المنشور

انسحاب القوى المعارضة من الحوار… تحصيل الحاصل

ما يمكن تأكيده هو أن فشل هذا الحوار كان محتماً، فجميع المعطيات
والتحليلات كانت تشير إلى أنه كان يعيش كل هذا الوقت اعتماداً على أجهزة
الإنعاش الظرفية، ومتى ما قرر أي طرف من الأطراف فصل هذه الأجهزة عن جسد
الحوار الميت إكلينيكياً فإن مصيره لن يتعدى حفرة صغيرة في ضمير المجتمع.

فجميع
الأطراف بما فيها الأطراف غير المستحقة أساساً الحصول ولو على مقعد واحد
على الطاولة، كانت مدفوعة دفعاً وبغير قناعة للمشاركة، فلا الحكومة كانت
ستدعو للحوار لولا الضغوط الخارجية وتعهداتها أمام المجتمع الدولي بإجراء
إصلاحات حقيقية، ولا القوى المعارضة التي كانت تعرف تماماً موقف جماهيرها
والسخط العام الذي يطغى على الشارع كانت سترضى بالدخول في مثل هذا الحوار
لولا الخوف من اتهامها بأنها ضد الحلول السلمية، ولا جمعيات ائتلاف الفاتح
كانت لتشارك وهي التي كانت تطالب باستخدام الأسلوب الأمني لوقف الاحتجاجات
لولا طاعتها لأوامر عليا لم تتح لها المجال غير قول «السمع والطاعة»، أما
ما بقي من أطراف فإنما هي تشارك بحكم وظيفتها وليس من خلال قناعتها.

الخطوة
التي اتخذتها القوى المعارضة بتعليق مشاركتها والتلويح بالانسحاب الكامل،
لم تكن خطوة غير متوقعة، وخصوصاً أن هذا الحوار لم تسبقه خطوات جادة لتهيئة
الأجواء في البلاد بما يوحي بأن هناك نية صادقة لحل الأزمة.

القوى
المعارضة أرجعت سبب تعليق المشاركة إلى «زيادة جرعة الانتهاكات المتصاعدة
منذ انطلاقة الحوار الوطني في 10 فبراير/ شباط 2013، حيث تم رصد مداهمة
1912 منزلاً، واعتقال 1392 مواطناً بينهم 92 طفلاً و13 امرأة، وإصابة 411
مواطناً بسلاح أجهزة الأمن وصدور مراسيم مقيدة للحريات العامة وللعمل
السياسي، وتعرض 93 مواطناً للتعذيب داخل وخارج السجون واستشهاد خمسة
مواطنين، وتبرئة 11 شخصاً من المتورطين في قضايا التعذيب للمعتقلين والذين
استشهد منهم خمسة في زنازينهم، ومن هؤلاء بعض المتهمين بقتل علي المؤمن
وعيسى عبدالحسن وزكريا العشيري وحسام الحداد وعلي نعمة».

كان من
المؤكد تماماً أن أي حل يمكن التوصل إليه لا يمكن أن يتخذ من خلال طاولة
الحوار وإنما من خلال، إما مبادرة حكومية تعطي القليل من أجل تهدئة الشارع
وأما من خلال اتفاقات سرية تجرى من تحت الطاولة بين من بيدهم القرار.

لا
يمكن القول إن القوى المعارضة يمكن أن تفقد شيئاً جراء إعلانها تجميد
مشاركتها في الحوار أو حتى انسحابها منه، بل على العكس، إذ ربما تكسب تعاطف
الشارع البحريني والمنظمات الحقوقية الدولية وحتى المزيد من الدول التي
كانت مترددة في السابق من إعلان موقفها بكل صراحة ضد الإجراءات المضيقة على
حقوق الإنسان في البحرين.

المضحك في كل هذا الأمر هو إعلان إدارة الحوار، الاستمرار في جلسات الحوار دمن ون مشاركة القوى المعارضة، فمن سيحاور من؟