المنشور

المعادلة السورية


ليس ستيفان دي ميستورا هو المبعوث الأول للأمم المتحدة إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة فيها، فقد سبقه في تلك المهمة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، والدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي، وانتهى الرجلان، على ما يتمتعان به من كفاءة وخبرة إلى الاستقالة، بعد أن عجزا من الدفع بأطراف الأزمة إلى منطقة التسوية.

لعلنا نتذكر عبارة الأخضر الإبراهيمي لحظة تسلمه مهمته حين قال إن نجاحها مرتبط بدعم الدول الكبرى لها. وحدَد هدفه الأول يومها في التغلب على انقسامات مجلس الأمن، وهو ما لم يتحقق، فآثر الرجل الانسحاب من مهمة بدت له مستحيلة.

على خلاف عنان والإبراهيمي، يبدو المبعوث الحالي دي مستورا متفائلاً، لا بل وواثق من نجاحه في أن تؤدي مفاوضات جنيف الجديدة بين ممثلي النظام والمعارضة، إلى مخرج: «لقد شهدتم الكثير من المؤتمرات الفاشلة، ولكن هذه المفاوضات لن تفشل».

مصدر هذه الثقة آتٍ بالتحديد من توفر إرادة دولية مشتركة في بلوغ تسوية من نوع ما، وأساس هذه الإرادة المشتركة هو التفاهمات التي تمت بين وزيري الخارجية الأمريكي والروسي، كيري ولا فروف، وهو العامل الذي لم يتح للأخضر الإبراهيمي ولا لسلفه عنان.

هذا ما على أطراف النزاع الداخلية وكذلك المحيط الإقليمي المعني بالأزمة السورية الوقوف عنده. لقد انقضت خمس سنوات من حرب أهلية طاحنة، قتل فيها عشرات الآلاف وهجر أضعافهم، ودمرت المدن والبلدات السورية، ولم يظهر أي من طرفي النزاع مقدرته على حسم الصراع لمصلحته، لا النظام قادر على إنهاء المعارضة، حتى لو نجح في إضعافها، ولا المعارضة قادرة على إسقاط النظام حتى لو نجحت في تقليص حدود سيطرته على الأرض.

الأكثر من ذلك خرج الأمر من دائرة النزاع الداخلي، ليتحول إلى أزمة إقليمية شاملة، وتحولت أجزاء شاسعة من الأراضي السورية إلى مناطق نفوذ لتنظيمات إرهابية لا علاقة لها بالأهداف التي من أجلها انتفض الشعب السوري في البداية، وكلها أمور تجعل من العبث استمرار هذا النزاع إلى ما لانهاية.

المؤكد أن النظام لن يعود بوسعه، في حال بلوغ تسوية، أن يحكم البلد بالطريقة التي كان يحكمها بها قبل اندلاع الأزمة، والمؤكد أيضاَ أن على المعارضة أن تعيد النظر في الكثير من شعاراتها وتكتيكاتها، ما دامت وجدت نفسها محمولة على الانخراط في مفاوضات حاسمة، لن تنال في نهايتها إلا بعض ما تطمح إليه، لا كله.
 
حرر في:  02/02/2016