المنشور

ماذا بعد مؤتمر الحوار؟


لعل من أهم ما‮ ‬يقع على عاتق اللجنة التنسيقية التي‮ ‬نظمت مؤتمر الحوار الثاني‮ ‬تحت شعار‮ “الثوابت الوطنية فوق الانتماءات الطائفية‮”‬،‮ ‬متابعة التوصيات التي‮ ‬صدرت عن الورش التي‮ ‬ناقشت محاور متعددة،‮ ‬مهمة في‮ ‬المضمون والتوصية‮.‬ لأن مجرد الجلوس على طاولات أعدت للحوار،‮ ‬وإدانة الجميع للطائفية ليس هدفاً‮ ‬من أهداف اللجنة التنسيقية،‮ ‬وهنا‮ ‬يجدر بي‮ ‬التذكير الى مقال زميل لنا،‮ ‬استوقفني‮ ‬من بين عدة مقالات كتبت عن الموضوع ذاته،‮ ‬تساءل فيها وقال إذا كان الجميع‮ ‬يدين الطائفية ويدعو لمحاربتها فمن هو الطائفي‮ ‬إذاً؟‮!‬

ومن هنا،‮ ‬كان الطموح هو ان‮ ‬يؤثر المؤتمر على المشهد المنبوذ بالكامل،‮ ‬فتتغير على إثرها التعاطي‮ ‬الإعلامي‮ ‬ويتغير أداء جمعيات الإسلام السياسي،‮ ‬الذي‮ ‬نعتبرها أساس المشكلة،‮ ‬بل نرى انها المغذي‮ ‬لوريد الطائفية الموجود في‮ ‬بنية بعض الأذهان،‮ ‬التي‮ ‬تقسم الناس الى قسمين طبقاً‮ ‬لشعار‮ “‬ملعون من‮ ‬يخالفنا،‮ ‬مرحوم من‮ ‬يتبعنا‮”.‬

 وبالمناسبة هذا الشعار اللعين ليس حادثا على المجتمع العربي‮ ‬خصوصاً،‮ ‬بل هو نفس المفهوم الذي‮ ‬نادى به الإسلامي‮ ‬حسن البنا في‮ ‬المؤتمر الخامس لجماعته،‮ ‬وإن اختلفت الصياغة‮..‬

 إن مجهود وتعب القائمين على اللجنة التنسيقية خلال الأشهر الماضية الذي‮ ‬أعاد الوهج الى اللجنة بعد موتها،‮ ‬سيذهب هباء منثوراً‮ ‬إذا لم توجد آليات لتنفيذ التوصيات التي‮ ‬صدرت عن المؤتمر،‮ ‬وإلا سيكون الناتج‮ “… ‬مثل ما رحتي‮ ‬جيتي‮”‬،‮ ‬بل وربما تزيد الجرعات والاحتقانات الطائفية البغيضة،‮ ‬بناء على كل انعكاسات مرتقبة دولية كالهجمة المرتقبة على إيران،‮ ‬أو تطور الأوضاع في‮ ‬العراق،‮ ‬او لبنان التي‮ ‬لا نعلم كيف‮ ‬يمكن ان‮ ‬يتطور المهد الدراماتيكي‮ ‬فيها،‮ ‬خصوصاً‮ ‬إذا ما اتخذنا بعين الاعتبار السعي‮ ‬الحثيث لإعطاء هذا الخلاف تحديداً‮ ‬طابعاً‮ ‬شيعياً‮ ‬سنياً‮.

‬ إضافة الى كل هذا التفاعل السياسي‮ ‬الدولي،‮ ‬هناك اهتمام‮ ‬غير مسبوق بالخلاف التاريخي‮ ‬الذي‮ ‬له بالغ‮ ‬الأثر في‮ ‬تشطير وتوسيع خلايا الطائفية في‮ ‬دماغ‮ ‬المهووسين بالتاريخ،‮ ‬والجدل بأحقية خلافة او صحة موقف زيد من الصحابة او عمر‮.‬ لماذا كل هذا التركيز على خلاف سياسي‮ ‬انتهى بموت أصحابه‮.‬

 ما ندعو له هو إيجاد آليات تنفيذ لتوصيات المؤتمر،‮ ‬على ان تتحمل القوى المجتمعية والرسمية مسؤوليتها التاريخية،‮ ‬في‮ ‬تجفيف منابع الشحن الطائفي‮ ‬حتى نصل الى مرحلة القضاء عليها‮.‬

في‮ ‬الختام،‮ ‬مشكور من قام على المؤتمر،‮ ‬وامتنان وعرفان لمن سيساهم في‮ ‬تنفيذ التوصيات‮.‬

