Search Results for: الأزمة وصراع الإقطاعين في مصر

الأزمة وصراعُ الإقطاعين في مصر (4-4)

أخذت تجلياتُ الصراعِ العميقةِ الهيكيلية في النظام المصري تتجسدُ سياسياً واجتماعياً، فالجمهورُ لم يعد يتلقى السياسات الحكومية بسلبيتهِ السابقة، برز حراكٌ نضالي متعدد الأشكال، مطلبي بين قوى اجتماعية متعددة، بدأت أولاً بالقوى العمالية التي تعاني أكثر من غيرها، وفي ظروف صعبة من بيع المصانع إلى ظروف العمل الرهيبة. إن الارتباط بالدولار خفّض الأجورَ الحقيقية بعد تردي قيمة الجنيه المصري، وهذا يتداخل مع السياسة الأمريكية كذلك، بسبب التبعية لإسرائيل، وإيذاء المشاعر الوطنية والقومية، مما أحدث حراكاً سياسياً وطنياً رافضاً للتبعية، وتوجه نحو ضرورة تغيير البنية الاقتصادية المُدارة بشكلٍ سياسي سيئ، وتركز النقد في النخبة الحاكمة ومسألة التوريث وبضرورة تغيير مواد من الدستور. وكانت قضايا المعيشة والفقر هي من أكثر البؤر التي فجرت الأزمة:(وفقا لتقرير التنمية البشرية الصادر عن الامم المتحدة عام 2009 جاء وضع مصر في المرتبه الـ 123 من بين 182 من أكثر دول العالم فقراً.. ووصلتْ نسبةُ السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى “مستوى أقل من دولارين في اليوم” الى 45% من السكان، ووفقاً لتقرير منظمة الاغذية والزراعة “فاو” لعام 2009 تعاني نصف الأسر المصرية سوء – تغذيةٍ نتيجة تدني الأجور ومستوى الدخل وأظهرت دراسة أعدتها وكالة بلومبرغ الألمانية للأنباء عام 2009 عن احتلال مصر المركز الـ 57 من بين 60 دولة في معدلات التضخم العليا ووفقاً لمؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء وصل معدل التضخم فى الطعام والمشروبات الى 6،19% خلال الفترة من يناير إلى مايو 2010 وارتفع معدل البطالة وتدهور مستوى الأجور)، (من بيان الحزب الشيوعي المصري السابق الذكر). وهذا ما أدى إلى أكثر من ألفي إضراب عمالي في الستة الشهور الأولى من سنة .2010هي أزمةٌ عامة ومشكلات من كل نوع، لكن الوضع السياسي يستجيبُ لها ببطء، لضخامةِ البيروقراطية العتيقة وتخلف الجمهور، والمعارضة الرئيسية الاخوانية تشارك بحذرٍ شديد في التحركات، لكونها تريدُ قطفَ ثمرة السلطة شبه الناضجة عبر الانتخابات بالشكل الراهن، ومن دون تغيير كبير في النظام، فأعضاء الحزب الوطني أنفسهم يقلدون الاخوان ويرفعون الشعارات الدينية المحافظة نفسها، ويرسمون الشكلانية الديكورية في الوجه والعادات ويعم التظاهر بالصلاح والتقوى، وهم ينتظرون من هو الغالب في ماراثون الالتهام الأكبر للأموال والشركات العامة والخاصة حتى ينتقلوا إلى سفينته.أي بدلاً من أن يتوجه الحزب الوطني للحداثة والعلمانية والتقدم وإيجاد إصلاحات للجماهير الفقيرة عاد إلى الوراء.العالم المقحمُ من الفضاءِ الدولي وهو المرشحُ محمد البرادعي، جاءَ من خلال التوجيه الغربي، لوضعِ حدٍ للتكلسِ في السلطة المصرية، التي لم تعدْ مقبولةً لأمريكا وأوروبا الغربية، ومن أجلِ أن تظهر سلطةٌ تخففُ من الصراعات وتبقي العلاقة المصرية – الإسرائيلية – الأمريكية كما هي، أي إنهم لا يريدون تغييراً ثورياً أو دينياً محافظاً، ولا يريدون أن تبقى السلطة في الحزب الوطني الذي احترقتْ أوراقه!كما أن البرادعي تهديدٌ للحزب الوطني بضرورة أن يتغير وأن يغدو ليبرالياً تحديثياً!ويبدو ان فرص البرادعي ضعيفة، وإذا اشترك في الانتخابات يكون ذلك مهماً لكن النتيجة محسومة للحزب الوطني ولجمال مبارك واستمرار السياسة الساداتية المباركية نفسها بديكورات جديدة.الاضطرابُ هو نفسه في أحزابِ المعارضة الليبرالية واليسارية، فمصر الليبرالية التقدمية لا تريد العودة للوراء عبر الاخوان المسلمين، ولا تريدُ البقاءَ في أحضان الإقطاع السياسي المترسمل، لكن ليس لديها البديل.فبؤرُ الأحزابِ اليسارية لم تحسمْ حتى المفردات بعد كل طوفان الأحداث والتحولات في العالم الشرقي خصوصاً، لاتزال العقلية اليسارية القديمة سائدة، كالحديث عن انتصار الاشتراكية في حين يتطلب البلد جبهةً واسعةً لتشكيل نظام ديمقراطي علماني يبعدُ الدينَ عن السلطة ويبعدُ السلطةَ عن الحزب الحاكم الأبدي.فحتى حزب الوفد يغازل […]

