المنشور

نص ورقة د.حسن مدن في الحلقة النقاشية حول افكار ومواقف المناضل عبدالرحمن النعيمي



1


نشكر الأخوة في جمعية “وعد” على تنظيمهم لهذه الندوة الاحيائية لذكرى
الفقيد عبدالرحمن النعيمي، القائد الوطني والتقدمي البارز، وفي هذه الندوة،
وأي نشاط نظير لها، تكريم لجهود قادة ورموز العمل الوطني في بلادنا،
وتسليط للضوء على دور هؤلاء، والتنظيمات التي كانوا في قيادتها، والتيارات
السياسية والفكرية التي يمثلونها، في صنع التاريخ الوطني، والسياسي عامة،
للبحرين منذ منتصف القرن العشرين على الأقل.
هذا التاريخ المعرض
للنسيان والمحو، مع غياب جهد جماعي أو مؤسسي جدي من داخل القوى الوطنية
ذاتها، ومع رحيل العديد من قادة هذه الحركة ومؤسسيها دون أن يتركوا مذكرات
مكتوبة يمكن العودة إليها، وعزوف ممن لايزالون أحياء، أمدّ الله في
أعمارهم، عن القيام بهذه المهمة إلا فيما ندر من حالات، وحين نعود لذكرى
عبدالرحمن النعيمي وسواه من قادة ومناضلي وكوادر الحركة الوطنية البحرينية،
فلا نرمي فقط لتسليط الضوء على سيرتهم ومواقفهم ومآثرهم، وإنما أيضاً،
وربما اساساً، لغرض استخلاص الخبرة والدرس من هذا كله، للاستفادة منهما في
الظرف الذي نعيش.


2


تتعدد أوجه نشاط وفكر القائد الوطني
الراحل عبدالرحمن النعيمي طوال مسيرته الكفاحية التي امتدت عقوداً، وقد
آثرت أن أعرض في هذه الورقة جانباً من تناول النعيمي لواحدة، او إثنتين، من
القضايا وثيقة الصلة بالراهن في وضعنا البحريني، أعني بها قضية الإصلاح
وارتباطها بالوحدة الوطنية، وربما جاز لي أن أعكس الأمر فأقول قضية الوحدة
الوطنية وعلاقتها بالإصلاح السياسي، فلا مستقبل لأي من هاتين القضيتين في
هذا الوطن معزولة عن الثانية. والقضيتان شكلتا محوراً من اهتمامات الراحل
من موقعه كقائد لتنظيم وطني، يضمُ في صفوفه مناضلين من مختلف مكونات الشعب
البحريني، وكانت فكرة الوحدة الوطنية للشعب أحد مرتكزات نشاطه، كما هو
الحال في التنظيمات الوطنية الأخرى التي تشكلت منذ خمسينيات القرن الماضي،
واستمرَّ مناضلوها في رفع راية النضال الوطني حتى اليوم.
لو أن
عبدالرحمن النعيمي ما زال بيننا اليوم، وشهد ما آلت اليه التطورات الخطرة
التي بلغتها البلاد جراء الأزمة السياسية المتفاقمة، لربما كان قد قال: هذا
ما حذَّرنا منه، أو هذا ما نبهنا إليه من البداية، ولو أن الجميع أخذ في
الحسبان التعقيدات المحيطة بتطور العملية السياسية في البحرين، خاصة لجهة
حاجة البحرين إلى إصلاحات دائمة ومستمرة وفق منظور استراتيجي، وليس مجرد
عمليات تجميلية محدودة، لأمكن للبحرين أن تخطو خطوات مهمة نحو المستقبل،
وأن تتجاوز الوقوع في الأزمة التي نحن فيها اليوم، أو على الأقل تفادي
الكثير من أعراضها الحادة.


سأستند في هذه المطالعة على بعض
المقالات الواردة في كتاب عبدالرحمن النعيمي: “الديمقراطية المجوفة”، والذي
يحتوي على كتابات الراحل بعد عودته من المنفى عام 2001، مرحلة ما بعد
الميثاق الوطني وما شهدته من ديناميات وسجالات سياسية، ساهم فيها النعيمي
بنشاط، من خلال دوره الميداني في قيادة جمعية العمل الوطني الديمقراطي، ومن
خلال كتاباته في الصحافة المحلية، أو في الصحافة الحزبية.


