المنشور

اليسار وطرق النضال في سبيل تغيير نظم العالم من الراسمالية الى الاشتراكية


هنا اقصد بكلمة اليسار و هي  التي تجمع كل اطراف الماركسين الذين  قد اختلفوا في وجهات النظر في مسالة التحليل  لقضايا سياسية او اقتصادية او فكرية لكنهم متمسكون بالاسس الماركسية التي استقر عليها معظم منظري الماركسية على ان النظام الراسمالي العالمي وكل الحلفاء له من الانظمة و القوى المجتمعية  هم اعداء الشعوب المطحونة، والمعذبة و المضطهدة، وفي المقدمة جماهير  الطبقة العاملة وسائر الشغيلة  التي تعاني من الظلم جراء الاستغلال البشع من قبل البرجوازية الراسمالية الاحتكارية على مستوى العالم، هذا منذ بسط الهيمنة و النفوذ للبرجوازية الراسمالية على القرار الاقتصادي و الاجتماعي والسياسي في العالم، ذلك بعد ان تم القضاء من قبل الطبقة البرجوازية الراسمالية تدريجياً على نظام الطبقة الاقطاعية التي كانت تهيمن على كل مفاصل الحياة في الدول الاوروبية و امريكا، وقيام اسس النظام الراسمالي مع الاختلاف في نوعية الانظمة  الفيدرالية، او الجمهورية، او الملكية الدستورية، و بها قد تم  استقرار اوروبا و امريكا، بعد حقبة من التاريخ كانت فيها اوروبا مسرحاً للصراع السياسي والمذهبي، وكانت قبلة  للحروب الطاحنة واخرها الحرب العالمية الثانية التي كان للاتحاد السوفييتي الفضل في هزيمة النازية الهتلرية مع مطلع عام 1944.

واذا نظرنا للعالم من حولنا في هذه الحقبة من الزمن و المستجدات على ارض الواقع في الجوانب الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الاجتماعية، ومدى محنة الشعوب في عدم الاستقرار و الامن و السلام، نقول ان الراسمالية لاتستطيع ان توفر العدالة الاجتماعية لا للشعوب الامريكية او الاوروبية و لا لشعوب العالم، وان شعار الرفاهية التي يطلق من قبل زعماء النظم الدكتاتورية الراسمالية ماهو الا ذر الرماد في العيون لتجميل النظم الراسمالية تارة بشعار الاصلاح و الديمقراطية التي فيها تهدر كرامة الانسان عندما يطالب بشيء من العدالة لاسترجاع حقوقه المسلوبة، و ها نحن نرى كيف للانظمة الراسمالية وهي تلعب بعقلية  الازدواجية، ذلك حسب المصالح للانظمة البرجوازية الراسمالية في كل الاقطار مع الازدياد المطرد في البطالة و الفقر و المزيد من  البشر المشردون جراء السياسات للنظام الراسمالي العالمي,  ثم لنا في الوطن العربي الامثلة الحقيقية.



“مسألة تدهور حقوق الانسان في ظل النظم الراسمالية”

ان مسالة التقدير لحقوق الانسان من بلد لاخر تعتمد على مقدار العدالة الاجتماعية, و تفعيل  القوانين التي تطبق على الناس, وهل هي تطبق على الجميع ام لا, طبعا  هناك فوارق في مثل هذه المسالة الا ان معظم النظم الراسمالية بما فيها امريكا التي فيها السود  وغيرهم من الشعوب في امريكا, مثل الهنود الحمر الذين هم الاصل التاريخي للشعب الامريكي ومعاناتهم اليومية في ظل التفرقة العنصرية.

ثم نحن نعيش الانفصام في عقلية من يديرون في النظام الراسمالي الحلول لقضايا العالم, و حين يغضون الطرف عن الانتهاكات لحقوق الانسان من قبل النظام الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني برضا النظام العربي المتمثل في الجامعة العربية, وايضا هناك التدهور في حقوق الانسان في ظل نظم عربية لايوجه لها النقد من قبل امريكا, و الاتحاد الاوروبي  لانها تأتمر بالاوامر للنظام الراسمالي العالمي, وفي خدمة المصالح للامبريالية,  وهي تدعم العملية السياسية المدعومة من النظام الراسمالي في تأييد القوى المتطرفة الارهابية, وحماية الانظمة التي تشكلها و تمولها و تدعمها, ومثل هذه الانظمة تنتهك حقوق الانسان لشعوبها و الشعوب الاخرى بشكل سافر وبغطاء اعلامي راسمالي متنوع.


