المنشور

قانون العمل الجديد… أسوأ قانون تشهده البحرين (3) – المحامي علي محسن الورقاء


 

المقال بجزئيه الأول والثاني


http://www.altaqadomi.com/ar-BH/ViewArticle/20/4597/Selected_articles.aspx

في تعليقنا على نصوص قانون العمل الجديد الصادر بالمرسوم بقانون رقم (36) لسنة 2012 كنا قد بدأنا الحلقتين السابقتين بالإشارة إلى وجوب أن تتوفر في القائمين على إعداد مسودة القوانين أو تعديلها ثلاث مميزات هي: (أولاً) معرفة القاعدة القانونية؛ من حيث الإحاطة بأبعادها وشروطها وكيفية صياغتها. (وثانياً) الخبرة في مجال العمل المرتبط بالقانون المراد تعديله أو إصداره. (وثالثاً) معاصرة الواقع بالتوطن أو الإقامة الطويلة.

وقد وقفنا في الحلقتين الماضيتين على بعض نصوص قانون العمل المذكور وأثبتنا سوء صياغتها بما يوحي أن القائمين على إعداد مسودة القانون يفتقرون لإحدى المميزات السالف ذكرها، كما رأينا كيف أن تلك النصوص هي في غير صالح الأجراء، وكأن المشرِّع قد أخذ موقفاً سلبياً نحو العمال على ضوء ما كنا قد انتهينا إليه.

وفي هذه الحلقة (الثالثة) سنقف على جانب آخر من نصوص القانون المذكور لنثبت مجدداً صحة مآخذنا على هذا القانون وعلى القائمين على إعداد مسودته، وذلك فيما يلي:

أولاً: تنص المادة رقم (13) من قانون العمل الجديد على أنه «يجب على صاحب العمل إعطاء العامل – أثناء سريان عقد العمل أو عند انتهائه ودون مقابل – شهادة بما يطلبه من بيانات بشأن تاريخ التحاقه بالعمل ونوع العمل الذي قام به والأجر والمزايا الأخرى التي حصل عليها وخبرته وكفاءته المهنية وتاريخ وسبب انتهاء عقد العمل». هذه المادة تقابلها المادة رقم (119) من قانون العمل القديم ونصها هو «يمنح العامل شهادة خدمة تتضمن بياناً لمهنته ومدة خدمته وآخر أجر تقاضاه، ويرد إليه ما قد أودعه لدى صاحب العمل من أوراق أو شهادات أو أدوات».

وبمقارنة نص المادتين المذكورتين نلحظ سوء صياغة نص المادة رقم (13) من قانون العمل الجديد وعدم انتظام تركيبتها اللغوية على خلاف نص المادة (119) من قانون العمل القديم، إلاّ أن مساوئ نص المادة الأولى في الصياغة والتركيب اللغوي ليس لها من تأثير كبير مقارنةً بالضرر الذي يحمله مضمون هذا النص. فبالعودة إلى هذا النص نجد خلاصة مضمونه أنه يُلزم صاحب العمل بأن يصدر للعامل شهادة خدمة يبين فيها تاريخ التحاقه بالعمل ونوع عمله وأجره وتاريخ انتهاء خدمته وأسباب انتهائها.

ومن المقرر أنه عندما يُلزم القانون صاحب العمل بأن يذكر أسباب انهاء خدمة العامل أو سبب فصله من العمل في شهادة الخدمة المقدّمة إليه، فإن ذلك يعد أمراً خطيراً يحيق بالعامل لم نجده في جميع التشريعات العمالية الدولية، بما فيها قانون العمل البحريني القديم، لكونه يحمل في ثناياه ضرراً محضاً بالغ الشدة يصيب العامل على وجه التأكيد في بعض الحالات، كأن يكون إنهاء خدمة العامل أو فصله بسبب فقد الثقة فيه بعد أن اتهمه صاحب العمل بجرم السرقة مثلاً.

فعندما يذكر صاحب العمل هذا السبب في شهادة الخدمة سيكون ضرر هذه الشهادة على العامل أكثر من نفعها لأنها تصبح بمثابة دليل إدانة ضده، ما يضطره للاستغناء عنها بالتأكيد، وباستغنائه عنها يكون قد فقد أهم مرجع يثبت خبرته وسنوات خدمته.

علماً أن قانون العمل القديم – حاله كحال التشريعات العمالية المقارنة – كان قد حرَّم على صاحب العمل ذكر أسباب انهاء خدمة العامل في شهادة خدمته خشية أن يضار العامل من ذكرها، في حين يأتي لنا قانون العمل الجديد ليفرض على صاحب العمل بقوة القانون وجوب ذكر أسباب فصل العامل وأسباب إنهاء خدمته في شهادة الخدمة على نحو ما جاء في النص. ولذلك نخلص إلى القول ان قانون العمل الجديد في هذا الجانب قد أصاب العمال في مقتل. ولا ندري ما الحكمة من وراء ذلك يا ترى! وأي حكمة هذه التي يوظف لها قانون العمل للإضرار بالعمال بدلاً من أن يكون موظفاً لحمايتهم؟

ثانياً: تنص المادة رقم (22) من قانون العمل الجديد على انه «يحظر على صاحب العمل أن يخرج على الشروط المتفق عليها في عقد العمل الفردي، أو عقد العمل الجماعي، أو أن يُكلِّف العامل بعمل غير متفق عليه إلاّ إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاً لوقوع حادث أو إصلاح ما نشأ عنه، أو في حالة القوة القاهرة، على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة. وله أن يُكلِّف العامل بعمل غير المتفق عليه إذا كان لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلي، ويشترط عدم المساس بحقوق العامل».

«ويجوز لصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل مختلف عن العمل المتفق عليه تمشياً مع التطور التكنولوجي في المنشأة…».

فلو تأملنا قليلاً في الفقرتين السابقتين سنجد فيهما ما يثير العجب:

(1) فبعد أن نص القانون في الفقرة الأولى بعدم الخروج على الشروط المتفق عليها في عقد العمل، وعدم تكليف العامل بعمل يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلي، عاد في الفقرة الثانية ليعطي لصاحب العمل حق تدريب العامل وتأهيله لمهنة تختلف عن المهنة المتفق عليها «تمشياً مع التطور التكنولوجي» بحسب ما جاء في النص، وهذا يعد تناقضاً ظاهراً في النص.

وكما هو متفق عليه أن التناقضَ في النصوص يزدريها، كما يزدري التناقضُ الأحكام القضائية. مع ملاحظة أن ظاهر النص يشير إلى تدريب العامل وتأهيله لوظيفة غير الوظيفة التي يشغلها، وهو أمر يثير العجب بحق.

فلو افترضنا مثلاً أن مستخدماً يعمل بمهنة مهندس متفق عليها بمقتضى شروط عقد العمل، وحيث رأينا أن القانون – بناء على الفقرة الأولى أعلاه – يُحرِّم على صاحب العمل الخروج على شروط العقد وتكليف هذا المستخدم بعمل يختلف عن عمله الأصلي، فكيف يحق لصاحب العمل في الوقت ذاته – بناء على الفقرة الثانية – إجبار المستخدم المذكور للتأهل لمهنة أخرى غير المهنة الأصلية! وليت أن القانون اشترط قبول العامل بذلك إنما جعله حقاً مطلقاً لصاحب العمل. وليت أنه أيضاً أسند حكمه هذا وعلّله بمقتضى مصلحة العمل لالتمسنا له عذراً، إنما أسنده وعلّله «للتماشي مع التطور التكنولوجي» فقط كما ورد في النص.

إذاً… هذا الحكم بتناقضه أليس هو من قبيل الهُراء؟

(2) بقراءتنا لنص الفقرة الثانية من المادة (22) السابقة، وبناءً على ما تقدم، نجد أن قانون العمل الجديد قد منح صاحب العمل – بناء على رغبته – حق إلزام العامل بتعلم مهنة غير المهنة المتفق عليها التي يعمل فيها عنده، وإن اختلفت عنها اختلافاً جوهرياً، ودون النظر إلى مصلحة العمل. فكأنه بذلك أعطى لصاحب العمل وحده وبدون مسوّغٍ قانوني، حق تقرير مسار حياة العامل المستقبلية وإجباره على تعلم مادة قد لا تروق له أو لا تتفق مع قدراته.

وطبقاً لمقررات واتفاقيات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان؛ ان حرية العمل مكفولةٌ فلا يجوز لأحد إجبار أحدٍ على عملٍ غير راغب فيه، وهذا ما قرّره دستور مملكة البحرين في المادة (13) من أنه «لا يجوز فرض عمل إجباري على أحد إلاّ لضرورة قومية وبمقابل عادل أو تنفيذاً لحكم قضائي». فإذا كان إجبار شخص على عمل غير راغب فيه لا يجوز بموجب الدستور، فكيف يجوز لشخص أن يقرر مسار حياة شخص آخر دون إرادته وبدون مسوِّغ .

إنها بحق لصورةٌ مقلوبة، وهذه الصورة المقلوبة لم نرها إلاّ في قانون العمل الجديد، وهذه الصورة وما سبق لنا ذكرها ما هي إلاّ غيض من فيض.

ولنا لقاءات أخرى في الحلقات القادمة لنكتشف من خلالها المزيد من الحيف الذي وقع على العمال من قبل قانون العمل الجديد واعوجاج نصوصه شكلاً وصياغةً، ولنثبت مجدداً أن هذا القانون هو أسوأ قانون عصري تشهد مملكة البحرين.

علي محسن الورقاء
صحيفة الوسط البحرينية
اقرأ المزيد

التقدمي” يخاطب رئيسي “الشورى” و”النواب” بتوصيات حلقته الحوارية حول مشروع قانون العمل


خاطب الأمين العام للمنبر التقدمي د. حسن مدن رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح ورئيس مجلس النواب خليفة أحمد الظهراني، بالتوصيات التي خلصت إليها الحلقة الحوارية التي نظمتها لجنة الشؤون القانونية والبرلمانية وقطاع النقابات في “التقدمي”، واقيمت في مقره  بتاريخ 13/12/2008 حول مشروع قانون العمل.
شارك في الحلقة عدد من الجهات الرسمية والأهلية، بينها وزارة العمل وغرفة وتجارة وصناعة البحرين ولجنة الخدمات في مجلس النواب والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين والاتحاد النسائي البحريني والمكتب العمالي في جمعية”وعد”، إضافة إلى المنبر التقدمي نفسه الذي قدم ورقة مستفيضة حول مرئياته لمشروع القانون.
وكانت الحلقة الحوارية شكلت لجنة صياغة ثلاثية مكونة من ممثلين عن المنبر التقدمي والاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد النسائي، لوضع توصيات الحلقة، التي رفعها “التقدمي لرئيسي مجلسي الشورى والنواب.

