وصلتني من الصديق الزميل الخطاط المبدع الاستاذ أحمد سرحان سطور من الخواطر كتبها من وحي حبه وعرفانه لصديقه الفنان التشكيلي والشاعر الاستاذ خليفة اللحدان والذي جمعته معه 15 عاما من سنوات الجمر العجاف والعزلة عن العالم. وعلى الرغم من خصوصية هذه الخواطر فإنها تفيض بمشاعر عفوية انسانية عامة صادقة، وتنطوي على قيم سامية عالية مفعمة بالروح الوطنية التي تجسد العلاقة بين نموذجين من آلاف، بل عشرات آلاف النماذج في التآخي الفطري الصادق بين ابناء مكوني نسيجنا الاجتماعي المشترك الواحد، وعلى الاخص في ذلك الزمن الوحدوي الجميل قبل افوله ويفسد مناخه المفسدون في الارض.
وفي هذه الخواطر الجميلة الممتعة يتساءل صاحبها سرحان، وهو بالمناسبة من مواليد قرية النويدرات: “.. فإذا عزمت البحث عن نصير لك في هذا الزمان فأين أنت عن ابن الكرام الآتي إلينا من البديع الشهباء؟”. وبالنظر لما لهذه الخواطر النثرية الفنية من دلالات ودروس جديرة بالاتعاظ في زماننا الرديء هذا الذي وصفه صاحبها عن حق بـ “زمن الردة” فاننا نثبت تاليا نصها الكامل تعميما للفائدة.
رجل عرفته في زمن سنيه من الصدق عجاف، عرفته في زمن الردة الذي نعيشه لا نعرف من أهله إلا الزيف والخداع، نصبح فيه على كذاب ونمسي على منافق حتى ملت اسماعنا منهم القيل والقال. هذا الزمن العجيب الذي انقلبت فيه الموازين رأسا على عقب يتوارى فيه عن الانظار الرجال الشرفاء ويدب فيه على السطح كل من آمن بالكذب صدقا وبالرذيلة فضيلة، في زمن لا نرى فيه سوى صناع الرمز حتى راح الآلاف رموزا لا تجارى فضاقت بهم الارض بما رحبت.
تشرفت ان أكون صديقا للشاعر الانسان خليفة محمد خالد اللحدان، ومن حسن طالعي ان جادت عليّ الاقدار ان اكون احد معارفه، شاطرته وشاطرني الحزن والفرح في زمن أطل علينا بنكده وقل فيه الناصر وكثر فيه جحود القريب قبل البعيد والصديق قبل العدو فأي زمن هذا؟! لعل احلى ما في النوائب استخلاص العبر ومعرفة الاصدقاء الشرفاء، وانتقاء من المعادن اصيلها، فمن رحم المحنة وشدة أوارها عرفت خليفة اللحدان الصديق الحميم والرجل الشريف العنيد في مواقفه.
ومن تجربتي تبين لي ان كمثل خليفة الانسان يغنيك في مصداقيته عن كذا عددا من البشر عشنا معهم ايام الصبا والشباب ردحا من الزمن الذين راحوا كالسراب يحسبه الظمآن ماء. تشكل صداقتي مع خليفة نقطة مضيئة في أهم محطة من محطات حياتي لما تحويه هذه العلاقة من قيم انسانية كبرى أكدت لي وبدون شك صدق هذا الرجل ومعدنه الاصيل، فهو الصديق الوفي والانسان البار والفنان المبدع. هو بين الشعراء مبدع في شعره، وفي الرسم صاحب لون بديع وكثيرا ما كان يستشيرني في موازين شعره المعبّر واختيار المفردات المؤثرة. تفرحني مواويله العذبة، وايقاع لحنها الجميل، المتضمنة صدق الكلمة وقوة التعبير، فكلما طلع علينا في سماء الشعر شاعر برز دونهم شاعرا متألقا، يجيد اختيار كلمته ليتأثر بها ويؤثر. وفي فن الرسم والتشكيل فصاحب ذوق رفيع وحس مرهف، ينقلك من الخيال الى براح الواقع فينير بازميله فضاء لوحته، وله من الاعمال ما يسر بها الخاطر وترتاح لها النفس، منها ما عاينتها ومنها ما اقتنيتها.
وعن انسانيته فالحديث يصعب حصره، فإذا عزمت البحث عن نصير لك في هذا الزمان فأين أنت عن ابن الكرام الآتي إلينا من البديع الشهباء؟ لتكفيك مواقفه المشرفة الشاهدة له بالعزة والكرامة، شهد له كل من عايشه، وأشهد الله انه كان لي عونا وسندا في كل موقف تعرضت إليه في أتون المحنة ومازالت زياراته لي تتردد وسلامه يراوحني بين الفينة والاخرى.
ولي الفخر والاعتزاز ان اشيد بوطنية خليفة اللحدان واخلاصه لأهله وناسه بثباته الراسخ، فهو أحد المؤمنين حقا بوحدة الكلمة والصف تجلى ذلك بكرهه الشديد للطائفية البغيضة ومروجيها وفاءً لذاته الكريمة، فلا فرق عنده بين السني والشيعي وبين الصغير والكبير، فمؤشر بوصلته هو الانسان بإنسانيته مهما كان موقعه أو دينه أو انتماؤه العرقي والمذهبي. فرجل كهذا بيننا نعمة لمن يلازمه ومفخرة لمن يصادقه، وشهادة عز وإباء لأهله وذويه.
صحيفة اخبار الخليج
7 يونيو 2008
خليفة اللحدان.. الإنسان والفنان
مائة امرأة وامرأة
هل من مساحة مشتركة بين القصة القصيرة والمقالة الصحفية في نماذجها الراقية؟! يشغلني هذا الهاجس حين أقرأ لرواد المقالة الصحافية العرب، الذين غالباً ما ارتبطوا ارتباطاً وثيقاً بفكرة التنوير والنهضة، من طراز كتب سلامة موسى العديدة التي هي في غالبها مقالات صحفية: رشيقة، أخّاذة، مبهرة لسعة اطلاع كاتبها وموسوعية معارفه، وقدرته المميزة على السرد. نعم ..! السرد، كما يفعل كاتب القصة القصيرة والروائي. هذا الإحساس انتابني أيضاً وأنا أطالع كتاب الأستاذ كامل زهيري، والموسوم “مائة امرأة وامرأة”.
إن الكاتب هنا يكتب مقالة صحفية، ولكنها مقالة مشغولة بعناية: تأنٍ في اختيار المفردة، رشاقة في بناء العبارة، ثم ذلك السرد الجميل لحكايات عاشها الكاتب وتأملها وأمكنة ومدن زارها وجال فيها، ووجوه قابلها وأصدقاء صاحبهم. الأمر أقرب إلى ما يشبه السيرة الذاتية، ولكنها ليست سوى سيرة ذاتية بالمعني المألوف والمتداول. ”إذا أردت أن تبحث عن المرأة في المدينة وأي مدينة فعليك أن تترك الشوارع الرئيسية لتبحث في الشوارع الخلفية حيث عالم المرأة الخفي”.