Read more

الأزمة وصراعُ الإقطاعين في مصر(3)

عبّرَ صراعُ الحزبِ الوطني الحاكم والإخوان عن صراعٍ عميقٍ في الطبقةِ الماليةِ الاقتصادية السائدة التي تكونتْ خلالَ العقود الأخيرة في مصر، وعن عدمِ قدرةِ هذه الطبقة على حلِ تناقضاتها الاقتصادية والسياسية والايديولوجية، والقيام بالتوحد وتشكيل نظام رأسمالي ديمقراطي علماني. المصدران الرئيسيان اللذان كونا الرأسمالَ العامَ والرأسمالَ الخاصَ جاءا من السرقةِ السياسية أو من السرقةِ الدينيةِ الاقتصادية، ولم ينشآ بشكلين (طبيعيين)، أي من خلالِ بناء المصانع وتحويل الفلاحين والنساء إلى عمال. إن كل رأسماليةٍ وليدة تحتاجُ إلى فترةِ تراكمٍ بدائي، تتسمُ بالاستغلال العنيف الفاحش، وقد طالتْ فترةُ التراكم المحاصرة كذلك بالهجوم الرأسمالي العالمي وبالجذور الإقطاعية العميقة.لقد عرفنا كيف هيمنَ الضباطُ الأحرارُ على الملكية العامة، وتكونتْ رأسماليةُ الحزب الوطني التي هي ذروةُ ذلك الفساد السياسي، وقطعتْ تراكمات الوطنية والديمقراطية:(يؤكد الدكتور جمال زهران عضو مجلس الشعب وأستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن الحكومة هي التي تحمي المفسدين، مشيراً إلى أنه تقدمَ وبعض النواب بمشروع قانون الحقوق السياسية لكي يكون هناك نوع من المشاركة من جهة، ومن إحكام السيطرة على النواب من جهة أخرى، ولكن الأغلبية تُجهض أي قانون تتقدم به المعارضة خصوصاً في ظل الضعف العام والتشرذم الذي تعانيه)، شبكة الإعلام العربية، أغسطس 2010).(رصدتْ مجلةُ الإيكونومست الإنجليزية مظاهرَ الفقر والبطالة والتعسف الأمني والتناقض في مستويات المعيشة، ومظاهر الفساد الناتج عن تزاوج المال والسلطة في مصر، وهو المناخ الذي سمحَ بظهور من تسميهم المجلة بالانتهازيين داخل الحزب الوطني الحاكم، حتى إن نوابَ البرلمان صار هدفهم الحصول على الحصانة للاستفادةِ من امتيازاتها، وليس للتعبيرِ عن هموم الناس، وعن الطوارئ قالت المجلة، لم يُستخدم ضد الإرهاب والمخدرات مثلما تزعم الحكومة).ومن جهةٍ أخرى تكونتْ ماليةُ الاخوان وخطابهم السياسي عبر الإقامة في السعودية، فجاءوا بأموالٍ وبأحكامٍ فقهية من المجتمع السلفي، الذي يشكلُ الإسلامَ عبرَ نصوصيةٍ، وكونوا أكبر قوةٍ مُنظمةٍ للرأسماليةِ الخاصة في مصر، وأدلجوا الفقهَ الإسلامي لتوسيعِ رأسمالِهم الخاص:(ظهر هذا في موجة توظيف الأموال وما صاحبها من(المصارف الاسلامية) و(البنوك الاسلامية) وتجريم وتحريم التعامل مع البنوك العادية لأنها بنوك ربوية، ولابد من هجرها والتوجه لتوظيف الأموال والبنوك الاسلامية. وفي أواخر وأوائل التسعينيات اشتهرت شركات كثيرة في توظيف الأموال منها الشريف والريان وسعد. وظهرَ كبارُ الدعاة يروجون لها، أهمهم الشيخ الشعراوي والدكتور عبدالصبور شاهين، ومعهم كبار الصحفيين وأجهزة الاعلام، وفي الخفاء كان يؤيدهم كبار السياسيين مثل رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب، ووزراء ووكلاء وزارات. ومن الطبيعي أن يتسابق المصريون على إعطاء(شقى العمر) الى تلك الشركات، بسبب كل هذا الألق الاعلامي وهوجة الربح المضاعف والطمع الذي أضاع قيمة القناعة عند المصريين.)،(أحمد صبحي منصور).تنامتْ التناقضاتُ الحادةُ بين أجنحة الطبقة السائدة، المختلفة التركيب، والأهم فيها والأقوى هو الذي يرضعُ من (أثداءِ) الدولة الوفيرة المال، والقريب من المدينة، والثاني الذي يرضع من الدين، ويقارب البداوة والريف، وقادر على حشد الجمهور المتدين الواسع بسبب هذا، وهذا نتاج رأسمالية غير تصنيعية بدرجة كبيرة وتحديثية، وذات أشكال مالية وعقارية أكبر.إن الرأسماليةَ المصرية ككلِ الرأسمالياتِ الشرقية الدينية نشأت من أشكالِ الإقطاع في الأرضِ والسلطة، واندفعتْ للأرباح السريعة في العقار والبنوك، وفي العهد الثوري كونتْ بعضَ الأسس الصناعية الكبرى، وتخلت عن ذلك في عهد رأسمالية الانفتاح، التي تداخلت بتوسع مع الرأسماليات العالمية والفوضى وتهريب الأموال والفساد وترحيل العمالة وتكوين أزمات حادة في الاسكان والصحة الخ.وتفاقمتْ أزمةُ هذه الرأسمالية المتخلفة المركبة خاصة في السنوات الأخيرة مع الأزمة المالية العالمية، وحسب معلومات البنك الدولي فقد انخفضَ معدلُ النمو بسببِ انخفاض تحويلات المصريين بالخارج ثلاثة وعشرين ونصف بالمائة […]