والجدير بالذكر أن مشروع القانون المذكور معروض على المجلسين، بعد أن كانت مسودته قد أعدت من لجنة ثلاثية مكونة من وزارة العمل ، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، غير أن مجلس التنمية الاقتصادية  عدل وحذف من هذه المسودة بعض الأحكام التي رأت الحلقة الحوارية أنها مهمة.
وسجلت الحلقة الحوارية التي أقامها “التقدمي” في توصياتها  عدة ملاحظات على مشروع القانون مطالبة بالأخذ بها كونها تعكس ارادة أطراف رئيسية على علاقة مباشرة بما ينظمه مشروع القانون، بينها:
 


 
1- مشروع القانون يتجاهل النص على نظام الحد الأدنى للأجو




ر

 
 
    الأجر ركن أساسي في عقد العمل، لا يقوم بغير توافره، فهو محل الالتزام الرئيس لصاحب العمل، وهو في نفس الوقت سبب التزامات العامل، ومن هنا تأتي أهميته البالغة في عقد العمل، إذ إنه من مستلزمات وجوده، فبغيره لا يقوم عقد العمل أصلا، ويقصد به  كل ما يحق للعامل أن يتقاضاه من صاحب العمل في مقابل عمله الذي التزم به بمقتضى العقد، وهو يشمل الأجر الأساسي مضافا إليه كل ما يتقاضاه عادة من علاوات ومكافآت أو عمولة وغيرها مما يعد من عناصر الأجر.

 
وينتاب مشروع قانون العمل الجديد في شأن الأجور المنصوص عليها في الباب السادس  عيوب عدة  أبرزها عدم النص بأي مفردة كانت للحد الأدنى للأجور، بل حذف من القانون المعمول به ما كان قد نص عليه  في المادة 77   على أن (يكون تحديد الحد الأدنى للأجور بقرار من مجلس الوزراء وبناء على عرض وزير العمل والشئون الاجتماعية).
 
و قد كانت مسودة القانون الجديد المتوافق عليها من قبل اللجنة الثلاثية المكونة من وزارة العمل، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، قد نصت في شان الحد الأدنى للأجور  على مادتين هما:
 



المادة  50 (يجب أن ألا يقل ما يحصل عليه العامل عن الحد الأدنى للأجور إذا تم الاتفاق على تحديد أجره بالإنتاج  أو بالقطعة أو بالعمولة).

 
والمادة 62 (يشكل مجلس للأجور برئاسة الوزير المختص، يختص بوضع حد أدنى للأجور على المستوى الوطني مع الأخذ بالاعتبار نفقات المعيشة على نحو يحقق التوازن بين الأجور والأسعار، ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل المجلس على أن يضم في عضويته أطراف الإنتاج الثلاثة).


 
غير أن مجلس التنمية الاقتصادية حين أحيلت إليه مسودة القانون قرر حذف هاتين المادتين، فجاء مشروع القانون المعروض الآن على مجلس النواب دون النص على نظام  الحد أدنى للأجور، ولم ينص على آلية لتحديد ذلك ، كما هو الحال في كثير من الدول، ويأتي  قانون العمل القائم  في هذا الشأن متقدما بنص المادة  77 المشار إليها سلفاً.
 
والحق أن الحاجة تقتضي النص على أن يكون هناك آلية لتحديد الحد الأدنى للأجور خاصة أمام الارتفاع الرهيب في أسعار الحاجيات الضرورية، كما أن دفع الحكومة في مناقشات القانون بأن فرض حد أدنى وطني للأجور مضر بالاقتصاد يدحضه واقع أن عددا من الدول الآسيوية الناجحة اقتصاديا كسنغافورة مثلا لديها حد أدنى وطني للأجور، وحتى الدفع بأن هذا الحد الأدنى سوف يشمل العمالة الوطنية، فإن في ذلك مانع من جلب عمالة رخيصة يتم استغلالها وهدر حقوقها لتنال فرص العمل كعمالة رخيصة على حساب العمالة الوطنية، كما هو حاصل الآن في سوق العمل.

 
 


ولذلك، نقترح أن ينص مشروع القانون الجديد على
 
 أ-  تشكيل لجنة وطنية مكونة من أطراف العمل الثلاثة (وزارة العمل،غرفة التجارة، المنظمات النقابية) بالإضافة إلى ممثلين عن كبرى الشركات ونخبة من مؤسسات المجتمع المدني، وتختص هذه اللجنة بدراسة وتقييم الأجور واستعراض أسعار السوق وتكاليف المعيشة، لوضع الحد الأدنى للأجور وإقراره، وتعقد هذه اللجنة اجتماعاتها بشكل دوري كل ثلاث سنوات وتكُون قراراتها بخصوص الحد الأدنى للأجور مُلزمة لكافة أصحاب العمل بالقطاع الخاص.
 

ب- يُعتبر الحد الأدنى للأجور وفقاً لهذا القانون محدداً بواقع ما تراه اللجنة الوطنية الحد الأدنى للأجر و متماشياً مع ظروف المعيشة ومستوى الأسعار ولابد من الإشارة قانوناً على إلزام أرباب العمل به وعلى أن الخروج عليه يعتبر مخالفة.
 
 
 
2- المادة(107)

سلطة واسعة لرب العمل في إنهاء العقد بسبب إغلاق المنشأة
 


 
أجاز مشروع القانون في المادة 107  لصاحب العمل إنهاء عقد العمل بسبب إغلاق المنشأة كليا أو جزئيا أو تقليص حجم نشاطها، أو استبدال نظام إنتاج بآخر بما يمس حجم العمالة، وذلك بعد إخطار الوزارة بذلك قبل ثلاثين يوما من تاريخ إخطار العامل بالإنهاء، ويستحق العامل في هذه الحالة مكافأة تعادل نصف التعويض الذي يستحقه في حالة الفصل التعسفي المنصوص عليه في المادة 108.
 
   وهي مادة مستحدثة في مشروع القانون المعروض على البرلمان، وقد جاءت دون النص على الضوابط التي يجوز فيها لصاحب العمل إغلاق منشأته، علما بأن المسودة الثلاثية أجازت لصاحب العمل إغلاق منشأته لضرورات اقتصادية  بضوابط عدة  نص عليه الفصل الخامس من الباب الخامس عشر أبرزها :

 



حظر وقف العمل بالمنشأة كليا أو جزئيا أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها دون الحصول على      موافقة اللجنة التي يتم تشكيلها بقرار من رئيس مجلس الوزراء لهذا الغرض.
 
– لا يجوز لصاحب العمل التقدم لهذه اللجنة بطلب وقف  العمل بالمنشأة كليا أو جزئيا أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها إذا كان النزاع معروضا على مجلس تسوية المنازعات الجماعية أو هيئة التحكيم.
 
– يجب على صاحب العمل إخطار المنظمة النقابية المعنية بقرار اللجنة بالموافقة على إغلاق المنشأة كليا أو جزئيا أو تغيير حجم المنشأة أو نشاطها وذلك للتشاور قبل الاستغناء عن العمال.

 
وغيرها من الضوابط الأخرى  التي نص عليها هذا الفصل من المسودة الثلاثية.
 
كما تجدر الملاحظة بأن هذا النص لم يفرق ما بين  الإغلاق المؤقت والإغلاق النهائي في الأثر الذي يترتب عليهما ، فالإغلاق المؤقت من المفترض أن لا يجيز لصاحب العمل إنهاء العقد بل يوقف تنفيذه خلال فترة هذا الإغلاق ثم يستأنف سريانه بعد زواله، كذلك فأن النص لم يفرق في حالة الإغلاق النهائي ما إذا كان الإغلاق بسبب أجنبي لا يد لصاحب العمل فيه أو كان بسبب يرجع لصاحب العمل.
 
 ففي الحالة الأولى مثل صدور قانون يحظر نشاط المنشأة، أو هلاكها بسبب حريق يحق لصاحب العمل إنهاء العقد بل ينفسخ بقوة القانون سواء كان العقد محدد أو غير محدد المدة ويعفى صاحب العمل من المسئولية، أما إذا كان الإغلاق النهائي بسبب يرجع لصاحب العمل فأن عقد العمل لا ينتهي ولا ينفسخ بقوة القانون  وتظل الالتزامات الناشئة عنه قائمة وعدم الوفاء بها من قبل صاحب العمل يعد بمثابة إنهاء للعقد بإرادته المنفردة يلزمه تعويض العامل عن المدة المتبقية من العقد إذا كان العقد محدد المدة، وعن مدة الإخطار والتعويض عن التعسف في الإنهاء إن وجد.
 
 ويمكن طرح السؤال التالي: هل من الممكن في حالة إغلاق المنشأة أن يتضمن النص إلزام صاحب العمل  بصرف الأجور للعمال لحين حصولهم على عمل آخر، وان الدولة مسئوله عن توفير الأعمال المماثلة للعمال الذين يفقدون أعمالهم جراء إغلاق المؤسسات التي يعملون فيها.
إن وضع ضوابط تحدد حقيقة الحاجة للإغلاق الكلي أو الجزئي لهو أمر مهم خاصة الآن في ظل الأزمة المالية وقد بدا واضحا للعيان استغلال بعض أصحاب الأعمال للأزمة المالية لتسريح العمالة الوطنية بحجة تناقص الأرباح خاصة في ظل عدم وجود القيد الموجود في قانون العمل القائم حاليا في المشروع المعروض أمام البرلمان، وهو القيد القاضي بتدرج الاستغناء في حالة الحاجة إليه بدءا من العامل الأجنبي فالعربي فالوطني.
 