ونساء كامل زهيري لسن سوى مدن أحبها وعشقها وأقام معها وشائج حب وصلات مودة، ولكن المرأة حاضرة دائماً، ليس فقط بوصفها مدينة، وإنما بصفتها كائناً جميلاً، متألقاً، وأثيراً، وقريباً إلى النفس. ولا يمكن أن يدور الحديث عن المرأة عند كاتب جميل دون أن يدور عن الحب، الذي هو برأي كامل زهيري: “ألوان .. في الروايات والقصص الخالدة، ولكنه يختلف بين مجنون ليلى وروميو ودون جوان، لأن المجنون كان مثال الحب العذري العفيف الذي يؤدي حتماً إلى هلاك المجنون، ورميو كان مثال الحب المستحيل والنبيل الذي ينتهي إلى المأساة بالموت والفراق، بنما زدون جوانس كان مثال العاشق الفاسق الطائش الذي لا يشبع من المغامرات”.
على أن عنوان الكتاب ينطوي على مكيدة أو مكر أو شيء أشبه بالمخاتلة. إن المرأة حاضرة في كل الكتاب، والحب كذلك. لكن الكتاب يحتوي على فضاءات لا متناهية تشمل العمارة والأدب والموسيقى والسينما والفنون التشكيلية والتاريخ والنقد، وذلك الإحساس العميق بالأمكنة. إن رهافة أي مبدع تتجلى في إحساسه بالمكان، وهذا ما يفعله كامل زهيري في علاقته بالأمكنة التي يحبها: الهند، باريس، سان فرانسيسكو. لكن ما من مدينة حاضرة في الكتاب كما تحضر القاهرة، التي عنها يقول: “أحببت القاهرة، بل وقعت أسيرها، ولم يعد جديدها يخفي عن قلبي قديمها. واحترفت التجوال عن قصد وغير قصد في الأحياء القديمة وفي الشوارع والحواري والأزقة.. أدق بلا توقف وفي لطف أحياناً على استحياء أبواب المباني القديمة، وبعض الزمان الذي يمضي يتعلق بأطراف المباني كما يلتصق فيها كالتراب.. وفي ساعات الصفا طالما سمعت نفسي تحدث نفسي: لو لم أكن قاهرياً لوددت أن أكون قاهرياً. ”مائة امرأة وامرأة”من طراز تلك الكتب التي تمنحنا جرعات غنية من الثقافة والفكر والفن والوعي بالتاريخ بسلاسة وجمال، إن صاحبه يُثقفنا دون أن يدعي ذلك أو يتباهى به. إنه يفعل ذلك بمنتهى الذكاء والتو.
صحيفة الايام
7 يونيو 2008
الصمت ومصير حرية العمل الصحفي!
مهما اختلفنا حول سقف الحريات المتاح في البحرين الا انه وانصافا للحق ان البحرين تتمتع بمكانة مرموقة على صعيد حرية الرأي والتعبير اي أنها بدأت بالفعل تقطف ثمار الاصلاحات السياسية وهذا في حد ذاته يعتبر واحدا من المنجزات الهامة ما يؤكد ذلك الغاء عقوبة حبس الصحافي الخطوة التي اصبحت محل تقدير واعجاب عربي ودولي في حين ان عقوبة حبس الصحافي لا تزال تلاحق العمل الصحافي في العديد من الدول العربية التي سبقتنا بعقود من الزمان في مجال حرية الكلمة، ولنا مثال على ذلك مصر وسوريا، ومن المنجزات ايضا سجل البحرين العالمي على مستوى حقوق الانسان، ورغم ذلك ان الحملة العدائية التي يقودها »اخوان المسلمين« تجاه هذه الحرية ماضية وفق استراتيجية حزبية في انتهاكاتها لحق ابداء الرأي والتعبير، ولا حاجة للقول بان »الشايجي والحمد وبتول السيد والدكتور البغدادي« في مقدمة تلك القائمة المستهدفة في هذه الحملة التي تحرص على ارهاب الكلمة وتكميم الافواه مما يعرقل وبشكل خطير حرية الرأي والتعبير والنشر التي التزمت بها المسيرة الاصلاحية التزاما دستوريا وقانونيا وادبيا في حين انه لا يمكن ان تترسخ جذور الحريات الا بمزيد من الحريات المسؤولة، وكذلك بمزيد من الحقوق وما يقابلها من واجبات تعلو فوق كل مصالح عشائرية وقبلية وطائفية وسياسية وعقائدية تحارب حرية الفكر والتفكير والابداع.
واذا قلنا لا عجب ان ارتبطت هذه الحملة باجندة وبممارسات سياسية كان الهدف منها فرض نظام الوصاية على المجتمع والدعاية لنواب اسلاميين فشلوا في الاداء البرلماني فان العجب ان تحاكم هذه الاصوات المستنيرة وتنتقص الحريات في جو من “التطرف الاصولي”، ولم نسمع من انصار الحرية والديمقراطية والحقوق عن اية فعالية احتجاج ثقافية كانت ام سياسية او حقوقية خاصة وان حرية الكلمة تتعرض الى هجمات شرسة من قبل تيار سياسي اسلاموي اخذ على عاتقه الدفاع عن داعية ابعد ليس من البحرين فحسب بل من دول عربية واوروبية عديدة بحكم دعم وتأييد هذا الداعية للارهاب والعنف والتعصب ولاثارة الكراهية. ويمكننا القول بامانة ان الموقف المبدئي الثابت للاتحاد الدولي للصحفيين كان مشرفا، حينما وقف مع حرية الصحافة في بلادنا والاهم من ذلك اعرب عن استعداده لانتداب محامين للدفاع عن “الشايجي والحمد” في القضية المرفوعة ضدهما من قبل وجدي غنيم احد قيادات “الاخوان المسلمين” المتعلقة بتهمة القذف!!
والامر لا يختلف ايضا بالنسبة للشبكة العربية لحقوق الانسان، فهي الاخرى ادانت في بيان لها مصادرة حرية الصحافة من قبل توجهات اسلاموية تستخدم الدين في تكبيل الصحافة والتربح باسم الدفاع عن الاسلام.
حقيقة كنا نأمل من انصار الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ان يخرجوا عن صمتهم لان الدفاع عن حرية العمل الصحافي يعتبر دفاعا عن الحريات عموما، ولكن يبدو ما اشار اليه الزميل “سعيد الحمد” من تعليق وتساؤلات اهم تعبير عن هذا الصمت ولا سيما عندما قال: في هذا الوقت تحديدا نفتقد ويغيب عنا صوت الاخوة في الجمعيات الحقوقية البحرينية المختلفة فلا نسمع لهم كلمة ولا حرفا أو تعليقا على ما يتعرض له زملاؤهم من حملة القلم المدافعين والذائدين عن حرية الصحافة وحرية التعبير التي تعتبر من اولى اولويات الجمعيات الحقوقية والدفاع عنها مبدأ رئيسي من مبادئ هذه الجمعيات التي ندبت نفسها في كثير من الاحداث للدفاع عن الحريات، فلماذا نفتقدها في هذه القضية؟ ولماذا غاب عنا صوتها المفترض فيه التضامن بقوة مع حرية الكلمة والدفاع عما تتعرض له هذه الحريات من محاولات وأد وقمع ومصادرة؟
صحيفة الايام
7 يونيو 2008
أحوالنا المائلة..!