Read more

الأزمةُ وصراعُ الإقطاعين في مصر (2)

الإخوان المسلمون مثل غيرهم من الفصائل السياسية اعتمد ظهورهم على ظهور الزعيم المطلق.الزعيمُ المطلقُ المنتفخُ بذاته الهائلة العظيمة هو دكتاتور الشرق المستمر الذي يُنتجُ ظاهرات تكرار الأنظمة الاستغلالية المتوالية.إن الجماعات الدكتاتورية تستندُ إلى أيديولوجيات منتشرة خاصة في سياقات (الوطنية ــ القومية) و(الدين) و(الاشتراكية)، ويمضون في البداية في حراك الحياة التقليدية واستثمارها ويكونون لذواتِهم تنظيمات واسعة، وقد جرى ذلك في الاخوان وفي الضباط الأحرار وفي مصر الفتاة.إن أزمةَ الليبراليةِ المصرية المتجسدةِ في حزبِ الوفد الذي دخلَ مخاضاتٍ حادةً للتغيير مسئولةٌ عن عدم تغيير الهياكل الكبيرة للإقطاع خاصة في الزراعة وحياة النساء وعدم إقامة النظام العلماني، أي لم يقمْ الوفدُ بفصلِ الدين كما شكلته قوى الإقطاع خلال القرون السابقة، عن سلطة الحكم. وأدت الثلاثينيات إلى تعجيلِ ظهورِ الجماعاتِ الدكتاتورية واستغلتْ المعاهدات والصفقات بين الوفد والاستعمار لتروج لهدم الديمقراطية الليبرالية الواعدة.وكان حسن البنا واحداً من هؤلاءِ الشموليين الذين استغلوا الأزمة، وهم يشكلون طواقمَ تابعة، ثم ينشرون دعايةً ويحاولون الوصول بها لمنافذ معينة لضربِ السلطة القائمة وتغييرها، خاصة عبر وسائل العنف والقوة، التي هي مفتاحُ التغييرِ في الشرق.لكن قفزتْ قوةٌ شموليةٌ أخرى هي الضباط الأحرار، التي ورثتْ الإقطاعَ السياسي الملكي، وحلتْ محلَهُ وأخذتْ موقعَهُ لكن عبرَ تمددٍ واسع في أبنيةِ النظام كافة، فالنظامُ الملكي كان يبشرُ بتعدديةِ السلطات، وكانت الليبرالية الاقتصادية والعقلانية الفكرية تنموان بين الفئات الوسطى، فكانت ثقافةٌ ديمقراطيةٌ تنتشرُ بقوةٍ بين فئاتِ الشعبِ البسيطة، ولكن جاءَ النظامُ العسكري الشمولي الوطني وأوقفَ هذه العمليةَ ووسع الهيمنةَ السياسيةَ البوليسية وجمدَ تطورَ الفئات الوسطى فعرقلَ نمو الديمقراطية بشكل عام.ومن جهةٍ أخرى فقد أوجدَ الرأسماليةَ الحكومية(القطاع العام)، التي قامتْ بعملياتِ تغيير اقتصادية واسعة، تقدمية، لكن الضباط الكبار هيمنوا عليها، وتحولوا عبرها إلى فئة بيروقراطية مهيمنة، فُوضعَ حجرُ الأساسِ للتنميةِ والفساد معاً.