤل، أين ذهب الإصلاح؟ أنتم تتحدثون عن الديمقراطية في حين أن العنف وحرق الشوارع و انتشار الجريمة تتناقض مع الديمقراطية؛ فالجميع يعرف أنه كلما اتسعت الديمقراطية كلما قل العنف، إن ما نراه هو العكس، هذه هي الخطوط العريضة التي يجب أن نعي لها.
البرلمان هو الحل
*ولكن في رأيك من هو الذي يحاول إضعاف الحكومة؟
–
جمعة: أولاً هناك كتل في داخل المجلس النيابي تحاول إضعاف الحكومة، من وراء هذه الكتل؟ علينا أن نبحث عن ذلك، هناك أيضا تعدد القرارات داخل النظام، كما أن هناك جمعيات سياسية تكرر بياناتها منذ أكثر من ست سنوات لحد الآن في إدانة العنف، إن هذه الصيغة للبيان تؤكد على أن الجمعيات السياسية لم تتغير منذ ثمان سنوات.
–الجشي: ذلك بسبب أن الوضع لم يتغير، ولو تغير الوضع لتغير خطاب الجمعيات السياسية.
–جمعة: قبل ثمان سنوات كان هناك شعار «البرلمان هو الحل» وكان هذا الشعار يملأ الجدران والشوارع، بمعنى أن هناك برنامجاً يرى أن البرلمان والإصلاح والديمقراطية هي الحل، اليوم البرلمان موجود مع ملاحظة الأخ إبراهيم من أن هناك خطاً أحمر حول صلاحيات البرلمان ولكن بتجاوز ذلك نجد أن البرلمان موجود و الديمقراطية موجودة وهناك 18 نائباً من قوى المعارضة في هذا البرلمان وذلك ليس موجوداً في أية دولة عربية، إذاً يجب علينا الرجوع إلى البيان، وهل تغيّرَ خطاب هذا البيان عما سبقه قبل عملية الإصلاح.
*ما هو ردكم على ما طرحه أحمد جمعة من أن البيانات المكررة قد أضعفت الحكومة، وأنه كانت هناك فرصة للمعارضة للوقوف مع المشروع الإصلاحي ودعمه لكن المعارضة قد أضاعت هذه الفرصة؟
–إبراهيم شريف: إن هذا الاتهام لا يوجه لنا من قبل القوى الموالية والحكومة فقط ولكنه يوجه لنا حتى من قبل جمهور المعارضة، فجمهور المعارضة يرى أن الجمعيات السياسية دعته للتصديق على الميثاق في العام 2001 ومن ثم دفعته إلى المقاطعة ثم إلى المشاركة، وما الذي حصل لهذا الجمهور في النتيجة النهائية؟ أعتقد أن الجمهور محق في جزء كبير مما يطرحه.
هذه الحالة أتت على فرضية أن البناء السياسي للمعارضة بعد العام 2001 مختلف عما قبل العام 2001 إذ كنا نتعامل مع قانون أمن الدولة وكانت الفرضيات وأساليب عمل المعارضة معتمدة على الكفاح من أجل الحق الدستوري، وتم الاتفاق في العام 2001 على إعادة تفعيل الدستور وجرى ما جرى منذ ذلك الحين، نحن لا نتكلم فقط عن إخفاق الدولة بالالتزام بتعهداتها فيما يتعلق بدستور 1973 فهذا جزء من الموضوع، فمشروع الميثاق كان أكبر من مجرد دستور، فالميثاق يتحدث عن مجتمع منفتح ومشاركة الناس في صنع القرار والمشاركة في الثروة و خلق ديمقراطية عريقة.
المأخذ على الحكومة
ولنأخذ جميع الفرضيات، فالنظام كان يعتقد أن هناك تفويضاً له بسن دستور 2002 وقد قام بذلك. ولكنا لا نتحدث فقط عن دستور 2002 ولكن ما حدث بعد هذا الدستور، فإن جميع ما حدث كان تقويضاً للميثاق المبني على المشاركة الشعبية والمشاركة في الثروة والسلطة.