صحيفة الايام
6 ابريل 2008

اقرأ المزيد

كيف نحول الحوار الوطني‮ ‬إلى حقيقة فاعلة

ربما في‮ ‬تقليب أوراق وصفحات الماضي‮ ‬تسهل علينا قرءاة كل الحقائق التاريخية،‮ ‬ولكن التاريخ عملية متحركة ومتناقضة ومؤلمة أحيانا ولا‮ ‬يجدي‮ ‬الاستعانة بها من اجل بناء دولة عصرية تسعى لإرساء لبنة مستقبل أفضل‮. ‬وطالما التاريخ مؤلم‮ ‬يرثنا البكاء والتحسر فلماذا نستعين بجذوره ومواجعه ونقف أمام جثته نستجدي‮ ‬؟‮ ‬فكل تاريخ الشعوب قام على الصراع والتجاذبات القبلية والطائفية والعرقية،‮ ‬ولسنا وحدنا نتميز بتلك الظاهرة السلبية ما أخطأنا كشعب ونظام إننا لم نجتث مخاطر الطائفية ونسينا أن حقيقة الطائفة مسألة تاريخية لا‮ ‬يجوز تخطيها ولا‮ ‬يمكن فعل ذلك‮ ‬غير أن الطائفية نزعة ونعرة سياسية وبين التاريخ والسياسة بون شاسع،‮ ‬ولكن ممتد ومتداخل لشعوب وأنظمة تركت في‮ ‬جسدها جروح تنكأ،‮ ‬وتتواصل روح الطائفية دون وعي‮ ‬بمكامنها العميقة،‮ ‬حيث تمَوّج تاريخنا بمحطات سياسية امتصت مظاهر التاريخ الطائفي‮ ‬إلى الوراء دون إلغائه وتركته في‮ ‬العمق‮ ‬يمرر كيفما‮ ‬يشاء وينفجر ويستيقظ كلما تذكر انه‮ ‬يعيش هامشية الواقع الاجتماعي‮. ‬كان لدى الدولة المستقلة الحديثة فرصتها التاريخية بوضع برامج في‮ ‬اتجاه هذا العدو الداخلي‮ ”‬الطائفية” ‬ولكن انشغال الدولة بفلسفتها عمق وعزز من الظاهرة لهذا وجد المشروع الإصلاحي‮ ‬نفسه أمام معركة عميقة وقد ساهم في‮ ‬فترة استقلالنا ولادة وتعزز ظاهرتين هما الطائفية والطائفية المضادة فازداد واقعنا بالسموم والكراهية الأولى كانت من الضفة الإيرانية مع انتصار الثورة؛ فوجدت الطائفة نفسها وبلا وعي‮ ‬تشعر بنوع من الطمأنينة الداخلية بانتصار المذهب على كل شيء وفي‮ ‬عالميته متجاوزا جغرافية الوطن والولاء حيث كان الوطن منقسما والولاء‮ ‬غائبا‮. ‬بدت تلك الحقيقة واضحة في‮ ‬سنواتها الأولى خاصة مع فكرة تصدير الثورة وان وجدناها تلبست بأقنعة أخرى فيما بعد عن طريق تزاوج فكرة دبلوماسية الدولة ومواصلة فكرة الاستنفار الثوري‮ ‬المتروك شأنه للحرس الثوري‮ ‬أما الظاهرة الثانية فقد تعززت حيث وجدت نفسها مستنفرة كعالم سني‮ ‬أمام قوتين جديدتين في‮ ‬المنطقة هما الغزو السوفياتي‮ ‬والغزو الإيراني‮ ‬الجديد فكان الأب الروحي‮ ‬حاضرا في‮ ‬تحويل المخاوف وأولية الصراع ضد الخطر الشيوعي‮ ‬مستنفرا العالم الإسلامي‮ ‬دون تمييز،‮ ‬بينما في‮ ‬العمق كان ذلك التناقض ظاهرا فتم استنزاف إيران بحرب جانبية مع العراق وتذكيرها في‮ ‬الوقت نفسه ان انتصار الدبابات السوفياتية في‮ ‬أفغانستان‮ ‬يعني‮ ‬قضمها بالكامل،‮ ‬وهي‮ ‬في‮ ‬نضارة ثورتها حيث منابع النفط في‮ ‬الخليج كانت هي‮ ‬الهدف و‮٠٠٨ ‬كيلومتر من كابل وتلك المنابع لا تعني‮ ‬شيئا في‮ ‬العمليات العسكرية الاستراتيجية مما دفع إيران للمساهمة مع اللواء الإسلامي‮ ‬في‮ ‬الحرب ضمن الأربع عشرة دولة التي‮ ‬جندت في‮ ‬مواجهة الاتحاد السوفياتي‮ ‬وليس المجاهدين الأفغان والمسلمين العزل وحدهم؛ فمن دون حرب طويلة لا‮ ‬يسندها المال والسلاح وكل التسهيلات الأخرى لسفر المقاتلين وإعلام موجه لم تكن العملية سهلة أبدا‮. ‬ومع انسحاب السوفيات ‮٥٨٩١ ‬وانتهاء الحرب الإيرانية العراقية ‮٨٨٩١ ‬رأينا كل المشاهد الطائفية كيف خرجت من مكامنها وعاد الشيطان الأمريكي‮ ‬وحلفاؤه‮ ‬يلعب بأوراقه العرقية والطائفية،‮ ‬ووجدت الأنظمة نفسها مثل حطب الشطرنج بعد انهيار نظام صدام مهددة من كابوس الطائفية المدعومة بوجهين إيراني‮ ‬وأمريكي‮ ‬وعربي،‮ ‬غير أن الطائفة الواعية أدركت أنها تحل مشكلتها الداخلية وحدها دون تهميشها وطنيا وهي‮ ‬ترفض الانصياع خلف الأجنبي‮. ‬ذلك الولاء الحقيقي‮ ‬للوطن‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يتعزز بالولاء لنظام الحكم وشرعيته الدستورية ولكنه الولاء‮ ‬يبقى مشروطا بالحقوق والشراكة في‮ ‬مواطنة حقيقية وحياة أفضل‮. ‬فكيف ننجح في‮ ‬الانتقال في‮ ‬عهد الإصلاح من تجذر شعور الغبن لماض طويل إلى شعور الاستقرار في‮ ‬وطن‮ ‬يقدم عدلا لكل أبنائه لكي‮ ‬تصبح المواطنة لها معنى حيا‮ ‬يفعّل مواد الميثاق ودستورنا‮.‬ ‮]‬هل لدينا أعداء خارجيون؟ لا‮ ‬يجوز دفن رؤوسنا بنهج نعامة دبلوماسية ونجيب نفيا،‮ ‬لا‮ ‬يوجد ذلك العدو الخارجي‮ ‬المحتمل،‮ ‬وقد كان تقلبات ومزاج صدام العقائدي‮ ‬درسا قوميا مؤلما فهل‮ ‬يستقر شعور الأمان في‮ ‬بلدان مجلس التعاون من تزايد التسلح الإيراني،‮ ‬وتلويحه عبر قنوات أخرى تمثل واجهته بالتهديد مستخدما المنطق القديم‮ / ‬الجديد في‮ ‬حقوقه التاريخية‮. ‬هذا الخوف الكامن‮ ‬يجد له مرتعا لدى من تملكتهم نعرة الطائفية في‮ ‬الداخل،‮ ‬وتعززت لدى مجموعات أخرى كلما شعرت بالتمييز المستمر دون معنى‮. ‬فكيف ننجح في‮ ‬قطع الجسور الداخلية مع حالة المخاوف الخارجية من وجود عدو خارجي؟ قصائد الولاء المستباحة لحظتها‮ ‬غير مجدية ولا أقنعة المسرح تصبح ذات معنى؛ ففي‮ ‬لحظات الحرب والغزو تتكشف المرجعيات وتنهار قيم الولاء بل وتصبح لحظتها نمطاً‮ ‬من الصراع بين ولاء حقيقي‮ ‬وولاء مصطنع‮.
 
صحيفة الايام
6 ابريل 2008

اقرأ المزيد

تكريماً لحسن الجشي

كنا ننتظر من مؤسستنا التشريعية، خاصةً مجلس النواب، أن تبدي التفاتةً تجاه ذكرى الراحل الكبير الأستاذ حسن الجشي، بصفته أول رئيس لبرلمانٍ منتخبٍ في تاريخ بلادنا. كان على مجلس النواب أن يعبر عن تكريمه ووفائه لذكرى هذا الرجل متعدد المواهب والاهتمامات، ولكن في الشق المتصل بكونه شخصية برلمانية من الوزن الثقيل أعطت قوةً ومهابةً ليس فقط على موقع رئاسة المجلس، وإنما أيضا على دور المجلس الوطني في السبعينات . وفي كلماتٍ موجزةٍ فان مكانةَ ودور ذلك المجلس أضفت أهمية على موقع الرئيس، أي أن برلماناً قوياً مثل ذلك البرلمان كان يستحق بالضرورة رئيساً قوياً من وزن حسن الجشي، لكن في المقابل فإن شخصية الجشي القوية وسعة اطلاعه ومعرفته وخبرته السياسية والتربوية والإعلامية ، وكونه واحداً من أهم مثقفي البحرين منذ الخمسينات قد أضفت بدورها قوةً على هذا المجلس. في كلمات موجزة أخرى فإن حسن الجشي أخذ من المجلس الذي رأسه قوةً وأضاف إليه قوة. وما من جهة أجدر بأن تقوم بهذه الالتفاتة تجاه البرلماني حسن الجشي سوى مجلس النواب، لكي يظهر، طالما انه البرلمان الذي اختاره الشعب، أن البحرين استحقت في السبعينات برلماناً أفضل من برلمان اليوم، وهي ما زالت  تستحق مثل ذاك البرلمان الذي عاجله مرسوم الحل السريع، الذي وأد في المهد الخطوة الجدية في تاريخ البلد لإقامة الشراكة السياسية بين الدولة والمجتمع التي لو استمرت لكنا ظفرنا بوطنٍ أجمل بكثير من هذا الذي بلغناه.  وطن خال من أوجه العسف والقمع ومصادرة الحريات التي هيمنت على المناخ السياسي في البلد طوال ثلاثة عقود، فورثت لنا، في النتيجة هذه المقادير المهولة من الفساد المالي والإداري والعبث بالمال العام، وهذا الترهل البيروقراطي، وأخيراً هذا المجتمع المنقسم على نفسه انقساماً طائفياً ومذهبياً، على خلاف ما أراده له جيل حسن الجشي الذي شرّحَ داء الطائفية في “صوت البحرين” منذ منتصف القرن العشرين بوعي ونضج يلمسهما من يعود إلى ما كتبه في حينه. نحتاج لاستذكار واستحضار دور حسن الجشي بوصفه رئيساً لذلك المجلس، لكي نسلط الضوء مجدداً على مكانة هذه التجربة في تاريخنا الوطني والسياسي، ونستخلص منها ما نحن في أمس الحاجة إليه من دروس وعبر. نحتاج أكثر لأن نوفي حسن الجشي حقه، فله دين علينا أن نرد بعضاً منه إليه، وأرى أنه سيكون مناسباً ولائقاً أن تَنتظم ندوةً محضراً لها بعناية واهتمام، وقبل وقت كاف، تشتمل على عدة محاور تتناول شخصية حسن الجشي ودوره في المجالات المختلفة، فبذلك لا نكون قد كرمنا هذا الرجل الكبير فحسب، وإنما درسنا أيضا المرحلة الذهبية التي عاش ونشط فيها.

