المنشور

يوميات عبدالله العروي



شغفتني
يوميات المفكر عبدالله العروي التي صدرت في عدة مجلدات موسومة ب «خواطر
الصباح». وكان الصديق نور الدين صدوق، الناقد المغربي، حرضني على قراءتها
في أخر لقاء لنا في الرباط منذ شهور، حين حدثته عن أنني دونت يوميات
استغرقت أسابيع في العام 2011، وأنني بصدد التفكير في نشرها، فاستحسن
الفكرة، وقال لي: عليك بقراءة يوميات العروي، فستستفيد منها كثيراً. 


للأسف الشديد لم أتوافر إلا على مجلد واحد من هذه اليوميات، لكنه كاف
لتكوين فكرة عن المنهج المشوق الذي اختطه الرجل في تدوينها، فهو لا يكتفي
بتدوين تفاصيل يومه فحسب، بل لعله لا يفعل ذلك دائماً، وإنما يتناول قضايا
مهمة من واقع قراءاته للصحف، أو متابعته للأخبار أو من مشاركته في ندوات
ومؤتمرات داخل المغرب وخارجها، أو تلقيه رسائل من أصدقائه أو دعوات لأنشطة
ثقافية خارجية.


لاحظت أن المغرب كبلد ينطوي على مقادير كبيرة من التنوع
في تضاريسه الطبيعية وفي أنوائه الجوية ما ينعكس تنوعاً على طبيعة الحياة
بين مدينة وأخرى، وفرت للعروي فسحة للمقارنة بين مكان وآخر حين يحل على
مدينة ما تلبية لدعوة أتته، لنشاط يقام فيها، ومن ذلك مثلاً ما ذكره عن
تطوان التي رأى أن الجو فيها مازال إسبانياً، استقبالاً وخدمة، وكذلك في
طعم الخبز وتهيئة القهوة.


العروي إذ يبدأ بهذه الملاحظة، سرعان ما ينتقل
إلى المؤتمر الذي أتاه، فيتحفنا بملاحظات فكرية عميقة عما يراه حول موضوع
المؤتمر والمداولات فيه، فنخرج، كقراء، بحصيلة تجمع بين المتعة والمعرفة،
فلا نكون إزاء تفاصيل تتكرر في حياة أي منا، وإنما بصدد تأملات وأفكار
تثرينا وتحفزنا للمزيد من البحث.


تبدأ خواطر العروي في مجلدها الأول في
الثامن من يونيو/حزيران 1967، أي بعد شهر من هزيمة الجيوش العربية في ذلك
العام في الحرب مع «إسرائيل»، إذ يقول معلقاً : «بعد 19 سنة قضي الأمر
وضاعت فلسطين بكاملها، مؤقتاً في أحسن الاحتمالات، نجحت خطة العدو: حرب
قصيرة وسلام مفروض».


وتنتهي يوميات المجلد في العام 1973 في أعقاب حرب أكتوبر/تشرين الأول.


في 22 من ذلك الشهر كتب العروي: «تم الاتفاق بين روسيا وأمريكا على وقف إطلاق النار.


ستعم
الشعوب العربية الخيبة لأنها كانت تحلم بحرب طويلة»، من دون أن ينسى
الإشارة إلى أن الحكومات، على خلاف الشعوب، كانت سعيدة بالاتفاق.