المنشور

هواء باسم يوسف النقي


لم يتخرج باسم يوسف في معهد الفنون المسرحية، وإنما درس الطب، وتخصص في جراحة القلب، وسافر إلى الولايات المتحدة وأوروبا لمواصلة  دراسته وتطوير مهاراته المهنية، وهو اليوم عضو في هيئة التدريس بكلية الطب بجامعة القاهرة .

لم يخطر ببال الطبيب الشاب المولود في العام ،1974 أنه سيصبح أشهر مقدم ساخر للبرامج التلفزيونية في مصر والعالم العربي، هو برنامج “البرنامج” الذي يحقق مشاهدة غير مسبوقة في تاريخ البرامج النظيرة، وأكثر من ذلك لم يخطر في باله أبداً أنه سيتحول إلى عنوان لمعركة الحريات العامة في مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني ،2011 التي بمقدار ما أنتجت أوسع مناخِ للحرية في تاريخ مصر الحديث، فإنها حملت إلى السلطة واحدة من أكثر القوى شمولية وضيقاً بالتعددية الفكرية والسياسية، التي بفضلها قفزت إلى السلطة في غفلة من الزمن، وفي هذا تكمن المفارقة المريرة .

في الصحافة الأجنبية يوصف بأنه أشجع إعلامي مصري، لجرأته في اقتحام عشّ الدبابير، وفضح ازدواجية خطاب الإخوان المسلمين ونفاقه، خاصة لتسليطه الضوء، “بالصوت والصورة” كما يقولون على التناقض الفاضح بين دعوات ومزاعم الإخوان عندما كانوا في المعارضة، وبين ممارساتهم وأقوالهم بعد أن باتوا في الحكم، بما في ذلك موقفهم من الولايات المتحدة والغرب و”إسرائيل”، إلى الدرجة التي حملت رئيس الجمهورية نفسه على التنصل من أقوال مسجلة له بثها باسم يوسف في حلقات برنامجه .

كان نقده اللاذع لأداء الإخوان هو الأبلغ والأكثر فعالية بين أشكال النقد التي وجهت إليهم كافة، سواء عبر الإعلام أو في الشارع، في تعبير جلي لسلطة الإعلام في عالم اليوم، إذا ما اعتمد المصداقية والمهنية على أيدي طاقات موهوبة مثل باسم يوسف الذي ضاق الإخوان ذرعاً بجرأته، وبالأثر الكبير الذي أحدثه في وجهة الرأي العام، فأسفروا عن وجههم القمعي بإحالته إلى النيابة العامة في ثلاث قضايا، وغيرها في الطريق .

لا تنفصل ملاحقة باسم يوسف عن مجمل النهج المعادي للحريات المتفاقم في مصر من قبل الجماعة الحاكمة التي تلاحق الشبان صناع الثورة الحقيقيين، لقمع المعارضة الشعبية المتنامية في البلد ضد النهج التدميري لحاضر مصر ومستقبلها .

في نهاية الأسبوع الماضي ظهر باسم يوسف في حلقة برنامجه الأخيرة مصمماً على مواصلة الدفاع عن قضية الحرية في مصر، وإشاعة الهواء النقي في السماء الملبدة بالزيف والتضليل .