فوجئنا وخفنا وانزعجنا من هذا الذي تابعناه وشاهدناه وسمعناه وقرأناه لنواب كثر غلب عليه الطابع الكاريكاتوري وعبر عن المدى الذي بلغت فيه أحوالنا المائلة التي بات واقعنا يزخر بها.
هؤلاء النواب يصرون على أن يفاقموا من غلواء الحالية الراهنة بكثير من المزعجات، وأن يفتحوا أبواباً للتأويل وسوء الفهم، والانسياق وراء المشاعر المفرطة في الحيرة، وأن يثيروا لدينا كل ما يمكن حشده من علامات التعجب والاستفهام، وشعوراً لدى المواطن بازدراء ذكائه حينما يصر هؤلاء النواب بأن يظهروا لنا في صورة أنهم أعقل العقلاء في البلاد، وأحكم حكمائها، وأخلص المواطنين فيها، وأنهم وحدهم المفوضون نيابة عنا بحلول هموم ومشاكل الحاضر والمستقبل، وما علينا إلا أن نذهب بكل اطمئنان إلى حال سبيلنا..!
وإذا كنا نحسب أن أي كلام في شأن هذا الذي أزعجنا وأخافنا من تفاصيل وحيثيات ومواقف كثيرة أصبحت موثقة جميعها في سجل هؤلاء النواب، ولأن هناك أموراً كثيرة جديرة بالتوقف والتنبه، فإننا نكتفي هذه المرة بالإشارة إلى أمرين:
الأمر الأول، هو المدى المتدني والمستفز الذي بلغته العلاقات واللغة الخطابية للنواب الذين اختلفوا وتجادلوا وتقارعوا وتطاولوا على بعضهم البعض، وتبادلوا الافتراءات والاتهامات والتخوين، وخرجوا عن حدود اللباقة واللياقة والرزانة وفي بعض الحالات الأدب..!
هؤلاء النواب – هداهم الله – يتحول كل حديث لهم إلى مشكلة، وكل رأي أو تصريح أو خطبة أو موقف إلى خلاف يعقبه خلاف، وذهبوا إلى أبعد مما ينبغي حينما جعلونا مسكونين بأجواء ملوثة اختلط فيها الحابل بالنابل، والحق بالباطل، وما برحوا يخوضون هذا الخلط في كل مناسبة، ومنهم من تفوق بامتياز، رغم أن كل واحد منهم يدعي أنه الذي يمتلك ناصية الحق، وأنه على الصراط المستقيم.
المحزن والمثير والغريب والمتكرر أن النواب المعنيين الذي أصبحوا يعرفون بنواب التأزيم والأزمات ولدوا لدينا شعوراً بالأسى، وهو أسى مركب، مرة لتصرفاتهم وأقوالهم ومواقفهم وغوغائيتهم، ومرة ثانية لأن هذا الذي يحدث يأتي تحت مظلة الممارسة النيابية، والتجربة الديمقراطية وتمثيل الشعب، ومرة ثالثة لأنهم يظهرون لنا بصورة المدافعين عن الدين والوطن والأعراف النيابية.
المشهد النيابي بلغ حد العبث ليس بسبب الانقسام إلى فريقين ومدى التنافر خاصة في المحطات السياسية الحساسة، أو محاولة فرض منطق الغلبة العددية في كل ما يعرض ويثار بالمجلس النيابي، وليس بسبب تصنيف النواب بين موالاة ومعارضة، كما إنه ليس بسبب حرب الفتاوى القانونية وبيانات الكتل النيابية الباعثة على الاستفزاز، وليس بمحاولة فرض الإرادة والرأي والموقف من طرف على الآخر، وإنما بسبب تمييع وطأفنة قضايا الناس والوطن، وما التصعيد الأخير في الآراء والمواقف واللغة الخطابية الفجة بين النائب المثير حقاً جاسم السعيدي الذي يبدو مسروراً أن يوصف برجل الخطابات النارية والتصريحات الملتهبة، وبين نواب وبلديين من كتلة الوفاق من جهة، وبين هذه الكتلة والكتل النيابية الأخرى، لا سيما تلك التي جاءت على خلفية الاستجوابين المعروفين، هذه اللغة الفجة تعكس فجاجتها صور كثيرة، منها على سبيل المثال تلك اللغة التي بلغت إلى حد قيام السعيدي باللمز إلى “الأصول الفارسية” لبعض النواب، واتهام أعضاء كتلة الوفاق بالعجز والفشل والاصطفاف الطائفي وبأنهم لا يفقهون ما يحدث وليس لهم من العقل شيء.. وجاء رد النائب د. جاسم حسين ليكمل هذه الصورة حينما اتهم السعيدي بأنه أبو جهل البحرين وأنه الذي يتكلم دوماً بفكر عنصري ونفس طائفي، ومن العار أن يكون مثله في مجلس النواب.
ذلك المستوى ما هو إلا مثال ونموذج للتدني في لغة الخلاف والاختلاف بين النواب، وهذا هو الأمر الأول الذي فاجأنا وأخافنا وأزعجنا، لأنها لغة ساخنة تبنت خطابات مراوغة وملغومة تسوّغ المخاوف والهواجس وتحرض وتؤجج وتدفع إلى شحن طائفي بغيض غير مسبوق، وهذا أخطر ما في الأمر، حتى وإن ظهر من ظهر من النواب متشبثاً حينما يتحدث باستخفافه لنا عن الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية.
ذلك بالنسبة للأمر الأول..
أما الأمر الثاني الذي فاجأنا وأخافنا وأزعجنا، فهو ردة الفعل التي جاءت على خلفية الجريمة التي راح ضحيتها مواطن على يد عامل بنغالي، هذه الجريمة هزت المجتمع لبشاعتها، ولكن لم يكن من الحكمة، ولا من المنطق أن نكون محكومين بردود فعل انفعالية إلى الدرجة التي نطالب فيها بعقاب جماعي على كل العمالة البنغالية، والأدهى والأمر أن يقع بعض النواب في فخ التعميم ويصفون العمالة البنغالية بالمجرمة، في موقف عنصري واضح، ويعلنون عن تبنيهم في مجلس النواب ما يمنع من استقدام هذه العمالة..!
البحرين شهدت جرائم كثيرة من عمال ينتسبون إلى جنسيات آسيوية عديدة، فهل على إثر كل جريمة نذعن إلى ردود الفعل الانفعالية العنصرية واستهداف عمالة بعينها في كل مرة، في وقت فازت فيه البحرين بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتؤكد فيه الدولة التزامها بالقوانين والأعراف الدولية وصيانة الحقوق.
يعنينا من هذا الذي جرى موقف النواب تحديداً، لأنهم وبفضلهم يسجلون شهادات تاريخية تشين المرحلة، وكل ما هو مطلوب الآن على الأقل إعادة الاعتبار للعمل النيابي والسياسي حتى يكون هذا العمل كما هو في الدول الراقية مسؤولية بناء وطن ومشاركة راقية في الحكم وحتى في المعارضة، وبذلك سنقف للنواب تقديراً واحتراماً.