“اليسار في العالم والبحث عن التغيير بكل الطرق المشروعة”

طبيعي جداً ان هناك من يستخفون بكل الاسس و المبادئ للماركسية خصوصا الانتهازيون في زمن العولمة, الا انهم في نفس الوقت يعلمون علم اليقين ان ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمي في روسيا عام 1917 بقيادة البلاشفة وعلى رأسهم القائد العظيم فلاديمير التش لينين الذي قد اسس لاول نظام اشتراكي في العالم, تطبيقا للمثل العليا للمبادئ و الاسس للافكار الماركسية, وهي التي قال منظروها ان كل الافكار التي خرجت قبل الماركسية كانت لا تجد مخارج للقضاء على الظلم و الفقر و الجوع و البطالة, الا مع بعض الاصلاح في حين ان الماركسية قلبت الموازين ودعت لتغيير العالم من خلال تغيير النظام الراسمالي وبناء الاشتراكية, وقد وضعت الاسس لنضال الشعوب في سبيل التغيير بالطرق السلمية, او الثورية ابتداء من ظهور البيان الشيوعي في 18 مارس عام 1848 .

ايضا ان اول تجربة للنظام الاشتراكي بعد كومونة باريس هي ثورة اكتوبر العظمى في روسيا و قد دامت 70 عاما, وقد ناصرت الشعوب المضطهدة في العالم لولا ان هناك الانتهازية في صفوف الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي, و الاخطاء السياسية و الاقتصادية و التدخل من قبل المخابرات الامريكية و الاوروبية, وتكالب القوى الرجعية العربية وغيرها من خلال وقوفها لمناصرة طالبان وأخواتها في افغانستان بعد القرار الروسي في حماية نظام كابل الموالي الى روسيا,  ذاك بقيادة براك كارمل اليساري, وسبق ذلك الحرب الباردة التي فيها قد سخرت كل الاموال من قبل الامبريالية و النظم الرجعية العميلة و الصهيونية في سبيل ان تنهار اول تجربة للاشتراكية في الاتحاد السوفياتي.

لكن بدون ادنى شك ان هذه التجربة الغنية  لبناء النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي قد فعلت الاسس للماركسية, وقد اثرت كثيراً في سلوك القوى المناضلة المؤمنة بذلك, وهي الاحزاب الشيوعية و العمالية و حركة الطبقة العاملة, و النقابية وسائر الشعوب المضطهدة.  ان اوهام الراسمالية قد اسقطتها التجربة  الاشتراكية في روسيا و للابد, وان التجربة الاشتراكية اصبحت من اغنى  التجارب  ولها تاثير خصوصا كلما تمر الراسمالية بأزمات ويطرح امام الشعوب المناضلة اليسارية البديل للنظام الراسمالي, وهي الاشتراكية, وها نحن اليوم نرى القوة في عودة حركة اليسار العالمي علي مستوى العالم وزيادة الدور للشيوعيين وحركة اليسار في اوروبا و العالم وقد اصبح اليسار العالمي اليوم يرفع الشعارات الشيوعية و الاشتراكية و الماركسية, ثم عاد رفع العلم الروسي المطرقة و المنجل و صور المناضل الاممي جيفارا للواجهة وان الماركسية أعيد لها الاعتبار ذلك بعد الازمة المالية للنظام الراسمالي في 2008 ,والتي من خلالها قد اصبحت الشعوب الاوروبية و الامريكية لا تثق بالأوهام، التي كانت تعتقد بأن النظام الرأسمالي هو من يوفر الرفاهية للشعوب ما عدا للطبقة البرجوازية الرأسمالية وحلفائها.
 
“ضرورة بناء الشخصية القوية في صفوف الماركسين المناضلين”
 
هنا نستطيع ان نجزم انه لا يمكن ان تتحقق الاحلام للماركسين او للطبقة العاملة و للطبقات و الشعوب  المضطهده و التي تريد  ان تنال حقوقها اذا لم تتخلص هذه القوى من عقلية الاتكالية و الانهزامية, و الاعتماد على قدراتها. ايضا لايمكن ان تتحقق اهداف الشعوب المناضلة في ليلة وضحاها خصوصا الشعوب العربية التي ترزح تحت حكم لانظمة و معظمها دكتاتورية تهيمن على كل القرارات وتريد من الشعوب العربية ان تكون مطيعة والا سوف تواجه بالنار و الحديد.