إن الرأسماليات الحكومية في البلدان العربية الإسلامية لم تضعْ لأنفسها حتى هدف القضاء على الإقطاع، أي الإقطاع كظاهرات شاملة، وليس فقط تحجيم الإقطاع الزراعي، بخلافِ الرأسمالياتِ الحكومية الروسية والصينية وغيرهما التي هدّمتْ الإقطاعَ كلياً ونقلتْ المجتمعات المتخلفةَ لبداياتِ الرأسمالية المتقدمة. في حين حولت أنظمةُ الحكمِ العربية الرأسماليةَ الحكوميةَ إلى امتدادٍ للإقطاع، فخلقت تناقضات رهيبة. وكانت تنظيماتُ الحكم من الاتحاد القومي حتى الحزب الوطني الديمقراطي هي تنظيماتُ هذه الطبقة التي تغلغلتْ في الهياكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ووظفتها لخدمتها، ومن الدفاعِ عن أغلبيةِ الشعبِ العامل إلى استغلالِ هذا الشعب، ثم إلى نخرِ اقتصادهِ ونشرِ الفساد فيه، وجاءت فترتا الانفتاح الساداتية والمباركية من دون عودةٍ حقيقيةٍ لليبراليةِ والعلمانيةِ والديمقراطية، بل راحت الطبقةُ الحاكمة تفصلُ (البدلات) السياسية العصرية حسب الصراعات المؤقتة فمن توسيع دائرة الاخوان إلى محاصرتهم، وهما أمران يعكسان تجريبية النظام السياسية، كما راح الإقطاعُ السياسي الحكومي يتحول إلى رأسماليةٍ خاصة معششة في الوزارات الحكومية والاقتصاد العام ويلتهم الموارد.وظهرت قضايا هائلة وصلت للمحاكم عن فساد الحزب الوطني ونوابه.كان لابد لهذه الطبقة أن تحافظ على إرث الثورة المهلهل الذي هو في نخاعِ عظمهِ نظامٌ عسكري بوليسي، ولم تنفع الانتقاءات النفعية من الليبرالية أن تستر تلك العظام، رغم إطلاق الرساميل الخاصة بشكلٍ واسعٍ وتحت مظلةِ الدولة الأمنية، وراحت تستعير كذلك ملابس ممزقة من الديمقراطية وتضعها على الحكم، كالبرلمان والانتخابات التي تصعد الحزب الحاكم دائماً وفي كل المواقع.كما أن العلمنة المصرية الرائدة تم دفنها، وتم استغلال الأديان بشكل صراعي بين أجنحة الطبقة الجديدة الواسعة التي تكونت من الفئة المهيمنة وهي عمالقة الحزب الوطني، ثم الفئة المضادة وهي عمالقة الاخوان، ثم فئات صغيرة هامشية في هذه الطبقة كالرأسمالية الخاصة الوفدية والليبرالية الجديدة.وعبر تكون […]

Read more