 



3- المادة ( 103 )
تنال من حماية العامل الطرف الضعيف في العلاقة
 

 
تلزم المادة 103 العامل أن يخطر صاحب العمل بإنهاء عقد العمل في حالتي إخلال صاحب العمل بالالتزامات الجوهرية المنصوص عليها في القانون أو في العقد أو في حالة تدليس صاحب العمل أو مَن يمثله على العامل، في حين لا توجب المادة 104 صاحب العمل في أن يخطر العامل بإنهاء العقد في مثل هاتين الحالتين، وهو ما يخل بمبدأ حماية العامل باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة، ويؤكد مدى عدم التزام مشرع القانون الجديد بمبدأ العدالة والإنصاف.
 

 



4- المادة (106 )
فصل العامل لعدم الكفاءة حكم يتجاوز العدالة
 

 
تجيز المادة 106 من مشروع قانون العمل وهي مادة مستحدثة، أستحدثها مجلس التنمية الاقتصادية ولم تكن موجودة في المسودة الثلاثية، تجيز لصاحب العمل فصل العامل بسبب عدم كفاءته أو نقصها، وهو يعني أن يبقى العامل لفترة غير محددة حتى التجربة لقياس كفاءته مهدد بالفصل لهذا السبب وهو ما يتعارض مع نص المادة 21 من المشروع والتي تجيز تعيين العامل تحت شرط التجربة مدة ثلاثة أشهر كحد أقصى، بغرض معرفة مدى كفاءة العامل، إن حكم هذه المادة يتجاوز حدود الإنصاف والعدالة، ويفتح الباب على مصراعيه لصاحب العمل لفصل العامل في أي وقت بحجة عدم الكفاءة أو نقصها.
 
وتجدر الملاحظة هنا أن بعض أصحاب العمل قاموا بالفعل الآن وفي ضوء الأزمة المالية باستخدام حجة عدم الكفاءة للاستغناء عن العمال ولتفادي إيقاع الفصل التعسفي.
 
 



5- المادة (108)

تصادر سلطة القضاء  في تقدير التعويض





 
 
وضعت المادة (108) من مشروع القانون حدا أدنى لتعويض العامل في حالة فصله من العمل بدون سبب أو بسبب غير مشروع وهو ما يعادل أجر يومين عن كل شهر من الخدمة وبما لا يقل عن أجر شهر ولا يزيد على أجر اثني عشر شهراً إذا كان العقد غير محدد المدة، أو بما يعادل أجر المدة الباقية من العقد إذا كان العقد محدد المدة.
 
   حكم هذا المادة غير سائغ وغير مقبول ويصادر سلطة القاضي في تقدير التعويض، ذلك أن تقدير التعويض يقدر بقدر الضرر بنوعيه المادي والمعنوي وهو يختلف من حالة إلى أخرى ومن عامل إلى آخر، فالتعويض الذي يستحقه العامل المتزوج العائل لأسرته مثلاً يختلف عن التعويض الذي يستحقه غير المتزوج، ومن ثم فإنه من الخطأ تحديد مقدار التعويض دون أن تكون للقاضي سلطة تقديرية في بيان عناصر الضرر التي تحدد مقدار التعويض، علما بأن القانون المعول به قد أوضح ذلك صراحة في المادتين 108 و109 بأن ترك للقاضي السلطة التقديرية في تقدير التعويض.

 

 



6-إلغاء منح الأفضلية في التوظيف للعامل الوطني
 

 
كانت مسودة اللجنة الثلاثية قد أفردت بابا تحت عنوان ( تنظيم تشغيل العمال الوطنيين) اشتمل على تسع مواد تؤكد على أفضلية تشغيل المواطن وإلزام صاحب العمل بتقديم بيانات عن الوظائف الشاغرة لديه وعدم الاستغناء عن العامل المواطن في حالات الضرورة إلا بعد الاستغناء عن غير المواطن.
 

غير أن مجلس التنمية الاقتصادية قد حذف هذا الباب من المسودة وأبقى على مادة واحدة فقط منه هي (لكل مواطن قادر على العمل راغب فيه أن يتقدم بطلب قيد اسمه لدى الوزارة أو أي من المراكز التابعة لها….الخ).
 
ومجلس التنمية لم يبين الأسباب التي دعته إلى إلغاء هذا الباب المهم من مسودة القانون الجديد، وهو بذلك يفتح المجال لرب العمل لتوظيف الأجنبي على حساب المواطن ويستغنى عنه قبل غيره ، علما بأن المادة 13 من قانون العمل المعمول به نصت على منح الأفضلية في التوظيف للعامل الوطني، وعند الاستغناء يُستغنى عن غير العربي أولاً ثم العربي ثانيا ثم المواطن.
 



7- المادة(52)
تجيز تشغيل العامل ساعات إضافية دون حد أقصى
 

 
على خلاف ما هو معمول به في القانون الحالي الذي نص في المادة  (79) على وضع حد نهائي معلوم لا يجاوز تجاوزها لساعات العمل الإضافي وهي ستين ساعة في الأسبوع، فأن مشروع القانون لم ينص في المادة 52 على حد أقصى لعدد ساعات العمل الإضافي، مما يعني إلزام العامل بساعات أضافية في اليوم لا حد لها.

 



8- هل يجوز تكليف العامل بعمل غير المتفق عليه في العقد ؟
 

 
يكشف واقع الحال عن تعرض الكثير من العمال للفصل من العمل بسبب اعتراضهم على أداء أعمال ليست من صلب عملهم المنصوص عليه في العقد، وقد وضعت مسودة اللجنة الثلاثية نصاً يعالج هذا الواقع بطريقة أفضل تعدل مما هو منصوص عليه في القانون المعمول به، إذ حظر هذا النص المعدل تكليف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة لمنع وقوع حادث أو إصلاح ما نشأ عن هذا الحادث، أو حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة، ولصاحب العمل أيضا أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إذا كان لا يختلف اختلافا جوهريا عن عمله الأصلي بشرط عدم المساس بحقوق العامل.
 
غير أن مجلس التنمية الاقتصادية لم يتبن هذا النص وأبقى على ما هو معمول به الآن وهو (لصاحب العمل تكليف العامل بعمل غير متفق عليه إذا اقتضت مصلحة العمل وبشرط ألا يترتب عليه الإساءة للعامل أو المساس بحقوقه).

 



9- الإضراب شكل من أشكال التعبير للدفاع عن مصالح العمال المهنية
 

 
أفردت المسودة الثلاثية  أربع مواد تنظم الإضراب، غير أن مجلس التنمية الاقتصادية اكتفى بمادة واحدة هي المادة (8) من المشروع  ونصت على (للعمال حق الإضراب للدفاع عن مصالحهم وفقا للضوابط التي يقررها القانون، ويترتب على ممارسة العامل لهذا الحق وقف عقد العمل مدة الإضراب).
 
لكنه عند البحث في مواد مشروع القانون عن الضوابط التي تنظم الإضراب لا نجدها لها وجوداً، فهل تعمد مجلس التنمية الاقتصادية صياغة النص هكذا، أم انه أغفل وضع مثل هذه الضوابط؟ والحقيقية أن مسودة الثلاثية قد وضعت ضوابط للإضراب لا نتفق مع بعضها مثل عدم جواز الإضراب في المنشآت الحيوية التي يصدر في شأنها قرار من رئيس مجلس الوزراء، في حين كان من الأفضل أن يحدد القانون مثل هذه المنشآت الحيوية.

 
  ان مكمن الخطورة في المشروع بصيغته النهائية المعروضة على مجلس النواب- وان أقر بحق العمال في الإضراب – ألا إنه ترك تحديد ضوابطه للقانون دون أن يحددها.
 
والأدهى من ذلك أن مشروع القانون في المادة (104البند 10) أعطى صاحب العمل الحق في أن يفصل العامل دون إشعار أو تعويض في حالة (عدم مراعاة العامل للضوابط المقررة قانونا بشأن ممارسة حق الإضراب).
 
و ما نخشاه هو إصدار قانون تحت مسمى (قانون الإضراب) وهو ما نفهمه من هذين النصين – يضع ضوابط تنال من جوهر الحق في الإضراب وتفرغه من محتواه ويضع قيودا تزيد على القيود التي وضعها مرسوم بقانون النقابات والقرار الوزاري التابع له والذي حدد الأماكن الحيوية التي لا يجوز الإضراب فيها، فالفقرة (د) من المادة  21 من قانون النقابات تحظر على العمال الإضراب في الأماكن الحيوية التي

حددها القرار الوزاري  رقم 62 لسنة الصادر بتاريخ 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 بأثني عشر مرفقاً كالتالي: الدفاع المدني، المطارات، الموانئ، المستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات، جميع وسائل نقل الأشخاص والبضائع، الاتصالات السلكية واللاسلكية، الكهرباء، الماء، المخابز، المؤسسات التعليمية ومنشآت قطاع النفط والغاز.
 

 يذكر هنا أن منظمة العمل الدولية مع إقرارها بضرورة وضع ضوابط للإضراب في تلك المرافق، فإنها تدعو إلى ضرورة تطبيق المعايير الدولية التي أقرتها ومنها أن حق الإضراب في المطار مكفول فيما عدا مراقبة الحركة الجوية، وبالمثل في قسم الطوارئ بالمستشفى وليس في كل الخدمات الصحية على اختلافها، أما البريد والنفط والاتصالات فهي من المجالات التي يضمن فيها الإضراب، كما دعت المنظمة إلى ضرورة الاتفاق فيما بين أطراف الإنتاج

الأساسية وهم الحكومة وأصحاب العمل وممثلو العمال لتحديد المرافق التي يمنع فيها الإضراب.
 
    غير أن مشروع قانون العمل يتجاهل ما دعت إليه منظمة العمل الدولية سالف البيان، ويبدو من صيغة نص المادة الثامنة من هذا المشروع، أن حق الإضراب سيجرد من محتواه ومن أهميته كوسيلة ضغط للطبقة العاملة في الدفاع عن حقوقها ومصالحها حين تنفرد الحكومة وحدها في تحديد المرافق الحيوية الهامة التي يحظر فيها الإضراب، وتحفظ البحرين على المادة 8 البند د الفقرة 1 المتعلقة بحق الإضراب  من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  والذي انضمت البحرين إليه مؤخراً في 16 يوليو 2007، مؤشر على ذلك، إذ جاء تحفظها هكذا (إن التزام مملكة البحرين بتطبيق البند (د) من الفقرة (1) من المادة (8) من هذا العهد لا يخل بحقها في حظر الإضراب في المرافق الحيوية)  وبالرغم من كل ذلك فإن حق الإضراب أصبح حقا معترفا به بعد أن كان من المحرمات. 
 