3


فتحت عنوان: “تعزيز الثقة والوحدة الوطنية المتينة هما أساس المشروع
الإصلاحي الكبير”، كتب عبدالرحمن النعيمي يقول: “ميزة الأنظمة الديمقراطية
أنها تنظم الصراع السياسي والطبقي – الاجتماعي في المجتمع: تجعله علنياً،
يمارس من خلال مؤسسات حسب قواعد متفق عليها بين كافة قوى المجتمع، عبر
الأحزاب السياسية أو النقابات والاتحادات المهنية أو النسائية أو الطلابية
أو الشبابية أو سواها من المنظمات غير الحكومية التي برزت بقوة في العقد
الأخير في العديد من بلدان العالم ضد العولمة وضد تدمير البيئة وضد الفساد
الإداري. ولا ترى القوى المعارضة السياسية أو المجتمعية حاجة إلى العمل
السري التآمري للتعبير عن مطالبها، فقد توفرت لديها الإمكانيات العلنية
للتعبير عن الرأي، وهي تريد التأثير ليس فقط على قطاعات واسعة من الناس،
وإنما أيضاً على صانعي القرار في ذلك البلد”. 
ويضيف النعيمي: “كما أن
النظام السياسي لديه الآلية للمراقبة المستمرة والدقيقة للتوترات السياسية
والاجتماعية، ويتيح لها مجال التعبير، ويترك الحرية للجميع أن يتبارون بحيث
تعيد القوى المتصارعة ترتيب أوضاع المجتمع حسب قدرة وإمكانية ومتانة
الموقف السياسي أو الاقتصادي لهذه القوى، وبالتالي إعادة التوازن في
المجتمع على ضوء التوافق الجديد، مما يدفع المجتمع إلى الأمام، ويحقق
المزيد من التلاحم والأمن والاستقرار بين فئاته الاجتماعية”.
ومن هذا
يخلص النعيمي إلى القول: “نحن نطمح، كقوى سياسية في البحرين، أن نحقق مثل
هذه الآلية التي تتعدل فيها وضعية المجتمع مع كل إشكالية يواجهها، وبالتالي
نكون مطمئنين على سلامة مستقبل أوضاعنا السياسية، بحيث لا نصادر حقوقنا
بالتخويف من إمكانية عودة القمع والإرهاب وقانون أمن الدولة وما شابهه من
إرهاب معنوي للقوى السياسية أو المجتمعية المتصارعة”.
“ولذلك، يواصل
النعيمي استنتاجه، كانت القوى السياسية منذ بداية الانفتاح السياسي مصرة
على العلنية والشفافية في عملها، لأنها حريصة على إقامة أوثق العلاقات مع
الناس من جهة، وعلى طمأنة السلطة وأجهزة أمنها من جهة ثانية، وحريصة على
فتح صفحة جديدة في العلاقات بينها وبين الحكم. ومن جانبنا فإننا نرى بأن
المستقبل برمته للعملية الإصلاحية، وأن الاستمرار في الأساليب القديمة من
قبل السلطة أو من قبل قوى المجتمع مضر وضار، للسلطة والمجتمع، وسيعطل
ويعرقل مسيرة التوافق المطلوب بين السلطة وقواها والمجتمع وقواه”.
القضية المركزية التي أستند عليها المشروع الإصلاحي هي إعادة الثقة بين
الشعب والحكم، عبر التأكيد على مساواة المواطنين ـ بغض النظر عن اصولهم
وطوائفهم وأعراقهم أمام القانون. وتستمد هذه الثقة قوتها من الإيمان بضرورة
وأهمية الوحدة الوطنية وتعزيز الولاء للوطن لدى جميع المواطنين بحيث
يشعرون بأن ولاءهم للوطن يعني أمنهم واستقرارهم والطمأنينة والتقدم وتحقيق
المزيد من المكاسب لهم ولمجموع الشعب وللوطن والحكم على حد سواء…
فالنجاحات والانجازات الكبيرة في أي مجتمع من المجتمعات لاتتحقق فقط لمن
قام بها، أو تسبب في القيام بها، سواء كان حزباً سياسياً أو طائفة أو طبقة
اجتماعية معينة، وإنما تتحقق لمجموع السكان، ولمجموع العملية السياسية
والاقتصادية والاجتماعية، وتخلق إزدهاراً يعم جميع المواطنين”.