خاص بالتقدمي

اقرأ المزيد

نحو حركة شعبية مناهضة للغلاء

موضوعات عدة كنت أرغب في الكتابة عنها لهذا الأسبوع، إلا أنني بعد يوم من العمل الطويل وكالعادة اتصلت بالأسرة لأسأل أفرادها إذا ما يرغبون في شيء أحضره معي قبل عودتي للبيت، الطلبات كانت بسيطة خبز وحليب ولا تنس تمرا على ‘الشواطرة’ مشتهين حلوى بحرينية ومتاي.. حاضر على العين. اشتريت المتاي وإذا بالسعر وفي غمضة عين قد أصبح بدينار ونصف الدينار للكيلو الواحد بعد أن كان يباع بدينار للكيلو، أي أن الزيادة تعادل 50% من السعر الأصلي! قبل يومين أخذت قناني الماء الفارغة وتوجهت إلى محطة بترول نادي المحرق، حيث يوجد محلاً لبيع الماء المخصص للشرب، ملأت القناني، سألت العامل عن القيمة وإذا بالقنينة التي كانت بـ 50 فلساً قد أصبحت بـ 75 فلساً، أي أن الزيادة في السعر تعادل 50% من السعر الأصلي، أما القنينة التي كانت بـ 25 فلساً قد أصبحت بـ 50 فلساً، أي أن الزيادة في السعر تعادل 100% من السعر الأصلي! قبل ثلاثة أيام كنت أتسوق في محل لبيع الخضراوات والفواكه، لا يوجد حديث لدى المشترين غير الأسعار التي كسرت وتكسر ظهر المواطن، تركزت تعليقات المواطنين على الـ 50 دينارا، تلك الصدقة التي ينتظرها الجائعون بفارغ الصبر، أعجبني تعليق أحد المواطنين عندما علق مقترحاً أن يمنح المواطن الحكومة 50 ديناراً على أن تعمل مقابل ذلك على المحافظة على الأسعار القائمة على أقل تقدير. نحن بحاجة لحركة شعبية واسعة مناهضة للغلاء شريطة أن لا تتقدم هذه الحركة بطلب ترخيص من وزارة التنمية الاجتماعية، لأن الحصول على مثل هذا الترخيص (في حال الموافقة عليه) يتطلب الانتظار ثلاث سنوات حتى ينال الموافقة وبشروط الوزارة التي ستحد من تحقيق أهداف هذه الحركة التي ندعو لها. نسأل حكومتنا الرشيدة وأعضاء مجلسي السلطة التشريعية من شوريين ونواب: هل الغلاء هو حالة طارئة تستغرق أياماً وشهوراً ومن ثم ستعود المياه إلى مجاريها؟ يبدو أن حكومتنا والسادة النواب والشوريين يتصرفون وكأن الغلاء هو حالة طارئة ومؤقتة، وبالتالي فإن حل صدقة الـ 50 دينارا هو حل مناسب، بل وأكثر من مناسب. ليطمئن المواطن فإنه بمجرد صرف الـ 50 دينارا فإن هذه المشكلة المؤقتة ستنتهي بانتهاء آخر فلس من هذا المبلغ. فعلاً نحن بحاجة إلى حركة شعبية واسعة لمناهضة الغلاء الفاحش، تضم هذه الحركة جموع شعبنا المغلوب على أمره المكتوي بنيران ارتفاع أسعار النفط الذي تجاوز سعره المئة دولار، المواطن الذي يجهل أين تذهب الفروق الناتجة عن هذه الزيادة. هذا الشعب المكتوي بنيران الفساد المستشري الذي يحسه ويعرفه بل ويراه رؤية العين المجردة، سرقة أموال بالمليارات، ونهب للأراضي والبحار، سرقات وفساد ونهب لكن من دون تحديد من هو السارق ومن هو الناهب، كل ما هو واجب على هذا المواطن القبول والرضا والحمد والشكر. نحن بحاجة إلى حركة حضارية سلمية تضم الشرائح الواسعة من شعبنا الذي تجمعه لقمة العيش، كي تعبر للسلطة عن المعاناة الحقيقة التي يعيشها المواطن البسيط الذي لا يدري كيف يتدبر قوت يومه، وتطالب بالحقوق لا المكرمات والصدقات، نحن بحاجة للنضال السلمي من أجل حقوقنا كافة وفي مقدمتها حق العيش بكرامة، دون الاعتماد على المكرمات والصدقات ومعونات الصناديق الخيرية؛ لأن شعبنا مقتنع أشد الاقتناع أن هناك سرقات وفساداً ونهب،اً ولو توقفت هذه السرقات والنهب والفساد وتم التوزيع العادل للثروة، فإنه سيعيش حياة كريمة بعيدة عن المذلة من أجل لقمة العيش. هذه الحركة تدعو إلى اعتصامات سلمية هدفها الوحيد توصيل رسالة سلمية للسلطة تعبر عن معاناة غالبية أبناء هذا الشعب جراء الغلاء الفاحش الذي التهم الأخضر واليابس، حركة تعبر عن القناعة التامة للناس بأنه لو توقفت السرقات والنهب والفساد وتم التوزيع العادل للثرة فإن الخير كل الخير سيعود على الوطن والمواطن. بإمكان هذه الحركة أن تدعو المواطنين إلى الامتناع عن شراء سلعة أو سلع محددة ولفترة محددة، أو تعليق أعلام سوداء على سطوح المنازل، للتعبير عن الحركة الاحتجاجية على الارتفاع غير السوي وغير المعقول في أسعار كل المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن وفي مقدمتها أسعار المواد المتعلقة بلقمة العيش، والتوقيع على عرائض توجه للسلطة. لقمة العيش تجمعنا. لنتوحد جميعاً في حركة شعبية مناهضة للغلاء.

صحيفة الوقت
5 ابريل 2008

اقرأ المزيد

المتطرفون العصابون في‮ ‬الغرب‮ ‬يقدمون العون والمدد لأندادهم الإسلاميين المتطرفين