إن أسوأ فترة في تاريخ البحرين فيما يتعلق بتوزيع الثروة أي من يملك كثيراً ومن يملك قليلا هي هذه الفترة، فأجور الطبقة الفقيرة ارتفعت من 150 إلى 200 دينار ولكن دخل أصحاب النفوذ قد ارتفع بحدود عشرة إلى مئة مرة، ثانياً كان الفساد في السابق يتم من خلال أن المفسد يمد يده للحصول على مبالغ مالية من خلال عقود الدولة إذ يمكن أن يحصل على 5 في المئة أو 10 في المئة من قيمة هذه العقود، ولكن ما يحصل الآن أن هؤلاء المفسدين لا يحتاجون إلى عمل ذلك فهناك اليوم ظاهرة الاستيلاء على الأراضي، والدليل على ذلك، انه قد تم دفن أراضٍ في عهد الإصلاح أكثر مما تم دفنه في العهد السابق للإصلاح أي انه خلال 6 أو 7 سنوات من الإصلاح قد تم دفن أراضٍ في البحرين أكثر مما تم دفنه خلال 30 أو 40 سنة ماضية والسؤال المطروح هنا على الإخوة لمن ذهبت هذه الأراضي؟، لن أذكر مواقع هذه الأراضي لأن ذلك سيقودنا إلى أسماء معينة في داخل السلطة.
لو أن الحكومة قد اكتفت بسلب الإرادة الشعبية من خلال دستور 2002 ولم تقرر سلب الأراضي من الناس وإنما توزيعها عليهم لكان الأمر قد اختلف كثيراً، ولكان الكثير من الناس قد تناسى سلب الإرادة وسار مع الحكومة، أي أنه كان باستطاعة الحكومة سحب البساط من تحت أقدام المعارضة ولكن الحكومة أرادت أن تسلب حق الناس في أن يكون لهم مجلس منتخب كامل الصلاحيات وحقهم في ثروة البلد، وهذه هي المشكلة الأساسية في عدم وجود الثقة بين الحكومة والناس.
مسألة أخرى، كان هناك عهد جديد في العام 2001 استبشر الناس فيه بإلغاء التمييز الطائفي، أحد الأخوة يقول إن هناك فقراء من الطائفة السنية كما يوجد فقراء من الطائفة الشيعية ولكن هناك فقير يضاعف عليه حمل التمييز بسبب طائفته، إن الفقير دائماً ما يميز ضده مهما تكن طائفته ولكن إذا كان من طائفة معينة فإن هذا التمييز يضاعف وإذا كان من فئة معينة من المواطنين فإن هذا التمييز يضاعف لثلاث مرات، إنني أقول إنه لا يوجد فقط تميز ضد المواطنين الشيعة أو المواطنين من الأصول الفارسية، ولكن حتى المجنسين يعانون اليوم من التمييز إذ يتم التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة ويساقون كالعبيد لصناديق الاقتراع ويقال لهم إنهم مراقبين في عملية تصويتهم، كما يجبر أبناؤهم للعمل كحمالين في السوق المركزي… لدينا شبكة رهيبة من الاضطهاد، فأين مبادئ الميثاق؟ لدى الناس غضب على السلطة ولذلك فإن هذا القهر ينتقل إلى المعارضة في بعض الأحيان، ولذلك أرى أنه يجب فتح منافذ الإصلاح للناس.
دائرة العنف
* إن هذا التشكيك والتصوير الدراماتيكي لفساد النظام هو بحد ذاته تحريض على العنف، وبالتالي فنحن ننتهي إلى المربع الأول من الندوة، إذ إن هذا التوصيف عندما يقال في ندوة أو نقاش عام قد يشحن الناس بالكره للنظام، ألا ترون أننا ندور في حلقة مفرغة وفي دائرة عنيفة وأن ما يمكن استخلاصه أن لا مخرج من هذه الحالة وأن الوضع يسير من سيء إلى أسوأ؟
–
حسن مدن: دعنا نستعرض العملية السياسية خلال السنوات الماضية منذ بدء العمل بميثاق العمل الوطني بأوجهها المتناقضة والمركبة، هذه التجربة حققت مكاسب إيجابية يجب عدم الاستخفاف بها، كوضع الحريات السياسية و العمل الحزبي، رغم وجود القيود عليه، وحرية العمل النقابي وحرية الصحافة….
