في مارس المقبل، ستجتمع لمدة سويعات قليلة، أغلبية القوى السياسية لمناقشة ملف من أكثر الملفات التي تشغل بال الوطنيين المخلصين الذين ينشدون اللحمة الوطنية، بدعوة من اللجنة التنسيقية التي تستمد شرعيتها من الجمعيات السياسية المسجلة تحت مظلة قانون الجمعيات المثير للجدل، وتمثل أطيافاً متعددة فكرياً وثقافياً وسياسياً.
اختارت هذه اللجنة ملف الوحدة الوطنية وحددت شعاراتها لأنها استشعرت ان هناك من يريد ان يشعل ناراً سخرها منحرفون لطمعهم، فيحاول إخمادها وطنيون لحبهم. وبمجرد الدعوة للقاء يجمع هذه القوى فإنه يعني انفتاح هذه القوى على بعضها البعض، انفتاح القلوب والعقول، ولملمة أحجار التعثر أمام صناع الطائفية الذين يريدون ان يتصيدوا في الماء العكر.. وهذا ديدنهم.
هذا الملف هو ملف متشعب يناقش الأفعال المجتمعية والعلاقات الدولية والسياسية، ولكن ما يجب ان يتم التوقف عنده هو الحالة المجتمعية والممارسات غير الصحيحة التي تخدم من يتناغم مع زيادة الفجوة بين أبناء الوطن الواحد الذي لا يستطيع ان يسير دون تعددية مذاهبه وأفكاره، ولا تعني ان التعددية أمر غير محمود فالاختلاف كما قيل رحمة، ولا خط أحمر في مناقشة الأفكار المختلف عليها فالأبواب مفتوحة، أمام ما هو مختلف وما هو متفق عليه.
فقط سياسة المتغطرس لا تقبل بالرأي الآخر، فهو ومن معه يحتكر الغفران والجنة له ولأتباعه، أما المختلفون معه فهم في العذاب وبئس القرار.
لا توجد شريعة في السماء ولا في الأرض ترفض التعددية، فالدنيا قامت على هذا المبدأ، تعددية كونية وتعددية اجتماعية، فخلق الله الذكر والأنثى، وجعل البشر شعوباً وقبائل متعددين في السلوك والافكار والمدارس. إلا ان أهواء ومصالح من لا يريد سماع إلا صوته تتهاوى أمام هذه النظريات، فتتحول المصاديق والمفاهيم أمامه من “لا إكراه في الدين” الى “إكراه في الدين” وإكراه في الطائفة.
لم يعد من المقبول حجر الأفكار ولا حجز مساحات في الجنة على حساب الآخرين وتكفيرهم لأنهم مقتنعون بفكرة لا تنسجم مع توجهاتهم وربما تمس من صلاحياتهم وتأثيراتهم على الناس من خلال استغلال المنابر والمشاعر. في الخاتمة مؤتمر اللجنة التنسيقية محطة مهمة، من سيحضره سيساهم في بناء حائط الصد الذي سيبنى في وجه صناع الطائفية.
صحيفة الايام
17 فبراير 2008