المنشور

لماذا تمثيل الحكم في الحوار؟

بغض النظر عن أصل الحكم، إن ترقى من الشعب، أو جاءنا خبيراً.

أولاً
ليكن واضحاً مدلول الحكم وطرفه، وليكن واضحاً مدلول مفردة نظام الحكم،
ومفردة الدولة ومفردة الشعب، كما وردت في الدستور (1973 و2002 وآخرها
تعديلاته 2012) بالنص التالي:

المادة 1: «…، حكم مملكة البحرين
ملكي دستوري وراثي، وقد تم انتقاله من المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل
خليفة الى ابنه الأكبر الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد.».

«تنظم سائر أحكام التوارث بمرسوم ملكي خاص تكون له صفة دستورية، فلا يجوز تعديله إلا وفقاً لأحكام المادة 120 من الدستور.

نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور».

المادة
4: «العدل أساس الحكم…، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم
والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها
الدولة».

فالفقرة الأولى من المادة 1، شخصت الحكم بالوصف الملكي
الدستوري الوراثي، وشخصت طرفه في انتقاله من (الأمير، بحكم كونه أمير دولة
البحرين) الشيخ عيسى بن سلمان إلى ابنه الأكبر (الأمير، بحكم كونه أيضاً
أمير دولة البحرين) الشيخ حمد بن عيسى، وهو ذاته ملك البلاد من بعد الميثاق
في تحوّل دولة البحرين من إمارة الى مملكة.

وحكمت الفقرة الثانية،
أحكام توارث الحكم الملكي، بمرسوم ملكي خاص، (وهو وثيقة دستورية ليست واردة
في الدستور، فنصها قائم بذاته في نصها، ولها إشارة في الدستور، والقرار
فيها وفي صياغة أحكامها، حق خالص للملك الممثل للحكم ورئيسه كما ورد في
الفقرة الأولى، ومن بعد إكساب هذه الوثيقة الصفة الدستورية، ولكن بمعزل عن
نص الدستور أو هي إضافة إليه، أحال نص الدستور جواز تعديل هذه الوثيقة بناء
على نفس الآلية المتبعة لتعديل الدستور.

ثم تأتي المادة 4، في
جملتها الأولى، لتشترط العدل أساساً للحكم، بمعني أن هذا الطرف وهو الحكم،
يتوجب اتصافه بصفة العدل الأساسية، أو بمعنى محتمل آخر، أن الحكم متوجب
عليه في نظام حكمه، بلا إعفاء من ذلك، أن يحكم بالعدل بين الأطراف، وهذا
يتوجب نشاطه بالعمل بذلك، وليس أن يترك الأطراف تتقاتل، في إهمال لحقيقة
وصفه ودوره فيما بين الأطراف الأخرى، والمشروط بتوفير الحرية والمساواة
والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين،
كل ذلك باعتبارها دعامات للمجتمع، الموصوفة مكوناته بالمواطنين التي هي صفة
لكامل أفراد الشعب، دون تفرقة. لتنتهي المادة 4 بالإشارة إلى مكوّن من
مكوّنات المجتمع، وهو الدولة، ودورها في كفالة كل ما أورته المادة من أحكام
وشروط.

وللعلم، فإن لمفردة الدولة معنيين، الأول سياسي وهو الحكومة
أو القائمون على إدارة شئون الدولة، وفي معناها الاجتماعي المتضمن معناها
الجغرافي أيضاً، وهو الأرض وما يحيطها من مساحات مائية وما يطويها من
أجواء، وما ومن على سطحها وفي باطنها من بشر وثروات.

والفقرة الثالثة
من المادة 1، تقرّر نصاً، أن «نظام الحكم، (وفيها ورد نظام الحكم وليس
الحكم، وهناك فارق مهم بينهما)، في مملكة البحرين ديمقراطي السيادة فيه
للشعب مصدر السلطات جميعاً…»، وهنا واضح أن الحكم أو الحاكم هو طرف غيره
الشعب، وغيره الأطراف الأخرى التي تنبثق من الشعب في السلطات من السلطة
التنفيذية (الحكومة) والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، وهو غيرها
التوليفات الأخرى المنبثقة بدورها من الشعب، في الجمعيات السياسية ومؤسسات
المجتمع المدني، الممثلة لأطياف شعبية مختلفة الفكر والرؤى، وهو أي الحكم،
غيره الطوائف الشعبية العقيدية، في الأديان والمذاهب. ما يجعله، أي الحكم
أو الحاكم، بغض النظر عن اقترابه أو ابتعاده عن أي طرف شعبي كان، يتوجب أن
يكون متوسطاً بين هذه الأطراف بالمعيار الأساس وهو العدل، المشروط اتصافه
بتحقيق الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص… إلخ، بما ورد في الفقرة.

فمن
يختلف في قراءة نصوص الدستور المعنية، ليختلف حول ضرورة ووجوب الدور
المحوري للحكم المتمثل في المؤسسة الملكية، في فعالية الحوار الوطني
القائم؟ ومن يختلف حول وهمية أو حقيقة جزئية التمثيل الشعبي في الحوار، كما
هو موكول إلى أطراف غير كاملة التمثيل الشعبي، لا في تعداد أطرافها ولا في
جمعها؟ ومن يختلف في أنه طالما تم تمثيل الحكومة (السلطة التنفيذية) وفي
تمثيل مجلسي الشورى والنواب (السلطة التشريعية) فلِم لَم تُمثل السلطة
القضائية، ليكتمل تمثيل السلطات؟ وطالما تم تمثيل الجمعيات السياسية، في
تعارضها واختلافاتها، فلِم لَم تُمثل مؤسسات المجتمع المدني الاقتصادية
والاجتماعية والإدارية والنسوية والشبابية؟ ولِم لَم تمثل جهات القطاع
التجاري والعمال؟ ولِم لَم تمثل القطاعات الأخرى من الأطباء والممرضين
والمهندسين والمدرسين… إلخ؟

لنخلص إلى، إما تحقيق وصف الحوار
بالوطني البحريني، بتمثيله لكافة الأطراف الوطنية وأولها تمثيل الحكم، وإما
تصحيح تسميته إلى الحوار السياسي البحريني، مع أن تسمية السياسي، ماسّة
بالوجوب لكل أفراد المواطنين، ولكن عبر ممثليه السياسيين، المتوجب انتخاب
الشعب لهم.