المنشور

رؤية التيار الديمقراطي للعملية السياسية بعد الحـــرب


 



رؤية التيار الديمقراطي للعملية السياسية بعد الحـرب

  

 

 


 الحلقة السادسة
بقلم :  علي الحداد




1) الموقف من الاستبداد والحرب والاحتلال  :-

 رأت بعض القوى العراقية بان الحرب وسيلة  لاسقاط النظام بينما أرتأت قوى  عراقية أخرى  معارضة بأن التغيير يجب أن يكون من داخل العراق وعلى يد الشعب العراقي وكان الحزب الشيوعي العراقي قد  تبنى هذا الرأي، بينما بعض القوى المعارضة رأت بأن التغيير يتمثل بإزالة بعض الوجوه  الأساسيين ويبقى النظام كما هو عليه، وجاءت انتفاضة أذار مارس 1990 حيث كانت قوى التيار الديمقراطي بقواعدها ضمن المواجهات التي خاضتها ضد الدكتاتور ضمن قناعتها بأن التغيير يأتي من الداخل .


2) الموقف من العملية السياسية:-

كان موقف التيار الديمقراطي واضحاً في عملية التغيير السياسي حيث عول على اداة التغيير عبر الشعب العراقي ومن داخله ولما اجتمعت المعارضة في مؤتمر لندن المنعقد في المدة 13 – 15 /12/2002 لبحث سبل  تغيير النظام العراقي وما بعده.

ابدى التيار الديمقراطي معارضة في المشاركة لكون المؤتمر تبنى عملية التغيير عبر العامل الخارجي.والقوى التي قاطعت مؤتمر لندن تمثلت  بالحزب الشيوعي العراقي، والحركة الاشتراكية العربية والتجمع الوطني العراقي، وقوى وطنية أخرى منها  حزب الدعوة الاسلامية.

ووقعت الحرب و راح ضحيتها تحت الضربات الجوية باستخدام كل وسائل التكنولوجيا الحديثة مئات الالوف من العراقيين القتلى والجرحى ومئات الالوف من الذين  قضوا نحبهم نتيجة الامراض والمجاعة التي سببتها الحرب.

 التيار الديمقراطي وقف ضد الحرب واعتبرها سبب وطريق ليست طريق  ناجح لاصلاح الديمقراطية في العراق وان التغيير يجب ان يكون عبر وحدة القوى الوطنية والديمقراطية بجبهة معارضة واسعة تشمل جميع الاطراف، وتفعيل النضال المطلبي والجماهيري، والمطلبي الاحتجاجي ضد النظام الديكتاتوري، مع امكانية الدعم الخارجي للمعارضة العراقية، إلا أن  التيار الديمقراطي والملتفين حوله من الاحزاب لم يوفقوا بنجاح لموقفهم الداعم لعملية التغيير من الداخل، اذ  توصلت الادارة الامريكية بادارة العراق في شباط 2003 بعد الحرب، وتسليم السلطة الى حكومة عراقية موالية حيث نصب السفير الامريكي بريمر نفسه حاكماً على العراق.


3) مؤتمر وطني بدلاً من الاحتلال:-

بعد إندلاع الحرب ضد العراق نشأ واقع جديد لابد من التعامل معه ولكن بحذر حيث طرح التيار الديمفراطي إنعقاد مؤتمر وطني يضم كل قوى المعارضة ونشأت من خلاله حكومة وطنية تدير شؤون البلاد وتوفر أجواء إنتخابات لإختيار  ممثلي  الشعب وإجراء إنتخاب جمعية تأسيسية لصياغة دستور البلاد ، إلا أن بعض القوى ومن ضمنها المؤتمر الوطني العراقي برئاسة جلبي الذي راى تشكيل حكومة مؤقته ، قبل الحرب ، وآخرون كالقوى الكردستانية أرادوا تشكيل حكومة بعد الحرب مباشرة، أما الوفاق الوطني العراقي ألتزم الصمت حول هذه القضية ، وفي آذار 2004 صدر قانون لإدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية الذي سنته سلطات الإحتلال وأستمر العمل به حتى الإستفتاء عام 2005 ، وخلال السنتين تم إصدار الدستور الذي كان على ضوئه تم تشكيل حكومة وطنية دائمة .


