المنشور

فليذهب تقرير بسيوني إلى الجحيم

نفهم أن تقوم الحكومة بتكذيب جميع تقارير المنظمات الدولية بما فيها
مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي أمطرها بـ 167 توصية من مختلف دول
العالم، بما فيها الدول التي تعتبرها الحكومة دولاً صديقة للبحرين.

وكان
مفهوماً أن تعادي الحكومة منظمة «هيومن رايتس ووتش» و«أطباء بلا حدود»
و«منظمة العفو الدولية» ولجنة الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي؛ وأن
تشكّك أيضاً في تقرير وزارة الخارجية الأميركية؛ وأن تمنع المقرر الخاص
بالتعذيب من دخول البحرين وتطرد جميع الصحافيين الأجانب الذين لا تطابق
تقاريرهم الرأي الرسمي لما يحدث من حراك سياسي في الشارع البحريني.

ولكن
أن يتخذ مجلس النواب لدينا موقفاً أكثر تشدداً من كل ذلك، ويطالب بمنع
المنظمات الحقوقية من زيارة البحرين، ويصرخ أحد أعضائه بأن «تقرير اللجنة
المستقلة لتقصي الحقائق»، أو ما يسمى بـ «تقرير بسيوني»: «ليذهب للجحيم إن
كان يوصي بأهمية زيارة هذه المنظمات للبحرين»، ثم يستحسن باقي النواب هذا
الصراخ الفجّ، فإنها والله لمهزلةٌ ما بعدها مهزلة، وسقطةٌ ما بعدها سقطة،
وجرمٌ ما بعده جرم.

وفي حين يتطلب الوضع الراهن سواءً على المستوى
المحلي أو الإقليمي، إصدار المزيد من التشريعات والقوانين التي تكفل حرية
الرأي والتعبير، وتسهم في ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وإشاعة الديمقراطية
الحقّة وتضمن العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، نرى أن مجلس
النواب عندنا يسير عكس الاتجاه الصحيح، ويقترح قوانين لم تكن الحكومة لتجرؤ
أن تطرحها خلال أدوار الانعقاد السابقة، لتلغي مكتسبات حصل عليها الشعب
البحريني بعد أن قدّم الكثير من التضحيات. وما مقترح قانون الترخيص
للمسيرات الجديد الذي يفرض على المنظمين إيداع مبلغ 20 ألف دينار كضمانٍ
حين تقدمهم بطلب الترخيص، إلا مثالاً واحداً على ذلك.

كيف يمكن
لمجلسٍ من المفترض أن يمثل كافة فئات الشعب البحريني – مع إنني أشك في أن
أياً من النواب الأفاضل يمكنه ادعاء ذلك- أن يطالب بحرق الحقائق في الجحيم،
ومسح جميع الانتهاكات التي مورست على الشعب وتجاهل العشرات من القتلى
والجرحى والمعذبين ومئات الآلاف من المحتجين الذين خرجوا ويخرجون يومياً في
مسيرات مطالبة بالإصلاح والقفز على الشرخ الطائفي الذي قسّم الشعب.

لم
تكن البحرين في حاجةٍ لإجراء حوار وطني من الأساس لو كان هذا المجلس يمثل
الشعب، وما كان من الممكن أن تصل الأمور إلى هذا المنحنى الخطير لو كان كل
نائب التزم بقسمه بأن يكون ممثلاً للشعب وليس لطائفته أو جماعته.