11- المادة( 32)
هل يجوز حرمان المرأة العاملة من إجازة الوضع؟
 

 
للمرأة العاملة حسب نص المادة 32 البند أ من مشروع القانون إجازة وضع مدفوعة الأجر مدتها 45 يوما ، تشمل المدة التي تسبق الوضع والتي تليه، ويجوز لها أن تحصل إجازة بدون أجر بمناسبة الوضع مدتها 15 يوما علاوة على الإجازة السابقة، غير انه ليس لها بحسب النص الحصول على إجازة الوضع مدفوعة الأجر أكثر من أربع مرات خلال خدمتها، فهل يجوز ذلك؟
 
 بالطبع أن ذلك لا يجوز، لأنه يعد تدخلا في تحديد قرار الحمل والوضع الذي هو قرار الأسرة وحدها، وعليه نقترح تعديلها كما يلي:
 



تحصل العاملة على إجازة وضع بأجر كامل مدتها خمسة وسبعين يوما تشمل المدة التي تسبق الوضع والتي تليه، شريطة أن تقدم شهادة طبية معتمدة من وزارة الصحة مبينا فيها التاريخ الذي يرجح حصول وضعها فيه، كما يجوز لها أن تحصل على إجازة بدون أجر مدتها خمسة عشر يوما علاوة على الإجازة السابقة.
 

 
12- كما نقترح تعديل المواد التالية المتعلقة بحقوق المرأة العاملة وفق التالي:
     
 
·   المادة 33 في مشروع القانون (يحظر على صاحب العمل فصل العاملة أو إنهاء عقد عملها بسبب الزواج أو أثناء إجازة الوضع).
 
·    النص البديل المقترح (يحظر على صاحب العمل فصل العاملة أو إنهاء عقد عملها بسبب الزواج أو أثناء إجازة الوضع، أو بعد عودتها من الإجازة بسبب الوضع ومضاعفاته أو الإرضاع، ويقع على صاحب العمل عبء الإثبات بأن أسباب الفصل لا تمت بصلة إلى كل ما ذكر، كما يكفل صاحب العمل للمرأة العاملة الحق في العودة إلى نفس وظيفتها أو إلى وظيفة مماثلة بنفس معدل الأجر عند انتهاء إجازة أمومتها).

 
·   المادة34 في مشروع القانون ( يكون للعاملة المُرضع خلال السنة التالية لتاريخ الوضع – فضلا عن مدة الراحة المقررة – الحق في فترتين أخريين للرضاعة، لا تقل كل منهما عن نصف ساعة، وللعاملة الحق في ضم هاتين الفترتين، وتحسب هاتان الفترتان الإضافيتان من ساعات العمل، ولا يترتب عليهما أي تخفيض في الأجر،ولصاحب العمل بعد ثلاثة أشهر من تاريخ الوضع، وكل ثلاثة أشهر لاحقة، أن يطلب من العاملة تقديم شهادة طبية معتمدة من أحد المراكز الصحية الحكومية أو إحدى العيادات المعتمدة من قبل صاحب العمل تفيد استمرارها في إرضاع مولودها، فإذا لم تقدمها خلال شهر من تاريخ طلبها سقط حقها في راحة الرضاعة).
 
·   النص البديل المقترح (تستحق العاملة بعد عودتها إلى العمل عقب إجازة الوضع ساعتي رعاية يوميا لإرضاع مولودها حتى يبلغ من العمر عامين وتحسب هاتان الفترتان الإضافيتان من ساعات العمل، ولا يترتب عليهما أي تخفيض في الأجر).

 
·   سبب الاقتراح (هذا النص المقترح  أعلاه و الموجود في ديوان الخدمة المدنية بالنسبة  للعاملات في القطاع الحكومي هو أكثر عدالة للأسباب التالية: 


 

 



1- إن فترة الإرضاع الشرعي هي عامان لا أقل من ذلك حسب اتفاق جميع المصادر الإسلامية.
 2- إن مدة ساعة واحدة سواء لفترة واحدة أو فترتين غير كافية في ظل الازدحام المروري الذي يعيق سرعة ذهاب المرأة للإرضاع ثم العودة   إلى عملها )
 
 







13- مواد نقترح أضافتها لمشروع القانون متعلقة بحقوق المرأة العاملة
 
·
   تمنح إجازة قبل فترة إجازة الوضع أو بعدها، بناء على شهادة طبية، في حالة الإصابة بإعاقة أو مرض أو حدوث أو احتمال حدوث مضاعفات ناجمة عن الحمل أو الولادة، ويجوز تحديد طبيعة هذه الإجازة والحد الأقصى لطولها حسب ما يقرره الطبيب المختص، (يستهدف هذا التعديل وضع مادة تعالج وضع بعض النساء اللاتي يتعرضن خلال فترة الحمل لمضاعفات بسبب وجود أمراض مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا وغير ذلك وتقوم العاملة في الوقت الحالي باستخدام رصيد إجازتها السنوية أو المرضية لهذه الظروف)، وفقا لما تنص عليه الاتفاقية   183 بشأن حماية الأمومة.
 
·    يكون للعاملة في المنشأة  التي تستخدم مائة عاملا فأكثر الحق في الحصول على إجازة بدون أجر لمدة لا تتجاوز سنتين وذلك لرعاية طفلها، ولا تستحق هذه الإجازة أكثر من مرتين طوال مدة خدمتها (هذه المادة كانت موجودة في مسودة الثلاثية ولكن تم حذفها بعد تعديل المسودة وهي تستهدف مساعدة العاملة على الجمع بين مهامها الأسرية وعملها
).
 
 



14- ملاحظات عامة حول تطبيق أحكام القانون متعلقة بحقوق المرأة العاملة
 

·

   البند (12/أ): من تطبيق أحكام هذا القانون في مشروع القانون (لا تسري أحكام هذا القانون على موظفي الحكومة والأشخاص الاعتبارية العامة الخاضعين لأنظمة الخدمة المدنية أو العسكرية أو لنظام قانوني خاص يحكم العلاقة الوظيفية).
 
·   ملاحظاتنا هنا تتمثل
في أن مشروع القانون لم يعالج وضع مدرسات رياض الأطفال، قرابة (3000 مدرسة)، المشمول منهن في برنامج التأمين الاجتماعي 1050 عاملة فقط،، حيث أن نسبة كبيرة من رياض الأطفال تبرم عقود عمل محددة المدة لا تتجاوز الموسم التعليمي، أي ما بين بداية شهر سبتمبر ونهاية شهر يونيو من كل سنة أي ما يعادل 9 أو 10 شهور في السنة.
 
     يترتب على هذا العقد حرمان العاملات من التأمين الاجتماعي المستمر مما يؤخر حصولهن على المدة المطلوبة للاستفادة من التقاعد، بالإضافة إلى  تدني نسبة الرواتب حيث إنها تتراوح ما بين 40 – 135 دينار، وعدم صرف بدل الإجازات الرسمية والسنوية والإجازات الخاصة بالمرأة العاملة مثل إجازة الولادة وساعات الرضاعة،  استبعاد (فصل) العاملات أثناء فترة الحمل وذلك في بعض رياض الأطفال، عدم السماح للعاملات بالاستفادة من الإجازات المرضية وإذا اضطرت العاملة لذلك فعليها أن تحضر البديل للقيام بمهامها دون مقابل،  بعض الرياض لا تبرم عقود عمل مع العاملات وبالأخص مع المدرسات اللاتي لم يحصلن على المؤهل المطلوب لمزاولة وظيفة مدرسة.
 
     تعاني العاملات من إسناد أكثر من مهمة لهن مثل أن تقوم العاملة بالتدريس وتنظيف الصفوف وكذلك بعضهن يعملن (مرافقة رياض + منظفة في الروضة + تنظيف الأطفال وتطهيرهم وتبديل ملابسهم وتقديم الوجبات لهم براتب لا يتعدى 50 دينار)، حرمانهم من مقابل الإجازات السنوية أو الإجازات الرسمية، وكل ذلك راجع إلى غياب الإطار القانوني الذي ينظم وضعهم فلا هم تحت مظلة ديوان الخدمة المدنية المسئول عن القطاع الحكومي ولا تحت  قانون العمل في القطاع الأهلي الذي هو بمثابة مظلة لجميع العاملين في القطاع الخاص.
 
     وبالتالي من المهم أن يتصدى مشروع قانون العمل لمعالجة مشكلة هذه الفئة العريضة من العاملات، وقد ذكر الوفد الرسمي في رده على سؤال للجنة السيداو بجنيف حول معالجة وضع مدرسات رياض الأطفال بأن الحكومة تسعي مع   صندوق العمل واتحاد النقابات لدراسة كافة البدائل التي تساعد على حل مشكلة مدرسات رياض الأطفال. 
 
·   البند ( 12/ب) من تطبيق أحكام هذا القانون في مشروعالقانون (لا تسري أحكام هذا القانون على خدم المنازل ومن في حكمهم وهم زراع وحراس المنازل والمربيات والسائقين… الخ).
 
·   ملاحظاتنا هنا تتمثل  في أن مشروع القانون يتجاهل مشكلة العمالة المنزلية التي يصل عددها حسب إعلان للحكومة في رد لها على مجلس النواب إلى 62 ألف من خدم المنازل ومن في حكمهم، غالبيتهم من النساء، (طبقا للخبر المنشور في جريدة الوقت، العدد 971 / 18 أكتوبر 2008)، حيث تتعرض خادمات المنازل إلى الاعتداءات الجسدية والجنسية والمعاملة المهينة  والحبس القسري في مكان العمل ومنع الطعام والرعاية الصحية عنهن والعمل لساعات طويلة بلا حدود ولا أيام راحة، إضافة إلى عدم دفع الرواتب أو التأخر في دفعها وتكليفهن بأعمال تفوق طاقاتهن، وذلك بسبب غياب الإطار

القانوني الذي يحدد الحقوق للعمالة المنزلية.
 
     وقد رد الوفد الرسمي على سؤال لجنة السيداو عن الآليات القانونية التي اتخذتها حكومة البحرين لحماية هذه الفئة بتضمين مقترح قانون العمل الجديد المطروح أمام مجلس النواب مواد لتنظيم حقوق العمالة المنزلية وهذا ما لم نجده في المقترح.
 