كان النعيمي لحظتها يقف في نقطة تتراوح بين القلق والأمل: فهو يقول
مُحذراً: “إذا اهتزت الوحدة الوطنية.. اهتز المشروع الاصلاحي برمته. واذا
اهتزت الثقة بين الشعب والحكم اهتز المشروع الاصلاحي برمته.. ودبت الشكوك
في مصداقيته.. ووجد من يشكك بأن المشروع الإصلاحي تكتيك للخروج من الأزمة
السابقة، وليس استراتيجية للحكم يرسي قواعد الإستقرار والأمن الحقيقي بحيث
لا يمكن العودة إلى الوراء، بل لا يمكن التفكير بالأجواء الإرهابية
والمضطربة السابقة.. ولا يمكن لأحد أن يتباهى على الآخرين بأن الحكم قد
أخرج السجناء وسمح للمبعدين بالعودة وأطلق راية الحرية… فقد كانت
السياسات خاطئة… وتم تعديل هذه السياسات بالاتجاه الصحيح وليس بالاتجاه
المعاكس”.
وهو يجنح إلى الأمل والتفاؤل، تارة، حين يقول: “المكاسب التي
تحققت ليست مكاسب لطائفة معينة.. وليست موجهة ضد طائفة معينة، وأن اللعبة
الطائفية التي سقاها الاستعمار البريطاني قد إنتهت مع إحالة أبرز رموز تلك
المرحلة إلى التقاعد… وبالتالي .. كانت دعوة كل المصلحين إلى رص الصفوف
والتلاحم ونبذ الطائفية وإقامة اوثق العلاقات بين رموز الطائفتين
الإسلاميتين من شخصيات وجمعيات سياسية ومجتمعية… ويجب التصدي لكل دعاة
الطائفية وأصحاب الفرقة الناجية .. والتأكيد بأن الوطن للجميع وعلينا أن
نعزز الثقة بين بعضنا البعض، وبين قوى المجتمع والحكم”.
ولكن هذا
الأمل، أو التفاؤل، مربوط بشروطه: “لذلك، يقول النعيمي، كانت ملاحظاتنا
الأساسية الأولى على قضية التمييز الطائفي… وضرورة التمسك بمبدأ المساواة
بين جميع المواطنين… عبر فتح كل أبواب التوظيف في كافة الوزارات لجميع
المواطنين على اساس الانتماء للوطن.. وعلى أساس الكفاءة.. وليس على أساس
الطائفة أو القبيلة أو العلاقات الأسرية والصداقات الشخصية.. وطالبنا
بإصدار قانون يجرم التمييز الطائفي.. ويقدم للمحاكمة كل من يثير الفرقة
والفتنة الطائفية …