وعليه ان الاحزاب الشيوعية و الماركسية العربية بحاجة ماسة ان تربي لها اجيال من المناضلين الماركسين الذين  يتمتعون بشخصية قوية تتحلى بالوعي الحقيقي, و الادراك فائق النظير و العزم الشديد لاسباب عديدة, و من الاهم هو ان هذه الكوادر اليسارية تصبح لديها المعرفة في المحافظة على كيان الحزب, ولديها الامكانيات لتضحي في سبيل ان يبقي الحزب شامخا.  ايضا من المهام الضرورية العمل باصرار لبناء قواعد الحزب مع التوسع  في الانشطة الاجتماعية, و الجماهيرية, في صفوف كل الكادحين لاسيما العمال و فقراء الشعب و ان يتغلغل الحزب في صفوف النساء والشباب من خلال بناء الكوادر المثقفة الواعية و الموهوبة,   لان بروز مثل هذه الكوادر المناضلة الفاعلة  في صفوف الحزب اليساري هي التي من الممكن ان  تستطيع ان تنظم مسار الحزب من خلال  التربية الحزبية, و هنا حتما سوف تخرج الاحزاب اليسارية كوادر لها الشخصية القوية المؤثرة و الجاذبة للجماهير اينما كانت.

ايضا ان مثل هذه الكوادر الفاعلة المناضلة في صفوف الاحزاب اليسارية  بإمكانها ان تغير من  درجات الجهل في صفوف الجماهير خصوصا في الوطن العربي,  وان تعطي الامل للجماهير في امكانياتهم  بأن يغيروا الواقع المر لواقع احلى, وعليه ان الكادر الماركسي المحنك المثقف بعلوم الماركسية اللينينية هو  الذي يمتلك الحجة و يتغلب على الاخرين في طرق الاقناع و استغلال التناقضات بين الناس او الخصوم لاثبات مواقفه, و هو من سوف يغير سلوك الناس بالجدل العلمي, و المواقف المتوازنه و  بالخطاب الديمقراطي, وسعة الصدر،و تقبل  الاخرين بعيدا عن الانفعالات الحادة التي تفسد الود.
 
“نضال الشيوعيين في العالم بلاحدود”

هنا يجب ان نكون  في جانب من الاطمئنان لكل الافراد والجماعات من المناضلين الماركسين, و لابد ان نرجع لتاريخنا النظري و تاريخنا النضالي من خلال معرفة تاريخ الحركة الشيوعية و العمالية  العالمية, وان نرجع لتاريخ صدور البيان الشيوعي الذي اسس لقيادة و توجه الحركات و الاحزاب الماركسية و العمالية  الاممية على مستوى العالم, و منذ تلك الحقبة لهذا التاريخ وكيف تفجرت الثورات الاشتراكية في العالم, ولو ان هناك فوارق في نوعية هذه الانظمة و في المقدمة ثورة اكتوبر العظمى, ولو انهار الاتحاد السوفياتي الا انها لاتزال قائمة وايضا  في كوبا وفيتنام و الصين وكوريا الشمالية, وهناك بلدان تسير على الخط اليساري مثل فنزويلا وغيرها, و ذلك تحركات القوى اليسارية في اوروبا وفي المقدمة اليونان وفي شهر اكتوبر 2015, قد تحققت الانتصارات للشيوعيين في النيبال في حسم رئاسة مجلس الوزراء للشيوعي خادغا برساد,  ورئاسة النيبال للشيوعية ديفي بهاندري, وهما من الحزب الشيوعي النيبالي الموحد الماركسي اللينيني, و مثل هذا الانتصار للشيوعيين في النيبال  يعطي الامل للماركسين و الشيوعين العرب ان يناضلوا في صفوف الجماهير لتحقيق المكاسب التي لا يمكن ان تتحقق الا بتنويع طرق النضال في صفوف الجماهير المتعطشة للتغيير, من الراسمالية الى الاشتراكية, وهذا يعطينا الحق ان ننتقد كل ماركسي  يجلس في القاعات وفي الصفوف الامامية لينظر وهو بعيد كل البعد عن ساحات النضال, ثم ان كل المناضلين يتفقون جيدا على  ان الماركسية هي فكر ثوري ظهر ليس لتفسير حياة الشعوب المضطهدة, بل من اجل تغيير العالم وتحرير الشعوب من الاضطهاد.

وهنا هذه الكلمات المأثورة للمناضل الاممي و الماركسي الصلب الشهيد تيشئ جيفارا :” ايها الساجدون على عتبات الجوع, ثوروا فان الخبز لا يأتي بالركوع”.
 
 
جواد المرخي