الأيام 6 يونيو 2008
في ذكرى استشهاد المناضل مزاحم الشتر
سيظل شهر يونيو شهرا مضيئا في سماء المجد.. محفورا في ضمير المناضلين.. ماثلا في وجدان طالبي الحرية وروافد الحياة الحرة الرغدة.. حيا في أغوار ومكنونات أولئك الرجال الأشاوس الذين رفضوا الإذلال والمهانة لمجتمعاتهم وأممهم.. وسعوا بنضالاتهم وتضحياتهم إلى انتشال الشعوب المظلومة، والشعوب المقهورة، والشعوب التي طالتها جرائم أيادي الغدر من الغزاة الصهاينة والمستعمرين، الذين انتهكوا حرمة شرعية الأرض ومشروعية سيادة الوطن.. وشردوا شعبا بأكمله من هذا الوطن واقتلعوه من أرضه إلى المنافي والملاجئ والشتات.
سيظل شهر يونيو شامخا على جباه الأحرار الذين لا يهابون الموت ببسالتهم وشجاعتهم.. طالما يظل أحد أيام هذا الشهر متجسدا في استشهاد مواطن مناضل بار، دون اسمه في سجل الخالدين.. وهو أحد مواطني البحرين الحرة الشامخة.. المناضل البحرين ”مزاحم الشتر” الذي ترك وطنه البحرين.. وترك عمله في الشارقة.. ليستشهد في ساحة النضال وفي أتون المعركة في لبنان في احد أيام شهر يونيو عام 1982م.. ابان اجتياح العدو الصهيوني للبنان وغزو أراضيه عام 1982م.
استشهد المناضل (مزاحم الشتر) وهو واقف على قدميه.. استشهد بين صفوف المناضلين الفلسطينيين واللبنانيين، على ارض لبنان، حاملا سلاحه الـ (آر بي جي) ويده على الزناد.. بعد ان نفذ عملية وطنية “جريئة ” ضد مافيا الغزاة من الصهاينة، خلال معركة كانت حامية الوطيس ما بين المناضلين والغزاة.. تجلى فيها المناضل (مزاحم الشتر) بأروع المواقف البطولية على الإطلاق.. ألحق من خلالها بالعدو الصهيوني هزائم نكراء، بتفجير عتاده وسلاحه والعديد من دباباته ومصفحاته.
لقد اعتلى الشهيد (مزاحم الشتر) قمة المكانة النضالية والبطولية التي تتجدد مغازيها في الذكرى السادسة والعشرين لاستشهاده.. وهو ما أكده الشهيد في ضرب النموذج المشرف بتضحياته، وجسد أعظم ملاحم البطولة الفريدة بنضالاته، وترجم أنبل القيم الوطنية والأخلاقية والأممية بمبادئه، وسجل أروع التاريخ النضالي بإرادته وتجاوز حدود الذات في تجرده من المصالح الذاتية، سوى المصالح الوطنية العليا، التي كان مسكونا بها ومؤمنا بتداعياتها ومفاهيمها..
ومن هذا المنطلق ترك الشهيد عمله في الشارقة (فني مدفعية) في جيش الشارقة.. ترك مورد رزقه ومعيشته، وطمأنينة استقراره، وملذة سعادته، ورفاهية دعائم حياته وأحلامه الأسرية والعائلية والمعيشية.. ترك أهله وأحباءه وأصدقاءه ووطنه وأرضه.. مفضلا الرحيل خارج الوطن، والانخراط في صفوف الثوار في لبنان، حاملا راية النضال الاممي حتى استشهاده.. فاستحق بالتالي مظاهر التكريم والتقدير.. وذلك حينما كرمته دولة الشارقة، بإطلاق اسمه على احد شوارعها، عرفانا لتضحياته، وتبجيلا لبطولته، ومن أجل حفز الذاكرة الإنسانية على درب النضالات الوطنية، وفي سبيل اتخاذ القدوة الرائعة الرائدة من معين تضحيات هذا المناضل، وبطولات هذا الشهيد، التي هي شرف عظيم في استشراف آمال المستقبل لطالبي الحرية والكرامة الانسانية.. بينما في بلده، وفي وطنه مملكة البحرين، فان ذكرى استشهاد هذا المواطن.. وهذا البطل.. هي سادرة في طي التجاهل والنسيان.. تائهة في بوتقة الصمت المطبق، على الرغم من مرور ستة وعشرين عاما على استشهاد هذا المواطن.. أو بالأحرى مرور الذكرى السادسة والعشرين لاستشهاده، صادفت ولا بوادر طلت في دائرة الضوء.. ولا خطوات حلت في حيز الواقع والوجود، من أجل الاحتفاء بذكرى استشهاد خيرة مواطني مملكة البحرين، وأحد مناضليها، ورافعي رأسها ببسالة وشموخ. لعل ما يبعث على القول فخرا ان الاحتفاء بالذكرى السنوية لاستشهاد المناضل الشاب مزاحم الشتر في ساحة المجد وميدان القتال، مواجها أشرس عدو صهيوني مسلح بأحدث الأسلحة الأمريكية والغربية، من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية والدفاع عن السيادة اللبنانية..
هي شهادة للتاريخ.. وشهادة للأجيال الراهنة والقادمة والمتعاقبة، لبطولات من حمل روحه على كفه وهو في ريعان شبابه. هي شهادة لهذا الشهيد الذي أحيط بمظاهر التكريم في الشارقة، بقدر ما حظي بمظاهر الاحتفاء في ضمائر المناضلين ووجدان الشعوب.. في الوقت الذي لا يعقل فيه أن يطوى اسمه في غياهب النسيان لدى موطنه ومسقط رأسه ومصدر طفولته ومرتع صباه وشبابه، وفي وطنه المصدر ( ابنا ومواطنا ومنتجا ومناضلا).. مثل شعبه بأروع التضحيات الوطنية.. ورفع اسم بلده بأسطع المثل النضالية بنبل العطاء والتضحية.. ومن هنا يستوجب على المسئولين في مملكة البحرين، الاحتفاء بذكرى استشهاد هذا المواطن البار.. هذا المواطن المناضل.. واتخاذ زمام المبادرة إلى تكريمه، بإطلاق اسم الشهيد (مزاحم الشتر) على احد شوارع البحرين أو إحدى مدارسها أو احد معالمها أو مؤسساتها.. وذلك اقتداء بالخطوة الوطنية المشرفة التي تبنتها إمارة الشارقة، بتكريم الشهيد. في نهاية المطاف طوبى لمن حمل روحه على كفه ورخص بروحه وحياته، من أجل القضية المحورية قضية فلسطين الجريح.. وهنيئا للشهيد البحريني الذي سيظل اسمه مضيئا في سجل الخالدين، بقدر ما تظل تضحياته البطولية خالدة في صفحات التاريخ، ماثلة في ضمائر المناضلين.