*هل جميع ما ذكرته أصبح وضعه أفضل من السابق؟
–
مــدن: نعم، إن الحركة الوطنية في البحرين ناضلت طويلاً من أجل انتزاع مثل هذه المكاسب وقدمت تضحيات كبيرة من أجل ذلك، ويجب أن نعطي هذه المكاسب حقها وأن نحافظ عليها، ثانيا أتفق مع ما طرحه بعض الإخوان من أن المعارضة مسئولة عن بعض الأخطاء التي وقعت، بدليل التكتيكات المتناقضة من المقاطعة إلى المشاركة وما أحدثته من إرباك في الحياة السياسية. من حسن الحظ إنني أمثل جمعية سياسية ربما كانت اقل عرضة لهذا الإرباك لأننا منذ البداية لم نصعد خط المقاطعة ليصل إلى عنان السماء وبعد ذلك حاولنا إقناع الناس أن المشاركة لا بد منها. إن المعارضة بسبب إرباكات تكتيكاتها قد ضيعت بعض الفرص، ولكن من الجانب الآخر يجب ملاحظة مسئولية السلطة والحكم فيما آلت إليه الأوضاع، الأخ إبراهيم أعطى بعض الأمثلة، بصرف النظر عن حالة الشحن، ولكنها تنطلق من واقع على الأرض، ربما البيان عكس هذه الحالة من الشعور أننا أمام وضع غامض وغير واضح؛ إلى أين ستذهب البلد؟ و في ظل الملفات الجوهرية التي كنا نعول على حلها بعد عهد الإصلاح فإن الكثير منها مازال غير محلول وربما قد تفاقم، هذه مسألة طبيعية فأي مسألة لا تحل في وقتها تتفاقم وتزداد وتتضاعف تداعياتها مع مرور الوقت وذلك ما يحصل الآن في مناخ من الحريات وحرية التعبير والصحافة التي وضعت جميع المشاكل تحت المسائلة. وهذا الجانب يجب ملاحظته فالوعي السياسي الذي تشكل في البحرين خلال هذه السنوات وعي كبير جداً بفضل الآلية التي نشأت في البلد وعلى الدولة أن تتحمل ذلك فهي قد أطلقت آلية جديدة، سواء أكانت تريد ذلك فعلاً أم لا.
المعارضة والموقف من عملية الاصلاح
*هناك حديث يدور أن المعارضة تنطلق من واقعها هي فقط ولا تريد أن تفهم واقع عملية الإصلاح، فعملية الإصلاح تتعرض لضغوط وتوازنات، وبالتالي فإن المعارضة قد ساعدت الأشخاص الذين كانوا يضغطون في اتجاه إيقاف عملية الإصلاح، وعمليات التصعيد التي حدثت مؤخراً تشير إلى أن هناك أناس داخل معادلة الحكم لا يريدون الإصلاح، فخلال المرحلة السابقة وخلال قانون أمن الدولة صعد الكثير من الأشخاص، وهؤلاء يطرحون عملية الإصلاح وأنها قد قدمت الكثير، في حين أن المعارضة لاتزال تطرح الشعارات المعادية وتخرب البلد، ولذلك فإن المعارضة مسئولة أيضاً عن الحالة السيئة التي انتهى إليها الوضع؟
–
جواد فيروز: لا توجد مقارنة بين الحركة الإصلاحية والتنازل عن بعض الأمور التي كانت موجودة سابقاً كالتعايش والشراكة، إن مسألة تأكيد وتثبيت نظام الحكم لم تتم مواجهتها بإصلاح جذري وحقيقي داخل النظام وأجهزته، صحيح أنه رفع كشعار ولكنه عملياً لم يطبق، وهناك كذب وافتراء وضحك على الذقون من خلال اتهام المعارضة بتبنيها للعنف، عملياً لو كانت المعارضة تتبنى العنف لأصبح الوضع مغايراً تماماً عما هو حاصل، إذ سيكون هناك صدام بشكل يومي في كل أنحاء البحرين بين قوات الأمن وكل أبناء البحرين…
