المنشور

محمد جابر الصباح… قرن أقواله بأفعاله

انتقل إلى رحمة الله تعالى أحد رموز المعارضة الوطنية الأستاذ محمد جابر الصباح يوم أمس 8 أبريل/ نيسان 2013، وقد كان من رجالات البحرين الذين قرنوا أقوالهم بأفعالهم، من ذلك الجيل المبدئي الذي لم يتلوث بسموم سياسية تنتشر في زماننا وتفرق الناس عن بعضهم بعضاً.

لم يكن هدف محمد جابر الصباح سوى رؤية البحرين رافعة رأسها بأهلها، أهلها من كل فئة من فئات المجتمع من دون فرق، وحتى مع تقدم سنه وإصابته ببعض الأمراض التي لازمته فترة من الزمن كان يصر على إبداء رأيه، وأن يشارك شعبه في كل مرحلة تاريخية بصفته شاهداً على عصره، ومؤثراً في الأحداث بفكره ومواقفه الثابتة على رغم تقلب الزمان.

كان من النخبة البحرينية التي واصلت التحرك الوطني بشكل متواصل، وسجل له التاريخ مشاركته الأساسية والفاعلة في إنجاح العريضة النخبوية العام 1992 والعريضة الشعبية العام 1994، والتي وحدت صفوف المطالبين بالحقوق الدستورية على نهج وطني حقوقي جامع لكل المواطنين.

كتابات المرحوم محمد جابر الصباح كانت غنية بالأفكار النيِّرة، وبالمواقف الوطنية الشامخة… فمثلاً، وعندما بدأ الحديث عن ميثاق العمل الوطني، وقبل التصويت عليه، كان من الذين شاركوا بوضوح في الندوات التي فُسح لها المجال في مطلع 2001، وكان يُدوِّن ما يذكره من مواقف في مقالات ينشرها أينما استطاع ذلك.

وعندما شارك في ندوة نادي الخريجين حول ميثاق العمل الوطني، نشر مقالاً بعد ذلك في «القدس العربي» في لندن بتاريخ 1 فبراير/ شباط 2001 قال فيه: «ما يحمله الميثاق من إيجابيات يُعتبر حماية ذاتية طبيعية له، أمّا السلبيات فسنتصدى لحمايته منها، ليس من أخلاقياتنا المجاملات؛ لأننا نعتبرها من صميم الغش للذات، قبل أن تكون غشاً وتضليلاً وحَرْفاً للآخرين عن سواء السبيل»… بمثل هذه الروح الناقدة والمحبة للجميع كان يوضح أفكاره، وكان يقول: «فإنْ وُفقنا إلى مرامينا الخيرة نكون قد أدينا واجباً يشرفنا القيام به نحو شعبنا وحكومتنا ووطننا… وما وسعنا كطرف معارض حقنا في إبداء الرأي والتعبير عن قناعاتنا التي نؤمن بها… بهذا السلوك وعلى هذا المنوال ستظل المعارضة البحرينية تواصل مسيرتها نحو غد مطلوب وحاضر مرفوض». رحمك الله وذكراك مخلدة لدى شعب لا ينسى مَن خدمه ووقف صامداً ومدافعاً عن حقوقه.