المنشور

لو طبقت التوصيات لما وصلنا لهذا الوضع

مهما حاول البعض التقليل من شأن التقارير التي تصدرها المنظمات العالمية والحقوقية، واتهام هذه التقارير بالانحياز لطرف على حساب آخر، ومهما حاولت السلطة التنصل من تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي تعهدت بتنفيذها، كما تعهدت بعد ذلك لجميع دول العالم أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتنفيذ 176 توصية، فإن ذلك لن يغير من الواقع المعاش شيئاً، ولن يقنع المواطنين بتحسين أوضاعهم الحقوقية والسياسية، ولن يثنيهم عن متابعة المطالبة بتحقيق مطالب مشروعة قدمت من أجلها العديد من التضحيات.

ورغم أن السلطة تقول إنها نفذت جميع التوصيات التي تقدم بها بسيوني، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، فحتى الآن لم يتخذ أي إجراء لتنفيذ التوصية الثانية الخاصة بـ «وضع آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسئولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين، وذلك بقصد اتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية ضد هؤلاء الأشخاص بمن فيهم ذوو المناصب القيادية، مدنيين كانوا أم عسكريين، الذين يثبت انطباق مبدأ «مسئولية القيادة» عليهم وفقاً للمعايير الدولية» حسب بسيوني.

كما لم يتم حتى الآن تنفيذ التوصية الثالثة عشرة والتي تنص على «تعويض عائلات الضحايا المتوفين بما يتلاءم مع جسامة الضرر وتعويض كل ضحايا التعذيب وسوء المعاملة والحبس الانفرادي».

والأهم من كل ذلك، انه ليس هناك حتى الآن نية حقيقية وجادة لتنفيذ أهم توصية خرجت بها لجنة تقصي الحقائق وهي «ضرورة إعداد برنامج للمصالحة الوطنية يتناول مظالم المجموعات التي، حتى لو كانت تعتقد أنها، تعاني من الحرمان من المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن تعم الفائدة منها على كافة طوائف الشعب البحريني».

قبل أيام قليلة أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» تقريراً انتقدت فيه التوصيات التي خرج بها المجلس الوطني خلال جلسته الاستثنائية في 28 يوليو/ تموز الماضي، إذ أكدت المنظمة أن «فرض سلسلة من إجراءات الطوارئ سيؤدي إلى تقييد شديد للحقوق الأساسية، وأن من شأن الإجراء المقترح منح الحكومة سلطات مفرطة لتقييد حقوق من قبيل حرية التجمع والتعبير».

وأشار البيان إلى أن التوصيات الـ22 الصادرة عن البرلمان، تفرض قيوداً جديدة على حرية التعبير، وحظراً غير محدد المدة على التجمعات العامة كافة في العاصمة المنامة، كما تدعو السلطات إلى إسقاط الجنسية عن البحرينيين المدانين بجرائم الإرهاب، وتقترح إعلان «حالة السلامة الوطنية» بغرض «فرض الأمن والسلم الأهلي».

إن التضييق على الحريات العامة وفرض قيود على المواطنين لن ينهي المشكلة، بل سيزيدها عمقاً وتعقيداً، وما كان لنا أن نصل إلى هذه الحالة من الاحتقان، لو كانت هناك نية حقيقية لتحقيق مطالب الناس، والتي نذكّر بها مجدداً، حكومة تستمد شرعيتها من رغبة الناس، دوائر انتخابية عادلة، فتح ملف التجنيس السياسي، القضاء على التمييز بين المواطنين، محاربة الفساد المالي والإداري، استقلال القضاء… هل هذه المطالب مستحيلة التحقيق؟