تنظيم القاعدة فرع بلاد المغرب العربي يختطف في تونس سائحين من الرعايا الألمان ويقوم بتهريبهما عبر الحدود إلى قواعد له أقامها في المناطق الصحراوية الممتدة عبر الأراضي الجزائرية والمغربية والموريتانية. ومن غير المستبعد أن يكون التنظيم قد أسس له موطئ قدم في تشاد ومالي. لقد استعارت قيادة هذا التنظيم من النظام الرأسمالي المعاصر صيغة ‘الفرنتشايزينج’ ‘Franchising’ وتعني حق التمتع بالامتياز، فقامت ببيع امتياز ماركتها ‘المسجلة’ المتمثلة في الأساليب التي تتبعها لتحقيق أهدافها من إعداد وتجهيز وتفخيخ الانتحاريين وتحويلهم إلى قنابل بشرية قبل إرسالهم إلى الهدف (Target) وإصدار فتاوى القتل والتكفير وغيرها.. فقامت بموجب هذه الاستعارة المتذاكية بفتح فروع للتنظيم في المناطق التي تسنى لها تحقيق بعض الاختراقات وسط الحانقين المهمشين المتذمرين،  في تسويق بضاعته وموديلها التدميري في ‘البناء’. فكان أن أعلن التنظيم عن فتح فرع (Franchise) له في السعودية تحت مسمى تنظيم القاعدة في بلاد الحرمين، وفرع آخر في بلدان الشمال الأفريقي العربي تحت مسمى تنظيم القاعدة فرع بلاد المغرب الإسلامي، وفرع ثالث في العراق تحت مسمى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.. وهكذا. وبالإضافة إلى هذه الفروع الرسمية، فإن التنظيم سعى ويسعى لتأسيس وتكريس عملياته في اليمن وفي بلاد الشام وفي مصر وفي الصومال وعدد من أصقاع القارة السوداء وفي أوروبا. ولولا الحملة العالمية المجردة ضد الإرهاب وضد تنظيم القاعدة وخلاياه المزروعة في غير بقعة من بقاع العالم منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ,2001 لكان التنظيم قد نجح في توزيع وعرض فيلمه المرعب في كافة زوايا الكون الأربع بعد أن كان كشر عن أنيابه من خلال تنفيذ عمليات ‘نوعية’ في إسبانيا والسعودية ولندن والدار البيضاء والجزائر ومصر والأردن وتونس. إضافة إلى ميادين عملياته الأساسية: أفغانستان والعراق وباكستان. ومع أن قيادات وفقهاء التنظيم قد نجحوا في ‘نقل تقنية’ (Technology Transfer) القنابل البشرية الانتحارية المفخخة إلى كل من أفغانستان أولاً وباكستان تالياً والعمل بدأب لتهريبها إلى داخل مكونات الثقافة الحربية والإيديولوجية (الدينية) لمجتمعي هذين البلدين اللذين لم يعرفا قط مثل هذا النوع من عمليات زهق الأرواح حتى في أوج الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، مع ذلك فإن التنظيم يعاني على ما يبدو، من انحسار واسع في الوجود والنفوذ، وهو ما استدعى القيام بعمليات الخطف وابتزاز الأموال في محاولة لإعادة الهيبة للتنظيم، وكذلك الظهور المتتالي لزعيم التنظيم عبر الأشرطة المهربة (مرتين خلال شهر مارس الماضي) لتوجيه رسائل استنهاض للمعنويات والهمم. ولأن البضاعة الممهورة بختم محاربة الكفار الصليبيين لم تعد تلقى نفس الرواج السابق، فقد كان لابد من تغيير التكتيك والعمل على استثمار كل سانحة تكون فيها العواطف مهيأة للتهييج. وهكذا جرى القفز بسرعة على حبال الرسوم الكرتونية التي أعادت جوقة المتطرفين والمتزمتين الدنمركيين نشرها والتي تنطوي على إساءة دنيئة ورخيصة للرسول الكريم.. ليتم في الإطلالة التالية العزف على الأوتار الحساسة للورقة الفلسطينية. ولكن يبدو أنه حتى هذا العزف على أكثر الأوراق شعبية في العالم العربي، لم ‘ينتج طحينا’، لأنه لم يُعرف عن العازف يوماً ميله وانحيازه للقضية الفلسطينية وممارسة هذا الميل والانحياز لها على أرض الواقع كما يفعل ‘بالصليبيين وبالكفار في بلاد المسلمين’. ولذلك بدت مضحكة لفتة زعيم التنظيم الأم إلى تحرير فلسطين عبر ‘الحرب المقدسة’ في العراق التي قتلت من العراقيين الأبرياء أضعاف أضعاف ما أصابت من الصليبيين ومن ضمنهم المسيحيين العراقيين الذين راحوا في جماعات يبحثون لهم عن أرض أخرى غير العراق ليستقروا فيها. وهذه ليست بدعة من الإبداع والإنتاج الحصري للتنظيم وإنما كان سبقه إليها كثيرون لعل آخرهم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي ادعى، وصدَّقه كثيرون أن تحرير القدس يمر عبر غزو دولة الكويت! وفي شأن مسألة الانحسار فإن الملاحظ أنه بإزاء انحسار نفوذ التنظيم شعبياً، فقد وجد له ملاذات لدى حاضنته الطبيعية التي انطلق منها وهي القبائل المناهضة بطبعها الانغلاقي المحافظ للحياة والمدنية بكل ألوانها. وهذه من المفارقات الهامة الجديرة بالدراسة والتمحيص من قبل أولئك المهتمين بدراسة ظاهرة صعود حركات الإسلام السياسي بفكرها العدمي وأساليبها العنيفة التدميرية الشاملة. فهي لم تنجح برغم كل الجهد المادي والبشري الذي استثمرته في خلق موطئ قدم لها بين سكان المدن، وإن استطاعت استقطاب مجموعات صغيرة سرعان ما تقع في قبضة أجهزة الأمن المتيقظة لعناصرها وتحركاتهم المثيرة للريبة والشك. بيد أن المفارقة المثيرة للتعجب وعلامات الاستفهام هي أن عوناً ومَدَداً قد وصل إلى القاعدة والتشكيلات الأخرى المتطرفة، من صوب أندادهم المتطرفين والمتعصبين في البلاد الغربية. فبعد إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلوات الله وسلامه عليه على نطاق أوسع من ذي قبل، خرج علينا اليمين الهولندي بقصة فيلم ‘الفتنة’ المكرس للتعريض والتشهير بالإسلام. وبالتزامن معه تسابقت وسائل الإعلام الغربية على نقل قصة تحول شاب مصري من الإسلام إلى الديانة المسيحية وذلك برعاية وتعميد بابا الفاتيكان نفسه، وأخيراً وليس بآخر جاءوا بقصة عرض مسرحية مقتبسة من كتاب سلمان رشدي ‘آيات شيطانية’ في ألمانيا. فهل هي صدفة أن تتابع هذه الحوادث الواحدة تلو الأخرى من دون أن يكون بينهم أي رابط؟ لا ندري، ولكنه تداعي يثير التساؤل والاستغراب. والمضحك أن ينبري الوسط النخبوي السلطوي في الغرب للدفاع عن هذه الأفعال ‘المتصادفة’ باسم حرية التعبير مع أنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنها لا تعدو أن تكون استفزازات مبرمجة، ومتقصدة للإثارة واستثارة المشاعر. فاستدعاء فضيلة حرية التعبير هو تجنٍ على قيمة هذه المناقبية الإنسانية، وهو محض هراء. فأين هي حرية التعبير عندما يُقمع ويُلاحق جرمياً كل مَن تسوّل له نفسه من الغربيين بالتحدث عن حقيقة الهولوكوست؟.. مع الأخذ بعين الاعتبار هنا البون الشاسع جداً بين مساءلة التاريخ بشأن وقائع وملابسات الحرب العالمية الثانية ومن ضمنها جرائم النازي الألماني ضد اليهود وضد الشعوب التي كانت ضحية عدوانه، وبين الخوض بخفة واستفزاز صارخين في شأن نبي أمة الإسلام التي تشكل خُمس تعداد سكان العالم! هنالك شكوك تحوم بشأن الأهداف المتوخاة من هذا الهجوم والتعريض والتشنيع المنسق والمتزامن، بالإسلام والمسلمين من قبل بعض دوائر اليمين في الغرب، من حيث إنها موجهة على الأرجح باتجاه إعادة تغذية وتثوير حمى التطرف لدى حركات الإسلام السياسي الممتهنة للعنف العشوائي المدمر، وذلك لتأمين مصدر مستدام لانتظام الحراك الإيديولوجي التبريري للمنظومة الرأسمالية وتدفق حيويتها.
 