أخبار الخليج 6 يونيو 2008
أصابع الإخطبوط الخفية
اشرنا في مقالات سابقة إلى أن من يتراخون عن خطورة تيار الإخوان المسلمين في البلاد، وعلاقتهم “برفاقهم” في الخارج، كونهم يرتبطون بشبكة عنكبوتية لا يمكن تجاهل خطورتها، هم واهمون تماما، فهذا التيار، يمتلك خبرات متعددة ومواهب متنوعة قادرة على تغيير الأقنعة وارتداء ملابس المسرح المطلوبة والدور المناط لهم، ويحاولون دائما وأبدا أن يزاحموا كل جهة وكل قوى بما فيهم التيارات الإسلامية المختلفة معهم، ولكنهم مستعدون لخلق جبهات واسعة قادرة على تملك ناصية الشارع السياسي، بحيث بإمكانهم تمرير مشاريعهم الإستراتيجية، التي لا يراها الفرد العادي، فهي لا تبدو إلا وجوها لأشخاص دعاة يدعون العباد إلى التمسك بالدين والتقوى، في وقت اخفوا حقيقة جوهرية هي تحويل ذلك الدين من مستوى العبادة ونشر الأخلاق والتمسك بالمثل، إلى أهداف سلطوية، فهدفهم ليس التغلغل في جسد المجتمع والناس وحسب، بل البلوغ إلى مآرب أخرى كسدة الحكم وتحويل المجتمع والإسلام إلى دولة دينية.
وقد مارسوا نهجهم بكل راحة عندما كانت المنابر الدينية ساحة مفتوحة، وكانت بيوت العبادة مرتعا لنشر كل برامجهم المنظورة وغير المنظورة، فالمهم هو اصطياد الناس إلى حظيرتهم وجرهم إلى أهدافهم الخفية. وكانت البحرين خلال العقود الأربعة مفتوحة الأذرع لمثل تلك القوى السياسية المتلفعة بأقنعة الدين، فلم يستطع البسطاء ولا المنتفعون والنفعيون رؤية الواقع بمجهر الحقيقة، ففعلوا ما يمكنهم فعله وركوب الموجة، فتمددت يد الإخطبوط من خلال هيمنتها على المراكز المالية والمؤسسات الاستثمارية، الممتدة من منابع النفط والفورة النفطية في السبعينات التي تمركزت في سويسرا فحطت هناك رحالها لكي تتحصن بالبيوتات المالية الكبرى ثم عادت إلينا بمسميات مالية معروفة فكان دورهم هو تمرير ودعم المؤسسات الخيرية المرتبطة بها فكراً وتوجهاً، بل ونشر الإخطبوط رعبه بحيث سلط عينيه الحمراء على الناس وبحيث لم يعد يجرؤ احد على مناقشة أية ظاهرة غريبة بما فيها صناديقهم التي اخترقت عيادات الأطباء والبرادات دون رخصة أو الاستئذان من صاحبها، فقد انتشرت الفرق الدينية “فرق التبشير !!” وهي تبشر بيوم موعود، لحلمها القادم، فكانت مستعدة لخنق من تريد خنقه عندما تصل إلى قمة السلطة، ولكنها لم تنجح في اختراق كل الاسيجة.
وعندما انتقلنا إلى مرحلة جديدة من مرحلة المشروع الإصلاحي، وبدأنا نتناقش ونجد مساحة من الحوار الحر للجميع وتم كسر حلقة وأمكنة الاحتكار الدعوي، وصارت الديمقراطية لغة للجميع، وجدت تلك المجموعات نفسها مرغمة على مواجهة الواقع الجديد، فكان عليها التخطيط لاختراق جبهتين مهمتين، الأولى المجلس النيابي والمجلس البلدي دون أن تتخلى عن منابرها التقليدية، ولكن المسار التاريخي لم يكن في صالحها دائما فقد تغير العالم وبات الإرهاب هو الوجه الأكثر بشاعة، فهو فكر إقصائي وعدواني مستعد أن يعلق المشانق كيفما أراد فيما لو أتيحت له فرصة ترويع البشر.
في مناخنا الجديد، تحولت المؤسسات الصحافية والإعلامية والمنتديات والورش والجمعيات وغيرها مكانا لنشر الوعي والوعي المضاد، فذاق ذرعهم ولم يستطيعوا تقبل الحوارات القادرة على تعريتهم وتعرية أصابعهم الخفية كأصابع الإخطبوط القاتلة، ونتيجة ضعفهم في كسب الحوارات المفتوحة والانتشار بين الجيل الجديد، فإنهم لجأوا إلى أصوات مشبوهة ودعاة رفضهم شعبنا، فتم تكميم تلك الأفواه وطردها من البلاد شر طرده، فاكتشفوا أنهم يلعبون بأوراق لم تمر، فاعتقدوا أن التآمر بأوراق المحاكم ووضع رئيس تحرير الأيام (الشايجي) والصحفي في الجريدة نفسها (سعيد الحمد) خلف قضبان السجن، يحقق لهم نصرا كبيرا ويعيد لهم الاعتبارات المفقودة، فقد خسروا الحوارات فلم يستطيعوا الرد على الأقلام الحرة التي نددت بتاريخهم وعرّت حقيقتهم. وبدلا من الدخول في مناقشات فاعلة وحرة عن واقعهم المحلي والدولي، والحديث عن تاريخهم المخزي في عالمنا العربي والإسلامي، اخذوا في البحرين مواقف لم يستغربها شعبنا، متناسين إن شعبنا لديه أيضا رؤية وحساسية سياسية لكل ما هو اعوج ومنحرف حتى وان ارتدى قناع التدين. لهذا لا تبدو معركة الشايجي والحمد ثنائية كتيار صحفي وبين طرفين، احدهم يمثل التنوير والدفاع عن الحريات ومشروعنا الديمقراطي وحق التنوع والخلاف والثاني يمثل نهج التاريخ المظلم والتعسف والإرهاب، والذي لا يرى في الأقلام الحرة إلا اصواتا لا بد من ردعها لكي يتراجع الصوت الحر في بلادنا، متناسين أن الخندق الحر صار مشعلا للضوء في وطن لن يقبل بمنهج أحادي، وتحويل الناس إلى أصوات من العبيد مسكونة بالخوف.
ما يستوجب على كل المثقفين وأصحاب الأصوات الحرة أن لا ينظروا إلى قضية الشايجي والحمد على أنها قضية مهنية ولجريدة محددة وتتحول المواقف إلى فسحة للفرجة وحسب، وإنما المعركة القلمية اليوم هي بين الحرية والظلام، بين الحق في التعبير والاختلاف والتعددية وبين القمع المطلق والاستبداد الفكري والإرهاب بمسميات جديدة وأقنعة متلونة، فأصابع الإخطبوط كانت وما تزال خفية علينا لفهم جوهرها الحقيقي.
