المنشور

«خطاب الكراهية» ينشر وباء «الوحشية»

استذكرت راوندا أمس (الاثنين 7 أبريل/ نيسان 2014) ذكرى مرور عشرين
عاماً على الإبادة الجماعية والتي بدأت من خلال «خطاب الكراهية» الذي تبنته
جهة حكومية في تلك البلاد، وبسبب ذلك قُتل أكثر من 800 ألف إنسان خلال 100
يوم من الذبح المتواصل. تلك الفاجعة هزت العالم، واستذكارها اليوم يهمنا
لأننا نمر في منطقتنا بحرب طائفية يغذيها خطاب الكراهية الذي تتبناه جهات
حكومية وأخرى أهلية.

الصراع السياسي يجري في بلداننا على أساس طائفي
وقبلي وعرقي ومناطقي، ولم يعد هناك من يتحدث عن الوطن، اللهم إلا ضمن
عبارات ملغومة تهدف إلى اتهام أهل البلد الذين ينتمون إلى فئة غير مرغوبة
بأنهم مرتبطون بجهات أو دول أجنبية، وذلك من أجل تبرير سياسات وإجراءات
وخطاب الكراهية التي أصبحت نهجاً معتمداً من دون خجل.

الإبادة
الجماعية في راوندا بدأت بعد إسقاط طائرة تقل رئيس البلاد آنذاك والذي كان
ينتمي إلى قبيلة «الهوتو»، وعلى الفور أقيمت حواجز على الطريق، وبدأ
الانتقام من المنتمين إلى قبيلة «التوتسي»، واستُخدمت الإذاعة الرسمية
لتوجيه عمليات القتل والانتقام، ولذا فقد أحرقت الكنائس بمن فيها من
المصلين، وهوجمت المنازل، واستُخدمت البنادق والقنابل اليدوية والسواطير من
دون رحمة لقتل الأطفال الرضّع والنساء والرجال والكهول، وفي غفلة عالمية
تمكنت القسوة المروّعة لبعض بني البشر من ارتكاب أبشع المذابح.

وباء
الوحشية الذي أدهش العالم قبل عشرين عاماً ينتشر في بلداننا، ونحن نرى ما
يحدث في مناطق ليست بعيدة عنا من قتل على أساس الهوية الطائفية، ونرى كيف
أن «خطاب الكراهية» انتشر في البحرين بشكل أصبح يمثل حالة طبيعية بالنسبة
إلى البعض. ولقد نبّه المشاركون في ندوة «الوسط» حول خطاب الكراهية التي
نُشر نصها يوم الأحد الماضي، أن «خطاب الكراهية لم يأت في يوم وليلة، بل
كان نتاج فترة طويلة، وأن هناك توظيفاً للكراهية من قبل قوى سياسية
ودينية».

إن انتشار وباء «الوحشية» في التعامل بين الإنسان وأخيه
الإنسان يمثل التهديد الأكبر للأمن الداخلي والإقليمي والعالمي، وهو وباء
يحتاج إلى معالجة سياسية وحضارية تبتعد عن استعراض العضلات على الناس،
وتبديد الثروات على التحالفات والاتفاقيات والقبضات الأمنية والعسكرية.

منصور الجمري