     كما أن كون مملكة البحرين مصدقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن عدم التمييز في الاستخدام والمهنة يلزم الدولة بإيجاد إطار تشريعي حمائي للفئات التي لا يحميها قانون العمل وإلا عد ذلك تمييزا وهدرا لحقوق فئة من العمال على أساس الجنس أو الجنسية أو نوع العمل، ولذا نقترح أنه ما لم تنظم حقوق العمالة المنزلية بمشروع قانون العمل فلا مناص من قانون خاص ينظم حقوق وواجبات هذه الفئة.
 
 

 
 

اقرأ المزيد

ورقة المنبر التقدمي حول الحقوق والحريات السياسية في مملكة البحرين في الندوة الجماهيرية للجمعيات السياسية بمناسبة ذكرى الاستقلال 14 أغسطس 2008



ورقة المنبر التقدمي

حول الحقوق والحريات السياسية في مملكة البحرين

في الندوة الجماهيرية للجمعيات السياسية

بمناسبة ذكرى الاستقلال

14 أغسطس 2008




قدمها المحامي حميد الملا

عضو اللجنة المركزية للمنبر 


يسجل التاريخ السياسي للبحرين أن القوى السياسية قد لعبت دورا بارزا ومؤثرا في نسبة التصويت الكبيرة التي حصل عليها ميثاق العمل الوطني ، وإنه على الرغم  من تفاوت الاجتهادات السياسية لهذه القوى في البرامج وآليات العمل ، وفي طريقة المحافظة على المكاسب التي تحققت ، وفي أسلوب إدارة الحراك السياسي مع الدولة ، إلا إنها ومعها الغالبية العظمى من شعب البحرين تتفق على رؤية محددة لطبيعة النظام السياسي وهي كما جاءت في الميثاق  نظام ملكي وراثي دستوري وديمقراطي ، لكنه في ذات الوقت  يرسي هيكلا متوازنا يؤكد ابات دورية ونزيهة ، ويكفل حرية التعبير وحرية تشكيل الأحزاب السياسية ، والتداول السلمي للسلطة ، ويقوم على مبادىء العدالة الاجتماعية والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة في ظل دستور يؤمن سيادة القانون واستقلال السلطة القضائية ، والالتزام بمبادىء وأهداف  الأمم المتحدة والمواثيق والاتفاقات الدولية.
 
    وبهذا المعنى يكون ميثاق العمل الوطني بما نص عليه من مبادىء  قد وضع حجر الأساس لتكريس واقع جديد نحو إقامة النظام الدستوري الديمقراطي ، وإقامة دولة القانون ، غير أن ما قامت به السلطة التنفيذية من إجراءات  تلت أقرار الميثاق  قد قوضت هذا الأساس الذي وضعه الميثاق ،  أبرزها قيام هذه السلطة  بإصدار حزمة المراسيم بقوانين خلال الفترة من صدور دستور 2002  في 14/2/2002 حتى تاريخ انعقاد أول جلسات المجلس الوطني في 14 /12 / 2002  ، و التي وصل عددها إلى اثنين وخمسين مرسوما بقانون.  فبالإضافة إلى المراسيم  بقوانين المتعلقة بالحقوق السياسية كان من أهم هذه المراسيم بقوانين تلك التي تنظم ، ديوان الرقابة المالية.،  والمناقصات والمشتريات الحكومية، و الميزانية العامة ، وإنشاء المحكمة الدستورية ،و السلطة القضائية ،. الإجراءات الجنائية. وقد انتقصت هذه المراسيم بقوانين في معظمها من الحقوق والحريات العامة التي نص عليها ميثاق العمل الوطني بل نالت مما نص عليه الدستور الذي قوض هو ألآخر من الأسس والمبادىء التي نص عليها الميثاق بما أشتمل عليه من أحكام جديدة لا أصل لها لا في ميثاق العمل الوطني ولا في دستور 1973 ، قللت من الدور التشريعي والرقابي للمجلس المنتخب، ومنحت السلطة التنفيذية هيمنة واسعة على عمل السلطة التشريعي وقد سجل المنبر ملاحظاته في وثيقة الإصلاح الدستوري التي أصدرها خلال عقد المؤتمر الدستوري الأخير.، ولعل واقع الفصلين التشريعيين الحالي والمنصرم يكشفان كيف لعبت هذه الهيمنة في صدور قوانين من السلطة التشريعية  تتعلق بأهم الحقوق السياسية أبرزها قانون الجمعيات السياسية ، وقانون التجمعات وقد سجل المنبر التقدمي والقوي السياسية ملاحظاته على هذين القانونين قبل إصدارهما وطرحت البديل الذي ينسجم مع الحد الادني لما نص عليه الميثاق والدستور والمواثيق الدولية بشأن حق تنظيم العمل السياسي وحق التجمع.
 
 ويمكن لنا أن نجمل القيود التي نالت من أهم الحقوق والحريات السياسية منذ صدور الميثاق وحتى اللحظة فيما بلي :
 
1- حق الانتخاب والترشح وعيوب في النظام الانتخابي :
        تعتبر الانتخابات الدورية والنزيهة الركيزة الأساسية لعملية التحول الديمقراطي وهي أحد أهم أشكال التمثيل السياسي ، وأهم آليات الديمقراطية التي تضمن اشتراك المواطنين في صنع وتحديد ملامح القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي ،  ونظرا للأهمية التي تحتلها الانتخابات في حياة الدول ، ولما تنطوي عليها من حقوق يتعين أن تكون مكفولة ، فقد أكدت مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية على هذه الأهمية واعتبرت مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون العامة لبلدانهم إحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان، كما  فى  المادة ( 25 فقرة ب  ) من العهد الدولي الخاص  بالحقوق المدنية والسياسية وكما يؤكد القرار رقم 45 لسنة 1991 الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة علي على هذة الحقوق  .و توجب المادة ( 7 ) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على الدول الأطراف أن تتخذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد ، وبوجه خاص تكفل للمرأة ، على قدم المساواة مع الرجل ، الحق في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة والأهلية لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام .
 
    وفي البحرين رغم مما يعترض المسيرة الإصلاحية من معوقات وتراجع ، إلا أنه من المجحف تجاهل المساحة النسبية من حرية التعبير وإبداء  الرأي  التي ترافقت مع بدء المسيرة الإصلاحية وما رافق ذلك من إجراء انتخابات بلدية ونيابية بعد غياب استمر لأكثر من ربع قرن ، وهي خطوة رغم ما يعتريها من نواقص في التشريع وفي التطبيق ، إلا إنها تأتي  في اتجاه إرساء مبدأ سيادة القانون ، وتفعيل ما نص عليه الدستور من حق المواطنين في المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بدء بحق الانتخاب .
   
     إلا انه يمكن القول في هذا الإطار انه  بدون انتخابات حرة  ونزيهة ، تضمن تمثيلا سياسيا يكون بمقدور الأفراد من اختيار ممثليهم بإرادة حرة ، وتضمن مشاركة شعبية تستقطب المواطنين إلى دائرة الفعل الاجتماعي والسياسي ، وتحافظ على وحدة المجتمع وأمنه وسلامه الداخلي ، وبدون تفعيل أحكام الدستور وعلى وجه خاص الأحكام المتعلقة بالحريات والحقوق العامة تفعيلا لا ينال من جوهرها ، وبدون احترام ما نصت عليه الاتفاقات والمواثيق الدولية  ، فان الحديث عن تحول ديمقراطي حقيقي في البحرين يصبح لغوا  لا معنى له ،  يفقد الانتخابات مصداقيتها ودورها كركيزة أساسية لهذا التحول  .
 
وقد نال من العملية الانتخابية في البحرين صدور المرسوم بقانون مباشرة الحقوق السياسية الذي اشتمل على أحكام قوضت حق  المواطنين في الانتخاب والترشح فضلا عن قيام الدولة بتحديد وتوزيع الدوائر الانتخابية على خلاف ما كان معمولا به في ظل دستور 1973 إذ لا تضع المذكرة التفسيرية لدستور 2002  تفسيرا يفسر خلو الدستور الجديد من  النص على حق المجلس المنتخب في تحديد الدوائر الانتخابية وأن تجاهل المشرع الدستوري لهذا النص  شكل انتقاصا واعتداء  على حق دستوري مكتسب يتعين أن يكون من  اختصاص ممثلي الأمة .
 
   وأن  سكوت الدستور الجديد عن تعيين السلطة المختصة في تحديد الدوائر الانتخابية لا يعني إنه قد أباح  للسلطة التنفيذية هذا الاختصاص   بأداة لا تلزم من استعملها بضرورة عرضها على مجلس النواب ، فدوائر الانتخابات النيابية تحدد بمرسوم من جلالة الملك ، والبلدية بموجب قرار من رئيس الوزراء ، وقد كشف الواقع كيف استخدمت السلطة التنفيذية هذه الأدوات في توزيع غير عادل للدوائر الانتخابية طغى عليها الاصطفاف الطائفي .
 
  أن المنبر التقدمي يؤكد في هذا الشأن على أهمية النص على حق السلطة التشريعية في تحديد الدوائر الانتخابية بموجب قانون يضع نظام انتخابي عادل وديمقراطي يضمن توزيعا عادلا ومتساويا للدوائر الانتخابية ويمثل كل قوى المجتمع وطوائفه المختلفة . 
 
وقد أوصت الحلقة الحوارية التي أقامها المنبر التقدمي حول ( إصلاح النظام الانتخابي في البحرين ) بضرورة وجود نظام انتخابي عادل وديمقراطي في مملكة البحرين ، وان يعاد النظر في مجمل القوانين التي تنظم العملية الانتخابية ، واقترح بهذا الصدد تقليص عدد الدوائر الانتخابية إلى عشر دوائر انتخابية بحيث يتم توزيعها توزيعا عادلا من حيث الكثافة السكانية بعيدا عن التوزيع الطائفي ، وقد حدد الاقتراح هذه الدوائر بالتفصيل نشرته صحيفة الوسط في حينها ، وندعو كافة القوي السياسية إلى تفعيله وطرحه على البرلمان لمناقشه .
 