الأيام 6 يونيو 2008
النكسة ودروسها المغيّبة
على الرغم من مرور أكثر من 40 عاما على كارثة حرب يونيو 1967م التي منيت فيها جيوش ثلاث دول عربية، مصر وسوريا والاردن، بالهزيمة الماحقة النكراء امام جيش العدو الاسرائيلي منذ اليوم الاول لعدوانه على هذه الدول، والتي اسفرت عن احتلاله لأراض تابعة لكل منها، فانه حتى الآن لم يكشف النقاب بعد بما فيه الكفاية عن وثائق واسرار هذه الحرب ولاسيما تلك المتعلقة بأداء الجيش المصري باعتباره اقوى هذه الجيوش ومركز الثقل العسكري المعول عليه في تلك الحرب الكارثة. فبإخراجه عمليا من الحرب منذ اليوم الاول جراء الضربة الموجعة القاصمة لسلاحه الجوي تم الاستفراد بالجيشين الاردني والسوري وإلحاق الهزيمة بهما بسهولة. في الدول الديمقراطية الغربية، كالولايات المتحدة وبريطانيا، يتم عادة الافراج عن الوثائق السرية العسكرية، وحتى السياسية، بعد مرور فترة زمنية كافية من الوقت تتراوح بين 25 عاما إلى 30 عاما لكي تنتفي الخطورة الأمنية، ان توجد من كشف للمعلومات العسكرية والسياسية الواردة فيها.
وثمة قوانين تنظم ضمان حقوق الحصول على المعلومات والوثائق من دون حجبها بذرائع واهية غير منطقية وغير مقنعة. اما في دولنا العربية، وعلى الأخص تلك المعنية بهزيمة يونيو 1967م، فمازالت رغم مرور اربعة عقود على وقوعها تخشى الكشف عن ولو النزر اليسير من المعلومات والوثائق المتعلقة بهذه الكارثة حتى لو كانت أمة بأكملها مازالت حتى يومنا هذا تدفع فواتير نتائجها الكارثية على مختلف الاصعدة السياسية والعسكرية والثقافية والاجتماعية وبكل ابعادها الحضارية حيث ما برحت هذه الامة منذاك تشهد ارتدادا حضاريا متصاعدا غير مسبوق في تاريخها الحديث هذا مع العلم لا توجد تشريعات وقوانين ديمقراطية تنظم حرية الحصول على المعلومات وحظر حجبها ليس في دول النكسة فحسب بل وفي معظم الدول العربية.
على ان فرض السرية والحظر على الوثائق والمعلومات المتعلقة بهزيمة يونيو 1967م لا يمنع بأي حال من الاحوال استخلاص العبر والدروس من هذه الكارثة ولو من خلال ما تم الكشف عنه من نزر يسير عنها خلال العشر سنوات الماضية، وعلى الأخص مما يمكن استخلاصه من كتابات وشهادات عدد من القيادات العسكرية والضباط المشاركين فيها، فضلا عن الرموز السياسية التي عاصرت تلك الفترة من مواقعها التنفيذية. وقد نشر العديد من هذه الشهادات في الصحافة العربية كما صدر عدد من كتب المذكرات للضباط مثل صلاح نصر وشمس بدران وهما من الضباط الذين كان اداؤهم سيئا في الحرب ومثل الفريق محمد فوزي ومجموعة من الضباط الآخرين مثل عبدالحميد الدغيدي، وعبدالمحسن مرتجى، وانور القاضي، وصلاح الحديدي.
(انظر كتاب الطريق إلى النكسة لمحمد الجوادي، دار الخيّال)، هذا علاوة على مذكرات الدكتور مراد غالب (سفير مصر في موسكو) وشهاداته البالغة الأهمية والتي أدلى بها في أكثر من عشر حلقات في برنامج “شاهد على العصر” بقناة الجزيرة والتي بثت مباشرة قبيل فترة قصيرة من وفاته في ديسمبر الماضي 2007م. ولعل واحدا من أهم واخطر الاسرار التي كشف عنها الدكتور غالب، وان كان هذا السر قد أميط اللثام عنه قبلا إلا انه ليس بشكل مفصّل كما رواه الدكتور غالب نفسه كشاهد عيان، هو ذلك المتعلق بحقائق نتائج زيارة وفد عسكري مصري على مستوى عال بعثه الرئيس عبدالناصر الى موسكو برئاسة وزير الحربية شمس بدران للاجتماع مع القيادات السياسية والعسكرية السوفييتية قبيل الحرب بأيام للتباحث حول موقف موسكو حينما تتخذ القاهرة قرارا نهائيا بشن حرب على اسرائيل.
وكان موقف السوفييت واضحا في هذا الاجتماع بالتحذير من مغبة ان تكون القاهرة المبادرة بشن حرب كهذه ولاسيما بالنظر لافتقاد جاهزيتها العسكرية لذلك من مختلف الجوانب التسلحية والاعدادية، فضلا عن تدخل امريكا المتوقع في الحرب. لكن الفريق بدران عاد إلى القاهرة ليصوّر نتائج الاجتماع لعبدالناصر كما تراءى له أو كما توهم على العكس من ذلك تماما حيث ابلغ الرئيس عبدالناصر بأن السوفييت أبلغوه بأنهم سيتدخلون عسكريا اذا ما تدخلت الولايات المتحدة الى جانب اسرائيل، وان الاسطول السادس الامريكي المرابط في البحر المتوسط لو تدخل في الحرب فان لدى السوفييت ما “يبططه” على حد تعبير بدران.
وكانت هذه المعلومات والتقييمات الخطيرة الخاطئة من الاسباب الرئيسية للهزيمة حيث بنت عليها القيادتان السياسية والعسكرية في مصر حساباتهما لخوض الحرب التي افضت الى الكارثة العسكرية المعروفة يوم 5 يونيو فنتائجها الكارثية السياسية المتواصلة إلى يومنا هذا. وللأسف فانه بالرغم من مرور أربعة عقود ونيف على هذه الكارثة فانه لم تجر دراسات وحوارات معمقة بعد لاستخلاص دروسها وعبرها مصريا وعربيا، إن على الصعيد السياسي، وان على الصعيد العسكري.
والحال ان سوء فهم الفريق شمس بدران وزير الحربية المصري الاسبق للموقف الحقيقي للاتحاد السوفييتي من الحرب التي توشك بلاده الدخول فيها مع اسرائيل عشية هزيمة 1967م اثناء اجتماعه مع القيادات العسكرية السوفييتية قبيل الحرب وهو سوء الفهم الذي كان من الاسباب التي أفضت الى كارثة 1967م ليذكرنا بالضبط بالاوهام التي ساورت واستبدت بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين عشية هجومه على الكويت عام 1990م عندما اجتمع بسفيرة الولايات المتحدة في بغداد قبيل الغزو ابريل جلاسبي، وتوهم بأنها توحي له بعدم اكتراث الولايات المتحدة بفرضية أي هجوم محتمل يعتزم صدام شنه على الكويت، وهذا ما أفضى الى كارثة الغزو ثم كارثة تدمير العراق خلال عمليات الهجوم الامريكي الساحق عليه لتحرير الكويت، فالعقوبات الاقتصادية الظالمة على الشعب العراقي طوال 13 عاما، فضرب العراق مجددا وغزوه امريكيا ووقوعه تحت الاحتلال منذ عام 2003م.
صحيفة اخبار الخليج
6 يونيو 2008
محنة الحبس الاحتياطي
كتبت الزميلة عصمت الموسوي في زاويتها منذ يومين حول قضية الموقوفين المتهمين في قضية “ألبا”، مشيرة إلى الجانب الإنساني في الأمر، فلقد مرت تسعة شهور منذ أن اُلقي القبض عليهما، دون أن يقدما إلى المحاكمة، وحسب ذوي المتهمين فان مسؤولين في النيابة العامة ابلغوهم بأن هناك عشرات الملفات ذات الصلة بالموضوع ما زالت قيد الدراسة. وهذا أمر يطرح عدة أسئلة، ذلك أن قضية الفساد لا يمكن أن تُجزأ، ولا يقبل عاقل أن تكون قضية بحجم قضية الفساد في “ألبا” محصورة في شخصين اثنين فقط.
