المنشور

رزق الهبل على المجانين

في حين تؤكد الدولة بأن ليس لديها أي تعداد سكاني حسب الطوائف في
البحرين وأنها لم تقم في يوم من الأيام بإجراء مثل هذا المسح، تنشر إحدى
الصحف المحلية دراسة أكاديمية أجريت بجامعة «متروبوليتان» بالعاصمة
التشيكية براغ تحت عنوان «جماعات المعارضة كاذبون… لا تمييز اقتصادي أو
وظيفي بين الشيعة والسنة في البحرين».

بداية لا أعرف القيمة العلمية
أو لنِقُل الفتح العلمي العالمي الذي يستدعي أن تُجري جامعة أجنبية، لا
تربطنا بها أي صلة كانت، مثل هذه الدراسة لتثبت أن المعارضة لدينا تكذب
وأنه لا يوجد تمييز بين الطوائف في البحرين، كما لا يمكنني استيعاب كيف
يمكن أن يخصص أكاديمي بمرتبة رئيس قسم العلاقات الدولية والدراسات
الأوروبية في هذه الجامعة أكثر من 18 شهراً من وقته الثمين لإجراء هذه
الدراسة التي لن تعني له شيئاً البتة كما أنها لن تعني شيئاً لجمهورية
التشيك، ما لم يقبض نقداً ثمن وقته وجهده بالعملة الصعبة.

الدراسة
المزعومة، والتي أفردت لها صفحة كاملة من هذه الصحيفة، تستعرض نسبة الشيعة
والسنة في أكبر ست وزارات في البحرين بجانب نسبتهم في أكبر عشر شركات وأكبر
خمسة بنوك وأكبر خمس مؤسسات حكومية في الدولة ليستخلص في النهاية أن نسبة
الطائفة الشيعية أكبر من نسبة الطائفة السنية في هذه الوزارات والمؤسسات،
ما يعني في النهاية أنه ليس هناك تمييز وظيفي في البحرين.

كما أسلفنا
سابقاً فإن الدولة تؤكد أن ليس هناك حتى الآن تعداد سكاني حسب الطوائف في
البحرين، كما أن البحرين مثلها مثل جميع الدول التي تمارس التمييز بين
سكانها تفتقر للمؤسسات المختصة بإجراء البحوث والدراسات المجتمعية، ولذلك
يمكن القول بأن ليس هناك مرجع يمكن الاعتماد عليه لإجراء مثل هذه الدراسة
وبالتالي التوصل لنتائج محددة، ولهذا فإن الدراسة المزعومة لا تذكر أبداً
ما هو مصدر معلوماتها ومن أين أتت بالأرقام التي أوردتها بالدراسة كما لا
تشير من قريب أو بعيد لأي مرجع، وهل قامت بالدراسة عن طريق بحث ميداني زارت
خلاله البحرين أثناء إجراء الدراسة.

الأمر لا يقتصر على عدم ذكر
المصادر وإنما اكتفت الدراسة بذكر النسب دون ذكر الأرقام فمثلاً حددت نسبة
الطائفة السنية في وزارة الصحة بـ17 في المئة وفي شركة طيران الخليج بـ45
في المئة دون أن تذكر العدد الفعلي للعاملين في هذه المؤسسات، ما يعني أن
الأمر لا يتعدى محاولة خداع لا تنطلي حتى على طلبة الثاني الإعدادي.

الأدهى
أن الدراسة تزعم أنها تعرف نسب العاملين من الشيعة والسنة في مختلف
القطاعات ذات الدخول العالية مثل تقنية المعلومات، الصيدلة، الهندسة،
الموارد البشرية، التمويل والمحاسبة، الكيمياء والفيزياء والإحصاء، علم
النفس والاجتماع، الإدارة والإشراف… وغيرها، وبالطبع لا يمكن علمياً
معرفة هذه النسب ما لم تكن هناك إحصائيات موثقة ودقيقة في جميع الشركات في
البحرين الخاصة والعامة تحدد نسب الطائفة الشيعية والسنية فيها وأن
القائمين على هذه الدراسة استطاعوا الوصول إلى هذه المعلومات وتصنيفها حسب
كل قطاع على حدة.

كذبة كبرى أريد لنا تصديقها في حين أن الأمر لا
يعدوا وبكل بساطة، أن شركات العلاقات العامة الأجنبية والتي تصرف لها
الملايين من الدولارات لتلميع صورة البحرين في الخارج، استطاعت أن تخدع
البعض من خلال إجراء دراسة وهمية، وعلى من يهمه الأمر أن يدفع مقابل ذلك
مبلغاً وقدره…! وكما يقال رزق الهبل على المجانين.