*تقصد أبناء كل فئة من شعب البحرين؟
–فيروز: في اعتقادي أن الكثير من أبناء البحرين كانوا سيتورطون في ذلك سواء ضد النظام أو دفاعاً عنه وكانت ستصبح حرب أهلية، والذي أوقف هذه العملية هذه المعارضة الناضجة والحكيمة التي في اعتقادي لم يتم تثمين مواقفها حتى الآن، فعندما نجد جلالة الملك يلتقي ويجتمع مع بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة في حين تمتنع وزارة الداخلية عن حضور جلسة لأفراد يمثلون المعارضة وهم أضلاع القوم وهم ينادون بنبذ العنف، أقول إن العلاج الحقيقي يجب أن يكون من خلال مد الجسور والعمل معاً على تثبيت النظام والاستقرار، ولكن فلنكن واقعيين، فعلى الطرف الآخر أن يكون عملياً في طرحه.
عندما نجد فصيلاً من المعارضة يتبنى المشاركة ويتم سد جميع الأبواب أمامهم في قضايا بسيطة جدا، كالمطالبة بالتحقيق في موضوع تكافؤ الفرص الذي هو ليس من الملفات الساخنة وإنما لتثبيت المواطنة، نجد أن هناك عرقلة لهذا المشروع… كما يتم رسم الدوائر الانتخابية بحيث تكون الكتلة الانتخابية الأكبر هي الأقلية…
من المسئول؟
*إن ما يمكن استخلاصه من هذا الكلام أن الجميع يرمي المسئولية على الآخر والضحية هو الوطن؟
–
موسى الأنصاري: إن الديمقراطية التي حدثت في البحرين كانت مفروضة سواء من الخارج أو الداخل، هناك الآن رأيين، هناك من يريد الإصلاح وهناك من لا يريد ذلك، إن ما حصلنا عليه من إصلاحات يقتصر على حرية الكلام وحرية تشكيل الجمعيات السياسية حتى لا يتم إنشاء تنظيمات تحت الأرض، ولكن فيما يخص تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين ونبذ التمييز ومكافحة الفساد فإن الوضع أسوأ من السابق. نحن كشعب بحريني ننقسم إلى الشيعة والسنة والعجم فهل من المعقول أن يكون وزير واحد فقط ذا حقيبة وزارية من الطائفة الشيعية ووزير واحا فقط من العجم في حين توجد خمس عائلات فقط من الطائفة اليهودية وتمثل بوجود سفير لها في أهم دولة في العالم، إن الأيام المقبلة ستكون أسوأ مما هي عليه الآن.
*في ظل هذا التوصيف الذي يبدو أنه سيوصلنا لأيام سوداء ماذا نعمل لنمنع الأيام السوداء المقبلة؟
–أحمد سند البنعلي: سأجيب عن هذا السؤال، ولكن بودي أن أعلق على بعض الأمور التي تم طرحها، لقد تحدث بعض الإخوة عن التمييز وأفهم من ذلك أن هذا التمييز مرتبط بالتوظيف العسكري، وأحب أن أقول في هذا المجال أن ابني تقدم للالتحاق بقوة دفاع البحرين في العام 2002 وقد قدم جميع الأوراق والفحوص ولكن لحد الآن لم يتم توظيفه وكذلك حدث مع ابني الثاني، إن الأمور العسكرية أمور حساسة جداً، فمثلاً من يتم القبض عليه وهو يلقي بزجاجة ملوتوف في الشارع هل تريدون أن نوظفه في قوة الدفاع ونعطيه دبابة أو رشاش، يجب أخذ وجهة نظر الطرف الآخر.