صحيفة الوطن 
5 أبريل 2008

اقرأ المزيد

من الذي يجب أنْ يشعر بالإهانة؟

لم أفهم تماماً لماذا تحفظ البعض على نشر أسماء المستحقين لعلاوة الغلاء فيما ذهب البعض الآخر إلى أنّ نشر الأسماء يمثل إهانة للشعب البحريني بالكامل, في حين أنّ مَنْ يجب أنْ يشعر بالإهانة هو الاقتصاد البحريني وخصوصاً القطاع الخاص الذي لايزال يرمي بفتات أرباحه لموظفيه ويعتمد بصورة شبه كاملة على الأيدي العاملة الرخيصة, وذلك ما يمكن إثباته من خلال مقارنة رواتب البحرينيين برواتب أشقائهم في دول مجلس التعاون. فلماذا شعر البعض بالإهانة؟ هل لأنّ راتبه يقل بشكل بسيط عن الـ1500 دينار المحددة لاستحقاق العلاوة أم أنّ استثماراته تفوق هذا الدخل بشكل كبير مما يضعه في موقف محرج أمام المجتمع. الاقتصاديون يرون أنّ محاربة الغلاء والحد من أثاره يجب أنْ يكون من خلال زيادة وتعديل الرواتب بشكل متوازن مع معدلات التضخم وزيادة الأسعار وليس من خلال صرف معونات و علاوات يمكن أنْ تكون الدولة قادرة على صرفها في الوقت الراهن ولن تكون قادرة على ذلك في المستقبل, كما أنّ صرف المعونات لا تعدو كونها مسكنا لتخفيف حدة ظاهرة ارتفاع الأسعار وليس علاجا لذلك. ولذلك تسعى وزارة العمل بحسب تصريح الوزير مجيد العلوي إلى رفع الحد الأدنى لأجور البحرينيين في القطاع الخاص؛ لتصل إلى 300 دينار حتى العام 2014! في حين أنّ الحد الأدنى التي تسعى الوزارة جاهدة لتطبيقه الآنَ هو 200 دينار. متوسط الأجور في القطاع الخاص للعام الماضي وصل إلى 214 دينارا بشكل عام إذ كان متوسط أجور البحرينيين 377 ديناراً ومتوسط أجور العمالة الأجنبية 170 ديناراً شهريا وفي حين تضاعفت أجور المديرين التنفيذيين وكبار موظفي القطاع الخاص بشكل كبير جداً قد يصل في بعض الأحيان إلى العشرة أضعاف خلال العشر سنوات الماضية بقت أجور الموظفين من الدرجات المتوسطة والصغيرة كحالها ولم تتعد نسبة الزيادة في أجورها عن العشرين في المئة وذلك ما أدّى بصورة مباشرة إلى تآكل الطبقة المتوسطة واضمحلالها في ظل زيادة الأسعار وبقاء الرواتب على حالها خلال السنوات العشر الماضية. بين متوسط الأجر في البحرين والحد الأعلى لاستحقاق علاوة الغلاء ما يفوق الثلاثة أضعاف. فمن الذي يجب أنْ يشعر بالمهانة؟ المواطن المستحق لهذه العلاوة أم الاقتصاد البحريني بشكل عام و القطاع الخاص الذي لا يستطيع أنْ يخلق وظائف مجزية للمواطنين تبعدهم عن حاجة السؤال والمعونات وعلاوات الغلاء؟

صحيفة الوسط
5 ابريل 2008

اقرأ المزيد

الأنظمة العربية والتنظيمات الإسلامية والديمقراطية

تطرقنا في مقالة سابقة إلى الديكتاتورية المخملية والديمقراطية المستأنسة في الوطن العربي، وما يتمخض عنهما من سعي هذا النظام العربي أو الآخر إلى اقناع الرأي العام المحلي والرأيين العربي والعالمي بشرعية ديمقراطيته وحقيقة تداعياتها، وجدية مفاهيمها. ولكن هذه الديمقراطية بمختلف أبعادها ما لبثت ان كشفت عن عيوبها ونواقصها وهشاشتها وتهميشها، بقدر ما بدت تلك الإصلاحات جلية بصورها الشكلية والترقيعية.. وبالتالي تظل ديمقراطية معظم هذه الانظمة العربية شكلية ومستأنسة اتسمت بالتجميل السياسي.. ويبقى القول صحيحا بهذا الصدد: إنه حينما سعت الانظمة العربية الى تهميش الديمقراطية لشعوبها ومجتمعاتها، فان ثمة جهة أخرى قد أساءت الى هذه الديمقراطية.. التي نحن بصدد تناول أساليبها وسياساتها في سياق مقالتنا هذه، التي هي تكملة لمقالتنا السابقة.. هذه الجهة هي قوى تيار الاسلام السياسي، التي نحن بصددها، توضح الحقائق التاريخية، وما تكشفه الوقائع المجتمعية، أنها من خلق وصنيعة الانظمة العربية والخليجية أصلا.. منذ بداية لجوء هذه القوى الاسلامية وخاصة قوى تنظيم الإخوان المسلمين في مصر الى مختلف الدول الخليجية في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.. وتأتي فترة حكم أنور السادات في جمهورية مصر العربية في عقد السبعينيات لترسخ وجودهم.. بحيث ان السادات فتح أمام هذه القوى الاسلامية الابواب على مصاريعها، والاعتراف بأحزابها وتنظيماتها الاسلامية المحظورة في عهد الزعيم جمال عبدالناصر.. ومن ثم اعطاؤها مساحات كبيرة من الحريات العامة.. ولعل تحالف نظام السادات مع هذه التنظيمات الاسلامية جاء من أجل ضرب قوى التحرر المستنيرة من الانتماءات اليسارية والماركسية، التي أدخل السادات قياداتها السجون والمعتقلات وفي مقدمتها نائب رئيس الجمهورية في عهد الرئيس جمال عبدالناصر (علي صبري). إن مبادرة الانظمة العربية إلى دعم قوى التيارات السلفية وتجييشها للذهاب إلى أفغانستان في بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي لمحاربة الاتحاد السوفيتي هناك، جاءت لتعبر عن تكامل السياسة الرسمية للأنظمة العربية في دعم تيار الاسلام السياسي بمختلف المراحل التاريخية للمجتمعات العربية.. غني عن البيان ان مساندة الانظمة العربية لأحزاب وتنظيمات تيار الاسلام السياسي (سياسيا وماديا ومعنويا واعلاميا) قد أدت بهذه القوى الاسلامية سواء في جمهورية مصر العربية أو سائر الدول العربية والخليجية في نهاية المطاف إلى ان تستحوذ على بعض المؤسسات والوزارات الرسمية.. وتبوأت هذه القوى الاسلامية أعلى المناصب، وبالاخص وزارات التربية والتعليم والمؤسسات التربوية والاعلامية، ليس هذا فحسب ولكن أيضا حصول هذه القوى من تيار الاسلام السياسي على كامل الدعم المادي من الحكومات العربية والخليجية، التي خصصت لأحزابها وتنظيماتها تلك الميزانيات، لعملية الانتخابات البرلمانية والبلدية ومختلف الانتخابات المحلية.. حتى استطاعت هذه القوى الاسلامية بالمال السياسي الوصول الى مجالس البلديات والبرلمانات.. وبالتالي هيمنتها الكبيرة بأصواتها الغالبة لمختلف قضايا المساءلة والتشريع والمحاسبة، والقضايا المتعلقة بالحلال والحرام والاختلاط والحشمة وفصل الجنسين واغلاق المحال في يوم الجمعة. ولكن لسان حال الانظمة العربية قد ينطق اليوم بالقول أسفا وندما.. لدعم ومساندة قوى تيار الاسلام السياسي بالامس.. حيث إن هذا الاسف لا يشفع لأخطاء هذه الحكومات.. وان ذاك الندم قد لا يصلح ما أفسدته الانظمة العربية.. وعلى بالرغم من حدوث المناوشات والصدامات الظاهرة على السطح ما بين الحكومات العربية وما بين المعارضة الاسلامية، وصراع السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية التي يهيمن عليها معظم الاسلاميين.. فإن ثمة اجراء صفقات ووضع خطط واستراتيجيات ما بين الطرفين، قد يجرى تنظيمها من تحت الطاولات وما بين الكواليس وأروقة المجالس الخاصة، بحيث توظف لصالح الطرفين وتخدم الطرفين.. طالما ان الطرفين يلتقيان في بوتقة الانماط الفكرية والتقاليد والاعراف البطريركية المشتركة. من هذا المنطلق نستطيع القول: انه بقدر ما همشت الحكومات العربية (الديمقراطية).. فان تيار الاسلام السياسي قد شوه هذه الديمقراطية، وأساء الى مفاهيمها.. ويكفي القول بهذا الشأن: إنه حينما سعت الحكومات العربية الى اضفاء الشرعية على ديمقراطيتها المتسمة بالديكور السياسي، فان قوى تيار الاسلام السياسي توجهت وتتوجه الى خداع الكثير من الناخبين العفويين ومن الناس البسطاء، عبر نزول هذه القوى للانتخابات التشريعية والبلدية، بالشعارات الدينية والعاطفية، ومن خلال المساعدات العينية والمادية الترقيعية، ومحاولات هؤلاء المترشحين الاسلاميين بث نبع الحماسة ظاهريا في نفوس ناخبيهم من أجل كسب أصواتهم.. في الوقت الذي يتخذ فيه هؤلاء الاسلاميون موقفا عدائيا للديمقراطية.. بل جرموها وحرموها باطنيا وظاهريا. ويبقى القول الملح أيضا: ان محاولات هذه الحكومات العربية الالتفاف، الامر الذي تظل فيه مؤسسات المجتمع المدني مهمشة ومغيبة.. فان أحزاب وتنظيمات تيار الاسلام السياسي تظل (تابعا لمتبوع) بإمرة ووصايا المرجعيات الدينية والمعتمدة النصوص والثوابت والاسباب الشرعية، بقدر ما هي قائمة على الخلافات المذهبية والصراعات الطائفية، بحسب اختلاف فرقها الاسلامية ومللها الدينية.. ومن هنا فان هذه التيارات الاسلامية تصيب الديمقراطية في مقتل، وتلحق بالتعددية والحرية الفكرية في مكمن. غني عن البيان انه بقدر ما اتسمت صياغة الانظمة العربية الرسمية بنظام الحزب الواحد الحاكم أو نظام حكم الفرد، فان تنظيمات تيار الاسلام السياسي قد كشفت عن سياساتها الديكتاتورية، وذلك خلال تشكيل ميليشياتها العسكرية، وخاصة ما بين صفوف طلبة الجامعات، ناهيك عن سعي هذه التنظيمات على طول الساحة العربية، وفي مقدمتها الإخوان المسلمون، والقاعدة الطالبانية، الى ترهيب المجتمعات المدنية والمدنيين الابرياء.. أضف الى ذلك التهديد والتشهير والتكفير بالمفكرين والمعارضين الديمقراطيين والتقدميين والماركسيين. إذًا نستجلي الحقائق الخالصة في نهاية المطاف من ان النظام العربي الرسمي وتنظيمات تيار الاسلام السياسي يمثلان وجهين، لتهميش الديمقراطية، والضحية بالتالي هي الشعوب الرازحة ما بين مطرقة الانظمة الاوتوقراطية وسندان تنظيمات تيار الاسلام السياسي.
 