لسنا في وارد التماس أي عذر لمن يثبت تورطه في قضية فساد بحجم تلك التي يدور عنها الحديث في “ألبا”، وسبق أن أفردنا لها عدة مقالات في هذه الزاوية من وقائع ندوة قدمها رئيس نقابة ”ألبا” علي البنعلي في مقر المنبر التقدمي منذ شهور. وفي حدود ما نعرف فان الغرض من الحبس الاحتياطي هو التحقيق مع المتهم، ولا يمكن لتحقيق أن يستمر كل هذه المدة، خاصة وأن التحقيق مع الموقوفين الاثنين قد توقف منذ مدة طويلة، وخضع الموقوفان لظروف حبس سيئة، أدت إلى انتقال العدوى بمرض السل إليهما من أحد الموقوفين الآسيويين الذي وُضع معهما في زنزانة واحدة، وهما الآن يتلقيان العلاج في المستشفى بعد إلحاح المنظمات الحقوقية البحرينية.
حال هذين الموقوفين يُنبهنا إلى محنة جميع من يخضعون للحبس الاحتياطي في القضايا المختلفة، فالمرسوم بقانون بشأن الإجراءات الجنائية الذي صدر ضمن حزمة المراسيم التي سبقت بدء الحياة النيابية عام ٢٠٠٢، يُعطي غرفة المشورة في المحكمة الجزائية الكبرى حق تمديد حبس المتهم احتياطياً دون تحديد، ولا تتيح للمتهم حق استئناف هذا القرار، فيما يعطي هذا المرسوم بقانون النيابة حق الاستئناف في حال قرر القاضي إخلاء سبيل الموقوف احتياطياً. محاربة الفساد يجب أن تكون شاملة، فليس، فإما أن تحفظ القضية لعدم كفاية الأدلة، أو يقدما للمحاكمة، خاصة وان المسؤولية الجنائية شخصية فلا يؤاخذ احد بجرم سواه، “ولا تزروا وازرة وزر أخرى”، وإلا فليطلق سراحهما بضمان محل الإقامة أو أي ضمانة أخرى تراها المحكمة فيما إذا كان التحقيق في القضية ما زال مستمراً. ذلك أن الاستمرار في الحبس الاحتياطي كل هذه المدة هو وتعطيل لمصالح المتهم، وشكل من الإكراه المعنوي لأفراد عائلته.
صحيفة الايام
6 يونيو 2008
هل يحقق باراك أوباما حلم مارتن لوثر كينج
انتهت الجولة الأخيرة من منافسة الحزب الديمقراطي الضارية لاختيار مرشح الحزب لخوض الانتخابات الأمريكية القادمة بعد أن أمن باراك أوباما أخيراً أصوات المندوبين الكافية لترشيحه (2118 مندوبا)أمام المرشح الجمهوري جون ماكين الذي يوصف بأنه النسخة الأشد تطرفاً من جورج بوش.
كانت المرشحة المقابلة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون موعودة بأن تكون أول امرأة تتربع على كرسي البيت الأبيض، يقابلها أول مرشح أسود لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما ذو الأصول الصومالية المسلمة، ترشيح أوباما التاريخي، جاء بعد أن وقع الرئيس الأمريكي الراحل ابراهام لنكولن قرار إلغاء الرق قبل ثمانية وتسعين عاماً من ولادة أوباما، وبعد أن ناضل مارتن لوثر كينج لرفع التمييز العنصري عن الزنوج عبر تطبيق ما جاء في ذلك القرار، بعد سنوات من التنكيل والإهانة، والقتل على الأصل الاثني، بات الأمريكيون موعدون بأول رئيس أسود يحمل شعار التغيير وينتقد سياسات “الشركات الحزبية” المهيمنة على السياسة الأمريكية على ضفتيها الديمقراطية والجمهورية، مطالباً بتغيير واشنطن بالعودة إلى القيم الديمقراطية التي حملها الدستور الأمريكي، وبناء قاعدة سياسية جديدة بناء عليه.
ما يحسب لباراك اوباما أنه السيناتور الذي لم يصوت تأييداً لغزو العراق ولم يكذب كما فعلت كلينتون مدعية أنها تعرضت لمحاولة اغتيال في البوسنة في حين كّذبت الصور التلفزيونية ذلك.
أوباما البالغ من العمر سبعة وأربعين عاماً يقول أن لديه أقارب في كافة أقطار العالم، لكنه وصل لهذه المرتبة السياسية المتقدمة لأنه ينتمي للولايات المتحدة الأمريكية التي رسخت القيم الديمقراطية منذ تأسيسها.
يخوض أوباما الانتخابات الأمريكية بعد أن شهد حزبه أطول انتخابات تمهيدية في تاريخه بين هيلاري كلينتون التي تستند على موقع عائلة كلينتون في الحزب الجمهوري، والسيناتور الأمريكي الشاب الذي يتمتع بخطاب مغاير وبملكة كارزماتية أهلته لأن يخترق المستحيل، ستة عشرة شهراً هي مدة الحملة الانتخابية التمهيدية التي خاضها المرشحان حتى تمكن أوباما مؤخراً من تأمين العدد الكافي من المندوبين ليدفع حزبه لحسم قراره بشأن اختيار ممثل الديمقراطيين في الانتخابات لقادمة.
يواجه أوباما، المرشح الجمهوري المتطرف جون ماكين الذي دعى لبقاء الاحتلال الأمريكي مئة عام في العراق، وطالب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل في حين لم يتجرأ بوش إعلان هذا الموقف صراحة، كيف لا وهو الذي ترك موقعه الأكاديمي ليشارك في حرب فيتنام، وبعدها كوريا الشمالية حتى بات أسيراً في السجون الكورية لست سنوات، ماكين ذو اللسان السليط قد يسيطر على عقول مجموعة كبيرة من الأمريكيين لشخصيته المثيرة التي تصلح مادة للأفلام الهوليودية، خصوصاً إذا ما لعب على وتر خطر الإسلام الذي ينتمي إليه والدُ أوباما (حسين)، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يحقق أوباما التغيير المنشود في ظل سيطرة الشركات الكبرى على كافة الأجهزة البيروقراطية للدولة؟ سؤال مشروع في ظل تركيبة النظام السياسي الأمريكي الذي تعد فيه الشركات الكبرى مكوناً أساسيا، يحذف ويضيف ويوجه السياسات الداخلية والخارجية على حد سواء. وهل سيبقى أوباما على موقفه المحايد تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، أم أن مقتضيات المعركة السياسية القادمة ستطلب منه ولاء أكثر وضوحاً للكيان الصهيوني؟ وأخيراً هل نحن العرب بحاجة لرئيس أمريكي مختلف؟ أوليس نحن من تحمسنا لجورج بوش، بعد أن صرح منافسه الديمقراطي آل غور تأييده الكامل لإسرائيل أثناء انتخابات العام ألفين، فكانت النتيجة أن أحتفل بوش في الكنيست الإسرائيلي بذكرى نكبتنا الستين. أوليس الحري بنا أن نتحمس لقائد عادل ونظام ديمقراطي يكفل العيش المشترك والمساواة في أوطاننا العربية؟!.