2-               الحق في التنظيم وحرية العمل السياسي :
     على الرغم أن ميثاق العمل الوطني والدستور قد نصا بوضوح على أن  ( حرية تكوين الجمعيات والنقابات ، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبنها القانون .. ) ، وعلى الرغم المواثيق الدولية وعلى وجه خاص العهد الدولي بالحقوق  المدنية والسياسية الذي صادقت عليه مملكة البحرين قد نصت صراحة على ضرورة ضمان هذا الحق دون قيود  إلا أن القانون الذي نظم حق وحرية العمل السياسي ، وهو قانون الجمعيات السياسية الذي شرع لتنظيم عمل الجمعيات السياسية في مملكة البحرين والصادر عن السلطة التشريعية في 22 يوليو 2005 من الفصل التشريعي المنصرم ، والمفترض فيه  بأنه ينظم واحدة من أهم الخطوات الإجرائية في عملية التحول الديمقراطي ، هي التعددية الحزبية ، قد وضع قيودا على العمل السياسي وعلى حرية ممارسته ، أهمها أنه اشتمل على أسم يتعارض مع المضمون وتعريف ناقص للتنظيم السياسي وتجاهل حق التنظيم السياسي في عقد  اجتماعاته دون تدخل من السلطة :ويتجاهل حقه في إصدار الصحف بدون ترخيص  وينال من حرية التأسيس ويتوسع ويتعسف في حالات إيقاف نشاط التنظيم وحله: ، ويقيد حرية اتصال التنظيم بالخارج  ،  وحرم فئة الشباب من الانضمام للتنظيم السياسي ، وبالغ في الرقابة المالية ، واشتملت القرارات الوزارية الصادرة تنفيذا لهذا القانون على رقابة وزارية صارمة خاصة  عن توفيق أوضاع بعد صدوره . وقد أوضح المنبر التقدمي هذه القيود بالتفصيل في ورقته بعنوان ( ما مدى حُرية التنظيم السياسي في قانون الجمعيات السياسية رقم (26 ) لسنة 2005 !!) والمقدمة في مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي  انعقد في 26 يناير 2006 ، ويمكن الرجوع إليها من خلال نشرتنا التقدمي ، أو عبر الموقع الالكتروني .
 
3 – الحق في التجمع السلمي
على الرغم  أن الحق في التجمع السلمي معناه  قدرة المواطنين على الالتقاء بشكل جماعي بهدف عقد الاجتماعات العامة أو المؤتمرات أو المسيرات والمظاهرات والاعتصامات السلمية في أي مكان وزمان ، مهما كانت الجهة المنظمة لها، وذلك لتبادل الرأي أو لبلورة المواقف ، أو للتعبير عن آرائهم بالخطابة أو المناقشة  تجاه قضية أو قضايا مختلفة تهمهم ، وهو امتداد للحق فى حرية التعبير ، وجزءً لا يتجزأ منه ، وهو إحدى الطرق المشروعة للتعبير عن الرأي  لممارسة ضغطا على السلطة التنفيذية بهدف التعبير عن مواقفهم وتحقيق مطالبهم ، إلا ان هذا الحق شأنه شأن بقية الحقوق لا يعد حقا مطلقا بل هو نسبي ، يجب ان يمارس دون  انتهاك لحقوق وحريات باقي المواطنين ، وان يكون طابعه سلميا ، بدون الاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة ، أو الدعوة إلى الكراهية أو رفع شعارات ترسخ وتعزز الطائفية أو أي شكل من أشكال التفرقة .
 
   وعلى الرغم من  أن المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان قد نصت على حق التجمع السلمي ، وفي المقدمة منها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كما فى  المادة ( 21 )
 
.وعلى الرغم أن دستور مملكة البحرين  جاء متماشيا مع ما نصت عليه المعايير الدولية إذ نصت المادة (28 ) منه على انه : ( أ- للأفراد حق الاجتماع الخاص دون حاجة إلى إذن أو إخطار سابق ، ولا يجوز لأحد من قوات الأمن العام حضور اجتماعاتهم الخاصة .   ب- الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافى الآداب العامة ) . ويتبين من هذا النص الدستوري أن الأساس الذي يقوم عليه الحق في التجمع السلمي هو إباحة عقد الاجتماعات ، وعدم وضع القيود عليها سوى تلك التي ينص عليها القانون ، دون أن ينال هذا القانون من جوهر هذا الحق حسبا تقضي به المادة (31) من الدستور ، وان تكون أغراض ووسائل هذه الاجتماعات سلمية و لا تنافي الآداب العامة .
 
على الرغم من كل ذلك فأن التعديلات التي صدرت عن السلطة التشريعية في الفصل التشريعي الأول على المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1973 ، المعمول به منذ 5 سبتمبر 1973 ، بشأن الاجتماعات العامة والمواكب ( المسيرات ) والتجمعات قد جاءت غير منسجمة  مع فهموم الحق في التجمع السلمي ، بل وتتعارض مع أحكام الدستور وعلى وجه التحديد حكم المادتين ( 28 ، 31 ) .  ومع المعايير الدولية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
 
وقدم المنبر التقدمي حينها ملاحظاته على هذه التعديلات وسلمها لمجلس النواب ونشرتها مشكورة صحيفة الوسط ، أبرزها أن هذه التعديلات تعطى رئيس الأمن العام أن يمنع التجمع السلمي قبل عقده وأن يحدد مفهوم الاجتماع العام وفي ذلك  أوضحنا  أن النص على إقامة التجمع السلمي بالإخطار دون موافقة مسبقة يفقد أهميته حين نرى بان التعديلات  قد أبقت على الفقرة الأولى من المادة (4) والتي تقضي بحق رئيس الأمن العام أن يمنع اجتماعا عاما تم الإخطار عنه – وهو ما ينطبق على التجمع والمسيرة والمظاهرة – إذا كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام ، أو حسن الآداب ، أو بسبب الغاية منه ، أو بسبب ظروف الزمان والمكان الملابسة له أو لأي سبب خطير غير ذلك .  ويتضح من النص المدى الواسع التي يجوز فيه  لرئيس الأمن  العام منع أي تجمع سلمي قبل إقامته وان تم الإخطار عنه ، وهو ما يعنى أن الحق في إقامة التجمع السلمي دون موافقة مسبقة لا قيمة له،  فاقد المحتوى ، إذ  يستطيع رئيس الأمن العام وفقا لهذا النص ان يقرر مثلا  بان التجمع مخلا بالأمن قبل إقامته ، ويفتح الباب له واسعا لاستخدام حالات المنع المنصوص عليها حسب تفسيره و رأيه ومزاجه ، خاصة وان النص لا يشتمل على تحديد واضح للمقصود بالأمن  أو النظام العام ، ويحتوي على مفردات تتصف بالضبابية والغموض و تحتمل أكثر من تفسير وتأويل . كظرف الزمان والمكان ، والسبب الخطير.

شكرا لأصغائكم والسلام عليكم
                            

اقرأ المزيد

ورقة جمعية الوفاق الوطني الاسلامية لمؤتمر الحوار الوطني



عنوان الورقة : المواطنة والطائفية وأثرهما على المشاريع الوطنية

 من منظور جمعية الوفاق الوطني الإسلامية



مقدمة :

رغم انفتاح نظام الحكم ، و توفرمشروع سياسي إصلاحي ، فإن ذلك لم يمنع من وجود شيء من التوترات لأسباب كثيرة ربما أبرزها هو إنعدام وجود حالة من الثقة بين المواطنين والدولة. فلا تزال أجواء الإنفراج حذرة ومتقلبة ، فضلاً عن غياب معيار المواطنة ، ووجود التمييز الطائفي الذي بات يتحكم في مفاصل العديد من الخطوات ، وهذا يعني إن أمامنا الكثير ؛ لمعالجة الآثار والوقوف على النتائج .
فمن خلال التشخيص الحالي للساحة السياسية يتضح بأن هناك تمييزًا طائفيًا صارخًا تشهده الساحة ويعاني منه المواطن البحريني ، فالتمييز في جميع الوزارات بلا استثناء ، وأن المشكلة تأخذ في التفاقم والإتساع بشكل متسارع ، لصالح الطائفة السنية في السابق والآن لصالح المجنسين ، وأن الطائفة الشيعية هي الطائفة المهمشة ، ومن هنا نشأت هناك حاجة ماسة إلى معالجة حالات التمييز الطائفي من خلال فتح حوارات مع القيادة السياسية ، ولأن أبواب الحوار موصدة أمام المعارضة صار لا بد من التفكير في آليات أخرى تعطي نتائج مقاربة ؛ لمحاربة التمييز الطائفي بأنواعه . إن التمييزالطائفي حقيقة قائمة وهي  نتاج  الإرادة السياسية للحكومة ، والذي يجعل المشكلة أكثر تعقيدًا رداءة تعاطي الدولة مع الملف ، فالحكومة تحاول جاهدة إلى إحداث شرخ بين السنة والشيعة وإيجاد توتر طائفي ؛ لتحقيق أهدافها .


مفهوم المواطنة :

المواطنة تعني مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات داخل حدود الدولة ، وهو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري، ويرتب التمتع بالمواطنة سلسلة من الحقوقوالواجبات  ، وأساس هذه المواطنة الخضوع لقانون واحد.
في حين إننا نجد واقعًا يختلف عما نفهمه عن المواطنة ،  والورقة الحالية تكشف لنا العديد من الحقائق والأرقام التي تؤكد ما نعيشه من تناقض صارخ ما بين النصوص والشعارات .
 
مفهوم الطائفية :
هي مجموعة الظواهر التي تعبر عن استخدام العصبيات المرتبطة بظاهرة المحسوبية ، في سبيل الالتفاف على القانون أو تحييده ، وتحويل الدولة والسلطة  من إطار لتوليد إرادة عامة ومصلحة كلية، إلى أداة لتحقيق مصالح خاصة وجزئية ، بمعنى آخر اختطاف للسلطة السياسية لأهداف خاصة.
 فالطائفية تعني استخدام كل أشكال التضامنات الخاصة ، القائمة على القرابة المادية، كالعشيرة والعائلة ، أو المذهبية، كما تنطبق مع آليات شراء الضمائر والرشوة ، والالتفاف على معايير الخيارات السياسية.
ونتيجتها تهديد الدولة ومؤسساتها بالتحول إلى أدوات ؛ لخدمة مصالح خاصة بدل أن تكون إطار لبلورة المصلحة العامة .
 إن الطائفية تنشأ عندما تنقل إحدى هذه الجماعات هذا التضامن والتكافل إلى مستوى الدولة ، والسبب في ذلك أن انتقال قانون الجماعة الخاصة أو العصبية، من مجال عمل المجتمع إلى مجال عمل الدولة يخرب الدولة نفسها ويحرمها من تحقيق أهدافها .


