المنشور

استهداف مصر



خلف سحب دخان الحرائق التي ملأت سماء مصر، ورائحة الدم المصري المراق في الشوارع، سواء كان دم ضباط ورجال الشرطة، أو دم بسطاء الناس الذين قذف بهم تنظيم الإخوان المسلمين في أتون الموت وقوداً لمعركته الانتحارية الخاسرة، يجب التبصر في المشروع المشبوه لتدمير ما تبقى لمصر من قوة، ولشعبها من عزة، بعد عقود الاستبداد التي غيبت المكانة القيادية لمصر، وأدت إلى تآكل دورها، لينتهي الأمر بالسنة التي حكم فيها الاخوان المسلمون للبلاد، لا لينتشلوها من وهدتها، وإنما ليحكموا الخناق على مفاصل الدولة والمجتمع فيها، عبر سياسة الأخونة التي استفزت المصريين من مختلف المشارب والانتماءات .


أحداث مصر تبرهن فشل الاخوان المسلمين في الحالين، حال إدارة السلطة عندما دانت لهم، حينما استفادوا من خشية المصريين من عودة النظام القديم، فمنحوهم فرصة الوصول للرئاسة، وفي حال المعارضة، فما أن خسروا السلطة بعد طوفان الثلاثين من يونيو الشعبي، حتى وضعوا مصر وشعبها أمام خيارين: إما أن نعود للحكم أو نحرق البلد .


تبدو مصر اليوم مستهدفة عبر العنف الذي يراد له أن يدخلها في حال من الفوضى والتدمير، وفي ذهن رعاة ذلك النموذجان العراقي والسوري، ويستفيد تنظيم الإخوان المسلمين من الرعاية الأمريكية والغربية، التي تتمثل في تكالب دولها على الدولة المصرية خلال الأسابيع القليلة الماضية، والذي زاد منسوبه بعد فض اعتصامات الإخوان في القاهرة، ويتخذ هذا التكالب من يافطات الديمقراطية وحقوق الإنسان عنواناً له، في الوقت الذي تسكت هذه الدول عن انتهاكات أشد لهذه الديمقراطية ولحقوق الإنسان في بلدان تحكمها أنظمة حليفة لها، ولا تتورع هي نفسها عن التدخل بالطائرات والبوارج في احتلال دول وإسقاط أنظمة، وتدبير انقلابات عسكرية .


ويجري ابتزاز الدولة المصرية تارة بقطع فتات المساعدات التي تقدم لها او التلويح بذلك، أو بالغاء مناورات عسكرية مقررة مع قواتها، والأخطر من هذا كله التلويح بتدويل الشأن الداخلي المصري عبر طرحه على مجلس الأمن في تكرار مريب للسيناريو الذي استخدم مع العراق ومع سوريا ومع غيرهما من البلدان، كبوابة لتقنين التدخلات الخارجية في شؤونها .


كل قطرة دم مصرية غالية، ولكن معركة مصر اليوم ليست بين الجيش والإخوان، وانما هي معركة صون الدولة المصرية ووحدتها وسلامة نسيجها الوطني، وتحريرها من قيود التبعية والهيمنة والابتزاز الخارجي مشبوه النيات والغايات .