المنشور

إيران والتحديات الاقتصادية والاجتماعية!

في ظل الازمات المتتالية الصعبة التي يعاني منها الشعب الايراني جراء السياسة الداخلية غير الصحيحة القائمة على تردي الاوضاع السياسية التي تعود الى غياب الحريات والمساواة والتعددية في اجواء تتسم بمصادرة الحقوق الديمقراطية وتسلط المؤسسة الدينية المتشددة الداعمة لمصالح «البازار» التجارية والاقتصادية فانه من الطبيعي ان تتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتتدهور الحياة المعيشية والمادية لأغلب الناس ويسود الفقر والمرض والفساد ويزداد معدل التضخم ونسبة البطالة!.


وحول هذه المشكلات تستعرض نشرة «الموجز» الصادرة عن مركز الدراسات الايرانية العربية في عدد يوليو 2013 الى تلك التحديات التي تطلق عليها «الارث المشؤوم» وهي تعني بذلك التدهور الاقتصادي الذي تراكم طيلة ثماني سنوات اثناء فترة احمدي نجاد!.


وهنا تذكر بعض البيانات حول الاقتصاد الكلي في ايران. وتذكر ايضاً ان الرئيس روحاني عليه الاستجابة لحاجات الشعب الاقتصادية ويكبح جماح التضخم ويوفر له فرص العمل.


ومن تلك البيانات اولاً: لقد جاء في تقرير البنك الدولي لشهر مايو من هذا العام حول الأنفاق الاقتصادي للشرق الاوسط وآسيا الوسطي الذي يغطي 23 بلداً في الشرق الاوسط وشمال افريقيا بالاضافة الى باكستان وافغانستان نرى ان ايران بين كل هذه البلدان حظيت في عام 2012 بأقل معدل للنمو بعد السودان واعلى معدل للتضخم، ثانياً: لقد جاء في تقرير البنك الدولي لشهر يونيو ان ايران تحظى بمعدل تضخم اكثر من 40 في المئة شأنها شأن السودان! وثالثاً نشاهد في تقرير البنك المذكور ان نمو الناتج المحلي الإجمالي في ايران في عام 2011 بلغ 1.7 في المئة وفي عام 2012 تراجع الى ان يصل 1.9% ويتوقع البنك الدولي ان يصل معدل النمو لهذا العام الى 1.1 في المئة وفي عام 2014 وفقاً للمصدر ذاته لايتجاوز هذا المؤشر الـ 7 في المئة ان بلداً نامياً مثل ايران والذي هو بحاجه الى معدل نمو بنسبة 8% على اقل تقدير للقضاء على البطالة فإن مثل هذه المؤشرات ولسنوات عديده تُعد كارثه حقيقية له. ورابعاً يعاني سوق العمل في ايران من التوتر بسبب انخفاض معدل النمو وينتظره المزيد من التوتر وفقاً لتقيم المحلل الاقتصادي الدكتور مسعود نيلي فان اقتصاد ايران لم يخلق ايّ فرصة عمل على مدى السنوات الخمس الماضية! لقد دخل جزء كبير من الشباب الباحثين عن العمل وفي مراكز التعليم العالي ارتفع عدد طلبه الجامعات طيلة 20 سنة الماضية من 333 ألف طالب الى اربعة ملايين و300 ألف طالب اي 13 ضعفاً ويضيف ان هذه الموجه الكبيرة وفي ظل عدم خلق فرص العمل سوف يطالبون روحاني عما قريب بفرص عمل تتوافق ومؤهلاتهم الدراسية.


وحول بناء المستقبل تتحدث «الموجز» مخاطبة الرئيس الايراني الجديد: لقد تراجع صادرات النفط الايرانية بسبب العقوبات وعلي روحاني ان يثبت للشعب الايراني انه يمتلك الارادة اللازمة لمواجهة الصعوبات وخاصة الانخفاض الحاد في الايرادات الاجنبية والاثار السلبية المترتبة عليه ولاسيما تقلبات اسعار الصرف كل ذلك انهك الاقتصاد الايراني والى جانب هذه التوترات فان علاقات ايران التجارية والمالية والمصرفية مع الخارج تقع تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الساحقة ورداً على سؤال عما اذا كان هذا الدمار ناتج عن سوء الادارة ام عن العقوبات الاقتصادية يمكن القول انه نائج عن اوهام اولئك الذين لم يراعوا في قراراتهم المصالح الوطنية. والمهم الأن هو بناء المستقبل.


ولا يمكن بناء المستقبل دون التعرف على حقائق البلاد.


فعجله العقوبات التي انطلقت منذ سنوات واخذت تتسارع في السنتين الماضيتين لا يمكن ايقافها بسهولة وبالاضافه الى ذلك فمن الواضح ان الرئيس الجديد اذا كان يريد ان يحقق الثقة في علاقات ايران مع المجتمع الدولي سوف يواجه معارضة من قبل الاعداء في الداخل. ومن جانب آخر فان القيام باصلاحات من اجل الخروج بالاقتصاد الايراني من دوامته سوف يواجه بلاشك معارضة من قبل مؤسسات وشخصيات تستفيد من الوضع الحالي الى جانب كل هذه العقبات ينبغي ان نأخذ بعين الاعتبار الصعوبات في ادارة بلد يفتقر عملياً الى ميزانية جديرة وقد تم حل منظمة اعداد الميزانية بالاضافه الى الأرباك الحاصل في الايرادات والنفقات حيث اصبحت الامبراطوريات الاقتصادية الكبرى التي تتألف من العشرات من الوحدات الانتاجية والتجارية والمالية كل يضرب علي وتره ولا يخضع لأي رقابه او مساءلة ــ وبالتالي على روحاني ان يثبت للشعب انه يمتلك الارادة اللازمة لمواجهة هذه التحديات وعلى الشعب ان يمنحه الفرصة الكافيه اذا ما وثق بهذه الارادة.