أصل التمييز الطائفي وأسبابه :

بداية لا بد من الإقرار بأن التمييز في البحرين واقع ملموس ، لأن المجتمع البحريني على رغم تكونه من طائفتين كريمتين فإن التمييز واقع في داخل الطائفتين ، وإن التمييز عبارة عن هرم من الإمتيازات في قمته مجموعة من العائلات التي تمثل “الحلف”، ومن ثم يأتي أسفلهم “أصدقاء الحلف”، فيما هرم طائفي آخر داخل هذا الهرم تقف على قمته عائلات الطائفة المغلوب على أمرها والمتحالفة مع هذا الحلف، ووضعهم أفضل من الآخرين الواقعين أسفل الهرم… وهكذا.
وفي محاولة جادة لفك طلاسم الموضوع نرى بأن أصل التمييز الطائفي سياسي الأصل وله علاقة بالولاء للسلطة الحاكمة ، فبعض العائلات الشيعية التي كان ولاؤها للسلطة مضمونًا حصلت على إمتيازات عدة ، فيما عائلات أخرى بقيت في قاع الهرم ، فالذي لا يضمن ولاؤه للقيادة السياسية لا يضمن أن يحصل على وظيفة قيادية في الدولة،ولا نتصور أن الإدارات بنيت على أساس منطق الكفاءة  ، ما أفرز التمييز الطائفي، ولذلك فإن التمييز بدأ سياسيًا وانتهى طائفيًا ، فالتمييز الطائفي في البحرين تمييز سياسي ، وتمييز لأعتبارات الولاء والقبلية ، أن التمييز في البحرين له دوافعه السياسية وليست المذهبية .
وتعمق التمييز نتيجة تضخم الدولة ولكونها أصبحت مصدرًا للثروة والمكانة والإمتيازات، فالبحرين الصغيرة أصبح فيها 45 وزيرًا أو مايوازي منصب الوزير، فضلاً عن مساعديهم ووكلاءهم والمديرين وما إلى ذلك.
في حين أن جلالة الملك كرر في الكثير من كلماته منذ مجيئه إلى الحكم عدم التمييز على أساس المذاهب أو الأعراق، وهذا يدل على شعوره بالمشكلة ، والمشكلة لا يمكن حلها فقط من خلال الشعور بها ولكنها تحتاج لإرادة للقضاء عليها ، ولدينا فرصة المشروع الإصلاحي فرصته أن يحتوي كل المشاكل العالقة والتي تحتاج إلى إصلاح ؛ لضمان فاعليته واستمراره ، ونحتاج إلى وضع معايير واضحة في تقلد الوظائف والمناصب المختلفة، يشمل الجميع بدءًا من مجلس الوزراء إلى أصغر موظف في الدولة. 

 الواقع الحالي يعكس الكثير من الحقائق التي تؤكد وجود طائفية ، وفيما يلي بعضًا منها :
ففي الحكومة الأخيرة التي شكلت في ديسمبر/ كانون الأول 2006، مثِّل الشيعة بأربعة مناصب وزارية؛ فالدكتور نزار البحارنة، المقرب إلى جمعية الوفاق الوطني، عين وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومجيد العلوي وزير العمل، وعبدالحسين ميرزا وزير شؤون النفط والغاز، وهو أول وزير بحريني من أصل إيراني. ولأول مرة في تاريخ البحرين يشغل شيعي، هو جواد سالم العريض، منصب نائب رئيس الوزراء.
كما أن تقرير “الحرية الدينية في العالم” بين بأن الشيعة في البحرين مازالوا يعانون من التمييز الحكومي ضدهم في مجالات معينة؛ فالأفضلية في المناصب الحكومية الحساسة تعطى للسنة، كما أن الوظائف العليا، في بعض المواقع، حكر على السنة ، يشعر حينها الشيعة بأنهم مهمشون إقتصاديًا وإجتماعيًا ، وأن مناطقهم وتجمعاتهم يغلب عليها الفقر وسوء الخدمات.
 حيث اتجهت السلطة مؤخرَا إلى تقنين التمييز ولعل أبرز مثال على ذلك هو توزيع الدوائر الانتخابية ؛ لضمان أغلبية في التمثيل السني برغم كونهم أقلية. وبهذا فقد حصلت المحافظة الجنوبية قليلة السكان وذات الغالبية السنية على 6 مقاعد، في حين حصلت المحافظة الشمالية، ذات الكثافة السكانية الكبيرة وأغلبية شيعية  على 9 مقاعد، فرقٌ شاسع غير مبرر .
عملت الحكومة على الإستمرار في سياساتها من أجل إحداث التغيير الديموغرافي ؛ من خلال منح الجنسية لغير البحرينيين من العرب السنة ؛ لتقليل الأغلبية الشيعية ، لا توجد إحصاءات دقيقية ولكن نتكلم عن أعداد تفوق الـ  70,000 إلى 80,000 أعطيت لهم الجنسية  ، غير الـ 8000 سعودي المنتمين لقبيلة الدواسر والذين مارسوا حقهم السياسي في الإنتخابات السابقة 2002 .


وأن هناك العديد من القضايا قد ظهرت نتيجة لوجود التمييز الطائفي نستطيع رصدها والتحدث عنها :

التوظيف الحكومي: تمثيل الطائفة الشيعية في القطاع العام وخصوصًا في المراكز العليا محدود جدًا ، في حين تهيمن عليها أما العائلة الحاكمة أو الطائفة السنية الكريمة ، وأغلبية المتقدمين لدى الداخلية من الشيعة مازالت تُرفض طلباتهم ، كما أبعدوا عن التوظيف في قوة الدفاع .
 العزل: يعيش الشيعة في البحرين على واقع معزول بحسب السياسيات التي تفرض عليهم ، على سبيل المثال الرفاع الغربي هي للعائلة الحاكمة ، أما الرفاع الشرقي فهي مسموح بها للسنة فقط ، لا يقتصر المنع على السكن فقط ، بل حتى على امتلاك العقارات ، ويتم تطبيق التجربة حاليًا في مواقع أخرى كالمحرق مثلاً لتغلق بالكامل لطائفة محددة وعزل الأخرى .
الإسكان : يعيش عشرات الألوف من الشيعة الفقراء في مساكن ضيّقة وفقيرة في حين تمتلك العائلة المالكة أراض أكثر مما تستخدم وكذلك أهم العقارات.
البطالة :لقد كانت البطالة عاملاً رئيسياً في توليد التذمر لدى الأوساط الشيعة ، فبحسب الجهات الرسمية فإن نسبة البطالة تصل إلى 15% ، والرقم الفعلي أعلى من ذلك بكثير ، بحسب تقارير دولية  ، وثمة تقارير تشير إلى أن الشيعة يهيمنون على القوة العاملة لبعض الوزارات، مثل الصحة والصناعة ، وفي القطاع الخاص يعمل الشيعة في مهن متدنية المهارة، ومنخفضة الأجر، تقل عن 200 دينار بحريني في الشهر ، أي أقل من الحد الأدنى لأسرة مؤلفة من شخصين، والذي حددته وزارة العمل، والبالغ 350 ديناراً .
في حين أن التقرير الذي تبنّاه ديوان ولي العهد ذكر بأن: لدى البحرين إقتصادًا ناميًا ولكن لا يبدو أن  البحرينيين يتمكنون من الاستفادة منه ويزيد بأن حاليًا ثلثهم يعملون دون مستوى مهاراتهم وستزداد النسبة إلى 70% في العام 2013م بهذا الوضع الحالي ، وهذا يعنى أنهم غير قادرين على الحصول على مدخول يناسب مستواهم التعليمي وخبراتهم وتوقعاتهم ،  في حين كان متوسط دخل الفرد البحريني 420 دينارًا شهريًا  في 1990م فقد انخفض في العام 2002م إلى 352. وإذا ما استمر بهذا المنوال فان متوسط دخل المواطن سوف يكون 300 دينارًا شهريًا في عام 2013م .  
إن الطائفية في مجتمعنا البحريني لها صور عدة منها : جمعيات سياسية تحمل شعارات وطنية ، ولكنها تمارس التمييز مع من يريد الإنتساب إليها، وصناديق خيرية لا تساعد العوائل المحتاجة  إلا من ينتمي إليها مذهبياً أو طائفياً أو عرقياً، ومسئولون في الإدارات والمؤسسات والشركات يمارسون التمييز في التوظيف ، فلا يوظف إلا من ينتمي إلى نفس طائفته .
إن مقاومة التمييز قضية أساسية لارتباطها بمجموعة كبيرة من الحقوق السياسية والإجتماعية والثقافية وغيرها ، فضلاً عن إنضمام البحرين لإتفاقية مناهضة التمييز عام 1990 .
 
وفيما يلي بعض صور التمييز في مجتمعنا :
التمييز الطائفي : الإحصاءات تقول بأن  572 وظيفة عليا من بينها 101 لأبناء الطائفة الشيعية أي ما نسبته 18 % من مجموع هذه الوظائف ، النيابة العامة فيها 4 شيعة فقط من أصل 64 وظيفة بنسبة 6 % ، أما مجلس الشورى فمن مجموع 64 وظيفة 13 وظيفة لأبناء الطائفة الشيعية، وأكثر وظيفة يشغلونها هي وظيفة سائق 6 من أصل 13 وظيفة يعملون كسائقين ، كما أن إجمالي الوظائف في مجلس النواب 108 وظيفة ، 39 وظيفة فقط يشغلها أبناء الطائفة الشيعية، أي بنسبة تقل عن 37 % .
والتمييز الطائفي ينطبق على جميع الوزارات دون استثناء ، بل إن هناك مجموعة من الوزارات والمؤسسات الحكومية لا يوجد فيها أي شيعي في وظائفها العليا، كوزارة الإعلام، وزارة الدفاع، المؤسسة العامة للشباب والرياضة، الهيئة العامة لحماية الثروة البيئية، جهاز المساحة والتسجيل العقاري ومركز البحرين للدراسات والبحوث؛ فيما بعض الوزارات كوزارة الداخلية لا يتجاوز الشيعة في مناصبها العليا نسبة 3% .