4


وفي مقال آخر للنعيمي بعنوان
“الانتخابات النيابية والذكرى الثامنة والأربعون لهيئة الاتحاد الوطني وهو
مقال يرتدي أهميته كونه كتب من وحي الاحتفال الذي أقامته الجمعيات
السياسية، يومها، لإحياء ذكرى الاتحاد الوطني، ساعياً لأن يستخلص من هذه
التجربة الوطنية المهمة في تاريخنا مايراه ضرورياً من دروس للراهن، لذا
يبدأ بملاحظة أنه “في عهد الحماية البريطانية، وحيث كانت الإدارة الحقيقية
بيد المستشار البريطاني تشارلز بلكريف، والمعتمد السياسي والمقيم السياسي،
وحيث أن طبيعة المستعمر معادية للشعب من جهة، فقد كانت الرؤية لأية حركة
وطنية اصلاحية، محددة، لا يرى المستعمر فيها إلا واجهة للقوى التي تريد
إخراجه من البلاد، وهو محق في ذاك، خاصة بعد ازدياد الوعي التحرري، وانتشار
الافكار المعادية للاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية، وتصاعدها في
الوطن العربي بعد الجريمة التي ارتكبتها بريطانيا في فلسطين بإنشاء كيان
استيطاني للصهاينة في الارض المقدسة، وما تلاها من ثورات عربية تحررية
تصدرها ثورة 23 يوليو”.
“وفي العهد الأول للاستقلال، يواصل النعيمي،
وحيث بقيت رموز كثيرة من العهد السابق، في أجهزة الأمن والكثير من
الوزارات، فقد استمرت النظرة إلى الحركة السياسية على أنها معادية للحكم،
ولذلك لم يتم التوافق معها، سواء بالاعتراف بوجود هذه الأحزاب أو القوى
السياسية، أو اتباع سياسة حكيمة ترتكز على الإيمان بالديمقراطية وتعدد
الآراء وتصادمها وتضاربها، كمكونات لابد منها للعملية الديمقراطية، إلا أن
الحكمة والايمان بالديمقراطية تتطلب ادارة الصراع بشكل صحيح، بحيث تثري
العمل الوطني والتجربة الديمقراطية .. وحيث حمل الحكم تركة المرحلة
السابقة، فقد استمر على النهج القديم، ولذلك استنزف الصراع الكثير من
الإمكانيات والقدرات في هذه المواجهة .. ويمكننا أن نشير فقط إلى الأعباء
التي تحملتها البلاد في الشأن الامني فقط، دون الاشارة إلى تعمق عدم الثقة
بين قطاعات واسعة من الشعب والحكم وصلت في التسعينات من القرن المنصرم إلى
صدامات واضطرابات واسعة ذهب ضحيتها الكثير من الشهداء والمعتقلين
والمبعدين.. والخسائر المادية والمعنوية الكثيرة.. إضافة إلى تدهور سمعة
البلاد على صعيد انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة”.
من هنا بدا
ضروريا للنعيمي، يومها، أن يدعو الدولة للتقدم تقدم “بالمبادرات لحل مسألة
عدم الثقة وإقامة جسور بينها وبين القوى السياسية.. وهنا تكمن قيمة
الإصلاحات السياسية التي قام بها الملك.. وهناك تكمن قيمة المواقف
الإيجابية للقوى السياسية التي تجاوبت بسرعة مع هذه المبادرات، وعبرت عن
استعدادها لمغادرة مواقعها وبرامجها القديمة واتباع أساليب جديدة وبرامج
جديدة وتشكيلات جديدة للتأكيد بأنها ستتقدم خطوتين إلى الأمام كلما تقدم
الحكم خطوة إلى الأمام.. ولم تكن العملية سهلة على الطرفين.. وخاصة الجهاز
التنفيذي الذي تعود سنوات وعقود على سياسة فرض الأوامر، ورضع من حليب
السياسة البريطانية وواصل الاعتماد على العناصر الأجنبية، سواء في أجهزة
الأمن أو في العديد من الوزارات أو في الذهنية السائدة بأن الأجنبي
باستمرار أفضل من المحلي، بالرغم من المديح الذي نسمعه في المناسبات من قبل
كبار المسؤولين بأن الإنسان البحريني ثروة لا تقدر بثمن”.
بالنسبة
للنعيمي لم تكن ذكرى هيئة الاتحاد الوطني “حكراً على جمعية معينة أو تجمع
سياسي معين وإنما هي ملك لشعب البحرين برمته.. بطائفتيه .. بكل طبقاته
الاجتماعية.. بكل أطيافه السياسية .. فقد عبرت الهيئة عن احتياجات شعب
البحرين وتطلعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. وقدمت الخطوط العامة
للبرنامج الوطني الاصلاحي المتوافق عليه .. وبات من واجبنا أن نسير على
ذات الطريق.. طريق الوحدة الوطنية ومحاربة النزعة الطائفية التمييزية بين
ابناء الشعب الواحد”.
ومن هنا رأيه بأن أهم درس لهيئة الاتحاد الوطني
كان “قضية الوحدة الوطنية، وضرورتها للوطن، في تلك الفترة وفي الوقت
الحاضر. في تلك الفترة، كانت الوحدة الوطنية ضرورية لمواجهة السياسة
البريطانية والافساد والدكتاتورية التي تمير بها المستشار البريطاني تشارلز
بلجريف. فبدون الوحدة لم يكن ممكناً خوض أية معارك، سواء عنيفة أو سلمية
ضد العدو الاجنبي، وشكلت هذه الوحدة منارة لكل العاملين في الحقل السياسي
طيلة الفترة التي أعقبت حل الهيئة من القوى الديمقراطية والقومية…
“وضرورية في الوقت الحاضر.. لأن سياسة الحكومة المعادية للحريات، وخاصة بعد
حل المجلس الوطني وتعليق أبرز مواد دستور 1973، سارت الأمور على قاعدة
الفعل ورد الفعل.. حتى وصلنا الى انقسام مجتمعي كبير.. خفف من خطورته الدور
الذي لعبه التيار الديمقراطي الذي وقف إلى جانب الانتفاضة الشعبية وتمثل
في لجنة العريضة الشعبية ولجنة التنسيق بين الجبهتين (يقصد الجبهة الشعبية
وجبهة التحرير)… ثم جاءت الخطوات الكبيرة لعاهل البلاد لتصب في مجرى
تعزيز الثقة والتلاحم الوطني الشامل وراء المشروع الاصلاحي الذي رسم ملامحه
ميثاق العمل الوطني… إلا أن لجنة تعديل الدستور والمستشارين قد دفعوا
الأمور إلى درجة خطيرة.. حيث فسروا المسائل بالاتجاه الذي هز الثقة الجديدة
بين الحكم والقوى السياسية.. حيث فصلوا دستوراً على مقاس الحكومة، لتجنيب
الحكم اللجوء إلى أبغض الحلال وهو الحل.. عبر إنقاص المجلس المنتخب
صلاحياته التشريعية والرقابية وإشراك مجلس الشورى معه.. بحيث يشكل صمام ضبط
لحركة النواب، ولم تنعكس هذه التعديلات على الحركة السياسية فقط، وإنما
على وضع المجتمع برمته، حيث يرى البعض بأنها فرصة للحصول على مكاسب طائفية
على حساب الطائفة الاخرى”. 