4) الهوية الوطنية بدلا من الهوية الفرعية :

قام الوضع السياسي في العراق على أساس التقسيم الطائفي ، فكثير من التيارات السياسية توقعت حدوث إنقسام طائفي كبير في المجتمع العراقي تكون عواقبه سلبية على الشعب العراقي ، إلا أن وجهة نظر التيارالديمقراطي  العراقي كان يهتم بالدفع بإعتماد الهوية الوطنية كشرط أساسي لبناء النظام السياسي وحين تفرض على مواطني الدولة حمل هويتها الوطنية بغض النظر عن إنتمائاتهم الطائفية والقبلية والعشائرية والقومية ستكون أجود صمامات الأمان للتقسيم الطائفي .


5) النظام الفيدرالي واللامركزي :

رؤية التيار الديمقراطي في بناء العراق على أساس الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والنظام الفيدرالي والحكم اللامركزي لعراق موحد ، وقيام فيدرالية لكردستان ضمن الخصوصية القومية الكردية وضمن مركزية للدولة العراقية الموحدة ، أي بتفصيل آخر دولة مركزية تعطي الأقاليم والمحافظات حق الجانب الإداري وأن لا يكون مركزيأ .

وقف التيار الديمقراطي ضد الرأي القائل بأن الفيدرالية تحول دون قيام الدولة القوية،  أو أنها تتحقق على حساب الدولة الوطنية وهذا ما دحرته التجارب العالمية مثل ألمانيا الإتحادية ، الولايات المتحدة ، جنوب أفريقيا ، الهند (كيرلا) .


6) الديمقراطية على قاعدة العدالة الإجتماعية :

تبنى التيار الديمقراطي الديمقراطية من منطلق العدالة الإجتماعية أي ما معناه الإيمان بالديمقراطية فكرا وتطبيقا ببعدها السياسي والإجتماعي،  أي الإيمان المطلق بالتداول السلمي للسلطة وفصل السلطات الثلاث وحرية الأحزاب والأعلام والوقوف  بجانب حقوق الإنسان كقضية وطنية إنسانية، بما فيها قانون الضمان الإجتماعي ،وقانون العمل، ومساواة المرأة، وتمكينها والموقف العادل من القوميات بما فيها قضية الأكراد .


7)  الموقف من الوظيفة العامة :

رؤية التيار الديمقراطي حول الوظيفة العامة لا بد أن تكون متاحة للجميع بقض النظر عن الإنتماء القومي والطائفي والمذهبي والعشائري أي لكل مواطن حق في الوظيفة وأن المعايير تستند إلى الخبرة والكفاءة والنزاهة، والمواطن الذي يقدم وثائقه وشهاداته ستكون معيارا أساسيا لإختيار أفضل المتقدمين كفاءة .
وبناء الدولة المدنية الديمقراطية تتطلب أن تكون الوظيفة العامة مبنية على أساس الهوية الوطنية والكفاءة والنزاهة وهي شروط أساسية لتثبيت هذا المبدأ لعموم المواطنين  .

 8) تلازم المهمتان الوطنية والديمقراطية :

تمسك التيار الديمقراطي بمهمتين متلازمتين ، وهما المهمة الوطنية والمهمة الديمقراطية وكلا المهمتان مرتبطتان ببعضهما البعض ، فتركز المهمة الوطنية على سيادة العراق ، وإنهاء الوجود العسكري الذي أستمد قوته من قرار مجلس الأمن رقم 1546 الصادر في 7 حزيران 2004 ، ومضمونها تأمين السلام والإستقرار للشعب العراقي و  مساعدة الحكومة العراقية المؤقتة  وتأمين الأجواء بعدها للحكومة المنتخبة . أما المهمة الديمقراطية تستند على مبدأ العدالة الإجتماعية ، وضمان حقوق الإنسان والإيمان بالتعددية والتداول السلمي للسلطة على أساس إعطاء حرية للأحزاب وإنهاء ديكتاتورية الحزب الواحد .


9) أزمة نظام الحكم :

إن النظام السيا سي العراقي قام  على أساس النهج الطائفي والعشائري والقبلي وإعتماد نظام المحاصصة الطائفية وتغييب الهوية الوطنية وساهم في إضعاف الإحساس بالإنتماء الوطني للدولة وأعتمد البديل المتخلف وهو الإنتماء للجماعات والفبائل والعشائر مما أنعكس في ضعف أداء السلطة التنفيذية والبرلمانية والقضائية، ووقف ضد استقلال السلطات الثلاث.

فالتيار الديمقراطي وقف ضد المحاصصة الطائفية ووقف مع المشروع الوطني الديمقراطي ، الذي يعزز العدالة الإجتماعية وإعتماد المؤسسات الدستورية والقانون ومبدأ الكفاءة والنزاهة،  وطالب باستقلال السلطات الثلاث.
فالتيار الديمقراطي يعمل في داخل العراق وخارجه كي يبرز ككيان سياسي فاعل.