ليس ذلك بحسب حيث تشير الإحصاءات في مناطق جديدة مثل مدينة حمد ومدينة عيسى، إلى أن كلاً منها بها 4 مساجد للشيعة فقط مقابل 20 مسجدًا للطائفة السنية، أما في منطقة عراد فهناك 6 مساجد للشيعة “في عراد القديمة فيما لم يسمح لهم ببناء مساجد في منطقة الإسكان الجديدة” مقابل 16 مسجدا للطائفة السنية، وقد افترضنا في ذلك أن تكون نسبة الطائفتين من السكان متساوية على الأقل.
التمييز ضد المرأة : وخصوصًا في تقلدها الوظائف العليا ، فنسبة المرأة العاملة في القوة العاملة البحرينية 26 % مقابل 74 % بالنسبة إلى الرجل، فيما تتقلد المرأة 7 % من الوظائف العليا في المملكة مقابل 93% للرجل .
بعد الاستعراض السريع لتلك الحقائق الرقمية ألا يحق لنا أن ننعت الوضع الحالي بأن هناك تمييز طائفي صارخ يهدد المشاريع الوطنية ؟


التحديات التي تواجهنا لمحاربة التمييز الطائفي :

أعتقد بأن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية لوحدها لاتستطيع محاربة التمييز الطائفي لعدة أسباب على رأسها أنها المبتلية البلاء الأكبر منه ، إلى جانب التركيبة الحالية لمجلس النواب لا تسمح بتحقيق إنجازات فاعلة في هذا الملف ، وما شاكله  وأكبر مثال على ذلك ما سعت إليه الوفاق بهدف تشكيل لجنة تحقيق في موضوع التمييز الوظيفي وما لقته من إصطفافات طائفية حالت دون تشكيل اللجنة أو إدارة الملف لأن الوقوف مع الملف يعني خسارة إمتيازات لبعض قيادات بعض الكتل في البرلمان ، ولكون المجلس أيضا موصوم بالطائفية ، فضلاً عن أن الحكومة تمنع من الوصول إلى هذا الموضوع ولم تتعاون معه لأنها حينها تحارب مشروعها .
وترى الوفاق بأن التمييز بات واقعًا لا يمكن الاختلاف عليه، وستكون معالجته بطيئة جدًا نظرًا إلى الأعداد القليلة جدًا التي تتقاعد سنويًا ويتم استبدالها، وخصوصًا أن التمييز يتحدث بشكل أخص عن الوظائف العليا، والآن يبدو صعبًا حل هذا الإشكال إذ لا يمكن أن تقيل شخصا بعد توظيفه وإلا كان ظلمًا أيضا .
الذي يفسر وجود الطائفية واستمرارها  ، هو غياب الإرادات الإصلاحية أولاً وتجاهل السلطة للمشكلة وإنغلاقها على نفسها من خلال غلق أبواب الحوار ، وتبعثر جهود النخب السياسية الوطنية ثانيًا وإحباطات الشارع ثالثًا .
إن اخطر ما يهدد المواطنة هو التمييز الاجتماعي والطبقي ، والدولة إذا ما مارست التمييز سينعكس ذلك على ثقافة المجتمع، إضافة إلى الموروث الثقافي للمجتمع نفسه  ، وعلى الحكومة أن تعترف بمشكلة التمييز وبالأرقام، حتى لو لم ترد الحكومة أن تناقش أسباب هذه المشكلة فلنعترف بالمشكلة أولاً على الأقل ، فشعب البحرين متسامح وقد يغفر هذا الموضوع، فقد وجدتم كيف استقبل الملك في سترة على رغم شهدائها ومعتقليها. إن على الحكومة التعامل مع جميع الموضوعات بشفافية . 
   
مطالب الوفاق ؛ لمواجهة الطائفية :
مما لا شك فيه أنّ استمرار الوضع على ما هو عليه من تخندق طائفي ليس في مصلحة البحرين، وعلى الدولة أن تعي بخطورة هذا الملف على مستقبل البحرين ، وعليها أن تعترف بذنبها وأن تضع الخطط الإستراتجية ؛ لمواجهة ما اقترفته قبل فوات الآوان ، وفيما يلي بعض المطالب التي تصر عليها الوفاق :
1.      إصلاح دستوري حقيقي، لما يعطيه الدستور من هيمنة للسلطة التنفيذية ؛ مما يعرقل مهام السلطة الرقابية .
2.     ينبغي أن يكون التدريس في المدارس والجامعات شاملاً ، وليس على أساس المذاهب فهذا تكريس للطائفية .
3.  ضرورة أن تقدم الحكومة تقاريرها الحقوقية إلى لجنة مناهضة التمييز، حتى وإن كانت قوانين الأمم المتحدة تسمح بتأجيلها ، وينبغي أن تكون ملامسة للواقع ولا تذكر فقط ما هو في الدستور من مواد تمنع التمييز .
4.  على الحكومة إشراك هيئات المجتمع المدني عند صوغها تقاريرها المتعلقة بحقوق الإنسان ، ويجب أن تكون الهيئة عند تشكيلها ملزمة بقراراتها وليست رقابية تصدر بيانات فقط.
7. إعادة تنظيم الهيكل القضائي بحيث يحقق الاستقلالية وحاكمية القانون.
8. إعادة تنظيم الإدارات الحكومية .
9. إعادة بناء الجيش والشرطة ليدافعا عن الوطن كله وليس لفئة من دون أخرى.


التوصيات
  :

 وبدورنا نقدم بعض التوصيات والمقترحات ونرجو من الحكومة التوقف عندها :
· ندعو السلطة إلى قراءة واقع الطائفية والتمييز الطائفي التي خلفته ، والعمل على تقديم الحلول على أسس سليمة ، وعليها أن تستمع لهذه المشكلة.
· العمل على إنشاء هيئة مستقلة تضم الجانبين الرسمي والشعبي مهمتها مكافحة التمييز الطائفي ، من خلال الرصد والمتابعة ؛ للعمل على معالجته ومحاربته ، ومحاسبة المتسببين في ذلك .
· العمل على تشريع قوانين تعاقب على ممارسة التمييز، وعلى مجلسي الشورى والنواب بحث كيفية تطبيق البحرين لاتفاق مناهضة التمييز، وكيف توافق التشريعات الموجودة لهذا التطبيق.
· يمكن للحكومة أن تعقد مؤتمرًا وطنيا لمناقشة التمييز الطائفي كبادرة منها بالاعتراف بالمشكلة ، ومحاولة منها بإيجاد أنسب الحلول بمشاورة القوى السياسية والشخصيات الوطنية المحبة للوطن.
· تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، وتشكيل لجنة وطنية مستقلة تعمل على مراقبة الهيئات الحكومية وغير الحكومية.
· الشفافية الكاملة في التوظيف واستملاك الأراضي والمناقصات والبعثات الدراسية والخدمات والتجنيس وعموم سياسات الحكومة.
وأخيرًا ترى الوفاق بأن الديمقراطية الطائفية تكرس إنقسام المجتمع ، وتقف حجرة عثرة  أمام الإندماج الوطني، وتعمل على إفراز أزمات متلاحقة ، وبدورنا نؤكد على موقفنا بأننا لانريد ديمقراطية طائفية بل ديمقراطية وطنية يشترك فيها الجميع سنة وشبعة بلا طائفية .


الخاتمة :

من المهم هنا التأكيد على أن المواطنة ليست فقط مجموعة من النصوص والمواد القانونية ، بل يشمل وعي الإنسان داخل هذه الجماعة ، بأنه مواطن أصيل في بلاده وليس مجرد مقيم يخضع لنظام معين دون أن يشارك في صنع القرارات داخل هذا النظام .
بالإضافة إلى كل المطالب التي عبرنا عنها وإلى التوصيات التي قدمت ، نؤكد هنا على مجموعة من المنطلقات ، وننتهز هذه الفرصة التي نثمنها للحكومة بمشاركتها في المؤتمر الوطني ونعدها بادرة إيجابية إعترافا منها بأن الوضع السياسي بحاجة إلى مؤتمرات وطنية تنعقد بين الفينة والأخرى ، نستغل الفرصة لنعلن عن موقفنا الرافض لكل محاولات تمزيق الوطن على أسس دينية أو طائفية أياً كان مصدرها ،كما نرفض بشدة الابتزاز الطائفي تحت أي مسمى أو سبب  ، كما نرفض التمثيل الطائفي في المجالس الشعبية والتشريعية أو التوظيف الطائفي أو العائلي في الوظائف العامة .
ونطالب الحكومة بالعمل على إلغاء  كل مظاهر التمييز في المجتمع ، بما فيها مظاهر الوساطة والمحسوبية وتوريث الوظائف العامة فضلاً عن التمييز الطائفي والديني، ولنعمل معاً من أجل الوصول إلى اليوم الذي تكون فيه معايير الكفاءة والنزاهة هي القيم الرئيسية التي يؤمن بها الجميع في تزكيتهم للقيادة والإدارة ، ونعلن دعمنا الكامل ومشاركتنا في الدعوة للتغيير السياسي ، وضبط إيقاع العمل السياسي الوطني ، بما يضمن صالح الوطن والمواطنين .
 كما نؤكد أن الحراك الذي يعمل في اتجاه المواطنة يجعل منا معنيين بوجوب ضمان إلغاء كل أشكال الالتباس في الساحة السياسية الحالية بسبب سيطرة السلطة التنفيذية على كل من السلطتين التشريعية والقضائية، وصولاً لضمان قدرة السلطة التشريعية على اختيار ومساءلة المسئولين التنفيذيين أياً كانت مواقعهم في السلطة بطريقة دستورية حقيقية وليست صورية، ودون عراقيل ومنغصات سياسية.
ندعو الحكومة وجميع القوى السياسية إلى السعي لجعل مبدأ المواطنة والمساواة بين كافة المواطنين قضية إجماع وطني لا تحتمل التأجيل أو الالتفاف عليها أو التلاعب بها. بل نطالب الكتل السياسية في المجلس التشريعي بإدراج صيغ قانونية محددة تعبر بوضوح عدم التمييز بين المواطنين على أساس المذهب وإقرار الآليات الواجبة ؛ لضمان عدم تجاوز هذا المبدأ .


وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين

 

اقرأ المزيد