خاص بالتقدمي
البرلمـــان بوصفــه ”مهـــدرة” للـــوقت!!
فيما العالم المتقدم يقطع أشواطاً طويلة ونووية من أجل الارتقاء والنهوض بالوعي المجتمعي وتهيئته لمواجهة أصعب التحديات في هذا الكون الواسع والممتد والمعقد، معضداً بإدراكه واستيعابه لأهمية الزمن وضرورته في حياة الشعوب.. فيما هذا العالم يستثمر كل أفكاره ورؤاه لحظة بلحظة وثانية بأقل منها، من أجل خلق مجتمع مدني منتج وفاعل ومبدع وخلاق ينطلق في كل شؤونه الصغيرة والكبيرة من مؤسسات وبيئات التنوير ومضخات توليد الفكر المنتج.
فيما هذا العالم المتقدم يذهب عميقاً نحو تدشين المستقبل وقراءة آفاقه، نستثمر -حفظنا الله- أهم منجزات الحضارة على امتداد التاريخ الكوني بمختلف جهاته الواقعية والافتراضية، وأعني بها المؤسسة الديمقراطية ممثلة في البرلمان أو المجلس النيابي، نستثمرها لهدر الوقت وتقويض أركان هذه المؤسسة بالمشاجرات الشخصية العقيمة بين النواب وتقاذف التهم فيما بينهم وتصعيد كل ما من شأنه تعميق الفرقة والتمزق بين أفراد المجتمع بمختلف طوائفهم وأطيافهم وألوانهم واتجاهاتهم، وكما لو أن هذه المؤسسة الديمقراطية وجدت أصلاً لتصفية الحسابات الشخصية و’فش الغل’ بين طائفتين بعينهما..
نلحظ هذا التوظيف ‘الأعرج’ للزمن في كثير من القضايا والملفات التي تبدأ من هم اجتماعي ملح وضروري رأب صدعه، لتنتهي إلى كوارث شخصية تسقط ظلالها الثقيلة على المجتمع برمته، لتعلن التخلف شعاراً لمرحلة التحول الديمقراطي، ولتمتد هذه الكوارث بإشكالاتها على صفحات الصحف وعبر الوسائط الإعلامية والإلكترونية التي أصبحت إزاء هكذا إشكال مؤسسات رديفة بامتياز لنتوءات التخلف الطافحة في المؤسسة الديمقراطية الأم، لتعطي انطباعاً في نهاية الأمر بأن ما يجري من تجاذبات ومشاجرات وملاسنات شخصية مؤسسة على وعي ‘ممسوخ’، هي الديمقراطية عينها والديمقراطية عنها براء!
الغريب في الأمر والذي بات إزاء هكذا إشكال غير مستغرب تماماً، أن هؤلاء النواب ينطلقون في أغلب جلساتهم بأن ما تم ‘الاعتراك’ بشأنه في مجلس النواب ينصب في نهاية الأمر في مصلحة المجتمع والوطن، معتقدين بأن النائب الهمام والحقيقي والحريص على مصلحة هذا المجتمع والوطن، كلما رفع عقيرته إلى حد الصراخ و’الزعيق’، صار مسموعاً صوته لدى أعلى السلطات في البلد، ومصدر ثقة لدى من يمثلهم في مجلس النواب، وأن من انخفض صوته وقلت ‘عقيرته’ في المجلس، وإن كان كلامه مقنعاً، فإن صوته غير مسموع لدى السلطات العليا وأنه ليس جديراًبثقة من يمثلهم،وعليهيصبح الشعبان شعبين، شعب ينتمي لمن يرفع عقيرته ويستشيط غضباً وصراخاً وزعيقاً في البرلمان، وشعب ينتمي لمن انخفض صوته في المجلس، وتتطور المسألة ليصبح هذا الشعب منقسم إلى شعوب، شعبين ينتميان للطرفين المتناحرين بصراخهما وشعبين ينتميان للطرفين المتهامسين بصوتيهما، ويحسم الأمر في نهاية المطاف للدرجات المتباينة في الصوت، لا للقضايا التي ينبغي أن تتصدى لها هذه الأصوات والتي تتصل مباشرة بضرورة الارتقاء بالوطن وتبيئته في منطقة تنتمي للحضارة قولاً وفعلاً ورؤية ومستقبلاً وكوناً.
الأكثر كارثية في الأمر، أن ردود الأفعال هي التي تتحكم وتحكم هذه الأصوات في الشارع بعد فض كل جلسة نيابية، فهناك من يعتزم أمام قواعده اللجوء إلى طرق أكثر شدة واحتداماً في التعامل مع السلطات العليا ومع زملائه في البرلمان بعد خيبة رجاء ‘صوته’، حتى لو اضطر الى أن يعلن مصالحته وهدنته مع من أعلن قبل جلسة نيابية اختلافه الشديد معهم وإدانتهم في سلوكياتهم ومآربهم المتطرفة، وهناك من يلجأ إلى استفزاز ذاك الطرف ببرودة أعصابه في المجلس وكما لو أن هذا المجلس مكان لجس نبض ردود أفعال هذا الطرف أو ذاك تجاه القضايا التي أودع الشعب أمانتها في أيديهم، والنتيجة في نهاية الأمر تتشابه في وجهيها الغوغائيين في المجلس النيابي والشارع، ومعه لم يعد هذا المجلس بيئة لفلترة الأفكار والمطالب وطرحها بوعي مشترك ومسؤول بين النواب، بل حتى القضايا التي لا يمكن الاختلاف عليها باتت مطية لأهواء وأمزجة هؤلاء النواب الذين تحكمهم النوايا المبيتة والترسبات المجتمعية المريضة قبل المسؤولية تجاه المجتمع والوطن.
الأكثر نكاية من ذلك كله أن بعض النواب الذين تم انتخابهم لتمثيل الشعب، هم في واقع الأمر أبعد ما يكون عن شرفية التمثيل لهذا الشعب، ذلك أن مواقفهم في البرلمان رجراجة وغير منضبطة، تارة بهذا الاتجاه وفي ‘التارة’ نفسها باتجاه آخر، لتكتشف أنهم ليسوا في وارد صناعة القرار أو اتخاذه، وأن من يوجه هذا القرار أطراف أخرى أكثر كفاءة منهم، سواء كانت هذه الأطراف إسلاموية التوجه أو خبيرة بشأن القضايا المطروحة أكثر منهم، وأنهم جاءوا في حقيقة الأمر نظراً لحسابات تقتضيها وجاهة ما، أو لحسابات تقتضيها أغلبية الطائفة، وعليه نسأل: كم من الوقت هدرنا وكم من القضايا وأدنا في غياب عدم إدراك هؤلاء النواب بأن الزمن حسب اليابانيين والعالم المتقدم حضارة؟
صحيفة الوطن
4 يونيو 2008