5
أخلص من هذا العرض السريع إلى
أن عبدالرحمن النعيمي الذي غيبه المرض ثم الموت عنا في ظرف تاريخي دقيق مرت
وتمر به البلاد، كان واعياً لاستحقاقات الاصلاح السياسي الحقيقي الذي
تحتاجه البلاد، والذي نذر هو نفسه حياته من أجله، شأنه في ذلك شأن رفاقه من
مناضلي حركتنا الوطنية والشعبية، وبرأيه أن الاصلاح السياسي أمر مستحق،
لا لطائفة بعينها ولا لفئة دون غيرها، فهو شأن وطني عام يعني المجتمع كله،
وهو سبيل التقدم والتنمية الجادة المستدامة وصون المال العام وحسن ادارة
ثروات البلد والتصرف فيها بأمانة ونزاهة كونها ملكية عامة للمجتمع وللأجيال
الحاضرة والقادمة، وبالتالي فان الوحدة الوطنية لكافة فئات الشعب شرط
ضروري لفرض هذا الاصلاح وحمايته، لأن القوى التي استمرأت الفساد لا يمكن أن
تقدم هذ الاصلاح على طبقٍ من ذهب، وهذه الوحدة الوطنية كانت سر حيوية
وديناميكية الحركة الوطنية في البحرين في مراحل مختلفة، من بينها مرحلة
هيئة الاتحاد الوطني والعقود اللاحقة لها بين الخمسينات حتى السبعينات على
الأقل، وحين انزلق المجتمع نحو الاحتقان الطائفي بفعل فاعل من القوى
المتربصة بالنضال المطلبي والديمقراطي، ومن الأخطاء التي شابت بعض
التحركات، فان هذا الهدف بات أبعد، وباتت كلفة تحقيقه أكثر فداحة، وباتت
مهمة استعادة وحدة النسيج الوطني مهمة تتطلب عملاً دؤوباً ومسؤولاً، لا
نشكُ، لحظةً في أن النعيمي، ومن هم على معدنه، من مناضلين رحلوا عنا، كانوا
سيكونون في مقدمة الصفوف من أجل بلوغ أهدافه.
حسن مدن