المنشور

أمريكا و”الإخوان”



بدت
الولايات المتحدة الأمريكية منحازة إلى حكم “الإخوان المسلمين” منذ أن دعت
حركة “تمرد” إلى الانتخابات الرئاسية المبكرة في مصر، وهي الدعوة التي
حظيت بتأييد شعبي مذهل، عبَّر عن نفسه في المسيرات غير المسبوقة في تاريخ
مصر والمنطقة . بدا هذا الانحياز واضحاً في تحركات السفيرة الأمريكية في
القاهرة، والتي كانت محل استهجان واسع من القوى الثورية والشعبية والأوساط
السياسية المصرية، كما بدا ذلك واضحاً في المواقف المرتبكة والمترددة التي
أصدرها الرئيس أوباما والادارة الأمريكية عامة تجاه ما جرى في مصر في
الثلاثين من يونيو/ حزيران وما تلاه، وبدا خاصة في التلويح باستخدام
“المعونات” المقدمة لمصر وجيشها وسيلة ابتزاز وضغط، وبعض المراقبين يلمحون
إلى دور أمريكي خفي في قرار منظمة الوحدة الإفريقية تعليق أنشطة مصر في
المنظمة بصورة مؤقتة .


إن
بدا الموقف الأمريكي مما جرى ويجري في مصر موقفاً “غامضاً”، وغير واضح،
فهذا “الغموض” يحمل في طياته ميلاً، تعذر إخفاؤه لموقف “الإخوان المسلمين”،
ولفهم هذا الموقف علينا ملاحظة أن ما جرى في مصر أحرج واضعي”الهندسة”
الأمريكية لراهن ومستقبل المنطقة العربية، بعد “تقدم الإخوان” في
الانتخابات الرئاسية في مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني ،2011 مما رجح
توجهاً لدى إدارة أوباما باعتماد الإسلام السياسي، و”الإخوان المسلمون” في
مقدمته حليفاً جديداً يُعتد به، في ضمان المصالح الأمريكية في المنطقة، بما
فيها، وربما في مقدمتها، أمن “اسرائيل”، بعد تعهدات “إخوانية” بهذا
الخصوص، قيل إنها فاقت ما كان نظام مبارك يقدمه .


استعار
هذا الموقف عدته “الأيديولوجية” من دراسات السلالات الاستشراقية التي
أعادت تسليط الأضواء على التضاريس المذهبية في العالمين العربي والإسلامي،
وجعلت منها عاملاً حاسماً في توجيه مسار الأحداث في المنطقة لتفكيك الهويات
الوطنية والقومية، وإشغال الهويات الفرعية في صراعات جانبية بين بعضها
بعضاً، على حساب بناء وتوطيد الهوية الوطنية الجامعة، وقد وجد الغرب،
والولايات المتحدة في المقدمة، في الإسلام السياسي، و”الإخوان المسلمين”
القوة الضاربة فيه، التي جرى النظر إليها، بصفتها الأكثر تأثيراً ونفوذاً
وتنظيماً، على أنهم الأداة التي من خلالها يمكن نسج خريطة تحالفات جديدة مع
القوى المحلية، تحقق الأهداف الغربية نفسها، وربما بكفاءة أكثر، من
الطريقة التي جرى ضمانها فيه في السابق .


الثلاثون من يونيو/ حزيران 2013 المصري أربك هذا الحساب، وربما يؤسس لتقويض أركانه .