صحيفة اخبار الخليج
4 ابريل 2008

اقرأ المزيد

تساؤلات في‮ ‬الحوار الوطني‮..‬

ما هي‮ ‬الآفاق التي‮ ‬فتحها مؤتمر الحوار الوطني‮ ‬الثاني،‮ ‬وإلى أي‮ ‬مدى جاء البيان الختامي‮ ‬للمؤتمر ومخرجاته ملبية على الأقل للحد الأدنى من التوقعات؟ وهل شكّل المؤتمر عملاً‮ ‬وطنياً‮ ‬نوعياً‮ ‬حقيقياً‮ ‬وفاعلاً‮ ‬على طريق تكريس المواطنة وجعل الثوابت الوطنية فوق الانتماءات الطائفية؟‮ ‬وهل استطاع من حضر المؤتمر بأطيافهم وتلاوينهم وأجنداتهم المختلفة إحياء قيمة الحوار الغائبة حيال مواضيع وملفات مهمة،‮ ‬وهل تحاوروا على أرضية الثقة والرغبة المشتركة في‮ ‬إعلاء المصالح العليا للوطن؟ وما حقيقة موقف من لم‮ ‬يشاركوا في‮ ‬الحوار من رموز وقوى سياسية تعتبر نفسها شريكاً‮ ‬أساسياً‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬حوار،‮ ‬هل هو ناتج عن حساسية من الحوار،‮ ‬أم عن صدور لا تتسع للحوار؟ وهل اتجاه المناقشات وكل الذي‮ ‬قيل في‮ ‬المؤتمر هو من قبيل الحوار؟ وهل جميع الذين جاءوا للحوار جاءوا بنوايا حسنة ولم‮ ‬يأتوا لتصفية بعض الحسابات،‮ ‬ولم‮ ‬يثيروا‮ “همهمات” ‬لا تختلف عن صوت مرجل‮ ‬يغلي‮ ‬بالطائفية؟ وهل ردود الفعل والقنابل الصوتية والمشادات التي‮ ‬جرت على خلفية بعض أوراق العمل والمداخلات في‮ ‬ورش عمل المؤتمر قد حرفت المؤتمر عن الهدف الذي‮ ‬من أجله انعقد؟‮ ‬ولماذا حاول البعض جرّ‮ ‬الحوار الوطني‮ ‬إلى منحى طائفي‮ ‬دون أي‮ ‬اهتمام بالبحث عن نقاط التلاقي،‮ ‬رغم تأكيد هذا البعض على عدم طائفيته ولكنه‮ ‬يثبت دوماً‮ ‬عكس ذلك رغم ادعاء البعض انتماءه لتيارات ومدارس الرشد والاعتدال والحوار؟ ولماذا لم‮ ‬يطرح أي‮ ‬من أطراف الحوار من جمعيات سياسية ومهنية ونقابات واتحادات ومؤسسات المجتمع المدني‮ ‬برنامجاً‮ ‬أو مشروعاً‮ ‬تنصب عليه كل الجهود والعقول كفعل وطني‮ ‬مشترك ننهض به معاً‮ ‬في‮ ‬التصدي‮ ‬للتمزقات الراهنة،‮ ‬ويزيل الحواجز والجدران العالية التي‮ ‬باتت قائمة بين أبناء البلد الواحد؟ وإذا كانت كل الخطابات التي‮ ‬سمعناها بالمؤتمر ضد الطائفية،‮ ‬وعبرت كم هي ‬عميقة وغائرة الجروح التي‮ ‬تسببها والمرارات التي‮ ‬تخلفها،‮ ‬فإذن من هو الطائفي؟ ومن هو الذي‮ ‬يقف وراء بث المعطيات الملغومة في‮واقعنا،‮ ‬ومن هو الذي‮ ‬يلعن ويهجو الطائفية،‮ ‬وينام في‮ ‬مخدعها لينتج فكراً‮ ‬يدافع عن الطائفية،‮ ‬ويبررها ويضفي‮ ‬عليها كل ما‮ ‬يبعث على التأزم والقلق؟ واذا كان المؤتمر محطة مهمة في‮ ‬مسيرة العمل الوطني‮ ‬السياسي‮ ‬المشحونة بهموم كثيرة،‮ ‬وقضايا كثيرة،‮ ‬فهل هذا الذي‮ ‬أثير حول هذه الهموم والقضايا التي‮ ‬مسّت أوتاراً‮ ‬حساسة في‮ ‬واقعنا سيجد صداه لدى السلطة لتؤدي‮ ‬وظيفتها الطبيعية ولترتقي‮ ‬بأدائها كشريك لتوقف هذا الذي‮يدفع بالبلاد إلى ما لا تحمد عقباه،‮ ‬ولا تلتزم الصمت الذي‮ ‬نرجو ألا‮ ‬يكون من علامات الرضا؟ وإذا كان البعض قد اعتبر بأن المؤتمر قد وقع في‮ ‬محظور خلط الأوراق،‮ ‬أو أننا ضيعنا فرصة الحوار الجاد لكون كل طرف أو بعض أطراف الحوار قد استغرق في‮ ‬أجنداته وحساباته وذاته،‮ ‬فهل ذلك وحده‮ ‬يمكن أن‮ ‬يثير‮ ‬يأسنا من جدوى الحوار فضلاً‮ ‬عن الشك في‮ ‬مراميه ومبتغاه ومنطلقاته؟ لا تقف التساؤلات عند ذلك الحد،‮ ‬فهي‮ ‬وغيرها عبرت عن هواجس وظنون تتلاعب بنا،‮ ‬خاصة عندما نرى بعض دعاة الحوار،‮ ‬وبعض من‮ ‬يرفعون شعارات ضد الطائفية،‮ ‬أتقنوا طرحها للتخفي‮ ‬وراءها،‮ ‬هم أنفسهم الذين‮ ‬ينتجون الفرقة والانقسام،‮ ‬وكثير من هؤلاء تطفلوا على السياسة وليس عندهم كفاءة لإعطائها معناها الحقيقي؟ اذا قلّبنا تلك التساؤلات،‮ ‬بعد أن نمعن النظر في‮ ‬مغزاها،‮ ‬سنجد أنفسنا أمام سؤال محوري‮: ‬لماذا الحوار أصلاً؟ نعلم في‮ ‬الديمقراطيات المتقدمة ليس هناك شيء‮ ‬يسمى حوارا وطنيا‮.. ‬لأن الحوار الوطني‮ ‬هو شأن‮ ‬يومي‮ ‬معتاد من خلال مؤسسات الدولة الديمقراطية،‮ ‬والممارسة اليومية للعمل الديمقراطي‮ ‬من برلمان وصحافة حرة وقوى مجتمع مدني‮ ‬تطرح رؤاها وبرامجها من منطلق وطني‮ ‬بحت دونما شعور بالحاجة إلى مؤتمر وطني‮ ‬للحوار،‮ ‬تماماً‮ ‬كما هو الحال حينما‮ ‬يٌرفع شعار دولة القانون،‮ ‬فهو شعار لا تعرفه ولا معنى له ولا قيمة له في‮ ‬الدول الديمقراطية،‮ ‬هذه الدول لا تقرن الدولة بالقانون،‮ ‬ولا تضيف القانون للدولة،‮ ‬أو تضيف الدولة للقانون،‮ ‬فهما معاً‮ ‬متلازمان تلازماً‮ ‬محورياً،‮ ‬وكم هو باعث على الحيرة أن نألف طرح دولة القانون بمناسبة ومن دون مناسبة من رجال دولة وقانون وعلم ومسؤولية،‮ ‬وهم بهذا الطرح‮ ‬يجعلون صورة الدولة مهزوزة،‮ ‬ويثبتون بهذا الطرح أن دولة القانون لا تزال طموحاً‮ ‬لم نبلغه بعد‮.‬ نعود إلى السؤال‮.. ‬لماذا الحوار أصلاً‮..‬؟ الجواب نتركه لكم فقط لأننا نريد تجاوز الحوار حول البديهيات والثوابت.
 