*ولكن ما هي نصيحتك للجميع لكي لا نقبل على الأسوأ؟
–البنعلي: أتفق مع ما طرحه حسن مدن من أن هناك مكتسبات يجب المحافظة عليها، في البحرين لا يوجد اليوم معتقل سياسي واحد بسبب التعبير عن رأيه.
نحن نطالب بشيء واحد وهو أن هناك قانوناً، إن كنا متفقين معه أو مختلفين على بعضه، هذه القوانين يجب أن تأخذ مجالها في المجتمع.
فيما يخص الحرية السياسية، فإنني أرى أنه قد أبيح نوع من الحرية السياسية لطرف واحد، بينما منع على الطرف الآخر، فنحن نعاني من عدم وجود حرية، شخصياً عندما أبديت موقفاً معيناً من الدولة في مقال لي، فإن هذا المقال رفض نشره حتى يومنا هذا، نحن نريد أن نعزز من عملية الإصلاح، هناك أزمة ثقة بين الطرفين ولأكون صريحاً بين الشيعة والسنة، التغيرات الإقليمية التي حدثت في العراق وغيرها من البلدان زعزعت نوعاً من الثقة التي كانت موجودة، يجب تعزيز الثقة بين الطرفين عن طريق إزالة التصرفات التي توحي بعدم الثقة.
الوصول إلى الحلول
*إذاً فإن الشيعة متهمون بأنهم يثيرون الشكوك على أنفسهم مثلما تثير السلطة هذه الشكوك على نفسها، ولكي لا ندفن رأسنا في التراب هناك أزمة شيعية سنية ربما استفاد منها الحكم، ما هي مقترحاتكم لتخفيف هذه الأزمة؟
– الشيخ محمد علي المحفوظ: ليس من الجيد مخاطبتنا على أساس الشيعة والسنة فإن ذلك سيعزز من الطائفية ولكن أرى أنه من الجيد أن نتحاور بشكل شفاف وبصدر رحب.
أريد أن أتحدث عن مسألة، هي أن وزارة الداخلية لاتزال تعيش في العقلية السابقة وتنظر دائماً بعين المحقق، ولذلك فإن بياناً كبيراً يتحدث عن مشروع ينبغي أن تقرأه سياسياً لا أن تختزل وضع البحرين بأن هناك عنفاً وهذا نوع من تبسيط القضية، لا أرى أن العنف الموجود في البحرين يستدعي كل هذا التضخيم، كما أن جميع رجال الدين وجميع السياسيين يؤكدون يومياً على إدانتهم للعنف، ولكي لا نخدع أنفسنا فإننا نعتقد بأن مجرد بيان لن ينهي حالة العنف الموجودة في الشارع، ولذلك ينبغي نزع الفتيل ونزع الأسباب، من اضعف الدولة ليس الناس أو المعارضة، فالميثاق قد طرح مسألة المملكة الدستورية فمن الذي يستطيع تفعيل هذه المملكة الدستورية، فإما هي الدولة نفسها وإما الدولة مع الشعب ولو أننا خطونا خطوات المشروع الإصلاحي كما بدأ لوصلنا اليوم بعيداً جداً عن الوضع الحالي ولذلك يجب أن نرى أن الحل لجميع هذه المشاكل بيد من؟
–أحمد جمعة: كلنا نعرف أن البحرين من أقل دول المنطقة من ناحية الإمكانيات، ولكن من خلال الإنسان البحريني بصرف النظر عن توصيفه فإنه بإمكاننا أن نعمل ما عملناه قبل 30 سنة والذي عجزت جميع دول المنطقة عن فعله، ولكن ما الذي أوقف هذه المسيرة؟ أوقفها عجزنا عن البناء ورؤية الإنسان البحريني وإمكانياته وطاقاته.
الوسط – جميل المحاري