صحيفة الايام
4 ابريل 2008

اقرأ المزيد

الغلاء‮.. ‬ومجلس التنمية الاقتصادية

لعل من ابرز الاقتراحات التي‮ ‬توصل اليها مجلس التنمية الاقتصادي‮ ‬للتخفيف من حد الغلاء الذي‮ ‬شمل كافة السلع من دون استثناء هو فتح باب الاستيراد للمؤسسات المحلية والاجنبية بشكل اوسع،‮ ‬والفكرة او الهدف من وراء هذا الاقتراح هو توفير البنية الاساسية لتشجيع المنافسة بين هذه المؤسسات بغرض الضغط على الاسعار باتجاه الانخفاض،‮ ‬ويدعو الاقتراح ايضا الى تشجيع المستهلكين إلى تقليص مشترياتهم وعلى الاخص تقليص استهلاك كماليات الرفاهية‮.‬ هذه المرئيات التي‮ ‬كانت من اهتمامات مجلس التنمية كانت ايضا من اهتمامات مجلس الشورى ولا شك ان هذا المقترح اذا ما اخذناه بجدية سوف‮ ‬يساهم في‮ ‬الحد من احتكار السلع المختلفة والتلاعب بالاسعار من قبل بعض المستوردين والتجار الذين‮ ‬غالبا ما‮ ‬يبررون ارتفاع الاسعار بالاسباب الخارجية التي‮ ‬تتمثل في‮ ‬الارتفاع العالمي‮ ‬للاسعار بسبب ارتفاع اسعار النفط وتدني‮ ‬سعر الدولار،‮ ‬ولكن الى اي‮ ‬حد‮ ‬يمكن ان‮ ‬يساعد هذا التوجه او اي‮ ‬توجه آخر في‮ ‬تراجع الاسعار او في‮ ‬انخفاضها؟ هذا هو السؤال الذي‮ ‬يجب ان نتفق على طرحه اليوم،‮ ‬وعلى الحكومة ان تنسق جهودها مع النواب بدرجة اكبر اذا ما اردنا ان نتصدى للغلاء‮. ‬ما من شك ان الحكومة مسؤولة عن تنفيذ خططها وبرامجها الخاصة بالغلاء،‮ ‬ومع ذلك فالمسؤولية هنا ليست مقتصرة على الحكومة فقط،‮ ‬وانما على النواب ايضا،‮ ‬وبالتالي‮ ‬ما‮ ‬ينتظره المواطن من اصحاب السعادة ليس تلك التبريرات واسقاط اللوم على الحكومة والشورى بشكل‮ ‬يومي‮ ‬بانهم خارج اللعبة او من ضحاياها حتى لا تطالهم وتطاردهم المحاسبة،‮ ‬وانما الجهود المكثفة والتدابير العملية والواقعية لمكافحة ازمة الاسعار خاصة وانهم والى هذا الوقت لم نسمع انهم بصدد دراسة او مشروع‮ ‬يعالج هذه الازمة لسنوات قادمة وكنا نتوقع من نوابنا قبل‮ ‬غيرهم ان‮ ‬يضعوا تصوراتهم وحلولهم لمشروع وطني‮ ‬لا‮ ‬يقف عند اسباب الظاهرة ويكتفي‮ ‬بالاجراءات المرحلية بل كيف‮ ‬يعالج المشكلة من جوانب عدة كخطوة اساسية لتحسين المستوى المعيشي‮ ‬للمواطن،‮ ‬حقا ان مقترح مجلس التنمية الاقتصادية القاضي‮ ‬بفتح باب الاستيراد على مصراعيه له من الايجابيات خاصة واننا ندعو الى توفير الحقوق الاقتصادية وعندما نشجع هذا الخيار‮ ‬يعني‮ ‬اننا نحرر الاستيراد من الاحتكار والمحتكرين الذين ارهقوا كاهل المستهلك من مضاعفة اربحاهم برفع الاسعار بشكل متزايد وفي‮ ‬الوقت نفسه حتى لا نراوح مكاننا وتزداد مشكلة الاحتكار،‮ ‬لا بد لنا من رقابة وضوابط قانونية تدعم المنافسة لحماية مصالح المستورد والمستهلك الذي‮ ‬هو في‮ ‬امس الحاجة الى قانون‮ ‬يحميه من الغش التجاري‮ ‬ومن التلاعب بالاسعار‮. ‬على كل حال نحن مع كل خطوة او توجه‮ ‬يضع حدا للاسعار،‮ ‬ولكن ان‮ ‬يتفرغ‮ ‬نوابنا لاكثر من شهر لمناقشة دستورية الاستجواب الذي‮ ‬نتجت عنه تكتلات طائفية فهذا لا‮ ‬يتفق تماما مع مصالح الناس ولا مع مصالح البلاد ولهذا السبب نقول‮:‬ اذا كان الغلاء من الازمات المؤجلة حتى اشعار آخر فان مكافحة الفساد هي‮ ‬الاخرى مؤجلة ايضا خاصة وان مكافحته تستلزم التعاطي‮ ‬مع شعار‮ “‬من اين لك هذا‮” ‬وهذا الشعار ليس مرغوبا او محببا لدى بعض النواب الذين ومن دون حسد اقتربت ثروتهم من الملايين‮!!‬ يا ترى هل نوابنا هم الآن بصدد مكافحة الغلاء ضمن مشروع وطني‮ ‬يأخذ في‮ ‬اعتباره كل المرئيات بما فيها تصورات مجلس التنمية الاقتصادية؟ ام انهم سيظلون في‮ ‬دائرة الاستجواب والاصطفافات الطائفية حتى اشعار آخر؟ هذا ما‮ ‬ينتظر المواطن معرفته‮.‬
 
صحيفة الايام
5 ابريل 2008

اقرأ المزيد

الغلاء و المرض

تمتد كارثة الغلاء المستفحلة لتشمل كل مناحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية  والسياسية  وعلى كل الأصعدة  ، ولا عجب ، فالغلاء بذاته مرض عضال أصاب وسيصيب مجتمعنا البحريني ، فهو كالديون المتراكمة بذمة أبناء شعبنا المنكودين والمستحقة عليهم ، وهي هم ّ في الليل وذلّ في النهار، حيث كتب العديد من الإختصاصيين و علماء الاجتماع  والاقتصاد  والطب أيضاً ، الكثير من الدراسات في هذا المجال وبينوا خطورة إستمرارالوضع الإقتصادي على ما هو عليه من التردي ، ولإسباب مختلفة وفي مقدمتها الغلاء .  إذ كتبت الدكتورة سهيلة آل صفر ، في جريدة الوسط البحرينية في عددها المرقم 2015 بتاريخ 13 مارس 2008 م، مقالاً بعنوان “الغلاء وغضب الجائعين” جاء فيه :-” تتبعاً مع المقالة السابقة عن نسبة المكتئبين من البحرينيين الـ44 في المئة والتي إرتأيت أنها سوف تطال قريباً الجموع الأخرى نظراً لسوء الأوضاع المادية والتي عادة يصاحبها مزيد من السوء للأوضاع الاقتصادية…. وإن ارتفاع أسعار النفط لم يضف شيئاً إلى تلك الطبقات ذات الدخل المحدود أو دون المحدود أحياناً! وباتت تعاني البؤس والشقاء وبثوب جديد أكثر قسوة و شراسة…. وهي أضافت على الحكومات ومالكي الثروات ( الأغنياء) المزيد مما بات يوزّع على تفاهات الحضارة و الشكل الجديد الذي تحاول الدولة من خلاله القول أنها تصطف في صفوف الدول الغنية….”. إن نظرة فاحصة ترينا أن نسبة من المواطنين البحرينيين ومن ذوي الدخل المحدود ، ستصاب بأمراض مختلفة و مستعصية ، ستكلف الدولة والمواطن كذلك ، أموالاً طائلة وصدق من قال “الوقاية خير من العلاج “. المواطن المسحوق و المأخوذ بمتطلبات المعيشة ، من مأكل و ملبس ومسكن وتعليم وصحة…إلخ، سيعاني من عدم وجود السيولة الكافية وبقوة شرائية كافية لتوفير تلك المتطلبات الضرورية. سترتفع الإصابات بأمراض الكآبة والسكري وضغط الدم و تداعيتها من الأمراض الأخرى. سيكون المواطن المستضعف بين سندان الحاجة ومطرقة الأسعار.  أن القيمة الشرائية للدينار البحريني قد إنخفضت كثيرا ًنتيجة لارتباطه بالدولار الأميركي كما هو معلوم ، علاوة على ذلك إزدياد أسعار الأدوية بنسبة 15 في المائة إعتباراً من أول السنة الحالية 2008 م. إضافة لما ورد فأن رسوم الفحص الطبي ومتعلقاته قد إزدادت أيضاً، فبلغ بعضها الضعف أو أكثرعند بعض العيادات الخاصة ، كنتيجة لإرتفاع معدلات التضخم وغلاء المعيشة ، حيث إرتفعت إيجارات العيادات ورواتب الموظفين فيها وأسعار المواد الطبية الداعمة للعلاج. لقد حصل بعض المواطنين من الموظفين في القطاع الخاص على زيادة بلغت 10  أو 15في المائة من رواتبهم ، ولكن الشعب البحريني كله أصبح لزاماً عليه لكي يعيش ، أن يدفع أكثر من 100وحتى 400 في المائة كزيادة في أسعار بعض الحاجات الضرورية ، وأما الأراضي فحدث ولا حرج ، حيث إزدادت أسعارها أضعافاً مضاعفة ، نتيجة السياسة الإسكانية والتخطيطية الخاطئة و فتح الأبواب والشبابيك على مصاريعها أمام الإستثمار الأجنبي في الإسكان. بات لزاماً على وزارة الصحة والحالة هذه ، أن تبادر إلى تشجيع الأطباء الإستشاريين على البقاء ضمن الطاقم الطبي في مؤسساتها بمنحهم الإمتيازات التفضيلية ، وكذلك توفير الأدوية الناجعة لعلاج أمراض المواطنين وإستيراد البدائل الدوائية من مناشئ وشركات تصنيع الأدوية وعدم الإكتفاء بالعلامات التجارية الدوائية الغالية ، كما قال د.خليل حسن ( وزير الصحة السابق وسفير البحرين في اليابان ) في جريدة إيلاف الإلكترونية بتارخ 21 مارس 2008 م ” … والسؤال عزيزي القارئ هل سينتبه نواب برلماناتنا العربية الأفاضل لمعضلة تكلفة العلاجات الدوائية ؟ وهل سيسنون تشريعات تهتم بالصحة لوقائية لتقليل الأمراض المجتمعية و السيطرة على إرتفاع تكلفة العلاجات الدوائية ؟ وهل سيتدارسون تشريعات تمنع تلاعب الشركات من نشر مفاهيم وهمية دعائية عن الأدوية الجديدة المكلفة جداً ؟”.  وعلى الوزارة كذلك تمديد ساعات عمل المراكز الصحية وإفتتاح عدداً آخر منها تلبية لإحتياجات المواطنين المتصاعدة نتيجة للتجنيس المستمر وتوطين العمالة المقيمة والعمالة الوافدة ، ما أوقع المواطنين فريسة لغائلة الأمراض. على جميع المواطنين الإستمرار بالمطالبة  السلمية بحقوقهم المشروعة والضغط المستمر على من بيده الحل من سلطات تشريعية وتنفيذية وقطاع خاص ، للوصول بالوطن الغالي إلى شاطئ الفجر.
 
إضــــــاءة



بـؤس لـعـيـش الـكـادحـيـن أصـابـا          فـأحـال أعـذب ما نـريــد عـذابــا
وغـدت عـذاري لـلـغـريـب شـرابه          وسقـت نـخـيـل الأقـربـين سرابـا
فـتـوحـدوا صـفـــاً وقـلـبــاً واحــداً           لـيـضمـكم وطـن الـعـلى أحـبـابـا




خاص بالتقدمي

اقرأ المزيد